الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] أَيْ لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي لِطَلَبِي ذَلِكَ (وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ النَّارِ) رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ سَأَلَ اللَّهَ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ» . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْجُمْهُورُ ضَعَّفُوهُ.
(بَابُ دُخُولِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ (مَكَّةَ) زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا. (الْأَفْضَلُ) لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ (دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ مَشْهُورٌ (وَأَنْ يَغْتَسِلَ دَاخِلُهَا) الْجَائِي (مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ بِذِي طِوًى وَيَدْخُلُهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ نَافِعٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزَانِ. وَيُنْدَبُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَتَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ مِنْ دِينِيٍّ وَدُنْيَوِيٍّ. وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لَك وَلِرَسُولِك، وَآمَنُوا بِك وَوَفَّوْا بِعَهْدِك وَوَثِقُوا بِوَعْدِك وَاتَّبَعُوا أَمْرَك: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِك الَّذِينَ رَضِيت وَارْتَضَيْت. اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي أَدَاءَ مَا نَوَيْت وَتَقَبَّلْ مِنِّي يَا كَرِيمُ مَا أَدَّيْت. وَالْمُرَادُ بِالرَّسُولِ الْمَذْكُورِ إبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم. لِمَا وَرَدَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «لَمَّا فَرَغَ إبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ: يَا رَبُّ مَا يَبْلُغُ صَوْتِي قَالَ: أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ فَقَامَ إبْرَاهِيمُ عَلَى الْمَقَامِ وَنَادَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْعَتِيقِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «عِبَادَ اللَّهِ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ فَسَمِعَهُ مَنْ كَانَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى مَنْ فِي الْأَصْلَابِ وَالْأَرْحَامِ» . قَوْلُهُ: (ضَعَّفُوهُ) أَيْ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ السُّؤَالُ. وَلَيْسَ التَّضْعِيفُ رَاجِعًا لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ، فَرَاجِعْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ أَيْ كَيْفِيَّةُ الْمَطْلُوبِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ بِهِ. قَوْلُهُ: (مَكَّةَ) هِيَ بِالْمِيمِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ لُغَتَانِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ. وَقِيلَ بِالْمِيمِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ وَبِالْبَاءِ لِلْبَيْتِ وَحْدَهُ أَوْ لِلْبَيْتِ وَالْمَطَافِ. وَقِيلَ بِالْمِيمِ لِلْحَرَمِ وَبِالْبَاءِ لِلْمَسْجِدِ. وَهِيَ مِنْ الْمَكِّ بِمَعْنَى الْمَصِّ يُقَلْ: امْتَكَّ الْبَعِيرُ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّهِ إذَا امْتَصَّهُ لِقِلَّةِ مَائِهَا. وَبِالْبَاءِ مِنْ الْبَكِّ أَيْ الْإِخْرَاجِ لِإِخْرَاجِهَا الْجَبَابِرَةَ أَوْ فِيهَا مِنْ الدَّفْعِ وَالزِّحَامِ وَهِيَ أَفْضَلُ بِلَادِ اللَّهِ إلَّا الْبُقْعَةَ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ. وَأَفْضَلُ بِقَاعِهَا الْكَعْبَةُ ثُمَّ الْمَسْجِدُ حَوْلَهَا ثُمَّ بَيْتُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها وَتُنْدَبُ الْمُجَاوَرَةُ بِهَا إلَّا لِخَوْفِ انْحِطَاطِ رُتْبَةٍ أَوْ مَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ مَعْصِيَةٍ، وَأَوَّلُ مَنْ بَنَى