الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم أسمع أنه يوجد من الكتاب نسخة ثالثة في أي مكتبة من المكاتب، وقد نقلنا نسخة دار الكتب المصرية بالتصوير الشمسي؛ ليسهل علينا النقل عنها والمقابلة والتصحيح عليها. وسنطبع إن شاء الله مع الكتاب بعض صحف منها على سبيل المثال التاريخي.
(وصف الكتاب):
قدَّم ابن الجوزي كتابه بمقدمة قال فيها: إنه يذكر مذهبه - مذهب الإمام أحمد بن حنبل - ومذهب مخالفيه، ويكشف عن دليل المذهبين، وإنه لا يميل عن الإنصاف فيه، واشتد لومه على جماعة من كبار المحدِّثين "عرفوا صحيح النقل وسقيمه وصنفوا في ذلك، فإذا جاء حديث ضعيف يخالف مذهبهم بينوا وجه الطعن فيه وإن كان موافقًا لمذهبهم سكتوا عن الطعن فيه. وهذا ينبئ عن قلة دين وغلبة هوًى" وليته إذ قال هذا سار على ما رسم، وتبرأ عما نبز غيره به. والمعصوم من عصمه الله.
ثم قسم كتابه على كتب الفقه المعروفة، وقسم كل كتاب إلى مسائل: فيذكر المسألة في مذهب الإمام أحمد، ثم يذكر قول من خالفه من الأئمة الأربعة، ثم يستدل للأقوال بالأحاديث والآثار ويرويها بإسناده، وأكثر أسانيده ترجع إلى الكتب المعروفة المشهورة، وجلُّ ما فيه رواه من مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، ومن السنن للحافظ علي بن عمر الدارقطني، وكثيرًا ما ينقد الحديث ويذكر ما قيل فيه من تصحيح أو تضعيف. وقد تعقبه في
كلامه على الأحاديث كثير من الحفاظ الثقات، كابن حجر العسقلاني في الفتح والتلخيص، وابن عبد الهادي فى التنقيح، والحافظ الزيلعي في "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" وتقي الدين بن دقيق العيد في كتابه "الإمام" وابن التركماني في "الجوهر النقي" ويتعصب ابن الجوزي لمذهبه إلا أن تعصبه أقل من تعصب غيره من المؤلفين. وقد رأيت له أشياء لا تحتمل ولم يكن الظن بمثله أن تصدر عنه، كصنيعه في الكلام على "محمد بن إسحاق صاحب المغازي": فإنه إذا ورد فى إسناد حديث يدل لمخالفيه استمسك أشد الاستمساك بكلمة مالكٍ في تكذيبه، وإن كان في إسناد حديث ينصر به مذهبه فإما دافع عنه وإما سكت، ومما يؤخذ عليه وقد عابه على غيره - أنه يحتج فى بعض المسائل لمذهبه بأحاديث ضعيفة ولا يبين ضعفها، وقد يذكر وجه ضعفها ثم يدافع عنها دفاعًا يردّ مثلَه ولا يرضاه فى موقف آخر، وهذا كله من النتائج السيئة لتغلغل التقليد في النفوس، وتلك عيوب لا يكاد يخلو منها مؤلف - ولعل ابن الجوزي من أقلهم اتصافا بها - ولا يزال معها الكتاب كتابًا جليلًا نفيسًا لم يترك - فيما يغلب على الظن - مسألة من مسائل الخلاف الدقيقة المهمة.
ولما عزمنا - بحول الله وقوته - على الشروع في طبعه بدأتُ في التعليق عليه وتداركِ ما فاته أداءً لأمانة العلم؛ فجمعتُ بين يديّ كل ما طبع من كتب السنة وتراجم رجالها، وأكثر كتب الفقه والأصول واللغة وغير ذلك، وبذلتُ جهدي في تصحيحه والتوثق من كل كلمة فيه بالرجوع إليها في أصولها - إلا ما ندر - وذكرت مذاهب كثير من
الأئمة المجتهدين غير الأربعة: مثل الأوزاعي، وإسحاق، وداود، وأشرت إلى أدلة كل منهم، وتكلمت على الأحاديث التي ذكرها، فبينت من روى كل حديث، وذكرت درجته العلمية، ووجه صحته إن كان صحيحًا، أو ضعفه إن كان ضعيفًا، على طريق الإنصاف.
وما ألوت أن أبين ما يرجحه الدليل في مواضع الخلاف والنظر متبعًا سبيل من هدى الله غير مقلد لأحد ولا متعصب لمذهب. وما أدّعي أني صنو أي مجتهد منهم، ولكني امرؤ أمرني ربي أن آخذ ما آتاني الرسول فأَطَعْتُ، فإن أصبتُ فمن الله، وإن أخطأتُ فمن نفسي، وما توفيقي إلا بالله.
وحققتُ فيما كتبته - بعون الله سبحانه وتعالى بعض مسائل على مثال لم أره فيما وصل إليَّ من كتب الخلاف.
وحسبي هذا، فقد أخشى إن استرسلتُ أن يصل بي القلم إلى التغالي فى مدح كتابي، وما كان هذا من خلقي. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقني إلى إتمامه، وأن يهديني إلى الحق، وأن يرزقني الإخلاص في قولي وعملي إنه سميع الدعاء.
* * *