الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن المسح على الجبيرة ونحوها
قوله: "يشرع المسح على الجبيرة ونحوها مما يربط به العضو المريض لأحاديث وردت في ذلك وهي وإن كانت ضعيفة إلا أن لها طرقا يشد بعضها بعضا تجعلها صالحة للاستدلال بها على المشروعية من هذه الأحاديث حديث جابر أن رجلا أصابه حجر فشجه في رأسه
…
".
قلت: تبع المؤلف في تقوية الحديث الصنعاني والشوكاني وغيرهما وهو ذهول منهم جميعا عن القاعدة التي أوردتها في "المقدمة: القاعدة 10" والتي خلاصتها أن الحديث لا يقوى بكثرة الطرق إذا كان الضعف فيها شديدا وهذه الأحاديث من هذا القبيل وهي أربعة ولا بأس من أن نبين عللها بشيء من الاختصار:
الأول: حديث جابر المذكور في الكتاب وموضع الشاهد منه قوله: "ويعصب أو يعصر على جرحه
…
" وقد بينا فيما تقدم أن هذه الجملة منكرة فأغنى عن الإعادة.
الثاني: عن علي قال: انكسرت إحدى زندي فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أمسح على الجبائر. قال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام ":
"رواه ابن ماجه بسند واه جدا". وقال شارحه الصنعاني:
"والحديث أنكره يحيى بن معين وأحمد وغيرهما قالوا: وذلك أنه من رواية عمرو بن خالد الواسطي وهو كذاب ورواه الدارقطني والبيهقي من طريقين أوهى منه قال النووي: اتفق الحفاظ على ضعف هذا الحديث: وقال الشافعي: لو عرفت إسناده بالصحة لقلت به وهذا مما أستخير الله فيه".
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه:
"هذا حديث باطل لا أصل له".
الثالث: عن أبي أمامة رواه الطبراني في "المعجم الكبير" 8 / 154 / 7597 بإسناده وقد ساقه في "نصب الراية" 1 / 186 وفيه اسحاق بن داود الصواف شيخ الطبراني ولم أجد له ترجمة وحفص بن عمر - وهو العدني - قال النسائي: "ليس ثقة".
الرابع: عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الجبائر.
أخرجه الدارقطني وقال:
"أبو عمارة يعني محمد بن أحمد بن المهدي أحد رواته ضعيف جدا ولا يصح هذا الحديث مرفوعا".
وقد رواه البيهقي 1 / 228 عن ابن عمر موقوفا عليه بسند صحيح ثم قال:
"هو عن ابن عمر صحيح".
وقال البيهقي بعد أن ساق الحديث الثاني من طريق الأول وأشار إلى طرقه الأخرى وضعفها كلها:
"ولا يثبت في هذا الباب شيء وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح الذي تقدم - يعني حديث جابر - وليس بالقوي وإنما فيه قول الفقهاء من التابعين
فمن بعدهم مع ما روينا عن ابن عمر في المسح على العصابة".
قلت: فأنت ترى البيهقي قد اعتمد في الباب على أقوال الفقهاء وأثر ابن عمر المشار إليه آنفا فلو كان الحديث قويا بهذه الطرق لاحتج البيهقي بذلك لأنه من القائلين بتقوية الحديث بكثرة الطرق ولكنه لم يفعل مع احتياجه للحديث وذلك لشدة ضعف طرقه كما بينا.
ولذلك ذهب ابن حزم إلى أنه لا يشرع المسح على الجبيرة قال 2 / 74 - 75:
"برهان ذلك قول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء وكان التعويض منه شرعا والشرع لا يلزم إلا بقرآن أو سنة ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله فسقط القول بذلك".
ثم ذكر عن الشعبي ما يوافق قوله ومثله عن داود وأصحابه وهو الحق إن شاء الله.
وأجاب عن أثر ابن عمر المتقدم بأنه فعل منه رضي الله عنه وليس إيجابا للمسح عليها وقد صح عنه أنه كان يدخل الماء في باطن عينيه في الوضوء والغسل ولا يشرع ذلك فضلا عن أن يكون فرضا!