الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ) وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِعُذْرِهِ كَمُسَافِرٍ قَدِمَ بَعْدَ الْأَكْلِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَكْلَ فِي السَّفَرِ مُبَاحٌ مَعَ الْعِلْمِ، بِأَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ بِخِلَافِ الْأَكْلِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ، وَلَوْ بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْأَكْلِ فَحَكَى الْمُتَوَلِّي فِي لُزُومِ الْإِمْسَاكِ الْقَوْلَيْنِ، وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِلُزُومِهِ. (وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ بِخِلَافِ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) فَلَا إمْسَاكَ عَلَى مُتَعَدٍّ بِالْفِطْرِ فِيهِمَا ثُمَّ الْمُمْسِكُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ، فَلَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْإِثْمِ.
فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ
فَلَا تَدَارُكَ لَهُ أَيْ لِلْفَائِتِ (وَلَا إثْمَ) بِهِ إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ اسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ. (لَمْ يَصُمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْجَدِيدِ) بَلْ يُخْرِجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الْقَدِيمِ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَيْ يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ عَنْهُ، وَيَجُوزُ لَهُ الْإِطْعَامُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّدَارُكِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ سَوَاءٌ فَاتَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، (وَكَذَا النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ) فِي
ــ
[حاشية قليوبي]
بِهِ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَكَّ وَقَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِلُزُومِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُوبَهُ أَصْلِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ سَيِّدُ الشُّهُورِ وَيَوْمٌ مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ.
قَوْلُهُ: (سِوَى الْإِثْمِ) وَيُثَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَوْ ارْتَكَبَ فِيهِ مَكْرُوهًا كُرِهَ كَالِاسْتِيَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لَهُ.
فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ فِطْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ قَوْلُهُ: (إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) قَيْدٌ فِي عَدَمِ التَّدَارُكِ وَعَدَمِ الْإِثْمِ فَمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَجِبُ تَدَارُكُهُ مَعَ الْإِثْمِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقَضَاءِ وَيَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَرِكَتِهِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ أَنْ يُدْرِكَ زَمَنًا قَابِلًا لِلصَّوْمِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ، وَلَوْ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. قَوْلُهُ:(وَإِنْ مَاتَ) أَيْ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَعْذُورًا فَصَحَّ التَّعْمِيمُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ) أَيْ إنْ مَاتَ مُسْلِمًا وَإِلَّا
ــ
[حاشية عميرة]
عَدَمِ الْأَكْلِ قَالَ. فَمَا قَالَهُ فِي الْمِنْهَاجِ صَوَابٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَخَطَأٌ فِي الظَّاهِرِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِمْسَاكِ تَغْلِيظٌ، وَعُقُوبَةٌ قَدْ تُنْزِلُ الْمُخْطِئَ مَنْزِلَةَ الْعَامِدِ، لِانْتِسَابِهِ إلَى تَرْكِ التَّحَفُّظِ كَمَا فِي حِرْمَانِ الْقَاتِلِ خَطَأً مِنْ الْمِيرَاثِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُوبَهُ أَصْلِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) بِخِلَافِ الْمُتِمِّ لِلْحَجِّ الْفَاسِدِ.
[فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ]
فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ) مِنْ صُوَرِهِ عُرُوضُ الْحَيْضِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ فَاتَ بِعُذْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا تَدَارُكَ لَهُ) كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ. قَوْلُهُ:(إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ فَاتَ بِغَيْرِهِ وَالصُّورَةُ عَدَمُ التَّمَكُّنِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ الْآتِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(بَعْدَ التَّمَكُّنِ) ذَهَبَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَى عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ إذَا مَاتَ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي، قَالَ: لِأَنَّهُ قَضَاءُ مَوْضِعٍ فِي وَقْتٍ مَحْصُورٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ اهـ.
وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ) يَنْبَغِي إذَا كَانَ وَارِثًا وَلَهُ تَرِكَةٌ أَنْ يَجِبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، ثُمَّ الْفِدْيَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. قَوْلُهُ:(سَوَاءٌ فَاتَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمُقْسَمَ أَوَّلًا
تَدَارُكِهِمَا الْقَوْلَانِ (قُلْت الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَذَهَبَ إلَى تَصْحِيحِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ تَصْحِيحُ الْجَدِيدِ، وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ أَيْ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى رَاوِيهِ، وَمِنْ أَحَادِيثِ الْقَدِيمِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَتَأَوَّلَهُ وَنَحْوَهُ الْمُصَحِّحُونَ لِلْجَدِيدِ، بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَفْعَلَ وَلِيُّهُ مَا يَقُومُ مَقَامَ الصِّيَامِ، وَهُوَ الْإِطْعَامُ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ. (وَالْوَلِيُّ) الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيُّ قَرِيبٍ كَانَ:(عَلَى الْمُخْتَارِ) مِنْ احْتِمَالَاتٍ لِلْإِمَامِ وَهِيَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوِلَايَةُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَوْ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ أَوْ بِشَرْطِ الْإِرْثِ أَوْ الْعُصُوبَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِذَا فَحَصْت عَنْ نَظَائِرِهِ وَجَدْت الْأَشْبَهَ اعْتِبَارُ الْإِرْثِ اهـ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا صُومِي عَنْ أُمِّك» ، وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
(وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) عَلَى الْقَدِيمِ (صَحَّ) بِأُجْرَةٍ أَوْ دُونِهَا كَمَا فِي الْحَجِّ. (لَا مُسْتَقِلًّا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا يُوَفَّى دَيْنُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ
(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يَفْعَلْ) ذَلِكَ. (عَنْهُ) وَلِيُّهُ
(وَلَا فِدْيَةَ) لَهُ. (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنَّهُ يَفْعَلُهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَفِي رِوَايَةٍ يُطْعِمُ عَنْهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ مُدًّا، وَهَذِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَعَيَّنَ الْإِطْعَامُ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ) أَيْ يُنْدَبُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَرَكَهُ وَإِلَّا وَجَبَ. قَوْلُهُ: (وَالْكَفَّارَةُ) وَلَوْ عَنْ يَمِينٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَجِبُ مِنْهَا مَا تَمَكَّنَ مِنْهُ فَلَوْ مَاتَ بَعْدَ لُزُومِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا لَزِمَ تَدَارُكُهُ الْعَشَرَةَ دُونَ مَا زَادَ، وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ فِي الصَّوْمِ إتْمَامُ كُلِّ يَوْمٍ شَرَعَ فِيهِ لَا غَيْرِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّتَابُعُ فِي كَفَّارَةِ ظِهَارٍ مَثَلًا وَلَا فِي نَذْرٍ شَرَطَ الْمَيِّتُ تَتَابُعَهُ لِانْقِطَاعِهِ بِالْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ بَعِيدًا وَبِلَا إذْنٍ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ نِيَابَةُ الرَّقِيقِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ قَرِيبٌ وُزِّعَتْ التَّرِكَةُ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَمَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ مِنْهَا لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ أَوْ الصَّوْمُ بَدَلَهُ بِقَدْرِهِ وَلَا بِبَعْضِ يَوْمٍ صَوْمًا وَلَا إطْعَامًا بَلْ يَجْبُرُ الْمُنْكَسِرَ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَقَارِبُ فِي الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ أُجِيبَ مَنْ طَلَبَ الْإِطْعَامَ كَمَا يُجَابُ مَنْ طَلَبَ الْأُجْرَةَ وَيَصُومُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَامَ) أَيْ أَوْ أُطْعِمَ أَجْنَبِيٌّ أَيْ مُكَلَّفٌ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَيْ أَوْ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ صَحَّ وَكَفَى عَنْ الْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (لَا مُسْتَقِلًّا) وَفَارَقَ صِحَّةَ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَنْهُ لِوُجُودِ النِّيَابَةِ فِيهِ فِي الْحَيَاةِ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا أَوْ لَمْ يَأْذَنْ كَفَى إذْنُ الْحَاكِمِ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَابْنِ حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) وَفِي الصَّلَاةِ قَوْلٌ أَيْضًا وَفِيهَا وَجْهٌ أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُدٌّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ
ــ
[حاشية عميرة]
مَفْرُوضٌ فِي الْفَائِتِ بِعُذْرٍ لِقَوْلِهِ: وَلَا إثْمَ فَلَا تَشْمَلُ الْعِبَارَةُ الْفَائِتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ هَذَا مُحَصَّلُ إشْكَالِ الْإِسْنَوِيِّ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُقْسَمَ أَعَمُّ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي فِي جَزَاءِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْعُذْرِ بِدَلَالَةِ نَفْيِ الْإِثْمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُ الشَّرْطِ بِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْكَفَّارَةُ) أَيْ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِيهَا بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ بِالْمَوْتِ يَعْجِزُ عَنْ الصِّيَامِ فَيَنْتَقِلُ إلَى إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَظْهَرُ) نُوزِعَ فِي هَذَا بِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْعُ الصِّيَامِ بَلْ الْمَعْرُوفُ الْقَطْعُ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ، وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «صُومِي عَنْ أُمِّك» بِمَعْنَى أَطْعِمِي قَوْلُ الْمَتْنِ:(عَلَى الْمُخْتَارِ) وَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَلِيَّ مِنْ الْوَلْيِ، وَهُوَ الْقُرْبُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى هُنَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ.
فَرْعٌ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الْبُلُوغُ فِيمَنْ يَصُومُ، قَالُوا فِي الْحَجِّ: لَا يَجُوزُ اسْتِنَابَةُ صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ عَنْ الْحَيِّ هَلْ يَجُوزُ كَالْمَيِّتِ أَمْ يَمْتَنِعُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ؟ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا مُسْتَقِلًّا) يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ فِي الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْحَجَّ عُهِدَ فِيهِ النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَانْظُرْ هَلْ إطْعَامُ الْأَجْنَبِيِّ كَصَوْمِهِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا كَفٌّ. قَوْلُهُ: (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ) كَذَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَاسْتَشْكَلَهُ وَلَدُهُ فَإِنَّ كُلَّ لَحْظَةٍ عِبَادَةٌ تَامَّةٌ، فَإِنْ قِيسَ عَلَى الصَّوْمِ فَاللَّيْلُ خَارِجٌ عَنْ الِاعْتِبَارِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قِيلَ فِي الِاعْتِكَافِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: جَازَ
الْمَسَائِلُ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَقَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ أَيْ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ) لِكُلِّ يَوْمٍ. (عَلَى مَنْ أَفْطَرَ) فِي رَمَضَانَ. (لِلْكِبَرِ) بِأَنْ لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَكَذَا مَنْ لَا يُطِيقُهُ لِمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ. قَالَ تَعَالَى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ وَالثَّانِي يَقُولُ لَا تَقْدِيرَ لِتَخْيِيرِهِمْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ، ثُمَّ نُسِخَ بِتَعَيُّنِ الصَّوْمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَعْسَرَ بِالْفِدْيَةِ فَفِي اسْتِقْرَارِهَا فِي ذِمَّتِهِ الْقَوْلَانِ فِي الْكَفَّارَةِ أَظْهَرُهُمَا فِيهَا الِاسْتِقْرَارُ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يَنْبَغِي هُنَا تَصْحِيحُ السُّقُوطِ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ
(وَأَمَّا الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ فَإِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا) مِنْ الصَّوْمِ. (عَلَى نَفْسِهِمَا) وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَ وَلَدَيْهِمَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَجَبَ) عَلَيْهِمَا (الْقَضَاءُ بِلَا فِدْيَةٍ) كَالْمَرِيضِ. (أَوْ)(عَلَى الْوَلَدِ) أَيْ وَلَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَزِمَتْهُمَا) مَعَ الْقَضَاءِ (الْفِدْيَةُ فِي الْأَظْهَرِ) أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّهَا بَاقِيَةٌ بِلَا نَسْخٍ فِي حَقِّهِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمَا كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْهُمَا، وَالثَّالِثُ يَلْزَمُ الْمُرْضِعَ لِانْفِصَالِ الْوَلَدِ عَنْهَا دُونَ الْحَامِلِ، وَسَكَتَ عَنْ إبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهُمَا، وَعَنْ الضَّرَرِ الْمَخُوفِ لِلْعِلْمِ بِهِمَا مِنْ الْمَرَضِ، وَهَلْ تُفْطِرُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِإِرْضَاعِ غَيْرِ وَلَدِهَا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى: لَا وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ: نَعَمْ وَتَفْدِي وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْحَقُ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَقْلِيدُهُ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ نَعَمْ يُصَلِّي أَجِيرًا لِحَجٍّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. وَكَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ مُعْتَكِفًا.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْ حَيٍّ وَإِنْ عَجَزَ لِهَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَهَلْ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ أَوْ يَعْتِقُ عَنْهُ؟ رَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الْمُدِّ) أَيْ لَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا، قَالَ: فَلَوْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَصَامَ أَجْزَأَهُ وَلَا فِدْيَةَ وَلِوَلِيِّهِ إذَا مَاتَ أَنْ يَصُومَ وَأَنْ يُطْعِمَ، وَلَوْ قَدَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى الصَّوْمِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُ الصَّوْمِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِخْرَاجِ أَوْ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَعَ الْمَوْقِعُ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ: إنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً وَلَا الْفِدْيَةُ كَذَلِكَ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِيَ. قَوْلُهُ:(لِكُلِّ يَوْمٍ) وَلَهُ إخْرَاجُهُ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَتِهِ وَلَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ. قَوْلُهُ: (فِي رَمَضَانَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَالرَّافِعِيِّ: وَمِثْلُهُ النَّذْرُ وَالْقَضَاءُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ) أَيْ فِي زَمَنٍ أَصْلًا فَإِنْ أَطَاقَهُ فِي زَمَنٍ وَجَبَ قَدْرَ إطَاقَتِهِ، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِرَمَضَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَغَيْرُهُ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(أَظْهَرُهُمَا فِيهَا الِاسْتِقْرَارُ) وَكَذَا هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
. قَوْلُهُ: (الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًى أَوْ بِغَيْرِ آدَمِيٍّ. وَكَذَا الْمُرْضِعُ وَلَوْ لِكَلْبٍ مُحْتَرَمٍ. وَفِي كَلَامِهِ تَغْلِيبُ الْوَلَدِ عَلَى الْحَمْلِ وَالْكُلِّيَّةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ يُرَادُ بِهَا مُقَابَلَةُ الْمُثَنَّى بِالْمُثَنَّى فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَتْهُمَا مَعَ الْقَضَاءِ الْفِدْيَةُ) وَهِيَ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ وَلَا تَتَعَدَّدُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَلَدُ. وَلَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا مَرَّ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُتَحَيِّرَةٍ إلَّا لِزَمَنٍ تَتَحَقَّقُ فِيهِ عَدَمُ الْحَيْضِ كَأَنْ زَادَ فِطْرُهَا عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَتَخْرُجُ لِلزَّائِدِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِيهِ الطُّهْرَ قَبْلَ التَّحَيُّرِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُسَافِرَةٍ أَفْطَرَتْ لِلسَّفَرِ لَا لِلْوَلَدِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ:(فِي حَقِّهِمَا) فَتَقْدِيرُ لَا فِي الْآيَةِ كَمَا سَبَقَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَلَا مُنَافَاةَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهِمَا مِنْ الْمَرَضِ) أَيْ فَيَجِبُ عِنْدَ خَوْفِ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ نَعَمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ لَوْ كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا أَوْ كَانَ
ــ
[حاشية عميرة]
أَنْ يَخْرُجَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلرَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَقِيرًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي رَمَضَانَ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ مِثْلَهُ النَّذْرَ وَالْقَضَاءَ وَنَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ.
قَوْلُهُ: (لِتَخْيِيرِهِمْ) يَرْجِعُ لِلَّذِينَ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا) الْخَوْفُ هُنَا كَالتَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَلَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ. قَوْلُهُ: (مَعَ الْقَضَاءِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَمَنْ أَفْطَرَ لِلْكِبَرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ إلَّا أَمْرٌ وَاحِدٌ الْقَضَاءُ أَوْ الْفِدْيَةُ، أَنَّ هَذَا الْفِطْرَ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ، فَكَذَا وَاجِبُهُ أَمْرَانِ. قَوْلُهُ:(أَخْذًا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا فَرْعٌ عَنْ عَدَمِ تَقْدِيرِ لَا، وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَا فِيمَا مَضَى عَلَى وُجُوبِ الْمُدِّ فِي حَقِّ الْكَبِيرِ، وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَذَلِكَ فَرْعٌ عَنْ تَقْدِيرِ لَا كَمَا سَلَفَ، وَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ النَّفْيِ تَارَةً وَالْإِثْبَاتِ أُخْرَى فِي الْآيَةِ الْوَاحِدَةِ. قَوْلُهُ:(وَهَلْ تُفْطِرُ الْمُسْتَأْجَرَةُ إلَخْ) وَكَذَا الْمُتَبَرِّعَةُ بِالْإِرْضَاعِ تُفْطِرُ وَيَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ وَالْفِدْيَةُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ إلَخْ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا
بِالْمُرْضِعِ) فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ فِي الْأَظْهَرِ مَعَ الْقَضَاءِ.
