الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ. وَبِأَنَّ الْغَلَطَ بِالتَّقْدِيمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ أَوْ لِخَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ. وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الْمَانِعِ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَوْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ فَوَقَفُوا بِغَيْرِ عَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُمْ.
فَصْلٌ: وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ
لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (وَمَنْ دَفَعَ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْ قَبْلَهُ وَعَادَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي) بِأَنْ كَانَ بِهَا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ أَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِهَا أَصْلًا (أَرَاقَ دَمًا وَفِي وُجُوبِهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ بِعَرَفَةَ عِنْدَ الْغُرُوبِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الدَّمِ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ. وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَحْضُرْ مُزْدَلِفَةَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَحَضَرَهَا سَاعَةً فِي النِّصْفِ الثَّانِي حَصَلَ الْمَبِيتُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ. (وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى مِنًى) لِيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الزَّحْمَةِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالدَّمِ وَلَا النَّفْرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا» . وَرَوَيَا عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنَا مِمَّنْ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضِيَافَةِ أَهْلِهِ» : وَلَوْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْغَدِ) لَعَلَّهُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنهما. قَوْلُهُ: (لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ) وَهُوَ لَا عِبْرَةَ بِالْغَلَطِ بِسَبَبِهِ وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِإِنْ غُمَّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لَوْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ إلَخْ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْعَاشِرَ إلَخْ لِأَنَّهُ زَمَانٌ.
فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمَا مَعَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ صَرْفُهُ وَلَوْ عَنْ حَاصِلٍ لِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الدَّمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الْمَبِيتَ بِهَا وَاجِبٌ. قَوْلُهُ: (سَاعَةً) أَيْ لَحْظَةً وَلَوْ بِالْمُرُورِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ كَانَ طَالِبًا لِآبِقٍ مَثَلًا كَعَرَفَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُرُورُ لَهَا فِي هَوَائِهَا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ) أَيْ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا، وَالْأَوَّلُ لَمْ يُوجِبْهُ لِكَوْنِهِ مَبِيتًا إذْ لَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِمْ لَا يُصَلُّونَهَا لِنَحْوِ رُبْعِ اللَّيْلِ فَخُفِّفَ عَلَيْهِمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَعْمَالِ الْكَثِيرَةِ. كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ اعْتِبَارُ الْوُجُوبِ وَلَا النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلِ فَتَأَمَّلْهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ جَمِيعُ النِّصْفِ الثَّانِي لَمْ يَضُرَّ فِي حَجِّهِ وَلَيْسَ هُوَ كَعَرَفَةَ لِمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ]
َ هِيَ مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ، وَكُلُّهَا مِنْ الْحَرَمِ وَتُسَمَّى جَمْعًا وَالسُّنَّةُ الِاغْتِسَالُ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِلْوُقُوفِ بِهَا، وَلِلْعِيدِ كَمَا سَلَفَ وَذَهَبَ ابْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ إلَى أَنَّ الْمَبِيتَ بِهَا رُكْنٌ وَالصَّحِيحُ وُجُوبُهُ فِي جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي، وَكِفَايَةُ الْمُرُورِ فِيهِ لِعَرَفَاتٍ، وَيَدُلُّ لِعَدَمِ الرُّكْنِيَّةِ سُقُوطُهُ عَنْ الْمَعْذُورِينَ. قِيلَ: وَعِبَارَةُ الْكِتَابِ تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا قَبْلَ النِّصْفِ وَبَعْدَهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي وُجُوبِهِ إلَخْ) نُظِرَ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ عَدَمُ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذَا الْفَصْلِ، فَلَا يَهْتَدِي النَّاظِرُ إلَيْهِمَا. الثَّانِي: أَنَّ قَضِيَّتَهُ اسْتِحْبَابُ الدَّمِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَجَّحِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ رحمه الله، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي سَاقَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ لَا يُفْهَمُ شَيْءٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ:(حَصَلَ الْمَبِيتُ) أَيْ حَصَلَ مَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الدَّمِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ مَبِيتًا. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ) هَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ الْمُزْدَلِفَةَ إلَّا
بِالْوُقُوفِ عَنْ مَبِيتِ الْمُزْدَلِفَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ وَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَفَاتَهُ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ. قَالَ الْقَفَّالُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالطَّوَافِ قَالَ الْإِمَامُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَى تَرْكِ الْمَبِيتِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. (وَيَبْقَى غَيْرُهُمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ مُغَلِّسِينَ) بِهَا لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتَّغْلِيسُ هُنَا أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا مِنْ بَاقِي الْأَيَّامِ لِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَعْمَالِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ (ثُمَّ يَدْفَعُونَ إلَى مِنًى وَيَأْخُذُونَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ حَصَى الرَّمْيِ) قَالَ الْجُمْهُورُ: لَيْلًا.
