المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ومن الجمعة قوله تحت رقم 3 -: "أكثروا من الصلاة على - تمام المنة في التعليق على فقه السنة

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة علمية هامة:

- ‌القاعدة الأولى

- ‌رد الحديث الشاذ

- ‌القاعدة الثانية

- ‌رد الحديث المضطرب

- ‌القاعدة الثالثة

- ‌رد الحديث المدلس

- ‌القاعدة الرابعة

- ‌رد حديث المجهول

- ‌القاعدة الخامسة

- ‌عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان

- ‌القاعدة السادسة

- ‌قولهم: رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث

- ‌القاعدة السابعة

- ‌عدم الاعتماد على سكوت أبي داود

- ‌القاعدة الثامنة

- ‌القاعدة التاسعة

- ‌سكوت المنذري على الحديث في "الترغيب" ليس تقوية له

- ‌القاعدة العاشرة

- ‌تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس على إطلاقه

- ‌القاعدة الحادية عشرة

- ‌لا يجوز ذكر الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه

- ‌القاعدة الثانية عشرة

- ‌ترك العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال

- ‌القاعدة الثالثة عشرة

- ‌لا يقال في الحديث الضعيف: قال صلى الله عليه وسلم أو: ورد عنه ونحو ذلك

- ‌القاعدة الرابعة عشرة

- ‌وجوب العمل بالحديث الصحيح وإن لم يعمل به أحد

- ‌القاعدة الخامسة عشرة

- ‌أمر الشارع للواحد أمر لجميع أفراد الأمة

- ‌من المقدمة

- ‌من التمهيد

- ‌ومن التشريع الإسلامي أو: الفقه

- ‌ومن المياه وأقسامها

- ‌ومن السؤر

- ‌ومن النجاسات

- ‌ومن النجاسات

- ‌ومن فوائد تكثر الحاجة إليها

- ‌ومن قضاء الحاجة

- ‌ومن سنن الفطرة

- ‌ومن الوضوء

- ‌ومن سنن الوضوء

- ‌ومن نواقض الوضوء

- ‌ومن لا ينقض الوضوء

- ‌ومن المسح على الخفين

- ‌ومن الغسل

- ‌ومن الأغتسال المستحبة

- ‌ومن غسل المرأة

- ‌ومن مسائل تتعلق بالغسل

- ‌ومن التيمم

- ‌ومن المسح على الجبيرة ونحوها

- ‌ومن الحيض

- ‌ومن الاستحاضة

- ‌ومن الصلاة

- ‌ومن صلاة الصبي

- ‌ومن تأكيد تعجيلها في يوم الغيم

- ‌ومن وقت العشاء

- ‌ومن الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ومن الأذان

- ‌ومن شروط الصلاة

- ‌ومن كيفية الصلاة

- ‌ومن فرائض الصلاة

- ‌ومن سنن الصلاة

- ‌ومن لإطالة الركعة الاولى في "الصبح

- ‌ومن القراءة خلف الإمام

- ‌ومن هيئات الركوع

- ‌ومن الذكر فيه

- ‌ومن أذكار الرفع من الركوع والاعتدال

- ‌ومن كيفية الهوي إلى السجود والرفع منه

- ‌ومن مقدار السجود وأذكاره

- ‌ومن جلسة الاستراحة

- ‌ومن صفة الجلوس للتشهد

- ‌ومن التشهد الأول

- ‌ومن الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام

- ‌ومن الأذكار والأدعية بعد السلام

- ‌ومن التطوع

- ‌ومن أقسام التطوع

- ‌ومن سنة الفجر

- ‌ومن سنة الظهر

- ‌ومن السنن غير المؤكدة

- ‌ومن الوتر

- ‌ومن قيام الليل

- ‌ومن قيام رمضان

- ‌ومن صلاة الضحى

- ‌ومن صلاة الصبح

- ‌ومن صلاة الحاجة

- ‌ومن صلاة الكسوف

- ‌ومن صلاة الاستسقاء

- ‌ومن سجود التلاوة

- ‌ومن سجود السهو

- ‌ومن صلاة الجماعة

- ‌ومن الإمام والمأموم

- ‌ومن المساجد

- ‌ومن المواضع المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ومن السترة أمام المصلي

