الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصص القرآن
(*)
للأساتذة محمد أحمد جاد المولى بك، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، وعلى محمد البجاوي، والسيد شحاته (1)
{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} [يوسف: 3]
لم ينزل القرآن كتابًا لتسجيل تأريخ الأمم السابقة، وإنما هو هداية عامة للبشر، فيه تفصيل كل شيء، وفيه هدى ورحمة، وقصص من أنباء الرسل السابقين، والأقوام الغابرين، ما يعتبر به الناس، فينظرون إلى حاضرهم وإلى مستقبلهم، على ضوء ماضيهم وماضي غيرهم من الأمم.
وأعرض الناس في أزماننا هذه عن العبرة بالقرآن، وعن التأمل في آيات القرآن، وعن الاتعاظ بما جاء من النذر، صاروا - إلَّا أقلهم - لا يعرفون القرآن إلَّا أن يتغنى به المتغني في المآتم وبعض المجالس، وفي إذاعة الصباح والمساء من الراديو.
(*) مجلة الكتاب، ذي الحجة 1366 هـ، نوفمبر 1947 م.
(1)
426 صفحة من القطع الكبير. دار الكتب المصرية. القاهرة 1946
ثم هُمْ لا يكادون يستمعون إليه، إلَّا أن يكون المتغني - ولا أقول القارئ حسن الصوت - متلاعبًا بالنغمات، عابثًا بأوتار صوته، مغيرًا من معاني القرآن بما يجهل من أحكام الوقف والأداء، لا يهمه إلا الطرب، ولا يهمهم إلا الطرب. ذلك عندهم معنى ترتيل القرآن.
أما العبرة، وأما الموعظة، وأما الفقه فيه والاهتداء بهديه، فذلك آخر ما يفكرون فيه.
رأى هذا أو بعضه مؤلفو هذا الكتاب، فرأوا أن يعالجوا الداء من ناحية من نواحيه: ناحية القصص؛ فوضعوا كتابهم النفيس، رجاء أن يكون له أثر في تربية النشء وتهذيبه، وكلهم معلم مدرس. وأرى أن قد كان له أثر جليل، فإن هذه الطبعة هي الطبعة الثالثة.
وقدموا بين يدي الكتاب كلمة أبانوا بها عما إليه قصدوا:
"امتاز قصص القرآن الكريم بسموّ غاياته، وشريف مقاصده، وعلو مراميه: اشتمل على فصول في الأخلاق مما يهذب النفوس، ويجمّل الطباع، وينشر الحكمة والآداب، وطرق في التربية والتهذيب شتى، تساق أحيانًا مساق الحوار، وطورًا مسلك الحكمة والاعتبار، وتارة مذهب التخويف والإنذار، كما حوى كثيرًا من تاريخ الرسل مع أقوامهم، والشعوب مع حكامهم، وشرَح أخبار قوم هُدوا، فمكن الله لهم في الأرض، وأقوام ضلوا، فساءت حالهم، وخربت ديارهم، ووقع عليهم العذاب والنكال، يضرب بسيرهم المثل، ويدعو الناس إلى العظة والتدبر".
"كل هذا قصَّه في قول بيَّنٍ، وأسلوب حكيم، ولفظ رائع، وافتنان عجيب؛ ليدل الناس على الخُلق الكريم، ويدعوهم إلى الإيمان الصحيح، ويرشدهم إلى العلم النافع، بأحسن بيان، وأقوم سبيل، وليكون مثلهم الأعلى فيما يسلكون من طرق التعليم، ونبراسهم فيما يصطنعون من وسائل الإرشاد".
"ولكنه - على كريم مقاصده، وتنوع مذاهبه، وافتنان طرقه - قد وجد من أبناء هذا العصر من يهجره إلى غيره، ويتركه إلى سواه، مما وضعه الناس من قصص فيها الحق والباطل، وفيها الصحيح والزائف. هذا على الرغم من أن القرآن الكريم يعمر المدارس والمساجد، والمنازل والمجالس، ولا يجد منهم من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد".
"ولما رأينا من إقبال الناس على قراءة القصص، ولما شاهدناه من انصرافهم عن قصص القرآن - على ما فيه من شريف المقاصد والأغراض - وضعنا هذا الكتاب قصصًا شتى في ضوء القرآن وهديه، وعلى طريقته الحكيمة، من الاقتصار على بسط موضع العبرة إلا أن يكون موضعًا يحتاج إلى بيان، أو إشارة يعوز فيها القارئ التوضيح، وجلوناه في ثوب أدبي، وأسلوب سائغ، ولم نخرج فيما كتبنا عن آراء انتخلناها من كتب التفسير المشهورة، وأخبار رويناها عن ثقات المؤرخين".
وقد فعلوا وأوفوا بما وعدوا، وأراهم كانوا شديدي الحيطة من أن تدخل عليهم الإسرائيليات، التي دسها أعداء الإسلام ليفسدوا بها التاريخ الصحيح؛ فكان كتابهم كتابًا يستأهل الثناء.