الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُرْفٍ) كَالْبَرْدِ وَالنَّهْبِ وَالْجَرَادِ وَنُزُولِ الْعَسْكَرِ وَاتُّهِمَ فِي الْهَلَاكِ بِهِ. (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِكَ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) بِوُقُوعِهِ. (عَلَى الصَّحِيحِ) لِإِمْكَانِهَا. (ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْهَلَاكِ بِهِ) وَالثَّانِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ شَرْعًا وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُسْتَحَبَّةٌ. وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى دَعْوَى الْهَلَاكِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَبُولُهُ مَعَ الْيَمِينِ حَمْلًا عَلَى وَجْهٍ يُغْنِي عَنْ الْبَيِّنَةِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ قَالَ: هَلَكَ بِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي الْجَرِينِ وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْجَرِينِ حَرِيقٌ لَمْ يُبَالَ بِكَلَامِهِ.
(وَلَوْ ادَّعَى حَيْفَ الْخَارِصِ) فِيمَا خَرْصَهُ. (أَوْ غَلَطَهُ) فِيهِ (بِمَا يَبْعُدُ لَمْ يُقْبَلْ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأُولَى لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى مَيْلَ الْحَاكِمِ أَوْ كَذَّبَ الشَّاهِدَ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَطِّ جَمِيعِهِ وَفِي حَطِّ الْمُحْتَمَلِ مِنْهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يُقْبَلُ. (أَوْ بِمُحْتَمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ. (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ صَادِقٌ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي مِائَةٍ قُبِلَ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ أَيْ اسْتِحْبَابًا، وَقِيلَ: وُجُوبًا. كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرُ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَيْ كَوَسْقٍ فِي مِائَةٍ وَادَّعَاهُ بَعْدَ الْكَيْلَيْنِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُحَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ النَّفْسَ وَقَعَ فِي الْكَيْلِ وَلَوْ كِيلَ ثَانِيًا لَوُفِّيَ وَالثَّانِي يُحَطُّ لِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى وَزَادَ قُلْت: هَذَا أَقْوَى. وَصَحَّحَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْأَوَّلَ وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّافِعِيِّ، وَأَصَحُّهُمَا بَدَلٌ وَالثَّانِي وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَصْوِيرُ الْإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ فَوَاتِ عَيْنِ الْمَخْرُوصِ أَيْ فَإِنْ بَقِيَ أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ، وَلَوْ ادَّعَى غَلَطَ الْخَارِصِ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ.
بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ
أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَضْرُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ. (نِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَالذَّهَبُ عِشْرُونَ مِثْقَالًا بِوَزْنِ مَكَّةَ
ــ
[حاشية قليوبي]
يُخْرَصَانِ عَلَيْهِ) وَانْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا التَّحَاكُمِ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَضْمِينٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ؟ قَوْلُهُ: (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وُجُوبًا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (غَلَطَهُ) ذُكِرَ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَالَةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ غَلِطَ فِي كَلَامِهِ وَغَلَتَ بِالْمُثَنَّاةِ فِي الْحِسَابِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لَهُ. قَوْلُهُ:(الْمُحْتَمَلِ) وَهُوَ الَّذِي لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ قَبْلُ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ غَلَطًا بَلْ قَالَ: وَجَدْته هَكَذَا صُدِّقَ إذْ لَا تَكْذِيبَ مَعَ احْتِمَالِ التَّلَفِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا يُقْبَلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (قِيلَ فِي الْأَصَحِّ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ الْآتِي فِي الشَّارِحِ.
بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ
ــ
[حاشية عميرة]
فِيمَا يَظْهَرُ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَاتُّهِمَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الَّذِي عُرِفَ هُوَ وَعُمُومُهُ، لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ التَّصْرِيحُ بِالْحَلِفِ هُنَا، فَاسْتُشْكِلَ عَلَى نَظِيرِهِ مَعَ الْوَدِيعَةِ وَاَلَّذِي سَلَكَهُ رحمه الله مُخَلَّصٌ مِنْ الْإِشْكَالِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُمُومِ الْكَثْرَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَوْ غَلَطَهُ) تَقُولُ الْعَرَبِ: غَلِطَ فِي مَنْطِقِهِ وَغَلَتَ فِي الْحِسَابِ أَيْ بِالتَّاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصُ تَخْمِينٌ، وَالْمَالِكُ أَمِينٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، ثُمَّ بِالنَّظَرِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَخْ. تَعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْقَدْرُ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، قَوْلُهُ:(هُوَ صَادِقٌ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمِنْهَاجِ، مِنْ حَيْثُ إنَّ عِبَارَتَهُ تَقْتَضِي جَرَيَانَ خِلَافٍ فِي الْقَدْرِ، لِلزَّائِدِ عَلَى مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ يَقْبَلُ جَزْمًا. قَوْلُهُ:(وَزَادَ قُلْت إلَخْ) يُرْجَعُ لِقَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ. بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ إلَخْ
[بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ]
النَّقْدُ فِي اللُّغَةِ الْإِعْطَاءُ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمُعْطَى مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى مَا يُقَابِلُ
وَزَكَاتُهُمَا رُبْعُ عُشْرٍ) فِي النِّصَابِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَأَوَاقٍ كَجَوَارٍ وَإِذَا نُطِقَ بِيَائِهِ تُشَدَّدُ وَتُخَفَّفُ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِهِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ، «وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَّةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ، وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ، وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ» . وَقَوْلُهُ: بِوَزْنِ مَكَّةَ اسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَالْمِثْقَالُ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ فَكُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَلَوْ نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ حَبَّةً أَوْ بَعْضَهَا فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ رَاجَ رَوَاجَ التَّامِّ، وَلَوْ نَقَصَ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ فَالصَّحِيحُ لَا زَكَاةَ، وَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ. (وَلَا شَيْءَ فِي الْمَغْشُوشِ) مِنْهُمَا (حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا) فَإِذَا بَلَغَهُ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ خَالِصًا مِنْ الْمَغْشُوشِ مَا يَعْلَمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى خَالِصٍ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ (وَلَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا) بِأَنْ أُذِيبَا مَعًا وَصِيغَ مِنْهُمَا الْإِنَاءُ (وَجَهِلَ أَكْثَرَهُمَا زَكَّى الْأَكْثَرَ ذَهَبًا وَفِضَّةً) فَإِذَا كَانَ وَزْنُهُ أَلْفًا مِنْ أَحَدِهِمَا سِتُّمِائَةٍ وَمِنْ الْآخَرِ أَرْبَعُمِائَةٍ زَكَّى سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً (أَوْ مَيَّزَ)
ــ
[حاشية قليوبي]
هُوَ مَصْدَرٌ مَعْنَاهُ لُغَةً الْإِعْطَاءُ حَالًا، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى النُّقُودِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ الْعَرْضَ وَالدَّيْنَ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمُضْرَبِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ:(رُبْعُ عُشْرٍ) وَهُوَ نِصْفُ مِثْقَالٍ فَيُدْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ مِثْقَالًا كَامِلًا، وَيَصِيرُ شَرِيكًا لَهُمْ فِيهِ، ثُمَّ يَبِيعُونَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَقْسِمُونَ ثَمَنَهُ، أَوْ يَبِيعُهُمْ الْمُزَكِّي النِّصْفَ الَّذِي لَهُ أَوْ يَشْتَرِي نِصْفَهُمْ مِنْهُمْ وَإِنْ كُرِهَ لِلشَّخْصِ شِرَاءُ صَدَقَتِهِ وَلَوْ مَنْدُوبَةً لِلضَّرُورَةِ، وَحِصَّتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَمَانَةٌ مَعَهُمْ. قَوْلُهُ:(وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ دَوَانِقَ) وَهُوَ نِصْفُ مَجْمُوعِ الدِّرْهَمِ الطَّبَرِيِّ الَّذِي هُوَ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ، وَالْبَغْلِيُّ الَّذِي هُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ لِأَنَّهُمْ جُمُوعُهَا ثُمَّ قَسَمُوهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ كُلُّهَا طَبَرِيَّةً لَنَقَصَ النِّصَابُ أَوْ بَغْلِيَّةً لَزَادَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الدِّرْهَمَ كَانَ كَذَلِكَ، أَيْ سِتَّةَ دَوَانِقَ فِي زَمَنِهِ
وَزَمَنِ خُلَفَائِهِ، فَالْجَمْعُ وَالْقِسْمَةُ سَابِقَانِ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْجَمْعَ وَالْقِسْمَةَ كَانَا فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه، أَوْ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَعَلَيْهِ فَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ، فَلَعَلَّ النِّصَابَ كَانَ مِائَةً مِنْ كُلٍّ مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا ذَلِكَ مِنْ فَحْوَى كَلَامِهِ
فَتَأَمَّلْ. وَالدَّانَقُ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ أَمْثَالِهِ وَهُوَ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ بِحَبِّ الشَّعِيرِ كَمَا يَأْتِي، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَدِرْهَمُ الْإِسْلَامِ الْمَشْهُورُ الْآنَ سِتَّةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ مِنْ قِيرَاطٍ بِقَرَارِيطِ الْوَقْتِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمِثْقَالُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمِقْدَارُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا وَهُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً مُعْتَدِلَةً قُطِعَ مِنْ طَرَفِهَا مَا دَقَّ وَطَالَ، وَنِصَابُ الذَّهَبِ الْأَشْرَفِيِّ الْقَايِتْبَاي خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَسُبْعَانِ وَتُسْعٌ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ نَقَصَ إلَخْ) أَيْ فَالنِّصَابُ تَحْدِيدٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَغْشُوشِ) وَيُكْرَهُ إمْسَاكُهُ وَيَحْرُمُ التَّعَامُلُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ كَدَرَاهِمِ الْبَلَدِ، وَيُكْرَهُ الضَّرْبُ عَلَى سِكَّةِ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَزِدْ غِشُّهُ وَإِلَّا حَرُمَ. قَوْلُهُ:(خَالِصًا) أَيْ وُجُوبًا فِي نَحْوِ وَلِيِّ مَحْجُورٍ، وَقَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ السَّبْكِ دُونَ قِيمَةِ الْغِشِّ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْخَالِصُ هُوَ الْوَاجِبُ يَقِينًا أَوْ بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ، وَيُقْبَلُ عِلْمُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَكْفِي اجْتِهَادُهُ فِيهِ، وَيَقَعُ الْغِشُّ تَطَوُّعًا عَلِمَهُ أَوْ لَا، وَلَا يُجْزِئُ الرَّدِيءُ عَنْ الْجَيِّدِ وَلَا الْمُكَسِّرِ عَنْ الصَّحِيحِ وَيَفْسُدُ الْقَبْضُ وَيَجِبُ الرَّدُّ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا أَخْرَجَ قَدْرَ التَّفَاوُتِ وَيُعْرَفُ بِتَقْوِيمِ الْمُخْرَجِ بِالْآخَرِ صَحِيحًا وَمَعِيبًا وَفَارَقَ الثَّمَرَ فِيمَا مَرَّ لِاشْتِمَالِهِ هُنَا عَلَى عَيْنِ الْوَاجِبِ، وَيَكْمُلُ الْأَنْوَاعُ بِبَعْضِهَا وَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقِسْطِهِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ كَمَا مَرَّ فِي الْمُعَشَّرَاتِ. قَوْلُهُ:(زَكَّى الْأَكْثَرَ) فَيَقَعُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاجِبِ تَطَوُّعًا وَهَذَا فِي غَيْرِ وَلِيٍّ نَحْوِ مَحْجُورٍ فَيَجِبُ فِيهِ التَّمْيِيزُ عَلَى مَا مَرَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
الْعَرْضَ فَيَشْمَلُ غَيْرَ الْمَضْرُوبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَزَكَاتُهُمَا إلَخْ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: بِمَا أَفْتَيْت جَوَازُ إخْرَاجِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَعَكْسُهُ.