- ‌وما يباح في الصلاة

- ‌ومن مكروهات الصلاة

- ‌ومن صلاة المريض

- ‌ومن صلاة الخوف

- ‌ومن صلاة السفر

- ‌ومن السفر يوم الجمعة

- ‌ومن الجمع بين الصلاتين

- ‌ومن أدعية السفر

- ‌ومن الجمعة

- ‌ومن اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد

- ‌ومن باب صلاة العيدين

- ‌ومن الزكاة

- ‌ومن زكاة التجارة

- ‌ومن زكاة الركاز والمعدن

- ‌ومن زكاة الفطر

- ‌ومن صدقة التطوع

- ‌ومن الصيام

- ‌ومن الترهيب من الفطر في رمضان

- ‌ومن اختلاف المطالع

- ‌ومن الأيام المنهي عن صيامها

- ‌ومن صيام التطوع

- ‌ومن مباحات الصيام

- ‌ومن قضاء رمضان

- ‌ومن مات وعلية صيام

الفصل: ‌ ‌ومن الجمعة قوله تحت رقم 3 -: "أكثروا من الصلاة على

‌ومن الجمعة

قوله تحت رقم 3 -: "أكثروا من الصلاة على يوم الجمعة وليلة الجمعة".

قلت: ذكر الحديث ولم يخرجه ولا بين مرتبته. وقد أخرجه ابن عدى والبيهقي من حديث أنس وروى من حديث ابن عمر وعن صفوان بن سليم مرسلا وهو بمجموع ذلك حسن كما بينته في "الصحيحة 1407 وهو صحيح دون ذكر "ليلة الجمعة" لحديث أوس الذي قبله وهو مخرج في المصدر المذكور برقم 1527.

قوله تحت رقم 4 -: "وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضئ له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين". رواه ابن مردويه بسند لا بأس به".

قلت: هكذا قال المنذرى في "الترغيب" 1 / 261 وهو مردود بقول الحافظ ابن كثير في "التفسير" 1 / 70:

"إسناده غريب".

قلت: وذلك لأن فيه خالد بن سعيد بن أبي مريم وهو مجهول العدالة قال في "التهذيب" بعد أن نقل عن ابن حبان أنه ذكره في "الثقات":

ص: 324

"وقال ابن المديني: لا نعرفه وساق له العقيلي خبرا استنكره وجهله ابن قطان".

ولذلك قال الحافظ:

"مقبول". يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث.

وفي نقدي أن هذا الحديث منكر أيضا لمخالفته لحديث أبي سعيد الذي قبلة وإسناده صحيح كما بينت في "الصحيحة"2651.

قوله تحت رقم 6 - بعد أن ذكر حديث ابن مسعود مرفوعا: "إن الناس يجلسون يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعات

": "رواه ابن ماجه والمنذري".

كذا وقع في هذه الطبعة وغيرها وهو تخريج غريب ويغلب على الظن أن فيه سقطا ولعل الصواب: "

وحسنه المنذري" فقد قال في "الترغيب" 1 / 225:

"رواه ابن ماجه وابن أبي عاصم وإسنادهما حسن".

وهو في نقدي غير حسن لأن مداره على عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وفيه ضعف من قبل حفظه وفي "التقريب":

"صدوق يخطئ وكان مرجئا أفرط ابن حبان فقال: متروك".

قلت: وقد اضطرب عبد المجيد في تعيين شيخه في هذا الحديث فقال مرة: "عن معمر" ومعمر ثقة

ومرة قال: "عن مروان بن سالم" ومروان هذا متروك متهم بالوضع. ومعلوم أن الاضطراب علة في الحديث - ولو من ثقة - تمنع الحكم عليه بالحسن فكيف إذا كان ضعيفا؟ فتحسينه والحالة هذه أبعد ما يكون

ص: 325

عن الصواب ولم يتنبه لهذه العلة القادحة المعلق على "الزاد" 1 / 409 فقلد من حسنه وقد خرجت الحديث وبسطت الكلام عليه في "الضعيفة" 2810 وأوجزته في "ظلال الجنة في تخريج السنة" لابن أبي عاصم 620.

قوله تحت عنوان: مشروعية التنفل قبلها: "1 فعن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. رواه أبو داود".

