المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل للطواف بأنواعه - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ٢

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ

- ‌[شُرُوط وُجُوب زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاة التِّجَارَةُ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى الْفَوْرِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ: وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ

- ‌[طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ الصَّائِم]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ

- ‌فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ

- ‌[فَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) بِالصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌(وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ

- ‌[فَصْلُ إذَا نَذَرَ الْمُعْتَكِف مُدَّةً مُتَتَابِعَةً]

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[شَرْط صِحَّة الْحَجّ]

- ‌[شَرْطُ وُجُوب الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ

- ‌(وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[فَصْلُ الْمُحْرِمِ يَنْوِي الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ

- ‌فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَصَلَاتِهِ اسْتِحْبَابًا

- ‌[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ: وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌فَصْلُ إذَا عَادَ بَعْدَ الطَّوَافِ يَوْمَ النَّحْرِ (إلَى مِنًى

- ‌فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌(وَشَرْطُ الْعَاقِدِ)

- ‌ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ) وَكُتُبَ الْحَدِيثِ

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ

- ‌[بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌[بَيْع الْمُلَامَسَةُ]

- ‌[بَيْع الْمُنَابَذَةُ]

- ‌ مُقْتَضَى الْعَقْدِ

- ‌ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ الْعُقُودُ مَعَهَا

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌فَصْلٌ: بَاعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (خَلًّا وَخَمْرًا

- ‌[بَيْعُ الْعُرْبُونِ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ

- ‌[فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ عَلَى الْآخَرِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِ مَنْ شَرَطَهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُمَا]

- ‌فَصْلٌ التَّصْرِيَةُ حَرَامٌ

- ‌[بَاب الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِع فَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ]

- ‌بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ

- ‌ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ

- ‌ بَيْعُ (الْمُحَاطَةِ

- ‌بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ شَجَرَةً رَطْبَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ]

- ‌ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ

- ‌[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌بَابٌ: فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌ السَّلَمُ (حَالًا وَمُؤَجَّلًا)

- ‌فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ

- ‌[فَرْعٌ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ]

- ‌ السَّلَمُ (فِي) اللَّحْمِ

- ‌ السَّلَمُ (فِي مُخْتَلِفٍ كَبُرْمَةٍ

- ‌[التَّمْرِ فِي السَّلَمِ]

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ

- ‌[فَرْعٌ السَّلَمُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ]

- ‌فَصْلٌ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَبْدَلَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَيْرُ جِنْسِهِ كَالشَّعِيرِ عَنْ الْقَمْحِ

- ‌فَصْلٌ الْإِقْرَاضُ

- ‌ إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) مِنْ حَيَوَانٍ

- ‌فَرْعٌ: أَدَاءُ الْقَرْضِ فِي الصِّفَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌ رَهْنُ الْمَشَاعِ)

- ‌ رَهْنُ (الْأُمِّ) مِنْ الْإِمَاءِ

- ‌(وَرَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ

- ‌(وَرَهْنُ الْمُدَبَّرِ)

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ

- ‌[الرَّهْنُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ]

- ‌ الرَّهْنُ (بِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ)

- ‌ مَاتَ الْعَاقِدُ) الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ (قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ جُنَّ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ)

- ‌فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ أَيْ الْمَرْهُونِ (لِلْمُرْتَهِنِ

- ‌[وَمُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ]

- ‌ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ)

- ‌[فَصْلٌ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِالْقَتْلِ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ أَيْ أَصْلِهِ كَأَنْ قَالَ رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ أَوْ قَدْرِهِ]

- ‌فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌[فَصْلٌ يُبَادِرُ الْقَاضِي اسْتِحْبَابًا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ بِبَيْعِ مَالِهِ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ]

- ‌بَابُ الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ

- ‌[فَصْل الطَّرِيق النَّافِذُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرّ الْمَارَّة فِي مُرُورِهِمْ]

- ‌بَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌بَابُ الضَّمَانِ

- ‌(وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ)

- ‌[فَصْلٌ كَفَالَةِ الْبَدَنِ]

- ‌تَتِمَّةٌ فِي ضَمَانِ الْأَعْيَانِ

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ

- ‌كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌[بِمَا تَنْفَسِخ الشَّرِكَة]

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌(وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ

- ‌[التَّوْكِيلُ فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ]

- ‌[فَصْل الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ]

- ‌فَصْلٌ قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ (أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ)

- ‌فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ

الفصل: ‌فصل للطواف بأنواعه

طَرِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ خَائِفًا مِنْ ظَالِمٍ أَوْ غَرِيمٍ يَحْبِسُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يُمْكِنُهُ الظُّهُورُ لِأَدَاءِ النُّسُكِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ قَطْعًا. وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا فَالْعَبْدُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِ قَطْعًا. وَقِيلَ: إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الدُّخُولِ مُحْرِمًا فَهُوَ كَحُرٍّ وَعَلَى الْوُجُوبِ لَوْ دَخَلَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِأَنْ يَخْرُجَ ثُمَّ يَعُودَ مُحْرِمًا وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ تَحِيَّةُ الْبُقْعَةِ فَلَا يَقْضِي كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَالْحَرَمُ كَمَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ.

‌فَصْلٌ لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ

كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَطَوَافِ الْفَرْضِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ (وَاجِبَاتٌ) لَا يَصِحُّ إلَّا بِهَا (وَسُنَنٌ) يَصِحُّ بِدُونِهَا (أَمَّا الْوَاجِبَاتُ فَيُشْتَرَطُ) لَهُ (سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَلَوْ طَافَ عَارِيًّا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ. وَكَذَا لَوْ كَانَ يَطَأُ فِي طَوَافِهِ النَّجَاسَةَ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَلَبَتُهَا فِيهِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى. وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَفْوَ عَنْهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يُعْفَى عَمَّا

ــ

[حاشية قليوبي]

مِنْ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ لَا حَرَجَ فِيهِ لِجَوَازِ تَرْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَرَمُ كَمَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي أَنَّ مَنْ قَصَدَهُ يُحْرِمُ بِحَجٍّ إلَخْ.

فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ وَهُوَ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ حَتَّى مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (كَطَوَافِ إلَخْ) أَشَارَ بِالْكَافِ إلَى أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ أَنْوَاعِهِ أَفْرَادٌ وَهِيَ طَوَافُ التَّحَلُّلِ وَطَوَافُ النَّذْرِ، وَطَوَافُ النَّفْلِ وَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بِطَوْفَةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ:(أَمَّا الْوَاجِبُ) أَيْ الْمَشْرُوطَةُ لِصِحَّتِهِ فَهُوَ ثَمَانِيَةٌ السَّتْرُ وَالطُّهْرُ وَجَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ الْيَسَارِ وَالْبُدَاءَةُ بِالْحَجَرِ وَكَوْنُهُ سَبْعًا وَكَوْنُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَعَدَمُ صَرْفِهِ وَنِيَّتُهُ إنْ اسْتَقَلَّ، وَهَذَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ فِي التَّتِمَّةِ آخِرَ الْفَصْلِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الصَّلَاةِ) رَاجِعٌ لِلسَّتْرِ وَالطَّهَارَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ صِحَّةُ طَوَافِ الْمُحْدِثِ، وَيَجِبُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ بَدَنَةٌ وَمَعَ الْحَدَثِ شَاةٌ. قَوْلُهُ:(عَارِيًّا) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السُّتْرَةِ وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُحْدِثًا) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ. وَكَذَا فِي الْمُتَنَجِّسِ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ. وَشَمِلَتْ طَهَارَةُ الْحَدَثِ مَا لَوْ كَانَتْ بِالتَّيَمُّمِ حَيْثُ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَاةُ. وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَجِبُ الصَّبْرُ عَلَى مَنْ رَجَا الْمَاءَ حَيْثُ أَمْكَنَ قَبْلَ رَحِيلِهِ. أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الطَّهَارَةِ وَالْمُتَنَجِّسُ فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّوَافِ. وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِلَا دَمٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ طَوَافِ الرُّكْنِ مَتَى أَمْكَنَ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ. وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ، وَمِنْهُ فَاقِدُ الْمَاءِ وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ مَعَهَا وَسَوَاءٌ تَحَلَّلُوا بَعْدَ مُفَارَقَةِ مَكَّةَ أَوْ لَا وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا أَنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ الْحَائِضَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ بِذَبْحٍ وَحَلْقٍ وَنِيَّةٍ. وَمَعَ ذَلِكَ لَا إلَى نِيَّةٍ لِطَوَافِهَا إذَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ وَأَعَادَتْهُ. وَأَمَّا الْمُتَيَمِّمُ الَّذِي تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِجَبِيرَةٍ مَثَلًا أَوْ لِنُدُورِ فَقْدِ الْمَاءِ فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُ طَوَافِ النَّفْلِ، وَلَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ وَيَحْصُلُ بِهِ تَحَلُّلُهُ وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ طَوَافِ الرُّكْنِ مَتَى أَمْكَنَ، وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أَيْضًا لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بَاقٍ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ هَذَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ:(وَيَنْبَغِي إلَى آخِرِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِشَرْطِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ أَنْ لَا

