الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضعفه وإن روي مرفوعا ففي إسناده متروك كما في "نيل الأوطار" وقد خرجته في "الضعيفة" 4386 وقد أجاد الرد على هذا التفريق ابن حزم رحمه الله في آخر الجزء الأول من "المحلى" فليراجعه من شاء وكذا القرطبي وابن العربي في تفسيريهما فانظر إن شئت "الجامع لأحكام القرآن" 8 / 263.
ومن عجيب أمر المؤلف أنه سوى هنا في النجاسة بين الدماء ولم يستثن منها دماء الحيوانات المأكولة اللحم وفرق فيما يأتي بين بول الآدمي النجس وبول ما يؤكل لحمه من الحيوانات فحكم بطهارته تمسكا بالأصل واستصحابا للبراءة الأصلية فهلا تمسك بذلك هنا أيضا لأن الدليل واحد هنا وهناك؟!
ومن النجاسات
قوله في صدد عد النجاسات: "قئ الآدمي
…
إلا أنه يعفى عن يسيره".
قلت: لم يذكر المؤلف الدليل على ذلك اللهم إلا قوله: إنه متفق على نجاسته وهذه دعوى منقوضة فقد خالف في ذلك ابن حزم حيث صرح بطهارة قئ المسلم راجع "المحلى" 1 / 183 وهو مذهب الإمام الشوكاني في "الدرر البهية" وصديق خان في "شرحها" 1 / 18 - 20 حيث لم يذكرا في النجاسات قئ الآدمي مطلقا وهو الحق ثم ذكرا أن في نجاسته خلافا ورجحا الطهارة بقولهما:
"والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه". وذكر نحوه الشوكاني أيضا في "السيل الجرار" 1 / 43.
وهذا الأصل قد اعتمده المؤلف في غير ما مسألة مثل طهارة أبوال ما يؤكل
لحمه وطهارة الخمر فيما ذكر هو بعد وهو أصل عظيم من أصول الفقه فلا أدري ما الذي حمله على تركه هنا مع أنه ليس في الباب ما يعارضه من النصوص الخاصة؟
وأما قوله: "ويعفى عن يسير القيء" فمجرد دعوى لا دليل عليها ولو رجع إلى الأصل المذكور لاستراح ولم يحتج إليها.
قوله تحت رقم 12 -: "وذهبت طائفة إلى القول بطهارتها" يعني: الخمر.
قلت: يحسن أن أذكر هنا أسماء بعض الأئمة الذين اختاروا هذا القول مع شيء يسير من تراجمهم حتى لا يظن بهم أحد أن لا شأن لهم في العلم ولا قدم راسخة لهم في الفقه بينما لهم في ذلك القدح المعلى:
1 -
ربيعه بن أبي عبد الرحمن المعروف بـ "ربيعة الرأي" قال في "التهذيب ":
"أدرك بعض الصحابة والأكابر من التابعين وكان صاحب الفتوى بالمدينة وكان يجلس إليه وجوه الناس بالمدينة وكان يحضر في مجلسه أربعون معتما وعنه أخذ مالك".
2 -
الليث بن سعد المصري الفقيه إمام مشهور اعترف بفضله كبار الأئمة منهم الإمام مالك في رسالة كتبها إليه بل قال الإمام الشافعي:
"الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به". وقال ابن بكير:
"الليث أفقه من مالك ولكن كانت الحظوة لمالك".
3 -
إسماعيل بن يحيى المزني صاحب الإمام الشافعي وهو إمام مجتهد
منسوب إلى الشافعي كما قال النووي في "المجموع" 1 / 72.
وغير هؤلاء كثيرون من المتأخرين من البغداديين والقرويين رأوا جميعا أن الخمر طاهرة وأن المحرم إنما هو شربها كما في "تفسير القرطبي" 6 / 88 وهو الراجح وللأصل المشار إليه آنفا وعدم الدليل المعارض.