الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُفْرِ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ
[81]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ))، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ:((يَا وَيْلِي، أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ، فَلِي النَّارُ)).
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((فَعَصَيْتُ، فَلِي النَّارُ)).
في هذا الحديث: أن كفرَ إبليس كفرُ إباء واستكبار؛ لامتناعه من السجود الذي أُمر به، قال تعالى:{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} .
وفيه: أن الشيطان تحسَّر بقوله: ((يَا وَيْلَهُ))، لكن ذلك لن يفيده شيئًا- نسأل الله العافية.
[82]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ)).
حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((بَيْنَ الرَّجُلِ، وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، تَرْكُ الصَّلَاةِ)).
في هذا الحديث: بيان أن ترك الصلاة كفر، فمن تركها جاحدًا لوجوبها
فهو كافر بإجماع المسلمين
(1)
، أما إذا تركها كسلًا، وتهاونًا، ويعلم أنها واجبة، فهذا كفر على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاةَ الحدَّ الفاصلَ بين الكفر وبين الإيمان، والبينية تفصل بين الشيء، وبين الآخر، وهذا الذي أجمع عليه الصحابة، كما نقل الإجماع عبد الله بن شقيق رحمه الله
(2)
، وإسحاق بن راهويه
(3)
، وابن حزم رحمه الله
(4)
، ونقله غيرهم من العلماء، وهو الذي تدل عليه النصوص الكثيرة، وهو الذي عليه المحققون من أهل العلم.
وقال بعض أهل العلم
(5)
: إنه كافر كفرًا أصغر، لا يخرج من الملة، لكن هذا القول ضعيف.
والصواب: أن ترك الصلاة كفر أكبر، ولو لم يجحد وجوبها.
ومن الأدلة على أنه من الكفر الأكبر: مجيء الكفر معرفًا بـ (أل)؛ لأن (أل) للاستغراق، أما الكفر الأصغر فيأتي منكَّرًا، مثل ما سبق:((اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ)).
(1)
تعظيم قدر الصلاة، للمروزي (2/ 924)، شرح اعتقاد أهل السنة، للالكائي (4/ 175، 185).
(2)
أخرجه الترمذي (2622).
(3)
تعظيم قدر الصلاة، للمروزي (2/ 929).
(4)
المحلى، لابن حزم (11/ 376).
(5)
حاشية الدر المختار، لابن عابدين (1/ 352)، مواهب الجليل، للحطاب (1/ 420)، المجموع، للنووي (3/ 16).