الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَأَنَّ الوَلَدَ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِمَا
.
[315]
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، وَهُوَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ- يعني: ابْنَ سَلَّامٍ- عَنْ زَيْدٍ- يعني: أَخَاهُ- أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ: أَنَّ ثَوْبَانَ- مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ اليَهُودِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا، فَقَالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي؟ ، فَقُلْتُ: أَلَا تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ اليَهُودِيُّ: إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي))، فَقَالَ اليَهُودِيُّ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ )) قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُودٍ مَعَهُ، فَقَالَ:((سَلْ))، فَقَالَ اليَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الجِسْرِ))، قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: ((فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ))، قَالَ: اليَهُودِيُّ: فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ؟ قَالَ: ((زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ))، قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟ قَالَ: ((يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا))، قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: ((مِنْ عَيْنٍ
فِيهَا، تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا))، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، إِلَّا نَبِيٌّ، أو رَجُلٌ، أو رَجُلَانِ قَالَ:((يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ ))، قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الوَلَدِ قَالَ: ((مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ المَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ المَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ المَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ))، قَالَ: اليَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ، وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنِ الذِي سَأَلَنِي عَنْهُ،
وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى أَتَانِيَ اللَّهُ بِهِ)).
وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:((زَائِدَةُ كَبِدِ النُّونِ))، وَقَالَ:((أَذْكَرَ، وَآنَثَ))، وَلَمْ يَقُلْ:((أَذْكَرَا، وَآنَثَا)).
قوله: ((هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الجِسْرِ))، يعني: يكون الناس يوم تبدل الأرض في الظلمة التي دون الجسر، وهو الصراط.
وتبديل الأرض: ليس المراد تبديل ذاتها، وإنما هو تبديل صفاتها على الصحيح، فتمد ويزال ما على ظهرها من دابة، كما أن الإنسان حينما يُبعث تبقى ذاته وتبدل صفاته فينشأ تنشأة قوية يتحمل فيها رؤية الله عز وجل.
قال تعالى: {والسماوات مطويات بيمينه} ، وورد في الحديث: إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
(1)
.
وقوله: ((فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ))، يعني: أن فقراء المهاجرين أول الناس جوازًا وعبورًا على الصراط؛ لأنهم ليس عندهم أموال يحاسبون عليها، أما الأغنياء فإنهم يُحبسون ويحاسبون بأموالهم.
وقوله: ((فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ؟ قَالَ: زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ)) التحفة:
(1)
أخرجه البخاري (4811)، ومسلم (2786).
الهدية، والزيادة: أطراف الكبد، وهو أطيبها، والنون: الحوت، فالمعنى: أن أطراف كبد الحوت أول تحفة يُتحف بها أهل الجنة، ثُمَّ يُنحر لهم ثور.
وقوله: ((أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ))، أي: صار الولد ذكرًا.
وقوله: ((آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ))، أي: صار الولد أنثى.
أو يكون معنى أذكرا، أي: صار الشبه للوالد، وآنثا، أي: صار الشبه للأم.