وَقَالَ الْبَغَوِيّ: بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْمَأْخُوذُ سَبْعُ حَصَيَاتٍ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَقِيلَ: سَبْعُونَ حَصَاةً لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ: الْتَقِطْ لِي حَصًى قَالَ فَلَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ» .
وَهُوَ بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَالذَّالِ السَّاكِنَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُقَدَّمِينَ بِاللَّيْلِ يَأْخُذُونَ حَصَى الرَّمْيِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ أَيْضًا (فَإِذَا بَلَغُوا الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) وَهُوَ جَبَلٌ فِي آخِرِ الْمُزْدَلِفَةِ يُقَالُ لَهُ قُزَحٌ بِضَمِّ الْقَافِ، وَبِالزَّايِ (وَقَفُوا) فَذَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى (وَدَعَوْا إلَى الْإِسْفَارِ) مُسْتَقْبِلِينَ الْكَعْبَةَ. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صَلَّى رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى عَلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَوَحَّدَ وَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا» (ثُمَّ يَسِيرُونَ فَيَصِلُونَ مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَيَرْمِي كُلُّ
ــ
[حاشية قليوبي]
عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ. وَكَذَا الَّتِي بَعْدَهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ. قَوْلُهُ: (لَوْ أَفَاضَ) أَيْ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَفَارَقَ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قَالَ الْقَفَّالُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَمِثْلُ هَذَا مَنْ بَادَرَتْ إلَى الطَّوَافِ خَوْفَ طُرُوُّ نَحْوِ حَيْضٍ، وَجَمِيعُ أَعْذَارِ مِنًى تَأْتِي هُنَا. قَوْلُهُ (يَدْفَعُونَ) أَيْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ:(قَالَ الْجُمْهُورُ لَيْلًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَأْخُوذُ سَبْعُ حَصَيَاتٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَحْسَنُ أَخْذُ حَصْوَةٍ زِيَادَةً خَشْيَةَ سُقُوطِ وَاحِدَةٍ مِنْهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يَغْسِلَهَا وَلَا يُكْرَهُ أَخْذُهَا مِنْ بُقْعَةٍ مِنْ الْبِقَاعِ إلَّا مِنْ الْمَرْمَى أَوْ مِنْ مَحَلٍّ نَجِسٍ أَوْ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَيَحْرُمُ مِنْ وَقْفِ مَسْجِدٍ. قَوْلُهُ:(وَظَاهِرٌ إلَخْ) هُوَ وَارِدٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُهُ بِجَعْلِ يَأْخُذُونَ عَطْفًا عَلَى يَبِيتُونَ لَا عَلَى يَدْفَعُونَ فَتَأَمَّلْهُ.
