الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابع: في ذكر من كره من العلماء المقتصر على القراءات السبع، وأن ذلك سبب نسبتهم ابن مجاهد إلى التقصير.
وعمل الشيخ فيها التصحيح والمراجعة. ونشرت الكتاب مكتبة القدسي سنة 1931 م.
ثانيًا: آثار الشيخ في الحديث وعلومه
1 - المسند للإمام أحمد بن حنبل
" وفي سنة 1946 م نَهَدَ أحمد شاكر لنشر ديوان السنة الأعظم: مسند الإمام أحمد، وهو العمل الذي استفرغ فيه جُهْدَه، وأَقدم عليه بعد أن آنس من نفسه نار القيام بأعباء هذا العمل الجليل، فالمسند كتاب تحاماه الرجال، وقديمًا تمنى الحافظ الذهبي - وهو من هو - "أن يُقَيَّض الله لهذا الديوان العظيم من يرتبه ويهذبه، ويحذف ما كرر فيه، ويصلح ما تصحف، ويوضح حال كثير من رجاله، وينبه على مرسله، ويُوَهَّن ما ينبغي من مناكيره" (1) فأقدم أحمد شاكر على هذا العِلْق النفيس، وتفنن في العناية به: ضبطًا وتحقيقًا، وشرحًا وتخريجًا، ثم شفع ذلك بفهرست دقيق فنشر منه سبعة عشر مجلدًا، ثم اعتاقَه ما اعتاقَهُ دون المدى فلم يتمّه"(2).
قال الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله: "ولعل دعوة
(1) سير أعلام النبلاء للذهبي (13/ 525).
(2)
محمود محمد شاكر الرجل والمنهج لعمر حسن القيّام (ص 35).
الذهبي قد أُجيبت بما صنع الشيخ أحمد شاكر في نشر هذه الطبعة الممتازة التي كانت أمنية حياته، وغاية همّه سنين طويلة. فقد جعل لأحاديث الكتاب أرقامًا متتابعة كانت كالأعلام للأحاديث بنى عليها فهارس ابتكرها، منها: فهرس للصحابة رواة الحديث مرتب على حروف المعجم، وفهرس الجرح والتعديل، وفهرس للأعلام والأماكن التي تُذكر في متن الحديث، وفهرس لغريب الحديث.
أما الفهارس العلمية فهي الأصل لهذا العمل العظيم، وما نظن أحدًا سبق الأستاذ المحقق إلى مثلها (1)، وقد بناها على أرقام الأحاديث، فذلل الصعوبة التي يعانيها المشتغلون بالسنة، فإن الحديث الواحد قد يدل على معان كثيرة متعددة في مسائل وأبواب منوعة، مما ألجأ البخاري رضي الله عنه إلى تقطيع الأحاديث وتكرارها في الأبواب، فصار من الميسور للباحث - بعد هذا الجهد البالغ الذي قام به الأستاذ المحقق - أن يجد الباب الذي يريده أو المعنى الذي يقصده بالاستقصاء التام والحصر الكامل.
(1)(وما نظن أحدًا سبق الأستاذ المحقق إلى مثلها) هذه العبارة أثارت حفيظة الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي ورأى أن فيها غَمْطًا لجهود الآخرين، فكتب على نسخته الخاصة من المسند تعليقًا - جارحًا - على هذه العبارة:"وهل كان مفتاح كنوز السنة إلا فهارس علمية لمسند أحمد، وكتب السنة، والصحيحين، والسنن، وكتب السيرة؟ ؟ ولكنّها الأغراض والتزلف وعمى العين عن رؤية الحق الذي هو أبهى من طلعة النهار" وكان التعليق في 31/ 3/ 1950 م، وأحتفظ بصورة منه.
وبعد: فهذا العمل العظيم حقًا، ليس وليد القراءة العاجلة، أو إزجاء الفراغ فيما يلذ ويشوق ويسهل، وإنما هو نتاج الكدح المتواصل، والتنقيب الشامل، والتحقيق الدقيق، والغوص العميق في بطون الكتب وثنايا الأسفار. وقد أنفق فيه صديقي نحو ربع قرن من الزمان، لو أنفقه في التأليف أو في نشر الكتب الخفيفة لكان لديه منها الآن عشرات وعشرات، ولجمع منها مالًا جزيلًا، وذكرًا جميلًا، ولكنه آثر السنة النبوية، وتقريبها لطالبيها على كل ذلك، فحقق الله أمله، وبارك عمله" (1).
وتعليقات الشيخ أحمد شاكر على الأجزاء التي حققها من المسند تعليقات نفيسة من الناحية الحديثية، ومن الناحية الموضوعية، حيث إن بعضها من السعة والشمول والقوة بحيث يكون كتابًا مستقلًا في موضوعه.
ومع شهادة غير واحد من أهل العلم ببلوغ الشيخ أحمد شاكر في معرفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم روايةً ودرايةً، مبلغًا لم يُجاره أحدُ به من معاصريه ممن يَنْتَحل صناعة الحديث، إلا أنهم لاحظوا أن في أحكامه على الأسانيد والرواة تسامحًا كما هو مَقُوْل بحق الإمام صاحب المستدرك، وبحق الإمام ابن حبان صاحب الصحيح وغيرهما (2).
(1) المسند للإمام أحمد (2/ 373 - 374).
(2)
انظر: تقدمة المسند بتحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد (1/ 148)، والصبح السافر في حياة العلامة أحمد شاكر (ص 97 - 98).