(مَنْ أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ) بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ كَمَا فِي الْمُرْضِعِ، وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُ بِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ جَزْمًا، لِأَنَّ لُزُومَهَا مَعَ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ عَنْ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُحْتَاجِ فِي إنْقَاذِ الْمَذْكُورِ إلَى الْفِطْرِ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا (لَا الْمُتَعَدِّي بِفِطْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالْمُرْضِعِ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ فِي الْأَصَحِّ فَلَا تَلْزَمُهُ جَزْمًا، لِأَنَّ فِطْرَهَا ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ بِخِلَافِ فِطْرِهِ، وَالثَّانِي يَلْحَقُ بِهَا فِي اللُّزُومِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِتَعَدِّيهِ.
(وَمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ مَعَ إسْكَانِهِ) بِأَنْ كَانَ مُقِيمًا صَحِيحًا. (حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) وَأَثِمَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُدُّ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ، رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْوَلَدُ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَلَوْ كَلْبًا أَوْ مِنْ زِنًى جَازَ لَهَا الْفِطْرُ مَعَ الْفِدْيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَتَبْقَى الْفِدْيَةُ فِي ذِمَّتِهَا إلَّا أَنْ تَعْتِقَ، وَلَا يَصُومُ عَنْهَا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ لِلْإِرْضَاعِ الْخِيَارُ إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الْفِطْرِ.
قَوْلُهُ: (مُشْرِفٍ) أَيْ مِنْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ بِخِلَافِ الْمَالِ فَيَجُوزُ الْفِطْرُ وَلَا فِدْيَةَ. وَفِي الْمُتَحَيِّرَةِ وَالْمُسَافِرَةِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى هَلَاكٍ) أَيْ تَلَفٍ لِشَيْءٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَةِ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ) هُمَا الْغَرِيقُ وَالْمُفْطِرُ وَارْتِفَاقُ الْمُفْطِرِ تَابِعٌ لِارْتِفَاقِ الْغَرِيقِ كَمَا فِي الْمُرْضِعِ وَتَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ أَوْ الْمُنْقَذِ لِإِعْسَارٍ أَوْ رِقٍّ إلَى الْيَسَارِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (جَزْمًا) فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ) يُرَدُّ بِمَا قَالَهُ الْأَوَّلُ إنَّهُ لَيْسَ اعْتِبَارُ الْكَفَّارَةِ لِأَجْلِ التَّعَدِّي وَإِنَّمَا هُوَ لِحِكْمَةٍ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِيهِ أَفْحَشُ مِنْ الْجِمَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَخَّرَ) أَيْ مِنْ الْأَحْرَارِ أَمَّا الرَّقِيقُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَتَقَ إلَّا إنْ أَخَّرَ بَعْدَ عِتْقِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَهُوَ مُقْتَضَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(رَمَضَانَ) أَيْ لَا غَيْرِهِ وَلَوْ وَاجِبًا وَإِنْ أَثِمَ. قَوْلُهُ: (مُقِيمًا صَحِيحًا) أَيْ زَمَنًا يَسَعُ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ وَسِعَ بَعْضَهُ لَزِمَهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ لَا مَا زَادَ
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِطْرُهُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ الْعُظْمَى كَالْجِمَاعِ لَمْ يَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ بِالتَّأْخِيرِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِوَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ طَارِئٌ بَعْدَ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ:(وَأَثِمَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَخَّرَهُ عَامِدًا عَالِمًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَى نَاسٍ أَوْ جَاهِلٍ وَلَوْ لِمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُوسِرًا أَيْضًا. قَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ: بِمَا فِي الْفِطْرَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ مَمُونِهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ لِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ، وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِذَلِكَ فِي يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ أَوْ فِي جَمِيعِهَا كَمَا مَرَّ أَوْ فِي قَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَهَلْ إذَا أَعْسَرَ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ حَرِّرْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ) وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَضَاءُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْآتِي تَأْخِيرُ الْفِدْيَةِ عَنْ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْقَضَاءِ كَمَنْ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَخَّرَ حَتَّى بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي تَحَقَّقَ فَوَاتُهَا سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ لَا.