وَيُنْدَبُ لَهُمْ جَمِيعًا الِاشْتِغَالُ بِالتَّلْبِيَةِ لَا التَّكْبِيرُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ. قَوْلُهُ: (الْمَشْعَرُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَفِيهِ لُغَةٌ شَاذَّةٌ بِكَسْرِهَا وَالْحَرَامُ بِمَعْنَى الْحَرَمِ لِأَنَّهُ مِنْهُ، وَهُوَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ جَبَلٌ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ جَمِيعُ مُزْدَلِفَةَ. قَوْلُهُ: (فِي آخِرِ الْمُزْدَلِفَةِ) وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: بِأَوْسَطِهَا، وَقَدْ اسْتَبْدَلَ النَّاسُ عَنْهُ الْآنَ بِالْوُقُوفِ عَلَى بِنَاءٍ مُحْدَثٍ هُنَاكَ يَظُنُّونَهُ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ حَصَلَ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَقَفُوا) أَيْ عِنْدَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْوُقُوفِ بِغَيْرِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمَنْ تَرَكَ الْوُقُوفَ مِنْ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (الْقَصْوَاءَ) اسْمٌ لِنَاقَةٍ مِنْ إبِلِهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ. وَقِيلَ بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ. وَنُسِبَ قَائِلُهُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَرِيبًا مِنْ رُبْعِ اللَّيْلِ، وَالدَّفْعُ بَعْدَ انْتِصَافِهِ جَائِزٌ. قَوْلُهُ:(وَالتَّغْلِيسُ إلَخْ) هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَاَلَّذِي أَفَادَتْهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمِنْهَاجِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَأْخُذُونَ) ظَاهِرُهُ الْعَطْفُ عَلَى يَدْفَعُونَ، فَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى إفَادَةِ حُكْمِ أَخْذِ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ وَمُقْتَضِيًا لَأَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ نَهَارًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى يَبِيتُونَ السَّابِقِ فَيُفِيدُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَعَوْا) مِنْهُ اللَّهُمَّ كَمَا أَوْقَفْتنَا فِيهِ وَأَرَيْتنَا إيَّاهُ وُفِّقْنَا لِذِكْرِك كَمَا هَدَيْتنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتنَا بِقَوْلِك، وَقَوْلُك الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 198] إلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] . وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وَقَفُوا بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يَبْتَهِلُ أَحَدُهُمْ، اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي إبِلًا اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي غَنَمًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ} [البقرة: 200 - 201] إلَى آخِرِ الْآيَةِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ رَسُولِك أَزْكَى تَحِيَّةٍ، وَأَفْضَلَ سَلَامٍ وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي دَارِ السَّلَامِ بِرَحْمَتِك، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيَّ دِينِي، وَاجْعَلْ خَشْيَتك نُصْبَ عَيْنِي، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا خَيْرَ مَقْصُودٍ، يَا خَيْرَ مَدْعُوٍّ يَا خَيْرَ مَرْجُوٍّ يَا خَيْرَ مَسْئُولٍ يَا خَيْرَ مُعْطٍ، اللَّهُمَّ ذَلِّلْ نَفْسِي حَتَّى تَنْقَادَ لِطَاعَتِك، وَيَسِّرْ عَلَيْهَا الْعَمَلَ بِمَا يُقَرِّبُهَا إلَى رِضَاك وَاجْعَلْهَا مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِك، وَسُكَّانِ جَنَّتِك ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَسِيرُونَ) أَيْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَرْمِي) أَفَادَتْ الْفَاءُ أَنَّ السُّنَّةَ الْمُبَادَرَةُ إلَى الرَّمْيِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِحَيْثُ إنَّ الرَّاكِبَ لَا يَنْزِلُ حَتَّى يَرْمِيَ وَهُوَ رَاكِبٌ، وَعِبَارَةُ
شَخْصٍ حِينَئِذٍ سَبْعَ حَصَيَاتٍ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّمْيِ) لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ (وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْجَمْرَةَ يَعْنِي يَوْمَ النَّحْرِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ» (ثُمَّ يَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ ثُمَّ يَحْلِقُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (أَوْ يُقَصِّرُ وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ) قَالَ تَعَالَى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: وَالْمُقَصِّرِينَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَتُقَصِّرُ الْمَرْأَةَ) وَلَا تُؤْمَرُ بِالْحَلْقِ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حَدِيثَ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ: يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الْحَلْقُ، وَعَنْ الْعِجْلِيّ أَنَّ التَّقْصِيرَ لِلْخُنْثَى أَفْضَلُ كَالْمَرْأَةِ (وَالْحَلْقُ) أَيْ إزَالَةُ الشَّعْرِ
ــ
[حاشية قليوبي]
