الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المراسلة والمناظرة
(*)
1 -
استدراك على مقال
قرأت في مقتطف فبراير سنة 1944 مقالًا للدكتور أسعد طلس بشأن "دار الحديث النورية"(ص 132 - 137)، فرأيت فيه (ص 134) ما نصهُ:"وفي سنة تسع وتسعين وسبعمائة حين دخل التتار دمشق احترق قسم كبير من المدينة، وكانت هذه الدار وغيرها من معاهد العلم طعمة للنار، قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام: "وفي سنة تسع وتسعين وسبعمائة دخل التتار دمشق وشرعوا في المصادرة والفسق ونهبوا الصالحية وسبَوا أهلها ووقع الحريق
…
" إلى آخره.
وهذا الكلام منهُ مُحال، ومنهُ خطأ؛ أما المحال فأن يكون الحافظ الذهبي قال شيئًا من هذا، فإن الخبر عن حادث ينسب إلى سنة 799، والحافظ الذهبيّ مات سنة 748، أي؛ قبل التاريخ الذي أرَّخ به الحادث بأكثر من خمسين سنة. وأما الخطأ ففي تاريخ دخول التتار دمشق سنة 799؛ فإنهم لم يدخلوها إلّا سنة 803. وبذلك أرخها كل المؤرخين الذين رأينا مصادرهم بين أيدينا، لم يخالف أحد منهم في ذلك، فانظر مثلًا "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع"
(*) مجلة المقتطف، المجلد الرابع بعد المائة، يناير مايو سنة 1944.
للحافظ السخاوي (ج 3 ص 47 - 48) في ترجمة "تيمور لنك" فإنه ذكر أنهُ قصد سيواس في آخر سنة 802، ثم نزل يوم الخميس 9 شهر ربيع الأول سنة ثلاث يعني 803 على حلب. ثم ذكر أن التتار أقاموا بحلب يعاقبون ويأخذون الأموال إلى يوم السبت مستهل شهر ربيع الآخر أو ثانيه، ثم رحلوا على جهة دمشق وأخذوها. ثم قال:"واستمرَّ بدمشق - يعني تيمورلنك - إلى العشر الثاني من شعبان" إلى آخره. وكل ذلك في سنة 803، وانظر أيضًا "شذرات الذهب" لابن العماد (ج 7 ص 22، 64 - 265) فإنهُ يؤرخ دخول التتار إلى دمشق سنة 803، وانظر أيضًا "تاريخ ابن إياس" (ج 1 ص 334 طبعة بولاق) فإنهُ يؤرخ يوم حرق دمشق في حوادث سنة 803:"فلما كان يوم الخميس مستهل شعبان أمر تيمورلنك بإحراق مدينة دمشق" إلى آخره. ثم يقول (ص 335): "فلما كان يوم الجمعة ثاني شهر شعبان فيه - يعني في عام 803 - رحل تيمورلنك عن دمشق بعد ما فعل الذي فعلهُ، فأخذ عسكره وخرج من دمشق، وكانت مدة إقامته بدمشق إلى أن رحل عنها نحو ثمانين يومًا". وكذلك تجد تفصيل بعض هذه الحوادث في ذلك التاريخ في "خطط الشام" لمحمد كرد علي (ج 2 ص 179).
ولست أدري من أين أتى الخطأ لكاتب المقال ولمصدره الذي نقل عنهُ، وهو كتاب مخطوط للشيخ عبد القادر بدران. فلعلهُ يتفضل بالتحقيق أو التصحيح.
* * *