قلت: وإسناده صحيح لكن عنده بعد قوله ركعتين: "في بيته"

يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين بعد الجمعة في بيته ولا يصليهما في المسجد وهذا هو المرفوع من الحديث كما يدل عليه روايات أخرى للحديث تأتي في الكتاب.

وأما صلاة ابن عمر قبل الجمعة فموقوف عليه كما بينه أبو شامة في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" وابن القيم في "زاد المعاد" وغيرهما وسيأتي في الكتاب كلام ابن تيمية في أنه ليس للجمعة سنة قبلية فانظره وراجع له رسالتي "الأجوبة النافعة".

ص: 326

ومن من تجب عليه ومن لا تجب عليه

قوله:" 5، 6 المدين المعسر الذي يخاف الحبس والمختفي من الحكم الظالم فعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر". قالوا: يا رسول الله وما العذر؟ قال: "خوف أو مرض". رواه أبو داود بإسناد صحيح".

قلت: فيه خطآن:

الأول: أن إسناد أبي داود غير صحيح لأن فيه أبا جناب وهو ضعيف ومدلس وقد عنعنه كما قال الحافظ في "التلخيص" وضعفه المنذرى أيضا في "مختصر السنن".

الثاني: أن اللفظ المذكور ليس هو لأبي داود بل هو ملفق من روايتين إحداهما رواية أبي داود ولفظها:

"من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر - قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض - لم تقبل منه الصلاة التي صلى".

وبهذا اللفظ والسد أخرجه الدارقطني أيضا والحاكم في رواية.

والرواية الأخرى لفظها:

"من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر".

أخرجه ابن ماجه وغيره والحاكم وقال:

"صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي وهو كما قالا.

وما أعتقد أن المؤلف يستجيز هذا التلفيق بين روايتين ولاسيما وإحداهما

ص: 327

صحيحة والأخرى ضعيفة وإنما هو التقليد وعدم الرجوع إلى الأصول.

تنبيه: هذا الحديث اقتصر المؤلف على إيراده ههنا في "الجمعة" وكان يلزمه أن يورده أيضا في "الجماعة" لأن لفظ "النداء" يشملهما معا وعليه نقول: والحديث كما يدل على وجوب الجمعة وأنه لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر فكذلك هو يدل على وجوب حضور صلاة الجماعة وأنه لا يجوز تركها إلا لعذر فهو حجة على المؤلف حيث ذكر هناك أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة ووجه ذلك أن الحديث صريح أنه لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر وليس هذا شأن السنة فإنه يجوز تركها بدون عذر البتة اكتفاء بالقيام بالفرائض فقط كما يدل على ذلك إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي على قوله: "والله لا أزيد عليهن ولا أنقص"

وقوله: "أفلح الرجل إن صدق" أو: "دخل الجنة إن صدق" فثبت من ذلك أن صلاة الجماعة واجبة لا يجوز تركها إلا لعذر وهو الحق كما سبق بيانه هناك.

وأما تأويل بعض العلماء لقوله في الحديث: "فلا صلاة له" أي: كاملة فإن أرادوا بذلك نفي الوجوب كما هو الظاهر فهو باطل من وجهين:

الأول: قوله عقبه: "إلا من عذر" فإن هذا لا يقال في غير الواجب كما سبق بيانه.

الثاني: أن هذا التأويل غير معروف في الشرع كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ولا بأس من أن أنقل كلامه مختصرا لأهميته قال رحمه الله في "القواعد النورانية" ص 26:

"وأما ما يقوله الناس: إن هذا نفي للكمال. كقوله: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" قلت: هذا ليس له إسناد ثابت. فيقال له: نعم هو لنفي

ص: 328

الكمال لكن لنفي كمال الواجبات أو لنفي كمال المستحبات؟

فأما الأول فحق وأما الثاني فباطل لا يوجد مثل ذلك في كلام الله عز وجل ولا في كلام رسول الله قط وليس بحق فإن الشيء إذا كملت واجباته فكيف يصح نفيه؟!

وأيضا فلو جاز لجاز نفي صلاة عامة الأولين والآخرين لأن كمال المستحبات من أندر الأمور.

وعلى هذا فما جاء من نفي الأعمال في الكتاب والسنة فإنما هو لانتفاء بعض واجباته كقوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية.

وقوله: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} ونظائر ذلك كثيرة.

ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له" و "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" و "من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له".

ولا ريب أن هذا يقتضي أن إجابة المؤذن المنادي إلى الصلاة في جماعة من الواجبات.

لكن إذا ترك هذا الواجب فهل يعاقب عليه ويثاب على فعله من الصلاة أم يقال: إن الصلاة باطلة عليه إعادتها كأنه لم يصلها؟

هذا فيه نزاع بين العلماء". اهـ.

قلت: واختار شيخ الإسلام في غير هذا الكتاب البطلان واخترنا عدمه لحديث التفضيل على ما بينا في صلاة الجماعة. وحمله هو على المعذور وهو غير متبادر عندي. والله أعلم.

ص: 329

قوله تحت رقم 7: "وعن أبي مليح عن أبيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم جمعة وأصابهم مطر لم تبتل أسفل نعالهم فأمرهم أن يصلوا في رحالهم. رواه أبو داود وابن ماجه".

قلت: السياق لأبي داود ولكنه زاد بعد قوله شهد النبي صلى الله عليه وسلم: "زمن الحديبية" وهي عند ابن ماجه أيضا فهي تدل على أن القصة كانت في السفر وقد صرح بذلك البيهقي في رواية له ومن المعلوم أن لا جمعة في السفر وحينئذ فالحديث لا يدل على أن المطر عذر لترك الجمعة بل للجماعة.

قوله في آخر بحث وقت الجمعة مرجحا مذهب الجمهور أنه بعد الزوال نقلا عن الحافظ: "فروى ابن أبي شيبة عن سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس. وإسناده قوي".

قلت: صدق سويد رحمه الله وأخطأ الحافظ ومن قلده كالمؤلف ومن قبله الشوكاني 3 / 221 في استدلالهم بهذا الأثر على ما ذكرنا مع أنه ليس فيه ذكر لصلاة الجمعة لا تصريحا ولا تلويحا وهذا بناء على السياق الذي ذكره الحافظ ونقلوه عنه وهو في "الفتح" 2 / 387 كما نقلوا وهو من أخطائه العجيبة التي لا أستطيع تصور صدورها من مثله فإن هذا الأثر لا تعلق له هنا البتة وإنما بصلاة الظهر كذلك وقع. التصريح به عند ابن أبي شيبة أخرجه بسنده الصحيح عن ميمون بن مهران: أن سويد بن غفلة كان يصلي الظهر حين تزول الشمس فأرسل إليه الحجاج: لا تسبقنا بصلاتنا. فقال سويد: قد صليتها مع أبي بكر وعمر هكذا والموت أقرب إلي من أن أدعها. أورده 1 / 322 - 323 تحت باب: من كان يصلي الظهر إذا زالت الشمس ولا يبرد بها".

إذا عرفت هذا فلا يصلح للمعارضة المدعاة لكن الحافظ ذكر عقبه آثارا

ص: 330

أخرى بمعناه عن عمر وغيره من الصحابة لكن الحقيقة أنه لا تعارض بينها وبين أثر ابن سيدان كما لا تعارض بين الأحاديث الموافقة لها وبين الأحاديث الموافقة له فالصحابة رضي الله عنهم تلقوا الأمرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا - كما كان عليه السلام يفعلون تارة هذا وتارة هذا كما ذكرته في رسالتي "الأجوبة النافعة" وقد خرجت فيها الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة في الأمرين وهي مطبوعة فليراجعها من شاء.

بقي شيء وهو جزم المؤلف بأن أثر ابن سيدان ضعيف وأيده بقول ابن حجر فيه:

"تابعي كبير غير معروف العدالة".

وقد رددت عليه في الرسالة المذكورة آنفا بما خلاصته أنه روى عنه أربعة من الثقات وذكره ابن حبان في "الثقات" 5 / 31 وأزيد هنا: والعجلي أيضا في "الثقات" 258 / 820 وقلت ثمة:

"إنه حسن الحديث على طريقة بعض العلماء كابن رجب وغيره".

بل هي طريقة الحافظ أيضا كما تقدم بيانه ص 204 – 207.والله أعلم.

قوله في العدد الذي تنعقد به الجمعة: "تصح باثنين فأكثر لقوله صلى الله عليه وسلم: "الاثنان فما فوقهما جماعة".