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: هُوَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لِلضَّرُورَةِ قَوْلُهُ: (وَالْأُوقِيَّةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَكَانَتْ الْأُوقِيَّةُ فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. قَوْلُهُ: (بِالنُّصُوصِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ ذِكْرَ الدِّرْهَمِ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَالْمِثْقَالُ إلَخْ) هُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً مُعْتَدِلَةً، وَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ شَعِيرَةً وَخُمُسَا شَعِيرَةٍ، وَهُوَ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَكُلُّ دَانَقٍ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَانِ، وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَدْرُهُ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا بِخِلَافِ الدِّرْهَمِ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ بِالدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ، وَهُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ
بَيْنَهُمَا بِالنَّارِ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرِ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ
(وَيُزَكِّي الْمُحْرِمُ مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ حُلِيٍّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ (وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ (لَا الْمُبَاحِ فِي الْأَظْهَرِ) الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي النَّقْدِ لِجَوْهَرِهِ أَوْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ، فَتَجِبُ فِي الْمُبَاحِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ) مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ لِعَيْنِهِ (وَالسِّوَارُ وَالْخَلْخَالُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ الرَّجُلِ) بِأَنْ يَقْصِدَهُ بِاتِّخَاذِهِمَا فَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ (فَلَوْ اتَّخَذَ سِوَارًا) مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ الْمُحَرَّمِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ فِي الْأُولَى إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعِيرَهُ فَلَا زَكَاةَ جَزْمًا وَلَوْ قَصَدَ كَنْزَهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ جَزْمًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَحَكَى الْإِمَامُ فِيهِ خِلَافًا. (وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ) لِمَنْ لَهُ لُبْسُهُ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ الِاسْتِعْمَالُ (وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) لَا زَكَاةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ لِدَوَامِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ. وَالثَّانِي فِي الزَّكَاةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْإِصْلَاحَ بِأَنْ احْتَاجَ فِي اسْتِعْمَالِهِ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَوَّلُ الْحَوْلِ وَقْتُ الِانْكِسَارِ. وَكَذَا لَوْ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ وَقَصَدَ كَنْزَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (بِالنَّارِ) وَيَجُوزُ بِالْمَاءِ كَأَنْ يَضَعَ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ فِضَّةً، وَيُعْلَمُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَضَعُ الْمَخْلُوطَ فَالْأَقْرَبُ إلَى إحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ هُوَ الْأَكْثَرُ، وَهَذَا الطَّرِيقُ مُمْكِنٌ فِيمَا إذَا جَهِلَ فِيهِ وُزِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَفِي الْمَعْلُومِ طَرِيقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ فِضَّةً، وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يَعْكِسُ ذَلِكَ وَيَعْلَمُهُ ثُمَّ يَضَعُ الْمَخْلُوطَ فَأَيُّ الْعَلَامَتَيْنِ وَصَلَ إلَيْهَا فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ.
وَهَذَا أَضْبَطُ وَلَوْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ وَلَمْ يُؤَخَّرْ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْفَوْرِ، وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِوُجُودِ آلَةِ السَّبْكِ إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ، وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمَالِكِ.
قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) فَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْحُلِيِّ دَفَعَ بِذَلِكَ إرَادَةَ الْمَكْرُوهِ اللَّازِمِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، الْأَصَحُّ مِنْهُمَا الْوُجُوبُ. كَذَا قَالُوا، وَيُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقْرَأُ بِالرَّفْعِ وَيَرْجِعُ الْخِلَافُ بِقَوْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ إلَيْهِ كَالْمُبَاحِ وَكَوْنُهُ فِيهِ تَغْلِيبُ الْأَظْهَرِ عَلَى الْأَصَحِّ أَقَلَّ إيهَامًا مِنْ دُخُولِ الْمَكْرُوهِ فِي الْمُبَاحِ لِمُقَابَلَتِهِ بِالْحَرَامِ أَوْ مِنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْ ذِكْرِهِ فَتَأَمَّلْ. وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ تَبِعَ الشَّارِحَ فَقَالَ: وَذِكْرُ الْمَكْرُوهِ مِنْ زِيَادَتِي. قَوْلُهُ: (لَا الْمُبَاحِ) أَيْ إنْ عَلِمَهُ، فَلَوْ وَرِثَ حُلِيًّا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(الْإِنَاءُ) نَعَمْ لَوْ اشْتَرَاهُ لِيَجْعَلَهُ حُلِيًّا مُبَاحًا ثُمَّ احْتَاجَ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فَحَبَسَهُ سَنَةً لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْ الْمُحَرَّمِ التَّصَاوِيرُ الَّتِي تَتَّخِذُهَا الْمَرْأَةُ، وَالْمُزَرْكَشُ فِي غَيْرِ لُبْسِهَا. قَوْلُهُ:(وَالسِّوَارُ إلَخْ) وَالْمُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ كُلِّ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ كَالْإِنَاءِ عَيْنُهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَيُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ مِنْهُ بِكَسْرِهِ أَوْ مُشَاعًا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُحَرَّمِ بِالْقَصْدِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْحُلِيِّ لِنَحْوِ لُبْسٍ أَوْ كَنْزٍ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَعَيْنِهِ. كَذَا فِي الْعُبَابِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. وَلَا يُكْسَرُ هُنَا لِأَنَّهُ ضَرَرٌ وَفِي تَسْلِيمِهِ لِلسَّاعِي أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ اتَّخَذَ) أَيْ الرَّجُلُ وَلَوْ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ قَصْدِ لُبْسِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَصَدَ بِالْإِجَارَةِ التِّجَارَةَ إذْ لَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَصْدَ يَتَغَيَّرُ مِنْ الْحُرْمَةِ لِلْإِبَاحَةِ وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ:(لِمَنْ لَهُ لُبْسُهُ) لَوْ قَالَ لِلَّذِي لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ كَنْزَهُ) أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِانْكِسَارِهِ، فَلَوْ مَضَى حَوْلٌ بَعْدَ كَسْرِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَفَارَقَ
ــ
[حاشية عميرة]
وَالطَّبَرِيُّ، وَهُوَ نِصْفُهَا فَجُمِعَا وَقُسِمَا دِرْهَمَيْنِ. قِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الدَّرَاهِمَ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ، فَكَيْفَ تَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ) مِنْهُ أَيْضًا التَّصَاوِيرُ الَّتِي تَتَّخِذُهَا الْمَرْأَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ اتَّخَذَ) إنْ جَعَلَ فَاعِلَ اتَّخَذَ ضَمِيرَ الرَّجُلِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهَا قَطْعًا، لِأَنَّ الْقَرِينَةَ تَصْرِفُهُ إلَى الِاسْتِعْمَالِ الْجَائِزِ وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَهُ الشَّخْصَ، أَفَادَ ثُبُوتَ الْخِلَافِ فِيهَا كَالرَّجُلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ. أَقُولُ: بَلْ الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، لَا جَرَمَ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالرَّجُلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَصَحِّ) عَلَّلَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى بِأَنَّ الزَّكَاةَ، إنَّمَا تَجِبُ فِي الْمَالِ النَّامِي، وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْتَحَقَ بِالنَّامِيَاتِ لِكَوْنِهِ مُهَيَّأً لِلْإِخْرَاجِ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ، وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ هَذَا التَّهَيُّؤُ. قَوْلُهُ:(وَأَوَّلُ الْحَوْلِ وَقْتُ الِانْكِسَارِ) هُوَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدُ. قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: (وَحَرُمَ عَلَى ذُكُورِهَا) وَقِيسَ عَلَيْهِ
الْوُجُوبُ وَلَوْ كَانَ الِانْكِسَارُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ
(يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حُلِيُّ الذَّهَبِ) قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» . صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (إلَّا الْأَنْفُ وَالْأُنْمُلَةُ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالْهَمْزَةِ (وَالسِّنُّ) فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا لِمَنْ قُطِعَ أَنْفُهُ أَوْ أُنْمُلَتُهُ أَوْ قُلِعَتْ سِنُّهُ (لَا الْأُصْبُعُ) فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقِيسَ عَلَى الْأَنْفِ الْأُنْمُلَةُ وَالسِّنُّ وَتَجْوِيزُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْلَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُصْبُعِ أَنَّهَا تَعْمَلُ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ (وَيَحْرُمُ سِنُّ الْخَاتَمِ) مِنْ ذَهَبٍ عَلَى الرَّجُلِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَبْعُدُ تَشْبِيهُ الْقَلِيلِ مِنْهُ بِالضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ فِي الْإِنَاءِ وَعَبَّرَ بِتَطْوِيقِ الْخَاتَمِ بِأَسْنَانِهِ. وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَلْزَمَ الشَّخْصَ مِنْ الْإِنَاءِ وَاسْتِعْمَالُهُ أَدْوَمُ (وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالدِّرْعِ وَالْخُفِّ وَأَطْرَافِ السِّهَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَغِيظُ الْكُفَّارَ (لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ) وَالرِّكَابِ وَالثُّفْرِ وَبُرَّةِ النَّاقَةِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِالْأَوَّلِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَحْلِيَةُ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بِالذَّهَبِ (وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، وَلَيْسَ لَهَا التَّشَبُّهُ بِهِمْ وَإِنْ جَازَ لَهَا الْمُحَارَبَةُ بِآلَةِ الْحَرْبِ فِي الْجُمْلَةِ (وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) كَالطَّوْقِ وَالْخَتْمِ وَالسِّوَارِ وَالْخَلْخَالِ. وَكَذَا النَّعْلُ وَقِيلَ: لَا لِلسَّرَفِ
ــ
[حاشية قليوبي]
هَذَا مَا مَرَّ بِدَوَامِ الْإِبَاحَةِ هُنَا بِخِلَافِ ذَاكَ لِابْتِدَاءِ مِلْكِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَرْجَحُهُمَا الْوُجُوبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ لَوْ قَصَدَ حِينَ عِلْمِهِ إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الِاتِّخَاذِ قَصْدُ الْمُبِيحِ وَفِيهِ عَدَمُ قَصْدِ الْمُحَرَّمِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى.
