الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ حَالِ إِيمَانِ مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ
[60]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا)).
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ)).
قوله: ((وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ))، وفي لفظ الحديث الآتي:((إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ))، أي: رجع عليه، وهذا فيه وعيد شديد لمن كفَّر أخاه، بأن قال له: يا كافر، أو: يا مشرك، أو: يا يهودي، ومثله: قوله: يا خبيث، أو: يا فاسق، فإن كان أهلًا لذلك وقعت المقالة على المقول له، وإن لم يكن أهلًا لها رجعت على الذي قالها.
وهذا الحكم إذا كفر المسلم أخاه بغير تأويل، أما إذا كان بتأويل فهو مستثنى من ذلك، ودليله: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه لما كتب كتابه لكفار قريش: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ))
(1)
، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه أطلق عليه اسم النفاق متأولًا.
وكذلك: ما حصل في قصة الإفك، لما خطب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ
(1)
أخرجه البخاري (3007).
يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، فَواللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي))، فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا- واللهِ- أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ- وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ- فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ، لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ، واللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ
(1)
. فهذا من باب التأويل الذي لا يدخل في الوعيد.
وهذا الحديث يدل على أن قول الرجل لأخيه: ياكافر، من كبائر الذنوب، فإذا قال ذلك لأخيه دون سبب فهو ضعيف الإيمان؛ لأنه مرتكب لكبيرة، وهذا هو وجه إيراد هذا الحديث في كتاب الإيمان.
(1)
أخرجه البخاري (2661)، ومسلم (2770).