قلت: لا يصح الاستدلال به لعدم ثبوته عنه صلى الله عليه وسلم كما بينته في "الإرواء" 489 و "المشكاة" 1081 فالاعتماد على ما ذكره المؤلف بعد عن الشوكاني. وراجع له "السيل الجرار" 1 / 297 - 298 فإنه بحث هام قد لا تجده في غيره.

ص: 331

قوله في أثر عمر: أن جمعوا حيثما كنتم: "وهذا يشمل المدن والقرى".

قلت: كذا قال الحافظ في "الفتح" 4 / 380 وتبعه الشوكاني 3 / 198 أيضا وهو أعم من ذلك فيشمل أهل المياه أيضا فقد روى ابن أبي شيبة أيضا 2 / 102 عقب أثر عمر قال: حدثنا ابن إدريس عن مالك قال:

"كان أصحاب محمد في هذه المياه بين مكة والمدينة يجمعون".

ويشهد له أثر ابن عمر المذكور في الكتاب آخر هذا البحث وقال فيه:

"رواه عبد الرزاق بسند صحيح".

قلت: كذا قال الحافظ وذكره الشوكاني دون أن ينسبه إليه كغالب تخاريجه واستشهد به المؤلف وفيه ما لا يخفى. وهو في "مصنف عبد الرزاق" 3 / 170 / 5185 عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر

فذكره. كذا وقع فيه: "عبد الله" مكبرا وهو ضعيف فلعل الأصل "عبيد الله مصغرا وهو ثقة بدليل تصحيح الحافظ لإسناده. والله أعلم.

قوله في آخر بحث حكم الخطبة نقلا عن الشوكاني: "فالظاهر ما ذهب إليه الحسن البصري وداود الظاهري والجويني من أن الخطبة مندوبة فقط".

قلت: بل الصواب وجوبها وما أجاب به الشوكاني مردود وقد نحا نحوه صديق خان في "الروضة الندية" وفي "الموعظة الحسنة" فرددت عليه في رسالتي "الأجوبة النافعة" بما لا يدع إشكالا على القول بوجوبها

فراجعه فإنه مهم جدا.

ثم ذكر حديث جابر مرفوعا: كان إذا صعد المنبر سلم وضعفه بابن لهيعة ثم ذكره من مرسل الشعبي وعطاء.

فأقول: هذان المرسلان أخرجهما ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وهما يقويان

ص: 332

حديث جابر ولا سيما وقد جرى عمل الخلفاء عليه كما حققته في "الصحيحة" 2076 بما لا تراه في مكان آخر إن شاء الله تعالى.

قوله في حديث: كان إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم: "رواه ابن ماجه وهو وإن كان فيه مقال إلا أن الترمذي قال: العمل على هذا

".

وأقول: الحديث صحيح لأن له شواهد مرفوعة وموقوفة خرجتها في "الصحيحة" أيضا 2080 وأحدها في "الصحيحين" عن أبي سعيد الخدري قال: "جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله".

وهذه من السنن المتروكة فعلى المحبين لها إحياؤها حياهم الله تعالى وبياهم وجعل الجنة مأوانا ومأواهم بفضله وكرمه.

قوله في حديث أبي هريرة: "كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم": "رواه أبو داود وأحمد بمعناه".

قلت: الحديث ضعيف أسنده عن أبي هريرة أحد من لا يوثق بحفظه وخالفه جمع من الثقات فأرسلوه بل أعضلوه وقد أعله بذلك أبو داود نفسه فقال عقبه 4840:

"رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا".

فكان على المؤلف أن يذكر هذا عقب الحديث أداء للأمانة العلمية ولكن هذا من شؤم التقليد وعدم الرجوع إلى الأصول ولكن إذا كان لم يرجع إلى الأصل فما باله لم ينقل ما ذكره الشوكاني في "نيل الأوطار" 3 / 224 أن النسائي والدارقطني أعلاه أيضا بالإرسال وهو إنما نقل الحديث وتخريجه منه أو

ص: 333

من متنه؟!

وقد خرجت الحديث وتكلمت عليه بتفصيل في أول "إرواء الغليل" رقم 2 وذكرت له فيه علة أخرى وهي اضطراب ذاك الضعيف في متنه على وجوه بينتها فراجع إن شئت تمام التحقيق.

قوله: "وفي رواية: "الخطبة التي ليس فيها شهادة كاليد الجذماء". رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: تشهد بدل شهادة".

قلت: رواية أبي داود 4841 مثل رواية الترمذي وهي أصح وقال: "حديث حسن صحيح غريب"

وسنده صحيح وهو في "مسند أحمد" 2 / 302 و343.

هذا وكنت أود أن لا يخلي المؤلف كتابه من خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه ولا سيما وفيها نص التشهد المشار إليه في هذا الحديث وغيره كحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:

"كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه ثم يقول على إثر ذلك

". رواه مسلم 3 / 11.

ونص الخطبة كما جاء في عدة أحاديث كنت جمعتها في رسالة خاصة فيها يأتي الإشارة إليها إن شاء الله:

"إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

ص: 334

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} .

أما بعد.

وكان أحيانا لا يذكر هذه الآيات الثلاث.

وينبغي أن يقول أحيانا بعد قوله: "أما بعد":

"فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".

رواه مسلم وغيره وهو مخرج في "الإرواء"608.

قوله: "وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد قال: "الحمد لله نستعينه ونستغفره

من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله تعالى شيئا".

وعن ابن شهاب أنه سئل عن تشهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فذكر نحوه وقال: "ومن يعصهما فقد غوى". رواهما أبو داود".

قلت: إسنادهما ضعيف.

أما الأول ففيه أبو عياض وهو مجهول وقد أعله المنذري وابن القيم والشوكاني بغيره. والحق ما ذكرته.

ص: 335

وأما الآخر فعلته أنه من مرسل ابن شهاب والمرسل ليس بحجة عند الجمهور.

ثم إن في الحديثين جملة قد صح عنه صلى الله عليه وسلم النهي عنها وهي قوله فيهما: "ومن يعصهما

".

فروى مسلم وغيره عن عدي بن حاتم أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى". فقال صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت قل: ومن يعص الله ورسوله".

وحديث ابن مسعود قد جاء من طرق ثلاثة أخرى عنه وليس في شيء منها هذه الجملة فدل ذلك على نكارتها فيه ولي في بيان ذلك رسالة لطيفة بعنوان: "خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه" أوردت فيها النص الصحيح الكامل لهذه الخطبة المباركة وخرجت أحاديثها مع فوائد أخرى تناسبها وقد طبعت مرارا والحمد لله.

قوله في استحباب رفع الصوت بالخطبة وتقصيرها والاهتمام بها: "وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كانت صلاة رسول صلى الله عليه وسلم قصدا وخطبته قصدا. رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود".

قلت: استثناء أبي داود خطأ قلد فيه صاحب "المنتقى" ولم ينبه عليه الشوكاني 3 / 228 فقد أخرجه في "سننه" برقم 1101 وهو مخرج في "صحيح أبي داود"1009.

قوله تحت عنوان: قطع الإمام الخطبة للأمر يحدث: "وعن أبي بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران. رواه الخمسة".

قلت: فيه:

ص: 336

أولا: قوله: "أبي بريدة". خطأ متكرر هنا وفي الطبعة الجديدة والصواب: "بريدة" بحذف أداة الكنية وهو بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.

ثانيا: المقصود بـ الخمسة الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة ومنهم الترمذي وقد قال عقب الحديث: "حسن غريب إنما نعرفه من حديث الحسين بن واقد".

والحسين هذا قال الشوكاني في "نيل الأوطار" 3 / 233:

"هو أبو علي قاضي مرو احتج به مسلم في" صحيحه"وقال المنذري: ثقة".

قلت: فكان على المؤلف أن ينقل عنه ما يدل على صحة الحديث ولا يقتصر على التخريج لأن التخريج بالنسبة لدرجة الحديث كالوسيلة مع الغاية فما الفائدة من الإتيان بالوسيلة دون الغاية وهذه مصيبة عامة لم ينج منها أكثر المؤلفين قديما وحديثا والله المستعان.

والحديث صححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي وهو مخرج في "صحيح أبي داود"1016.

قوله تحت عنوان: حرمة الكلام أثناء الخطبة في حديث ابن عباس مرفوعا: "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا. والذي يقول له: أنصت لا جمعة له". قال: "رواه أحمد وابن أبي شيبة والطبراني قال الحافظ في "بلوغ المرام": إسناده لا بأس به".

وأقول: كيف لا وفيه عندهم جميعا مجالد بن سعيد والحافظ نفسه يضعفه في "التقريب" بقوله:

ص: 337

"ليس بالقوي وقد تغير في آخر عمره".

وبه أعله الهيثمي 2 / 184 ولذلك أشار المنذري في "الترغيب" 1 / 257 إلى ضعف الحديث بتصديره إياه بقوله: "روي" كما نص عليه في المقدمة ولذلك خرجته في "الضعيفة" 1760 برواية من ذكرهم الحافظ وغيرهم. وقد صح معنى الحديث عن ابن عمر موقوفا عند ابن أبي شيبة 2 / 125.

ولعل الحافظ قوى حديثه هذا للشاهد الذي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفا ولكني لا أرى أن الموقوف يصلح شاهدا لتقوية المرفوع هنا. والله أعلم.

ثم ذكر حديث أبي الدرداء وفيه قول أبي له حين سأله والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب: ما لك من جمعتك إلا ما لغوت. وقوله صلى الله عليه وسلم: "صدق أبى"

الحديث قال: "رواه أحمد والطبراني".

قلت: رجاله موثقون كما قال الهيثمي لكن أعله المنذري والعسقلاني بالانقطاع كما بينته في "التعليق الرغيب" 1 / 258 لكن الحديث صحيح فإنه رواه ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي نفسه وفيه أن أبا ذر هو الذي كلم أبيا. وكذلك رواه الطحاوي 1 / 215 والطيالسي عن أبي هريرة وإسناده حسن كما في "الإرواء" 2 / 80 وابن خزيمة في "صحيحه" 1807 عن أبي ذر نفسه.

وقوله: "وقال الشافعي: لو عطس رجل يوم الجمعة فشمته رجل رجوت أن يسعه لأن التشميت سنة ولو سلم رجل على رجل كرهت ذلك ورأيت أن يرد عليه لأن السلام سنة ورده فرض".

قلت: ذكره الشوكاني في "نيل الأوطار" 3 / 232 نقلا عن مختصر البويطي وهو في "الأم" للشافعي 1 / 175 وفي "مختصر المزني" 1/

ص: 338

138.

والتفريق بين التشميت ورد السلام غير ظاهر عندي إذ حكمهما في الأصل واحد إما السنة كما في كلام الشافعي أو الوجوب كما هو الراجح عند كثير من العلماء فينبغي التسوية بينهما في المنع أو الجواز وفي ذلك عند الشافعية ثلاثة وجوه ذكرها النووي في "المجموع" 4 / 524 وقال:

"الصحيح المنصوص تحريم تشميت العاطس كرد السلام".

قلت: وهذا هو الأقرب لما ذكرته في "الضعيفة" تحت الحديث 5665.

ثم قوله: "فعن ثعلبة بن أبي مالك قال: كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد

رواه الشافعي في مسنده".

قلت: وهو في "الأم" 1 / 175: وحدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال: حدثني ثعلبة به وزاد في أوله:

"أن قعود الإمام يقطع السبحة وأن كلامه يقطع الكلام".

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1 / 126 ومن طريقه الشافعي عن ابن شهاب به نحوه إلا أنه جعل الزيادة في آخره من كلام الزهري وهو أصح لأن مالكا أوثق من ابن أبي فديك واسمه محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك. وقال النووي في "المجموع" 4 / 220:

"وحديث ثعلبة صحيح رواه الشافعي في "الأم" بإسنادين صحيحين"!

كذا قال وهو يعني طريق ابن أبي فديك ومالك عن ابن شهاب وهذا

ص: 339

اصطلاح خاص بالنووي انتقده عليه العسقلاني وغيره لما فيه من الإيهام لمن لا معرفة له أن له طريقا أخرى عند الشافعي عن ثعلبة وهو خلاف الواقع فإنه عن ابن شهاب وحده.

نعم قد وجدت له متابعا قويا أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2 / 124 من طريق يزيد بن عبد الله عن ثعلبة بن [أبي] مالك القرظي قال:

"أدركت عمر وعثمان فكان الإمام إذا خرج يوم الجمعة تركنا الصلاة فإذا تكلم تركنا الكلام".

وهذا إسناد صحيح ويزيد هذا هو ابن الهاد الليثي المدني.