الْبَيْتَ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ عليه الصلاة والسلام، وَطَافُوا بِهِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ آدَم ثُمَّ ابْنُهُ شِيثٌ ثُمَّ إبْرَاهِيمُ ثُمَّ الْعَمَالِقَةُ ثُمَّ جُرْهُمٌ، ثُمَّ قُصَيٌّ ثُمَّ قُرَيْشٌ ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ثُمَّ الْحَجَّاجُ لِجَانِبِ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَقَطْ، ثُمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَسَيَأْتِي بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الطَّوَافِ. وَكَذَا كِسْوَةُ الْبَيْتِ. وَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِالْمُؤَلَّفِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (دَاخِلُهَا) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ يَغْتَسِلُ وَلَوْ حَلَالًا أَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ) وَكَذَا مِصْرُ وَالشَّامُ وَالْمَغْرِبُ. قَوْلُهُ: (طِوًى) سَيَأْتِي ضَبْطُهَا. قَوْلُهُ: (نَهَارًا) فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ أَفْضَلُ. وَخُولِفَ بَيْنَ طَرِيقَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ كَالْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدَّاخِلُ مُحْرِمًا وَغَيْرُهُ. وَيُنْدَبُ كَوْنُ الدَّاخِلِ مَاشِيًا وَحَافِيًا إلَّا لِعُذْرٍ وَالْمَرْأَةُ فِي هَوْدَجِهَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَدَاعِيًا
ــ
[حاشية عميرة]
[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]
بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ إلَخْ
قَوْلُ الْمَتْنِ (دُخُولُهَا) الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ نَهَارًا وَمَاشِيًا وَحَافِيًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسْتَحَبُّ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي قَلْبِهِ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، وَيَتَذَكَّرَ جَلَالَةَ الْحَرَمِ وَمَزِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُك وَأَمْنُك فَحَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ، وَآمِنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَهْلِ طَاعَتِك.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَغْتَسِلَ) قَدْ سَلَفَ سُنِّيَّةُ هَذَا الْغُسْلِ وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ مَوْضِعِهِ، وَطِوًى قَرْيَةٌ كَانَتْ بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، وَهِيَ إلَى السُّفْلَى أَقْرَبُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى بِئْرٍ مَطْوِيَّةٍ بِالْحِجَارَةِ، أَيْ مَبْنِيَّةٍ والطيئ الْبِنَاءُ وَهُوَ مَقْصُورٌ وَيَجُوزُ تَنْوِينُهُ وَعَدَمُهُ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ الْمَكَانِ وَالْبُقْعَةِ، هَذَا إذَا جُعِلَ
قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طِوًى ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ، وَيَغْتَسِلُ وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إلَّا بَاتَ بِذِي طِوًى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ ثُمَّ يَدْخُلَ مَكَّةَ نَهَارًا، وَيُذْكَرُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَعَلَهُ. وَرَوَيَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى» . وَالْعُلْيَا تُسَمَّى ثَنِيَّةَ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ، وَالسُّفْلَى تُسَمَّى ثَنِيَّةَ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ، وَهِيَ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ وَالثَّنِيَّةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَذُو طِوًى بَيْنَ الثَّنْيَتَيْنِ وَأَقْرَبُ إلَى السُّفْلَى. وَهُوَ مُثَلَّثٌ الطَّاءِ أَمَّا الْجَائِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ بِذِي طِوًى بَلْ بِنَحْوِ مَسَافَتِهِ مِنْ طَرِيقِهِ. كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَلَا بِالدُّخُولِ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُسْتَحَبُّ لَهُ الدُّخُولُ مِنْهَا وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَمَّا قَالَهُ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ عَدَلَ النَّبِيُّ إلَيْهَا (وَيَقُولُ إذَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ) أَيْ الْكَعْبَةَ بَعْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ: (اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً، وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَعَظَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: هَذَا مُنْقَطِعٌ وَلَفْظُهُمَا بَدَلُ وَعَظَمِهِ وَكَرَمِهِ (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ) قَالَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلُ ذُو السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ، وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ وَبِنَاءُ الْبَيْتِ رَفِيعٌ يُرَى قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ إذَا دَخَلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ (ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) سَوَاءٌ كَانَ فِي صَوْبِ طَرِيقِهِ أَمْ لَا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ دُخُولَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَذَلِكَ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَخَاشِعًا وَمُتَذَلِّلًا وَمُتَذَكِّرًا جَلَالَةَ الْحَرَمِ، وَمَزِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَمُجْتَنِبًا لِلْمُزَاحَمَةِ وَالْإِيذَاءِ وَمُتَلَطِّفًا بِمَنْ يُزَاحِمُهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْعُلْيَا) هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِبَابِ الْمُعَلَّاةِ وَخُصَّتْ بِالدُّخُولِ لِكَوْنِ الدَّاخِلِ يَطْلُبُ مَكَانًا رَفِيعًا وَمَرْتَبَةً عَالِيَةً. وَلِأَنَّهَا مَحَلُّ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] وَلِأَنَّهَا مُوَاجِهَةٌ لَبَابِ الْكَعْبَةِ وَجِهَتُهُ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ. قَوْلُهُ: (وَالسُّفْلَى تُسَمَّى ثَنِيَّةُ كَدَاءٍ إلَخْ) وَتُصْرَفُ وَلَا تُصْرَفُ عَلَى مَا يَأْتِي وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِبَابِ الشَّبِيكَةِ. وَبِمَكَّةَ مَوْضِعٌ ثَالِثٌ يُقَالُ لَهُ: كَدِيٌّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى طَرِيقِ الْيَمَنِ. قَوْلُهُ: (قُعَيْقِعَانَ) وَيُقَالُ لَهُ: قَيْنُقَاعُ. قَوْلُهُ: (وَذُو طِوًى) اسْمُ وَادٍ وَطِوًى مُثَلَّثُ الطَّاءِ، وَالْفَتْحُ أَجْوَدُ وَبِالْقَصْرِ وَتُصْرَفُ وَلَا تُصْرَفُ عَلَى مَعْنَى الْمَكَانِ أَوْ الْبُقْعَةِ، وَهِيَ اسْمُ بِئْرٍ مَطْوِيَّةٍ بَيْنَ الْحَجُونَيْنِ أَيْ مَبْنِيَّةٌ بِالْحِجَارَةِ فَنُسِبَ الْوَادِي إلَيْهَا. قَوْلُهُ:(كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَبْصَرَ الْبَيْتَ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَدَخَلَ الْأَعْمَى وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ وَالْحَلَالُ وَالْمُحَرَّمُ وَذَلِكَ هُوَ بَابُ الْمَسْجِدِ الْآنَ. وَأَمَّا أَوَّلُ الرَّدْمِ الَّذِي كَانَ يُرَى مِنْهُ الْبَيْتُ قَبْلَ وُجُودِ الْأَبْنِيَةِ الْحَائِلَةِ فَيُطْلَبُ فِيهِ الدُّعَاءُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كَانَ مَحَلُّ الرُّؤْيَةِ وَدُعَاءُ الْأَخْيَارِ فِيهِ وَالتَّشْرِيفُ الْعُلُوُّ وَالتَّعْظِيمُ التَّبْجِيلُ، وَالتَّكْرِيمُ التَّفْضِيلُ وَالْمَهَابَةُ التَّوْقِيرُ وَالْبِرُّ الْإِحْسَانُ الْوَاسِعُ، وَقُدِّمَ التَّعْظِيمُ عَلَى التَّكْرِيمِ فِي الدُّعَاءِ لِلْبَيْتِ. وَعَكْسُهُ فِي الدُّعَاءِ لِزَائِرِهِ لِأَنَّ فَضْلَ الْبَيْتِ مَعْلُومٌ فَلْيُرَاجَعْ ابْنُ حَجَرٍ هُنَا.
قَوْلُهُ: (وَبِنَاءُ الْبَيْتِ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَمَنْ بَنَاهُ. قَوْلُهُ: (يُرَى قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ) أَيْ فِيمَا كَانَ
ــ
[حاشية عميرة]
طِوًى عَلَمًا أَمَّا إذَا جُعِلَ صِفَةً وَجُعِلَ مَعَ الْمُضَافِ وَهُوَ ذُو اسْمًا كَانَ بِالصَّرْفِ لَا غَيْرُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْكَعْبَةَ) بَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، وَحَجُّوا لَهَا. ثُمَّ بَنَاهُ إبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام. ثُمَّ بَنَتْهُ قُرَيْشٌ ثُمَّ بَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْقَوَاعِدِ، ثُمَّ بَنَاهُ الْحَجَّاجُ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاَلَّذِي بَنَاهُ مِنْهُ حَائِطُ الْحِجْرِ وَهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا، وَأَبْقَاهُ عَلَى الِارْتِفَاعِ الَّذِي صَنَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَكَانَ فِي بِنَاءِ قُرَيْشٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَهِيَ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَجَعَلَ ابْنُ حَزْمٍ ذَلِكَ التَّفْضِيلَ ثَابِتًا لِلْحَرَمِ وَعَرَفَاتٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْحِلِّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ قُبُورُ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَبِيًّا، مِنْهُمْ هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَإِسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَوْلُهُ:(بَعْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ) أَيْ وَهُوَ وَاقِفٌ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَشْرِيفًا) أَيْ رِفْعَةً وَعُلُوًّا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَكْرِيمًا) أَيْ تَفْضِيلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَهَابَةً) أَيْ إجْلَالًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِرًّا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ الِاتِّسَاعُ بِالسَّلَامِ، فَقَدْ سَلِمَ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِسَلَامٍ أَيْ سَلِّمْنَا بِتَحِيَّتِك إيَّانَا مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ. قَوْلُهُ:(وَبِنَاءُ الْبَيْتِ إلَخْ) تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ يَدْخُلُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَى طَرِيقِهِ صلى الله عليه وسلم بَابُ إبْرَاهِيمَ اهـ. قِيلَ الْمَعْنَى فِيهِ مُوَاجَهَةُ الْجِهَةِ
فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَلَمْ يُصَرِّحَا بِالْحَجِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَلَا بِغَيْرِهِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ (وَيَبْدَأَ بِطَوَافِ الْقُدُومِ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ» . وَأَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ حَجَّ فَأَوَّلُ شَيْءٍ إلَخْ وَلَوْ دَخَلَ وَالنَّاسُ فِي مَكْتُوبَةٍ صَلَّاهَا مَعَهُمْ أَوَّلًا.
وَلَوْ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ قَدَّمَ الصَّلَاةَ. وَكَذَا لَوْ خَافَ فَوْتَ فَرِيضَةٍ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ وَلَوْ قَدِمَتْ الْمَرْأَةُ نَهَارًا وَهِيَ جَمِيلَةٌ أَوْ شَرِيفَةٌ لَا تَبْرُزُ لِلرِّجَالِ أَخَّرَتْ الطَّوَافَ إلَى اللَّيْلِ وَهُوَ تَحِيَّةُ الْبُقْعَةِ أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ وَفِي فَوَاتِهِ بِالتَّأْخِيرِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَيُؤَخَّرُ عَنْهُ اكْتِرَاءُ مَنْزِلِهِ وَتَغْيِيرُ ثِيَابِهِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ. وَأَنْ يَقْصِدَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ. (وَيَخْتَصُّ طَوَافُ الْقُدُومِ) فِي الْمُحْرِمِ (بِحَاجٍّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ) فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ وَلَا مِنْ الْمُعْتَمِرِ لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ عَلَيْهِمَا أَمَّا الْحَلَالُ فَيُسْتَحَبُّ طَوَافُ الْقُدُومِ لَهُ أَيْضًا (وَمَنْ قَصْد مَكَّةَ لَا لِنُسُكٍ) كَأَنْ دَخَلَهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ (اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَالسُّنَنُ يَنْدُرُ فِيهَا الِاتِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ (إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ وَصَيَّادٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ جَزْمًا لِلْمَشَقَّةِ بِالتَّكَرُّرِ لِلْوُجُوبِ فِي غَيْرِهِ شُرُوطٌ أَنْ يَجِيءَ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ فَأَهْلُهُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِمْ قَطْعًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلَهَا لِقِتَالٍ وَلَا خَائِفًا فَإِنْ دَخَلَهَا لِقِتَالِ بَاغٍ أَوْ قَاطِعِ
ــ
