الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن اختلاف المطالع
تحت هذا العنوان ذكر المؤلف ثلاثة مذاهب:
الأول: مذهب الجمهور أنه لا عبرة باختلاف المطالع لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:
"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
متفق عليه وهو مخرج في "إرواء الغليل" 902 من طرق عن أبي هريرة وغيره.
الثاني: أن لكل بلد رؤيتهم ولا يلزمهم رؤية غيرهم
…
واحتج لهم بحديث ابن عباس عند مسلم وغيره.
الثالث: لزوم أهل بلد الرؤية وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها.
واختار المؤلف هذا المذهب الأخير معلقا عليه بقوله:
"هذا هو المشاهد ويتفق مع الواقع".
قلت: وهذا كلام عجيب غريب لأنه ان صح أنه مشاهد موافق للواقع فليس فيه أنه موافق للشرع أولا ولأن الجهات - كالمطالع - أمور نسبية ليس لها حدود مادية يمكن للناس أن يتبينوها ويقفوا عندها ثانيا.
وأنا - والله - لا أدري ما الذي حمل المؤلف على اختيار هذا الرأي الشاذ وأن يعرض عن الأخذ بعموم الحديث الصحيح وبخاصة أنه مذهب الجمهور كما ذكره هو نفسه وقد اختاره كثير من العلماء المحققين مثل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى المجلد 25 والشوكاني في "نيل الأوطار" وصديق حسن خان في "الروضة الندية" 1 / 224 - 225 وغيره فهو الحق الذي لا يصح سواه ولا يعارضه حديث ابن عباس لأمور ذكرها الشوكاني رحمه الله ولعل الأقوى أن يقال: إن حديث ابن عباس ورد فيمن صام على رؤية بلده ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين أو يروا هلالهم. وبذلك يزول الإشكال ويبقى حديث أبي هريرة وغيره على عمومه يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلا كما قال ابن تيمية في "الفتاوى" 25 / 157 وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما هـ معلوم ولكنه يتطلب شيئا من اهتمام الدول الإسلامية حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى.
وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته ولا ينقسم على نفسه فيصوم بعضهم معها وبعضهم مع غيرها ممن تقدمت في صيامها أو تأخرت لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين. والله
المستعان.
ومن من رأى الهلال وحده:
وتحت هذا العنوان الجانبي قال: "واتفقت أئمة الفقه على أن من أبصر هلال الصوم وحده - أن يصوم".
فأقول: هذا ليس على إطلاقه بل فيه تفصيل ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في فتوى له فقال 25 / 114:
"إذا رأى هلال الصوم وحده أو هلال الفطر وحده فهل عليه أن يصوم برؤية نفسه أو يفطر برؤية نفسه؟ أم لا يصوم ولا يفطر إلا مع الناس؟ على ثلاثة أقوال هي ثلاث روايات عن أحمد".
ثم ذكرها والذي يهمنا ذكره منها ما وافق الحديث وهو قوله:
"والثالث: يصوم مع الناس ويفطر مع الناس وهذا أظهر الأقوال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون". رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
قال: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس".
وهذا الحديث مخرج في "الصحيحة" 224 و "الإرواء" 905 من طرق عن أبي هريرة فمن شاء رجع إليها.
ثم قال ابن تيمية 117:
"لكن من كان في مكان ليس فيه غيره إذا رآه صام فإنه ليس هناك غيره".
قوله تحت عنوان: من يرخص لهم في الفطر ويجب عليهم القضاء:
"وعن عبيد بن جبير قال: ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في رمضان فدفع - ثم قرب غداءه ثم قال: اقترب فقلت: ألست بين البيوت؟ فقال أبو بصرة: أرغبت عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات".
قلت: كذا قال المؤلف تبعا للشوكاني وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن عبيد بن جبير مجهول وقيل في اسم أبيه: "حنين" فإن كان ابنه فهو ثقة.
والآخر: الراوي عنه كليب بن ذهل قال ابن خزيمة:
"لا أعرفه بعدالة".
وأفاد الحافظ في "التقريب" أنه لين الحديث.
لكن يشهد له الحديث الآتي بعده وحديث آخر عن أنس وسنده صحيح كما حققته في رسالتي "تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر" وهي مطبوعة.
وقوله: "وقد روى أحمد وأبو داود والبيهقي والطحاوي عن منصور الكلبي أن دحية بن خليفة خرج من قرية من دمشق مرة إلى قدر عقبة من الفسطاط في رمضان ثم إنه أفطر
…
وجميع رواة الحديث ثقات إلا منصور الكلبي وقد وثقه العجلي".
قلت: توثيق العجلي في منزلة توثيق ابن حبان ولذلك لم يعتمده ههنا الذهبي وغيره من المحققين فقال الذهبي في ترجمته من "الميزان":
" ما روى عنه سوى مرثد المزني هذا الحديث ولم يصححه عبد الحق".
وقال ابن المديني:
"مجهول لا أعرفه".
وقال ابن خزيمة:
"لا أعرفه".
والحافظ مع ذكره لتوثيق العجلي له في "التهذيب" لم يتبنه في "التقريب" حيث قال:
"مستور".
ولهذا ضعف الحديث الخطابي في "المعالم" فقال:
"ليس بالقوي وفي إسناده رجل ليس بالمشهور".
لكن يقويه الحديث الذي قبله وحديث أنس الذي أشرت إليه آنفا.