الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الطريقة الأمريكية
(*)
كثيرًا ما نقرأ في التلغرافات الخارجية آراء عجيبة في التجني على الدول الإسلامية وأممها خاصة، وعلى الدول الشرقية وأممها عامة، ينعي فيها كاتبوها على الأمم المظلومة أن تتململ، وأن تحاول الإفلات من القيود التي كبلها بها هؤلاء الوحوش المستعمرون، من أقصى الأرض إلى أدناها.
ومن مثل ذلك ما نشرته جريدة البلاغ يوم الثلاثاء 5 فبراير الحالي سنة 1952 عن جريدة أمريكية، تدعى "نيويورك تيمس" قالت في مقال افتتاحي أمريكي:"إن إعلان دول الكتلة العربية الأسيوية عن نيتها عرض قضية تونس على مجلس الأمن، هو قرار يدعو إلى الأسف؛ فإن إصرار كل من الجانبين على عدم الاتفاق مع الآخر، وتدخل الدول الأخرى، يعتبر خير وسيلة لإمداد "مأساة" بالنسبة إلى جميع الدول التي يعنيها الأمر".
فهذه الجريدة الأمريكية شأنها شأن سائر قومها، وشأن سائر هؤلاء الناس الذين لا يفقهون، والذين لا يعرفون العدل إلا أن يكون للجنس الإفرنجي، من أقصى شرقي أوربة، إلى أقصى غربي أمريكا،
(*) مجلة الهدي النبوي المجلد السادس عشر، العددان الخامس والسادس، جمادى الأول والثاني 1371 هـ.
وإلى جنوبها، بل إلى جنوب إفريقية، بالنسبة للدخلاء هناك من الإفرنج ونسلهم الأبيض! ! نعم، ويضاف إلى ذلك شذان الأمم ونُفاية الشعوب، ولصوص الدنيا، من بني إسرائيل الذين لعنهم الله {عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} (1). والذين ضرب الله عليهم الجلاء أينما كانوا وحيثما وجدوا، والذين {تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} (2).
ولا يزال بعض المخدوعين من العرب، من المسلمين، ومن الشرقيين، يحسنون الظن بهؤلاء الوحوش المتعصبين الطاغيين، ويجاملونهم بمعسول القول، ويتملقونهم بألوان من الملق لا تنبئ إلا عن ذلة وصغار، مهما يأتيهم منهم من نذر، ومهما يلاقوا منهم من صفعات مدوية أو مجاملات ساخرة، أو خداع كاذب.
وها هو ذا أحد وزرائهم الكبار، بل هو وزير الدولة التي تمسك الزمام في العالم الغربي المخادع المستعمر والتي تريد أن تأخذ مكان الإمبراطورية العجوز المنحلة الزائلة بإذن الله: هذا الوزير لا يستحي أن يقول ما نشرته جريدة المصري يوم 8 فبراير سنة 1952، لمراسلها في واشنطن، يقول: "أبدى وزير الخارجية الأمريكية أسفه عن ازدياد العواطف الوطنية عند بعض الدول الإسلامية، عند نظر بعض المسائل، كالمسائل الخاصة بمراكش ومصر وتونس! وقال: إن هذه
(1) المائدة: 78.
(2)
الأعراف: 167.