الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُلُولِ فَسَدَا) أَيْ الرَّهْنُ وَالْبَيْعُ لِتَأْقِيتِ الرَّهْنِ وَتَعْلِيقِ الْبَيْعِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَرْهُونُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَبْلَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتَ الْحُلُولِ (أَمَانَةٌ) وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ
(وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَ التَّلَفِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَلَا يُصَدَّقُ فِي) دَعْوَى (الرَّدِّ) إلَى الرَّاهِنِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) وَقَالَ غَيْرُهُمْ: يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ
(وَلَوْ
وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ)
مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ (بِلَا شُبْهَةٍ فَزَانٍ) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا بِخِلَافِ الْمُطَاوَعَةِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ جَهِلْت تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ يَنْشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَفْعِ الْحَدِّ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَقَوْلُهُ بِلَا شُبْهَةٍ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَقَوْلُهُ: فَزَانٍ، أَيْ فَهُوَ زَانٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ جَوَابُ لَوْ بِمَعْنَى أَنَّ مُجَرَّدَةٍ عَنْ زَمَانٍ، وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ قَبْلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ) مُطْلَقًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ فِي مَعْنَاهُ وَعَلَى الْقَبُولِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَقْيِيدِهَا بِذَلِكَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، فَالْأَوْلَى لِمَنْ يُرِيدُ الْإِيرَادَ إبْقَاؤُهَا عَلَى عُمُومِهَا، وَجَعْلُهَا أَغْلَبِيَّةً كَغَالِبِ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لِتَأْقِيتِ الرَّهْنِ) صَرِيحًا كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتُك كَذَا إلَى الْحُلُولِ، وَإِذَا لَمْ أَقْضِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك أَوْ ضِمْنًا كَانَ، قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا وَإِذَا إلَخْ. خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي هَذِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا إلَى أَنْ أُوَفِّيَ الدَّيْنَ، كَانَ بَاطِلًا مَعَ أَنَّهُ تَصْرِيحُ الْمُقْتَضَى لِوُجُودِ التَّأْقِيتِ فِيهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ ضَعِيفٌ، وَمَعَ الْقَوْلِ بِهِ يُمْكِنُ الْفَرْقُ، بِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمُقْتَضَى كَمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ. قَالَ شَيْخُنَا م ر بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَقَدَّمَ جَانِبُ الْمُرْتَهِنِ، كَأَنْ قَالَ: ارْهَنْ مِنِّي فَقَالَ: رَهَنْتُك وَإِذَا إلَخْ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْمَحَلِّ) وَكَذَا بَعْدَهُ إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ قَبْضُهُ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (أَمَانَةٌ) لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالرَّهْنِ الْفَاسِدِ. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي يُصَدَّقُ فَهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ قَاعِدَةِ: إنَّ كُلَّ مَنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يُصَدَّقُ، وَفَارَقَا غَيْرَهُمَا بِأَنَّهُمَا قَبَضَا لِغَرَضِ أَنْفُسِهِمَا، وَبِذَلِكَ يَرُدُّ مَا قَالَهُ غَيْرُ الْأَكْثَرِينَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ الذَّكَرُ الْوَاضِحُ الْمَرْهُونَةَ الْأُنْثَى الْوَاضِحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَيْ الْمَالِكِ، فَدَخَلَ الْمُعِيرُ وَخَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ. قَوْلُهُ:(فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) وَالْمَهْرُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيْرُ نَسِيبٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَطْءِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِطًا لَنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِثْلُ ذَلِكَ، وَطْءُ جَارِيَةٍ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِ إلَى قَبُولِهِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بِلَا شُبْهَةٍ فَهُوَ مِنْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْوَجْهُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْهَا، وَلَكِنْ لَهُ حُكْمُهَا وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ:(فَهُوَ زَانٍ) قَدَّرَهُ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ بِغَيْرِ الْفِعْلِ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى إنْ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ لَوْ تَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ وَالِامْتِنَاعِ، وَلَا تُجَابُ إلَّا بِجُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ مَاضَوِيَّةٍ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، مُجَرَّدَةٍ عَنْ الْفَاءِ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) أَيْ الْمَالِكِ كَمَا مَرَّ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِ الْمُسْتَعِيرِ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى) يُفِيدُ قَبُولَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُفَادُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِذِكْرِ الْإِطْلَاقِ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ
ــ
[حاشية عميرة]
الْوَاوِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحُكْمُ إلَخْ) هَذَا تَوْطِئَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُصَدَّقُ) أَيْ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ وَنَظَرَ مُقَابِلُهُ إلَى كَوْنِهِ أَمِينًا.
[وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ]
قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَهُوَ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ كَوْنِ لَوْلَا يَصِحُّ مَجِيءُ الْفَاءِ فِي جَوَابِهَا وَقَدْ اعْتَذَرَ أَيْضًا بِأَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ أَيْ حَدٌّ، فَهُوَ زَانٍ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ كَالتَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ. قَوْلُهُ:(مُجَرَّدَةٌ عَنْ زَمَانٍ) أَيْ فَلَا تَكُونُ لَوْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ دَالَّةً عَلَى زَمَانٍ مَاضٍ كَمَا هُوَ شَأْنُهَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
لَوْ حَرْفَ شَرْطٍ فِي مُضِيٍّ وَيَقِلُّ
…
إيلَاؤُهَا مُسْتَقْبَلًا
لَكِنْ قُبِلَ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى) زَادَ غَيْرُهُ وَإِذَا خَفِيَ عَلَى عَطَاءٍ رحمه الله فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، أَقُولُ: قَدْ يُشَكَّكُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ
(وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) وَفِي قَوْلٍ حَكَاهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَجْهًا لَا يَجِبُ إذْنُ مُسْتَحِقِّهِ وَدُفِعَ بِأَنَّ وُجُوبَهُ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِذْنُ كَمَا أَنَّ الْمُفَوِّضَةَ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ وَلَوْ طَاوَعَتْهُ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ جَزْمًا (وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ) وَكَذَا حُكْمُهُ فِي صُورَتَيْ انْتِفَاءِ الْحَدِّ السَّابِقَتَيْنِ
(وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ وَقَبَضَ بَدَلَهُ صَارَ رَهْنًا) مَكَانَهُ وَجُعِلَ فِي يَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ قِيلَ: لَا يَحْكُمُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَقِيلَ يَحْكُمُ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ رَهْنُ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الثَّانِي أَرْجَحُ، وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْمَرَاوِزَةُ (وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ) فِيهِ (لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ، وَإِذَا خَاصَمَ الرَّاهِنُ فَلِلْمُرْتَهِنِ حُضُورُ خُصُومَتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْمَأْخُوذِ (فَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ) فِي الْمَرْهُونِ الْمُتْلَفِ كَالْعَبْدِ (اقْتَصَّ الرَّاهِنُ) أَيْ لَهُ ذَلِكَ (وَفَاتَ الرَّهْنُ) لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ مِنْ غَيْرِ بَذْلٍ (فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ) عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ (أَوْ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ) لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ
ــ
[حاشية قليوبي]
نَحْوَ قَرِيبِ الْعَهْدِ مَقْبُولٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقَبُولِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً تَجْهَلُ الْحُرْمَةَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمَهْرُ الْوَاجِبُ هُنَا مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فِي الْبِكْرِ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْغَصْبِ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ:(وَفِي قَوْلِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي أَصْلِهِ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُحَرَّرِ فِي حِكَايَتِهِ، وَجْهًا لِأَنَّهُ لَا اصْطِلَاحَ لَهُ. قَوْلُهُ:(وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ) الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الرَّاهِنِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَإِنْ تَبِعَهُ الْخَطِيبُ، وَلَوْ مَلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إلَّا إنْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْوَاطِئُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مِنْ الرَّاهِنِ، أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَوْ اتَّهَبَهَا مِنْهُ وَقَبَضَهَا، فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَمَلَكَهَا بَعْدُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا حُكْمُهُ فِي صُورَتَيْ انْتِفَاءِ الْحَدِّ السَّابِقَتَيْنِ) وَهُمَا قَبُولُهُ فِي دَعْوَى الْجَهْلِ مَعَ عَدَمِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَمَعَ إذْنِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الرَّاهِنِ، وَفَائِدَتُهُ تَعَلُّقُ الْمُرْتَهِنِ بِتَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى قِيمَتِهِ، وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ.
