الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ جَوَازِ نَوْمِ الجُنُبِ، وَاسْتِحْبَابِ الوُضُوءِ لَهُ، وَغَسْلِ الفَرْجِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، أو يَشْرَبَ، أو يَنَامَ، أو يُجَامِعَ
[305]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، قَبْلَ أَنْ يَنَامَ.
[خ: 288]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، وَوَكِيعٌ، وَغُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا، فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، أو يَنَامَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ- بِهَذَا الإِسْنَادِ- قَالَ ابْنُ المُثَنَّى فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ.
في هذا الحديث: استحباب الوضوء للجُنب عند جماهير العلماء إذا أراد أن يأكل، أو ينام، أو يعاود الوطء.
وقد روى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، أَوْ يَشْرَبَ، قَالَتْ: غَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَأْكُلُ، أَوْ يَشْرَبُ))
(1)
، فإن ثبتت رواية النسائي هذه فتكون محمولة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ تارة، ويغسل يديه تارة أخرى.
(1)
أخرجه أحمد (24872)، وأبو داود (223)، والنسائي (257)، وابن ماجه (593).
[306]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى- وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ- واللفظ لهما- قال ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:((نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ)).
[خ: 287]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَلْ يَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، لِيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَنَمْ، حَتَّى يَغْتَسِلَ إِذَا شَاءَ)).
قوله: ((نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ)) المراد: الوضوء الشرعي، وليس المراد غسل اليدين بالماء فقط.
قوله: ((لِيَتَوَضَّأْ)) الأصل في الأوامر الوجوب، وقال به الظاهرية
(1)
وهو قول قوي، لكن الصحيح مذهب الجمهور وهو حمله على الاستحباب؛ لأنه من الآداب، ولقول عَائِشَةَ رضي الله عنها:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ جُنُبًا كَهَيْئَتِهِ، لا يَمَسُّ مَاءً))
(2)
، وفي هذه الرواية ضعف
(3)
، ولو صحت هذه الرواية فإنها تحمل على أنه لم يمس ماء للغسل، أو أنه لم يمس ماء مطلقا؛ وتكون بيانا لجواز نوم الجنب من غير وضوء، أو غسل.
(1)
التمهيد، لابن عبدالبر (17/ 34)، بداية المجتهد، لابن رشد (1/ 42).
(2)
أخرجه أحمد (24161)، والترمذي (118)، والنسائي في الكبرى (9053)، وابن ماجه (581)، وأبو يعلى (4729).
(3)
قال الترمذي (1/ 179): وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديثَ شعبة، والثوري، وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق.
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ)).
[خ: 290]
قوله: ((تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ)) الواو تفيد مطلق الجمع بين الأمرين وليست للترتيب، يعني: اجمع بين الأمرين؛ اغسل ذكرك، وتوضأ.
[307]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي الجَنَابَةِ، أَكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ؟ ، أَمْ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ، فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ، فَنَامَ، قُلْتُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الأَمْرِ سَعَةً.
وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. ح، وَحَدَّثَنِيهِ هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، جَمِيعًا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
في هذا الحديث: أنه يجوز للجنب أن يغتسل في أول الليل، وأن له أن يؤخر الغسل لآخر الليل، فإذا اغتسل كان أفضل، وإذا أخر الغسل وتوضأ ونام فلا حرج.
[308]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ. ح، وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الفَزَارِيُّ، كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، فَلْيَتَوَضَّأْ)).
زَادَ أَبُو بَكْرٍ فِي حَدِيثِهِ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا، وَقَالَ:((ثم أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ)).
في هذا الحديث: أن السنة إذا جامع الرجل أهله، ثُمَّ أراد أن يعاود الوطء مرة أخرى أن يتوضأ، وهذا الأمر للاستحباب عند الجمهور.
القول الثاني: حمل الظاهرية الأمر على الوجوب؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة في ذلك، فقَالَ: إنه ((أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ))
(1)
، أي: يُحدِث له نشاطًا وقوةً.
[309]
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ- يعني: ابْنَ بُكَيْرٍ الحَذَّاءَ- عَنْ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، بِغُسْلٍ وَاحِدٍ.
[خ: 284]
في هذا الحديث: دليل على القوة التي أوتيها عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا قال أنس رضي الله عنه: ((كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ))
(2)
، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه بغسل واحد في المدينة، وفعله- أيضًا- لما أراد أن يحرم في حجة الوداع، لكن هل يتوضأ بعد كل جماع، أو لا يتوضأ؟
(1)
أخرجه ابن خزيمة (221)، وابن حبان (1211)، والحاكم (542)، والبيهقي في الكبرى (985).
(2)
أخرجه البخاري (268).
الجواب: الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بعد كل جماع؛ لما سبق قريبًا.
وقد جاء في حديث آخر عَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي يَوْمٍ، فَجَعَلَ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ، وَعِنْدَ هَذِهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَعَلْتَهُ غُسْلًا وَاحِدًا؟ قَالَ:((هَذَا أَزْكَى، وَأَطْيَبُ، وَأَطْهَرُ))
(1)
، وعلى هذا يكون حديث الباب لبيان الجواز وهذا الحديث فيه بيان الأفضل والأكمل.
(1)
أخرجه أحمد (23862)، وأبو داود (219)، والنسائي (8986)، وابن ماجه (590).