إلَى السَّهْوِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسِيرُونَ) بِسَكِينَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ خِلَافًا لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ. وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً مِنْ الطَّرِيقِ أَسْرَعَ، وَإِذَا وَصَلُوا إلَى وَادِي مُحَسِّرٍ وَهُوَ فَاصِلٌ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى كَمَا مَرَّ مَعَ وَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ أَسْرَعَ الْمَاشِي وَحَرَّكَ الرَّاكِبُ دَابَّتَهُ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ حَتَّى يَقْطَعُوا عَرْضَ الْوَادِي. قَوْلُهُ:(فَيَصِلُونَ مِنًى) وَيُنْدَبُ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَهَا أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ هَذِهِ مِنًى قَدْ أَتَيْتهَا وَأَنَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك أَسْأَلُك أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِمَا مَنَنْت بِهِ عَلَى أَوْلِيَائِك، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْحِرْمَانِ وَالْمُصِيبَةِ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ وَارْتِفَاعِهَا كَرُمْحٍ. وَهَذَا وَقْتُ الْفَضِيلَةِ إلَى الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (فَيَرْمِي كُلُّ شَخْصٍ) وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْجَمْرَةَ وَيَسَارُهُ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ وَيَمِينُهُ إلَى جِهَةِ مِنًى لِأَنَّ الْجَمْرَةَ لَيْسَتْ مِنْهَا كَمَا مَرَّ. وَيُنْدَبُ فِي رَمْيِ غَيْرِ هَذَا الْيَوْمِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ يَأْخُذَ لَهُ مَوْضِعًا مِنْ مِنًى، وَالْأَوْلَى مَنْزِلُهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى يَسَارِ مُصَلَّى الْإِمَامِ. وَهَذَا الرَّمْيُ تَحِيَّةُ مِنًى فَيُبَادِرُ بِهِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ، حَتَّى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلرَّاكِبِ أَنْ لَا يَنْزِلَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ:(وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ) لِأَنَّهَا إجَابَةٌ لِطَالِبِ الْمَنَاسِكِ وَهَذَا قَدْ أَخَذَ فِي الِانْصِرَافِ عَنْهَا وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَعُودُ إلَيْهَا مَا عُلِمَ مُحْرِمًا. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالتَّحَلُّلِ لَا بِالزَّوَالِ فَمَتَى تَحَلَّلَ يُكَبِّرُ، وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِلَّا فَيُلَبِّي وَلَوْ بَعْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ. قَوْلُهُ:(وَيُكَبِّرُ) أَيْ ثَلَاثًا وَيَزِيدُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ إلَخْ. وَيَرْمِي بِالْيَمِينِ وَيَرْفَعُ الرَّجُلُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ رَمَاهَا. قَوْلُهُ: (مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ) وَفِي نُسْخَةٍ قَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَذْبَحُ) قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: «نَحَرَ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِائَةَ بَدَنَةٍ ذَبَحَ بِيَدِهِ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَعَلِيٌّ رضي الله عنه بَاقِيَهَا» . قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ عُمُرِهِ الشَّرِيفِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَحْلِقُ) وَيُنْدَبُ لِكُلِّ مَحْلُوقٍ وَلَوْ حَلَالًا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْبُدَاءَةُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ جَمِيعِهِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ. وَأَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَبْلُغَ بِهِ الْعَظْمَاتِ عِنْدَ الْأُذُنَيْنِ، وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ كَظُفْرِهِ وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ مَعَ التَّكْبِيرِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةً وَامْحُ عَنِّي بِهَا سَيِّئَةً، وَارْفَعْ لِي بِهَا دَرَجَةً وَاغْفِرْ لِي وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَزِيدُ الْمُحْرِمُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ وَالْمُقَصِّرِينَ. وَيُنْدَبُ التَّزَيُّنُ بِغَيْرِ الْحَلْقِ بِقَصِّ ظُفْرِهِ وَشَارِبِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ) أَيْ لِلذَّكَرِ كَمَا سَيَأْتِي فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لَهُ، وَيَكْفِيهِ عَنْ النَّذْرِ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَأَكْثَرَ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِاسْتِيعَابِ رَأْسِهِ فَيَلْزَمُهُ اسْتِيعَابُهُ وَلَا يَكْفِي عَنْ النَّذْرِ مَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا كَقَصٍّ وَنَتْفٍ وَإِحْرَاقٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ دَمٌ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ فَرَكِبَ. قَوْلُهُ:(وَتُقَصِّرُ الْمَرْأَةُ) أَيْ الْأُنْثَى وَلَوْ صَغِيرَةً أَيْ الْأَفْضَلُ لَهَا ذَلِكَ فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهَا لَهُ نَعَمْ إنْ كَانَتْ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهَا نُدِبَ لَهَا الْحَلْقُ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الْحَلْقُ) فَإِنْ مَنَعَهَا خَلَلٌ أَوْ نَقَصَ بِهِ اسْتِمْتَاعٌ لَهُ حَرُمَ إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ لِعُذْرٍ كَأَنْ تَتَأَذَّى بِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْوَلَدُ مَعَ وَالِدِهِ كَالزَّوْجِ إنْ كَانَ مَصْلَحَةٌ.
قَوْلُهُ: (الْعِجْلِيّ) ضَبَطَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ، وَكَلَامُهُ بِإِلْحَاقِ الْخُنْثَى لِلْمَرْأَةِ مُعْتَمَدٌ.
ــ
[حاشية عميرة]
الْمُحَرَّرِ وَكَمَا وَافَوْهَا رَمَوْا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاسْتِعْمَالُ الْكَافِ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ عِنْدَ لُغَةٌ عَجَمِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَصْوَبُ وَسَيَأْتِي شُرُوطُ الرَّمْيِ مُسْتَحَبَّاتُهُ. قَوْلُهُ:(فِي الْحَدِيثِ حَصَى الْخَذْفِ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هُوَ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى إلَى حَصَيَاتٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْحَلْقُ نُسُكٌ إلَخْ) جُمْلَةُ الْخِلَافِ فِيهِ رُكْنٌ سُنَّةٌ وَاجِبٌ مُبَاحٌ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ تَقْصِيرٌ إلَخْ) لَكِنْ لَوْ نَذَرَ الْحَلْقَ تَعَيَّنَ حَلْقُ الْجَمِيعِ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ وَلَا حَلْقُ الْبَعْضِ، وَلَا إزَالَتُهُ بِغَيْرِ الْحَلْقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَإِلَّا وَجْهَ حَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ، فَإِنَّهُ إذَا نَذَرَ صِفَةً فِي وَاجِبٍ لَمْ يَقْدَحْ تَرْكُ تِلْكَ الصِّفَةِ فِي الِاعْتِدَادِ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا فَرَكِبَ انْتَهَى.
فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ فِي وَقْتِهِ (نُسُكٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) فَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَهُوَ رُكْنٌ كَمَا سَيَأْتِي وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ بِالدُّعَاءِ لِفَاعِلِهِ بِالرَّحْمَةِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ.
وَالثَّانِي هُوَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورِ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فَأُبِيحَ لَهُ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّافِعِيِّ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ بِلَا خِلَافٍ (وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ إزَالَتُهَا مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ (حَلْقًا أَوْ تَقْصِيرًا أَوْ نَتْفًا أَوْ إحْرَاقًا أَوْ قَصًّا) مِمَّا يُحَاذِي الرَّأْسَ أَوْ مِمَّا اسْتَرْسَلَ عَنْهُ فِي دُفْعَةٍ أَوْ دُفُعَاتٍ قَالَ تَعَالَى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] أَيْ شَعْرَهَا وَهُوَ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ (وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ يُسْتَحَبُّ) لَهُ (إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ) تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ (فَإِذَا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ دَخَلَ مَكَّةَ وَطَافَ طَوَافَ الرُّكْنِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَسَعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى) بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ سَعَى بَعْدَهُ لَمْ يُعِدْهُ. وَسَيَأْتِي أَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ (ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى) لِيَبِيتَ بِهَا (وَهَذَا الرَّمْيُ وَالذَّبْحُ وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ يُسَنُّ تَرْتِيبُهَا كَمَا ذَكَرْنَا) وَلَا يَجِبُ، رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ. وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ: إنِّي أَفَضْت إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ» . وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يَوْمَئِذٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» وَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالرَّمْيِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَقَالَ: «لَا حَرَجَ» وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَلْقَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ مَعًا لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ لِوُقُوعِ الْحَلْقِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ، (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا) يَعْنِي غَيْرَ الذَّبْحِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهِ (بِنِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) لِمَنْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ.
رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَفَاضَتْ» . وَقِيسَ الْبَاقِي مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ (وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ إلَى
ــ
[حاشية قليوبي]
فَرْعٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْحَلْقِ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَوْ حَلَقَ فِيهِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَوْ يُسَوِّدُ رَأْسَهُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّقْصِيرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِحَلْقِ بَعْضِ رَأْسِهِ فِي كُلٍّ لِكَرَاهَةِ الْقَزَعِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ رَأْسَانِ فَحَلَقَ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَمْ يُكْرَهْ. قَوْلُهُ:(وَالْحَلْقُ نُسُكٌ إلَخْ) جُمْلَةُ الْخِلَافِ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ رُكْنٌ سُنَّةٌ وَاجِبٌ مُبَاحٌ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْغَزَالِيُّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ تَقْصِيرًا) هُوَ اسْمٌ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ بِأَيِّ آلَةٍ وَالْقَصُّ إزَالَتُهُ بِالْمِقْرَاضِ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَفَعَاتٍ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا مُتَوَالِيَةً. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الشَّعْرُ لِأَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ، وَلَوْ أَزَالَ شَعْرَةً وَاحِدَةً فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ كَفَى كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ. قَوْلُهُ:(يُسْتَحَبُّ لَهُ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ) وَلَوْ كَانَ بِهِ بَعْضُ شَعْرٍ نُدِبَ لَهُ مَعَ إزَالَتِهِ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى بَقِيَّةِ رَأْسِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْإِمْرَارُ هُنَا لِفَوَاتِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْوَاجِبُ وَهُوَ الشَّعْرُ لَا بَشَرَةَ الرَّأْسِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْمَسْحُ فِي الْوُضُوءِ، وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ صَبَرَ إلَى إمْكَانِهِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَلْقُ وَلَا تَكْفِيهِ الْفِدْيَةُ وَلَا يَجِبُ زَوَالُهُ إذَا نَبَتَ بَعْدَ إمْرَارِ الْمُوسَى عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ نَحْوِ شَارِبِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَشَيْءٍ مِنْ أَظْفَارِهِ، وَلَا يُنْدَبُ الْإِمْرَارُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ. وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ نَسَبَهُ لِشَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ:(طَوَافَ الرُّكْنِ) وَيُسَمَّى طَوَافَ الْفَرْضِ وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَطَوَافَ الصَّدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ بَعْدَهُ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَمِنْ زَمْزَمَ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ يَعُودُ) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ فِي السَّعْيِ وَالْعَوْدِ لَكَانَ أَوْلَى وَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) أَيْ التَّرْتِيبُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ يُفِيدُ عَدَمَ الْوُجُوبِ لَا النَّدْبَ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (يَعْنِي غَيْرَ الذَّبْحِ) وَسَكَتَ عَنْ السَّعْيِ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (لَيْلَةِ النَّحْرِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا مَرَّ فِي الْغَلَطِ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ وَقَفَ) أَيْ بِعَرَفَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَإِنْ كَانَ مَا ذُكِرَ يَتَأَخَّرُ عَنْ اللَّحْظَةِ الَّتِي لَهَا
ــ
[حاشية عميرة]
أَقُولُ لَعَلَّ مُرَادَهُ الْوَاجِبُ أَصَالَةً لِئَلَّا يَرُدَّ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا، ثُمَّ نَذَرَ أَنْ يَكُونَ مُتَتَابِعًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ) لَوْ كَانَ عَدَمُ الشَّعْرِ نَاشِئًا عَنْ إزَالَتِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَلَكِنَّهُ يَنْبُتُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إمْرَارُ الْمُوسَى الْآنَ، وَلَكِنْ مَتَى نَبَتَ هَلْ يَجِبُ حَلْقُهُ؟ ، هُوَ مُحْتَمَلٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ عَدَمَ الْوُجُوبِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ» ، وَجَمَعَ النَّوَوِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ صَلَّى
آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ) رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي رَمَيْت بَعْدَمَا أَمْسَيْت قَالَ: لَا حَرَجَ» وَالْمَسَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ) لِلْهَدْيِ (بِزَمَنٍ، قُلْت الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الصَّوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا سَبَقَ تَقَرُّبًا بِاَللَّهِ تَعَالَى.
وَفِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ بِمِنًى مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ.
وَقَالَ الْعَبْدَرِيُّ: لَا أُضْحِيَّةَ فِي حَقِّهِ كَمَا لَا يُخَاطَبُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ مَنْ أَحَلَّ حَجَّهُ انْتَهَى.
وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ عَنْ الْإِمَامِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ اسْتِحْبَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ لِلْحَاجِّ بِمِنًى (وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا)
ــ
[حاشية قليوبي]
لِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الزَّمَنِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ النِّصْفِ فَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَوْ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ بَعْدَهُ، وَلَوْ فَاتَ الْوُقُوفُ فَاتَتْ. وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ التَّرْتِيبُ هُنَا رُكْنًا، كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ بِأَنْ يُقَدَّمَ الْإِحْرَامُ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ الْوُقُوفُ ثُمَّ الطَّوَافُ، وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ ثُمَّ الطَّوَافُ عَلَى السَّعْيِ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ) أَيْ الِاخْتِيَارِيِّ. وَأَمَّا وَقْتُ الْفَضِيلَةِ فَمِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ. قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ فِيمَنْ اعْتَمَرَ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ وَمَعَهُ هَدْيٌ لِاقْتِضَائِهِ وُجُوبَ تَأْخِيرِهِ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ. وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ
أَخَّرَ هَدْيَهُ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ لِذَلِكَ الْوَقْتِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. كَذَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَا وَجْهَ لَهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ دَمَ الْهَدْيِ الَّذِي يُسَاقُ تَقَرُّبًا مِنْ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ أَوْ مِنْ الْمُعْتَمِرِ. كَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ، وَأَنَّ دَمَ الْجُبْرَانِ الْمَذْكُورِ هُنَا كَذَلِكَ. وَقَدْ «نَحَرَ صلى الله عليه وسلم فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَقْتَ حَصْرٍ» ، وَأَمَّا هَدْيُ التَّقَرُّبِ مِنْ الْحَاجِّ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) أَيْ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَتُهُ) أَيْ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ دَمَ الْجُبْرَانِ يُسَمَّى هَدْيًا، وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ صَحِيحٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَاعْتِرَاضُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ الْهَدْيَ هُنَا مَا سَاقَهُ الْحَاجُّ تَقَرُّبًا لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (إنَّهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ تُسْتَحَبُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُخَاطَبُ) أَيْ نَدْبًا بِصَلَاةِ الْعِيدِ أَيْ جَمَاعَةً. وَكَلَامُ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِهَا فُرَادَى فَلَا مُخَالَفَةَ. قَوْلُهُ: (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ وَلَوْ لِمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ،
ــ
[حاشية عميرة]
بِمَكَّةَ، وَأَعَادَ بِأَصْحَابِهِ بِمِنًى، أَقُولُ: قَضِيَّةُ الْجَمْعِ اسْتِحْبَابُ فِعْلِهَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ بِزَمَنٍ) أَيْ وَلَكِنْ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ فَوَقْتُهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا فِيمَنْ اعْتَمَرَ أَثْنَاءَ الْعَامِ، وَسَاقَ هَدْيًا كَيْفَ يَجِبُ تَأْخِيرُهُ بِمَكَّةَ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَاَلَّذِي سَاقَهُ عليه الصلاة والسلام فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، هَلْ كَانَ يُرِيدُ تَأْخِيرَهُ إلَى وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ لَا بُدَّ أَنَّهُ سَاقَ فِيهَا وَفِي حَدّ طر أَنَّهُ نَحَرَ بِالْمَرْوَةِ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ رحمه الله اخْتَلَفَ، وَالصَّوَابُ الْأَخِيرُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْهَدْيُ يُطْلَقُ عَلَى دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ وَالْمَحْظُورَاتِ، وَعَلَى مَا يُسَاقُ تَقَرُّبًا فَالْأَوَّلُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ، وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، فَالْأَوَّلُ أَرَادَهُ الْمُحَرَّرُ وَالثَّانِي أَرَادَهُ فِيمَا يَأْتِي قَالَ: وَقَدْ أَوْضَحَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الْهَدْيِ مِنْ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. غَايَةُ الْأَمْرِ، أَنَّهُ لَمْ يُفْصِحْ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُرَادِ فَظَنَّ النَّوَوِيُّ رحمه الله أَنَّ الْمَسْأَلَةَ وَاحِدَةٌ، فَاعْتَرَضَ فِي هَذَا الْبَابِ هُنَا فِي الرَّوْضَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّوَابِ) أَيْ فِي كَلَامِهِ الْمُخْتَصَرِ فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (مَا سِيقَ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا دِمَاءُ الْجُبْرَانَاتِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْقِيتِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَعَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَشَدُّ كَرَاهَةٍ. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ بَقَاءَهُ مُحْرِمًا دَائِمًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ: لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ مَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ
وَفِعْلُهَا يَوْمَ النَّحْرِ كَمَا تَقَدَّمَ أَفْضَلُ
(وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ نُسُكٌ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (فَفَعَلَ اثْنَيْنِ مِنْ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ) الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ قَبْلُ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ) مِنْ تَحَلُّلَيْ الْحَجِّ (وَحَلَّ بِهِ اللُّبْسُ وَالْحَلْقُ) إنْ لَمْ يَفْعَلْ (وَالْقَلْمِ) وَسَتْرُ الرَّأْسِ لِلرَّجُلِ وَالْوَجْهِ لِلْمَرْأَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ سَتْرَ الرَّأْسِ دُونَ الْحَلْقِ (وَكَذَا الصَّيْدُ وَعَقْدُ النِّكَاحِ) يَحِلَّانِ بِهِ (فِي الْأَظْهَرِ قُلْت) كَمَا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْأَكْثَرِ (الْأَظْهَرُ لَا يَحِلُّ عَقْدُ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَالْقُبْلَةِ أَنَّ الْأَظْهَرَ تَحْرِيمُهَا وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْحِلَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ وَفِي التَّطَيُّبِ طَرِيقَانِ أَشْهُرُهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْحِلِّ وَسَوَاءٌ أَثْبَتنَا الْخِلَافَ أَمْ لَمْ نُثْبِتْهُ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحِلُّ بَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَيَّبَ لِحِلِّهِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:«طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ كُنْت أُطَيِّبُ وَالدَّهْنُ مُلْحَقٌ بِالتَّطَيُّبِ (وَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) بَعْدَ الِاثْنَيْنِ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي وَحَلَّ بِهِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ) وَهُوَ الْجِمَاعُ وَالْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ لَيْسَ بِنُسُكٍ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ، وَالتَّحَلُّلُ الثَّانِي بِالْآخَرِ. وَرَوَى النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ حَدِيثَ:«إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ وَفِي رِوَايَةٍ وَذَبَحْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . وَضَعَّفَهُ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ أَنَّهُ يَطُولُ زَمَانُهُ وَتَكْثُرُ أَفْعَالُهُ بِخِلَافِهَا فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي آخَرَ.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَوُجُوبُ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ لَا لِخُرُوجِ وَقْتِهَا بَلْ لِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ مَشَقَّةً بِلَا فَائِدَةٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ وَجَوَابُهُ. قَوْلُهُ: (فَفَعَلَ اثْنَيْنِ إلَخْ) وَلَا دَخْلَ لِلذَّبْحِ فِي التَّحَلُّلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى فِي حُصُولِ التَّحَلُّلِ بِالطَّوَافِ. قَوْلُهُ:(لَيْسَ بِنُسُكٍ) وَكَذَا لَوْ سَقَطَ لِعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْحَلْقِ) وَعَدَمُ ذِكْرِهِ أَنْسَبُ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ حِلِّ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَحِلُّ الْجِمَاعُ بِالْأَوْلَى مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(فَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) نَعَمْ لَوْ كَانَ هُوَ الرَّمْيُ وَفَاتَهُ بِفَرَاغِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ وَلَوْ صَوْمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَ عَدَمَ تَوَقُّفِ تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ عَلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ لَهُ تَحَلُّلًا وَاحِدًا فَلَوْ اسْتَمَرَّ تَحْرِيمُ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ، وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ الْجِمَاعُ إلَخْ) لَكِنْ يُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى لِأَنَّهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَيَّامِ الْحَجِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية عميرة]
فِي مَسْأَلَتِنَا مَحَلُّهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي وَأَلَّا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ مَقَالَتَهُ بِأَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ يَخْرُجُ بِطُلُوعِ فَجْرِ النَّحْرِ، وَالتَّحَلُّلُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ اتِّفَاقًا بَلْ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ عَنْهُ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالنَّافِلَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، ثُمَّ يَمُدُّهَا وَذَلِكَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا. قَوْلُهُ:(وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْمِنْهَاجِ ذَكَرَ مَا تَرَكَهُ وَتَرَكَ مَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمُبَاشَرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْمُبَاشَرَةِ، وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَالصَّيْدِ عَلَّلَ الْأَوَّلَيْنِ بِتَعَلُّقِهَا بِالنِّسَاءِ، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» ، وَعَلَّلَ الصَّيْدَ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَمَنْ قَالَ بِالْحِلِّ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا يُوجِبُ تَعَاطِيهَا إفْسَادًا فَكَانَتْ كَالْحَلْقِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِمَاعُ إلَخْ) لَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ رَمْيِ بَاقِي الْأَيَّامِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ.