الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ المُسْتَحَاضَةِ وَغُسْلِهَا وَصَلَاتِهَا
[333]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ، فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ:((لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي)).
[خ: 228]
قوله: ((فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ))، يعني: إذا كانت عادتها مثلًا من كل شهر خمسة أيام، أو سبعة أيام، ثُمَّ أطبق عليها الدم، فتجلس أيام عادتها، ثُمَّ تغتسل من دم الحيض، ويكون الدم الزائد دم استحاضة، وتصلي وتصوم ويجامعها زوجها.
أما إذا لم تكن لها عادة، وكانت تعلم بتمييز الدم من غيره- فدم الحيض أسودُ ثخينٌ ومنتنٌ، أما دم الاستحاضة فأحمرُ رقيقٌ، أو أصفرُ رقيقٌ- فالأيام التي يكون فيها الدمُ أسودَ ثخينًا ومنتنًا، تجلس تلك الأيام فلا تصلي، ولا تصوم، واليوم الذي يكون فيه أحمرَ أو أصفر رقيقًا فإنها تصلي وتصوم.
والخلاصة: أن المستحاضات على أنواع ثلاثة:
النوع الأول: المعتادة كما في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، فإذا كانت تعرف العادة فتجلس أيام العادة، فإذا انتهت أيام عادتها فإنها تغتسل وتصلي وتصوم.
النوع الثاني: إذا لم يكن لها عادة، أو نسيت عادتها، فإنها تعمل بالتمييز.
النوع الثالث: إذا لم يكن لها تمييز، ولا عادة، فتسمى بالمتحيرة، وهذه تجلس- في علم الله- ستة أيام، أو سبعة أيام، على عادة نسائها؛ تطبيقًا
لحديث حمنة رضي الله عنها قَالَتْ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ))
(1)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي)) دليل على نجاسة دم الحيض؛ ووجوب غسله والتنزه عنه.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. ح، وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَإِسْنَادِهِ، وَفِي حَدِيثِ قُتَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنَّا قَالَ: وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ، تَرَكْنَا ذِكْرَهُ.
الحرف الذي تركه مسلم هو قول حماد بن زيد: ((تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ))، وحماد بن زيد هو راوى الزيادة، وتركها مسلم خشية أن تكون وهمًا، ومن ثم تكون شاذة، وقد ذكر هذه الزيادة البخاري
(2)
، وتركها مسلم، وحمادُ بن زيد ثقة، وقد أتى بهذه الزيادة وهي غير منافية فتُقبل؛ إذ زيادة الثقة مقبولة.
وتفيد هذه الزيادة ((تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ)) أن المستحاضة تتوضأ بعد دخول الوقت لكل صلاة، بعد أن تتلجم وتتحفظ، وكذلك من به سلس بول يتوضأ لكل صلاة، وكذلك من به سلس ريح، أو من به جروح سيالة تأتيه دائمًا، فكل هؤلاء لا يتوضؤون إلا بعد دخول الوقت، ويصلي ما شاء من الفروض والنوافل، فإذا جاء الوقت الثاني فلا بد من الوضوء له، إلا إذا لم يخرج منه شيء بعد وضوئه الأول، فهنا يكتفي بوضوئه السابق.
(1)
أخرجه أبو داود (287)، والترمذي (128)، وابن ماجه (627).
(2)
أخرجه البخاري (228).
[334]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: اسْتَفْتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ، فَقَالَ:((إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ صَلِّي، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
قال اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ فَعَلَتْهُ هِيَ.
وَقَالَ ابْنُ رُمْحٍ فِي رِوَايَتِهِ: ابْنَةُ جَحْشٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ: أُمَّ حَبِيبَة.
[خ: 327]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ المُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ- خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ- اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَلَكِنَّ هَذَا عِرْقٌ، فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي))، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، حَتَّى تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ المَاءَ.
قال ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ هِنْدًا، لَوْ سَمِعَتْ بِهَذِهِ الفُتْيَا! وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَتَبْكِي؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لَا تُصَلِّي.
وَحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ- يَعْنِي: ابْنَ سَعْدٍ- عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتِ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، إِلَى قَوْلِهِ:((تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ المَاءَ))، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَه.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ ابْنَةَ جَحْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ سَبْعَ سِنِينَ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أَمَّ حَبِيبَةَ، سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّمِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلآنَ دَمًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي)).
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ قُرَيْشٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ- التِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ- شَكَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّمَ، فَقَالَ لَهَا:((امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
في هذه الأحاديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها أن تغتسل عند كل صلاة، ولكن هي فعلته من نفسها، وإنما الواجب عليها أن تغتسل مرة واحدة عند انقطاع الدم، ثُمَّ تتوضأ لكل صلاة، ولها الجمع بين الصلاتين، فتجمع بين الظهر والعصر، فتغتسل لهما غسلًا، وتجمع بين المغرب والعشاء، فتغتسل لهما غسلًا، وتصلي الفجر، وتغتسل له غسلًا؛ لأن الاستحاضة نوع من المرض.
وبنات جحش كلهن صحابيات: زينب بنت جحش- أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وأختها أم حبيبة- زوجة عبد الرحمن بن عوف- وأختهما الثالثة حمنة بنت جحش- زوجة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهن.
وفيها: أن المرأة لها أن تستفتي الرجال بنفسها للحاجة.
وفيها: أن صوت المرأة ليس بعورة، لكن إذا كان فيه فتنة فالمرأة ممنوعة من رفع صوتها أمام الرجال؛ خشية أن يفتتن بها؛ ولهذا قال الله تعالى- لنساء
النبي صلى الله عليه وسلم: {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} ، وهي ممنوعة- أيضًا- من رفع صوتها بالتكبير والتلبية في الحج؛ خشية أن يفتتن بصوتها، وللمرأة أن تبيع وتشتري مع الحذر من الخضوع بالقول، والخلوة بالأجنبي، ومن سائر أسباب الفتنة.