الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ التَّفْلِيسِ
قَالَ فِي الصَّحَاحِ: فَلَّسَهُ الْقَاضِي تَفْلِيسًا نَادَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْلَسَ، وَقَدْ أَفْلَسَ الرَّجُلُ صَارَ مُفْلِسًا اهـ وَالْمُفْلِسُ فِي الْعُرْفِ مِنْ لَا مَالَ لَهُ وَفِي الشَّرْعِ مَنْ لَا يَفِي مَالُهُ بِدَيْنِهِ كَمَا قَالَ ذَاكِرًا حُكْمَهُ (مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ حَالَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَالِهِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ (بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْقَاضِي، وَزَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَأَصْحَابُ الْحَاوِي وَالشَّامِلُ وَالْبَسِيطُ وَآخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَأَنَّ قَوْلَ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ فَلِلْقَاضِي الْحَجْرُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ أَيْ بَلْ إنَّهُ جَائِزٌ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ فِي مَالِهِ وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ» .
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ
(وَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ) لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْحَالِّ
ــ
[حاشية قليوبي]
كِتَابُ التَّفْلِيسِ
أَيْ إيقَاعُ وَصْفِ الْإِفْلَاسِ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الشَّخْصِ، وَاخْتَارَ هَذَا التَّعْبِيرَ عَلَى الْإِفْلَاسِ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ شَرْعًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ يُقَالُ: فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ نَادَى عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ، فَهُوَ لُغَةً النِّدَاءُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَبِهِ يَشْتَهِرُ بِصِفَةِ الْإِفْلَاسِ وَشَرْعًا مَنْعُ الْحَاكِمِ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا كَمَا فِي الرَّهْنِ
، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَجْرَ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ، وَلَعَلَّ أُجْرَةَ النِّدَاءِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ لِمَصْلَحَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَسَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا خِلَافُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمُفْلِسُ فِي الْعُرْفِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ) وَفِي اللُّغَةِ مَنْ صَارَ مَالُهُ فُلُوسًا، لِأَنَّهَا أَخَسُّ الْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ:(وَفِي الشَّرْعِ إلَخْ) سَوَاءٌ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ لَا، فَهُمَا إطْلَاقَانِ وَالْحَجْرُ حُكْمٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُجْعَلُ قَيْدًا فِيهِ. قَوْلُهُ:(مَنْ عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ يُطَالِبُ، وَلَوْ رَقِيقًا مَأْذُونًا فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ لِلْقَاضِي لَا لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ:(دُيُونٌ) الْجَمْعُ لَيْسَ قَيْدًا وَالْمُرَادُ دُيُونُ الْآدَمِيَّةِ الْعَيْنِيَّةِ اللَّازِمَةِ الْحَالَّةِ كَمَا يَأْتِي، فَلَا يُحْجَرُ بِالْمَنَافِعِ، وَلَا بِدَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ فَوْرِيًّا كَنَذْرٍ وَإِنْ انْحَصَرَ مُسْتَحِقُّوهُ، وَلَا بِنُجُومِ كِتَابَةٍ وَنَحْوِهَا، وَلَا بِمُؤَجَّلٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(عَلَى مَالِهِ) أَيْ عَيْنًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً حَيْثُ تَيَسَّرَ الْأَدَاءُ مِنْهُمَا كَدَيْنٍ عَلَى مُوسِرٍ بَاذِلٍ وَمَنْفَعَةٍ، نَحْوُ وَقْفٍ عَلَيْهِ يَسْهُلُ إجَارَتُهُ الْمُسْتَغِلَّاتِ وَالْوَظَائِفَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجْمَعُ مَالَهُ الْحَاصِلَ عِنْدَهُ، وَدَيْنَهُ الْمُتَيَسِّرَ وَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِ الرَّغْبَةِ، وَمِنْ رِيعِ الْمُسْتَغِلَّاتِ وَمَا يَرْغَبُ بِهِ أَوْ مُنْكِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ، وَالْمَرْهُونُ إنْ تَعَدَّى الْحَجْرَ إلَى الْجَمِيعِ وَلَوْ الْمَرْهُونَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا سَيَأْتِي. فَالْمَالُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي مَالِهِ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (يَحْجُرُ عَلَيْهِ) وَلَوْ رَقِيقًا كَمَا مَرَّ أَوْ مَحْجُورًا وَالْحَجْرُ عَلَى وَلِيِّهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْحَجْرُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكِّمِ لَا غَيْرِهِمَا، بِقَوْلِهِ: حَجَرْت عَلَيْهِ أَوْ مَنَعْته مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَزَادَ أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَبُ مِنْ الْمُفْلِسِ، أَوْ الْغُرَمَاءِ أَوْ بِلَا طَلَبٍ فِي نَحْوِ الْمَحْجُورِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(وَأَصْحَابُ الْحَاوِي) وَهُوَ لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالشَّامِلُ، وَهُوَ لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَسِيطُ وَهُوَ لِلْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ) لَيْسَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إفَادَةُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوُجُوبِ لِصِدْقِهَا بِغَيْرِهِ، فَكَانَ صَوَابُ النَّتِيجَةِ أَنْ يَقُولَ فَهُوَ وَاجِبٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ) وَقَسَّمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَأَصَابَهُمْ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ حُقُوقِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ يَعْنِي الْآنَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ) أَيْ لَا
ــ
[حاشية عميرة]
[كِتَابُ التَّفْلِيسِ]
هُوَ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الشَّرْعِ حَجْرُ الْحَاكِمِ عَلَى الْمَدْيُونِ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْعِ مَنْ لَا يَفِي إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ فِي الشَّرْعِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، وَفِي اللُّغَةِ مَنْ صَارَ مَالُهُ فُلُوسًا ثُمَّ كُنِّيَ بِهِ عَنْ قِلَّةِ الْمَالِ ثُمَّ شُبِّهَ
(وَإِذَا حَجَرَ بِحَالٍّ لَمْ يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَحِلُّ بِالْحَجْرِ كَالْمَوْتِ بِجَامِعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَالِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ دُونَ الْحَجْرِ
(وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُنْفِقُ مَنْ كَسَبَهُ فَلَا حَجْرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَكَذَا) لَا حَجْرَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَيْ لَا يُضَيِّعَ مَالَهُ فِي النَّفَقَةِ وَدَفَعَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فِي الْحَالِّ
(وَلَا يَحْجُرُ بِغَيْرِ طَلَبٍ) مِنْ الْغُرَمَاءِ (فَلَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ) الْحَجْرَ (وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ) بِأَنْ زَادَ عَلَى مَالِهِ (حَجَرَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الدَّيْنُ عَلَى مَالِهِ (فَلَا) حَجْرَ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ أَثَرُ الْحَجْرِ بِالطَّالِبِ بَلْ يَعُمُّهُمْ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمْ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لِمَصْلَحَتِهِمْ، وَلَا يُحْجَرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى مَا لَهُمْ فِي الذِّمَمِ (وَيُحْجَرُ بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَهُ فِيهِ غَرَضًا ظَاهِرًا.
وَالثَّانِي يَقُولُ الْحَقُّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِالْتِمَاسٍ مِنْهُ (فَإِذَا حُجِرَ) عَلَيْهِ بِطَلَبٍ أَوْ دُونَهُ (تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ) حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّهُمْ، وَلَا تُزَاحِمُهُمْ فِيهِ الدُّيُونُ الْحَادِثَةُ (وَأَشْهَدَ) الْحَاكِمُ اسْتِحْبَابًا (عَلَى حَجْرِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (لِيَحْذَرَ) أَيْ لِيَحْذَرَ النَّاسُ مُعَامَلَتَهُ
(وَلَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ فَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ
ــ
[حاشية قليوبي]
يَجُوزُ الْحَجْرُ بِهِ مُسْتَقِلًّا وَلَا يَحْسِبُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُقَابِلِ بِالْمَالِ، وَلَا يُطَالِبُ صَاحِبَهُ وَلَا يُشَارِكُ عِنْدَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ حَلَّ قَبْلَهَا شَارَكَ صَاحِبُهُ الْغُرَمَاءَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ:(كَالْمَوْتِ) وَمِثْلُهُ الرِّدَّةُ أَيْ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ، وَضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ بِخَلَاقِ الْجُنُونِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الرِّدَّةِ فِيمَا لَوْ قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ رِدَّتِهِ وَمَوْتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَيَتَعَيَّنُ فَسَادُ الْقِسْمَةِ. قَوْلُهُ:(بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ) وَالذِّمَّةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْإِنْسَانِ صَالِحٌ لِلْإِلْزَامِ، وَالِالْتِزَامِ وَهُوَ يَزُولُ بِالْمَوْتِ، فَلَا يُمْكِنُ التَّمَلُّكُ بَعْدَهُ وَلِذَلِكَ أَلْحَقَ بِهِ ضَرْبَ الرِّقِّ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْمَالِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ، فَلَا حَجْرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَا نَظَرَ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يُوجَدَ بِنَحْوِ كَسْبٍ.