فائدة: في هذا الأثر دليل على عدم وجوب إجابة المؤذن لجريان العمل في عهد عمر على التحدث في أثناء الأذان وسكوت عمر عليه وكثيرا ما سئلت عن الدليل الصارف للأمر بإجابة المؤذن عن الوجوب؟ فأجبت بهذا. والله أعلم.

قوله تحت عنوان: إدراك ركعة من الجمعة أو دونها: "قال ابن مسعود: من أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى ومن فاتته الركعتان فليصل أربعا. رواه الطبراني بسند حسن".

قلت: نقله من "مجمع الهيثمي" 2 / 192 وحقه أن يصححه لأن الطبراني أخرجه في "الكبير" من طرق عن أبى إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود 9 / 358 - 359 / 9545 - 9549 وأخرجه غيره فراجع" الإرواء" 621 و "الأجوبة النافعة".

وأما أثر ابن عمر المذكور بعد هذا من رواية البيهقي فهو قوي كما بينته ثمة.

ص: 340

قوله تحت عنوان: الصلاة في الزحام: "روى أحمد والبيهقي عن سيار قال: سمعت عمر وهو يخطب يقول

" الحديث. وفيه قول عمر:

"فإذا اشتد الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر أخيه".

قلت: هو في "المسند" 1 / 32 و "سنن البيهقي" 3 / 182 - 183 من طريق سليمان بن داود أبي داود بسنده عن سيار.

وأبو داود هذا هو الطيالسي صاحب "المسند" المعروف به وقد أخرجه فيه برقم 70.

ثم إن سيارا هذا - وهو ابن معرور - قال ابن المديني: مجهول. وبه أعله الهيثمي 2 / 10 وقال:

"وقيل: فيه مغرور بالمعجمة والمهملة".

قلت: لكن هذه الفقرة من قول عمر قد أخرجها عبد الرزاق 5465 و5469 من طريقين آخرين عنه الأول فهما صحيح والآخر منقطع لكن وصله البيهقي وإسناده صحيح.

قوله في سنة الجمعة البعدية: "قال ابن القيم: قال شيخنا ابن تيمية: إن صلى في المسجد صلى أربعا وإن صلى في بيته صلى ركعتين".

قلت: هذا التفصيل لا أعرف له أصلا في السنة إلا ما سيذكره من حديث ابن عمر ويأتي قريبا بيان ما فيه وقوله في الحديث الصحيح المتقدم: "من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا". رواه. مسلم وغيره وهو في "الإرواء" 625 لا دليل فيه على أن الأربع في المسجد والحديث الصحيح المعروف: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" فإذا صلى بعد الجمعة ركعتين أو أربعا

ص: 341

في المسجد جاز أو في البيت فهو أفضل لهذا الحديث الصحيح.

قوله في تمام كلام ابن القيم المتقدم: "وقد ذكر أبو داود عن ابن عمر أنه [إذا] صلى في المسجد [صلى]

أربعا وإذا صلى في بيته صلى ركعتين".

قلت: الجملة الأولى من هذا الأثر اختصرها ابن القيم رحمه الله اختصارا مخلا بالمعنى وانطلى أمره على المؤلف ولا غرابة في ذلك فإن من عادته عدم الرجوع إلى الأصول وإنما الغريب أن يخفى ذلك على من علق على "زاد المعاد" وزعم أنه "حقق نصوصه وخرج أحاديثه

"! فإنه قال في تخريج هذا الحديث 1 / 440: "رواه أبو داود 1130 في الصلاة: باب الصلاة بعد الجمعة".

فإن لفظه في المكان الذي أشار إليه:

"عن عطاء عن ابن عمر قال: كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعا وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصل في المسجد فقيل له؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك".

وهكذا رواه البيهقي 3 / 240 - 241 وهو مخرج في "صحيح أبي داود"1035.

فأنت ترى أن رواية أبي داود تختلف عما عزاه إليه ابن القيم من وجهين:

الأول: أن فيها أنه كان يصلي ست ركعات وهو يقول: أربعا!

الثاني: فيها أن ذلك كان في مكة وهو يعني المسجد الحرام وابن القيم قال: "المسجد" أي المسجد النبوي بدليل ما بعده "وإذا صلى في بيته" يعني

ص: 342