وَفِي الرَّوْضَةِ اللُّزُومُ فِي
ــ
[حاشية عميرة]
امْتَنَعَتْ مِنْ الْفِطْر. قَوْلُهُ: (وَتَفْدِي) الْأَمَةُ الْمُرْضِعَةُ إذَا أَفْطَرَتْ تَبْقَى الْفِدْيَةُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعْتِقَ وَلَا تَصُومُ عَنْ الْفِدْيَةِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ مُشْرِفٍ إلَخْ) إنْذَارُ الْأَعْمَى فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَكْلُ لِلْإِنْقَاذِ يُفْطِرُ بِهِ قَطْعًا فَمَا الْفَرْقُ قِيلَ مُنَافَاةُ الْأَكْلِ لِلصَّوْمِ اهـ. قَوْلُهُ:(فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ جَزْمًا) أَيْ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهِ الْإِلْحَاقِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ تَعْبِيرَ الصِّنْفِ بَعِيدٌ لِجَرَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمُتَعَدِّي كَالْمُتَعَدِّي بِغَيْرِهِ، وَلَكِنَّ التَّصْحِيحَ مُتَعَاكِسٌ. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ) يُرِيدُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ جَابِرَةٌ فَلَا تَلِيقُ بِالْمُتَعَدِّي، وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِالْإِثْمِ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الرِّدَّةَ فِي الصَّوْمِ أَفْحَشُ مِنْ الْجِمَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا هَذَا، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ، وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي.
قَوْلُهُ: (مُقِيمًا صَحِيحًا) أَيْ فَالْمَرَضُ وَالسَّفَرُ لَا إمْكَانَ مَعَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمُؤَخِّرَ يَأْثَمُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَلْقَاهُ وَقْتٌ لَا يَقْبَلُهُ، وَهُوَ رَمَضَانُ الْآتِي بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.
كَذَا قَالُوا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى لَقْيِ الْعِيدِ الْكَبِيرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَذَلِكَ يَرُدُّ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ إلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِطُولِ زَمَنِ رَمَضَانَ، فَرُبَّمَا مَاتَ أَوْ عَرَضَ عَارِضٌ قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِكُلِّ يَوْمٍ مُدُّ) هَذِهِ الْفِدْيَةُ لِلتَّأْخِيرِ وَفِدْيَةُ الْمُرْضِعِ وَنَحْوِهَا لِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ وَفِدْيَةُ الْهَرِمِ لِأَصْلِ الصَّوْمِ.
حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ ثُمَّ صَحَّ، وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ صَامَ الَّذِي أَدْرَكَهُ، ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ ثُمَّ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» وَضَعَّفَاهُ قَالَا: وَرَوَى مَوْقُوفًا عَلَى رَاوِيهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَمَّا مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ، بِأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِهَذَا الْعُذْرِ جَائِزٌ فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. (وَالْأَصَحُّ تَكَرُّرُهُ) أَيْ الْمُدِّ. (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) وَالثَّانِي لَا يَتَكَرَّرُ أَيْ يَكْفِي الْمُدُّ عَنْ كُلِّ السِّنِينَ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ مَعَ إمْكَانِهِ فَمَاتَ أَخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ مُدٌّ لِلْفَوَاتِ) عَلَى الْجَدِيدِ. (وَمُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ) وَالثَّانِي يَكْفِي مُدٌّ وَهُوَ لِلْفَوَاتِ وَيَسْقُطُ مُدُّ التَّأْخِيرِ، وَعَلَى الْقَدِيمِ يَصُومُ عَنْهُ الْوَلِيُّ وَيُخْرِجُ مُدَّ التَّأْخِيرِ
(وَمَصْرِفُ الْفِدْيَةِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ) خَاصَّةً لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ. (وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ) مِنْهَا (إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ) وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مُدٍّ مِنْهَا إلَى شَخْصَيْنِ. (وَجِنْسُهَا جِنْسُ الْفِطْرَةِ) فَيُعْتَبَرُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ كَمَا سَبَقَ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمَيِّتِ دُونَ الْحَيِّ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ فَيَلْزَمُ عَنْ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا بِخِلَافِ الْحَيِّ، لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ قَبْلَهُ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ بِاللُّزُومِ كَالْمَوْتِ وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْحَلِفِ بِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَرَاجِعْهُ. وَخَرَجَ بِرَمَضَانَ غَيْرُهُ كَشَعْبَانَ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَهُ وَعُلِمَ مِنْ النَّصِّ هُنَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ عَنْ رَمَضَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ فَاتَهُ صَلَاةٌ بِعُذْرٍ. قَوْلُهُ:(مُسَافِرًا) أَوْ مَرِيضًا أَوْ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا. فَلَوْ أَطْلَقَ الْعُذْرَ لَشَمَلَ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ اللُّزُومِ وَلَوْ لِمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ: (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) أَيْ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِمْكَانُ بِجَمِيعِ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ. فَلَا يَلْزَمُهُ لِعَامٍ عَجَزَ فِيهِ كَمَا مَرَّ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي تَمَكُّنُهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى نَحْوِ الْهَرِمِ بِتَأْخِيرِ الْفِدْيَةِ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيهِ وَلَا عَلَى مُدِيمِ السَّفَرِ لِاسْتِمْرَارِ عُذْرِهِ كَمَا مَرَّ.
فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَوْ عَزَمَ عَلَى تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ قَبْلَ رَمَضَانَ وَأَخْرَجَ الْفِدْيَةَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَخْرُجُ مُدُّ التَّأْخِيرِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُ الْوَلِيِّ عَنْ مُدِّ التَّأْخِيرِ كَمَا لَا يَكْفِي صَوْمُ الَّذِي أَخَّرَ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (خَاصَّةً) أَيْ لَا غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمْدَادَ بَدَلٌ عَنْ أَيَّامِ الصَّوْمِ وَهُوَ يَصِحُّ فِيهِ أَنْ يَصُومَ الْوَاحِدُ أَيَّامًا مُتَعَدِّدَةً عَنْ الْمُكَفِّرِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْقَدِيمِ الرَّاجِحِ وَفِي حَيَاتِهِ لَوْ قِيلَ بِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الزَّكَاةَ وَلَيْسَتْ الْأَمْدَادُ فِي الْحَيِّ فِي الْكَفَّارَةِ بَدَلًا عَنْ الْأَيَّامِ لِأَنَّهَا خَصْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَمْ يَجْرِ فِيهَا مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ هَذَا، فَإِنَّهُ يُغْنِيك عَمَّا أَطَالُوا بِهِ هُنَا فِي الْجَوَابِ مِمَّا لَا يُجْدِي نَفْعًا. قَوْلُهُ:(وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مُدْمِنِهَا إلَى شَخْصَيْنِ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ صَرْفُ ثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ إلَى شَخْصَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ بَدَلُ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا وُجُوبُ بَعْضِ مُدٍّ. وَبِذَلِكَ فَارَقَ فِدْيَةَ نَحْوِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ. قَوْلُهُ:(وَجِنْسُهَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُعْتَبَرُ فَضْلُهَا أَيْضًا عَلَى مَا فِي الْفِطْرَةِ وَمُقْتَضَاهُ سُقُوطُهَا مَعَ الْإِعْسَارِ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ إنَّهَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ إلَّا أَنْ يُرَادَ سُقُوطُ إخْرَاجِهَا حَالًا وَمَا ذُكِرَ مِنْ إعْسَارِ الْفِطْرَةِ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ إعْسَارِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ فَرَاجِعْهُ. وَهَلْ مُدُّ التَّأْخِيرِ مِثْلُهَا أَوْ أَنَّهُ يَسْقُطُ؟ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ السُّقُوطِ هُنَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ.
ــ
[حاشية عميرة]
تَنْبِيهٌ: مَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ بِالسَّفَرِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَأَقَرَّهُ وَإِذَا كَانَ حَرَامًا فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ اسْتَمَرَّ عُذْرُ السَّفَرِ وَخَالَفَ فِي تَحْرِيمِهِ مَعَ السَّفَرِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَصَاحِبِ التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْأَصَحُّ تَكَرُّرُهُ) أَيْ لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ، وَوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الْحُدُودِ.
فَرْعٌ: لَوْ أَخْرَجَ الْفِدْيَةَ ثُمَّ أَخَّرَ تَكَرَّرَتْ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَجَزَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (أَخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ مُوجِبٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي الشَّيْخِ الْهَرِمِ فَإِنَّهُ لَا تَكْرِيرَ فِي حَقِّهِ.
قَوْلُهُ: (يَصُومُ عَنْهُ الْوَلِيُّ وَيُخْرِجُ إلَخْ) أَيْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا.