الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ حَاكِمًا بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
[155]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ، حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ)).
وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح، وَحَدَّثَنِيهِ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ. ح، وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: إِمَامًا مُقْسِطًا وَحَكَمًا عَدْلًا، وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ: حَكَمًا عَادِلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ: إِمَامًا مُقْسِطًا، وَفِي حَدِيثِ صَالِحٍ: حَكَمًا مُقْسِطًا، كَمَا قَالَ اللَّيْثُ، وَفِي حَدِيثِهِ مِنَ الزِّيَادَةِ: وَحَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآيَةَ.
قوله: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ)) قَسَم فيه إثبات اليد لله عز وجل، وهو الصادق صلى الله عليه وسلم وإن لم يحلف.
وقوله: ((لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام)، يعني: يقرب أن ينزل فيكم ابن مريم عليه السلام.
وقوله: ((حَكَمًا مُقْسِطًا))، يعني: عادلًا؛ لأنه يحكم بالشريعة الإسلامية، إذا نزل في آخر الزمان، ويكون فردًا من أفراد الأمة المحمدية؛ لأن شريعته
نُسخت بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وكل نبي بعثه الله أخذ الله عليه العهد والميثاق لئن بُعِثَ محمد صلى الله عليه وسلم وأنت حي لتتبعنه، وعيسى عليه السلام هو أفضل هذه الأمة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم يليه الصديق رضي الله عنه.
وعيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان، يحكم بالشريعة، في وقت ولاية المهدي، ويكون هو الحاكم بعد أن يتخلى المهدي عن الولاية، ويقتل المسيحَ الدجالَ مسيحَ الضلالة، ويخرج يأجوج ومأجوج في زمانه عليه السلام.
وقوله: ((فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ))، أي: يكسر الصليب الذي يزعم النصارى أن عيسى عليه السلام صُلب عليه؛ مبالغة في إبطال ما عليه النصارى الذين يزعمون أنهم على دين عيسى عليه السلام.
وهذا الصليب يدل على جهل النصارى وسخافة عقولهم؛ فإن النصارى يجعلون الصليب شعارهم، ويعبدونه، ويعتقدون أن عيسى عليه السلام صُلب عليه، وأنه قُتِل، فيقال لهم: إذا كنتم تعتقدون بصلبه فكيف تعبدون الصليب؟ يفترض عليكم أن تكسروا الصليب، ولا تعبدونه.
وقوله: ((وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ)) هذا حيوانٌ يشبه الكلب، حتى قال بعض العلماء: إن ما ولغ فيه الخنزير يُغسل كالذي ولغ فيه الكلب سبع مرات، إحداهن بالتراب
(1)
، وهو يأكل الجيف والخبائث.
وقتل الخنزير من قبيل إنكار المنكر؛ لأن النصارى يأكلونه.
وقوله: ((وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ))، أي: لا يقبل الجزية من اليهود والنصارى.
واليهود والنصارى الآن يخيَّرون بين الإسلام، وبين الجزية، وبين القتال، فإذا نزل عيسى عليه السلام لا يبقى لهم إلا الإسلام أو السيف، ولا يقبل الجزية من يهودي ولا نصراني؛ لأن نبينا صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه ينتهي وقتها بنزول عيسى عليه السلام.
وقوله: ((حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)) يحتمل: أنه
(1)
المجموع، للنووي (2/ 585 - 586)، المغني، لابن قدامة (1/ 42).
أراد السجدة على ظاهرها، ويحتمل أن المراد: الصلاة، فمعناه: تكون الصلاة أحب إليه من الدنيا وما فيها؛ لأمرين:
الأمر الأول: أن الناس تكثر رغبتهم في الصلاة وسائر الطاعات لعلمهم بقرب الساعة.
والأمر الثاني: أن أجرها خير لمصليها من صدقته بالدنيا وما فيها لفيض المال حينئذٍ وهوانه، وقلة الشح به، وقلة الحاجة إليه.
هذا الحديث فيه: بيان ما يكون من أشراط الساعة، وهو نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، كما قال الله تعالى:{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} ، وفي قراءة:((وإِنَّهُ لعَلَمٌ))، يعني: علامة.
وفيه: مشروعية قتل الخنزير.
والجمهور على جواز قتل الخنزير الآن إذا تمكنا منه
(1)
، ومن قال: إنه لا يُقتل إلا إذا حصل منه أذى، فهذا قولٌ شاذ
(2)
.
قال النووي رحمه الله: ((فيه دليلٌ للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور: أنا إذا وجدنا الخنزير فى دار الكفر أو غيرها وتمكنا من قتله قتلناه، وإبطالٌ لقول من شذ من أصحابنا وغيرهم فقال: يترك إذا لم يكن فيه ضراوة))
(3)
.
وقال الخطابي: ((وفي قوله: ((ويقتل الخنزير)) فيه دليل على وجوب قتل الخنازير، وبيان أن أعيانها نجسة))
(4)
.
وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: ((والجمهور على جواز قتله مطلقًا))
(5)
.
(1)
شرح صحيح البخارى، لابن بطال (6/ 344)، فتح الباري، لابن حجر (4/ 414)، شرح مسلم، للنووي (2/ 190).
(2)
فتح الباري، لابن حجر (4/ 414).
