الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا))
[101]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ-.ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا)).
هذا الحديث من جوامع الكلم، وفيه: دليل على أن الغش يدل على ضعف الإيمان، وأنه من الكبائر، وهذا عام في جميع أنواع الغش، سواء الغش في المعاملات، أو في البيوع، وكذلك يشمل الغش في الامتحانات، والغش في الولايات، وفي الوظائف، كتسليمها لغير أهلها.
قال النووي رحمه الله: ((وقيل: معناه: ليس على سيرتنا الكاملة وهدينا، وكان سفيان بن عيينة رحمه الله يكره ما يفسره بـ: ليس على هدينا، ويقول: بئس هذا القول، يعني: فليمسك عن تأويله؛ ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ في الزجر))
(1)
.
وهو من باب الوعيد الشديد، أما المستحل، وهو من استحل أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، فإنه يكفر، سواء استحل الزنا، أو الربا، أو غش المسلمين، أو إيذاءهم، أو قتلهم، أو أكل أموالهم.
(1)
شرح مسلم، للنووي (2/ 108).
[102]
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ:((مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ ))، قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:((أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي)).
قوله: ((أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ))، أي: هذا مطر جاء من السماء.
وقوله: ((أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ؟ ))، يعني: أمره أن يجعل المبتل فوق الطعام حتى يراه الناس.
ومثل هذا ما يفعله بعض الناس، حينما يجعل الأسفل معيبًا، والأعلى غير معيب، كأصحاب الخضراوات والفواكه، يجعل الشيء المعيب أسفل، والجيد والسليم أعلى، فهذا من الغش، ويجب أن يخرج الرديء فيكون فوق؛ حتى يراه الناس، مثل صاحب الطعام، لما أصابه المطر جعل فوقه الحبوب اليابسة، وجعل المبتل أسفل؛ ولهذا لما أدخل أصابعه عليه الصلاة والسلام في الطعام نال أصابعه البلل.