المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن قضاء الحاجة - تمام المنة في التعليق على فقه السنة

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة علمية هامة:

- ‌القاعدة الأولى

- ‌رد الحديث الشاذ

- ‌القاعدة الثانية

- ‌رد الحديث المضطرب

- ‌القاعدة الثالثة

- ‌رد الحديث المدلس

- ‌القاعدة الرابعة

- ‌رد حديث المجهول

- ‌القاعدة الخامسة

- ‌عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان

- ‌القاعدة السادسة

- ‌قولهم: رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث

- ‌القاعدة السابعة

- ‌عدم الاعتماد على سكوت أبي داود

- ‌القاعدة الثامنة

- ‌القاعدة التاسعة

- ‌سكوت المنذري على الحديث في "الترغيب" ليس تقوية له

- ‌القاعدة العاشرة

- ‌تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس على إطلاقه

- ‌القاعدة الحادية عشرة

- ‌لا يجوز ذكر الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه

- ‌القاعدة الثانية عشرة

- ‌ترك العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال

- ‌القاعدة الثالثة عشرة

- ‌لا يقال في الحديث الضعيف: قال صلى الله عليه وسلم أو: ورد عنه ونحو ذلك

- ‌القاعدة الرابعة عشرة

- ‌وجوب العمل بالحديث الصحيح وإن لم يعمل به أحد

- ‌القاعدة الخامسة عشرة

- ‌أمر الشارع للواحد أمر لجميع أفراد الأمة

- ‌من المقدمة

- ‌من التمهيد

- ‌ومن التشريع الإسلامي أو: الفقه

- ‌ومن المياه وأقسامها

- ‌ومن السؤر

- ‌ومن النجاسات

- ‌ومن النجاسات

- ‌ومن فوائد تكثر الحاجة إليها

- ‌ومن قضاء الحاجة

- ‌ومن سنن الفطرة

- ‌ومن الوضوء

- ‌ومن سنن الوضوء

- ‌ومن نواقض الوضوء

- ‌ومن لا ينقض الوضوء

- ‌ومن المسح على الخفين

- ‌ومن الغسل

- ‌ومن الأغتسال المستحبة

- ‌ومن غسل المرأة

- ‌ومن مسائل تتعلق بالغسل

- ‌ومن التيمم

- ‌ومن المسح على الجبيرة ونحوها

- ‌ومن الحيض

- ‌ومن الاستحاضة

- ‌ومن الصلاة

- ‌ومن صلاة الصبي

- ‌ومن تأكيد تعجيلها في يوم الغيم

- ‌ومن وقت العشاء

- ‌ومن الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ومن الأذان

- ‌ومن شروط الصلاة

- ‌ومن كيفية الصلاة

- ‌ومن فرائض الصلاة

- ‌ومن سنن الصلاة

- ‌ومن لإطالة الركعة الاولى في "الصبح

- ‌ومن القراءة خلف الإمام

- ‌ومن هيئات الركوع

- ‌ومن الذكر فيه

- ‌ومن أذكار الرفع من الركوع والاعتدال

- ‌ومن كيفية الهوي إلى السجود والرفع منه

- ‌ومن مقدار السجود وأذكاره

- ‌ومن جلسة الاستراحة

- ‌ومن صفة الجلوس للتشهد

- ‌ومن التشهد الأول

- ‌ومن الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام

- ‌ومن الأذكار والأدعية بعد السلام

- ‌ومن التطوع

- ‌ومن أقسام التطوع

- ‌ومن سنة الفجر

- ‌ومن سنة الظهر

- ‌ومن السنن غير المؤكدة

- ‌ومن الوتر

- ‌ومن قيام الليل

- ‌ومن قيام رمضان

- ‌ومن صلاة الضحى

- ‌ومن صلاة الصبح

- ‌ومن صلاة الحاجة

- ‌ومن صلاة الكسوف

- ‌ومن صلاة الاستسقاء

- ‌ومن سجود التلاوة

- ‌ومن سجود السهو

- ‌ومن صلاة الجماعة

- ‌ومن الإمام والمأموم

- ‌ومن المساجد

- ‌ومن المواضع المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ومن السترة أمام المصلي