قَوْلُهُ: (وَقَبَضَ بَدَلَهُ) سَوَاءٌ قَبَضَهُ الرَّاهِنُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ، كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَقْبِضُهُ إلَّا مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْمُخَاصَمَةِ الْآتِيَةِ، وَيُحْكَمُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَلِ بِالرَّهْنِيَّةِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، عِنْدَ شَيْخِنَا بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ وَفَارَقَ قِيمَةَ الْمَوْقُوفِ وَالْأُضْحِيَّةِ، إذَا أَتْلَفَا حَيْثُ يَحْتَاجُ مَعَ شِرَاءِ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ إلَى إنْشَاءِ وَقْفٍ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَشْتَرِ بِعَيْنِ الْبَدَلِ، بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْوَقْفِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى بَيَانِ مَصْرِفٍ وَغَيْرِهِ، وَيَتَعَلَّقُ بَدَلُ الْأُضْحِيَّةِ بِذِمَّةِ الْمُضَحِّي، قَالَهُ شَيْخُنَا: تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ قَبْضِهِ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ قَبْضٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالرَّهْنِيَّةِ فِي الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: (الثَّانِي أَرْجَحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّينِ كَمَا مَرَّ وَفِي قَابِضِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الرَّاهِنُ) أَيْ الْمَالِكُ نَعَمْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ إذَا تَعَذَّرَتْ مُخَاصَمَةُ الرَّاهِنِ، وَأَنْ يُخَاصِمَ مُطْلَقًا بِحَقِّ التَّوَثُّقِ، وَأَنْ يُخَاصِمَ الرَّاهِنَ إذَا أَتْلَفَهُ أَوْ بَاعَهُ، وَلِلْحَاكِمِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ بِغَصْبٍ مُنَجَّزٍ إذَا غَابَ الْمُرْتَهِنُ. قَوْلُهُ:(لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، إذْ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ مُطْلَقًا. فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ عَائِدٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِقَوْلِهِ، وَالْخَصْمُ إلَخْ. وَهَذِهِ حِكْمَةُ سُكُوتِ الشَّارِحِ عَنْهُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ:(وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي نَوْعِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (اقْتَصَّ الرَّاهِنُ) وَلَا يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْعَفْوِ عَلَى الْأَرْشِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَالِكُ) فَيَشْمَلُ الْمُعِيرَ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا. قَوْلُهُ: (وَفَاتَ الرَّهْنُ) أَيْ فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ مِنْ كُلِّهِ أَوْ جُزْئِهِ، وَكَلَامُ
ــ
[حاشية عميرة]
الْخَفَاءَ هُنَا اسْتَنَدَ إلَى مُجَرَّدِ الْإِذْنِ، وَأَمَّا عَطَاءٌ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ، لِمَا قَامَ عِنْدَهُ مِنْ الدَّلِيلِ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّ غَيْرَهُ فِي مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَاوَعَتْهُ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ جَزْمًا) أَيْ لِانْضِمَامِ إذْنِهِ إلَى مُطَاوَعَتِهَا.
قَوْلُهُ: (وَجُعِلَ فِي يَدِ إلَخْ) كَذَلِكَ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِقَبْضِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. أَقُولُ: وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْخَصْمِ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ) لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَفِي حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ قَوْلَانِ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّ لَهُ حَقًّا مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ فَكَانَ كَمَا لَوْ جَنَى الرَّاهِنُ عَلَى الْمَرْهُونِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ مُخَاصَمَةِ الْمُرْتَهِنِ جَزْمًا إذَا خَاصَمَ الرَّاهِنُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ فَالْحُكْمُ كَمَا هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(اقْتَصَّ الرَّاهِنُ إلَخْ) لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاقْتِصَاصِ، وَالْعَفْوِ فَلَا إجْبَارَ
(وَلَا) يَصِحُّ لَهُ (إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ الْجَانِيَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ فِي الْأَصَحِّ
(وَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى زِيَادَتِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (الْمُنْفَصِلَةِ كَثَمَرٍ وَوَلَدٍ) وَبَيْضٍ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ كَسِمَنِ الْعَبْدِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ فَيَسْرِي الرَّهْنُ إلَيْهَا (فَلَوْ رَهَنَ حَامِلًا وَحَلَّ الْأَجَلُ وَهِيَ حَامِلٌ بِيعَتْ) كَذَلِكَ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمْ فَكَأَنَّهُ رَهَنَهُمَا وَإِلَّا فَقَدْ رَهَنَهَا وَالْحَمْلُ مَحْضُ صِفَةٍ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ بِيعَ مَعَهَا فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمْ فَهُوَ رَهْنٌ، وَالثَّانِي لَا يُبَاعُ مَعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمْ فَهُوَ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ (فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ فَالْوَلَدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ مُتَعَذِّرٌ وَلَا سَبِيلَ إلَى بَيْعِهَا حَامِلًا وَتَوْزِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْأُمِّ وَالْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ، وَالثَّانِي يَقُولُ: تُبَاعُ حَامِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمْ فَهُوَ كَزِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ.
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ فِي الْكُلِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، بِقَوْلِهِ الْمُتْلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْعَفْوُ مَجَّانًا كَالْقِصَاصِ. قَوْلُهُ:(عَلَى مَالٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ لَكِنْ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ كَانَ. كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ، وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا يَسْقُطُ الْمَالُ، وَيَبِيعُهُ السَّيِّدُ فِي الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ:(أَوْ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ ابْتِدَاءً لِمَانِعٍ كَأَصْلِيَّةٍ أَوْ سِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ) وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ) إلَّا إنْ قَالَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (كَثَمَرٍ) فَلَا يَكُونُ مَرْهُونًا وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ، وَلَمْ يُؤَبَّرْ فِي الْعُبَابِ إنَّ الطَّلْعَ غَيْرُ الْمُؤَبَّرِ مِنْ الْمُتَّصِلَةِ، وَفِي الْخَطِيبِ إنْ تَعَلَّمَ الصَّنْعَةَ كَذَلِكَ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمُعَلَّمٍ فَهِيَ مِنْ الْمُنْفَصِلَةِ. قَوْلُهُ:(وَبَيْضٍ) وَلَوْ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ وَصُوفٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ وَلَبَنٍ وَلَوْ فِي الضَّرْعِ وَقْتَ الرَّهْنِ، وَلَوْ رَهَنَ بَيْضَةً فَفَرَّخَتْ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَوْ بَذْرًا فَزَرَعَهُ كَذَلِكَ، فَنَبَتَ فَالْفَرْخُ وَالنَّبَاتُ رَهْنٌ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَالْمُتَّصِلَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: يَسْرِي إلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ، كَوَلَدِ جَارِيَةٍ بِخِلَافِ ثَمَرَةٍ بِثَمَرَةٍ. قَوْلُهُ:(وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ غِلَظُهَا لَا طُولُهَا بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى السِّمَنِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ تَعْلِيلُ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا، وَعَلَى هَذَا فَطُولُهَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَيْهِ، وَمِثْلُهَا سَنَابِلُ الزَّرْعِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِيفٌ وَسَعَفٌ وَكَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّا إذَا قُلْنَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَمْلَ دَاخِلٌ مُطْلَقًا فَهُوَ كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ حَيْثُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ، وَإِلَّا فَلَا فَمَا قَالَهُ الْمَنْهَجُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ:(بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الرَّهْنِيَّةُ الْمُفْضِي إلَى التَّوْزِيعِ مَعَ التَّعَذُّرِ، كَمَا ذَكَرَهُ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الرَّاهِنَ بَيْعُهَا حَامِلًا أَوْ تَوْفِيَةُ الدَّيْنِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا تَعَلَّقَ بِالْحَمْلِ حَقٌّ ثَالِثٌ بِوَصِيَّةٍ أَوْ حَجْرٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ مُتَعَذِّرٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ رَهَنَ نَخْلَةً فَأَطْلَعَتْ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ الثَّمَرَةِ فَتَأَمَّلْ.
تَنْبِيهٌ: نَصَّ فِي الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَوْ سَأَلَ الرَّاهِنُ أَنْ تُبَاعَ الْحَامِلُ، وَيَكُونَ ثَمَنُهَا كُلُّهُ رَهْنًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ مَرْهُونًا بِغَيْرِ عَقْدٍ، مَعَ أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُقَالُ يَسْرِي إلَيْهِ الرَّهْنُ، كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ هُنَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ لَيْسَ مَرْهُونًا، وَإِنَّمَا لَهُ حُكْمُ الرَّهْنِ تَبَعًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الرَّاهِنَ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ جَلِيٌّ فَافْهَمْهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَالْأَوَّلُ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَبَيَّنَهُ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ) أَيْ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّ حَقَّهُ بَاقٍ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْوَثِيقَةِ سَقَطَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَسْرِي) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَلِمَالِكٍ فِي الْوَلَدِ لَنَا مَا سَلَفَ مِنْ الْحَدِيثِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْكَسْبِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ الرَّهْنِ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الرَّهْنِ دُونَ حَالِ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الثَّانِي يَكُونُ الْحَمْلُ رَهْنًا، حَتَّى لَوْ انْفَصَلَ بِيعَ مَعَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَا دَامَ حَمْلًا يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ كَالصِّفَةِ فَلَوْ وَلَدَتْ فَلَا يُبَاعُ بَلْ يَفُوزُ بِهِ الرَّاهِنُ يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ النَّظَرُ فِي مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ السَّابِقِ.