الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ طَهَارَةِ جُلُودِ المَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ
[363]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ، فَمَاتَتْ، فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:((هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا، فَدَبَغْتُمُوهُ، فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟ ))، فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ:((إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا)).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، فِي حَدِيثِهِمَا عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها.
[خ: 1492]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ شَاةً مَيْتَةً- أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟ ! ))، قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ! فَقَالَ: ((إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا)).
حَدَّثَنَا حَسَنٌ الحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حميد، جميعًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ بِنَحْوِ رِوَايَةِ يُونُسَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشَاةٍ مَطْرُوحَةٍ، أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَلَّا أَخَذُوا إِهَابَهَا، فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ؟ ! )).
[364]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ- مُنْذُ حِينٍ- قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ مَيْمُونَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ دَاجِنَةً كَانَتْ لِبَعْضِ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَاتَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا، فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ؟ )).
[365]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشَاةٍ لِمَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ، فَقَالَ:((أَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟ )).
[خ: 210]
في هذه الأحاديث: أن جلد الميتة يطهر إذا دُبغ، وأن الدباغ بمثابة الذكاة، فكما أن الذكاة تحل الذبيحة فكذلك الدباغ يُطهر الجلد، وهذا هو القول الأول.
القول الثاني: أن هذا خاص بمأكول اللحم، بخلاف السباع كالأسد والنمر والفهد والقرد وغيرها؛ فإن هذه لا تحلُّها الذكاة، فكذلك لا يطهر جلدها بالدباغ، وفسروا الإهاب بالجلد المعهود، وهو جلد مأكول اللحم.
القول الثالث: أن جلد الميتة لا يطهره الدباغ مطلقًا، وأنه لا يحل استعماله، ولعل هؤلاء لم يبلغهم الحديث.
القول الرابع: إن جلد الميتة من كل شيء يطهر بالدباغ، إلا جلد الكلب والخنزير.
القول الخامس: إلا الإنسان والخنزير
(1)
.
والقول بأن الحديث عام قول له وجاهته وقوته.
مسألة: جلد الميتة إذا دبغ فإنه يطهر، وقد اختلف أهل العلم فيما يستعمل فيه، على قولين:
القول الأول: يستعمل في اليابسات دون المائعات.
القول الثاني: يستعمل في اليابسات والمائعات جميعًا، وهو الصواب،
(1)
بدائع الصنائع، للكاساني (1/ 85)، المجموع، للنووي (1/ 217)، الإفصاح عن معاني الصحاح، لابن هبيرة (3/ 252)، الاستذكار، لابن عبد البر (15/ 325 - 326)، الإنصاف، للمرداوي (1/ 87)، المحلى، لابن حزم (1/ 128)، مجموع الفتاوى، لابن تيمية (21/ 95).
يدل عليه قصة المرأة التي لقيها الصحابة حين نزلوا منزلًا وليس معهم ماء، فذهبوا يطلبون الماء، فوجدوا امرأة مشركة على بعير لها ومعها مزادتان
(1)
من ماء، فأتوا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمزادتي الماء وهي مشركة
(2)
ومعلوم أن ذبائح المشركين ميتة، ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من مائها، وهو مائع، فدل على جواز استعمال الجلد في المائع واليابس.
قوله: ((دَاجِنَة)) الداجن هو: ما يألف البيوت من بهيمة الأنعام، أو من الطيور.
(1)
المزادة معروفة، وهي أكبر من القربة، والمزادتان: حمل البعير؛ سميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غيرها. شرح مسلم، للنووي (5/ 195).
(2)
أخرجه البخاري (344)، ومسلم (682).
[366]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ وَعْلَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُر)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ- يعني: ابْنَ مُحَمَّدٍ-.ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ، كُلُّهُمْ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ- يعني: حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ ابْنُ مَنْصُور: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ أَبَا الخَيْرِ حَدَّثَهُ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ وَعْلَةَ السَّبَئِيِّ فَرْوًا فَمَسِسْتُهُ، فَقَالَ: مَا لَكَ تَمَسُّهُ؟ قَدْ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: إِنَّا نَكُونُ بِالْمَغْرِبِ، وَمَعَنَا البَرْبَرُ، وَالْمَجُوسُ، نُؤْتَى بِالْكَبْشِ، قَدْ ذَبَحُوهُ وَنَحْنُ لَا نَأْكُلُ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَأْتُونَا بِالسِّقَاءِ، يَجْعَلُونَ فِيهِ الوَدَكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((دِبَاغُهُ طَهُورُهُ)).
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي الخَيْرِ حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَعْلَةَ السَّبَئيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: إِنَّا نَكُونُ بِالْمَغْرِبِ، فَيَأْتِينَا المَجُوسُ بِالأَسْقِيَةِ، فِيهَا المَاءُ وَالْوَدَكُ، فَقَالَ: اشْرَبْ، فَقُلْتُ: أَرَأْيٌ تَرَاهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((دِبَاغُهُ طَهُورُهُ)).
قوله: ((الإِهَابُ)) اسم للجلد قبل أن يدبغ، فإذا دبغ فلا يسمى إهابًا.
في هذه الأحاديث: دليل للقائلين بأن جلد غير مأكول اللحم يطهر
بالدباغ؛ لعموم كلمة الإهاب، ومن قَالَ: إنه خاص بمأكول اللحم قَالَ: اللام للعهد، فيكون الإهاب إهاب جلد مأكول اللحم.
وفيها: دليل على استعمال الجلود في المائعات؛ لأن الودك- وهو السمن- مائع، والقول بأنه لا يستعمل إلا في اليابس قول ضعيف.