الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعقيب لفضيلة الشيخ أحمد محمد شاكر
أما وقد عتب عليَّ الأخ الشيخ حامد الفقي فيما كتبت، فله العتبى، وما كنت لأرضى أن يكون اللدد في الخصومة، بل ما أرضى هذا بيني وبين أي إنسان، وليس من اليسير هدم الصداقة القديمة والأخوة في الله، وفي سبيل نصر الإسلام والحرب على أعدائه.
ولكني أظن، بل أوقن، أن الأخ الشيخ حامد لو نظر للأمر من زاوية أخرى ومن وجهة نظري، ولو استعرض الظروف التي ألجأتني للكتابة، والتي حكمت عليَّ أن أقف منه هذا الموقف. لعذرني بعض العذر، ولعلم أن الأمر لم يكن غضبة (صعيدية)، بل كان دفعًا لظلم ظننته وقع، أما وقد تبرأ منه فالحمد لله على هذا البيان.
وكان من عذري فيما رأيت إذا ذاك: أن الحديث دار بيني وبينه في شأن مقالي لينشره في المجلة، وكان منه الإباء. وكان أقصى ما أظن بشأن مقالي، بل أقساه: أن يطويه فلا ينشره: وكان الحديث مناسبة جيدة، بل موجبًا عليه أن يخبرني بأن قد جاءته كلمات أخر من غير واحد من إخواننا في هذا الشأن، إذن لما ظننت شيئًا، ولما فهمت أن مقاله موجه إليّ، أما ولم يفعل، فقد كان في كل العذر إن فهمت أن مقاله موجه إليّ وحدي خصوصًا وأنه رد على كل الأبحاث
التي أشرت إليها في مقالي على ترتيبها تقريبًا، ثم زاد يقيني بذلك أن كنا معًا يوم عيد الفطر مساءً فلم يخبرني عما كتب، مع توافر الدواعي لإخباري، ثم أجد مقاله في المجلة صبيحة اليوم التالي لعيد الفطر (2 شوال سنة 1374) حين جاءت المجلة بالبريد، ثم لم يحدثني بعد ذلك في شأن كلمته، وأنه لا يقصدني وحدي، بل يرد ردًّا عامًّا على ما جاءه فأنى لي العلم بذلك؟ ! ولذلك قلت له، وأنا صادق فيما أقول: لو أنه أخبرني بشيء من هذا ما كتبت، مهما تكن القرائن والدلائل على أنه يرد على كلمتي دون نشرها.
فهذه بعض الملابسات التي حفزتني على الكتابة، ولم يكن قط أن أحدًا حاول أن يسعى بيننا بالوقيعة وتأجيج نار الفتنة، وما كنت أنا ممن يخضع لهذه المؤثرات إن وجدت في هذا الظرف، وهو يعلم علم اليقين أن قد وجدت محاولات من هذا المعني دهرًا طويلًا فلم تؤثر علي، ولم تؤثر عليه، والحمد لله على كل حال، ولو كان لمثل هذا أثر، لما بقيت الصداقة والأخوة بضع سنين. وقد بقيت ثابتة راسخة بضعًا وأربعين سنة، فليطمئن إخواننا على ما بيننا.
وأما الجدل العلمي المبني على اتباع الدليل، وإحقاق الحق، فلا أثر له بين الإخوان مهما تختلف آرائهم ووجهات نظرهم، وكلنا طالب علم، وكلنا باحث عن الحق، وكلنا يهتدي بهدي الكتاب والسنة ما استطاع، وكلنا حسن النية والقصد، إن شاء الله. وما أكثر ما تصاولنا في العلم واختلفنا، وما أكثر ما بحثنا وتشعبت آراؤنا،
لمقصد واحد، وعلى هدي واحد، فمنا المخطئ ومنا المصيب، وكثيرًا ما يكون للمخطئ فيئة؛ إذ يستضيء بنور الله، ويهتدي بهدي كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله أن يبصرنا طريق الهدى، وسبيل الرشاد، وأن يوفقنا للاستمساك بما أمرنا به، وأن يجنبنا الزلل، ويعصمنا من الخطل والضلال، وأن يجعلنا هادين مهدين، موفقين للعلم النافع والعمل الصالح؛ إنه سميع الدعاء.
* * *