الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب خِصَالِ الْفِطْرَةِ
(382)
-[259] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جميعا، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((الْفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ، الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ)).
قوله: ((الفطرة)) هي السنة والدين والتوحيد، قال تعالى:{فطرة الله التي فطر الناس عليها} .
وقوله: ((خمس من الفطرة))، وفي رواية ستأتي:((عشر من الفطرة))، أي: من الدين ومن الإسلام، وهي سنن فطر الله الناس على استحسانها والعمل بها.
هذه الخمس، أو العشر من الفطرة بعضها واجب وبعضها مستحب، فالختان واجب في حق الذكور مستحب في حق الإناث في أصح أقوال أهل العلم، و ((الختان)): هو قطع قطعة الجلد التي تغطي الحشفة من ذكر الرجل، وكذلك قطعة الجلد التي هي أعلى فرج الأنثى، وهو سنة في حق الرجال والنساء عند الجمهور، وإذا ترك ختان الأنثى فلا حرج على الصحيح، أما الذكر فإنه يجب عند البلوغ، ويستحب كونه في الصغر؛ لأنه أسرع وأبرأ، ولأنه إذا بقيت الجلدة فإنها تحمل شيئًا من البول، وقد وقع الإجماع على أنه مشروع للرجال والنساء.
وأما ((الاستحداد)): فهو حلق شعر العانة الذي ينبت حول الفرج من قُبُل الذكر والأنثى، وسمي استحدادًا؛ لأنه تُستخدم فيه الحديدة، وهي الموسى، وإذا أزاله بشيء من الأدهان فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون
الاستحداد بالموسى.
وأما بشأن الإبط فالأفضل أن يكون بالنتف؛ لأنه شعر رقيق خفيف، وإذا نتف الإنسان مرة بعد مرة وتعود عليه صار خفيفًا سهلًا، وإذا صعب عليه وأزاله بشيء آخر فلا بأس.
وأما قص الشارب وإعفاء اللحية فسيأتي تفصيل القول فيهما.
(383)
-[259] حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الِاخْتِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ)).
(384)
-[259] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ كلاهما عَنْ جَعْفَرٍ، قَالَ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
قوله: ((وقَّت لنا)) يعني: أن الحد الأقصى في ترك حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط أربعين يومًا، فينبغي أن يتعهده ولا يتركه إلى الأربعين فلا يزيد على تلك المدة، وأما من تجاوز هذه المدة فالظاهر أنه يأثم أو يكره له كراهة شديدة؛ لأن هذا له حكم الرفع؛ لأن الموقت هو الرسول صلى الله عليه وسلم، فالصحابي إذا قال: وقَّت لنا فالمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(385)
-[260] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى)).
((أحفوا الشوارب)) أي: قصوها، والحف يعني الأخذ منها حتى يبدو طرف الشفة العليا، والحف يكون بالمقص، ولا يكون بالموسى.
وفيه دليل على وجوب قص الشارب، ووجوب إعفاء اللحية، كما سيأتي.
(386)
-[261] وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ، وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ.
(387)
-[262] حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى)).
(388)
-[262] حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاق، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحُرَقَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ)).
وقد ورد في السنة ألفاظ عديدة تأمر بإعفاء اللحية، كهذا اللفظ:((َأَرْخُوا اللِّحَى))، واللفظ الذي في أول حديث في الباب:((أعفوا))، وورد:((أوفوا))، وجاء في صحيح البخاري:((وفروا))
(1)
، وجاء في لفظ آخر:((وأرجوا))
(2)
قال
(1)
أخرجه البخاري (5892).
(2)
قال القاضي عياض: ((وفي رواية ابن ماهان أرجوا بالجيم وهو بعيد)). مشارق الأنوار (2/ 106)، وقال النووي:((قيل: هو بمعنى الأول، وأصله (أرجئوا) بالهمزة، فحذفت الهمزة تخفيفًا، ومعناه: أخروها واتركوها)). شرح مسلم (1/ 418).
القاضي عياض: "وفي رواية ابن ماهان: (أرجوا) بالجيم وهو بعيد" وقال النووي: "قيل: هو بمعنى الأول، وأصله (أرجئوا) بالهمزة، فحذفت الهمزة تخفيفا، ومعناه: أخروها واتركوها"
(1)
.
فهذه خمسة ألفاظ، وكلها تدل على وجوب ترك اللحية، وتحريم الأخذ منها، وقد نقل ابن حزم
(2)
الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض.
قوله: ((جزوا الشوارب))، وقوله:((أحفوا)) والحف يكون باستئصال الشعر فلا يبقى إلا أصوله، وليس في الحديث احلقوا؛ فلا ينبغي حلق الشارب بالماكينة، أو بالموسى، بل يكون بالمقص.
قوله: ((خالفوا المجوس)) فيه أمر بمخالفة المجوس الذين يحلقون لحاهم ويتركون شواربهم، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجلان من الفرس قد حلقا لحيتيهما، وتركا شاربيهما، فقال:((من أمركما بهذا؟ ! )) قالا: أمرنا بهذا ربنا- يعنيان كسرى- قال صلى الله عليه وسلم: ((لكن ربي قد أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي))
(3)
.
وكثير من الناس في هذا الزمن يتشبهون بالمجوس فتجدهم يحلقون اللحى، ويتركون الشوارب! نسأل الله السلامة والعافية.
(1)
مشارق الأنوار، للقاضي عياض (2/ 106)، شرح مسلم، للنووي (1/ 418).
(2)
مراتب الإجماع (ص 157).
(3)
أخرجه ابن جرير في تاريخه (1/ 655)، وأخرجه ابن بشران في أماليه (128).
(389)
-[263] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ)).
قَالَ زَكَرِيَّاءُ: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ: الْمَضْمَضَةَ، زَادَ قُتَيْبَةُ، قَالَ وَكِيعٌ: انْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ. حَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُوهُ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ.
والعشر المذكورة في الحديث بعضها واجب، وبعضها مستحب.
قوله: ((انتقاص الماء)) يعني: الاستنجاء بالماء؛ وهو واجب لا بد منه، والاستجمار داخل في الاستنجاء، وإذا استجمر بالأحجار فيكون بثلاث مسحات منقية فأكثر، بشرط ألا يتجاوز الخارج موضع العادة، وله أن يستنجي بالماء فقط، أو الحجر فقط، أو يجمع بينهما.
((وغسل البراجم)) البراجم: هي عُقد ومفاصل الأصابع، فيجب غسلها.
والسواك مستحب وليس بواجب، وأما المضمضة فهي واجبة في الوضوء والغسل، وإعفاء اللحية وقص الشارب واجب، وقص الأظافر واجب لتوقيت النبي فيه ((أربعين ليلة))، ونتف الإبط كذلك واجب، وحلق العانة واجب- أيضًا.
قوله: ((وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ: الْمَضْمَضَةَ)) وقد تكون الختان.