الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ الْوَسْوَسَةِ فِي الإِيمَانِ، وَمَا يَقُولُهُ مَنْ وَجَدَهَا
[132]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ:((وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ ! )) قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:((ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ)).
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ. ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ.
[133]
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ ابْنُ عَثَّامٍ عَنْ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَسْوَسَةِ قَالَ: ((تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ)).
قوله: ((ذَاكَ صَرِيحُ الإيمَانِ))، ((تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ)): ليس المراد: أن الوسوسة صريح الإيمان، إنما كتم الوسوسة، واستعظامها، وكراهتها، وعدم التكلم بها.
[134]
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ- وَاللَّفْظُ لِهَارُونَ- قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ، حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ)).
وَحَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ مَنْ خَلَقَ الأَرْضَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ))، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِهِ، وَزَادَ: وَرُسُلِهِ.
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ بْنُ حميد، جميعًا عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولَ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ)).
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَأْتِي الْعَبْدَ الشَّيْطَانُ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ ))، مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ.
[135]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا يَزَالُ النَّاسُ يَسْأَلُونَكُمْ عَنِ الْعِلْمِ، حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللَّهُ خَلَقَنَا، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ قَالَ: وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ رَجُلٍ، فَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَدْ سَأَلَنِي اثْنَانِ، وَهَذَا الثَّالِثُ- أَوْ قَالَ: سَأَلَنِي وَاحِدٌ، وَهَذَا الثَّانِي)).
وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ- عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا يَزَالُ النَّاسُ،
بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الإِسْنَادِ، وَلَكِنْ قَدْ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ- وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ- حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَزَالُونَ يَسْأَلُونَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللَّهُ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ ))، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ؛ إِذْ جَاءَنِي نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا اللَّهُ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ قَالَ: فَأَخَذَ حَصًى بِكَفِّهِ فَرَمَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا قُومُوا، صَدَقَ خَلِيلِي.
قوله: ((قُومُوا قُومُوا، صَدَقَ خَلِيلِي))، يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث فيه: إشارة إلى ذم كثرة السؤال، والاستفتاء عن الأمور التي لا يحتاج إليها، وأن ذلك يجر إلى السؤال عما لا يجوز، فينبغي للإنسان اجتنابه؛ حذرًا مما يجر إليه.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَيَسْأَلَنَّكُمُ النَّاسُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى يَقُولُوا: اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، فَمَنْ خَلَقَهُ؟ )).
[136]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((قَالَ اللَّهُ عز وجل: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يَزَالُونَ يَقُولُونَ: مَا كَذَا، مَا كَذَا، حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ )).
حَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُخْتَارِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنَّ إِسْحَاقَ لَمْ يَذْكُرْ: قَالَ: قَالَ اللَّهُ: إِنَّ أُمَّتَك.
هذه الأحاديث فيها: دليل على أن الشيطان يوسوس للإنسان في التوحيد، والإيمان بالجنة، والنار، وفي الله عز وجل، وفي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حتى يؤذيه؛ لأن الشيطان حريص على إيذاء بني آدم، وإفساد دينهم عليهم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لنا العلاج من هذه الوساوس، فالشيطان إذا أتى للإنسان وقال له: من خلق كذا؟ ومن خلق كذا؟ ثم قال: من خلق الله؟ فعلى المسلم أن يفعل أمورًا خمسة:
الأمر الأول: أن يقول ((آمَنْتُ باللهِ وَرُسُلِهِ)) ففي لفظ قال: ((آمَنْتُ باللهِ))، وفي لفظ آخر قال:((وَرُسُلِهِ))، فبالروايتين يقول:((آمَنْتُ باللهِ ورُسُلِهِ)).
الأمر الثاني: أن يستعيذ بالله من الشيطان؛ لأن هذه الوساوس من الشيطان، ومعنى ((أعوذ بالله))، أي: ألتجأ إلى الله، وأحتمي به من شر هذا الشيطان العدو اللدود.
الأمر الثالث: أن ينتهي، فيقرأ التفسير مثلًا، ولا يسترسل في هذه الوساوس، ويشتغل بعمله الديني أو الدنيوي، فهذه ثلاثة أمور جاءت في الأحاديث.
الأمر الرابع: يتقل عن يساره ثلاثا، كما في المسند وسنن أبي داود:((فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقُولُوا: اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، ثُمَّ لِيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ))
(1)
.
الأمر الخامس: وهو ما ورد في الحديث السابق؛ أن يقول: ((اللهُ أَحَدٌ، اللهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)).
فهذه أمور خمسة، كلها علاج لهذه الوساوس التي ترد من الشيطان عند قوله: من خلقك؟ ومن خلق الله؟ وما أشبه ذلك من الوساوس.
(1)
أخرجه أحمد (9027)، وأبو داود (4722).