قَوْلُهُ: (وَدَفَعَ إلَخْ) فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِالْوَفَاءِ فَإِنْ امْتَنَعَ أَكْرَهَهُ أَوْ بَاعَ مِنْ مَالِهِ، مَا يُوَفِّي بِهِ مِمَّا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ، وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، أَجَابَ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ، وَالْإِتْلَافِ لِئَلَّا يُضَيِّعَ أَمْوَالَهُ لَكِنَّهُ حَجْرُ غَرِيمٍ لَا حَجْرُ فَلَسٍ فَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ.
فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا م ر. لِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ، بَعْدَ طَلَبَ مُسْتَحِقِّهِ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى التَّعْزِيرِ بَلْ وَإِنْ أَدَّى إلَى مَوْتِهِ لِأَنَّهُ بِحَقٍّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْجُرُ) أَيْ لَا يَجُوزُ. قَوْلُهُ: (لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمْ) وَمِثْلُهُمْ الْمَسْجِدُ وَالْجِهَةُ الْعَامَّةُ كَالْفُقَرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَفَهٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ فَلَسٍ بِغَيْرِ طَلَبٍ مِنْ وَلِيِّهِمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلِيٌّ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ) إلَّا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ أَوْ غَيْرِ مَوْثُوقٍ، فَلِلْقَاضِي الْأَمِينِ حِينَئِذٍ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِيفَاءَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ:(بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ لَكِنْ بَعْدَ دَعْوَى الْغُرَمَاءِ بِالدَّيْنِ، وَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَلَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي. قَوْلُهُ:(أَوْ بِدُونِهِ) كَمَا فِي الْمَحْجُورِ السَّابِقِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ أَصْوَبُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ: (حَقُّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ لَا حَقُّ اللَّهِ كَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ، وَقِيلَ: تَتَعَلَّقُ نُجُومُ الْكِتَابَةِ بِمَالِ الْمُكَاتَبِ، إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهَا حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ:(بِمَالِهِ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ مَرْهُونًا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ، وَلَا بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْوَاقِعُ بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَوْ وَقَعَ الْحَجْرُ فِي زَمَنِ خِيَارِ بَيْعٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الْغُرَمَاءُ، بَلْ لَهُ الْفَسْخُ أَيْ وَالْإِجَازَةُ. قَوْلُهُ:(اسْتِحْبَابًا) أَيْ يَنْدُبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ وَأَنْ يُنَادِيَ عَلَيْهِ، أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ
ــ
[حاشية عميرة]
بِهِ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ؛ لِأَجْلِ نُقْصَانِ مَالِهِ عَنْ دُيُونِهِ، وَقَوْلُهُ: مَنْ لَا يَفِي خَرَجَ مَنْ لَا مَالَ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا حَجَرَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَفْلَسَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(لَمْ يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ) فِي حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ بِالْجُنُونِ قَوْلَانِ: قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمَشْهُورُ الْحُلُولُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَعَلَيْهِ يَمْتَنِعُ الشِّرَاءُ لَهُ بِالْمُؤَجَّلِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِغَيْرِ طَلَبٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ وَهُمْ نَاظِرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ) أَيْ وَأَيْضًا فَالْحُرِّيَّةُ وَالرُّشْدُ
تَصَرُّفُهُ) الْمَذْكُورُ (فَإِنْ فَضَلَ ذَلِكَ عَنْ الدَّيْنِ) لِارْتِفَاعِ الْقِيمَةِ أَوْ إبْرَاءٍ (نَفَذَ وَإِلَّا لَغَا) أَيْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ نَافِذًا أَوْ لَاغِيًا (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ (فَلَوْ بَاعَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ بِدَيْنِهِمْ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَثْبُتُ عَلَى الْعُمُومِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ. وَالثَّانِي قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ السَّابِقِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ، وَالْكَلَامُ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَجْرٌ وَبِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ
(فَلَوْ بَاعَ سَلَمًا) طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا بِثَمَنٍ (فِي الذِّمَّةِ فَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ وَيَثْبُتُ) الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ (فِي ذِمَّتِهِ) وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالسَّفِيهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الثَّانِي قَوْلًا شَاذًّا (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ) زَوْجَتَهُ (وَاقْتِصَاصُهُ وَإِسْقَاطُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ
(وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ) بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ) كَمَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ جَزْمًا، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِمْ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاطَأَةِ وَدَفَعَ بِأَنَّهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أُجْرَةُ الْمُنَادِي عَلَى الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ بَلْ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، أَوْ نَحْوِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ تَصَرُّفُهُ مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأَمَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ فِيمَنْ لَا تَحْبَلُ، وَإِذَا حَبِلَتْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ انْفَكَّ الْحَجْرُ بِغَيْرِ بَيْعِهَا، أَوْ مِلْكِهَا بَعْدَهُ لَا تَعُودُ أُمَّ وَلَدٍ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْجَائِزِ) أَيْ مَعَ نَقْصِ نَظَرِ الْمُفْلِسِ عَنْ نَظَرِ الْقَاضِي، فَلَا يَرُدُّ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(وَالْكَلَامُ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا ذُكِرَ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ:(وَبِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ) الْبَيْعُ لِلْغُرَمَاءِ بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ لِجَمِيعِهِمْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَكُونَ دَيْنُهُمْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِأَخْذِ مَالِ الْمُفْلِسِ، بِدُيُونِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ جَازَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَقْدَ يُحْتَاطُ لَهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَاعَ سَلَمًا) خَرَجَ الْمُشْتَرِي سَلَمًا فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَضَابِطُ مَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ بِالْعَيْنِ مُفَوِّتٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَنْشَأَهُ فِي الْحَيَاةِ ابْتِدَاءً فَخَرَجَ بِالْمَالِ نَحْوُ الطَّلَاقِ، وَبِالْعَيْنِ الذِّمَّةُ كَالسَّلَمِ، وَبِالْفَوَاتِ مِلْكُهُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ صَدَاقٍ لَهَا أَوْ وَصِيَّةٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ: فَكَيْفَ يَنْفُذُ عِتْقُهُ مَعَ تَفْوِيتِهِ عَلَيْهِمْ فَتَأَمَّلْهُ، وَبِالْإِنْشَاءِ الْإِقْرَارُ وَسَيَأْتِي، وَبِالْحَيَاةِ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا، وَبِالِابْتِدَاءِ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَنَحْوُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ إضَافَةِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ شُمُولَهُ لِإِسْقَاطِ أَرْشٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ دَيْنٍ لَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْمُفْلِسِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ إسْقَاطَهُ الْقِصَاصَ مَجَّانًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ غَيْرَ الْقِصَاصِ لَا يُسَمَّى إسْقَاطًا، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ إبْرَاءٌ فَلَا يَرُدُّ عَلَى رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْمُفْلِسِ الْمُنَاسِبِ لِلضَّمَائِرِ قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ إلَخْ) أَيْ ثَبَتَ وَإِنْ لَمْ يُلْزَمْ كَبَيْعٍ مَعَ خِيَارٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ) وَلَا يَحْلِفُ هُوَ وَلَا الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ) أَيْ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ فَهُوَ فِي زَمَنِهِ كَوَقْتِ الْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ) وَلَا يَحْلِفُ هُوَ وَلَا الْمُقَرُّ لَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ) وَدُفِعَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ
ــ
[حاشية عميرة]
