الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - لصوص الثياب
لصَّ (1) المجددون من الشبان المفتونين بهم دينهم وعقولهم، وسرقوا من الفتيات عفافهن وحياءهن، والآن يريدون أن يسرقوا من الفريقين ثيابهم.
بالدعوة إلى "العري" قاتلهم الله أنى يؤفكون!
ألا ترى قائلهم يقول في المجلة السلموسية (يناير 1930): (إننا طغينا طغيانًا عظيمًا في تزيين اللباس، حتى باتت الزينة خطرًا على كل شاب مراهق تملأ رأسه خيالات كاذبة، لو أنه عرف حقيقتها لخفف من غلوائه في غرامة بجمال المرأة، ولو كنا نعيش كلنا عرايا كما تفعل الآن في أوقات معينة إحدى الطوائف في ألمانيا؛ لأخذ الاشمئزاز شيئًا كبيرًا من ذلك الغرام). ويقول أيضًا: ويجب أن لا يبرح من أذهاننا أن الإغراء الجنسي إنما يأتي من كثرة الملابس، وليس من قلتها، بل إن التجرد أو العري أدعى للاشمئزاز منه إلى الإغراء).
فما أوقح وما أفجر! !
وهذا نوع من تجديدهم لا يحتاج إلى تعليق.
5 - هل في شعائر الإسلام وثنية
(2)؟
وهذا مجدد آخر من طراز راقٍ! ! كتب في الأهرام (7 مارس سنة
(1) لص بمعنى سرق كما في المصباح، وهو من زياداته على اللسان.
(2)
مجلة الفتح العدد (رقم 191).
1930) فوصف ما شاهد في روما (مدينته الخالدة) من تقبيل قدم صنم من أصنامهم ثم قال:
"وكذلك في مكة يقبلون الحجر الأسود، وكذلك يقبلون في طنطا عمود السيد، وهنا يقبلون قدم تمثال بطرس، فنحن وإن اختلفنا مذاهب وشيعة مازلنا حافظين منذ أجيال دون وعي منا شيئا من عبادة الأسلاف .. شيئًا من الوثنية
…
".
دعنا الآن مما يظهر في ثنايا كلمات حضرة الكاتب من تقديس النصرانية والحدب عليها - والكاتب يسمى باسم من أسماء المسلمين - فذلك من النتائج الخطيرة في حياة المسلمين من نظم التعليم في مدارس المبشرين، وفي البعثات إلى أوربا، بل وفي المدارس المصرية نفسها قاطبة، ولله الأمر من قبل ومن بعد. ودعنا من محاسبته على لوازم أقواله ومراميها الدقيقة البعيدة، فلو حوسب حضرته عليها لكان من المدحضين.
ولكن نسأل الكاتب: هل قال مسلم قبل اليوم إن تقبيل الحجر الأسود من شعائر الوثنية ومن عبادة الأسلاف؟ بل هل كان الحجر الأسود سلفًا لأحد من الناس؟
اللهم إنا نعوذ بك من فلتات ألسنتنا ومن غلبة أهوائنا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو
قال على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم" (1). وإذ يقول: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم" (2).
إن تقبيل الحجر الأسود ليس له في شعائر الحج عند المسلمين أي معنى من معاني العبادة، وإنما هو عمل نقتدي فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم مما عمل من مناسك الحج، وقد أمرنا أن نأخذ عنه المناسك؛ ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند تقبيل الحجر:"إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك"(3).
وإنما أوهم حضرة الكاتب الفاضل جهله بالشريعة الإسلامية وفرائضها - إذ سمع من بعض الناس إنهم يقبلون الحجر الأسود، أنهم يقبلونه على معنى من معاني الوثنية، كما تفعل أمم ذات أديان أخرى، ولعله معذور في هذا الفهم؛ لأن النفس لا تتجه إلا إلى ما نشأت عليه وأشربته في قلبها، فتنساق إلى تأويل ما تسمعه أو تراه على ما رسخ فيها من عقائد وعادات، ولو كان المعنى الذي رآه حضرته مما يجول في خاطر أحد من المسلمين لكان أولى أن يجول
(1) رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه هو والترمذي. وانظر: الترغيب والترهيب (ج 4 ص 5)
(2)
رواه البخاري ومسلم وغيرهما. وانظر: فتح الباري (ج 11 ص 245 - 246) والعيني (ج 23 ص 71 - 72).
(3)
رواه البخاري ومسلم وغيرهما.