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ]

ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (كَطَوَافِ الْقُدُومِ إلَخْ) بَقِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّوَافِ النَّفَلُ، وَقَدْ يُقَالُ قُيِّدَ بِذَلِكَ لَمَّا قَالَ فِي الْخَادِمِ بَحْثًا، وَنَسَبُهُ لِظَاهِرِ النَّصِّ أَنَّ التَّطَوُّعَ بِطَوْفَةٍ وَاحِدَةٍ يَجُوزُ فِي النَّفْلِ كَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ:(كَمَا فِي الصَّلَاةِ) فِي الْخَادِمِ هُنَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ هُنَا الِانْتِقَابُ فِي الصَّلَاةِ.

فَائِدَةٌ: الطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَيْسَ شَرْطًا وَإِذَا تَرَكَهَا مَعَ الْجَنَابَةِ أَوْ الْحَيْضِ، وَجَبَتْ بَدَنَةٌ وَمَعَ الْحَدَثِ شَاةٌ. قَوْلُهُ:(إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا بِنِدَاءِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ عُرَاةً، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لِيَكُونُوا كَمَا خُلِقُوا، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَشُدُّ عَلَى

ص: 131

يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ (فَلَوْ أَحْدَثَ فِيهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَفِي قَوْلٍ اسْتَأْنَفَ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الطَّوَافَ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الصَّلَاةِ كَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَالْكَلَامِ. وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَإِنْ قُلْنَا فِي التَّعَمُّدِ يَبْنِي فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا الْبِنَاءُ. وَسَوَاءٌ عَلَى الْبِنَاءِ طَالَ الْفَصْلُ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي أَنَّ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ مُوَالَاتُهُ.

وَفِي قَوْلٍ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فَيَسْتَأْنِفُ فِي الطُّولِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى هَذَا، وَحَيْثُ لَا نُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ نَسْتَحِبُّهُ (وَأَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ) وَيَمُرَّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ (مُبْتَدِئًا) فِي ذَلِكَ (بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مُحَاذِيًا) بِالْمُعْجَمَةِ (لَهُ فِي مُرُورِهِ) عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) بِأَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ.

وَفِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُهُ.

وَيَجُوزُ جَعْلُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: أَنَّ الْمُرَادَ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ جَمِيعُ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ (فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ لَمْ يُحْسَبْ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ) وَلَوْ حَاذَاهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ وَبَعْضُهُ مُجَاوِزٌ إلَى جَانِبِ الْبَابِ فَالْجَدِيدُ لَا يُعْتَدُّ بِهَذِهِ الطَّوْفَةِ. وَلَوْ حَاذَى بِجَمِيعِ الْبَدَنِ بَعْضَ الْحَجَرِ دُونَ بَعْضٍ أَجْزَأَهُ. ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْعِدَّةِ وَغَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُحَاذَاةِ الْحَجَرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اسْتِقْبَالُهُ وَأَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى لِعَدَمِ الْمُرُورِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ فِي اسْتِقْبَالِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ، الْمَذْكُورُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَإِنْ عَبَّرَ فِيهِ يَنْبَغِي، وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ أَوْ اسْتَدْبَرَهُ وَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ رُطُوبَةٌ وَأَنْ لَا يَجِدَ مَكَانًا خَالِيًا مِنْهُ. قَوْلُهُ:(فَلَوْ أَحْدَثَ) أَيْ أَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ أَوْ تَنَجَّسَ.

قَوْلُهُ: (وَبَنَى) إلَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونَ فَيَسْتَأْنِفَانِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيَمُرُّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) وَلَوْ مُنَكَّسًا أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ وَجْهِهِ أَوْ مَحْمُولًا عَلَى دَابَّةٍ مَثَلًا. نَعَمْ الْمُعْتَبَرُ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْمُولِ الْوَلِيُّ دُونَهُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) وَمَحَلُّهُ مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ إلَخْ) أَشَارَ بِأَنْ إلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاذَاةِ وَإِنْ كَانَ بَدَنُهُ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَجَرِ أَوْ أَكْبَرَ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الطَّوَافِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا الظَّاهِرُ بِظَاهِرٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا بِالشِّقِّ الْأَيْسَرِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ إذْ مَعَ طَلَبِ الِاسْتِقْبَالِ لَا بُدَّ مِنْ انْحِرَافِهِ إلَيْهِ بِشِقِّهِ الْأَيْسَرِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ. فَقَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ الْمُرَادُ إذَا قَرُبَ مِنْ مُجَاوَزَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى إلَخْ. وَإِنْ كَانَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ مَا يُوَافِقُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الطَّوَافِ إذْ أَوَّلُهُ مِنْ انْفِتَالِهِ. وَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ مِنْ كَوْنِ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ الْجِدَارُ الْبَارِزُ إلَخْ) وَارْتِفَاعُهُ مُطْلَقًا رُبْعُ وَثُمْنُ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهُ فِي جِهَةِ الْبَابِ نِصْفُ وَرُبْعُ ذِرَاعٍ وَفِي غَيْرِهَا نِصْفُ ذِرَاعٍ، وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَيْتِ شاذروان قَدِيمٌ غَيْرُ الَّذِي فِي جِهَةِ الْبَابِ، فَالْمَوْجُودُ فِي

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْجِهَا سُيُورًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ أَحْدَثَ إلَخْ) نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَالْوُضُوءُ وَعَلَّلَهُ بِزَوَالِ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِغَيْرِهِ.

فَرْعٌ: حُكْمُ الْخَارِجِ لِحَاجَةٍ حُكْمُ الْخَارِجِ لِلْحَدَثِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ:(وَيَمُرُّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِهَذَا أَنْ يُدَارَ بِالْمَرِيضِ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَشِقُّهُ الْأَيْسَرُ لِجِهَةِ الْبَيْتِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُبْتَدِئًا إلَخْ) هُوَ حَالٌ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى يَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ فِي حَالِ ابْتِدَائِهِ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ وُجُوبَ الِابْتِدَاءِ، بَلْ وَلَا وُجُوبَ الْجَعْلِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الِابْتِدَاءِ، كَذَا أَوْرَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي مُحَاذِيًا. قَوْلُهُ:(بِأَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجُزْءُ جَاوَزَ الْحَجَرَ إلَى جِهَةِ الْبَابِ، فَهَذَا هُوَ الْمُضِرُّ لَا تَقَدُّمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَنْ أَوَّلِ الْحَجَرِ، الَّذِي فِي جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَعْضِ الْآتِيَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، لَكِنْ قَدْ ذُكِرَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ النِّصْفَ الثَّانِيَ عَمْدًا ثُمَّ قَرَأَ الْأَوَّلَ لَا يَبْنِي عَلَيْهِ، بَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَكَانَ قِيَاسُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إذَا ابْتَدَأَ مِنْ الْبَابِ وَدَارَ حَتَّى انْتَهَى إلَيْهِ، لَا يُحْسَبُ لَهُ مُرُورُهُ مِنْ الْحَجَرِ إلَيْهِ حَتَّى يَعُودَ إلَى الْحَجَرِ ثَانِيًا، وَإِذَا لَمْ تُحْسَبْ تِلْكَ الْمَسَافَةُ فَلَا يُحْسَبُ مَا بَعْدَهَا، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى طَوْفَةٍ قَدْ عَادَ فِيهَا مِنْ الْبَابِ إلَى الْحَجَرِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (ابْتَدَأَ مِنْهُ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: قَدْ تَكَلَّفُوا لِتَصْوِيرِهَا وَلَا وَقْفَةَ

ص: 132

وَمَشَى نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي أَوْ نَحْوَ الْبَابِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ مَشَى قَهْقَرَى نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ (وَلَوْ مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْجِدَارُ الْبَارِزُ عَنْ عُلُوِّهِ بَيْنَ رُكْنِ الْبَابِ وَالرُّكْنِ الشَّامِيِّ (أَوْ مَسَّ الْجِدَارَ) الْكَائِنَ (فِي مُوَازَاتِهِ) أَيْ الشَّاذَرْوَانِ (أَوْ دَخَلَ مِنْ إحْدَى فَتْحَتَيْ الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَخَرَجَ مِنْ الْأُخْرَى) وَهُوَ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ عَلَيْهِ جِدَارٌ قَصِيرٌ (لَمْ تَصِحَّ طَوْفَتُهُ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ فِيهَا طَائِفٌ فِي الْبَيْتِ لَا بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَالْحَجَرُ قِيلَ جَمِيعُهُ مِنْ الْبَيْتِ وَالصَّحِيحُ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَقَطْ (وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَسِّ وَجْهٌ) أَنَّهُ تَصِحُّ طَوْفَتُهُ فِيهَا لِأَنَّ مُعْظَمَ بَدَنِهِ خَارِجٌ فَيَصْدُقُ أَنَّهُ طَائِفٌ بِالْبَيْتِ (وَأَنْ يَطُوفَ سَبْعًا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) وَلَوْ فِي أُخْرَيَاتِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْحَائِلِ فِيهِ كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي وَالْأَصْلُ فِيمَا ذِكْرُ الِاتِّبَاعِ. مِنْهُ مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ إلَّا الْمَشْيَ عَلَى يَمِينِهِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ " عَنْ جَابِرٍ:«رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُومِئُ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» .

ــ

[حاشية قليوبي]

غَيْرِهَا حَادِثٌ فَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ فَوْقَهُ وَلَا مَسُّ الْجِدَارِ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الطَّائِفِ فِي هَوَاءِ الْبَيْتِ. وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَنْ النَّوَوِيِّ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَسَّ الْجِدَارَ) أَيْ يُجْزِئُ مِنْ بَدَنِهِ وَلَا يَضُرُّ مَسُّهُ بِمَلْبُوسِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ كَمَا لَا يَضُرُّ مَسُّ جِدَارِ الشاذروان مِنْ أَسْفَلِهِ بِبَدَنِهِ وَلَا مَسُّ جِدَارِ الْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الشاذروان كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْحَجَرُ وَفَتْحَتَاهُ مُلَاصِقَتَانِ لِجِدَارِ الْبَيْتِ فَهُمَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ اسْتِقْبَالُ الْمُصَلِّي لَهُمَا قَالُوا لِعَدَمِ الْيَقِينِ فِي كَوْنِهِمَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ جِدَارٌ قَصِيرٌ) وَحُكْمُ هَذَا الْجِدَارِ حُكْمُ جِدَارِ الْبَيْتِ فَيَضُرُّ جَعْلُ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ فَوْقَهُ أَوْ فِي رَفْرَفِهِ، وَلَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى السِّتَّةِ أَذْرُعٍ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَالْحِجْرُ) أَيْ بِكَسْرِ الْحَاءِ كَمَا مَرَّ، وَيُسَمَّى الْحَطِيمَ لِمَا قِيلَ إنَّهُ حُطِّمَ أَيْ مَاتَ فِيهِ أُلُوفٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَفِيهِ قَبْرُ إسْمَاعِيلَ صلى الله عليه وسلم. وَقِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ وَكَانَ مَحَلُّ مَأْوَى غَنَمِهِ لَيْلًا. وَيُسَمَّى مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْمَقَامِ حَطِيمًا أَيْضًا كَمَا فِي اللِّعَانِ.

قَوْلُهُ: (سِتَّةِ أَذْرُعٍ) فَقَطْ أَيْ تَقْرِيبًا لِمَا قِيلَ إنَّهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَنَحْوُ شِبْرٍ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا بَيْنَ صَدْرِهِ وَجِدَارِ الْبَيْتِ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا تَقْرِيبًا وَعَرْضُ جِدَارِهِ ذِرَاعَانِ وَثُلُثُ ذِرَاعٍ، وَارْتِفَاعُهُ فَوْقَ ذِرَاعَيْنِ وَسَعَةُ كُلِّ فَتْحَةٍ مِنْهُ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ. قَوْلُهُ:(دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ وَسِعَ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْحِلَّ، وَلَا يَضُرُّ ارْتِفَاعُ الطَّائِفِ عَلَى الْبَيْتِ كَسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ حَوَّطَ عَلَى الْمَسْجِدِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ وَسَّعَهُ بَعْدَهُ الْإِمَامُ الْخَلِيفَةُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، ثُمَّ بَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ

ــ

[حاشية عميرة]

فِيهِ، وَصُورَتُهَا أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْحَجَرَ بِوَجْهِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ عَلَى يَسَارِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْحَجَرُ فِي سَمْتِ عَرْضِ بَدَنِهِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْمَنْكِبَ وَنَحْوَهُ مِمَّا هُوَ فِي جِهَةِ الْعَرْضِ دُونَ جُرْمِ الْحَجَرِ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الْمُرَادَ إلَخْ هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَقَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الشَّاذَرْوَانِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ التَّرْتِيبَ يُعْتَبَرُ بَيْنَ الْأَشْوَاطِ وَكَذَا بَيْنَ أَجْزَاءِ كُلِّ شَوْطٍ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ الْجِدَارُ إلَخْ) كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ عَرْضِ الْأَسَاسِ خَارِجًا عَنْ عَرْضِ الْجِدَارِ، فِيمَا عَدَا جِهَةَ الْحَجَرِ غَيْرُ صَوَابٍ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْبِنَاءَ الَّذِي يُشْبِهُ الشاذروان الْكَائِنَ الْآنَ مِنْ الْأَسْوَدِ إلَى الْيَمَانِيِّ، ثُمَّ مِنْهُ إلَى الشَّامِيِّ مُحْدَثٌ، وَلَعَلَّهُ مَنْشَأُ وَهْمِ شَارِحِ الْإِرْشَادِ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَالَهُ هُوَ مَا فِي نُفُوسِ النَّاسِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَقَدْ يُعْتَذَرُ لَهُ بِأَنَّهُ فِي تَيْنَكِ الْجِهَتَيْنِ أَيْضًا، وَلَكِنَّ جِهَةَ الْبَابِ أَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت الْعِرَاقِيَّ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ. وَقَالَ: إنَّ اخْتِصَاصَهُ بِجِهَةِ الْبَابِ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ مِنْ تَعْمِيمِ الْجُدُرِ الثَّلَاثِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مُوَازَاتِهِ) اُحْتُرِزَ عَنْ مَشْيِهِ لَا فِي مُوَازَاةِ الشَّاذَرْوَانِ كَمَا فِي الْجِهَةِ الَّتِي بَيْنَ الْيَمَانِيِّ وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، وَكَذَا الَّتِي بَيْنَ الْيَمَانِيِّ وَالشَّامِيِّ. قَوْلُهُ:(وَالصَّحِيحُ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ) إلَى آخِرِ الْفَتْحَةِ مِنْهَا.

فَرْعٌ: لَوْ اسْتَقْبَلَ هَذَا الْمِقْدَارَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَطْعِيٍّ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بَعْدَ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِنْ قِيلَ: ذَلِكَ إجْمَاعٌ قِيلَ فَهَلَّا دَامَ حُكْمُهُ بَعْدَ هَدْمِ الْحَجَّاجِ لَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجْهٌ) هُوَ وَجِيهٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَبْعًا) هُوَ فِي طَوَافِ النُّسُكِ أَمَّا النَّفَلُ فَحَاوَلَ فِي الْخَادِمِ جَوَازَ التَّطَوُّعِ بِطَوْفَةٍ

ص: 133

(وَأَمَّا السُّنَنُ فَأَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا يَرْكَبُ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ. «وَطَافَ صلى الله عليه وسلم رَاكِبًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيَسْتَفْتُوهُ. وَلَوْ طَافَ رَاكِبًا بِلَا عُذْرٍ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِدْخَالُ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ مَكْرُوهٌ. (وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ أَوَّلَ طَوَافِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ. (وَيُقَبِّلُهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَهُ» . (وَيَضَعُ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ عَلَى الْحَجَرِ» . (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ التَّقْبِيلِ وَوَضْعِ الْجَبْهَةِ لِزَحْمَةٍ (اسْتَلَمَ) أَيْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِلَامِ بِالْيَدِ ثُمَّ قَبَّلَهَا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الِاسْتِلَامِ (أَشَارَ بِيَدِهِ) وَلَا يُشِيرُ بِالْفَمِ إلَى التَّقْبِيلِ، وَفِي الرَّوْضَةِ: يُسْتَحَبُّ الِاسْتِلَامُ بِالْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِلَامِ بِالْيَدِ أَيْ وَيُقَبِّلُ الْخَشَبَةَ أَوْ نَحْوَهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِعَصَا وَنَحْوِهَا أَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِيهَا، ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ اسْتِلَامٌ وَلَا تَقْبِيلٌ إلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَفِّفَ الْقُبْلَةَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ. (وَيُرَاعَى ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِلَامُ وَمَا بَعْدَهُ (فِي كُلِّ طَوْفَةٍ وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَلَا يَسْتَلِمُهُمَا، وَيَسْتَلِمُ الْيَمَانِيَ وَلَا يُقَبِّلُهُ) لَكِنْ يُقَبِّلُ الْيَدَ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ

ــ

[حاشية قليوبي]

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَجَعَلَ لَهُ جِدَارًا نَحْوَ الْقَامَةِ، ثُمَّ بَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه وَجَعَلَ لَهُ الْأَرْوِقَةَ ثُمَّ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه، ثُمَّ بَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، ثُمَّ وَلَدُهُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ الْمَنْصُورُ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ الْمَهْدِيُّ وَلَمْ يُتِمَّهُ فَتَمَّمَهُ بَعْدَهُ وَلَدُهُ الْخَلِيفَةُ الْهَادِي وَزَادَ فِي بَعْضِ جِهَاتِهِ بِحَيْثُ جَعَلَهُ مُرَبَّعًا بَيْنَ جِدَارِهِ وَجِدَارِ الْكَعْبَةِ تِسْعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِ وَبِنَاءُ السَّلَاطِينِ بَعْدَهُ تَجْدِيدٌ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِيهِ. وَأَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ مِنْ دَاخِلِهَا قُصَيٌّ جَدُّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَنَاهَا قَبْلَ بِنَاءِ قُرَيْشٍ، ثُمَّ كَسَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِالْقَبَاطِيِّ مِنْ خَارِجِهَا حِينَ بَنَاهَا، ثُمَّ أَبْدَلَهَا السُّلْطَانُ فَرَجُ بْنُ بَرْقُوقٍ فِي خِلَافَتِهِ بِالْكِسْوَةِ السَّوْدَاءِ مِنْ خَارِجِهَا وَاسْتَمَرَّتْ وَمَحَلُّ بَسْطِ ذَلِكَ التَّوَارِيخُ وَمِنْهَا مُؤَلَّفُنَا السَّابِقُ.

قَوْلُهُ: (مَاشِيًا) وَلَوْ امْرَأَةً وَيُنْدَبُ أَنْ يُقَصِّرَ خُطَاهُ لِكَثْرَةِ الْأَجْرِ وَحَافِيًا أَوْلَى إلَّا لِعُذْرٍ، وَيُكْرَهُ الزَّحْفُ وَأَمَّا الرُّكُوبُ فَخِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْحَمْلُ عَلَى الرِّجَالِ أَوْلَى مِنْ الدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا، وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ الطَّوَافُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ. وَلَا يَصِحُّ كَمَا فِي الْوُقُوفِ رَاجِعْهُ. وَيَتَّجِهُ فِيهِ الصِّحَّةُ هُنَا. قَوْلُهُ:(بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (مَكْرُوهٌ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا فَإِنْ أَمِنَ التَّلْوِيثَ فَمَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا أَيْضًا. وَمِثْلُ الدَّابَّةِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَعَ عَدَمِ أَمْنِ التَّلْوِيثِ يَحْرُمُ إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ وَإِلَّا كُرِهَ، وَمَعَ أَمْنِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. قَوْلُهُ:(وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) أَيْ ثَلَاثًا. وَكَذَا مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّقْبِيلِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فَعَلَهَا مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَخَلِّلَةً وَمَحَلُّهُ لَوْ أُزِيلَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ. وَارْتِفَاعُهُ عَنْ أَرْضِ الْمَسْجِدِ فِي الْمَطَافِ ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ تَقْرِيبًا وَهُوَ مِنْ الْجَنَّةِ وَكَانَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَيُحْتَرَزُ عِنْدَ تَقْبِيلِهِ عَنْ مُرُورِ قَدَمَيْهِ وَلَوْ بِأَدْنَى جُزْءٍ، بَلْ يُثَبِّتُهُمَا حَتَّى يَعْتَدِلَ، ثُمَّ يَمُرُّ فَإِنْ مَرَّ وَهُوَ مُنْحَنٍ قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّهِ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ. قَوْلُهُ:(بِيَدِهِ) وَالْيُمْنَى أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ طَوْفَةٍ) وَالْأَوْتَارُ آكَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقَبِّلُ إلَخْ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ. وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ مِمَّا لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ ذَلِكَ. وَكَذَا لَا يُسَنُّ السُّجُودُ عَلَى غَيْرِ الْحَجَرِ وَلَوْ عَلَى مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُقَبِّلُ الْيَدَ إلَخْ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِيهَا، وَقَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ طَلَبِ ذَلِكَ، وَبَحَثَ

ــ

[حاشية عميرة]

وَاحِدَةٍ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُ النِّيَّةِ ثُمَّ يَزِيدُ عَلَى السَّبْعَةِ أَوْ يَنْقُصُ كَالصَّلَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَاشِيًا) أَيْ وَحَافِيًا أَيْضًا. قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ وَأُحِبُّ لَوْ كَانَ الْمَطَافُ خَالِيًا أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْمَشْيِ لِيَكْثُرَ لَهُ الْأَجْرُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَصْرِيحِهِمْ بِتَحْرِيمِ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ، وَاعْتَرَضَهُ النَّوَوِيُّ، فَقَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ تَنْجِيسُهُمْ كَانَ مَكْرُوهًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَهَذَا صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ عِنْدَ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَالْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَلَبَةِ، وَأَمَّا طَوَافُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ لِعُذْرٍ، وَهُوَ اسْتِفْتَاءُ النَّاسِ لَهُ وَتَعْلِيمُ الْمَنَاسِكِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَسْتَلِمُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يُقَبِّلُ الْيَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله: الْحِكْمَةُ فِي اخْتِلَافِ أَحْكَامِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ أَنَّ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ فِيهِ فَضِيلَتَانِ وُجُودُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِيهِ، وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَالْيَمَانِيُّ فِيهِ الْفَضِيلَةُ الثَّانِيَةُ،

ص: 134

طَوْفَةٍ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ» . (وَأَنْ «يَقُولَ أَوَّلَ طَوَافِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَقَوْلُهُ: إيمَانًا مَفْعُولٌ لَهُ لِأَطُوفُ مُقَدَّرًا (وَلْيُقَبِّلْ قُبَالَةَ الْبَيْتِ: اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُك، وَالْحَرَمَ حَرَمُك، وَالْأَمْنَ أَمْنُك، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ) وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، وَهَذَا الدُّعَاءُ أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعَ دُعَاءٍ عَنْ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، وَدُعَاءٍ تَحْتَ الْمِيزَابِ، وَدُعَاءٍ بَيْنَ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِي وَأَسْقَطَهَا جَمِيعَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ. وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ:« {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] » رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ:" سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ " وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ " رَبَّنَا " وَفِي الرَّوْضَةِ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ (وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) فِيهِ (أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ) فِيهِ (أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورِهِ) وَفِي وَجْهٍ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ مَأْثُورِهِ أَيْضًا (وَأَنْ يَرْمُلَ

ــ

[حاشية قليوبي]

بَعْضُهُمْ تَثْلِيثَ الْإِشَارَةِ وَالتَّقْبِيلَ لِمَا أَشَارَ بِهِ أَيْضًا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ السُّنَنَ لَا تَخْتَصُّ بِمَنْ يَطُوفُ فَرَاجِعْهُ. وَحِكْمَةُ تَفَاوُتِ الْأَرْكَانِ أَنَّ رُكْنَ الْحَجَرِ فِيهِ فَضِيلَتَانِ: الْحَجَرُ وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم. وَفِي الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا وَخُلُوُّ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ عَنْهُمَا. قَوْلُهُ: (أَوَّلَ طَوَافِهِ) أَيْ أَوَّلَ كُلِّ طَوْفَةٍ مِنْ طَوَافِهِ وَالْأُولَى آكَدُ. وَاسْتَحَبَّ أَبُو حَامِدٍ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ. قَوْلُهُ: (وَوَفَاءً بِعَهْدِك) أَيْ بِمَا أَمَرْتنَا بِهِ وَنَهَيْتنَا عَنْهُ أَوْ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَلَسْت بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا بَلَى فَأَمَرَ أَنْ يُدْرَجَ ذَلِكَ الْعَهْدُ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ» . وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مُؤَلَّفِنَا الْمُشَارِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (الْبَابِ) وَارْتِفَاعُهُ فَوْقَ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ وَعَرْضُ عَتَبَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذِرَاعٍ. قَوْلُهُ: (وَيُشِيرُ) أَيْ بِقَلْبِهِ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم الَّذِي هُوَ مِنْ الْجَنَّةِ كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. وَسُمِّيَ مَقَامًا لِأَنَّهُ قَامَ عَلَيْهِ حِينَ نَادَى بِالْحَجِّ كَمَا مَرَّ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يَضَعَ الْحَجَرَ ثُمَّ يَهْبِطَ بِهِ حَتَّى يَأْخُذَ مَا يَبْنِي بِهِ وَهَكَذَا، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ يُشِيرُ إلَى مَقَامِ نَفْسِهِ وَضَعَّفُوهُ. قَوْلُهُ:(مَعَ دُعَاءٍ عِنْدَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ) وَهُوَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ. قَوْلُهُ:(تَحْتَ الْمِيزَابِ) وَهُوَ: اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك، وَاسْقِنِي بِكَأْسِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. قَوْلُهُ:(وَدُعَاءٍ بَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ) وَهُوَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَيْ مَا أَنَا فِيهِ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا أَيْ وَاجْعَلْ سَعْيِي فِي طَاعَتِك مَشْكُورًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ يَا عَزِيزُ يَا غَفُورُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُعْتَمِرُ يَقُولُ: عُمْرَةً مَبْرُورَةً وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ. وَيُنَزَّلُ الْحَجُّ فِي كَلَامِ الْمُعْتَمِرِ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْقَصْدُ أَوْ الزِّيَارَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَقْرَبُ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهَا جَمِيعَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ) وَلَعَلَّ إسْقَاطَهُ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه الْآتِي. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ اللَّهُمَّ آتِنَا إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَأُحِبُّ أَنْ يُقَالَ فِي جَمِيعِ الطَّوَافِ.

وَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْوَارِدُ، وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَالرَّوْضَةِ سَهْوٌ وَلِذَلِكَ تَعَرَّضَ الشَّارِحُ لَهُ. قَوْلُهُ:(وَلْيَدْعُ) أَيْ فِي خِلَالِ الذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ فَرَاغِ كُلِّ دُعَاءٍ فِي مَحَلِّهِ أَوْ بِتَرْكِهِ تِلْكَ الْأَدْعِيَةَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ، وَيُكْرَهُ فِيهِ مَا يُحْرَمُ أَوْ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ أَيْ فِي مَحَالِّهِ الْمَخْصُوصَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْقِرَاءَةُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ أَنَّهَا) أَيْ الْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ

ــ

[حاشية عميرة]

وَالشَّامِيَّانِ خَالِيَانِ عَنْ هَذَيْنِ اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ خَاصٌّ بِمَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالشَّامِيِّ كَمَا سَلَفَ قَرِيبًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ اللَّهُمَّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ، وَهُوَ الْوَارِدُ وَقَدَّسَهَا فِي الرَّوْضَةِ فَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) أَيْ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ فِيهِ أَفْضَلُ) أَيْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يَقُولُ الرَّبُّ سبحانه وتعالى: مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ، وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى

ص: 135

فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى بِأَنْ يُسْرِعَ مَشْيَهُ مُقَارِبًا خُطَاهُ وَيَمْشِي فِي الْبَاقِي) عَلَى هَيِّنَتِهِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَسْتَوْعِبُ الْبَيْتَ بِالرَّمَلِ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا» ، وَلَوْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا حَرَّكَ الدَّابَّةَ وَرَمَلَ بِهِ الْحَامِلُ، وَلَوْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الثَّلَاثَةِ لَا يَقْضِيهِ فِي الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا السَّكِينَةُ فَلَا تُغَيَّرُ.

(وَيَخْتَصُّ الرَّمَلُ بِطَوَافٍ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ وَفِي قَوْلٍ بِطَوَافِ الْقُدُومِ) لِأَنَّ مَا رَمَلَ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لِلْقُدُومِ، وَسَعَى عَقِبَهُ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَيَرْمُلُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا لِإِجْزَاءِ طَوَافِهِ عَنْ الْقُدُومِ، وَكَانَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا حَاجًّا إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، فَإِنْ دَخَلَهَا قَبْلَهُ وَلَمْ يُرِدْ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِهِ لِلْقُدُومِ رَمَلَ فِيهِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَالْحَاجُّ مِنْهَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَمَنْ أَرَادَ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِهِ لِلْقُدُومِ رَمَلَ فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِذَا رَمَلَ فِيهِ وَسَعَى عَقِبَهُ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إنْ لَمْ يُرِدْ السَّعْيَ عَقِبَهُ، وَكَذَا إنْ أَرَادَهُ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهُ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ أَيْ مَطْلُوبٌ أَوْ مَحْسُوبٌ، وَإِذَا طَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى عَقِبَهُ وَلَمْ يَرْمُلْ فِيهِ لَا يَقْضِيهِ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: الْأَظْهَرُ وَلَوْ طَافَ وَرَمَلَ وَلَمْ يَسْعَ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِبَقَاءِ السَّعْيِ عَلَيْهِ. (وَلْيَقُلْ فِيهِ) أَيْ فِي الرَّمَلِ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا) قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلُهُ: اجْعَلْهُ أَيْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَفِي الْخَبَرِ يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ. وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الذِّكْرَ لَا يَخْتَصُّ بِالْقُرْآنِ وَإِنْ طُلِبَ غَيْرُهُ لِخُصُوصِهِ لَا يُعَارِضُ أَفْضَلِيَّتَهُ فَتَأَمَّلْ.

تَنْبِيهٌ: يُنْدَبُ الْإِسْرَارُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَرْمُلَ) أَيْ الذَّكَرُ كَمَا سَيَأْتِي. وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَلَوْ قَصَدَ السَّعْيَ فَرَمَلَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ تَرْكُهُ أَوْ عَكْسُهُ جَازَ، وَهَلْ يَرْمُلُ مَنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ السَّعْيَ وَلَا عَدَمَهُ أَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَفْعَلُهُ الْآنَ؟ فَرَاجِعْهُ.

وَيَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي أَيِّهِمَا أَصَالَةً أَوْ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي الْأَشْوَاطِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الطَّوَافِ شَوْطًا وَدَوْرًا، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَشَدَّدَ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ:(بِأَنْ يُسْرِعَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَيُسَمَّى خَبَبًا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمَنْ قَالَ إنَّ الرَّمَلَ دُونَ الْخَبَبِ فَقَدْ غَلِطَ بَلْ هُوَ مَشْيٌ لَا عَدْوَ فِيهِ، وَلَا وَثْبَ. وَحِكْمَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ بِأَصْحَابِهِ إلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ أَوْهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَبَلَّغْنَهُمْ أَوَانَ اللَّهِ أَطْلَعَ نَبِيَّهُ عَلَيْهَا فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ بِالرَّمَلِ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ قَالُوا لِبَعْضِهِمْ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ كَذَا وَكَذَا، وَاَللَّهِ إنَّهُمْ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا» . وَفِي رِوَايَةٍ كَأَنَّهُمْ الْغِزْلَانُ. وَطَلَبَ مِنَّا ذَلِكَ لِنَتَذَكَّرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَى إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ. قَوْلُهُ:(وَمَشَى أَرْبَعًا) وَهَذَا كَانَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ، فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ مِنْ رُكُوبِهِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ. تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا رَمَلَ فِيهِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ فِي عُمْرَةِ الْقُدُومِ. وَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَيَرْمُلُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَرْمُلُ فِي طَوَافِهِ) أَيْ الَّذِي بَعْدَ وُقُوفِهِ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ لَا الَّذِي عِنْدَ خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ وَدَاعٌ. قَوْلُهُ: (السَّعْيُ عَقِبَ طَوَافِهِ لِلْقُدُومِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَالشَّمْسُ الْخَطِيبُ: وَهُوَ أَفْضَلُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: تَأْخِيرُهُ لِمَا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ أَفْضَلُ.

وَكَلَامُ الشَّارِحِ بَعْدَهُ يَدُلُّ لَهُ وَلَا يُعِيدُ الرَّمَلَ إذَا فَعَلَهُ وَإِنْ أَخَّرَ السَّعْيَ. قَوْلُهُ: (مَطْلُوبٌ أَوْ مَحْسُوبٌ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ مَطْلُوبٌ أَوْ إنَّهُ مَحْسُوبٌ غَيْرُ مَطْلُوبٍ. فَقَوْلُهُ: غَيْرُ مَطْلُوبٍ أَيْ وَغَيْرُ مَحْسُوبٍ. وَأَشَارَ بِمَطْلُوبٍ إلَى مَا لَيْسَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَبِالْمَحْسُوبِ إلَيْهِ. وَكَذَا يُقَالُ إنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي نَفْسِهِ فَيُسْتَغْنَى عَنْ مَحْسُوبٍ. قَوْلُهُ: (وَلْيَقُلْ إلَخْ) أَيْ بَدَلَ الذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ مِمَّا مَرَّ أَوْ فِي

ــ

[حاشية عميرة]

عَلَى خَلْقِهِ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَأَنْ يَرْمُلَ فِي الْأَشْوَاطِ إلَخْ) قِيلَ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِيعَابِهَا.

قَوْلُهُ: (وَيَسْتَوْعِبُ) نَبَّهَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْكِتَابِ قَدْ لَا تُفِيدُهُ. قَوْلُهُ: (وَمَشَى أَرْبَعًا) هَذَا كَانَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ فَلَا يُنَافِي مَا سَلَفَ فِي رُكُوبِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ. قَوْلُهُ:(كَانَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى عَقِبَهُ) أَيْ فَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى الثَّانِي لِانْتِهَائِهِ إلَى تَوَاصُلِ الْحَرَكَاتِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَهْدِ بِالْبَيْتِ فَيَلِيقُ بِهِ النَّشَاطُ وَالِاهْتِزَازُ، وَقَوْلُهُ لِلْقُدُومِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ، وَفِي قَوْلِهِ وَقَوْل وَسَعَى عَقِبَهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَيَخْتَصُّ. .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَبْرُورًا) أَيْ لَا يُخَالِطُهُ مَعْصِيَةٌ مِنْ الْبِرِّ، وَهُوَ الطَّاعَةُ. وَقِيلَ: هُوَ الْمُتَقَبَّلُ وَقَوْلُهُ ذَنْبًا مَغْفُورًا أَيْ اجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا، وَالسَّعْيُ هُوَ الْعَمَلُ وَالْمَشْكُورُ هُوَ الْمُتَقَبَّلُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُشْكَرُ عَلَيْهِ.

قَوْلُ

ص: 136

الْمَصْحُوبِ بِالذَّنْبِ، قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. (وَأَنْ يَضْطَبِعَ فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ يَرْمُلُ فِيهِ، وَكَذَا فِي السَّعْيِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ جَعْلُ وَسَطِ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى) مَنْكِبِهِ (الْأَيْسَرِ) كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الضَّبُعِ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْعَضُدُ

رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ، فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ، وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ الْيُسْرَى» وَقِيسَ السَّعْيُ عَلَى الطَّوَافِ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكَرُّرِهَا سَبْعًا، وَمُقَابِلُهُ يَقِفُ مَعَ الْوَارِدِ (وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَضْطَبِعُ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ. (وَأَنْ يَقْرُبَ مِنْ الْبَيْتِ) تَبَرُّكًا بِهِ (فَلَوْ فَاتَ الرَّمَلُ بِالْقُرْبِ لِزَحْمَةٍ، فَالرَّمَلُ مَعَ بُعْدٍ أَوْلَى) لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَالْقُرْبُ مُتَعَلِّقٌ بِمَوْضِعِهَا (إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ) بِحَاشِيَةِ الْمَطَافِ (فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى) تَحَرُّزًا عَنْ مُصَادَمَتِهِنَّ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَيْضًا نِسَاءٌ يُخَافُ مُصَادَمَتُهُنَّ فِي الرَّمَلِ فَتَرْكُهُ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ مَنْ يَفُوتُهُ الرَّمَلُ مَعَ الْقُرْبِ لِزَحْمَةٍ يَرْجُو فُرْجَةً وَقَفَ لِيَجِدَهَا فَيَرْمُلُ فِيهَا (وَأَنْ يُوَالِيَ طَوَافَهُ) وَفِي قَوْلٍ: تَجِبُ مُوَالَاتُهُ، كَمَا سَيَأْتِي، فَيَبْطُلُ بِالتَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ تَرْكُهُ الطَّوَافَ وَلَوْ أُقِيمَتْ الْمَكْتُوبَةُ وَهُوَ فِيهِ فَتَفْرِيقُهُ فِيهَا تَفْرِيقٌ بِعُذْرٍ. (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَقْتٍ لَا ذِكْرَ فِيهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ) فَلَوْ فَعَلَتْهُ لَمْ يَحْرُمْ بَلْ يُكْرَهُ.

وَفِي الْبُرُلُّسِيِّ: أَنَّهُ مُبَاحٌ مَا لَمْ تَقْصِدْ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ. قَوْلُهُ: (مَعَ بُعْدٍ أَوْلَى) سَوَاءٌ أَوَّلَ طَوَافِهِ وَآخِرَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَيُنْدَبُ فِي الْقُرْبِ الِاحْتِيَاطُ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ بُعْدُهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ. وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ. نَعَمْ الطَّوَافُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ مَكْرُوهٌ، فَقُرْبُهُ عَنْهَا مَعَ تَرْكِهِ الرَّمَلَ أَوْلَى حِينَئِذٍ.

تَنْبِيهٌ: يُكْرَهُ فِي الطَّوَافِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْبُصَاقُ وَتَفَرْقُعُ الْأَصَابِعِ وَتَشْبِيكُهَا وَتَكْتِيفُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَكَوْنُهُ حَاقِبًا أَوْ حَاقِنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَأْتِي هُنَا. وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مُنْتَقِبَةً، وَقَطْعُهُ لِصَلَاةِ فَرْضِ كِفَايَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا عُذْرَ وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ وَجَبَ تَدَارُكُهُ إلَّا إنْ تَحَلَّلَ، كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا، وَفِيهِ بَحْثٌ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ وَالصَّلَاةِ فَرَاجِعْهُ.

