الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صفَةِ غُسْلِ الجَنَابَةِ
[316]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ، فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ، حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ.
[خ: 248]
وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمْ: غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ: غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ.
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ.
[317]
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَالَتِي مَيْمُونَةُ، قَالَتْ: أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُسْلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ، أو ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الأَرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ
كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ.
[خ: 259]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَالأَشَجُّ، وَإِسْحَاقُ، كُلُّهُمْ عَنْ وَكِيعٍ. ح، وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا: إِفْرَاغُ ثَلَاثِ حَفَنَاتٍ عَلَى الرَّأْسِ، وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: وَصْفُ الوُضُوءِ كُلِّهِ، يَذْكُرُ: المَضْمَضَةَ، وَالِاسْتِنْشَاقَ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ذِكْرُ: المِنْدِيلِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ، فَلَمْ يَمَسَّهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ: بِالْمَاءِ هَكَذَا، يعني: يَنْفُضُهُ.
[318]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنَزِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنِ القَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ.
[خ: 258]
في هذه الأحاديث: بيان الغسل الكامل من الجنابة، وهو: أن يبدأ بالنية، والنية محلها القلب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى))
(1)
.
أما التلفظ بالنية فهو بدعة كما عليه المحققين من أهل العلم.
القول الثاني: قول بعض المتأخرين من الفقهاء أنه يستحب له أن ينطق بالنية، وهذا الاستحباب لا دليل عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ولكن التلفظ
(1)
أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).
بها هل هو مستحب، أم لا؟ هذا فيه قولان معروفان للفقهاء، منهم من استحب التلفظ بها كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وقَالُوا: التلفظ بها أوكد، واستحبوا التلفظ بها في الصلاة، والصيام، والحج، وغير ذلك، ومنهم من لم يستحب التلفظ بها، كما قال ذلك من قاله من أصحاب مالك، وأحمد وغيرهما، وهذا هو المنصوص عن مالك، وأحمد، سئل: تقول قبل التكبير شيئًا؟ قَالَ: لا.
وهذا هو الصواب؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول قبل التكبير شيئًا، ولم يكن يتلفظ بالنية، لا في الطهارة، ولا في الصلاة، ولا في الصيام، ولا في الحج، ولا غيرها من العبادات، ولا خلفاؤه، ولا أمر أحدًا أن يتلفظ بالنية))
(1)
.
وبالنية تتميز العبادات من العادات، وبها تتميز الفريضة من النافلة.
ثم بعد ذلك يسمي الله تعالى، والتسمية مستحبة عند جمهور العلماء؛ لأن الأحاديث التي وردت في هذا الباب فيها ضعف
(2)
، وحسنها ابن الصلاح
(3)
، فتكون من باب الحسن لغيره.
القول الثاني: ذهب الحنابلة إلى أنها واجبة مع التذكر
(4)
.
فلا ينبغي للإنسان أن يخل بالتسمية في الوضوء، ولا في الغسل، وإذا نسي سقطت، وإن تذكر في أثناء الوضوء، أو في أثناء الغسل سَمَّى.
وأما الاستنشاق والمضمضة: فالأرجح وجوبهما في الغسل وفي الوضوء؛ لأنهما تبع للوجه.
ثم يغسل كفيه ثلاثًا في الوضوء، وفي الغسل، ثُمَّ يغسل فرجه وما حوله، ثُمَّ يتوضأ وضوءه للصلاة، وهو مخير بين أن يكمل الوضوء، أو يؤخر غسل
(1)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (22/ 221).
(2)
أخرجه أحمد (9418)، وأبو داود (101)، وابن ماجه (399).
(3)
شرح مشكل الوسيط، لابن الصلاح (1/ 149).
(4)
المغني، لابن قدامة (1/ 76)، الإنصاف، للمرداوي (1/ 128).
الرجلين إلى آخر الغسل، والأفضل: أن يكمل الوضوء، ثُمَّ يحثو على رأسه ثلاث حثيات، يروي بهن أصول شعره، ثُمَّ يغسل شقه الأيمن، ثُمَّ يغسل شقه الأيسر، فهذا هو الغسل الكامل.
وأما الغسل المجزئ فهو: أن يعمم جسده بالماء مرة واحدة، وحينئذٍ هل يجزئ هذا الغسل عَنِ الوضوء، أم لا بد من الوضوء؟
الجواب: اختلف فيه أهل العلم:
القول الأول: إذا نوى رفع الحدثين ارتفعا، أو نوى رفع الحدث الأكبر ارتفع، ويندرج الحدث الأصغر تحت الحدث الأكبر.
القول الثاني: لا يرتفع الحدث الأصغر، بل لا بد من الوضوء.
مسألة: في مس الذكر، هل ينقض الوضوء أم لا؟
القول الأول: إن مس الذكر لا ينقض الوضوء بحال من الأحوال.
القول الثاني: إن مس الذكر ينقض إذا كان بشهوة، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية
(1)
.
والصواب: أنه ينقض مطلقًا؛ لحديث بسرة رضي الله عنها مرفوعًا: ((مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ))
(2)
.
واحتج القائلون بعدم النقض بحديث طلق بن علي رضي الله عنه: ((إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ أَوْ جَسَدِكَ))
(3)
، أي: قطعة منك، والصحيح: أن حديث طلق منسوخ، قاله النبي صلى الله عليه وسلم قديمًا عند بنائه المسجد في أول قدومه المدينة، وحديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها متأخر، فعليه العمل، قال الترمذي رحمه الله: ((وسألت
(1)
شرح العمدة، لابن تيمية (ص 305).
(2)
أخرجه أحمد (27294)، والنسائي (444).
(3)
أخرجه أحمد (16286)، وأبو داود (182)، والترمذي (85)، والنسائي (165).
محمدا عن أحاديث مس الذكر فقَالَ: أصح شيء عندي في مس الذكر حديث بسرة ابنة صفوان))
(1)
.
فإذا مس فرجه بظاهر كفه، أو بباطنه انتقض وضوؤه، بقصد أو من دون قصد، بشهوة أو بغير شهوة، سواء أكان فرجه، أو فرج غيره، كالأم إذا كانت تغسل طفلها، ثُمَّ مست فرجه تتوضأ على الصحيح.
وقولها: ((ثم أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ)) فيه: أن الأفضل عدم التنشف، وإن تنشف فلا حرج، وهذا في الغُسل، أما في الوضوء فمسكوت عنه، فمن تنشف فلا بأس، وفي لفظ:((فَنَاوَلْتُهُ المِنْدِيلَ فَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَجَعَلَ يَنْفُضُ المَاءَ عَنْ جَسَدِهِ))
(2)
.
قوله: ((دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلَابِ))، يعني: طلب إناءًا قريب من الإناء الذي يسمى الحلاب قال الحافظ ابن حجر: (وقد وصفه أبو عاصم بأنه أقل من شبر في شبر)
(3)
، يسع ثلاثة آصع، مملوءًا ماءًا ليغتسل منه.
(1)
العلل الكبير، للترمذي (ص 48).
(2)
أخرجه البخاري (259)، ومسلم (317)، واللفظ لأبي داود (245).
(3)
فتح الباري (1/ 440).