الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ))
[16]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ- يَعْنِي: سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ الأَحْمَرَ- عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ))، فَقَالَ رَجُلٌ: الْحَجِّ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: لا، صِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ، هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
في هذا الحديث: بيان أركان الإسلام الخمسة، وهو حديث اتفق عليه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وقوله: ((بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ)) هذا يفسر ما جاء به جبريل عليه السلام ((شَهَادَة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ))، بأن المراد بها: التوحيد، فلو قالها بلسانه، وخالفها بفعاله فوقع في عمل الشرك، فلا تنفعه، فلا بد أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ينطق بها بلسانه، ويلتزم بالتوحيد، ويبتعد عن الشرك؛ لأن الروايات يفسر بعضها بعضًا.
وقوله: ((الْحَجِّ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: لا، صِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ، هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم): فيه دليل لمن قال: لا تجوز الرواية بالمعنى، بل باللفظ، ولكن قد يقال: إن المعنى هنا مختلف؛ لأن الصوم مقدم على الحج، وهو الركن الرابع.
ثم إن العلماء اختلفوا في إنكار ابن عمر رضي الله عنهما على الرجل الذي قدَّم الحج، مع أن ابن عمر رضي الله عنهما رواه كذلك، كما وقع في الطريقين المذكورين، والأظهر- والله أعلم-: أنه يحتمل أن ابن عمر رضي الله عنهما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم
مرتين، مرة بتقديم الحج، ومرة بتقديم الصوم، فرواه على وجهين، فلما رد عليه الرجل بتقديم الحج، قال ابن عمر رضي الله عنهما: لا تردَّ على ما لا علم لك به، ولا تعترضن بما لا تعرفه، ولا تقدح فيما لا تتحققه، بل هو بتقديم الصوم، هكذا سمعت من رسول صلى الله عليه وسلم، وليس في هذا نفي لسماعه على هذا الوجه.
قال الإمام النووي: ((قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح رحمه الله تعالى: محافظة ابن عمر رضي الله عنهما على ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهيه عن عكسه، تصلح حجة لكون الواو تقتضي الترتيب، وهو مذهب كثير من الفقهاء الشافعيين، ومن قال: لا تقتضي الترتيب- وهو المختار، وقول الجمهور- فله أن يقول: لم يكن ذلك لكونها تقتضي الترتيب؛ بل لأن فرض صوم رمضان نزل فى السنة الثانية من الهجرة، ونزلت فريضة الحج سنة ست، وقيل: سنة تسع، والصواب: في آخر السنة التاسعة سنة تسع بعد غزوة تبوك))
(1)
.
وَحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ السُّلَمِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ، وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)).
قوله: ((أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ، وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ))، أي: أن يوحَّد الله عز وجل.
(1)
شرح مسلم، للنووي (1/ 178).
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ- وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر- عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)).
وَحَدَّثَنِي ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ، يُحَدِّثُ طَاوُسًا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر: أَلَا تَغْزُو؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ الإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ)).
في رد ابن عمر رضي الله عنهما على من سأله: ((أَلَا تَغْزُو؟ )): بيان أن الغزو ليس من أركان الإسلام، أو أن معناه: ليس الغزو بلازم على الأعيان؛ لأن الجهاد من فروض الكفاية، وقد يكون واجبًا عينيًّا، وذلك في إحدى حالات ثلاث:
1 -
إذا داهم العدو البلاد.
2 -
إذا استنفر الإمام طائفة، أو بعض الناس.
3 -
من وقف في الصف.
وأما غير ذلك فهو مستحب.
وإنما خص هذه الأركان الخمسة بالذكر، ولم يذكر معها الجهاد- مع أنه به أُظهر الدين وكُسرت شوكة الكافرين-؛ لأن هذه الخمسةَ فرائضُ دائمةٌ على الأعيان، لا تسقط عمن اتصف بشروطها، أما الجهاد فمن فروض الكفايات، وقد يسقط في بعض الأوقات، بل ذهبت جماعة كبيرة إلى أن فرض الجهاد سقط بعد فتح مكة، وذُكر أنه مذهب ابن عمر رضي الله عنهما، والثوري رحمه الله، وابن معمر رحمه الله، وابن سحنون رحمه الله، إلا في حالة أن ينزل العدو
بقوم من المسلمين، فيلزم عند ذلك دفعه، الأقرب فالأقرب
(1)
.
وأما قوله: ((شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)) فإنه إذا أُطلقت شهادة ألا إله إلا الله دخلت فيها: شهادة أن محمدًا رسول الله، فإحداهما لازمة للأخرى.
(1)
إكمال المعلم، للقاضي عياض (1/ 227).