الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي قَوْلِهِ عليه السلام: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ))، وَفِي قَوْلِهِ:((حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ))
[179]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ:((إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ)).
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: ((النَّارُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ))، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ عَنِ الأَعْمَشِ: وَلَمْ يَقُلْ: حَدَّثَنَا.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الإِسْنَادِ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ: مِنْ خَلْقِهِ، وَقَالَ:((حِجَابُهُ النُّورُ)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعٍ: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَرْفَعُ الْقِسْطَ وَيَخْفِضُهُ، وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ، وَعَمَلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ)).
قوله: ((قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ)) المراد بالكلمات: الجمل المفيدة، والكلمة تطلق على الخطبة، كما يقال: ألقى فلان كلمة، أي: خطبة.
وقوله: ((إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ- وفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: النَّارُ- لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ)) ومحمد
عليه الصلاة والسلام مِن خلقه، فلم يَرَ اللهَ عز وجل، وهذا صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه عز وجل.
وفي هذا الحديث: أن الله تعالى احتجب من خلقه بالنور، وأنه لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، والمعنى: أنه محجوب من جميع خلقه، ومحمد صلى الله عليه وسلم منهم، وهو محجوب بالنور.
وفيه: إثبات النور لله تعالى، وأن النور صفة من صفاته عز وجل.
وأما ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: ((رَأَىهُ بِقَلْبِهِ))، فمطلق يُحمل على المقيد، والنصوص يُضم بعضها إلى بعض، ولم يثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما لفظ صريح بأنه رآه بعينه، وكذلك الإمام أحمد تارة يُطلق الرؤية، وتارة يقول:«رآه بفؤاده» ، ولم يقل أحد أنه سمع أحمد يقول:«رآه بعينه»
(1)
، فالصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرَ ربه بعين رأسه، والأدلة في هذا واضحة.
وأما ما ذهب إليه النووي رحمه الله من أن أكثر العلماء على أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه ليلة الإسراء
(2)
، فقول ضعيف وليس بصحيح.
(1)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (6/ 509).
(2)
شرح مسلم، للنووي (3/ 5).