- ‌وما يباح في الصلاة

- ‌ومن مكروهات الصلاة

- ‌ومن صلاة المريض

- ‌ومن صلاة الخوف

- ‌ومن صلاة السفر

- ‌ومن السفر يوم الجمعة

- ‌ومن الجمع بين الصلاتين

- ‌ومن أدعية السفر

- ‌ومن الجمعة

- ‌ومن اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد

- ‌ومن باب صلاة العيدين

- ‌ومن الزكاة

- ‌ومن زكاة التجارة

- ‌ومن زكاة الركاز والمعدن

- ‌ومن زكاة الفطر

- ‌ومن صدقة التطوع

- ‌ومن الصيام

- ‌ومن الترهيب من الفطر في رمضان

- ‌ومن اختلاف المطالع

- ‌ومن الأيام المنهي عن صيامها

- ‌ومن صيام التطوع

- ‌ومن مباحات الصيام

- ‌ومن قضاء رمضان

- ‌ومن مات وعلية صيام

الفصل: ‌ومن قضاء الحاجة

ومن قضاء الحاجة

قوله تحت رقم 3 -: الجهر بالتسمية لحديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدخل الخلاء قال: "بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث". رواه الجماعة.

قلت: وهم المؤلف حفظه الله في عزو الحديث بهذا السياق للجماعة إذ ليس عندهم ولا عند أحد منهم: "بسم الله" وقد ساق الحديث مجد الدين ابن تيمية في "المنتقى" برواية "الجماعة" بلفظ:

"كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم

" ثم قال:

ولسعيد بن منصور في "سننه ": كان يقول: "بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".

فكأن المؤلف نقل الحديث من "المنتقى" وفي أثناء النقل لرواية الجماعة منه انتقل بصره إلى لفظة البسملة في رواية سعيد فيه فكتبها في روايتهم وليست منها!

ورواية الجماعة مخرجة في "الإرواء" رقم 51 و "صحيح أبى داود" 3 وغيرهما.

وثمة وهم آخر فإن المؤلف كأنه تسامح في رواية الحديث بالمعنى فانه قال: كان إذا أراد أن يدخل

" فزاد لفظ: "أراد" من عنده وليس يحسن ذلك رواية.

وأما رواية سعيد بزيادة البسملة فقد أخرجها ابن أبي شيبة أيضا في "المصنف" 1 / 1 من طريق أبي معشر نجيح عن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس نحوه.

ص: 56

‌ومن قضاء الحاجة

قوله تحت رقم 3 -: الجهر بالتسمية لحديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدخل الخلاء قال: "بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث". رواه الجماعة.

قلت: وهم المؤلف حفظه الله في عزو الحديث بهذا السياق للجماعة إذ ليس عندهم ولا عند أحد منهم: "بسم الله" وقد ساق الحديث مجد الدين ابن تيمية في "المنتقى" برواية "الجماعة" بلفظ:

"كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم

" ثم قال:

ولسعيد بن منصور في "سننه ": كان يقول: "بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".

فكأن المؤلف نقل الحديث من "المنتقى" وفي أثناء النقل لرواية الجماعة منه انتقل بصره إلى لفظة البسملة في رواية سعيد فيه فكتبها في روايتهم وليست منها!

ورواية الجماعة مخرجة في "الإرواء" رقم 51 و "صحيح أبى داود" 3 وغيرهما.

وثمة وهم آخر فإن المؤلف كأنه تسامح في رواية الحديث بالمعنى فانه قال: كان إذا أراد أن يدخل

" فزاد لفظ: "أراد" من عنده وليس يحسن ذلك رواية.

وأما رواية سعيد بزيادة البسملة فقد أخرجها ابن أبي شيبة أيضا في "المصنف" 1 / 1 من طريق أبي معشر نجيح عن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس نحوه.

ص: 56

وكذا رواه ابن أبي حاتم في "العلل" 1 / 64.

وأبو معشر ضعيف فلا تقبل منه هذه الزيادة.

ويظهر لي أن الحافظ ابن حجر لم يقف على هذه الزيادة فقد قال في "الفتح ":

"وقد روى المعمرى هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار عن عبد العزيز بن صهيب - يعني عن أنس - بلفظ الأمر قال:

"إذا دخلتم الخلاء فقولوا: بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث".

وإسناده على شرط مسلم وفيه زيادة التسمية ولم أرها في غير هذه الرواية".

قلت: وهي عندي شاذة لمخالفتها لكل طرق الحديث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس في "الصحيحين" وغيرهما ممن سبقت الإشارة إليهم.

وقد رويت في حديث آخر عن أنس من طريق قتادة عنه بلفظ:

"هذه الحشوش محتضرة فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل: بسم الله". لكنه ضعيف بهذا السياق اضطرب فيه بعض الرواة في سنده ومتنه والصواب أنه من مسند زيد بن أرقم مرفوعا بلفظ:

"إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث".

وإسناده صحيح على شرط البخاري كما بينته في "صحيح سنن أبي داود" برقم 4.

وبالجملة فذكر البسملة في هذا الحديث من طريقين عن أنس شاذ أو منكر

ص: 57

لكن قد جاء ما يدل على مشروعية التسمية عند دخول الخلاء وهو حديث علي رضي الله عنه مرفوعا بلفظ:

"ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الخلاء أن يقول:

بسم الله".

أخرجه الترمذي 2 / 504 - طبعة أحمد شاكر وابن ماجه 1 / 127 - 128 وضعفه الترمذي لكن مال مغلطاي إلى صحته كما قال المناوي وله شاهد من حديث أنس عند الطبراني من طريقين عنه فالحديث حسن على أقل الدرجات ثم خرجت الحديث وتكلمت على طرقه وبينت ما لها وما عليها في "الإرواء" 50 فليراجعه من شاء.

ثم اعلم أنه ليس في شيء من هذه الأحاديث أو غيرها الجهر الذي ذكره المؤلف حفظه الله فاقتضى التنبيه.

قوله تحت رقم 4 -:

وحديث أبي سعيد قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحديث بظاهره يفيد حرمة الكلام إلا أن الإجماع صرف النهي عن التحريم إلى الكراهة".

قلت: الحديث ضعيف لا يصح إسناده وله علتان:

الأولى: أنه من رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عنه وقد طعن العلماء في رواية عكرمة عن يحيى خاصة فقال أبو داود:

"في حديثه عن يحيى بن أبي كثير اضطراب".

وقال الحافظ في "التقريب ":

"صدوق يغلط وفي روايته عن يحيى اضطراب ولم يكن له كتاب".

ص: 58

قلت: ومن اضطرابه في هذا الحديث أنه مرة رواه عن يحيى عن هلال ومرة أخرى قال: عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة وكأنه لهذا قال المنذري في "الترغيب" بعد أن ذكره من حديث أبي هريرة برواية الطبراني:

"إسناده لين".

الثانية: أن هلال بن عياض قال المنذري:

"هو في عداد المجهولين". وقال الذهبي:

"لا يعرف". وقال الحافظ في "التقريب ":

"مجهول".

ولذلك أوردت الحديث في كتابي "ضعيف سنن أبي داود" رقم 3 وقد تكلمت عليه فيه بتفصيل

ولم يتنبه الشوكاني في "السيل" 1 / 68 للعلة الأولى وأجاب عن الأخرى بأن هلالا ذكره ابن حبان في "الثقات" وكأنه لم يستحضر كلام الحافظ وغيره في تساهل ابن حبان في التوثيق ولا تجهيل من ذكرنا لهلال هذا ويقال: عياض بن هلال. وهكذا أورده ابن حبان في "الثقات" 5 / 265 ولم يذكر له راويا غير يحيى بن أبي كثير!

فإذا ثبت ضعف الحديث فلا يجوز إثبات الحكم به بل ولا إيراده إلا مع بيان ضعفه على أن الذي أفهمه من الحديث النهي عن التحدث مع الآخر حالة كشفهما عن عورتيهما وأما الحديث بدون كشف فما أرى الحديث يدل على النهي عنه لو صح فليتأمل.

قوله في التعليق رقم 5 -: "وهذا الوجه أصح من سابقه".