[حاشية قليوبي]
كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَدْخُلُ) وَلَوْ حَلَالًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ وَهُوَ ثَلَاثُ طَاقَاتٍ فِي قُبَالَةِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَبَابِ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ أَشْرَفُ جِهَاتِ الْبَيْتِ كَمَا مَرَّ. وَأَنْ يَخْرُجَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِبَابِ الْعُمْرَةِ وَهُوَ طَاقَةٌ وَاحِدَةٌ. قَوْلُهُ:(بِطَوَافِ الْقُدُومِ) وَيُسَمَّى طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الصَّدْرِ وَطَوَافَ الصَّادِرِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ وَطَوَافَ الْوَارِدِ وَطَوَافَ التَّحِيَّةِ. قَوْلُهُ: (أَخَّرَتْ الطَّوَافَ) مَا لَمْ تَخَفْ نَحْوَ طُرُوُّ حَيْضٍ. وَيُقَدِّمُ عَلَى الطَّوَافِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا صَلَاةً أُقِيمَتْ أَوْ خِيفَ فَوْتُهَا وَلَوْ نَفْلًا وَلَوْ تَذَكَّرَ فِيهِ فَائِتَةً قَطَعَهُ وَفَعَلَهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِعُذْرٍ، بَلْ يَجِبُ إنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ:(أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ وَأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَهُ، أَيْ أَنَّهَا تَنْدَرِجُ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ صَلَاةٍ يَفْعَلُهَا وَلَا تَفُوتُ إحْدَى التَّحِيَّتَيْنِ بِالْأُخْرَى. قَوْلُهُ:(وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا تَفُوتُ إلَّا بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بِشَرْطِ الْآتِي وَإِذَا فَاتَ فَلَا يَقْضِي. قَوْلُهُ: (لِدُخُولِ وَقْتِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّهُ يَطُوفُ لِلْقُدُومِ. وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا. وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إنَّ هَذَا الطَّوَافَ لِهَذَا الْقُدُومِ لَا لِلْأَوَّلِ رَدَّ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَفُتْ، فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ لِلثَّانِي دُونَهُ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ إنْ كَانَ طَافَ لِلْقُدُومِ الْأَوَّلِ، بَلْ لَا يَبْعُدُ كَوْنُ هَذَا الطَّوَافِ وَاقِعًا عَنْهُمَا مَعًا فَرَاجِعْهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَخْتَصُّ إلَخْ أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَيْسَ مَطْلُوبًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ.
وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي طَوَافِ الْفَرْضِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. وَبِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلْجَلَالِ قَرِيبًا عِنْدَ ذِكْرِ الرَّمَلِ فِي الْمُعْتَمِرِ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهِ الِاسْمُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي طَلَبَهُ وَتَسْمِيَتَهُ بِذَلِكَ فِي مُطْلَقِ الْقُدُومِ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مُمْكِنَةٌ اسْتِقْلَالًا لَيْسَ فِيهِ مُنَافَاةٌ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ:(اُسْتُحِبَّ لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَآبِقٍ. قَوْلُهُ: (بِحَجٍّ) أَيْ إنْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ أَوْ بِعُمْرَةٍ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ) أَيْ فَالِاسْتِثْنَاءُ
ــ
[حاشية عميرة]
الَّتِي فِيهَا بَابُ الْكَعْبَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَهِيَ أَشْرَفُ جِهَاتِ الْبَيْتِ زَادَهُ اللَّهُ شَرَفًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَبْدَأُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ) هُوَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ تُطْلَبُ أَيْضًا هُنَا وَتَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَا يُخَالِفُهُ، وَفِي السُّبْكِيّ إنْ دَخَلَ، وَمُنِعَ مِنْ الطَّوَافِ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تُسْتَفَادُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَخْ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَخْ) لَوْ وَقَفَ ثُمَّ دَخَلَ قَبْلَ وَقْتِ طَوَافِ الرُّكْنِ وَطَافَ وَقَعَ عَنْ الْقُدُومِ فِيهَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَخَلَهَا لِقِتَالٍ إلَخْ) اسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ لِذَلِكَ بِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ غَيْرَ مُحْرِمٍ» ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَدُفِعَ بِأَنَّ أَصْحَابَهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ دَخَلُوا بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَإِنْ قُلْت قَدْ فُتِحَتْ صُلْحًا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ فَكَيْفَ يُقَالُ دَخَلَهَا لِقِتَالٍ قُلْنَا كَانَ غَيْرَ وَاثِقٍ بِصُلْحِهِ.