وَدَخَلَ فِي عَدَمِ الْمُوَالَاةِ مَا لَوْ فَرَّقَ الْأَشْوَاطَ الْأَرْبَعَةَ عَلَى الْأَيَّامِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَخَالَفَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

فَرْعٌ: التَّطَوُّعُ بِالصَّلَاةِ فِي زَمَنٍ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ) وَيُنْدَبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ، وَسُمِّيَ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَتْنِ: (فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِأَشْوَاطِ الرَّمَلِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ يَعُمُّ السَّبْعَةَ بِخِلَافِ السَّعْيِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ لَابِسَ الْمِخْيَطِ لِعُذْرٍ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الِاضْطِبَاعُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَكَذَا فِي السَّعْيِ) بِخِلَافِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، لِأَنَّ هَيْئَةَ الِاضْطِبَاعِ مَكْرُوهَةٌ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ:(أَيْ لَا يُطْلَقُ مِنْهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَوْفُ مُخَالَطَةِ النِّسَاءِ فِي مَعْنَى لَمْسِهِنَّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يُوَالِيَ إلَخْ) وَجْهُ عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا فَلَمْ تَجِبْ مُوَالَاتُهَا كَالْوُضُوءِ.

فَرْعٌ: لَوْ فَرَّقَ الْأَشْوَاطَ عَلَى الْأَيَّامِ أَوْ جَزَّأَ الشَّوْطَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: جَازَ وَمَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَذَكَرَ نُصُوصًا عَنْ الشَّافِعِيِّ صَرِيحَةً فِي الْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ مُوَالَاتُهُ إلَخْ) إنْ قُلْت مَا وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي قُلْت: لِيُعْلِمَك أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ فِي التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ بِنِيَّةٍ وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا كَالطَّوَافِ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ تَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهَا بِجَرَيَانِ النِّيَابَةِ فِيهَا فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَلْفَ الْمَقَامِ) أَيْ فَهُمَا

ص: 137

يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ الشَّيْخَانِ، وَفِيهَا مُسْلِمٌ (وَيَجْهَرُ) بِهَا (لَيْلًا) وَيُسِرُّ نَهَارًا (وَفِي قَوْلٍ: تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَالصَّلَاةُ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَعَلَهَا تَلَا قَوْله تَعَالَى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] » رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَأَفْهَمَ أَنَّ

ــ

[حاشية قليوبي]

بِذَلِكَ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الْتَزَمَهُ وَأَخْبَرَ أَنَّ هُنَاكَ مَلَكًا يُؤَمِّنُ عَلَى الدُّعَاءِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَمُحَاذَاةِ الْبَابِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَعَرْضُهُ عُلُوُّ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ وَيُلْصِقُ بَطْنَهُ بِجِدَارِ الْبَيْتِ وَيَضَعُ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَيْهِ، وَيَبْسُطُ ذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ وَيَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الْعَتِيقِ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنْ النَّارِ وَأَعِذْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَوَسْوَاسِهِ» . وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ لِلصَّلَاةِ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِيهَا إنْ اسْتَقَلَّتْ بِخِلَافِ الطَّوَافِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ. وَيُنْدَبُ إذَا وَالَى بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ طَوَافٍ أَنْ يُصَلِّيَ لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْنِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ كُلِّ طَوَافٍ عَقِبَهُ وَلَوْ قَصَدَ كَوْنَ الرَّكْعَتَيْنِ عَنْ الْكُلِّ كَفَى بِلَا كَرَاهَةٍ. وَقِيَاسُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَنْ يَكُونَ الْإِطْلَاقُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

قَوْلُهُ: (خَلْفَ الْمَقَامِ) فَهُمَا فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ دَاخِلِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ فِي الْحِجْرِ وَأَوْلَاهُ مَا قَرُبَ مِنْ الْبَيْتِ، ثُمَّ فِي الْحَطِيمِ ثُمَّ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ فِيمَا بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ، ثُمَّ بَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ. ثُمَّ فِي بَيْتِ خَدِيجَةَ، ثُمَّ فِي مَنْزِلِهِ صلى الله عليه وسلم الْمَعْرُوفِ بِدَارِ الْخَيْزُرَانِ ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ مَكَّةَ، ثُمَّ بَاقِي الْحَرَمِ حَيْثُ شَاءَ مَتَى شَاءَ، وَلَا يَفُوتَانِ إلَّا بِالْمَوْتِ. وَالْمُرَادُ بِخَلْفِ الْمَقَامِ كَوْنُ الْمَقَامِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا فَغُيِّرَ. وَيُجْزِئُ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَرِيضَةٌ وَنَافِلَةٌ أُخْرَى. كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فَقَالَ: حَيْثُ قِيلَ بِحُصُولِهِمَا مَعَ غَيْرِهِمَا فَكَيْفَ يَأْتِي قَوْلُهُمْ فَحَيْثُ شَاءَ مَتَى شَاءَ. وَكَذَا مَا قَبْلَهُ لَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ صَلَاةٌ بَعْدَ الطَّوَافِ فِي بَقِيَّةِ عُمُرِهِ إذْ لَا قَائِلَ بِهِ، وَلَا أَنَّهُمْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِمَا مَعَ غَيْرِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلَانِ فِيهِ نَظَرًا لِمُنَافَاتِهِ لِمَا مَرَّ، وَلَا أَنَّهُ كَمَنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهُمَا لِعَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ.

وَفِي ابْنِ حَجَرٍ بَعْضُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ إحْرَامُهُ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ الطَّوَافِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.

تَنْبِيهٌ: سُمِّيَ الْبَيْتُ كَعْبَةً لِتَرْبِيعِهِ مِنْ التَّكْعِيبِ وَهُوَ التَّرْبِيعُ. وَذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ لِأَنَّ عَرْضَ جِهَةِ الْبَابِ مِنْ خَارِجِ الْبَيْتِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَرُبْعُ ذِرَاعٍ، وَمِنْ دَاخِلِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَنَحْوَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ ذِرَاعٍ، وَعَرْضُ مَا بَيْنَ الشَّامِيَّيْنِ مِنْ خَارِجِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مِنْ ذِرَاعٍ، وَمِنْ دَاخِلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَقِيرَاطَانِ، وَعَرْضُ جِهَةِ مَا بَيْنَ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ مِنْ خَارِجِهِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَمِنْ دَاخِلِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَثُلُثَانِ وَثُمْنُ ذِرَاعٍ وَعَرْضُ جِهَةِ مَا بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ مِنْ خَارِجِهِ تِسْعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَرُبْعُ ذِرَاعٍ، وَمِنْ دَاخِلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَثُلُثُ ذِرَاعٍ، وَارْتِفَاعُ جُدْرَانِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا تَقْرِيبًا كُلُّ ذَلِكَ بِالذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ.

وَيُنْدَبُ دُخُولُ الْكَعْبَةِ مِنْ غَيْرِ إيذَاءِ أَحَدٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِذَا دَخَلَهَا خَرَّ سَاجِدًا لِلشُّكْرِ أَيْ مَعَ النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ شُرُوطِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْهَرُ بِهَا لَيْلًا) وَمِنْهُ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ. وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَافَقَهُ الْبُلْقِينِيُّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي النَّوَافِلِ لَيْلًا التَّوَسُّطُ، وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْخُسُوفِ لِأَنَّ سَبَبَهُ لَيْلِيٌّ، وَلَا عَلَى الْكُسُوفِ لِأَنَّ سَبَبَهُ نَهَارِيٌّ، وَبِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْكُسُوفَيْنِ فَطُلِبَ الْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ وَهَذِهِ صَلَاةٌ سَبَبُهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الطَّوَافُ فَمَا وَجْهُ التَّفْرِقَةِ فِيهَا، وَالْوَجْهُ الْإِسْرَارُ فِيهَا لَيْلًا وَنَهَارًا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ ذَاتُ سَبَبٍ فَلَا تُقَاسُ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَبِأَنَّ سَبَبَهَا مَطْلُوبٌ كُلَّ وَقْتٍ فَلَا تُقَاسُ بِذَوَاتِ الْأَسْبَابِ الْمُقَيَّدَةِ، وَبِأَنَّ مَا هُنَا بَابُ اتِّبَاعٍ. وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْكُسُوفِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ الْجَهْرِ أَوْ الْإِسْرَارِ لَا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِمَا مَثَلًا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) وَقِيَاسُ الصَّلَاةِ وُجُوبُهَا عَلَى صَاحِبِ الضَّرُورَةِ بِلَا خِلَافٍ.

قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ كَانَتَا نَافِلَةً ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِعْلَهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِمَا فِي الْكَعْبَةِ زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّ النَّفَلَ دَاخِلَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ.

تَنْبِيهٌ: أَفَادَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رحمه الله أَنَّ الصَّلَاةَ إلَى جِهَةِ الْبَابِ الشَّرِيفِ، أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مُرَادَهُ مَا عَدَا نَفْسَ الْحِجْرِ، فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ يَفْعَلْهُمَا فِي الْحِجْرِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الشَّيْخِ، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحِجْرِ فِي الْبَيْتِ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ أَفْضَلُ إلَى جِهَةٍ مِنْ الْبَيْتِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: وَفِي قَوْلٍ «تَجِبُ الْمُوَالَاةُ أَيْ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهَا. وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ثُمَّ مَحَلُّ الْوُجُوبِ الطَّوَافُ الْمَفْرُوضُ، وَيَصِحُّ السَّعْيُ قَبْلَ

ص: 138

الْآيَةَ آمِرَةٌ بِهَا وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَعُورِضَ بِمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورِ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ:«لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَعَلَى الْوُجُوبِ يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهَا، وَلَا يُجْبَرُ تَرْكُهَا بِدَمٍ.

تَتِمَّةٌ: لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ تَشْمَلُهُ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ إلَى غَرَضٍ آخَرَ كَطَلَبِ غَرِيمٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَامَ فِيهِ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ صَحَّ طَوَافُهُ فِي الْأَصَحِّ، أَمَّا الطَّوَافُ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطَافَ بِهِ حُسِبَ) الطَّوَافُ (لِلْمَحْمُولِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَهُ مُحْرِمٌ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) وَيُنَزَّلُ الْحَامِلُ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ، وَهَذَا مُخَرَّجٌ عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يُصْرَفَ الطَّوَافُ إلَى غَرَضٍ آخَرَ وَالثَّانِي يَقَعُ الطَّوَافُ لِلْحَامِلِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ، وَالثَّالِثُ يَقَعُ لَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا دَارَ وَالْآخَرُ دِيرَ بِهِ (وَإِنْ قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا فَلِلْحَامِلِ فَقَطْ) قَالَهُ الْإِمَامُ وَحُكِيَ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. وَحَكَى الْبَغَوِيّ فِي الثَّانِيَةِ

ــ

[حاشية قليوبي]

نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ) أَيْ إلَى غَيْرِ الطَّوَافِ كَمَا مَثَّلَهُ الشَّارِحُ، أَمَّا لَوْ صَرَفَهُ لِطَوَافٍ آخَرَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فَلَا يَنْصَرِفُ بَلْ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ إلَّا فِي صُورَةِ الْمَحْمُولِ الْآتِيَةِ. وَلَوْ صَرَفَهُ عَنْ الطَّوَافِ وَغَيْرِهِ فَالْقِيَاسُ وُقُوعُهُ عَمَّا عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الطَّوَافَ وَغَيْرَهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ. وَأَمَّا الرَّمْيُ فَكَالطَّوَافِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَحْمُولِ وَلَوْ بِالصَّرْفِ إلَيْهِ، وَتُجْزِئُ فِيهِ النِّيَابَةُ. وَأَمَّا الْوُقُوفُ وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ فَلَا تَنْصَرِفُ وَلَا تُجْزِئُ فِيهِمَا النِّيَابَةُ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي صَرْفَ السَّعْيِ كَابْنِ حَجَرٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يُرَدُّ النَّائِبُ عَنْ الْمَعْضُوبِ لِأَنَّ الْحَجَّ مِنْ أَصْلِهِ وَاقِعٌ لَهُ فَتَأَمَّلْ. وَمِنْهُ صَغِيرٌ حَمَلَهُ وَلِيُّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ قَائِدًا لَهُ أَوْ سَائِقًا. وَخَرَجَ بِالْحَمْلِ مَا لَوْ وَضَعَهُ عَلَى نَحْوِ خَشَبَةٍ وَجَذَبَهُ فَلَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) أَوْ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَطَافَ بِهِ) خَرَجَ السَّعْيُ وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنَى فَيَقَعُ فِي السَّعْيِ لِلْحَامِلِ مُطْلَقًا، وَفِي الْوُقُوفِ لَهُمَا مَعًا مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ الْمَبِيتُ. قَوْلُهُ:(حَسَبَ إلَخْ) وَشَرْطُ مَنْ يَقَعُ لَهُ الطَّوَافُ وُجُودُ شُرُوطِهِ فِيهِ مِنْ سَتْرٍ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ صَرَفَهُ الْحَامِلُ لِغَيْرِ الطَّوَافِ كَطَلَبِ غَرِيمٍ لَمْ يَقَعْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ صَرَفَهُ الْمَحْمُولُ لِلْحَامِلِ لَمْ يَقَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُنَزَّلُ الْحَامِلُ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ) أَيْ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلِيلِ وُقُوعِهِ لَهُ بِخِلَافِهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهَا. وَلَوْ تَعَدَّدَ الْحَامِلُ وَقَصَدَهُ وَاحِدٌ لِنَفْسِهِ وَآخَرُ لِلْمَحْمُولِ لَمْ يَقَعْ لِلْمَحْمُولِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُمَا) عُلِمَ

ــ

[حاشية عميرة]

الرَّكْعَتَيْنِ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ بِمَا فِي إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ تَتَوَقَّفُ الْمُعَارَضَةُ عَنْ تَأَخُّرِ تَارِيخِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَيْضًا اُنْظُرْ هَلْ تَعَارُضُ ذَيْنِ مِنْ تَعَارُضِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ فَيَكُونُ الْخَاصُّ مَخْصُوصًا أَمْ لَا؟ أَقُولُ إنْ كَانَتْ السُّورَةُ مَكِّيَّةً وَقَوْلُهُ لِلْأَعْرَابِيِّ فِي سَنَةِ الْوُفُودِ وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ فَالْحَدِيثُ خَاصٌّ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَعَارُضِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، بَلْ قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْك غَيْرُهَا إخْبَارٌ لَا يُمْكِنُ صُدُورُهُ، وَالصَّلَوَاتُ الْوَاجِبَةُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَصَحِّ) هَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ كَالرَّمْيِ وَالْوُقُوفِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الطَّوَافُ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ) ظَاهِرُ هَذَا دُخُولُ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْقُدُومَ كَالرُّكْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَلَكِنَّهُ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَمِلَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ التَّامِّ. ثُمَّ قَالَ: تَجِبُ نِيَّةٌ بِلَا شَكٍّ وَنَازَعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ: الْقِيَاسُ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ) .

فَرْعٌ: لَوْ نَوَى أُسْبُوعَيْنِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَصِحَّ، فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ لَهَا تَحَلُّلًا بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِتَمَامِ السَّبْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ لِلطَّوَافِ الْآخَرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَمْلُ الْحَلَالِ مُحْرِمًا) أَيْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُسِبَ لِلْمَحْمُولِ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا نَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَوْ أَطْلَقَ، وَعَلَيْهِ مَشَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الطَّوَافِ الَّذِي شَمِلَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ قُدُومٍ وَرُكْنٍ كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، ثُمَّ هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْضًا يَأْتِي فِيهَا بَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الْمَذْكُورُ.

ص: 139