فأقول: هو كذلك لولا أنه لم يظهر في فعله صلى الله عليه وسلم المخالف لقوله أنه فعل

ص: 59

ذلك تشريعا للناس كيف وهو أمر لا يمكن الاطلاع عليه عادة كما لا يخفى؟!

فالصواب القول بالتحريم مطلقا في الصحراء والبنيان وهذا الذي انتهى إليه الشوكاني في "نيل الأوطار" و "السيل الجرار" 1 / 69 قال فيه:

"وحقيقة النهي التحريم ولا يصرف ذلك ما روي أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فقد عرفناك أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة إلا أن يدل دليل على أنه أراد الاقتداء به في ذلك وإلا كان فعله خاصا به. وهذه المسألة مقررة في الأصول محررة أبلغ تحرير وذلك هو الحق كما لا يخفى على منصف. ولو قدرنا أن مثل هذا الفعل قد قام ما يدل على التأسي به فيه لكان خاصا بالعمران فإنه رآه وهو في بيت حفصة كذلك بين لبنتين".

قلت: ويعني أنه لم يقم الدليل المشار إليه فبقي الحكم على عمومه والفعل خاص به صلى الله عليه وسلم.

وأما قول ابن عمر في حديث مروان الأصفر الذي ذكره المؤلف عقب الحديث السابق: "إنما نهى عن هذا في الفضاء

" فليس صريحا في الرفع بل يمكن أن يكون ذلك فهما منه لفعله صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة فلا ينهض دليلا للتخصيص بالصحراء كما بينه الشوكاني فليراجعه من شاء 1 / 73.

وإن مما يؤيد العموم الأحاديث التي وردت في النهي عن البصق تجاه القبلة في المسجد وخارجه ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفلته بين عينيه". وهو مخرج في "الصحيحة" 222 و223 وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة داخل الصلاة وخارجها وفي المسجد أو غيره كما نقلته عنه هناك وبه قال الصنعاني. فإذا كان البصق تجاه القبلة في البنيان منهيا عنه محرما أفلا يكون البول والغائط تجاهها محرما من باب أولى؟! فاعتبروا يا أولي الأبصار!

ص: 60

قوله تحت رقم 7 -:

لحديث قتادة عن عبد الله بن سرجس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الجحر قالوا لقتادة: ما يكر من البول في الجحر؟ قال: "إنها مساكن الجن". رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن السكن.

قلت: الحديث ضعيف وتصحيح من صححه تساهل أو خطأ منهم فإن له علة تمنع الحكم عليه بالصحة وهي عنعنة قتادة فإنه مدلس فقد أورده في "المدلسين" الحافظ برهان الدين الحلبي في "التبيين لأسماء المدلسين" وقال:

"إنه مشهور بالتدليس" وكذلك قال الحافظ ابن حجر في "طبقات" المدلسين" وزاد:

"وصفه به النسائي وغيره". وأورده الحافظ في "المرتبة الثالثة" وهى التي خصها كما قال في "المقدمة ":

بـ "من أكثر من التدليس فلم يحتج به الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم".

هذا يقال فيما لوثبت سماع قتادة من ابن سرجس في الجملة وقد أثبته علي ابن المديني ونفاه غيره فقال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 111:

"فليعلم صاحب الحديث أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة....وأن قتادة لم يسمع من صحابي غير أنس".

فالحديث عنده منقطع ومع ذلك فقد أورده في "المستدرك" وصححه فكأنه ذهل عن علة الحديث ولهذا ضعف ابن التركماني الحديث فقال في "الجوهر النقي":

"قلت: روى ابن أبي حاتم عن حرب بن إسماعيل عن ابن حنبل قال: ما

ص: 61

أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس قيل له: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعا"1.

قوله تحت رقم 9 -:

لحديث عبد الله بن معقل كذا والصواب مغفل2 أن النبي صلى الله عليه وسلم لا قال: "لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه فان عامة الوسواس منه". رواه الخمسة.

قلت: القول في هذا الحديث كالقول في الذي قبله فإن مدار هذا عند جميع مخرجيه على الحسن البصري عن عبد الله بن مغفل والحسن البصري على جلالة قدره فإنه من المشهورين بالتدليس كما قال برهان الدين الحلبي وقال الحافظ في "التقريب ":

"كان يرسل كثيرا ويدلس" وقال الذهبي:

"كان كثير التدليس فإذا قال في حديث: "عن فلان" ضعف احتجاجه ولا سيما بمن قيل: إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة وغيره".

وقد أشار الترمذي إلى ضعف الحديث فقال بعد أن خرجه:

"حديث غريب" ولذلك أوردته في "ضعيف أبي داود" رقم 7.

لكن في الباب حديث آخر بلفظ:

نهى رسول الله أن يمتشط أحدنا كل يوم أو يبول في مغتسله.

1 تنبيه: وقع هذا الحديث سهوا في "صحيح الترغيب والترهيب" رقم 150 فينقل إلى "ضعيف الترغيب والترهيب" وهو مخرج في "ضعيف أبى داود" أيضا رقم 6 و "إرواء الغليل" 1 / 93 / 55.

2 صححت في الطبعات التالية.

ص: 62

أخرجه أبو داود وغيره بسند صحيح صححه جمع كالعسقلاني وغيره وهو مخرج في "صحيح أبي داود" 21 فلو أن المؤلف احتج به لأصاب!

ثم ذكر في آداب قضاء الحاجة: "أن لا يبول في الماء الراكد أو الجاري".

قلت: أما الماء الراكد فنعم لأن الحديث الوارد فيه صحيح أخرجه مسلم وغيره كما في الكتاب من حديث جابر.

وله شاهد أقوى منه من حديث أبي هريرة رواه الشيخان وهو مخرج في "صحيح أبي داود" رقم 61 و62.

أما الماء الجاري فلا لأن الحديث أورده عقب حديث جابر قائلا:

وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الجاري قال في "مجمع الزوائد ": رواه الطبراني ورجاله ثقات".

كذا قال وفيه من لا يعرف وآخر متهم وعنعنة أبي الزبير وقد رواه الليث عنه بلفظ: "الدائم" رواه مسلم وغيره كما تقدم ورواية الليث عنه صحيحة لأنه لا يروي عنه إلا ما صرح له بالسماع كما هو معروف فهذا هو المحفوظ في حديث جابر. وأما لفظ: "الجاري" فهو منكر وقد بوب أبو عوانة لحديث الليث بقوله: "بيان حظر البول في الماء الراكد والدليل على إباحة البول في الماء الجاري".

فسقط بهذا البيان إلحاق المؤلف الماء الجاري بالماء الراكد وحديثه الذي استدل به قد بسطت الكلام على نكارته في "الضعيفة" برقم 5227.

تنبيه: ثم إن فيما عزاه المؤلف ل "مجمع الزوائد" أنه رواه الطبراني

ص: 63

اختصارا مخلا لأن من المصطلح عند العلماء أن إطلاق العزو للطبراني يعني أنه رواه في "المعجم الكبير" فإذا أرادوا غيره قيدوا العزو وهذا ما فعله الهيثمي في "المجمع" 1 / 204 فإنه قال:

"رواه الطبراني في "الأوسط"

"

وكذلك قال المنذري في الترغيب.

قوله تحت رقم 10 -: قالت عائشة: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا جالسا رواه الخمسة إلا أبا داود وقال الترمذي: وهو أحسن شيء في هذا الباب وأصح.

قلت: إسناده عن عائشة ضعيف فيه شريك - وهو ابن عبد الله القاضي - وهو ضيف لا يحتج بما تفرد به كهذا الحديث قال الحافظ في "التقريب ":

"صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء".

وقول الترمذي: "هو أحسن شيء

" لا يفيد حسنه فضلا عن صحته وإنما يعطي حسنا أو صحة نسبيا كما هو معروف عند من لهم عناية بهذا العلم الشريف.

ثم وجدت لشريك متابعا قويا فصح بذلك الحديث لكنه ناف وحديث حذيفة الذي بعد هذا في الكتاب مثبت ومن المعلوم أن المثبت مقدم على النافي لأن معه زيادة علم فيجوز الأمران والواجب الاحتراز من رشاش البول فبأيهما حصل وجب وانظر إن شئت الإرواء" 1 / 95 و "الصحيحة".

وأما حديث: "من الخطأ أن يبول الرجل قائما" فلا يصح مرفوعا.

والصواب موقوف وبيانه في "الإرواء"59.

ص: 64

وقول الشوكاني في "السيل" 1 / 67: "إن البول من قيام إذا لم يكن محرما فهو مكروه كراهة شديدة" مما لا يلتفت إليه.

قوله تحت رقم 10 -: روي عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سباطة قوم فبال قائما

رواه الجماعة.

قلت: الحديث صحيح بلا شك فتصديره بقوله: "روي" يشعر بأنه ضيف كما اتفق عليه المحدثون فكان الواجب أن يقال: "ورد" أو نحو ذلك مما يشعر بثبوت الحديث. انظر القاعدة 13.

قوله تحت رقم 11 -: "أن يزيل ما على السبيلين من النجاسات وجوبا بالحجر

أو بالماء فقط أوبهما معا".

قلت: الجمع بين الماء والحجارة في الاستنجاء لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم فأخشى أن يكون القول بالجمع من الغلو في الدين لأن هديه صلى الله عليه وسلم الاكتفاء بأحدهما "وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها

".

وأما حديث جمع أهل قباء بين الماء والحجارة ونزول قوله تعالى فيهم:

{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} فضعيف الإسناد لا يحتج به ضعفه النووي والحافظ وغيرهما وأصل الحديث عند أبي داود وغيره من حديث أبي هريرة دون ذكر الحجارة ولذلك أورده أبو داود في "باب الاستنجاء بالماء" وله شواهد كثيرة ليس في شيء منها ذكر الحجارة وقد بينت ذلك في "صحيح سنن أبي داود" رقم 34.

1 وأما ما أخرجه البيهقي 1 / 106 من طريق عبد الملك بن عمر قال: قال علي بن أبي طالب: إنهم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا فأتبعوا الحجارة الماء. فهو مع أنه موقوف فلا يصح لأنه منقطع بين عبد الملك بن عمر وعلي فإنه ليس له رواية عنه ثم هو مدلس ولم يصرح بالسماع منه.

ص: 65

قوله تحت رقم 14 -:

لحديث الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم قال: كان النبي "صلى الله عليه وسلم "إذا بال توضأ وينتضح"

قلت: هذا الحديث لا يصح متنه لأن فيه اضطرابا كثيرا على نحو عشرة وجوه لخصها الحافظ في "التهذيب" وفي ثبوت صحبة الحكم بن سفيان خلاف.

لكن الحديث له شواهد أوردت بعضها في "صحيح أبي داود" رقم 159 منها حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة ونضح فرجه. أخرجه الدارمي والبيهقي وسنده صحيح على شرط الشيخين فلو أن المؤلف آثر هذا الحديث لصحة إسناده على ذلك أو على الأقل أشار إليه لكان أحسن.

قوله تحت رقم 15 -: وروي من طرق ضعيفة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" وقوله: "الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى في قوته وأذهب عني أذاه".

فأقول: قوله: "من طرق ضعيفة" ليس دقيقا في التعبير عن حال هذين الحديثين فإن الأول من حديث أبي ذر ومن حديث أنس وهما مخرجان في "الإرواء" برقم 53 بإسنادين ضعيفين. والآخر من حديث ابن عمر وهو مخرج في "الضعيفة" برقم 4187.

وقد فصلت القول في ذلك في "الأحاديث الضعيفة" برقم 5658 وبينت أن حديث أبي ذر في إسناده جهالة واضطراب واختلاف في المتن.

ثم إن قوله: "من طرق ضعيفة" قد يشعر أن لكل من الحديثين أكثر من طريق واحد بحيث يتوارد على ذهن القارئ ما يقال من أن الحديث الضيف يتقوى بكثرة الطرق فيتوهم أن هذا الذي يعنيه المؤلف بقوله المذكور: "من طرق ضعيفة" ولعله لا يقصد ذلك لما سبق بيانه.

ص: 66