الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولئن قال هذا من قاله في حق الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر فله في هؤلاء سلف وأسوة، وإنما المسألة مسألة منهج يختطّه الإمام في النظر في أحوال الرواة وما قيل فيهم من جرح وتعديل، والنظر في الأسانيد واتصالها أو انقطاعها أو شذوذها أو نكارتها، والنظر في تعدد الطرق؛ وهل يكسب الحديث قوة .. إلى غير ذلك مما يختلف فيه الاجتهاد (1).
2 - جامع الترمذي:
هذا الكتاب من أنفع كتب الحديث لطالب العلم حيث جمع فيه مؤلفه فقه الحديث ومتنه، فبعد أن يسوق الأحاديث والطرق في كل باب يذكر اختلاف الفقهاء وأقوالهم في المسائل الفقهية، وكثيرًا ما يشير إلى دلائلهم، ويذكر الأحاديث المتعارضة في المسألة. وهذا مقصد من أعلى المقاصد وأهمها؛ إذْ هو الغاية الصحيحة من علم الحديث، تمييز الصحيح من الضعيف، للاستدلال والاحتجاج، ثم الاتباع والعمل، ويتكلم عن درجة الحديث صحةً وضعفًا، ويذكر ما اشتمل عليه السند من العلل، ويفصِّل القول في التعليل والرجال تفصيلًا جيدًا، وعن ذلك صار كتابُه هذا كأنّه تطبيق عملي لقواعد علوم الحديث، خصوصًا علم العلل، وصار أنفع كتاب للعالم والمتعلم، وللمستفيد والباحث في علوم الحديث.
(1) انظر: الصبح السافر في حياة العلامة أحمد شاكر (ص 98).
والترمذي بصنيعه هذا جمع بين غرض البخاري، وهو: بيان الفقه في المسألة. وغرض مسلم، وهو: جمع أحاديث الباب، وذكر الطرق في مكان واحد (1).
ولمكانة جامع الترمذي بين كتب السنة المطهرة نَهَضَ أحمد شاكر لنشر هذا الديوان العظيم، وكان تلقاه كله عن والده سماعًا، وله به شبه اختصاص وكبير عناية (2)، فحققه وأخرجه على أحسن وجوه الضبط والتصحيح: ببيان روايات نُسَخِه وضبط ألفاظه، وتفصيل جُمله، وشرح معانيه، وتحقيق مسائله، والتعليق عليه لاكتمال فوائده (3).
وجعل في طالعة الكتاب مقدمة حافلة ضمّنها بحثًا عن تصحيح الكتب، وصنع الفهارس المعجمة، وجهود المستشرقين في نشر التراث، وقبل ذلك ذكر النُّسخ التي اعتمد عليها، ووصفها، وأشار إلى الاختلاف بينها.
وقد أبان الشيخ أحمد شاكر في تحقيق هذا الكتاب عن شخصية مستقلة في التصحيح والتضعيف والحكم على الرجال، وكانت
(1) انظر: تقدمة كتابَي: جامع الترمذي للشيخ شاكر (1/ 67 - 70)، ومعارف السنن شرح سنن الترمذي للبنوري (1/ 45 - 46).
(2)
انظر: تقدمة أحمد شاكر لكتاب مفتاح كنوز السنة لفِنسِنك (صحيفة ج).
(3)
انظر: تقدمة عبد الفتاح أبو غدة لما كتبه أحمد شاكر في طالعة تحقيقه لجامع الترمذي التي استلّها الشيخ عبد الفتاح، ووضعها في جزء منفرد، وأسماها: تصحيح الكتب وصنع الفهارس المعجمة وكيفية ضبط الكتاب وسبق المسلمين الإفرنج في ذلك.
حواشيه على الكتاب نفيسة من الناحية الحديثية والفقهية إلا أنه مع الأسف الشديد لم يكمل الكتاب، وأخرج منه مجلدين، وبلغت الأحاديث التي حققها وعلّق عليها (616) حديثًا.
ولَحَظ غير واحد من أهل العلم أن الشيخ شاكر تسامح حينما أثبت على وجه الكتاب: (الجامع الصحيح، وهو: سنن الترمذي)، وتابع في هذا من تساهل في إطلاق هذا الوصف على كتاب الترمذي (1)، كالحاكم حين أطلق عليه اسم (الجامع الصحيح)، والخطيب حين أطلق عليه اسم (الصحيح)(2).
قال ابن الصلاح: "وهذا تساهل؛ لأن فيها ما صرحوا بكونه ضعيفًا أو منكرًا أو نحو ذلك من أوصاف الضعيف"(3).
واسم الكتاب على التحقيق كما وضعه مؤلفه، هو:(الجامع المختصر من السُّنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل)(4).
وقد طبعت مكتبة مصطفى البابي الحلبي هذين المجلدين سنة
(1) انظر: تعليق أحمد شاكر على دائرة المعارف الإسلامية (5/ 230).
(2)
انظر: مقدمة ابن الصلاح (ص 35).
(3)
مقدمة ابن الصلاح (ص 35).
(4)
حقق ذلك الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، في جزء أسماه: تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي.
وانظر منه (ص 53) وما بعدها.