الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب فَضْلِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ عَقِبَهُ
[227]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ، وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخَرَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَهُوَ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ عِنْدَ الْعَصْرِ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا، لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، فَيُصَلِّي صَلَاةً، إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِيهَا)).
وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ: فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ.
قوله: ((لولا آية من كتاب الله ما حدثتكم)) أي: لولا الوعيد على كتمان العلم في هذه الآية ما حدثتكم: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} .
وفيه أن الوضوء والصلاة من أسباب المغفرة، وأنه يُغفر له ما بين الصلوات إذا اجتنب الكبائر، فإذا صلى الظهر غفر الله له ذنوبه إلى صلاة العصر، وإذا صلى العصر غفر الله له ذنوبه إلى صلاة المغرب، وإذا صلى المغرب غفر الله ذنوبه إلى صلاة العشاء.
قوله: ((لا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَيُحْسِنُ)) فيه أن الإيمان والإسلام شرط في
صحة العبادة، فلو توضأ كافر فلا يعتد بوضوئه، وفيه شرط أن يحسن الوضوء، وإحسان الوضوء إسباغه وإكماله.
((ثم يصلي المكتوبة)) يعني: الفريضة، والرواية السابقة يصلي ركعتين وهي تشمل الفريضة والنافلة.
وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَكِنْ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ عَنْ حُمْرَانَ، أَنَّهُ قَالَ: فَلَمَّا تَوَضَّأَ عُثْمَانُ قَالَ: وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا، وَاللَّهِ لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِيهَا))، قَالَ عُرْوَةُ الآيَةُ:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إِلَى قَوْلِهِ: {اللَّاعِنُونَ} .
وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه إلى عباده أن المسلم إذا توضأ وأحسن الوضوء، ثُمَّ صلى ركعتين غفر له ما تقدم من ذنبه.
وفيه أن عثمان رضي الله عنه والصحابة وأهل العلم إنما يبلغون الناس ما عندهم ولا يكتمونه، فأهل العلم أحرص الناس على تبليغ العلم ونشره، وأبعد الناس عن كتم العلم.
وفيه الوعيد الشديد لمن كتم العلم، قال الله تعالى:{وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلًا فبئس ما يشترون} وهذه وإن كانت لبني إسرائيل فهي تشمل من كتم العلم من هذه الأمة، وورد في الحديث- وإن كان فيه ضعف-:((من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة))
(1)
.
(1)
أخرجه أحمد (7571)، وأبو داود (3658)، والترمذي (2651) وحسنه.
وفيه أن من صفات الرابحين: العلم والعمل، ثُمَّ الدعوة والصبر، ولا بد من نشر العلم على حسب الحاجة، فإذا كان الناس محتاجين إليه ولم ينشره أثم، وكذلك إذا سئل وهو يعلم وكتم أثم، أما إذا قام غيره بنشر العلم فلا يأثم، لكن ينقص أجره إذا كان عنده علم؛ لذلك كان الصحابة يتدافعون الفتوى، وإذا أفتى واحد منهم أجزأ عن الباقين.
قوله: ((فيحسن الوضوء)) أي: يأتي به تامًّا بكمال صفته وآدابه، وفيه الحث على الاعتناء بتعلم آداب الوضوء وشروطه، والعمل بذلك، والاحتياط فيه، والحرص على أن يتوضأ على وجه يصح عند جميع العلماء، ولا يترخص بالاختلاف؛ فينبغي أن يحرص على التسمية والنية والمضمضة والاستنشاق والاستنثار واستيعاب مسح جميع الرأس ومسح الأذنين، ودلك الأعضاء، والتتابع في الوضوء، وترتيبه، وغير ذلك.
قال القاضي عياضٌ: ((للباجي في الحديث الأول ((لولا أنه)) بالنون، وقد اختلف رواة الموطأ عن مالك في هذين اللفظين، واختلف تأويل العلماء في ذلك، ففي الأم قول عُروة: الآية قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا} ، وعلى هذا لا تصح الرواية إِلَّا ((لولا آية)) بالياء))
(1)
.
(1)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 16).
[228]
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، قَالَ عَبْدُ، حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ فَدَعَا بِطَهُورٍ، فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشُوعَهَا، وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ)).
((دعا بطَهور)) بفتح الطاء يعني: بماء يتطهر ويتوضأ به.
((ما لم يؤتِ كبيرةً)) وفيه تقييد تكفير الذنوب بعدم إتيان الكبيرة، والمعنى أنها تكفر الصغائر، أما الكبائر فلا بد لها من توبة؛ لقوله تعالى:{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلًا كريمًا} ، ولحديث:((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتَنب الكبائرَ))
(1)
، وهذه النصوص الثلاثة وأمثالها تقيد النصوص المطلقة التي فيها مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، كالحديث السابق ((مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))
(2)
، وهذا مذهب الجمهور، وهو الصواب جمعًا بين النصوص، وعليه فإذا كان مرتكبًا لكبيرة، ثُمَّ فعل ما يوجب المغفرة، فإن ما فعله يُكفر الصغائر، أو يُكتب له حسناته، أما الكبائر فإنها تبقى عليه حتى يتوب، أو يعفو الله عنه، وقال بعض أهل العلم: إنها تكفر الكبائر والصغائر
(3)
.
وفيه تقييد المغفرة بإحسان وضوئها وخشوعها وركوعها.
(1)
أخرجه مسلم (233).
(2)
أخرجه البخاري (159)، ومسلم (226).
(3)
انظر: فتح الباري (10/ 346)، وإكمال المعلم (2/ 18).
قوله: ((وذلك الدهر كله)) أي: ما دام كلما توضأ أحسن الوضوء والركوع والخشوع، ولم يرتكب كبيرة، يكفر الله خطاياه الصغار ما دام يأتي بهذا القيد أبد الدهر.
[229]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- وَهُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ- عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، قَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَادِيثَ لَا أَدْرِي مَا هِيَ، إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ:((مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ، وَمَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ نَافِلَةً))، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدَةَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ فَتَوَضَّأَ.
قوله: ((وَكَانَتْ صَلَاتُهُ، وَمَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ نَافِلَةً))، يعني غفر الله له بهذا الوضوء، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد زيادة في الأجر والثواب بحسنات تُكتب له في صحيفته.
[230]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ، وَأَبُو بَكْرِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي أَنَسٍ، أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ، فَقَالَ: أَلَا أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَزَادَ قُتَيْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو النَّضْرِ: عَنْ أَبِي أَنَسٍ، قَالَ: وَعِنْدَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((عن أبي أنس)) هو مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، وهو جد الإمام مالك بن أنس.
[231]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيْعًا عَنْ وَكِيْعٍ، قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، قَالَ: كُنْتُ أَضَعُ لِعُثْمَانَ طَهُورَهُ فَمَا أَتَى عَلَيْهِ يَوْمٌ، إِلَّا وَهُوَ يُفِيضُ عَلَيْهِ نُطْفَةً، وَقَالَ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ انْصِرَافِنَا مِنْ صَلَاتِنَا هَذِهِ- قَالَ مِسْعَرٌ: أُرَاهَا الْعَصْرَ- فَقَالَ: ((مَا أَدْرِي أُحَدِّثُكُمْ بِشَيْءٍ، أَوْ أَسْكُتُ))، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَ خَيْرًا فَحَدِّثْنَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَطَهَّرُ، فَيُتِمُّ الطُّهُورَ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَاتٍ لِمَا بَيْنَهَا)).
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا جَمِيعًا، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، يُحَدِّثُ أَبَا بُرْدَةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فِي إِمَارَةِ بِشْرٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَالصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ، كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ))، هَذَا حَدِيثُ ابْنِ مُعَاذٍ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ غُنْدَرٍ: فِي إِمَارَةِ بِشْرٍ، وَلَا ذِكْرُ الْمَكْتُوبَاتِ.
((يفيض)): يعني: يغتسل، من باب تفويض الوضوء.
((والنطفة)): الماء القليل، والمعنى: لم يكن يمر عليه يوم إلا اغتسل فيه؛ محافظة على تكثير الطهر.
وهذا فيه الفضل العظيم لعثمان.
قوله: ((فيتم الطهور الذي كتب الله عليه)) فيه بيان أنه لو اقتصر على الوضوء الواجب كفاه، فلو اقتصر على مرة وعمم كل عضو مرة كفاه، وكان هذا من أسباب المغفرة.
وفيه فائدة نفيسة: وهي أن هذا الفضل يحصل لمن أتى بالطهارة الواجبة وصلى الفروض المكتوبة، ولو ترك السنن والمستحبات، وإن كان الإتيان بالمستحبات والنوافل أشدَّ تكفيرًا للسيئات ورفعةً للدرجات.
قوله: ((في إمارة بشر)) هو بشر بن مروان
(1)
، وكان أمير العراق من قبل أخيه الخليفة عبد الملك بن مروان.
قوله: ((فَالصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ)) وهذا من فضل الله على عباده أن الصلوات كفارة إذا اجتُنبت الكبائر، ولكن بشرط إسباغ الوضوء، والإتيان بالصلاة على وجهها الشرعي الصحيح مع الخشوع فيها.
[232]
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، قَالَ: تَوَضَّأَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَوْمًا، وُضُوءًا حَسَنًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ:((مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، غُفِرَ لَهُ مَا خَلَا مِنْ ذَنْبِهِ)).
وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ الْحُكَيْمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيّ حَدَّثَهُ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَاهُ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُمَا عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَصَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ، أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ)).
((لا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ)) يعني: لا يدفعه ويبعثه من مكانه إلا الصلاة، فما خرج من بيته إلا للصلاة، وهذا فيه معنى عظيم.
وقوله: ((ما خلا)): أي: ما مضى من ذنبه.