الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنا أعرف ما سيتحدث به عبيد أوربة وعبيد المال، من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وممن لا يستطيعون الصبر عن تلمس المتعة حيث كانت، وممن لا يستطيعون الصبر عن "الفن والجمال"! ! وعن الشهوات وعبادة المال.
أتريد هذه الأمة أن تعبد الله وحده، وتقف عند حدوده التي أمر بها كل من انتسب إلى الإسلام، أم تريد أن تعبد المال وحده، فتحرص على وروده من أوربة من أي طريق كان، ولو من طريق التهتك والفجور؟ ! .
على الأمة أن تختار أحد الطريقين: فإما إلى جنة وإما إلى نار، ولكن فليعلم المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمّهم الله بعقابه"(1).
وليعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله الخمر، ولعن شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها والمحمولة إليه، وآكل ثمنها"(2)، فليختر امرؤ لنفسه.
حضور المسلمين الصلاة في الكنائس
نشرت جريدة البلاغ، يوم الأحد 14 جمادى الأولى سنة 1371 = 10 فبراير سنة 1952 تلغرافيًّا في مدينة الفاتكان: أن بابا رومة لن
(1) حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في المسند، رقم 1، 16، من حديث أبي بكر الصديق.
(2)
حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في المسند 5716، من حديث عبد الله بن عمر، ورواه أيضًا أبو داود وابن ماجه.
يُمثَّل رومة في جنازة ملك الإنجليز جورج السادس، على الرغم من أنه يشارك الأسرة المالكة في بريطانيا والشعب البريطاني الحداد إلخ. وقال التلغراف:"وتفسير عدم اشتراك البابا بمندوب في الجنازة: بأن الصلاة في الكنيسة ستجري حسب طقوس الكنيسة الإنجليكانية، وهي طقوس لا يستطيع المندوب البابوي المشاركة فيها".
فهذا رجل مسيحي، بل هو رأس المسيحية الغربية المعترف به في دول العالم قاطبة، وملك الإنجليز الميت مسيحي أيضًا، والكنيسة التي ستقام فيها جنازته مسيحية، وطقوس الجنازة مسيحية، ولكن الفارق بين الفريقين اختلاف المذهب، لا اختلاف أصل الدين، فهذا الرجل الذي يحرص على طقوس مذهبه، يأبى أن يمثل رسميًّا في كنيسة لها طقوس غير طقوسه، ولا يستطيع مندوبه المشاركة فيها.
يفعل البابا هذا ويراه حقًّا له، ولا تستطيع رأس أن ترتفع بالدهشة لما صنع، ولا يستطيع لسان أن يقول كلمة، ولا يستطيع قلم أن يكتب حرفًا، ولا يستطيع أحد من أتباعه أو من غير أتباعه أن يرميه بالتعصب الديني بل بالتعصب المذهبيّ الفرعي. أما نحن فإذا قلنا: إن شريعتنا تحرم على كل مسلم أن يحضر صلاة غير صلاة المسلمين، في بيعة أو كنيسة أو غيرهما، ولم يشارك فيها ولم يعتقد منها شيئًا وأن من فعل هذا فقد ظهر بين المسلمين بمظهر الكفر والردة، لا يقبل منه عذرًا بمجاملة سياسية، ولا بنفاق اجتماعي، ولا بأي عذر من الأعذار، إذا قلنا شيئًا من هذا ثارت الدنيا وأخذتنا الأقلام، والألسنة
من كل جانب، ونادوا بالويل والثبور من تعصب المسلمين تعصبًا دينيًّا، ورُمينا ببغض المسيحيين، وببغض الأجانب، وقال كلٌّ ما شاء، بل يقول ذلك وأكثر منه الكتاب الكبار، والمتعلمون العظماء، الذين يرون أنهم أعرف الناس بحقائق الإسلام وشرائعه، بما ارتضعوا من لبان أوربة، وبما شربوا من نتاج المبشرين، وبما ربوا في أحضان الخواجات! ! .
* * *