الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَالْعِمَامَةِ
وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيع، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَخَلَّفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ، قَالَ:((أَمَعَكَ مَاءٌ؟))، فَأَتَيْتُهُ بِمِطْهَرَةٍ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسِرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَضَاقَ كُمُّ الْجُبَّةِ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ، وَأَلْقَى الْجُبَّةَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ، وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ، وَعَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ رَكِبَ، وَرَكِبْتُ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ، وَقَدْ قَامُوا فِي الصَّلَاةِ يُصَلِّي بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَقَدْ رَكَعَ بِهِمْ رَكْعَةً، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُمْتُ، فَرَكَعْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سَبَقَتْنَا.
((المطهرة)): بفتح الميم وكسرها، هي الميضأة، يعني: الإناء الصغير فيه ماء، فيسمى مطهرة، ويسمى ميضأة، ويسمى إداوة.
وفيه جواز الاكتفاء بالاستجمار بالحجارة عن الماء، ولو مع وجود الماء، بشرط أن ينقي المستجمر المحل بثلاثة أحجار فأكثر؛ لقوله في الحديث: فلما قضى حاجته قال: ((أمعك ماء؟))، فأتيته بمطهرة فتوضأ.
وفيه مشروعية المسح على العمامة وعلى الناصية، فيمسح المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثة أيام، إذا كانت العمامة محنكة، أي: أدارها على الحنك؛ لأنه يشق عليه نزعها، بشرط أن يلبسها على طهارة، بعكس الجبيرة التي تكون على الجرح؛ لأن الجرح ليس باختيار الإنسان قد يصاب وهو على غير طهارة، لذا لا يشترط أن تكون على طهارة على الراجح؛ ولذا
خالف حكم الجبيرة حكم العمامة والخف.
وكذلك لا يمسح على العمامة إذا كانت ذات ذؤابة، يعني: لها طرف على الخلف؛ لأنه لا يشق نزعها فينبغي نزعها ويمسح على الرأس، وكذلك العمامة الصماء، أي: التي ليست محنكة ولا ذات ذؤابة، مثل: العقال الذي يوضع على الرأس فهذه لا تمسح عليها، بل تخلع ويمسح على الرأس مباشرة؛ لأنه لا يشق نزعها.
وفيه أنه إذا بدت الناصية مسح على العمامة وأكمل على الناصية، أما إذا كانت ساترة للناصية كفاه المسح على العمامة إذا كانت ساترة للمفروض.
وفيه أن الإمام إذا تأخر عن المعتاد فلا يحبس الجماعة، بل يُقدمون أحدهم ويصلون؛ ولهذا لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الرحمن بن عوف أن صلى بالناس لما شق عليهم الانتظار، فلما سلموا ورأوا الرسول شق عليهم ذلك وحزنوا، فقال:((أحسنتم))
(1)
.
وفيه أن الإمام إذا جاء وقد تقدم غيره فإن كان قد صلى بهم ركعة أو أكثر فيستحب ألا يتقدم، وإنما يصلي خلفه، أما إذا لم يكن قد صلى شيئًا من الصلاة، فهو بالخيار إن شاء تقدم وتأخر النائب ليكون أمامه كما فعل في قصة أبي بكر الصديق لما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم يصلح في بني عوف وتأخر، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال:((أتصلي للناس فأقيم؟)) قال: ((نعم)) فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أن امكث مكانك))، فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثُمَّ استأخر أبو بكر
(1)
أخرجه أحمد (18160).
حتى استوى في الصف، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى، فلما انصرف قال:((يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟)) فقال أبو بكر: ((ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
))
(1)
.
أما إذا جاء الإمام وقد فاتته ركعة أو أكثر وأراد أن يتقدم فيأتي بالركعة التي فاتته وينتظرونه ويصلي بهم، لكن الأولى ألا يتقدم لكي لا يشوش على الناس فلا تختل صلاتهم.
وفيه أنه إذا قام وهناك اثنان فاتتهم الصلاة وقاما يصليان ما فاتهما فالأفضل أن يصلي كل لنفسه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن عوف، ويجوز أن يأتم أحدهما بالآخر، لكنه خلاف الأولى.
(1)
أخرجه البخاري (684)، ومسلم (421).
حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَعَلَى عِمَامَتِهِ.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ جميعا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ بَكْرٌ: وَقَدْ سَمِعْتَ مِنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ، وَعَلَى الْخُفَّيْنِ.
[275]
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ بِلَالٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَالْخِمَارِ.
وَفِي حَدِيثِ عِيسَى، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، حَدَّثَنِي بِلَالٌ، وحَدَّثَنِيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَالْخِمَارِ)) المراد بالخمار: العمامة، وسميت خمارا لأنها تخمر الرأس أي تغطيه، ويطلق- أيضًا- الخمار على ما تغطي به المرأة رأسها لذلك قال عامر الشعبي:((أخبرني من سمع عليًّا، وسئل عن المسح على الخفين؟ فقال: نعم، وعلى النعلين، وعلى الخمار))
(1)
، فلها أن تمسح على الخمار إذا كانت أدارته تحت حلقها فيكون حكمه حكم العمامة تمسح عليه يومًا وليلةً للمقيمة، وثلاثةَ أيامٍ للمسافرة.
(1)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (755).