يُنَافِيَانِ الْحَجْرَ، وَإِنَّمَا اُرْتُكِبَ عِنْدَ سُؤَالِ الْغُرَمَاءِ لِلضَّرُورَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ) عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ وَلَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا حَالًّا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُوقَفُ تَصَرُّفُهُ) أَيْ كَالْمَرِيضِ لَكِنَّ الْمَرِيضَ يَنْفُذُ حَالًّا ظَاهِرًا. أَوْ قَوْلُهُ وَإِلَّا لَغَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ أَنْوَاعٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ نَقَضْنَا الْأَضْعَفَ فَالْأَضْعَفَ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْقُضُ الرَّهْنَ ثُمَّ الْهِبَةَ ثُمَّ الْبَيْعَ ثُمَّ الْكِتَابَةَ ثُمَّ الْعِتْقَ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ يَنْقُضُ الْآخَرَ فَالْآخَرَ، وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِفَرْقٍ مَذْكُورٍ فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ بَانَ أَنَّهُ إلَخْ إيضَاحُهُ مَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ الْقَوْلِ بِوَقْفِ الْعُقُودِ الْمَنْسُوبِ لِلْقَدِيمِ، فَإِنَّ ذَاكَ وَقْفُ صِحَّةٍ وَهَذَا وَقْفُ تَبَيُّنٍ، وَكَانَ مَأْخَذُهُ أَنَّ حَجْرَ الْمُفْلِسِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْقَدْرَ الْمُزَاحِمَ لِلدُّيُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ كَالرَّهْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ بَاعَ مَالَهُ إلَخْ) أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: بِدَيْنِهِمْ خَرَجَ بِهِ الْبَيْعُ بِبَعْضِهِ أَوْ بِعَيْنٍ، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ قَطْعًا لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ ارْتِفَاعَ الْحَجْرِ ثُمَّ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابُ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُمْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَبَاعَهُمْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ بَاعَ مُرَتَّبًا فَالْبُطْلَانُ وَاضِحٌ وَإِنْ بَاعَ مَعًا وَدَيْنُهُمْ مُخْتَلِفُ النَّوْعِ كَانَ كَبَيْعِ عَبِيدٍ، جَمَعَ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَيَبْطُلُ وَإِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْآتِي، وَالْكَلَامُ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَجْرٌ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي قَالَ الْأَصْلُ إلَخْ) لَوْ صَدَرَ الْإِيجَابُ مِنْهُ قَبْلَ مُوَاطَأَتِهِمْ فَفِيهِ مَا سَلَفَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ) كَذَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ. قَوْلُهُ: (زَوْجَتُهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمُخَالِعُ أَجْنَبِيًّا أَوْ لِلزَّوْجَةِ، وَهُمَا مُفْلِسَانِ فَإِنَّهُ لَا
خِلَافُ الظَّاهِرِ (وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ مُطْلَقًا) أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ) فَلَا يُزَاحِمُهُمْ الْمُقَرُّ لَهُ (وَإِنْ قَالَ عَنْ جِنَايَةٍ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) فَيُزَاحِمُهُمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ عَنْ مُعَامَلَةٍ وَإِنْ أَطْلَقَ وُجُوبَهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ التَّنْزِيلُ عَلَى الْأَقَلِّ وَجَعَلَهُ كَمَا لَوْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ. زَادَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ وَإِنْ أَمْكَنَتْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ
(وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ) فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي إبْقَائِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ (وَالْأَصَحُّ تَعَدِّي الْحَجْرِ إلَى مَا حَدَثَ بَعْدَهُ بِالِاصْطِيَادِ وَالْوَصِيَّةِ وَالشِّرَاءِ) فِي الذِّمَّةِ (إنْ صَحَّحْنَاهُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي لَا يَتَعَدَّى إلَى مَا ذُكِرَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَيْسَ لِبَائِعِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ فِي الذِّمَّةِ (أَنْ يَفْسَخَ وَيَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ إنْ عَلِمَ الْحَالَ، وَإِنْ جَهِلَ فَلَهُ ذَلِكَ) وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَقَلِّ) وَهُوَ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ، وَجَعَلَهُ بَعْدَ التَّنْزِيلِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ تَنْزِيلٌ آخَرُ. قَوْلُهُ:(هَذَا) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّنْزِيلِ وَالْجُعْلِ وَمِثْلُهُ إطْلَاقًا الْإِسْنَادُ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ مَا هُنَا شَامِلًا لَهُ وَفِيهِ بُعْدٌ. قَوْلُهُ:(فَيَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ أَنْ يُرَاجَعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي هَذِهِ يُرَاجَعُ مَرَّتَيْنِ وَفِي الْأُولَى مَرَّةً.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ إلَخْ) فَلَا يَجِبُ مَعَ الْغِبْطَةِ فِيهِ، لِعَدَمِ وُجُوبِ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ حَاصِلٌ وَفَارَقَ لُزُومَ الرَّدِّ عَلَى الْوَلِيِّ، لِرِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ جَعْلَ إمْسَاكِ الْمَرِيضِ مَا اشْتَرَاهُ فِي صِحَّتِهِ، وَالْغِبْطَةِ فِي الرَّدِّ تَفْوِيتًا فَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ حَجْرَ الْمَرِيضِ أَقْوَى.
قَوْلُهُ: (بِالْعَيْبِ) وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ. قَوْلُهُ: (مَا كَانَ) لَفْظُ كَانَ زَائِدٌ فَيَدْخُلُ مَا اشْتَرَاهُ حَالَ الْحَجْرِ، فَلَهُ رَدُّهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ شُهْبَةَ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا رَدَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَدْ تَنَازَعَهَا الْمَفْهُومَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لَهَا، فَلَوْ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ عَلَى مُقْتَضَاهُ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْمَنْهَجِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَجَبَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاعْتَرَفَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَائِهِ، قَبْلُ بَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ، أَيْ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَائِهِ شَرْعًا تَسْتَلْزِمُ قُدْرَتَهُ عَلَى بَقِيَّةِ الدُّيُونِ اهـ. فَقَوْلُهُ قَبْلَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ يُرَادُ بِهِ وَقْتُ الْحَجْرِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ وَبَطَلَ أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ: بِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْوَفَاءِ، وَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَاءِ مَا أَقَرَّ بِهِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي وَفَائِهِ، فَيَلْزَمُ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا حَالَ الْحَجْرِ، فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَوْلُهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُدْرَةِ مِلْكُهُ مَا يُوَفِّي بِهِ الدَّيْنَ الْمُقَرَّ بِهِ، فَهُوَ الْآنَ مُوسِرٌ بِذَلِكَ، وَالْحَجْرُ بَاقٍ عَلَيْهِ،
ــ
[حاشية عميرة]
يَصِحُّ مِنْهُمَا إلَّا فِي الذِّمَّةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَجْرَ حَجْرُ مَرَضٍ أَوْ سَفَهٍ، وَفِيهِ قَوْلَانِ أَيْ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ:(كَمَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ إلَخْ) وَكَمَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ وَلَوْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ تَحْلِيفَهُ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لَا يُفِيدُ. أَقُولُ: وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى إنْسَانٍ إشْهَادٌ بِدَيْنٍ، أَوْ مَالٌ شَرِكَةً وَنَحْوُهَا فَأَقَرَّ مَالِكُ ذَلِكَ بِهِ لِآخَرَ ثُمَّ ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، أَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ ذَلِكَ مَثَلًا، بَلْ كَانَ لِشَهَادَةٍ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ لَا يَحْلِفُ الْمُقِرُّ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ) عَلَى هَذَا اتِّبَاعُ الْعَيْنِ فِي الدَّيْنِ فَلَوْ كَانَتْ وَدِيعَةً، فَهَلْ تُضْمَنُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْبَيْعِ، مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(لَمْ يُقْبَلْ) وَجْهُهُ فِي الْإِطْلَاقِ التَّنْزِيلُ عَلَى الْمُعَامَلَةِ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْمَرَاتِبِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْإِجْبَارِ عَلَى الرَّدِّ. وَقَوْلُهُ بِالْعَيْبِ خَرَجَ بِهِ الرَّدُّ بِالْخِيَارِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا ثُمَّ عِلَّةُ الْجَوَازِ كَوْنُ الْفَسْخِ لَيْسَ ابْتِدَاءَ تَصَرُّفٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(مَا كَانَ اشْتَرَاهُ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ رَدِّ مَا اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ حَالَ الْحَجْرِ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ فُرِضَ عَدَمُ الْغِبْطَةِ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ مَعًا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لِبَائِعِهِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَ مَحَلُّهَا عِنْدَ ذِكْرِ التَّصَرُّفِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَكِنْ أَخَّرَهَا لِيَسُوقَ تَصَرُّفَاتِ الْمُفْلِسِ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ تَقْدِيرَهُ وَإِنَّهُ إنْ جَهِلَ كَيْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ) عِلَّتُهُ عَدَمُ الْوُصُولِ إلَى الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