(3)
شرح مسلم، للنووي (2/ 190).
(4)
معالم السنن، للخطابي (4/ 347).
(5)
فتح الباري، لابن حجر (4/ 414).
لكن يَرِدُ على هذا: أن الكلب لا يُقتل الآن؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الكلاب، بعد أن أمر بقتلها، وقال صلى الله عليه وسلم:((لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا، فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ))
(1)
، وإذا كانت الكلاب مثل الخنازير، فلماذا تقتل الخنازير إذن؟
الجواب: تقتل لإبطال دين النصارى؛ لأنهم يأكلونها.
وهذه المسألة تحتاج إلى مزيد بحث وتأمل؛ لأن فعل عيسى عليه السلام ليس صريحًا في جواز قتل الخنزير الآن.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا، فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ، وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ، فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا، وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ، وَالتَّبَاغُضُ، وَالتَّحَاسُدُ، وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ، فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ)).
قوله: ((وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ)) هذا عَلم من أعلام النبوة، والقلاص هي: الإبل الفتية الشابة، تترك ((فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا))، أي: فما يركب عليها، ولا يستخدم عليها، مع أنها هي الراحلة، وهي التي يشد الناس عليها في الأسفار، وحمل الأثقال، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها تترك.
والعلماء رحمهم الله اجتهدوا في فهم هذا النص: ((وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ)) فقالوا: المعنى زهد الناس فيها، وفي كثرة المال، وقلة رغبتهم في الدنيا، ورؤيتهم علامات الساعة، فهم لا يحتاجون إليها، هكذا فسرها العلماء، ولم يدر بخلدهم ما نحن فيه الآن، وذلك أن الله جل شأنه ألهم الناس أن
(1)
أخرجه أحمد (20547)، وأبو داود (2845)، والترمذي (1486)، والنسائي (4280)، وابن ماجه (3205).
يصنعوا هذه المركوبات الحديثة من سيارات وطائرات وقطارات وغيرها، فهي داخلة في قول الله عز وجل:{وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ، فالناس الآن تركت الإبل، فلا يركب عليها، ولا يسعى عليها، والآن في عصرنا ظهر لنا مصداق هذا الحديث، وهذه الأمور عَلَم من علامات النبوة، ومعجزة له عليه الصلاة والسلام.
ويحتمل أن هذه المركوبات تنتهي، وأن البترول ينضب، ويرجع الناس إلى ما كانوا عليه سابقًا، ويدل على هذا ما جاء في الأحاديث، في بيان الغزوات التي يعقبها الدجال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ))
(1)
، وهذا دليل على أنهم يقاتلون على الخيل، وأنها هذه المركوبات الجديدة انتهت، وكذلك- أيضًا- ما جاء أنه عند فتح القسطنطينية ((فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ))
(2)
، فدل على أنهم يرجعون للسلاح القديم، السيف، والخيول.
والآن يقر العلماء أن البترول سينضب، وأنه لن يبقى، والله أعلم بما يؤول إليه الحال.
ومن علامات النبوة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول عيسى عليه السلام قوله: ((وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ))، أي: بين الناس.
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: ((تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ، حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنْ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنْ النَّاسِ))
(3)
، أي: جماعات من الناس.
(1)
أخرجه مسلم (2899).
(2)
أخرجه مسلم (2897).
(3)
أخرجه مسلم (2937).
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ- مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ- أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ، وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟ )).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ- مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ- أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ، وَأَمَّكُمْ؟ )).
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعٍ- مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ، فَأَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟ )).
فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: إِنَّ الأَوْزَاعِيَّ حَدَّثَنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ، وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ، قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: تَدْرِي مَا أَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟ قُلْتُ: تُخْبِرُنِي، قَالَ: فَأَمَّكُمْ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ تبارك وتعالى، وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟ ))، يعني: يحكم فيكم بالكتاب والسنة؛ لأنه فرد من أفراد الأمة المحمدية، يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يأتي بشريعة جديدة، فشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي آخر الشرائع، وهو آخر الأنبياء عليه الصلاة والسلام، ولا نبي بعده.
[156]
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ- وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ- عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ))، قَالَ:((فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ؛ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الأُمَّةَ)).
قوله: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)) هذه بشارة بأن الحق لا يزول، وأنه باقٍ في هذه الأمة إلى قرب قيام الساعة، وهذه الطائفة هم أهل الحق، وهم أهل السنة والجماعة، تقل وتكثر، تقل في بعض الأزمنة، وتكثر في بعض الأزمنة، وتتنقل، وقد تكون متفرقة، وقد يكون منها جزء في القطر الثاني، وقد يكون منها جزء في القطر الثالث، وهم الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:((مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي))
(1)
، وقد يكون منهم الفقير، والمحدِّث، والمزارع، والتاجر.
وقوله: ((تَعَالَ صَلِّ لَنَا))، يعني: تقدم فصلِّ بنا إمامًا.
هذا الحديث فيه: بشارة لهذه الأمة أنه: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ))، يعني: حتى تقرب الساعة؛ لأن الساعة لا تقوم إلا على الكفرة، وأنه تأتي ريح طيبة فتأخذ كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيهم، فعليهم تقوم الساعة.
(1)
أخرجه الترمذي (2641)، والطبراني في الكبير (62).