قَوْلُهُ: (وَالْأُنْمُلَةُ) لَامُهَا لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ مَا عَدَا الْأَسَافِلَ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ، وَلِذَلِكَ يَمْتَنِعُ الْكُلُّ فِي الْأُصْبُعِ الْأَشَلِّ، وَلَامُ السِّنِّ لِلْجِنْسِ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(لَا الْأُصْبُعُ) أَيْ لِلرَّجُلِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَرِيحُ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ:(الْخَاتَمِ) فَيَجُوزُ لُبْسُهُ بَلْ يُسَنُّ وَكَوْنُهُ فِي خِنْصَرِ الْيَمِينِ أَفْضَلُ، وَلَهُ الْخَتْمُ بِهِ لَوْ نَقَشَ عَلَيْهِ اسْمَهُ مَثَلًا، وَلَا كَرَاهَةَ فِي نَقْشِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ، وَيُسَنُّ جَعْلُ فَصِّهِ دَاخِلَ الْكَفِّ وَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ وَمَحَلِّهِ بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ فَفِي الْفَقِيهِ الْخِنْصَرُ وَحْدَهُ، وَفِي الْعَامِّيِّ نَحْوُ الْإِبْهَامِ مَعَهُ. وَخَرَجَ بِهِ الْخَتْمُ فَيَحْرُمُ وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ
كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ أَسْفَلُ، وَرَسُولُ سَطْرٌ أَوْسَطُ، وَاَللَّهِ سَطْرٌ أَعْلَى. وَمَتَى خَالَفَ عَادَةَ أَمْثَالِهِ كُرِهَ أَوْ حَرُمَ، وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا، وَلَهُ اتِّخَاذُ خَوَاتِمَ مُتَعَدِّدَةٍ لِيَلْبَسَ كُلَّ بَعْضٍ مِنْهَا فِي وَقْتٍ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حِينَئِذٍ فَإِنْ لَبِسَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ عَادَتِهِ أَوْ قَصَدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ. وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ غَيْرِ الْفِضَّةِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ) تَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ الْفِضَّةِ فَقَطْ وَلَوْ غَيْرَ مُقَاتِلٍ. وَمِنْهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ السِّهَامُ وَالدِّرْعُ وَالْخُفُّ. وَكَذَا الْخُوذَةُ وَالْبَيْضَةُ وَالْحَرْبَةُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالتَّحْلِيَةُ قِطَعٌ كَالصَّفَائِحِ تُسَمَّرُ عَلَى الْآلَاتِ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ، وَتَحِلُّ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ إنْ جَعَلَ لَهَا عُرًى، وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ وَتَجِبُ زَكَاتُهَا وَتَحِلُّ بِالتَّمْوِيهِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ. قَوْلُهُ:(وَالْمِنْطَقَةِ) أَيْ تَحِلُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ. وَكَذَا تَحْلِيَةُ التَّاجِ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلرَّجُلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفَارَقَ الْمِنْطَقَةَ لِأَنَّ فِيهَا تَنْشِيطًا وَتَقْوِيَةً لِلْبَدَنِ. نَعَمْ يُرَدُّ حِلُّ الْخُفِّ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ تَحْلِيَةُ سِكِّينِ الْمِهْنَةِ وَالْمِقْلَمَةِ وَالْمِرْآةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالدَّوَاةِ وَالْمِقْرَاضِ. قَوْلُهُ: (كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالرِّكَابِ) وَبُرَّةِ الْبَعِيرِ وَاللَّبَبِ وَالْقِلَادَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِالسَّرْجِ يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَيْلِ، بِخِلَافِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَيَحْرُمُ جَزْمًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. قَوْلُهُ:(وَلَهَا لُبْسُ) أَيْ لَا افْتِرَاشُ وَلَا
ــ
[حاشية عميرة]
الْفِضَّةُ
قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا) يَجُوزُ أَيْضًا شَدُّهَا بِهِ إذَا تَحَرَّكَتْ ثُمَّ كُلُّ مَا جَازَ بِالذَّهَبِ، فَهُوَ بِالْفِضَّةِ أَجْوَزُ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ:(كَانَتْ الْوَاقِعَةُ عِنْدَهُ) يَعْنِي بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ قَالَ الشَّاعِرُ:
إنَّ الْكِلَابَ مَاؤُنَا فَحَلُّوهُ
قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ) أَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّعْلِيلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَسْأَلَةُ الْفِضَّةِ لَا تُؤْخَذُ مِنْ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ) هُوَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) بَلْ هُوَ سُنَّةٌ لِلرَّجُلِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْيَمِينِ وَأَنْ يُجْعَلَ فَصُّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فِي الْأَصَحِّ) يُسْتَثْنَى الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا خِلَافٌ، لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْقِتَالِ،