الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ كُفْرِ: مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِالنَّوْءِ
[71]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ، كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:((قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي، مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ)).
[72]
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْعَامِرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ الْمُرَادِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، وَقَالَ الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالَ: مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ، إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ، يَقُولُونَ: الْكَوَاكِبُ، وَبِالْكَوَاكِبِ)).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. ح، وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا يُونُسَ- مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ- حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ، يُنْزِلُ اللَّهُ الْغَيْثَ، فَيَقُولُونَ: الْكَوْكَبُ كَذَا وَكَذَا))، وَفِي حَدِيثِ الْمُرَادِيِّ: بِكَوْكَبِ كَذَا وَكَذَا.
قوله: ((هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ )) هذا من باب التشويق، حيث أخرج الموعظة مخرج السؤال.
وقوله: ((أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ))، أي: أن الناس انقسموا إلى قسمين بعد نزول هذا المطر، فمنهم مؤمن، ومنهم كافر.
وقوله: ((مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا))، قال النووي رحمه الله: ((وأما النَّوء ففيه كلام طويل، قد لخصه الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله فقال: النَّوْءُ في أصله ليس هو نفسَ الكوكب؛ فإنه مصدر ناء النجم ينوء نوءًا، أي: سقط وغاب، وقيل: أي نهض وطلع
…
وكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منهما، وقال الأصمعي: إلى الطالع منهما
…
ثم إن النجم نفسه قد يسمى نوءًا، تسمية للفاعل بالمصدر))
(1)
.
وفي هذا الحديث: أنه إذا نُسب المطر إلى النجوم، والأنواء، فهذا من الأعمال الكفرية.
والحكم فيمن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، لا يخلو:
- إما أن يعتقد أن النجم له تأثير في إنزال المطر، وأنه هو الذي يتصرف في ذلك، فهذا شركٌ أكبرُ مخرج من الملة.
- وأما إذا كان يعتقد أن المدبر هو الله، ومنزل المطر هو الله، وأما النجم فهو سبب في ذلك- فهذا كفر أصغر، وهكذا إذا قال: مُطرنا بنوء كذا أو بنجم كذا، بالباء.
- أما إذا قال: مطرنا في نوء كذا، أو في نجم كذا، أي: في وقت كذا، فهذا لا بأس به.
وقوله: ((أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ رَبُّكُمْ))، يعني: أن القول لله تعالى لفظًا ومعنًى، فالحديث القدسي من الله لفظًا ومعنًى.
(1)
شرح مسلم، للنووي (2/ 61).
[73]
وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ- وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ- حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ، وَمِنْهُمْ كَافِرٌ قَالُوا: هَذِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا))، قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} حَتَّى بَلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} .
قوله: ((وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا))، يعني: صدق النجم الفلاني، أي: لما طلع نزل المطر.
وقوله: (({فلا أقسم بمواقع النجوم})): المراد به: النجوم التي في السماء، وقيل: المراد: نجوم القرآن المنجمة على حسب الحوادث.