المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كلمة الحق (*) ما أقل ما قلنا (كلمة الحق) في مواقف - جمهرة مقالات أحمد شاكر - جـ ١

[أحمد شاكر]

فهرس الكتاب

- ‌الإِهْدَاءُ

- ‌طلائع الجَمْهَرة

- ‌العلّامة أحمد محمد شاكرحياته الشخصيّة ومسيرته العلميّة

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه وولادته وأسرته

- ‌إلماعة عَجْلى عن أسرة أحمد شاكر

- ‌المبحث الثاني: حياته ورحلاته وصلاته

- ‌رحلاته:

- ‌صلاته وصداقاته:

- ‌1 - مصطفى صادق الرافعي:

- ‌2 - محمد خميس هيبة:

- ‌3 - الدكتور زكي مبارك

- ‌4 - الشيخ محمد نور الحسن، والشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد:

- ‌5 - لويس سركيس:

- ‌6 - السيد محمد السنوسي الأنصاري:

- ‌7 - الشيخ محمد نصيف:

- ‌8 - الشيخ محمد حامد الفقي:

- ‌9 - عبد العزيز الميمني:

- ‌10 - عبد الوهاب عزام:

- ‌11 - عبد السلام هارون

- ‌12 - السيد أحمد صقر

- ‌13 - الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي:

- ‌14 - الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي

- ‌15 - أبو السمح:

- ‌16 - محمد أفندي محمد عبد اللطيف:

- ‌17 - أحمد علي الطاهر:

- ‌18 - أحمد أمين:

- ‌19 - فوزان السابق:

- ‌20 - عبد الله المراغي:

- ‌21 - الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي:

- ‌22 - الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة:

- ‌23 - أبو محمد عبد الحق بن عبد الواحد الهاشمي

- ‌24 - محب الدين الخطيب

- ‌25 - عبد الرحمن الكواكبي:

- ‌26 - محمد أحمد الغمراوي:

- ‌27 - محيي الدين رضا:

- ‌28 - محمد عبد الله دراز:

- ‌المبحث الثالث: شيوخه وأساتيذه

- ‌ الشيوخ والأساتذة

- ‌1 - الشيخ عبد السلام الفقي:

- ‌2 - الشيخ محمود أبو دقيقة:

- ‌3 - الشيخ محمد شاكر:

- ‌4 - الشيخ محمد مصطفى المراغي

- ‌5 - الشيخ إبراهيم الجبالي

- ‌6 - الشيخ عبد الستار بن عبد الوهاب الدهلوي

- ‌7 - العلّامة عبد الله بن إدريس السنوسي

- ‌8 - الشيخ محمد بن الأمين الشنقيطي

- ‌9 - الشيخ أحمد بن الشمس الشنقيطي

- ‌10 - العلّامة طاهر الجزائري

- ‌11 - الشيخ جمال الدين القاسمي

- ‌12 - أبو الوفاء بن أحمد بن شرقاوي

- ‌13 - الشيخ محمد رشيد رضا:

- ‌14 - الشيخ بسيوني بن بسيوني بن حسن عسل:

- ‌15 - الشيخ عبد الوهاب النجار:

- ‌16 - الأستاذ علي الجارم:

- ‌17 - الشيخ عبد الحيّ الكَتَّاني:

- ‌18 - الدكتور منصور فهمي:

- ‌تلاميذه:

- ‌المبحث الرابع:‌‌ مذهبه الفقهيوعقيدته

- ‌ مذهبه الفقهي

- ‌ عقيدته:

- ‌المبحث الخامس: آثاره العلمية

- ‌أولًا: آثار الشيخ في القرآن وعلومه:

- ‌1 - تفسير الطبري المسمى (جامع البيان عن تأويل آي القرآن):

- ‌2 - عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير:

- ‌3 - تفسير الجلالين: جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي:

- ‌4 - جامع البيان في تفسير القرآن:

- ‌5 - هداية المستفيد في أحكام التجويد للشيخ أبي ريمة:

- ‌6 - منجد المقرئين ومرشد الطالبين للإمام محمد بن محمد الجزري:

- ‌ثانيًا: آثار الشيخ في الحديث وعلومه

- ‌1 - المسند للإمام أحمد بن حنبل

- ‌2 - جامع الترمذي:

- ‌3 - صحيح ابن حبان:

- ‌4 - مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري مع معالم السنن لأبي سليمان الخطابي وتهذيب الإمام ابن قيم الجوزية:

- ‌5 - صحيح البخاري بشرح الكرماني:

- ‌6 - الأربعون النووية:

- ‌7 - السمع والطاعة:

- ‌8 - العمدة في الأحكام:

- ‌9 - أربع رسائل حقق فيها ثمانية أحاديث من جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي:

- ‌10 - حكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد:

- ‌11 - نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني:

- ‌12 - الخراج ليحيى بن آدم القرشي:

- ‌13 - شرح ألفية السيوطي في علم الحديث:

- ‌15 - الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث:

- ‌16 - ضبط وتصحيح ألفية العراقي:

- ‌17 - خصائص مسند الإمام أحمد للإمام أبي موسى المديني

- ‌18 - المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد لابن الجزري:

- ‌19 - التحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي:

- ‌ثالثًا: ما يتعلق بالفقه وأصوله:

- ‌1 - المحلي لابن حزم:

- ‌2 - الروض المربع للبهوتي بشرح زاد المستنقع لأبي النجا الحجاوي:

- ‌3 - أخصر المختصرات في فقه الإمام أحمد:

- ‌4 - مختصر المقنع في فقه الإمام أحمد للحجاوي:

- ‌5 - الرسالة للإمام الشافعي:

- ‌6 - جماع العلم للشافعي:

- ‌7 - الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم:

- ‌8 - قواعد الأصول ومعاقد الفصول (مختصر تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل) لصفي الدين عبد المؤمن الحنبلي:

- ‌9 - نظام الطلاق في الإسلام

- ‌10 - كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر:

- ‌11 - رسالة في شروط الصلاة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب:

- ‌12 - أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعًا إثباتها بالحساب الفلكي

- ‌13 - الروضة الندية شرح الدرر البهية للعلامة صديق حسن خان:

- ‌14 - المسح على الجوربين للعلامة محمد جمال الدين القاسمي:

- ‌15 - مذكرة في قضية الوارثين الشرعيين المحرومين من حقوقهم في أوقاف أهليهم مؤيدة بفتوى الإمام محمد بن عبد الوهاب:

- ‌16 - أبحاث في أحكام (فقه وقضاء وقانون):

- ‌رابعًا: ما يتعلق بالعقيدة:

- ‌1 - كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد لشيخ الإِسلام محمد بن عبد الوهاب:

- ‌2 - الأصول الثلاثة وأدلتها لشيخ الإِسلام محمد بن عبد الوهاب:

- ‌3 - القواعد الأربع لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب:

- ‌4 - العقيدة الواسطية لشيخ الإِسلام ابن تيمية

- ‌5 - المناظرة في العقيدة الواسطية بين شيخ الإسلام ابن تيمية وعلماء عصره

- ‌6 - لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد للإمام ابن قدامه المقدسي:

- ‌7 - التدمرية لشيخ الإِسلام ابن تيمية:

- ‌8 - الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإِسلام ابن تيمية

- ‌9 - عقيدة أهل السنة والجماعة للحافظ أبي الفرج بن الجوزي

- ‌10 - شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي

- ‌11 - الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر

- ‌خامسًا: ما يتعلق بالأدب واللغة:

- ‌1 - الشعر والشعراء لابن قتيبة:

- ‌2 - إصلاح المنطق لابن السكيت

- ‌3 - كتاب المفضليات للمفضل الضبي:

- ‌4 - الأصمعيات للأصمعي:

- ‌5 - لباب الآداب للأمير أسامة بن منقذ:

- ‌6 - المعرّب للجواليقي:

- ‌7 - الكامل في اللغة والأدب للمبرد:

- ‌سادسًا: ما يتعلق بالسير والتراجم:

- ‌1 - جوامع السيرة لابن حزم:

- ‌2 - ترجمة الإمام أحمد من تاريخ الإسلام للذهبي:

- ‌3 - ترجمته لوالده الشيخ محمد شاكر

- ‌سابعًا: ما يتعلق بالأنساب:

- ‌1 - جمهرة أنساب العرب لابن حزم:

- ‌2 - نسب قريش للمصعب الزبيري:

- ‌ثامنًا: ما يتعلق بالردود العلميّة والمقالات الصحفية:

- ‌1 - الشرع واللغة:

- ‌2 - بيني وبين الشيخ حامد الفقي:

- ‌3 - تعليقات في أبحاث دقيقة على دائرة المعارف الإسلامية:

- ‌4 - مقالات أحمد شاكر في الصحف والمجلات:

- ‌تحقيق التراث

- ‌النسخة اليونينية من صحيح البخاري

- ‌التقي اليونيني الكبير وأولاده:

- ‌الحافظ شرف الدين اليونيني:

- ‌النسخةُ اليُونينيَّةُ:

- ‌الطبعة السلطانية:

- ‌نسختي الخاصة من الطبعة السلطانية:

- ‌تصحيح الكتب

- ‌سير أعلام النبلاء - ترجمة عائشة أم المؤمنين

- ‌مقدمة الرسالة للإمام الشافعي

- ‌التحقيق لابن الجوزي

- ‌(وصف النسخة):

- ‌(وصف الكتاب):

- ‌التعريف بالكتب

- ‌تفسير القرآن الحكيم

- ‌قصص القرآن

- ‌المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن

- ‌ثمار المقاصد في ذكر المساجد (*) ليوسف بن عبد الهادي

- ‌لمحة من سيرة الملك عبد العزيز

- ‌نقد الكتب والمقالات

- ‌أي نعم: في التأني السلامة

- ‌كلمة

- ‌الانتقاد على المنار وتفسيره

- ‌ديوان أبي فراس الحمداني

- ‌الفتح المبين في طبقات الأصوليين

- ‌نِحَل عبر النَّحْل

- ‌مقتل مالك بن نويرة وموقف خالد بن الوليد

- ‌أسامة بن منقذ

- ‌الخطيب البغدادي

- ‌دراسات عن مقدمة ابن خلدون

- ‌عصر النبي عليه السلام وبيئته قبل البعثة

- ‌فقه القرآن والسنة

- ‌باب المراسلة والمناظرة

- ‌تَحْقِيقُ سِنِّ عَائِشَة

- ‌صَدَى النقد

- ‌تصحيح القاموس

- ‌ابن محيصن

- ‌بين أحمد شاكر وحامد الفقي

- ‌بيني وبين الشيخ حامد الفقي

- ‌حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد حامد الفقي رئيس جماعة أنصار السنة ورئيس تحرير مجلة (الهدي النبوي)

- ‌أبرأ إلى الله من سوء الظن بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ورضي عنه

- ‌التعقيب على مقاله

- ‌بيني وبين أخي الشيخ أحمد شاكر

- ‌تعقيب لفضيلة الشيخ أحمد محمد شاكر

- ‌الدفاع عن الحق

- ‌كلمة الحق

- ‌صُحُف الهِلَال والدّعَاية ضِد الإسلام

- ‌عبد العزيز فهمي باشا وعداؤه للعربية

- ‌الإيمانُ قَيْدُ الفَتْكِ

- ‌على الطريقة الأمريكية

- ‌ خمارة حقيقية

- ‌حضور المسلمين الصلاة في الكنائس

- ‌خطاب مفتوح إلى شيخ الأزهر

- ‌خواطر

- ‌1 - في التعليم

- ‌2 - في المحاضرة الحمقاء

- ‌3 - في الأعراض

- ‌4 - لصوص الثياب

- ‌5 - هل في شعائر الإسلام وثنية

- ‌6 - بحث في تاريخ السيد البدوي

- ‌7 - مقاطعة الملحدين

- ‌8 - الكشف الطبي على راغبي الزواج

- ‌9 - تعليم الدين في المدارس

- ‌10 - الجامعة المصرية

- ‌جرأة عجيبة على تكذيب القرآن

الفصل: ‌ ‌كلمة الحق (*) ما أقل ما قلنا (كلمة الحق) في مواقف

‌كلمة الحق

(*)

ما أقل ما قلنا (كلمة الحق) في مواقف الرجال، وما أكثر ما قصرنا في ذلك، إن لم يكن خوفًا فضعفًا، ونستغفر الله وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا، كفارة عما سلف من تقصير، وعما أسلفت من ذنوب، ليس لها إلّا عفو الله ورحمته والعمر يجري بنا سريعًا والحياة توشك أن تبلغ منتهاها.

وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا، وبلادنا، بلاد الإسلام، تنحدر في مجرى السيل إلى هُوَّةٍ لا قرار لها، هُوَّة الإلحاد والإباحية والانحلال، فإن لم نقف منهم موقف النذير، وإن لم نأخذ بحُجَزِهم عن النار، انحدرنا معهم، وأصابنا من عقابيل ذلك ما يصيبهم، وكان علينا من الإثم أضعاف ما حملوا.

ذلك بأن الله أخذ علينا ميثاق {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (1)، وذلك بأن الله ضرب لنا المثل بأشقى الأمم، {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} (2).

(*) مجلة الهدي النبوي المجلد الخامس عشر، العدد الأول محرم 1370.

(1)

آل عمران: 187.

(2)

المائدة: 78، 79.

ص: 421

وذلك بأن الله وصفنا - معشر المسلمين - بأننا خير الأمم {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1). فإن فقدنا ما جعلنا الله به خير الأمم، كنا كمثل أشقاها، وليس من منزلة هناك بينهما.

وذلك بأن الله يقول: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} (2).

وذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده؛ فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق، أو يذكر بعظيم"(3).

وذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحقرن أحدكم نفسه. قالوا: يا رسول الله، كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمرًا لله عليه فيه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله عز وجل له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس. فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى"(4).

نريد أن نقول (كلمة الحق) في شؤون المسلمين كلها، نريد أن ننافح عن الإسلام ما استطعنا، بالقول الفصل، والكلمة الصريحة، لا

(1) آل عمران: 110.

(2)

الأحزاب: 39.

(3)

رواه أحمد في المسند، 11494 بإسناد صحيح.

(4)

رواه ابن ماجه 2/ 252 بإسناد صحيح.

ص: 422

نخشى فيما نقول أحدًا إلَّا الله؛ إذ نقول ما نقول في حدود ما أذن الله لنا به، بل ما أوجب عليه أن نقوله بهدي كتاب ربنا وسنة رسوله.

نريد أن نحارب الوثنية الحديثة والشرك الحديث، اللذين شاعا في بلادنا وفي أكثر بلاد الإسلام، تقليدًا لأوربة الوثنية الملحدة، كما حارب سلفنا الصالح الوثنية القديمة والشرك القديم.

نريد أن ننافح عن القرآن، وقد اعتاد الناس أن يلعبوا بكتاب الله بين أظهرنا، فمن متناوّل لآياته غير مؤمن به، يريد يقسرها: على غير ما يدل عليه صريح اللفظ في كلام العرب، حتى يوافق ما آمن به، أو ما أشربته نفسه ومن عقائد أوربة ووثنيتها وإلحادها، أو يقربه إلى عاداتهم وآدابهم - إن كانت لهم آداب - ليجعل الإسلام دينًا عصريًّا في نظره ونظر ساداته الذين ارتضع لبانهم أو ربي في أحضانهم.

ومن منكر لكل شيء من عالم الغيب، فلا يفتأ يحاور ويداور، ليجعل عالم الغيب كله موافقًا لظواهر ما رأى من سنن الكون، إن كان يرى أو على الأصح لما فهم أن أوربة ترى! ! نعم، لا بأس عليه - عنده - أن يؤمن بشيء مما وراء المادة إن أثبته السادة الأوربيون، ولو كان من خرافات استحضار الأرواح! !

ومن جاهل لا يفقه في الإسلام شيئًا، ثم لا يستحي أن يتلاعب بقراءات القرآن وألفاظه المعجزة السامية، فيكذب كل الأئمة والحفاظ فيما حفظوا ورووا. تقليدًا لعصبية الإفرنج التي يريدون بها أن يهدموا هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ ليجعلوه مثل ما لديهم من كتب.

ص: 423

وهكذا مما نرى وترون.

نريد أن نحفظ أعراض المسلمين، وأن نحارب، ما أحدث (النسوان) وأنصار (النسوان) من المنكرات الإباحية والمجون والفجور والدعارة، هؤلاء (النسوان) اللائى ليس لهن رجال إلا رجال (يشبهن) الرجال! ! هذه الحركة النسائية الماجنة، التي يتزعمها المجددون وأشباه المجددين، والمخنثون من الرجال، والمترجلات من النساء، التي يهدمون بها كل خلق كريم، يتسابق وأولئك وهؤلاء إلى الشهوات، وإلى الشهوات فقط.

نريد أن ندعو الصالحين من المؤمنين، والصالحات من المؤمنات: الذين بقي في نفوسهم الحفاظ والغيرة ومقومات الرجولة، واللائي بقي في نفوسهن الحياء والعفة والتصون إلى العمل الجدي الحازم على إرجاع المرأة المسلمة إلى خدرها الإسلامي المصون، إلى حجابها الذي أمر الله به ورسوله، طوعًا أو كرهًا.

نريد أن نثابر على ما دعونا وندعو إليه من العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله في قضائنا كله، في كل بلاد الإسلام، وهدم الطاغوت الإفرنجي الذي ضرب على المسلمين في عقر دارهم في صورة قوانين، والله تعالى يقول {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ

ص: 424

صُدُودًا (61)} (1). ثم يقول: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} (2).

نريد أن نتحدث في السياسة، السياسة العليا للأمم الإسلامية، التي تجعلهم (أمة واحدة، كما وصفهم الله في كتابه، نسموا بها على بدعة القوميات، وعلى أهواء الأحزاب نريد أن نبصر المسلمين وزعماءهم بموقعهم من هذه الدنيا بين الأمم، وتكالب الأمم عليهم بغيًا وعدوًا، وعصبية وكراهية الإسلام أولاً وقبل كل شيء.

نريد أن نعمل على تحرير عقول المسلمين وقلوبهم من روح التهتك والإباحية، ومن روح التمرد والإلحاد، وأن نريهم أثر ذلك في أوربة وأمريكا، اللتين يقلدانهما تقليد القردة، وأن نريهم أثر ذلك في أنفسهم وأخلاقهم ودينهم.

نريد أن نحارب النفاق والمجاملات الكاذبة، التي اصطنعها كتاب هذا العصر أو أكثرهم فيما يكتبون وينصحون! يظنون أن هذا من حسن السياسة، ومن الدعوة إلى الحق (بالحكمة والموعظة الحسنة) اللتين أمر الله بهما! وما كان هذا منهما قط، وإنما هو الضعف والاستخذاء والملق والحرص على عرض الحياة الدنيا.

وما نريد بهذا أن نكون سفهاء أو شتامين أو منفرين معاذ الله

(1) النساء: 60، 61.

(2)

النساء: 65.

ص: 425

"وليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش ولا البذيء" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) ولكننا يزيد أن نقول الحق واضحًا غير ملتو، وأن نصف الأشياء بأوصافها الصحيحة، بأحسن عبارة نستطيعها، ولكننا نربأ بأنفسنا وبإخواننا، أن نصف رجل يعلن عداءه للإسلام، أو يرفض شريعة الله ورسوله - مثلًا - بأنه (صديقنا) والله سبحانه نهانا عن ذلك نهيًا حازمًا في كتابه، ونربأ بأنفسنا، أن نضعف ونستخذي فنصف أمة من الأمم تضرب المسلمين بالحديد والنار، وتهتك أعراضهم وتنتهب أموالهم، بأنها أمة (صديقة) أو بأنها أمة (الحرية والنور) إذا كان من فعلها مع إخواننا أنها أمة (الاستعباد والنار)! وأمثال ذلك مما يرى القارئ ويسمع كل يوم، من علمائنا، ومن كبرائنا وزعمائنا ووزرائنا! والله المستعان.

نريد أن نمهد للمسلمين سبيل العزة التي جعلها الله لهم ومن حقهم إذا اتصفوا بما وصفهم به: أن يكونوا (مؤمنين) نريد أن نوقظهم وندعوهم إلى دينهم بهذا الصوت الضعيف صوت مجلتنا هذه المتواضعة، ولكننا نرجو أن يدوي هذا الصوت الضعيف يومًا ما، فيملأ العالم الإسلامي، ويبلغ أطراف الأرض، بما اعتزمنا من نية صادقة، نرجو أن تكون خالصة لله وحده، جهادًا في سبيل الله، إن شاء الله.

فإن عجزنا أو ذهبنا، فلن يعدم الإسلام رجلًا أو رجالًا خير منا، يرفعون هذا اللواء، فلا يزال خفاقًا إلى السماء بإذن الله؟

(1) رواه الترمذي (3/ 138 من شرح المباركفوري)، وأحمد في المسند 3839، 3948.

ص: 426