الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَوْلَى فَإِنَّ أَفْعَالَ الْمُتَمَتِّعِ أَكْثَرُ مِنْ أَفْعَالِهِ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَتْ: وَكُنَّ قَارِنَاتٍ» وَلَوْ دَخَلَ الْقَارِنُ مَكَّةَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ كَمَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَمَتِّعِ إذَا عَادَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ، وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْمَ الْقِرَانِ لَا يَزُولُ بِالْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ بِخِلَافِ التَّمَتُّعِ.
بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ
أَيْ مَا يَحْرُمُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ (أَحَدُهَا سَتْرُ بَعْضِ رَأْسِ الرَّجُلِ) مَعَ الْبَعْضِ الْآخَرِ أَوَّلًا (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) مِنْ مَخِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَلَنْسُوَةٍ وَعِمَامَةٍ وَخِرْقَةٍ وَعِصَابَةٍ وَكَذَا طِينٌ ثَخِينٌ فِي الْأَصَحِّ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَمُدَاوَاةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَيَجُوزُ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ وَاحْتُرِزَ بِالرَّجُلِ عَنْ الْمَرْأَةِ وَبِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا عَمَّا لَا يُعَدُّ كَوَضْعِ يَدِهِ أَوْ يَدِ غَيْرِهِ أَوْ زِنْبِيلٍ أَوْ حِمْلٍ وَالتَّوَسُّدِ بِوِسَادَةٍ أَوْ عِمَامَةٍ وَالِانْغِمَاسِ فِي الْمَاءِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمِلِ، وَإِنْ مَسَّ رَأْسَهُ وَشَدَّهُ بِخَيْطٍ لِمَنْعِ الشَّعْرِ مِنْ الِانْتِشَارِ وَغَيْرِهِ (وَلُبْسُ الْمَخِيطِ) كَالْقَمِيصِ (أَوْ الْمَنْسُوجِ) كَالزَّرْدِ (أَوْ الْمَعْقُودِ) كَجُبَّةِ اللَّبَدِ (فِي سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (بَدَنِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (إلَّا
ــ
[حاشية قليوبي]
التَّفْرِيقِ، لُزُومُهُ بِيَوْمٍ فَقَطْ، لُزُومُهُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ، لُزُومُهُ بِمُدَّةِ سَيْرِهِ، لُزُومُهُ بِالْأَخِيرَيْنِ مَعًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ) الْمُتَقَدِّمُ فِي التَّمَتُّعِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي أَيُّ مِيقَاتٍ مِنْ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ، وَفَارَقَ لُزُومَ عَوْدِ الْمُجَاوِزِ لِمَا أَحْرَمَ مِنْهُ لِإِسَاءَتِهِ.
فَرْعٌ: لَوْ شَرَعَ الْمُتَمَتِّعُ أَوْ الْقَارِنُ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ سُنَّ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَجِّ وَالْوَاجِبُ هَدْيٌ لَمْ يَسْقُطْ، وَيَجِبُ صَرْفُهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ أَوْ صَوْمٌ فَكَرَمَضَانَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ، لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ، وَيُسَنُّ صَرْفُهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمْ.
بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ أَيْ بَيَانُ الْأُمُورِ الَّتِي تَحْرُمُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ وَزِيَادَةُ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ غَيْرُ مَعِيبٍ، وَالْمَذْكُورُ فِيهِ الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ، وَعَدَّهَا الْمُصَنِّفُ خَمْسَةً وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِيَةً وَبَعْضُهُمْ عَشْرَةً وَبَعْضُهُمْ عِشْرِينَ، وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ التَّرْجَمَةِ، وَالْأَنْسَبُ لِخُصُوصِ الْمُحَرَّمِ، الثَّانِي وَلِلْأَعَمِّ، الثَّالِثُ أَوْ الرَّابِعُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلنَّظْمِ الْآتِي. قَوْلُهُ:(رَأْسِ الرَّجُلِ) أَيْ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَمَا بَعْدَ الْخَامِسِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ بِيَوْمٍ وَفِي الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ وَالْخَمْسَةُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ.
قَوْلُهُ: (الْمُلْحَقِ بِهِ الْقَارِنُ) أَيْ فَدَمُهُ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ، لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فَالْحَالَةُ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا عَلَى الْأَصْلِ، لَا يَجِبُ عَلَى الْفَرْعِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُلْحَقِ يَعْنِي أَنَّ الْقَارِنَ الْحَقُّ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ بِالْمُتَمَتِّعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، لِأَنَّ أَعْمَالَ التَّمَتُّعِ أَكْثَرُ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَالَ: لِأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ فَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِي الْأَصْلِ فَفَرْعُهُ أَوْلَى اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَظُنُّ مَنْشَأَهُ عَدَمُ فَهْمِ الْعِبَارَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَهِمْنَاهُ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَهُوَ تَابِعٌ لَهُ. وَهُوَ مَوْجُودٌ فَقَطْ قَالُوا لَوْ عَادَ الْقَارِنُ الْغَرِيبُ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا، فَالْمَذْهَبُ لَا دَمَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ: إنْ قُلْنَا فِي الْمُتَمَتِّعِ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَعَادَ لِلْمِيقَاتِ لَا يَسْقُطُ فَكَذَا هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ فَوَجْهَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِرَانَ فِي حُكْمِ نُسُكٍ وَاحِدٍ فَلَا أَثَرَ لِعَوْدِهِ اهـ.
وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ) أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ، وَأَنْ لَا يَعُودَ إلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ.
[بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ]
ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلُبْسُ الْمَخِيطِ) أَيْ عَلَى الْعَادَةِ فِي لُبْسِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَنْسُوجِ أَوْ الْمَعْقُودِ أَيْ
إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) فَيَجُوزُ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ مِنْهُ وَالْخُفَّيْنِ إذَا قُطِعَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا فِدْيَةَ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى لُبْسِ الْمَخِيطِ لِمُدَاوَاةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ جَازَ وَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السِّتْرِ، وَإِنْ سَتَرَ أَوْ لَبِسَ الْمَخِيطَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ، وَمِنْ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الْقُفَّازُ، وَسَيَأْتِي وَأُلْحِقَ بِهِ مَا لَوْ اتَّخَذَ لِسَاعِدِهِ مَثَلًا مَخِيطًا، أَوْ لِلِحْيَتِهِ خَرِيطَةً يُغْلِقُهَا بِهَا إذَا خَضَّبَهَا (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ كَرَأْسِهِ) أَيْ الرَّجُلِ فِي حُرْمَةِ السَّتْرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَّا لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ سَتَرَتْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ (وَلَهَا لُبْسُ الْمَخِيطِ) فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ (إلَّا الْقُفَّازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَهُوَ مَخِيطٌ مَحْشُوٌّ بِقُطْنٍ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ لِيَقِيَهُمَا مِنْ الْبَرْدِ وَيُزَرُّ عَلَى السَّاعِدَيْنِ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي خَرَّ مِنْ بَعِيرِهِ مَيِّتًا: لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْخُفَّ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ مَا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ» زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» . وَرَوَيَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ» .
وَرَوَى مُسْلِمٌ «مَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ» ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بَنَاتَه بِلُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ إحْرَامٌ إلَّا فِي وَجْهِهَا» ، قَالَا: وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ رَاوِيهِ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ قَوْله تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] أَيْ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ لِلْعُذْرِ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى، ثُمَّ اللُّبْسُ مَرْعِيٌّ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَا يُعْتَادُ فِي كُلِّ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَشَرًا وَشَعْرًا فِي حَدِّهِ بِخِلَافِ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْهُ وَمِنْ الرَّأْسِ الْبَيَاضُ خَلْفَ الْأُذُنِ وَيَجِبُ كَشْفُ جُزْءٍ مِمَّا حَوَالَيْ الرَّأْسِ الْمُلَاصِقِ لَهُ لِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ، وَخَرَجَ بِهِ الْوَجْهُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ يَقِينًا فَدَخَلَ الصَّبِيُّ وَخَرَجَ الْخُنْثَى لِأَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ.
تَنْبِيهٌ: تَعَدُّدُ الرَّأْسِ يُعْتَبَرُ بِمَا فِي الْوُضُوءِ.
قَوْلُهُ: (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) أَيْ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ كَالزُّجَاجِ وَمُهَلْهَلِ النَّسْجِ. قَوْلُهُ: (طِينٌ ثَخِينٌ) بِخِلَافِ الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (كَوَضْعِ يَدِهِ إلَخْ) وَلَا فِدْيَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّ قَصَدَ بِهِ السَّتْرَ وَإِنْ حُرِّمَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا حَجَرٍ: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عِنْدَ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ. وَشَرْحُ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ: وَفِيهِ أَنَّ الزِّنْبِيلَ إذَا صَارَ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِظْلَالُ بِالْمَحْمِلِ) وَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. وَمِثْلُهُ رَفْعُ ثَوْبٍ عَلَى أَعْوَادٍ مَثَلًا لِمَنْعِ نَحْوِ حَرٍّ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَاءِ) وَلَوْ كَدِرًا وَمِثْلُهُ لَبَنُ وَمُصَلٍّ. وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَشَدَّهُ بِخَيْطٍ) خَرَجَ الْعِصَابَةُ فَتَجِبُ فِيهَا الْفِدْيَةُ، وَلَوْ شَدَّ جِرَاحَهُ بِخِرْقَةٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ:(مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ) وَإِنْ سَتَرَ الْقَدَمَ وَمِثْلُهُ الزُّرْبُولُ وَالزَّرْمُوزَةُ وَنَحْوُ الْقَبْقَابِ، وَالْقَطْعُ قَبْلَ اللُّبْسِ وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ:(وَلَا فِدْيَةَ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهِ فَخَرَجَ مَا لَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ كَالنَّعْلِ أَوْ احْتَاجَ لَهُ مَعَ عَدَمِ قَطْعِهِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مِثْلِهِمَا فَيَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ.
ــ
[حاشية عميرة]
لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْمَخِيطِ، وَالْمَعْقُودُ هُوَ الَّذِي لَزِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، كَثَوْبِ الْيَدِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لُبْسُ ثَوْبٍ لَزِقْته مِنْ وَرَقٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(إذَا لَمْ يَجِدْ) أَيْ وَلَوْ بِإِعَارَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّ لُبْسَ الْمَخِيطِ يَتَوَقَّفُ جَوَازُهُ عَلَى فَقْدِ الْغَيْرِ، وَلَا تَكْفِي فِيهِ الْحَاجَةُ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمُدَاوَاةٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَخْ. قَوْلُهُ:(وَالْخُفَّيْنِ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ لِلْحَدِيثِ الْآتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحُكْمُ الْمَدَاسِ وَهُوَ الزُّرْمُوزَةُ حُكْمُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ اهـ. أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهَا عَدَمُ النَّعْلَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهَا بَعْضَ إحَاطَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ وَهُوَ الْجَهْلُ أَوْ النِّسْيَانُ مُطْلَقًا أَوْ الْفَقْدُ فِي السَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُحَرَّمِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: رحمه الله فِي سَائِرِ بَدَنِهِ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُحَرَّمُ أَنْ يَتَّخِذَ لِلسَّاعِدَةِ أَوْ لِعُضْوٍ آخَرَ شَيْئًا مُحِيطًا بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ وَهَكَذَا لَوْ اتَّخَذَ لِحْيَتَهُ خَرِيطَةً فَتَلَخَّصَ أَنَّ ضَابِطَ مَا يُحَرَّمُ، أَنْ يَكُونَ فِيهِ إحَاطَةٌ لِلْبَدَنِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ قَالَ نَعَمْ. خَرِيطَةُ اللِّحْيَةِ لَا تَدْخُلُ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّى الْبَدَنِ. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) الْمُرَادُ بِالْعُذْرِ هُنَا الْجَهْلُ أَوْ النِّسْيَانُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا الْقُفَّازَ إلَخْ) مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ لَهَا شَدَّ كُمِّهَا عَلَى يَدِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ السَّتْرِ بِغَيْرِ الْقُفَّازَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» إلَخْ) وَرَوَى مُسْلِمٌ «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» ، وَحَمَلَهُ أَئِمَّتُنَا عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ الْوَجْهَ احْتِيَاطًا لِلرَّأْسِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:«فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا» هُوَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ.
وَقَالَ الْجُعْفِيُّ: يَجُوزُ لُبْسُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلِ.
قَوْلُهُ: (وَرَوَى الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هَذَا تَوْجِيهٌ مُقَابِلٌ الْأَظْهَرَ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ إلَخْ) نَظَرَ
مَلْبُوسٍ، فَلَوْ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ أَوْ اتَّزَرَ بِسَرَاوِيلَ فَلَا فِدْيَةَ، كَمَا لَوْ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ مُلَفَّقٍ مِنْ رِقَاعٍ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ رِدَاءً، لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُ الْقَمِيصِ بَلْ يَرْتَدِي بِهِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا وَوَجَدَ سَرَاوِيلَ يَتَأَتَّى الِاتِّزَارُ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ اتَّزَرَ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ وُجْدَانِ الْإِزَارِ أَوْ النَّعْلَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِعِوَضِ مِثْلِهِ أَوْ اسْتِعَارَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهَا وَإِذَا وَجَدَ الْإِزَارَ أَوْ النَّعْلَيْنِ بَعْدَ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ أَوْ الْخُفَّيْنِ الْجَائِزِ لَهُ وَجَبَ نَزْعُ ذَلِكَ فَإِنْ أَخَّرَ، وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ وَيَشُدَّ عَلَيْهِ خَيْطًا لِيَثْبُتَ وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِثْلَ الْحُجْزَةِ وَيُدْخِلَ فِيهَا التِّكَّةَ إحْكَامًا، وَأَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ فِي طَرَفِ إزَارِهِ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الرِّدَاءِ وَلَا حَلُّهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ وَلَا رَبْطُ طَرَفِهِ إلَى طَرَفِهِ بِخَيْطٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَخِيطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُسْتَمْسِكٌ بِنَفْسِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
وَلَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ مِنْ الْوَجْهِ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ الَّذِي يَلِي الرَّأْسَ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ سَتْرِ الرَّأْسِ الْوَاجِبِ إلَّا بِهِ وَلَهَا أَنْ تَسْدُلَ عَلَى وَجْهِهَا ثَوْبًا مُتَجَافِيًا عَنْهُ بِخَشَبَةٍ، وَنَحْوِهَا لِحَاجَةٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ فِتْنَةٍ، وَنَحْوِهَا أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ وَقَعَتْ الْخَشَبَةُ فَأَصَابَ الثَّوْبُ وَجْهَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا وَرَفَعَتْهُ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ اسْتَدَامَتْهُ لَزِمَهَا الْفِدْيَةُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَا ذُكِرَ فِي إحْرَامِ الْمَرْأَةِ وَلُبْسِهَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَشَذَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَحَكَى وَجْهًا أَنَّ الْأَمَةَ كَالرَّجُلِ فِي حُكْمِ الْإِحْرَامِ، وَوَجْهَيْنِ فِيمَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا رَقِيقٌ هَلْ هِيَ كَالْأَمَةِ أَوْ كَالْحُرَّةِ وَإِذَا سَتَرَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ رَأْسَهُ فَقَطْ أَوْ وَجْهَهُ فَقَطْ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ سَتَرَهُمَا وَجَبَتْ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ وَلَيْسَ لَهُ كَشْفُهُمَا لِأَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِلْوَاجِبِ، وَلَهُ كَشْفُ الْوَجْهِ، قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: وَقِيَاسُهُ وَلُبْسُ الْمَخِيطِ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ نَحْوَ الزُّرْمُوزَةِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (مَثَلًا) فَبَقِيَّةُ أَعْضَائِهِ كَسَاعِدِهِ، نَعَمْ لَا يَضُرُّ لَفُّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ وَيَحْرُمُ رَبْطُهَا عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ لِلِحْيَتِهِ خَرِيطَةً) وَكَذَا لِوَجْهِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ) أَيْ الْكَفَّيْنِ، أَمَّا مَا يُعْمَلُ لِلسَّاعِدَيْنِ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلرَّجُلِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ:(إنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بَنَاتَه إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ مُقَابِلٌ الْأَظْهَرَ الَّذِي سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ) أَيْ فِي الِارْتِدَاءِ بِالْقَمِيصِ وَإِنْ أَلْقَى كُمَّيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. وَكَذَا الِارْتِدَاءُ بِالْقَبَاءِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَمْسِكُ فِي قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ. وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي سَاقَيْ الْخُفِّ أَوْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ تَقَلَّدَ بِنَحْوِ سَيْفٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَيَجُوزُ لَفُّ نَحْوِ عِمَامَةٍ عَلَى وَسَطِهِ بِلَا عَقْدٍ وَإِدْخَالُ يَدِهِ فِي كُمِّ غَيْرِهِ، وَالِاحْتِوَاءُ بِحَبْوَةٍ مَثَلًا وَلُبْسُ نَحْوِ خَاتَمٍ لَا دِرْعٍ وَزَرَدِيَّةٍ. قَوْلُهُ:(بَلْ يَرْتَدِي بِهِ) وَلَهُ التَّغْطِيَةُ بِهِ عِنْدَ النَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَخَرَجَ بِالْعَقْدِ الْأَزْرَارُ فَتَجُوزُ إنْ تَبَاعَدَتْ وَإِلَّا فَلَا. وَأَمَّا الْأَزْرَارُ فِي الرِّدَاءِ فَتَحْرُمُ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَوَافَقَهُمْ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْمُتَبَاعِدَةِ. قَوْلُهُ:(مِثْلُ الْحُجْزَةِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ سَاكِنَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ، وَهِيَ مَا يَدْخُلُ فِيهَا التِّكَّةُ بِكَسْرِ التَّاءِ. قَوْلُهُ:(وَأَنْ يَغْرِزَ إلَخْ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ. وَخَرَجَ بِغَرْزِهِ فِيهِ جَعْلُ أَزْرَارٍ بَيْنَهُمَا فَتَحْرُمُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا خَلُّهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ) فَيَحْرُمُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا. وَكَذَا رَبْطُ طَرَفِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ إلَخْ. وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا فِيهِ، وَإِنْ نُدِبَ كَالْخَلْوَةِ بِالْمَحَارِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي التَّحْرِيمِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا فِي سَتْرِ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ فِي الْأَوَّلِ وَذُكُورَتِهِ فِي الثَّانِي. وَلِذَلِكَ لَوْ سَتَرَهُمَا مَعًا وَلَوْ مُرَتَّبًا حُرِّمَ، وَوَجَبَ الْفِدْيَةُ لِتَعَيُّنِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ. قَوْلُهُ:(وَلَهُ كَشْفُ الْوَجْهِ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ وَيَجِبُ
ــ
[حاشية عميرة]
فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْحَلْقَ إتْلَافٌ، وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ إلَخْ) لَوْ تَوَقَّفَ الْإِزَار عَلَى فَتْقِ السَّرَاوِيلِ وَخِيَاطَةِ إزَارٍ مِنْهُ لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ، وَاسْتَشْكَلَ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ، وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ السَّرَاوِيلِ وَشِرَاءَ إزَارٍ، إلَّا إذَا أَمِنَ كَشْفَ عَوْرَتِهِ زَمَنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَلَا يُكَلَّفُ رَبْطَ السَّرَاوِيلِ عَلَى حَدِّ السُّرَّةِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ:(وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ) لَوْ زَرَّهُ بِأَزْرَارٍ أَوْ شَاكَهُ أَوْ خَاطَهُ لَمْ يَجُزْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الرِّدَاءِ. قَوْلُهُ:(وَلَهُ أَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ) كَذَا لَهُ أَنْ يَرْبِطَهُ فِي الْإِزَارِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ أَزْرَارًا وَعُرًى يَمْسِكُهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَتَرَهُمَا) أَيْ وَلَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ. قَوْلُهُ: (قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ رحمه الله وَفِي الْبَيَانِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ سَتْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ مَعًا، لِأَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِلْوَاجِبِ، وَأَنَّهُ لَوْ قِيلَ يُؤْمَرُ بِكَشْفِ الْوَجْهِ لَكَانَ صَحِيحًا، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَكَشْفُ وَجْهِهِ لَا يُؤَثِّرُ وَلَا
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِغَيْرِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا، فَإِنْ لَبِسَهُ فَلَا فِدْيَةَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ امْرَأَةً. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا خِلَافَ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالسِّتْرِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ، كَمَا نَأْمُرُ أَنْ يَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ. وَقِيلَ تَلْزَمُهُ احْتِيَاطًا.
(الثَّانِي) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ) كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالْوَرْسِ وَهُوَ أَشْهُرُ طِيبٍ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَإِنْ كَانَ يُطْلَبُ لِلصَّبْغِ وَالتَّدَاوِي أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَعَ الْوَرْسِ فِي الْحَدِيثِ فِي الثَّوْبِ وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَدَنُ، وَعَلَيْهِمَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَأُدْرِجَ فِيهِ مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ رَائِحَتُهُ الطَّيِّبَةُ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالنِّرْجِسِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَى الطِّيبِ مِنْ الدُّهْنِ، كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ، وَعُدَّ مِنْ اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ أَنْ يَأْكُلَهُ أَوْ يَحْتَقِنَ بِهِ أَوْ يَسْتَعْطِ وَأَنْ يَحْتَوِيَ عَلَى مِجْمَرَةِ عُودٍ فَيَتَبَخَّرَ بِهِ وَأَنْ يَشُدَّ الْمِسْكَ أَوْ الْعَنْبَرَ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ أَوْ تَضَعَهُ الْمَرْأَةُ فِي جَيْبِهَا أَوْ تَلْبَسَ الْحُلِيَّ الْمَحْشُوَّ بِهِ وَأَنْ يَجْلِسَ أَوْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشٍ مُطَيَّبٍ أَوْ أَرْضٍ مُطَيَّبَةٍ وَأَنْ يَدُوسَ الطِّيبَ بِنَعْلِهِ لِأَنَّهَا مَلْبُوسَةٌ، وَمَعْنَى اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي مَحَلِّ إلْصَاقٍ بِهِ تَطَيُّبًا فَلَا اسْتِعْمَالَ بِشَمِّ مَاءِ الْوَرْدِ وَلَا بِحَمْلِ الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ، فِي كِيسٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
سَتْرُ رَأْسِهِ لِأَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ احْتِيَاطًا كَمَا مَرَّ. وَلِأَنَّ كَشْفَ الْوَجْهِ مِنْ الرَّجُلِ جَائِزٌ وَمِنْ الْمَرْأَةِ وَاجِبٌ، وَالْوُجُوبُ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ فَتَأَمَّلْ.
تَنْبِيهٌ: إذَا لَبِسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا فَوْقَ آخَرَ أَوْ عِمَامَةً فَوْقَ أُخْرَى فَإِنْ سَتَرَ الثَّانِي زَائِدًا عَلَى مَا سَتَرَهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ مَنْعُهُ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا فِدْيَةَ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ وَلَوْ مِنْ أَخْشَمَ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى. وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُحَرَّمَاتِ الْآتِيَةِ وَخَصَّ الْمَالِكِيَّةُ الطِّيبَ بِمَا قَوِيَ رِيحُهُ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالزَّعْفَرَانِ.
تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ فِي تَحْرِيمِ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ كَوْنُ الْفَاعِلِ مُكَلَّفًا عَالِمًا عَامِدًا ذَاكِرًا لِلْإِحْرَامِ مُخْتَارًا، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَوْ عَلَى جَاهِلٍ غَيْرِ مَعْذُورٍ لِأَنَّهَا مِمَّا يَخْفَى. وَكَذَا لَا فِدْيَةَ عَلَى غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَنَائِمٍ وَمُغْمَى عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَا عَلَى مُمَيِّزٍ إلَّا فِيمَا فِيهِ إتْلَافٌ كَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ لَا غَيْرِهِ كَجِمَاعٍ وَطِيبٍ. قَوْلُهُ:(مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ رَائِحَتُهُ) أَيْ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَخَرَجَ أَكْلُ الْعُودِ وَحَمْلُ الْمِسْكِ فِي نَحْوِ كِيسٍ كَمَا يَأْتِي وَأَشَارَ إلَى عَدَمِ حَصْرِ أَفْرَادِهِ بِقَوْلِهِ كَالْوَرْدِ وَالنِّسْرِينِ وَاللِّبَانِ وَالسَّوْسَنِ وَالْعُبَيْتِرَانِ وَالْمَنْثُورِ وَالنَّمَّامِ وَالْكَاذِي بِالْمُعْجَمَةِ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الرَّطْبِ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا فِدْيَةَ وَلَا حُرْمَةَ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ أَكْلُهُ كَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْأُتْرُجِّ وَالنَّارِنْجِ وَاللَّيْمُونِ وَنَحْوِهَا، أَوْ مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ التَّدَاوِي كَالْقُرُنْفُلِ وَالْقِرْفَةِ وَالْمُصْطَكَى وَالسُّنْبُلِ وَحَبِّ الْمُحَلَّبِ وَنَحْوِهَا، وَمَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ لَوْنُهُ كَالْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ وَمَا لَا يُقْصَدُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ رَيْحَانِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِ كَالشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَالشَّقَائِقِ وَزَهْرٍ نَحْوِ التُّفَّاحِ وَالْكُمَّثْرَى فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(الْفَارِسِيِّ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا عُلِمَ فَيَشْمَلُ الْمُرْسِينَ وَالرَّيْحَانَ الْقُرُنْفُلِيَّ وَغَيْرَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمَا اشْتَمَلَ إلَخْ) قَالُوا وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ رَبَّى السِّمْسِمَ بِوَرَقٍ نَحْوِ الْوَرْدِ ثُمَّ عَصَرَ دُهْنَهُ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ فِي اسْتِعْمَالِهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَأْكُلَهُ) أَوْ يَشْرَبَهُ نَعَمْ لَوْ أَكَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ رِيحٌ وَلَا طَعْمٌ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ. وَبِهِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ أَكْلَهُ مَعَ غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ أَكْلَ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَحْتَوِيَ) وَكَذَا لَوْ وَصَلَ الْبَخُورُ إلَيْهِ بِجَعْلِهِ أَمَامَهُ مَثَلًا وَأَجَازَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ شَمَّ الرَّيَاحِينِ وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ
ــ
[حاشية عميرة]
يُمْنَعُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهُوَ الْوَاجِبُ ثُمَّ قَالَ: يَعْنِي الْبَيَانَ، وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَلْبَسَ الْمَخِيطَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا فِدْيَةَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ امْرَأَةً اهـ.
وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ عَنْ الْقَاضِي إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ سَتْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ لَعَلَّهُ مِنْ كَشْفِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ لِيُوَافِقَ مَا سَاقَهُ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي حِكَايَةِ كَلَامِ أَبِي الْفُتُوحِ. قَوْلُهُ: (وَقِيَاسُهُ) أَيْ قِيَاسُ مَا نَقَلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَشْفُهُمَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِغَيْرِهِ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ الْبَيَانِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّانِي اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ إلَخْ) وَلَوْلَا خَشْمٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله الْمُرَادُ بِالطِّيبِ مَا ظَهَرَ فِيهِ غَرَضُ التَّطَيُّبِ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَدَنُ) أَيْ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ) صُورَتُهُ أَنْ يُؤْخَذَ دُهْنُ اللَّوْزِ أَوْ السِّمْسِمِ وَنَحْوِهِمَا، ثُمَّ يُطْرَحَ فِيهِ الْوَرْدُ أَوْ الْبَنَفْسَجُ، أَمَّا لَوْ طُرِحَا عَلَى السِّمْسِمِ أَوْ اللَّوْزِ مَثَلًا فَأَخَذَ رَائِحَةً مِنْهُمَا، ثُمَّ اُسْتُخْرِجَ الدُّهْنُ، فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلِأَنَّهُ رِيحُ مُجَاوِرٍ وَخَالَفَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فَقَالَ: بَلْ هُوَ أَشْرَفُ وَأَلْطَفُ مِنْ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَدُوسَ الطِّيبَ بِنَعْلِهِ) كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ رحمه الله. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَشَرْطُهُ أَنْ يَعْلَقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ، كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ. قَوْلُهُ:(وَمَعْنَى اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ إلَخْ) قَالَ
أَوْ نَحْوِهِ وَلَا بِأَكْلٍ الْعُودِ أَوْ شَدِّهِ فِي ثَوْبِهِ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ بِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّبَخُّرِ بِهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ طِيبًا أَوْ ظَانًّا أَنَّهُ يَابِسٌ لَا يَعْلَقُ بِهِ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ وَلَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا فِيمَا إذَا أَلْقَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ الطِّيبَ لَكِنْ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيمَا قَبْلَهَا عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَا تَجِبُ فِي اسْتِعْمَالِهِ الْمُحَرَّمَ، وَتَجِبُ فِيهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْإِزَالَةِ أَيْضًا. (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ) بِدُهْنٍ غَيْرِهِ مُطَيِّبٍ كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالزُّبْدِ وَدُهْنِ اللَّوْزِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزَيُّنِ الْمُنَافِي لِحَدِيثِ الْمُحْرِمُ، أَشْعَثُ أَغْبَرُ أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ فَفِي مُخَالَفَتِهِ بِالدَّهْنِ الْمَذْكُورِ الْفِدْيَةُ وَفِي دَهْنِ الرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ الْفِدْيَةُ فِي الْأَصَحِّ لِتَأْثِيرِهِ فِي تَحْسِينِ الشَّعْرِ الَّذِي يَنْبُتُ بَعْدَهُ، وَلَا فِدْيَةَ فِي دَهْنِ رَأْسِ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ هَذَا الدُّهْنِ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ تَزْيِينَهُ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ.
(وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ بِخَطْمِيٍّ) أَوْ سِدْرٍ أَيْ يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَحَكَى قَدِيمٌ بِكَرَاهَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزْيِينِ، وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَفَارَقَهُ دَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ التَّزْيِينِ التَّنْمِيَةَ.
(الثَّالِثُ) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (إزَالَةُ الشَّعْرِ) مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ حَلْقًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ الظُّفْرِ) مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ قَلْمًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَقِيسَ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ شَعْرُ بَاقِي الْجَسَدِ وَعَلَى الْحَلْقِ غَيْرُهُ وَعَلَى
ــ
[حاشية قليوبي]
يَدُوسَ إلَخْ) أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ طِيبٌ، وَأَنَّهُ يَعْلَقُ بِنَعْلِهِ وَعَلِقَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ إلَّا فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهَا) أَيْ النَّعْلُ مَلْبُوسُهُ. وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِثَوْبِهِ فِيمَا مَرَّ مُطْلَقُ مَلْبُوسِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ ثَوْبًا. قَوْلُهُ: (فَلَا اسْتِعْمَالَ بِشَمِّ مَاءِ الْوَرْدِ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الرَّيَاحِينِ وَلَوْ بِوَضْعِهِ أَمَامَهُ. قَوْلُهُ: (جَاهِلًا بِكَوْنِهِ طِيبًا) أَوْ بِأَنَّهُ يَعْلَقُ بِهِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَجَهِلَ الْفِدْيَةَ أَوْ ظَنَّهُ نَوْعًا لَيْسَ مِنْ الطِّيبِ فَبَانَ مِنْهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (أَلْقَتْهُ عَلَيْهِ الرِّيحُ) وَكَذَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ طَيَّبَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ عَنْهُ وَالْفِدْيَةُ فِيهِ عَلَى الْفَاعِلِ إلَّا إنْ اسْتَدَامَهُ فَعَلَيْهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ) وَهِيَ لِقَاءُ الرِّيحِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَبْلَهَا) وَهِيَ صُوَرُ الْجَهْلِ وَظَنُّ الْيُبْسِ وَعَدَمُ كَوْنِهِ يَعْلَقُ وَنِسْيَانُهُ لِلْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ) بِقُدْرَتِهِ عَلَى إزَالَتِهِ وَعِلْمِهِ وَتَذَكُّرِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخَّرَ) أَيْ الْإِزَالَةَ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْمَذْكُورِ وَجَبَ الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ: (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ شَعْرَةً أَوْ بَعْضَهَا وَبَقِيَّةُ شُعُورِ الْوَجْهِ كَاللِّحْيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَدُهْنُ اللَّوْزِ) وَالشَّيْرَجِ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ مِنْ حَيَوَانٍ كَشَحْمٍ مُذَابٍ. قَوْلُهُ: (وَذَقَنُ الْأَمْرَدِ) لَا فِدْيَةَ فِي دُهْنِهِ إلَّا فِي زَمَنِ نَبَاتِ شَعْرِهِ كَمَا فِي الرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَكْلُهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ شَعْرِ وَجْهِهِ كَمَا مَرَّ، وَيَجُوزُ الِاكْتِحَالُ بِالْإِثْمِدِ بِلَا طِيبٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ التُّوتْيَا، وَلَا كَرَاهَةَ لِعَدَمِ الزِّينَةِ وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الدُّهْنَ غَيْرَ الْمُطَيِّبِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يُفْعَلَ) الْغُسْلُ بِالْخِطْمِيِّ فَهُوَ مُبَاحٌ.
قَوْلُهُ: إزَالَةُ الشَّعْرِ وَلَوْ مِنْ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الطِّيبِ لِأَنَّهُ تَرَفُّهٌ، وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَحَجْمٍ وَحَكٍّ بِنَحْوِ ظُفْرٍ كَتَحْرِيكِ رِجْلِ رَاكِبٍ عَلَى بَرْذَعَةٍ أَوْ قَتَبٍ وَامْتِشَاطٍ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ إزَالَتَهُ بِهِ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَلَا فِدْيَةَ وَمَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الِامْتِشَاطَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(مِنْ الرَّأْسِ) وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ وَلَوْ مِمَّا تُطْلَبُ إزَالَتُهُ كَشَعْرِ الْعَانَةِ وَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ، نَعَمْ لَا فِدْيَةَ فِي إزَالَةِ مَا غَطَّى عَيْنَهُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ أَوْ حَاجِبِهِ
ــ
[حاشية عميرة]
السُّبْكِيّ: عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ بِشَمِّ الرَّيَاحِينِ وَقَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهَا بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِلشَّمِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مَعَ لُصُوقِ الْبَدَنِ مِنْ الشَّمِّ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ شَمَّهَا مِنْ الشَّجَرِ لَا شَيْءَ فِيهِ. قَوْلُهُ:(وَيَجِبُ فِيهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلِاسْتِعْمَالِ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يَجِبُ فِي اسْتِعْمَالِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ) وَلَوْ بِالشَّمْعِ الذَّائِبِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ جَمَعَ فِي هَذَا النَّوْعِ الثَّانِي بَيْنَ الطِّيبِ، وَالدُّهْنِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْأَدْهَانَ نَوْعًا مُسْتَقِلًّا لِتَقَارُبِهِمَا يَعْنِي مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَرَفُّهٌ، وَلَيْسَ فِيهِ إزَالَةُ عَيْنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ الْمُحْرِمُ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَلَوْ كَانَ لِلنَّهْيِ لَحَرُمَ إزَالَةُ الشَّعَثِ وَالْغُبَارِ اهـ.
وَالْجَوَابُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَفَارَقَ دَهْنَ شَعْرِ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ التَّزْيِينِ التَّنْمِيَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْأَمْرِ، وَأَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَعْنًى خَصَّصَهُ. قَوْلُهُ:(وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ) وَحَرَّمَ مَالِكٌ نَظَرَهُ لِوَجْهِهِ فِي الْمِرْآةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (إزَالَةُ الشَّعْرِ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ) يُكْرَهُ مَشْطُ الشَّعْرِ وَحَكُّهُ بِالظُّفْرِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى) لَا يُقَالُ هَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَشْمَلُ الثَّلَاثَ شَعَرَاتٍ إذَا أُزِيلَتْ لِعُذْرٍ، لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ الْمَنْصُوصِ لِقَوْلِهِ:
إزَالَةِ الشَّعْرِ إزَالَةُ الظُّفْرِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ فِي الْجَمِيعِ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ فَصَاعِدًا لِمَا سَيَأْتِي (وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ فِي) إزَالَةِ (ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ) لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمَعْذُورِ بِالْحَلْقِ لِلْآيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ وَقِيسَ بِهَا الْأَظْفَارُ، وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَتُعْتَبَرُ إزَالَةُ الثَّلَاثِ أَوْ الثَّلَاثَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَلَوْ حَلَقَ جَمِيعَ شَعْرِ رَأْسِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَكَان وَاحِدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا وَكَذَا لَوْ حَلَقَ جَمِيعَ شَعْرِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ عَلَى التَّوَاصُلِ وَيُقَاسُ بِالشَّعْرِ فِي ذَلِكَ الْأَظْفَارُ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَلَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ فِي مَكَانَيْنِ أَوْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَكِنْ فِي زَمَانَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ وَجَبَتْ فِدْيَتَانِ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ وَلَوْ حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ فِي ثَلَاثَةِ أَمْكِنَةٍ أَوْ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَجَبَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يَجِبُ فِيهَا لَوْ انْفَرَدَتْ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِي الشَّعْرَةِ مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّيْنِ) وَالثَّانِي فِي الشَّعْرَةِ دِرْهَمٌ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ دِرْهَمَانِ، وَالثَّالِثُ ثُلُثُ دَمٍ وَثُلُثَانِ عَلَى قِيَاسِ وُجُوبِ الدَّمِ فِي الثَّلَاثِ عِنْدَ اخْتِيَارِهِ، وَالْأَوَّلَانِ قَالَا تَبْعِيضُ الدَّمِ عُسْرٌ فَعَدَلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا إلَى الطَّعَامِ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَدْلُ الْحَيَوَانِ بِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةَ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ بِهِ، وَعَدْلُ الثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ تَقْرِيبًا، فَاعْتُبِرَتْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى التَّوْزِيعِ وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ فِي الظُّفْرِ وَالظُّفْرَيْنِ (وَلِلْمَعْذُورِ) فِي الْحَلْقِ (أَنْ يَحْلِقَ وَيَفْدِيَ) لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ عُذْرُهُ بِكَثْرَةِ الْقُمَّلِ أَمْ لِلتَّأَذِّي بِجِرَاحَةٍ أَوْ بِالْحَرِّ.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلَا فِي إزَالَةِ مَا ثَبَتَ فِي دَاخِلِ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (الصَّادِقُ بِالشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ) وَكَذَا بَعْضُ الشَّعْرَةِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (فِي مَكَان وَاحِدٍ) أَيْ وَزَمَانٍ وَاحِدٍ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ) وَكَذَا ثَلَاثَةُ أَبْعَاضٍ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِيهَا مُدَّانِ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ، وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ بَعْضُ مُدٍّ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ فَرَاجِعْهُ.
وَالظُّفْرُ كَالشَّعْرِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهِ اتِّحَادًا وَانْفِرَادًا وَبَعْضًا أَوْ كُلًّا وَلَا فِدْيَةَ فِي إزَالَةِ ظُفْرٍ انْكَسَرَ وَتَأَذَّى بِهِ وَلَا فِي إزَالَةِ قِطْعَةِ لَحْمٍ مِنْ رَأْسِهِ مَثَلًا عَلَيْهَا شَعْرٌ، وَلَا فِي قَطْعِ أُصْبُعٍ بِظُفْرِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَلَوْ أَزَالَ غَيْرُهُ شَعْرَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُزِيلِ. وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ وَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ عَنْهُ كَالْكَفَّارَةِ. وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ بِالْحِنْثِ فِي السُّكُوتِ مَرْجُوحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ وَلَوْ حَلَالًا بِإِزَالَةِ شَعْرِ مُحْرِمٍ بِالْحَلْقِ مَثَلًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ إنْ قَدَرَ عَلَى الدَّفْعِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَمْرِ إنْ عَذَرَ الْمَأْمُورُ الْحَالِقَ بِجَهْلٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ اعْتِقَادِ وُجُوبِ طَاعَةٍ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَأْمُورِ الْحَالِقِ. قَوْلُهُ:(إنَّ فِي الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ مُدَّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّيْنِ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ الْإِزَالَةُ فِي الشَّعْرَةِ أَوْ الشَّعْرَتَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ سَوَاءٌ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا
ــ
[حاشية عميرة]
وَالشَّعْرُ يَعْنِي الْمَحْلُوقَ بِالْعُذْرِ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ، وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ، قَوْلُهُ:(وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ فَيَعُمُّ قَالَ الْمُعْتَرِضُ: فَلْيُقِمْ الدَّلِيلَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ صَدٌّ عَنْ الِاسْتِيعَابِ أَوْ يُقَدَّرُ الشَّعْرُ مُنْكَرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إرَاقَةِ دَمٍ، وَثَلَاثَةِ آصُعٍ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَوْ قَلَّمَ ظُفْرًا أَوْ أَزَالَ شَعْرَةً فَقَطْ، مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا، فَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ صَامَ يَوْمًا وَاحِدًا جَزْمًا، وَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ أَخْرَجَ صَاعًا جَزْمًا، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّمَ فَهُوَ مَحَلُّ الْأَقْوَالِ هُنَا، أَحَدُهَا ثُلُثُ دَمٍ عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ، وَالثَّانِي دِرْهَمٌ لِمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ، وَالْأَظْهَرُ مُدٌّ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا.
كَذَا قَرَّرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهُوَ يَئُولُ إلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّاعِ وَالْمُدِّ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الشَّيْءِ وَبَعْضِهِ، فَإِنَّ الْمُدَّ بَعْضُ الصَّاعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ كَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ، وَلَوْ قَصَّ الشَّعْرَةَ أَوْ قَلَّمَ الظُّفْرَ دُونَ الْقَدْرِ الْمُعْتَادِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ عَلَى رَأْسِ الظُّفْرِ كُلِّهِ بَلْ أَخَذَ مِنْ بَعْضِ جَوَانِبِهِ، فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ فِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ دِرْهَمٌ أَوْ ثُلُثُ دَمٍ، فَالْوَاجِبُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِسَابُ، وَإِنْ قُلْنَا مُدٌّ فَلَا سَبِيلَ إلَى تَبْعِيضِهِ، كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ مُلَخَّصًا بَعْدَ أَنْ قَالَ: قَلَّ مَنْ تَفَطَّنَ لِسِرِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَصْوِيرِهَا، أَقُولُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى قِيَاسِ وُجُوبِ الدَّمِ، ثُمَّ قَوْلُهُ وَإِلَّا وَلِأَنَّ إلَخْ، كَأَنَّهُ إشَارَةٌ لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ اخْتِيَارِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلدَّمِ مِنْ قَوْلِهِ وُجُوبِ الدَّمِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مُجَرَّدُ دَعْوَى لَا أَصْلَ لَهَا. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) لَوْ تَأَذَّى بِالْوَسَخِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ثُمَّ مِثْلُ الْحَلْقِ كُلُّ مَحْظُورٍ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ، فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ إلَّا لُبْسَ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ، لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرِّجْلِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَأْمُورٌ بِهِ فَخَفَّفَ فِيهِمَا لِذَلِكَ.
(الرَّابِعُ) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (الْجِمَاعُ) قَالَ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا وَالرَّفَثُ مُفَسَّرٌ بِالْجِمَاعِ (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) قَبْلَ الْحَلْقِ إنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا وَإِلَّا فَقِيلَ السَّعْيِ (وَكَذَا الْحَجُّ) يَفْسُدُ بِهِ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) بَعْدَ الْوُقُوفِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ وَبَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَقِيلَ يَفْسُدُ وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ فِي ضِمْنِ الْقِرَانِ أَيْضًا لِتَبَعِهَا لَهُ، وَقِيلَ تَفْسُدُ بِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا وَاللِّوَاطُ كَالْجِمَاعِ وَكَذَا إتْيَانٌ لِلْبَهِيمَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا فَسَادَ بِجِمَاعِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَنْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ عَاقِلًا فِي الْجَدِيدِ (وَتَجِبُ بِهِ) أَيْ بِالْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ (بَدَنَةٌ) وَقِيلَ: لَا يَجِبُ فِي إفْسَادِ الْعُمْرَةِ إلَّا شَاةٌ فِي الْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِهِ شَاةٌ.
وَفِي قَوْلٍ: بَدَنَةٌ. وَلَوْ جَامَعَ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ فَسَدَ حَجُّهُ بِالْجِمَاعِ وَجَبَ فِي الْجِمَاعِ الثَّانِي شَاةٌ وَفِي قَوْلٍ بَدَنَةٌ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُحْرِمَةً أَيْضًا، وَفَسَدَ حَجُّهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا بَدَنَةَ عَلَيْهَا فِي الْأَظْهَرِ وَالْبَدَنَةُ الْوَاحِدُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِأَنْ يُتِمَّ قَالَ تَعَالَى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ، وَغَيْرُ النُّسُكِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَا يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ إذْ يَحْصُلُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ (وَالْقَضَاءُ) اتِّفَاقًا (وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ تَطَوُّعًا) فَإِنَّ التَّطَوُّعَ مِنْهُ يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَرْضًا أَيْ وَاجِبَ الْإِتْمَامِ كَالْفَرْضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْقَضَاءَ (عَلَى الْفَوْرِ) وَالثَّانِي عَلَى التَّرَاخِي كَالْأَدَاءِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى تَضَيُّقِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَيَقَعُ الْقَضَاءُ عَنْ الْمُفْسِدِ وَيَتَأَدَّى
ــ
[حاشية قليوبي]
لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. وَإِذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ.
قَوْلُهُ: (الْجِمَاعُ) أَيْ فِي فَرْجٍ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مُتَّصِلٍ أَوْ مُبَانٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ فَيَفْسُدُ بِهِ النُّسُكُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَيَتَّجِهُ فِي الْخُنْثَى اعْتِبَارُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ بِالْجَنَابَةِ.
فَرْعٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْجِمَاعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ نُسُكُ صَاحِبِ الْمُبَانِ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بَعْضُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) الْمُسْتَقِلَّةُ وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ، وَعُلِمَ مِنْ فَسَادِ النُّسُكِ بِهِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ مَعَهُ إلَّا إنْ نَوَى فِي حَالِ نَزْعِهِ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَفْسُدُ) أَيْ الْحَجُّ بِهِ أَيْ بِالْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ فَيَفْسُدُ بِهَا فِي ذَلِكَ وَقَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَسَادَ بِجِمَاعِ النَّاسِي) لِلْإِحْرَامِ أَوْ لِلْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ) وَلَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ جُنَّ) أَيْ وَالْمَجْنُونُ وَمِثْلُهُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَكُلُّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَيَفْسُدُ بِجِمَاعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِهِ) الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (شَاةٌ) وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ هَذَا الْجِمَاعِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ بِفَسَادِ حَجِّهَا بِالْجِمَاعِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ هِيَ عَلَى الْوَاطِئِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَدَنَةُ) أَيْ لُغَةً مَا ذَكَرَهُ وَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) وَيَجِبُ فِيهِ اجْتِنَابُ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَتَلْزَمُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ الْبَاطِلُ بِالرِّدَّةِ، وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَمْضِي فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ لِخُرُوجِهِ مِنْهُ بِهَا. قَوْلُهُ:(وَالْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ) وَعَلَى الْوَاطِئِ إنْ كَانَ زَوْجًا مُؤْنَةُ قَضَاءِ حَجِّ زَوْجَتِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَغَيْرَهُمَا وَإِذَا عَضَبَتْ أَنَابَ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الزَّوْجِ.
وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِهِ يَقَعُ نَفْلًا. قَوْلُهُ: (عَنْ الْمُفْسَدِ) بِفَتْحِ السِّينِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَأَدَّى بِهِ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مِنْ
ــ
[حاشية عميرة]
فَائِدَةٌ: مَا كَانَ إتْلَافًا مَحْضًا كَالصَّيْدِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَمَا كَانَ تَرَفُّهًا وَتَمَتُّعًا كَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ فَلَا فِدْيَةَ فِي حَالِ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، وَمَا أُخِذَ شَبَهًا مِنْهُمَا كَالْجِمَاعِ وَالْقَلْمِ وَالْحَلْقِ فَفِيهِ مَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ فِي الْجِمَاعِ لَا وَفِيهِمَا نَعَمْ.
قَوْلُهُ: (أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا إلَخْ) إنَّمَا أُوِّلَ بِهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَبَرًا عَلَى بَابِهِ لَاسْتَحَالَ تَخَلُّفُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) مَعْنَى الْفَسَادِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لَا الْخُرُوجِ مِنْهُ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْحَجُّ) وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُهُمَا وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا) كَأَنَّ صُورَةَ هَذَا أَنْ يَتَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ بِالرَّمْيِ فَقَطْ، إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِنُسُكٍ أَوْ لِأَنَّهُ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ لَا يَجِبُ) أَيْ لِأَنَّ رُتْبَتَهَا دُونَ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (شَاةٌ) أَيْ كَمَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِدُونِ الْجِمَاعِ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ مُقْتَضَاهَا الْوُجُوبُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي آخِرَ الصَّفْحَةِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْكِتَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) فَلَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَالصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقَضَاءُ) بِهِ
بِهِ مَا كَانَ يَتَأَدَّى بِالْمُفْسِدِ، لَوْلَا الْفَسَادُ مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْقَضَاءِ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مَرَّ بِهِ النُّسُكُ لَزِمَهُ فِي الْقَضَاءِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَكَذَا إنْ كَانَ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُرِيدٍ فِي الْأَصَحِّ هَذَا إنْ سَلَكَ فِي الْقَضَاءِ طَرِيقَ الْأَدَاءِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يَلْزَمُهُ سُلُوكُهُ بِلَا خِلَافٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ إذَا سَلَكَ غَيْرَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأَدَاءِ، يَعْنِي إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي مِثْلِ الزَّمَنِ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ فِيهِ بِالْأَدَاءِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ وَالتَّقْدِيمُ عَلَيْهِ، وَيُتَصَوَّرُ قَضَاءُ الْحَجِّ فِي عَامِ الْإِفْسَادِ بِأَنْ يُحْصَرَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ وَيَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي الْفَاسِدِ فَيُحْلِلُ ثُمَّ يَزُولُ الْحَصْرُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَيَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ بِالْجِمَاعِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَلَزِمَهُ قَضَاءٌ وَاحِدٌ.
تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ بِشَهْوَةٍ كَالْمُفَاخَذَةِ وَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فِي الْحَجِّ وَقَبْلَ الْحَلْقِ فِي الْعُمْرَةِ، وَلَا يَفْسُدُ بِشَيْءٍ مِنْهَا النُّسُكُ وَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ لَا الْبَدَنَةُ، وَإِنْ أَنْزَلَ وَالِاسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ يُوجِدُ الْفِدْيَةَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى النَّاسِي بِلَا خِلَافٍ وَيَلْحَقُ بِهِ الْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ، وَمَنْ أَحْرَمَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْجِمَاعِ وَلَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ ثُمَّ جَامَعَ دَخَلَتْ الشَّاةُ فِي الْبَدَنَةِ فِي الْأَصَحِّ.
(الْخَامِسُ) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (اصْطِيَادُ كُلِّ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الصَّبِيِّ تَقَعُ نَفْلًا فَإِنْ بَلَغَ وَقَعَتْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا أَوْ بَلَغَ قَبْلَهَا وَقَعَتْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَبَقِيَ الْقَضَاءُ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَنَّهَا مِنْ الْمُتَطَوِّعِ تَقَعُ تَطَوُّعًا وَتَقَدَّمَ عَلَى الْمَنْذُورِ بَعْدَ الْفَسَادِ. قَوْلُهُ:(أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ فِي الْأَدَاءِ) نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي طَرِيقِهِ مِيقَاتٌ أَبْعَدَ مِنْ تِلْكَ الْمَسَافَةِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ وَصْفُ مَا أَفْسَدَهُ مِنْ إفْرَادٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ وَيَلْزَمُ الْقَارِنَ بِالْفَسَادِ بَدَنَةٌ فَقَطْ لِانْغِمَارِ عُمْرَتِهِ فِي الْحَجِّ، وَيَلْزَمُهُ دَمَانِ لِلْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَاَلَّذِي لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ، وَإِنْ أَفْرَدَ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ. وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ قِرَانٌ أَوْ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مُسْتَقِلَّيْنِ وَتَفُوتُ عُمْرَتُهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ لِمَا مَرَّ وَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ دَمٌ لِلْفَوَاتِ مَعَ الدَّمَيْنِ السَّابِقَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(بِأَنْ يُحْصَرَ إلَخْ) أَوْ بِأَنْ يَتَحَلَّلَ بِمَرَضٍ بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ) حَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّهَا إنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ الْمُكَلَّفِ بِشَهْوَةٍ وَبِلَا حَائِلٍ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ وَتَلْزَمُ فِيهَا الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ إنْ كَانَتْ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّل مُطْلَقًا.
وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إنْ أَنْزَلَ وَمَتَى انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ وَأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِهَا النُّسُكُ مُطْلَقًا وَإِنْ أَنْزَلَ. وَالِاسْتِمْنَاءُ كَذَلِكَ، وَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَفْسُدُ بِالْإِنْزَالِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُمْ هُنَا فِي الْمُبَاشَرَةِ شَامِلٌ لِمَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَالْأَمْرَدِ، وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بُطْلَانِ الصَّوْمِ فَرَاجِعْهُ. وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُقَدِّمَاتُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ فَإِنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ:(ثُمَّ جَامَعَ إلَخْ) أَيْ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَجَامَعَ بَعْدَهُ دَخَلَتْ فِدْيَةُ الْمُقَدِّمَةِ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ. ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَالَ الزَّمَنُ بِأَنْ لَمْ يُنْسَبْ الْجِمَاعُ إلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا أَيْضًا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّدَاخُلِ إنْ نُسِبَ إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ عَكَسَ مَا ذَكَرَ بِأَنْ جَامَعَ ثُمَّ فَعَلَ مُقَدِّمَةً أَوْ وَقَعَا مَعًا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ، وَمَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إلَى التَّدَاخُلِ أَيْضًا بِشَرْطِهِ. وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِالْبَدَنَةِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ مُقَدِّمَةً وَجَامَعَ أَنَّهُ لَا تَدْخُلُ شَاةُ الْمُقَدِّمَةِ فِي شَاةِ الْجِمَاعِ. وَمَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَيْضًا إلَى التَّدَاخُلِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا التَّدَاخُلُ أَيْضًا فَرَاجِعْ ذَلِكَ حَرِّرْهُ.
تَنْبِيهٌ: يُنْدَبُ تَفْرِيقُ الْمُجَامِعِينَ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ. وَقِيلَ: مِنْ مَحَلِّ الْجِمَاعِ إلَى تَمَامِ التَّحَلُّلِ.
قَوْلُهُ: (اصْطِيَادُ) أَيْ تَعَرَّضَ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ تَنْفِيرٍ، أَوْ صِيَاحٍ أَوْ إعَانَةٍ عَلَى ذَلِكَ أَوْ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ أَوْ إشَارَةٍ إلَيْهِ أَوْ إعَارَةِ آلَةٍ لَهُ أَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
أَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ وَأَيْضًا فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِالْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَكْثَرُ بِدَلِيلِ تَعَيُّنِ مَكَانِ الْإِحْرَامِ دُونَ زَمَانِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَخْلُو مِنْ نِزَاعٍ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنَّهُ صَحَّحَ فِي النَّذْرِ تَعَيَّنَ الزَّمَانُ كَالْمَكَانِ بِالنَّذْرِ، وَحَاوَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِأَنَّ الْمَكَانَ هُنَا يَنْضَبِطُ بِخِلَافِ الزَّمَانِ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ التَّحَلُّلِ إلَى قَوْلِهِ وَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِالِاسْتِمْتَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَحْرَمَ غَافِلًا إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ عَمَلَهُ كَالْمُكَلَّفِ وَالْإِشْكَالُ هُنَا وَفِي الْجِمَاعِ. قَوْلُهُ: (دَخَلَتْ) لَوْ قَبَّلَ فِي مَجْلِسٍ ثُمَّ جَامَعَ فِي آخَرَ فَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّدَاخُلِ، ثُمَّ أَصْلُ التَّدَاخُلِ يُشْكِلُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْجِرَاحِ، لِأَنَّ وَاجِبَهُمَا مُقَدَّرٌ كَقَطْعِ الْأُذُنِ مَعَ الْإِيضَاحِ.
قَوْلُهُ: (كُلِّ صَيْدٍ) هُوَ
صَيْدٍ (مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ) مِنْ طَيْرٍ أَوْ دَابَّةٍ وَكَذَا وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ تَعَالَى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] أَيْ أَخْذُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْنَسِ وَغَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ الْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ تَوَحَّشَ إنْسِيٌّ لَمْ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِغَيْرِ الْمَأْكُولِ فَمِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ فَيُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالنَّمِرِ وَالنِّسْرِ وَمِنْهُ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ، كَالْفَهْدِ وَالصَّقْرِ فَلَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِنَفْعِهِ، وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرِهِ وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ كَالسَّرَطَانِ وَالرَّخْمَةِ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ، وَيَحِلُّ اصْطِيَادُ الْبَحْرِيِّ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ أَمَّا مَا يَعِيشُ فِيهِ فِي الْبَرِّ فَكَالْبَرِّيِّ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ:(وَكَذَا الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ (وَمِنْ غَيْرِهِ) يَحْرُمُ اصْطِيَادُهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) احْتِيَاطًا وَيَصْدُقُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ الْمَأْكُولِ مِنْ وَحْشِيٍّ أَوْ إنْسِيٍّ، وَبِالْمَأْكُولِ غَيْرِ الْبَرِّيِّ أَيْ الْإِنْسِيِّ مِثَالُهَا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الضَّبُعِ وَالذِّئْبِ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْحِمَارِ
ــ
[حاشية قليوبي]
غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كُلِّ صَيْدٍ) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ رِيشِهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ وَبَرِهِ أَوْ صُوفِهِ أَوْ فَرْخِهِ أَوْ بَيْضِهِ إلَّا الْمَذَرَ مِنْ غَيْرِ النَّعَامِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (مَأْكُولٍ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ. قَوْلُهُ: (بَرِّيٍّ) أَيْ يَقِينًا أَيْضًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَوْنُهُ وَحْشِيًّا أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْهُ أَوْ فِي مَعْنَاهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ فَذِكْرُ غَيْرِهِ لَهُ إيضَاحٌ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ) أَيْ تَمَلُّكُهُ لَهُ أَخْذًا مِنْ تَمْثِيلِهِ بِالشِّرَاءِ وَغَيْرُ الْمِلْكِ مِثْلُهُ كَغَصْبٍ وَإِجَارَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْنَسِ وَغَيْرِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ) وَمِنْهُ دَجَاجُ الْحَبَشِ الْمَشْهُورِ وَمِنْهُ الْإِوَزُّ الْمَعْرُوفُ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يَطِيرُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَوَحَّشَ إنْسِيٌّ لَمْ يَحْرُمْ التَّعَرُّضُ لَهُ) أَيْ لِلْوَحْشِيِّ مِنْهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِغَيْرِ الْمَأْكُولِ) وَلَوْ وَحْشِيًّا وَحَرَّمَ الْحَنَفِيَّةُ التَّعَرُّضَ لِلْوَحْشِيِّ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (فَمِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ فَيُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالنَّمِرِ وَالنِّسْرِ) وَكَذَا الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحَدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالذِّئْبُ وَالْأَسَدُ وَالْعُقَابُ وَالدُّبُّ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ. وَكَذَا الْكَلْبُ غَيْرُ الْعَقُورِ الَّذِي لَا نَفْعَ بِهِ عِنْدَ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، تَبَعًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَمِنْهُ الْبَقُّ وَالْبَعُوضُ وَالزُّنْبُورُ وَالْقُرَادُ وَالْبُرْغُوثُ وَالْقُمَّلُ وَبَيْضُهُ وَهُوَ الصِّئْبَانُ، نَعَمْ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي رَأْسِ الْمُحْرِمِ وَلِحْيَتِهِ خَوْفَ الِانْتِتَافِ وَيُنْدَبُ لِمَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِلُقْمَةٍ فِي الْقَمْلَةِ أَوْ الْبُرْغُوثِ الْوَاحِدِ وَبِدُونِ اللُّقْمَةِ فِي الْوَاحِدَةِ مِنْ الصِّئْبَانِ وَمِنْهُ النَّمْلُ الصَّغِيرُ، وَيَجُوزُ إحْرَاقُهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا كَالْقَمْلِ. وَأَمَّا النَّمْلُ السُّلَيْمَانِيُّ فَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ حُرْمَةُ قَتْلِهِ، وَقَتْلِ النَّحْلِ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ كَالْفَهْدِ وَالصَّقْرِ) وَمِنْهُ الشَّاهِينُ وَالْبَازِي وَالْعُقَابُ فَيُبَاحُ قَتْلُهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ كَالسَّرَطَانِ) وَالْبَازِي وَالرَّخْمَةِ، وَمِنْهُ الْقِرْدُ وَالْهُدْهُدُ وَالْخَطَّافُ وَالصُّرَدُ وَالضُّفْدَعُ وَالْخُنْفُسَاءُ، وَالْجُعَلُ: بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ الزُّعْقُوقُ فَيُكْرَهُ قَتْلُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ حُرْمَةَ قَتْلِ جَمِيعِ ذَلِكَ فَتُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَةُ الشَّارِحِ.
تَنْبِيهٌ: يُكْرَهُ حَمْلُ مَا يُصَادُ بِهِ مِنْ كَلْبٍ وَغَيْرِهِ إلَى الْحَرَمِ فَلَوْ حَمَلَهُ وَانْفَلَتَ مِنْهُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا مَا يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ فَكَالْبَرِّيِّ) أَيْ فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ إنْ كَانَ مَأْكُولًا وَحْشِيًّا. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ اصْطِيَادُهُ) أَيْ الْمُتَوَلِّدِ الْمَذْكُورِ أَيْ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَتَمَلُّكُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَصْدُقُ غَيْرُهُ) عَقْلًا بِالْمُتَوَلِّدِ مِنْ ضَبُعٍ وَضُفْدَعٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ، وَفَارَقَ عَدَمَ الزَّكَاةِ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ لِبِنَاءِ
ــ
[حاشية عميرة]
مُسْتَفَادٌ مِنْ لَفْظِ الِاصْطِيَادِ فَكَلَامُهُ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ التَّوَحُّشِ، لِأَنَّ الصَّيْدَ هُوَ الْمُتَوَحِّشُ بِطَبْعِهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ. قَوْلُهُ:(أَيْ أَخَذَهُ) دَفْعٌ لِمَا قِيلَ إنَّ الِاسْتِدْلَالَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا أُرِيدَ بِالصَّيْدِ فِي الْآيَةِ الْمَصْدَرُ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ أَنَّهُ الْمُصَادُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ تَحْرِيمَ أَكْلِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ وَإِضْمَارُ أَكْلِهِ وَأَخْذِهِ مَعًا مُمْتَنِعٌ، لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا عُمُومَ لَهُ فَتَعَيَّنَ إضْمَارُ الْبَعْضِ، وَهُوَ الْأَكْلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَحْرِيمُ الِاصْطِيَادِ.
فَرْعٌ: لَوْ صِيدَ لِلْمُحْرِمِ حُرِّمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْهُ فَلَوْ أَكَلَ فَلَا فِدْيَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْنَسِ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي الْقُوتِ: مِنْ هَذَا دَجَاجُ الْحَبَشِ وَمِنْهُ الْإِوَزُّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ يَنْبِضُ بِجَنَاحَيْهِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا كَالدَّجَاجِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ.
قَوْلُهُ: (كَالنَّمِرِ وَالنِّسْرِ) أَيْ غَيْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّقْرِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: هُوَ شَامِلٌ لِلْبَازِي وَالشَّاهِينِ وَالْعُقَابِ الَّتِي يُصَادُ بِهَا.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يُكْرَهُ إلَخْ) مُرَادُهُ غَيْرُ الْمَمْلُوكِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ إلَخْ) مِنْهُ الذُّبَابُ وَالدُّودُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:
الْوَحْشِيِّ وَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ الظَّبْيِ وَالشَّاةِ (وَيَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ اصْطِيَادُ الْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ وَالْمُتَوَلِّدِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ (فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ) وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «قَالَ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» الْحَدِيثَ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. أَيْ لَا يَجُوزُ تَنْفِيرُ صَيْدِهِ لِمُحْرِمٍ وَلَا حَلَالٍ فَاصْطِيَادُهُ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ أَوْلَى وَقِيسَ عَلَى مَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَرَمِ حَالٌ مِنْ ذَا الْمُشَارِ بِهِ إلَى الِاصْطِيَادِ وَهُوَ نِسْبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَا فِي الْحَرَمِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ وَالْآخَرُ فِي الْحِلِّ، كَأَنْ رَمَى مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ، أَوْ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا فِي الصُّورَتَيْنِ فَيَحْرُمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (فَإِنْ أَتْلَفَ) مَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
الزَّكَاةِ عَلَى التَّخْفِيفِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ ذَلِكَ أَيْ اصْطِيَادُ) خُصَّ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ بِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ وَضْعَ الْيَدِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ) وَلَوْ كَافِرًا. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَى مَكَّةَ) الَّتِي فِي الْحَدِيثِ بَاقِي الْحَرَمِ لِأَنَّهَا مِنْهُ وَحُدُودُهُ مَعْرُوفَةٌ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةَ
…
ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ
وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٍ وَطَائِفٍ
…
وَحَدُّهُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ
زَادَ بَعْضُهُمْ:
وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهِ
…
وَقَدْ كَمُلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ
وَلَوْ قَالَ: وَمِنْ يَمَنٍ مِثْلُ الْعِرَاقِ فَطَائِفٍ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. وَقَدَّرَهُ بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ بِقَدْرِ عَشَرَةِ أَمْيَالٍ فِي مَسِيرِ يَوْمٍ سَيْرَ اعْتِدَالٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بَرِيدٌ وَثُلُثٌ فِي مِثْلِهِ تَقْرِيبًا، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْحُدُودِ فَقِيلَ: إنَّهَا قَدِيمَةٌ لَا يُعْلَمُ ابْتِدَاؤُهَا. وَقِيلَ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ مَكَّةَ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفِ عَامٍ وَحَفَّهَا بِالْمَلَائِكَةِ فَكَانَ قَدْرُ الْحَرَمِ حَيْثُ وَقَفُوا. وَقِيلَ: عَلَّمَهَا جِبْرِيلُ لِإِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَالَ: رَبَّنَا أَرِنَا مَنَاسِكَنَا. وَقِيلَ: بِتَوْقِيفٍ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عَامِ فَتْحِ مَكَّةَ أَوْ فِي عَامِ حَجِّهِ. وَقِيلَ: لَمَّا جَاءَ آدَم إلَى الْبَيْتِ بَعْدَ هُبُوطِهِ مِنْ الْجَنَّةِ خَافَ مِنْ شَيَاطِينِ، الْأَرْضِ بِحَسَبِ الطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ فَوَقَفَتْ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ لِتَمْنَعَ عَنْهُ مَا يَخَافُهُ. وَقِيلَ: لَمَّا نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنْ الْجَنَّةِ أَضَاءَ فَوَصَلَ ضَوْءُهُ إلَى تِلْكَ الْحُدُودِ. وَقِيلَ: أَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْيَا فَجَاءَ أَهْلُهَا لِيَنْظُرُوا ذَلِكَ النُّورَ فَمَنَعَتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ يَاقُوتَةٌ مِنْ الْجَنَّةِ حِينَ قَبُولِ تَوْبَةِ آدَمَ حَلَقَتْ رَأْسَهُ فَتَنَاثَرَ شَعْرُهُ إلَى ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: إنَّهَا أَوَاخِرُ مَرْعَى غَنَمِ إسْمَاعِيلَ وَكَانَ مَأْوَاهَا فِي الْحِجْرِ كَمَا مَرَّ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إذَا كَانَا) أَيْ الصَّيْدُ وَالْمِصْيَدُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَرَمِ) أَيْ فِي حَالَتَيْ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ مَعًا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ أَيْ فِي أَرْضِهِ أَوْ هَوَائِهِ كَغُصْنِ شَجَرَةٍ فِيهِ وَأَصْلُهَا خَارِجَهُ. قَوْلُهُ:(أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ الصَّائِدُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ الصَّيْدُ كَذَلِكَ رَاقِدًا كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ وَاقِفًا نَعَمْ إنْ كَانَ الصَّيْدُ وَاقِفًا وَبَعْضُهُ فِي الْحِلِّ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَأَصَابَهُ الصَّائِدُ فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ.
تَنْبِيهٌ: يَلْحَقُ بِهَذَا مَا لَوْ رَمَى وَهُوَ مُحْرِمٌ وَحَلَّ قَبْلَ الْإِصَابَةِ كَأَنْ قَصَّرَ شَعْرَهُ أَوْ عَكْسَهُ فَعَلَيْهِ الْحُرْمَةُ وَالْفِدْيَةُ أَيْضًا وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الصَّائِدُ وَالصَّيْدُ فِي الْحِلِّ وَلَكِنْ مَرَّ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ لِوُجُودِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ حُرْمَةِ الْبُصَاقِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ وُجُودِ الِاسْتِقْذَارِ الْمَمْنُوعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا) خَرَجَ مَا لَوْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ أَغْرَاهُ وَزَادَ عَدْوَهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الصُّورَتَيْنِ) وَهُمَا كَوْنُ الصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ فِي الْحَرَمِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَا فِي الْحِلِّ وَمَرَّ الْكَلْبُ فِي الْحَرَمِ، نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ فِي طَرِيقٍ خَارِجِ الْحَرَمِ فَعَدَلَ الْكَلْبُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ تَحَامَلَ بِهِ الصَّيْدُ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ أَوْ دَخَلَ مَعَ الصَّيْدِ فِيهِ مَعَ وُجُودِ مُقِرٍّ خَارِجَهُ فَلَا فِدْيَةَ. قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ لَا يَحِلُّ أَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ احْتِيَاطًا. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَتْلَفَ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَغَابَ
ــ
[حاشية عميرة]
وَيَحِلُّ اصْطِيَادُ الْبَحْرِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ الطُّيُورُ الَّتِي تَغُوصُ فِي الْمَاءِ وَتَخْرُجُ مِنْهُ بَرِّيَّةٌ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ.
قَوْلُهُ: (بِمَا إذَا كَانَا فِي الْحَرَمِ) لَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ بَعْضُهُ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ وَجَبَ الْجَزَاءُ هَذَا إنْ كَانَ وَاقِفًا، فَإِنْ كَانَ نَائِمًا فَالْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ ذِكْرُ التَّقْيِيدِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَلَوْ سَعَى الشَّخْصُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ وَمِثْلُهُ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ، وَلَكِنْ سَلَكَ الْحَرَمَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الِاصْطِيَادِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ لَا مِنْ حِينِ السَّعْيِ، وَلِذَا تُشْرَعُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إرْسَالِ السَّهْمِ لَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَدْوِ بَلْ ضَرْبِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ جِهَاتِ الضَّمَانِ إحْدَاهَا
حُرِّمَ عَلَيْهِ الِاصْطِيَادُ الْمَذْكُورُ مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ لِحَلَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ (صَيْدًا) مِمَّا ذُكِرَ مَمْلُوكًا أَوْ غَيْرَ مَمْلُوكٍ (ضَمِنَهُ) بِمَا سَيَأْتِي قَالَ تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] الْآيَةَ وَقِيسَ عَلَى الْمُحْرِمِ الْحَلَالُ الْمَذْكُورُ بِجَامِعِ حُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ
وَلَوْ تَسَبَّبَ فِي تَلَفِ الصَّيْدِ كَأَنْ أَرْسَلَ كَلْبًا فَأَتْلَفَهُ، أَوْ نَصَبَ الْحَلَالُ شَبَكَةً فِي الْحَرَمِ أَوْ نَصَبَهَا الْمُحْرِمُ حَيْثُ كَانَ فَتَعَلَّقَ بِهَا صَيْدٌ وَهَلَكَ ضَمِنَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ، وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ صَيْدٌ ضَمِنَهُ كَالْغَاصِبِ لِحُرْمَةِ إمْسَاكِهِ وَكَذَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْحَلَالِ صَيْدٌ مِنْ الْحَرَمِ يَضْمَنُهُ لِمَا ذُكِرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْخَلَ مَعَهُ إلَى الْحَرَمِ صَيْدًا مَمْلُوكًا لَهُ فَلَهُ إمْسَاكُهُ فِيهِ وَذَبْحُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ لِأَنَّهُ صَيْدُ حِلٍّ وَلَوْ أَحْرَمَ مَنْ فِي مِلْكِهِ صَيْدٌ بِيَدِهِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ وَإِنْ تَحَلَّلَ، وَلَا يَمْلِكُ مُحْرِمٌ صَيْدَهُ وَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الصَّيْدِ بِشِرَاءٍ لَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ شِرَائِهِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ وَيُقَاسُ بِالْمُحْرِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ، وَالنَّاسِي لِلْإِحْرَامِ، وَفِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ وَالْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا فِي الضَّمَانَاتِ الْوَاجِبَةِ
ــ
[حاشية قليوبي]
ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَاحْتَمَلَ مَوْتَهُ بِغَيْرِ الْجَرْحِ ضَمِنَ الْأَرْشَ فَقَطْ، وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ الْإِعَانَةُ وَلَوْ عَلَى ذَبْحِهِ وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. قَوْله:(مَنْ حَرُمَ) هُوَ فَاعِلُ أَتْلَفَ سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ بِضَرَبَاتٍ أَوْ جِرَاحَاتٍ وَلَا يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ بَلْ يُوَزَّعُ عَلَى الرُّءُوسِ، فَلَوْ شَارَكَ حَلَالٌ مُحْرِمًا فِي صَيْدِ الْحِلِّ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ نِصْفَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ. قَوْلُهُ:(مَمْلُوكًا) وَعَلَيْهِ مَعَ الْجَزَاءِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ، وَقَدْ أَلْغَزَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ نَظْمًا:
عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ
…
فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا
قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ
…
وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعًا
قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَوْ بِنَحْوِ نَتْفِ رِيشَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ فَيُفْدَى نَقْصُ مَالِهِ مَثَّلَ بِجُزْءٍ مِنْ مِثْلِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ كَامِلٌ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلٌ نَاقِصٌ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَبْقَ، فِيهِ نَقْصٌ بَعْدَ الْبُرْءِ فَرَضَ الْقَاضِي لَهُ أَرْشًا بِاجْتِهَادِهِ كَمَا فِي الْحُكُومَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَى الْمُحْرِمِ الْحَلَالُ) أَيْ فِي الضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَسَبَّبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِتْلَافَ كَمَا فِي كَلَامِهِ لَيْسَ قَيْدًا وَمِثْلُ إرْسَالِ الْكَلْبِ حَلُّ رِبَاطِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُعَلَّمٍ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَمِنْ السَّبَبِ مَا لَوْ نَفَرَهُ فَتَعَثَّرَ بِنَحْوِ شَجَرَةٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ أَكَلَهُ نَحْوُ سَبْعٍ أَوْ مَاتَ قَبْلَ سُكُونِهِ أَوْ أَمْسَكَهُ لِمَنْ قَتَلَهُ أَوْ حَبَسَ أُمَّهُ عَنْهُ وَهُوَ رَضِيعٌ فَمَاتَ. وَنَحْوُ ذَلِكَ كَزَلْقِهِ بِبَوْلِ مَرْكُوبِهِ. قَوْلُهُ:(نَصَبَ الْحَلَالُ شَبَكَةً) وَلَوْ فِي مِلْكِهِ لَكِنْ بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَرَمِ) لَا فِي الْحِلِّ وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَهَا وَحَفَرَ الْبِئْرَ تَعَدِّيًا كَنَصْبِ الشَّبَكَةِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ النَّاصِبُ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْمُحْرِمِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلِفَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّلَفَ كَالْإِتْلَافِ الَّذِي فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِيَدِهِ) لَيْسَ قَيْدًا فِي زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَعَنْ أَجْزَائِهِ وَبَيَّنَهُ وَفَرَقَهُ وَاحْتَرَزَ بِهِ فِي الْأَوْسَالِ عَنْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَلِيِّهِ وَلَوْ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ وَمَا تَلِفَ مِنْهُ مَضْمُونٌ وَلَوْ عَلَى الْوَلِيِّ بِقِيمَتِهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ مَلَكَهُ. نَعَمْ لَوْ وَرِثَ صَيْدًا حَالَ إحْرَامِهِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْجَزَاءِ إذَا تَلِفَ وَلَوْ عَنَّهُ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ:(بِشِرَاءٍ) أَوْ هِبَةٍ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مُحْرِمٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ) أَيْ إلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِمُحْرِمٍ بَلْ يُرْسِلُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ فِي غَيْرِ الْهِبَةِ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ حَتَّى يُرْسِلَهُ الْمُحْرِمُ قَوْلُهُ:(وَيُقَاسُ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فِي الْحَلَالِ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ.
ــ
[حاشية عميرة]
الْمُبَاشَرَةُ، الثَّانِيَةُ التَّسَبُّبُ، وَمِنْهُ أَنْ يُنَفِّرَ صَيْدًا فَيَمُوتَ بِعَثْرَةٍ أَوْ يَأْخُذَهُ سَبْعٌ أَوْ يَنْصَدِمَ بِشَجَرَةٍ أَوْ حَبْلٍ وَيَكُونَ فِي عُهْدَةِ الْمُنَفِّرِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى عَادَتِهِ فِي الْكَوْنِ، الثَّالِثَةُ الْيَدُ بِوَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ لَا تُفِيدُ الثَّالِثَةَ. قَوْلُهُ:(مَمْلُوكًا) لَوْ أَتْلَفَهُ مُحْرِمٌ ضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبِالْقِيمَةِ لِمَالِكِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَا سَيَأْتِي) قَالَ السُّبْكِيُّ: الْحَلَالُ إذَا أَتْلَفَ فِي الْحَرَمِ صَيْدًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ لِمَالِكِهِ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحَلَالَ فِي الْحَرَمِ لَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ لِلْحَلَالِ، وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ السَّالِفُ وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَكِنَّ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ التَّصْرِيحَ بِالْجَوَازِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ لِلْحَلَالِ أَنْ يَدْخُلَ بِالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ الْحَرَمَ، وَيَتَصَدَّقَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، وَكَذَا صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ، وَبَيَّنَ الْقَوْلَ فِيهَا بِأَنَّ الْحَلَالَ يَتَصَدَّقُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، إذَا كَانَ الَّذِي يَتَصَدَّقُ مَعَهُ حَلَالًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا كَلَامُ الشَّارِحِ آخِرًا وَأَوَّلًا فَهُوَ قَابِلٌ
لِلْآدَمِيِّينَ، وَلَا مَفْهُومَ لِمُتَعَمِّدٍ فِي الْآيَةِ، نَعَمْ لَوْ صَالَ صَيْدٌ عَلَى مُحْرِمٍ أَوْ عَلَى حَلَالٍ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ خَلَّصَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا مِنْ فَمِ سَبْعٍ أَوْ هِرَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَأَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ أَوْ يَتَعَهَّدَهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي الْأَظْهَرِ وَلَوْ أَحْرَمَ، ثُمَّ جُنَّ فَقَتَلَ صَيْدًا لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ فِي الْأَظْهَرِ وَيُقَاسُ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي وَجْهٍ وَالْأَصَحُّ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ثُمَّ الصَّيْدُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ فَيَضْمَنُ بِهِ وَمِنْهُ مَا فِيهِ نَقْلٌ عَنْ السَّلَفِ فَيُتْبَعُ قَالَ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] (فَفِي النَّعَامَةِ) الذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى (بَدَنَةٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْإِبِلِ (وَفِي بَقَرِ الْوَحْشِ) أَيْ الْوَاحِدِ مِنْهُ (وَحِمَارِهِ بَقَرَةٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَقَرِ (وَ) فِي (الْغَزَالِ عَنْزٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ الَّتِي تَمَّ لَهَا سَنَةٌ وَالْغَزَالُ وَلَدُ الظَّبْيَةِ إلَى أَنْ يَطْلُعَ قَرْنَاهُ ثُمَّ يُسَمَّى الذَّكَرُ ظَبْيًا وَالْأُنْثَى ظَبْيَةً وَهُمَا الْمُرَادُ بِالْغَزَالِ. هُنَا لِيُنَاسِبَ كِبَرَ الْعَنْزِ وَيَجِبُ فِيهِ بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ مَا يَجِبُ فِي الصِّغَارِ قَالَهُ الْإِمَامُ
(وَ) فِي (الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ مِنْ حِينِ تُولَدُ مَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ سَنَةً (وَ) فِي (الْيَرْبُوعِ) وَهُوَ مَعْرُوفٌ (جَفْرَةٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَاقِ مَا فَوْقَ الْجَفْرَةِ فَإِنَّ الْأَرْنَبَ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ بِبَقَرَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَضَى فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَقَالَ فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَضَى فِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرٍ أَوْ جَفْرَةٍ وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِتَيْسٍ أَعْفَرَ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لُزُومُ الْجَزَاءِ فِي عَدَمِ الْإِرْسَالِ حَالًا، فَلَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَيَتَّجِهُ رُجُوعُهُ فِيهِ كَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ شِرَاءُ مَا أَرْسَلَهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ. قَوْلُهُ:(نَعَمْ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ لُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ دَفْعًا) لِصِيَالِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ وَكَالصِّيَالِ أَكْلُ طَعَامِهِ أَوْ شُرْبُ مَائِهِ أَوْ تَنَجُّسُ حَوَائِجِهِ بِنَحْوِ بَوْلِهِ أَوْ ضِيقِ مَكَانِهِ عَلَيْهِ أَوْ فِرَاشِهِ كَذَلِكَ، وَتَرَدَّدَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَتَأَذَّى النَّاسُ بِنَجَاسَتِهِ. قَوْلُهُ:(وَأَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِأَوْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ جَزَاءُ مَا قَتَلَهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ. قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ: وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُ مَعًا فَرَاجِعْهُ.
تَنْبِيهٌ: مَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ مُطْلَقًا وَالْحَلَالِ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ مَيْتَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لِأَحَدٍ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُطْلَقًا، وَقِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا، نَعَمْ لَوْ ذَبَحَ أَحَدُهُمَا صَيْدًا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى غَيْرِ الْمُحْرِمِ، وَخَرَجَ بِالذَّبْحِ مَا لَوْ جَلَبَ مُحْرِمٌ صَيْدًا أَوْ قَتَلَ جَرَادًا أَوْ كَسَرَ بَيْضًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ) أَيْ لَا فِي الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَلَا فِي الصُّورَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم حَكَمُوا فِي نَوْعٍ مِنْ الصَّيْدِ بِنَوْعٍ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ وَالْقِيَمِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَهُ مِثْلُ مَا فِيهِ نَقْلٌ عَنْ السَّلَفِ فَيُتْبَعُ لِأَنَّهُمْ عُدُولٌ، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(فَفِي النَّعَامَةِ) قَتْلًا أَوْ أَزْمَانًا. قَوْلُهُ: (بَدَنَةٌ) وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا بَقَرَةٌ وَلَا غَيْرُهَا. وَكَذَا الْبَقَرَةُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَهُمَا الْمُرَادُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ عَنْزٍ فِي الظَّبْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَيْسًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَا يَجِبُ فِي الصِّغَارِ) وَهُوَ جَدْيٌ أَوْ جَفْرٌ فِي الذَّكَرِ وَعَنَاقٌ أَوْ جَفْرَةٌ فِي الْأُنْثَى. وَيُقَالُ لِلْجَدْيِ خَرُوفٌ، وَلِلْخَرُوفِ حُمْلَانُ وَحُلَّامٌ بِضَمِّ الْحَاءِ فِيهِمَا وَتَشْدِيدِ اللَّامِ فِي الثَّانِي قَوْلُهُ:(وَفِي الْيَرْبُوعِ) وَمِثْلُهُ الْوَبَرُ بِالْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ دُونَ السِّنَّوْرِ كَحْلَاءُ اللَّوْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا.
قَوْلُهُ: (جَفْرَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهَا أَيْ عَظُمَا. قَوْلُهُ: (مَا فَوْقَ الْجَفَرَة) أَيْ مَا زَادَ عَلَى أَوَّلِ سِنِّهَا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَنَاقٌ فَقَطْ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا عَنَاقٌ وَجَفْرَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ انْتِهَاءَ سِنِّ الْجَفْرَةِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ:(وَفِي الضِّبْعِ كَبْشٌ) وَهَذَا اسْمٌ لِلْأُنْثَى. وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ ضِبْعَانِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ، وَيُجْزِئُ عَنْهُ الْكَبْشُ بِالْأَوْلَى. وَفِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ، وَفِي الضَّبِّ وَأُمِّ حُبَيْنٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ أَوَّلَهُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ جَدْيٌ. قَوْلُهُ:(بِتَيْسٍ أَعْفَرَ) هُوَ مَا بَيَاضُهُ غَيْرُ صَافٍ أَوْ يَعْلُوهُ حُمْرَةٌ.
ــ
[حاشية عميرة]
لِلتَّأْوِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ:(وَلَا مَفْهُومَ لِمُتَعَمِّدٍ فِي الْآيَةِ) لِأَنَّهُ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ) وَأَمَّا قِيمَتُهُ لِلْمَالِكِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ قَوْلُهُ: (مِنْ النَّعَمِ) أَيْ وَهُوَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ.
عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَهَذَا إسْنَادُهُ صَحِيحٌ مَلِيحٌ. (وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ) عَنْ السَّلَفِ (يُحْكَمُ بِمِثْلِهِ) مِنْ النَّعَمِ (عَدْلَانِ) فَقِيهَانِ فَطِنَانِ ثُمَّ الْكَبِيرُ مِنْ الصَّيْدِ يُفْدَى بِالْكَبِيرِ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ وَالصَّغِيرُ بِالصَّغِيرِ، وَيُجْزِئُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسُهُ وَالْمَرِيضُ بِالْمَرِيضِ وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ، إذَا اتَّحَدَ جِنْسُ الْعَيْبِ كَالْعَوَرِ وَإِنْ كَانَ عَوَرُ أَحَدِهِمَا فِي الْيَمِينِ وَالْآخَرِ فِي الْيَسَارِ فَإِنْ اخْتَلَفَ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا، وَلَوْ قَابَلَ الْمَرِيضَ بِالصَّحِيحِ أَوْ الْمَعِيبَ بِالسَّلِيمِ فَهُوَ أَفْضَلُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَفْدِي السَّمِينَ بِسَمِينٍ وَالْهَزِيلَ بِهَزِيلٍ (وَفِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ) كَالْجَرَادِ وَالْعَصَافِيرِ (الْقِيمَةُ) قِيَاسًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَمَامُ فَفِي الْحَمَامَةِ شَاةٌ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُسْتَنَدَهُمْ فِيهِ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَيُقَاسُ بِهِ مَحَلُّ التَّلَفِ، وَسَيَأْتِي مَا يَفْعَلُ بِالْقِيمَةِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْمِثْلِيِّ بَيْنَ ذَبْحِ مِثْلِهِ وَتَقْوِيمِهِ وَالصَّوْمِ.
(وَيَحْرُمُ قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ الَّذِي لَا يُسْتَنْبَتُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ وَهُوَ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ شَجَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ وَهُوَ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَنْبَتَ مِنْ الشَّجَرِ كَغَيْرِهِ، وَدَلِيلُهُمَا مَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ بَعْدَ ذِكْرِ الْبَلَدِ أَيْ مَكَّةَ «لَا يُعْضَدُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (عَدْلَانِ) وَلَوْ ظَاهِرًا ذَكَرَانِ حُرَّانِ فَقِيهَانِ، وَلَوْ بِهَذَا الْبَابِ فَقَطْ، فَطِنَانِ أَيْ ذَوَا حِذْقٍ وَمَعْرِفَةٍ. وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِمِثْلٍ وَآخَرَانِ بِقِيمَةٍ قُدِّمَ الْأَوَّلَانِ أَوْ بِمِثْلٍ آخَرَ تَخَيَّرَ.
فَائِدَةٌ: يَفْسُقُ الْعَدْلُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ عَمْدًا عُدْوَانًا لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ. قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْكَبِيرُ مِنْ الصَّيْدِ يُفْدَى بِالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرُ بِالصَّغِيرِ وَيُجْزِئُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا فِيهِ نَقْلٌ بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ بِالْمَرِيضِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَرَضُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ نَعَمْ تُفْدَى الْحَامِلُ بِمِثْلِهَا وَلَكِنَّهَا لَا تُذْبَحُ، فَيَخْرُجُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا فِي مَحَلِّ ذَبْحِهَا لَوْ ذُبِحَتْ طَعَامًا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ يَصُومُ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ اخْتَلَفَ) أَيْ جِنْسُ الْعَيْبِ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا يُجْزِئُ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ الْحَمَامُ لَمْ يَقُلْ وَمِنْهُ مَا فِيهِ نَقْلٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا فِيهِ النَّقْلُ هُنَا فَرْدٌ مَخْصُوصٌ. وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا عَبَّ أَيْ شَرِبَ الْمَاءَ بِلَا مَصٍّ وَهَدَرَ أَيْ صَوَّتَ. وَهُوَ لَازِمٌ لِلْأَوَّلِ كَالْفَاخِتِ وَالْقُمْرِيِّ وَالْقَطَا وَالْكَرَوَانِ وَالْيَمَامِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونَ: كُلُّ دِمَاءِ الْحَجِّ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِجْزَاءُ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْإِدْمَاءُ الصَّيْدُ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ) أَوْ التَّلَفِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ الْجَرْحِ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ قَطْعُ أَوْ قَلْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ) وَلَوْ فِي بَعْضِ أَصْلِهِ أَوْ مَمْلُوكًا، وَإِنْ كَانَ أَغْصَانُهُ فِي هَوَاءِ الْحِلِّ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ:(شَجَرًا كَانَ) وَهُوَ مَا لَهُ سَاقٌ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ وَهُوَ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ غَيْرُ الشَّجَرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ. لَوْ قَالَ: الْعُشْبُ أَوْ الْخَلَا أَوْ الْكَلَأُ الرَّطْبُ لَكَانَ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْكَبِيرُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا جَارٍ فِي الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ يَعْنِي مَا لَا نَقْلَ فِيهِ، وَمَا فِيهِ نَقْلٌ اهـ.
وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَكَذَا فِيهِمَا عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهِ، كَالتَّيْسِ فِي الظَّبْيِ وَالْعَنْزِ فِي الظَّبْيَةِ، وَالْعَنَاقِ فِي الْأَرْنَبِ وَالْكَبْشِ فِي الضَّبُعِ، وَالْجَفْرَةِ فِي الْيَرْبُوعِ وَالْوَبْرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله: وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْغَزَالَ اسْمٌ لِلصَّغِيرِ، وَأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَإِنَّ الْغَزَالَ ذَكَرٌ فَوَاجِبُهُ ذَكَرٌ مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ كَالْجَدْيِ أَوْ الْجَفْرِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ جِسْمُ الصَّيْدِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثًى فَالْعَنَاقُ أَوْ الْجَفْرَةُ اهـ. فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي التَّعْيِينِ لَكِنْ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِعَدَمِهِ فِي هَذَا، وَفِي غَيْرِهِ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ يُوَافِقُهُ وَكَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فَلْيُعْتَمَدْ وَكَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ: تَبَعًا لِلْحَدِيثِ قَدْ لَا يُنَافِيهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ، وَلَكِنَّ غَيْرَهُ يُجْزِئُ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(وَعَكْسُهُ) أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ رحمه الله. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا) أَيْ عَلَى ضَمَانِ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَحْمُولٌ إلَخْ) وَقِيلَ حَكَمُوا بِذَلِكَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّبَهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْلَفُ الْبُيُوتَ، وَيَأْنَسُ بِهِ النَّاسُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ لَوْ كَانَ صَغِيرًا، فَهَلْ تَجِبُ سَخْلَةٌ أَوْ شَاةٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (شَجَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ) لَوْ ضَيَّقَ الشَّجَرُ الطَّرِيقَ وَضَرَّ الْمَارَّةَ جَازَ قَطْعُهُ، فَفِي مُسْلِمٍ «رَأَيْت رَجُلًا فِي الْجَنَّةِ يَعْضُدُ شَجَرَ شَوْكٍ أَزَالَهُ مِنْ الطَّرِيقِ» . قَوْلُهُ:(وَهُوَ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ) قِيلَ: هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّ الْيَابِسَ مَغْرُوزٌ لَا نَابِتٌ.
شَجَرُهُ» أَيْ لَا يُقْطَعُ «وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» هُوَ بِالْقَصْرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ أَيْ لَا يُنْتَزَعُ بِقَلْعٍ وَلَا قَطْعٍ وَيُقَاسُ بَاقِي الْحَرَمِ عَلَى مَكَّةَ وَقَلْعُ الشَّجَرِ كَقَطْعِهِ (وَالْأَظْهَرُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهِ) أَيْ بِنَبَاتِ الْحَرَمِ مِنْ الْحَشِيشِ الرَّطْبِ إذَا قُطِعَ أَوْ قُلِعَ (وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ) أَوْ قَلْعِهَا قِيَاسًا عَلَى صَيْدِهِ إذَا أُتْلِفَ بِجَامِعِ الْمَنْعِ مِنْ الْإِتْلَافِ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَالثَّانِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُوجِبُ ضَمَانَ الشَّجَرِ وَالنَّبَاتِ فَكَذَلِكَ الْحَرَمُ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَفِي الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَالصَّغِيرَةِ شَاةٌ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَضَمَّ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُطْلَقُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ وَضَبْطُ الشَّجَرَةِ الْمَضْمُونَةِ بِالشَّاةِ بِأَنْ تَقَعَ قَرِيبَةً مِنْ سُبْعِ الْكَبِيرَةِ، فَإِنَّ الشَّاةَ مِنْ الْبَقَرَةِ سُبْعُهَا فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ وَجَزَمَ بِجَمِيعِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَعَبَّرَ فِيهَا كَأَصْلِهَا بِأَنَّ مَا دُونَ الْكَبِيرَةِ تُضْمَنُ بِشَاةٍ فَضَبْطُ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَقَلِّ مَا يُضْمَنُ بِهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا عَقَّبَهُ بِهِ أَمَّا غَيْرُ الشَّجَرِ وَهُوَ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ فَيُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَخْلُفُ فَإِنْ أَخْلَفَ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا وَالْمَضْمُونُ بِهِ هُنَا عَلَى التَّعْدِيلِ وَالتَّخْيِيرِ كَمَا فِي الصَّيْدِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَالْمُسْتَنْبَتُ) مِنْ الشَّجَرِ (كَغَيْرِهِ) فِي الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِشُمُولِ الْحَدِيثِ لَهُ وَالثَّانِي الْمَنْعُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالزَّرْعِ، أَيْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالْقُطْنِيَّةِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
(وَيَحِلُّ) مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ (الْإِذْخِرُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ «قَالَ الْعَبَّاسُ. يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إلَّا الْإِذْخِرَ» وَمَعْنَى كَوْنِهِ لِبُيُوتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْقُفُونَهَا بِهِ فَوْقَ الْخَشَبِ وَالْقَيْنُ الْحَدَّادُ (وَكَذَا الشَّوْكُ) أَيْ شَجَرُهُ (كَالْعَوْسَجِ وَغَيْرِهِ) يَحِلُّ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي فَلَا ضَمَانَ فِي قَطْعِهِ وَفِي وَجْهٍ يَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيَضْمَنُ (وَالْأَصَحُّ حِلُّ أَخْذِ نَبَاتِهِ) مِنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
أَوْلَى أَوْ صَوَابًا لِأَنَّ الْحَشِيشَ وَالْهَشِيمَ اسْمٌ لِلْيَابِسِ، وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ اسْمٌ لِلرَّطْبِ وَالْكَلَأُ بِالْهَمْزِ جَمِيعُهُمَا. قَوْلُهُ:(وَبِقَطْعِ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي بِهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى تَفْسِيرِ الشَّارِحِ النَّبَاتَ أَوَّلًا، وَالْمُغَايِرِ عَلَى تَفْسِيرِهِ ثَانِيًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَفِي الشَّجَرَةِ) أَيْ الْحَرَمِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فِي الْحِلِّ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهَا فِي أَصْلِهَا، كَمَا أَنَّ شَجَرَةَ الْحِلِّ لَا تَثْبُتُ لَهَا الْحُرْمَةُ فِي الْحَرَمِ لِذَلِكَ فَفَارَقَتْ الصَّيْدَ بِثُبُوتِ أَصْلِهَا، وَمَحَلُّ ضَمَانِهَا إنْ مَاتَتْ فَإِنْ نَبَتَتْ وَلَوْ فِي الْحِلِّ فَلَا ضَمَانَ.
وَيَجِبُ عَوْدُهَا لِلْحَرَمِ وَلِلنَّوَاةِ حُكْمُ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (بَقَرَةٌ) تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي إجْزَاءُ الْبَدَنَةِ عَنْهَا، وَكَذَا سَبْعُ شِيَاهٍ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (قَرِيبَةً مِنْ سُبْعِ الْكَبِيرَةِ) أَيْ فَأَكْثَرَ إلَى سِتَّةِ أَسْبَاعٍ وَفِيمَا دُونَ السُّبْعِ الضَّمَانُ بِالْقِيمَةِ كَالْحَشِيشِ كَمَا ذَكَرَهُ. وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الشَّاةِ فِيمَا زَادَ عَلَى السُّبْعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخْلَفَ) أَيْ الْحَشِيشُ يَعْنِي الْعُشْبَ كَمَا مَرَّ فَلَا ضَمَانَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ، وَالْأَضْمَنُ نَقْصُهُ. قَوْلُهُ:(وَالْمُسْتَنْبَتُ مِنْ الشَّجَرِ) أَيْ لَا مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَغَيْرِ الْمُسْتَنْبَتِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الزُّرُوعِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ، وَإِنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَيَحِلُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(وَيَحِلُّ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ) لَوْ قَالَ: مِنْ نَبَاتِ الْحَرَمِ لَكَانَ أَوْلَى أَوْ صَوَابًا الْإِذْخِرُ قَطْعًا وَقَلْعًا وَتَصَرُّفًا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الشَّوْكُ)
ــ
[حاشية عميرة]
فَائِدَةٌ: الْحَشِيشُ وَالْهَشِيمُ هُوَ الْيَابِسُ وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ هُوَ الرَّطْبُ، وَالْكَلَأُ بِالْهَمْزِ يَعُمُّهُمَا. قَوْلُهُ:(وَيُقَاسُ بَاقِي الْحَرَمِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ) هُوَ مُسْتَدْرَكٌ لِأَنَّ الضَّمِيرَ السَّابِقَ يَعُودُ عَلَى النَّبَاتِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّجَرِ قَوْلُهُ:(أَمَّا غَيْرُ الشَّجَرِ إلَخْ) هَذَا لَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخْلَفَ إلَخْ) لَوْ أَخْلَفَ غُصْنُ الشَّجَرِ قَبْلَ الْعَامِ، فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ الْحَشِيشِ فَإِنَّهُ مَتَى أَخْلَفَ لَا ضَمَانَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْمُسْتَنْبَتُ مِنْ الشَّجَرِ) أَيْ كَأَنْ أُخِذَ غُصْنٌ مِنْ الْحَرَمِ وَغُرِسَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ، أَمَّا الْمَأْخُوذُ مِنْ الْحِلِّ إذَا غُرِسَ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَلَوْ غُصْنًا وَنَوَاةً، وَلَوْ كَانَ الْمَنْقُولُ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ غُصْنًا أَوْ نَوَاةً فَالْحُكْمُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ لِذَلِكَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ:(فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ إلَخْ) سَوَاءٌ نَبَتَ بِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَنْبَتَهُ النَّاسُ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ قَطَعَ الْإِذْخِرَ
حَشِيشٍ وَنَحْوِهِ (لِعَلْفِ الْبَهَائِمِ) بِسُكُونِ اللَّامِ (وَلِلدَّوَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ كَالْإِذْخِرِ، وَالثَّانِي يَقِفُ مَعَ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَيَجُوزُ تَسْرِيحُ الْبَهَائِمِ فِي حَشِيشِهِ لِتَرْعَى جَزْمًا وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ أَخْذُهُ لِيَبِيعَهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ صَادِقٌ يَبِيعُهُ مِمَّنْ يَعْلِفُ بِهِ وَيَجُوزُ أَخْذُ وَرَقِ الشَّجَرِ بِسُهُولَةٍ لَا يُخْبَطُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَجُوزُ أَخْذُ ثَمَرِهِ وَعُودِ السِّوَاكِ، وَنَحْوِهِ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا أَمَّا الْيَابِسُ مِنْ الشَّجَرِ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ وَالْيَابِسُ مِنْ الْحَشِيشِ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَلَوْ قَلَعَهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ: لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْلَعْهُ لَنَبَتَ ثَانِيًا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إذَا جَفَّ الْحَشِيشُ وَمَاتَ جَازَ قَلْعُهُ وَأَخْذُهُ فَقَوْلُ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَمْ يَمُتْ.
(وَصَيْدُ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ) وَفِي الْمُحَرَّرِ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَشَجَرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَخَلَاهُ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا» ، زَادَ مُسْلِمٌ «وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا» . وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا» ، وَاللَّابَتَانِ الْحُرَّتَانِ تَثْنِيَةُ لَابَةٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُكْتَسِيَةُ حِجَارَةً سُودًا وَهُمَا شَرْقِيُّ الْمَدِينَةِ وَغَرْبِيُّهَا فَحَرَمُهَا مَا بَيْنَهُمَا عَرْضًا وَمَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا طُولًا وَهُمَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عِيرٍ إلَى ثَوْرٍ» وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ يَحِلُّ قَلْعًا وَقَطْعًا وَتَصَرُّفًا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَفَارَقَ الصَّيْدَ الْمُؤْذِيَ بِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا فِي قَصْدِ الْأَذَى. قَوْلُهُ:(بِسُكُونِ اللَّامِ) وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَفِيهِ بُعْدٌ. قَوْلُهُ.: (كَالْإِذْخِرِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الْأَخْذِ لَا التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَسْرِيحُ الْبَهَائِمِ فِيهِ) خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ أَخْذُهُ لِبَيْعِهِ) أَوْ لِهِبَةٍ وَلَوْ لِمَنْ يَعْلِفُ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَخْذُ وَرَقِ الشَّجَرِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلنَّبَاتِ كَالسَّنَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِنَحْوِ الْبَيْعِ. وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَخْذُ ثَمَرِهِ) أَيْ الشَّجَرِ وَفِيهِ مَا ذَكَرَ فِي الْوَرَقِ. قَوْلُهُ: (عُودِ السِّوَاكِ) قَالَ شَيْخُنَا لَا لِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) . أَيْ نَحْوِ عُودِ السِّوَاكِ مِنْ أَطْرَافِ أَغْصَانِ الْأَشْجَارِ وَفِيهِ مَا فِي السِّوَاكِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا: إنَّهَا إذَا لَمْ تُخْلِفْ مِثْلَهَا فِي عَامِهَا ضَمِنَهَا بِالْقِيمَةِ. وَأَمَّا الْعُشْبُ فَيَجُوزُ أَخْذُ مَا يُخْلِفُ مِنْهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ عَامِهِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْيَابِسُ مِنْ الشَّجَرِ فَيَجُوزُ) خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ قَطْعُهُ مُطْلَقًا. وَكَذَا قَلْعُهُ إنْ مَاتَ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ. وَيَجُوزُ تَقْلِيمُ شَجَرِ الْحَرَمِ لِلْإِصْلَاحِ وَفِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ جَرِيدٍ وَنَحْوِهِ مَا مَرَّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَلَوْ بِنَحْوِ الْبَيْعِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَصَيْدُ الْمَدِينَةِ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الصَّيْدِ لَشَمَلَ الشَّجَرَ وَالْخَلَا الَّذِي أَوْرَدَهُمَا الشَّارِحُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَحْرِيمُ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحْرِمِ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ) وَهِيَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: «وَإِنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ» أَيْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا لِأَنَّهُ قَدِيمٌ. قَوْلُهُ: «وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ» ) أَيْ ابْتَدَأْت تَحْرِيمَهَا فَهُوَ حَادِثٌ. قَوْلُهُ: (فَحَرَمُهَا مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ اللَّابَتَيْنِ الشَّرْقِيَّةِ وَالْغَرْبِيَّةِ عَرْضًا. قَوْلُهُ: (وَمَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا عَيْرٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ
ــ
[حاشية عميرة]
لِغَرَضِ الْبَيْعِ أَوْ الْحَاجَةِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) لِهَذَا قَالَ فِي الْمَتْنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى الصَّحِيحِ وَنَحْوِهِ عَلَى عَادَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِعَلَفِ الْبَهَائِمِ) مِثْلُهُ أَخْذُهُ لِلْحَاجَةِ الَّتِي يُؤْخَذُ لِأَجْلِهَا الْإِذْخِرُ وَكَذَا الْأَكْلُ.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَتْ الْحَاجَةُ غَيْرَ نَاجِزَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ الْأَخْذُ لِمَا عَسَاهُ يَطْرَأُ الظَّاهِرُ لَا كَاقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِمَا عَسَاهُ يَكُونُ مِنْ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ.
فَائِدَةٌ: نَظَمَ بَعْضُهُمْ حُدُودَ الْحَرَمِ فَقَالَ:
وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةَ
…
ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهُ
وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ
…
وَحَدُّهُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانُهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلدَّوَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله: وَلَوْ أَخَذَهُ لِلْحَاجَةِ الَّتِي يُؤْخَذُ لَهَا الْإِذْخِرُ كَتَسْقِيفِ الْبُيُوتِ جَازَ قَطْعُهُ لِذَلِكَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَالْوَسِيطِ، وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ، وَصَرَّحَ بِجَوَازِ قَطْعِهِ مُطْلَقًا قَالَ: وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ اهـ. قُلْت: وَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ أَنَّ الْأَشْجَارَ الرَّطْبَةَ يَجُوزُ قَطْعُهَا لِتَسْقِيفِ الْبُيُوتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَاتِ مَحَلُّ نَظَرٍ.
وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُ الشَّجَرِ لِحَاجَةِ السَّقْفِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَشِيشَةِ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَجَرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ أَخْذُهُ لِيَبِيعَهُ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ السِّوَاكَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَرَمِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَكَذَا وَرَقُ السَّنَا. قَوْلُهُ: (وَرَقِ الشَّجَرِ) مِنْهُ السَّعَفُ. قَوْلُهُ: (قَطْعُهُ) إنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَضْمَنْ بِالْقِيمَةِ كَبَيْضِ النَّعَامِ، قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ فَاعْتُبِرَ ضَمَانُهُ
ذِكْرَ ثَوْرٍ هُنَا وَهُوَ بِمَكَّةَ مِنْ غَلَطِ الرُّوَاةِ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أُحُدٌ وَدُفِعَ بِأَنَّ وَرَاءَهُ جَبَلًا صَغِيرًا يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ (وَلَا يَضْمَنُ) الصَّيْدَ وَالشَّجَرَ وَالْخَلَا (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ بِخِلَافِ حَرَمِ مَكَّةَ وَالْقَدِيمُ يَضْمَنُ فَقِيلَ كَحَرَمِ مَكَّةَ وَالْأَصَحُّ يَضْمَنُ بِسَلْبِ الصَّائِدِ وَقَاطِعِ الشَّجَرِ، أَوْ الْخَلَا وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ فَلَا مُعَارِضَ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ فَسَلَبَهُ فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ جَاءَهُ أَهْلُ الْعَبْدِ فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى غُلَامِهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ. فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّهُ وَجَدَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ. فَجَاءَ مَوَالِيهِ فَكَلَّمُوهُ فِيهِ. فَقَالَ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ، وَقَالَ مَنْ أَخَذَ أَحَدًا يَصِيدُ فِيهِ فَلْيَسْلُبْهُ» فَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ إنْ شِئْتُمْ دَفَعْت إلَيْكُمْ ثَمَنَهُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَدِينَةِ فَيَجِدُ الْحَاطِبَ مَعَهُ شَجَرٌ رَطْبٌ عَضَدَهُ مِنْ بَعْضِ شَجَرِ الْمَدِينَةِ، فَيَأْخُذُ سَلْبَهُ فَيُكَلَّمُ فِيهِ فَيَقُولُ لَا أَدَعُ غَنِيمَةً غَنَّمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي لِمَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَالًا. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي الِاصْطِيَادِ أَنَّهُ يُسْلَبُ، وَإِنْ لَمْ يُتْلَفْ الصَّيْدُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا أَدْرِي أَيُسْلَبُ إذَا أَرْسَلَ الصَّيْدَ أَمْ لَا يُسْلَبُ حَتَّى يُتْلِفَهُ، ثُمَّ سَلْبُ الصَّائِدِ أَوْ الْقَاطِعِ كَسَلْبِ الْقَتِيلِ جَمِيعَ مَا مَعَهُ مِنْ ثِيَابٍ وَفَرَسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: ثِيَابُهُ فَقَطْ، وَهُوَ لِلسَّالِبِ وَقِيلَ لِفُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَهَلْ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَجْهَانِ أَصْوَبُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَعَمْ.
(وَيَتَخَيَّرُ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَثَوْرٌ بِالْمُثَلَّثَةِ طُولًا وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ وَرَاءَهُ) أَيْ أُحُدًا جَبَلًا صَغِيرًا. وَفِي نُسْخَةٍ جَبَلٌ فَاسْمُ أَنَّ ضَمِيرُ الشَّأْنِ أَوْ هُوَ خَبَرُهَا وَاسْمُهَا وَرَاءَ بِنَاءً عَلَى تَصَرُّفِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ وَالشَّجَرَةَ وَالْخَلَا فِي الْجَدِيدِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ وَادِي وَجٍّ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ بِالطَّائِفِ.
تَتِمَّةٌ: نَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ إلَى أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ خِلَافُ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَنَقْلُ أَجْزَاءِ أَرْضِهِمَا وَلَوْ مِنْ تُرَابِهِمَا وَأَوَانِيهِمَا نَحْوِ الْكِيزَانِ وَالْأَبَارِيقِ إلَى الْحِلِّ حَرَامٌ وَيَجِبُ رَدُّهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لَوْ تَلِفَ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَقْيِيدِ حُرْمَةِ النَّقْلِ بِكَوْنِهِ إلَى الْحِلِّ أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ أَجْزَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ مَا لَيْسَ مِنْ أَجْزَائِهِمَا كَخَشَبٍ لِسَقْفِ الْكَعْبَةِ وَجُذُوعِهَا إذَا انْكَسَرَتْ مَثَلًا إلَى الْحِلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَلْيُحَرَّرْ وَلَا بَأْسَ لِسَقْفِ الْكَعْبَةِ وَجُذُوعِهَا إذَا انْكَسَرَتْ مَثَلًا إلَى الْحِلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَلْيُحَرَّرْ وَلَا بَأْسَ بِنَقْلِ ثِمَارِهِمَا وَحَشِيشِهِمَا وَوَرَقِ شَجَرِهِمَا وَأَغْصَانِهِ لِلِانْتِفَاعِ. وَكَذَا لَا بَأْسَ بِنَقْلِ مَاءِ زَمْزَمَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ. وَمَا قِيلَ بِأَنَّهُ يُبَدَّلُ فَمِنْ خُرَافَاتِ الْعَوَامّ وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ، وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ مَسَحَهَا بِطِيبٍ لَهُ وَأَخَذَهُ. وَأَمَّا كِسْوَتُهَا فَإِنْ عَلِمَ وَقْفَهَا عَلَيْهَا فَقِيلَ أَمْرُهَا لِلْإِمَامِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا. وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُبَاعُ إنْ لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْبَيْتِ وَالْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْفُهَا فَهِيَ لِمَالِكِهَا إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ فِيهَا لِقَيِّمِهَا مِنْ بَيْعِهَا وَصَرْفِهَا فِي مَصَالِحِهَا، وَإِنْ وُقِفَ لَهَا وَقْفٌ تُكْسَى مِنْهُ كَمَا هُوَ الْآنَ فِي مِصْرَ فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا اتَّبَعَ، وَإِلَّا فَإِنْ وَقَفَهَا النَّاظِرُ فَحُكْمُهَا مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ شَرَطَ تَجْدِيدَهَا كُلَّ عَامٍ مَثَلًا كَمَا هُوَ الْآنَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا لِسَادِنِهَا أَيْ خَادِمِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا كَمَا هُوَ الْآنَ فَأَمْرُهَا لِلْإِمَامِ. وَيَتْبَعُ فِيهَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَيَجُوزُ لُبْسُهَا لِمَنْ أَخَذَهَا وَلَوْ جُنُبًا وَحَائِضًا هَذَا مُحَصَّلُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَيَتَخَيَّرُ فِي الصَّيْدِ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي دِمَاءِ الْحَجِّ وَجُمْلَتُهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّظْمِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَمًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مُرَتَّبٌ لَا يَنْتَقِلُ إلَى خَصْلَةٍ إلَّا إنْ عَجَزَ عَمَّا قَبْلَهَا مُقَدَّرُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَهِيَ تِسْعَةٌ دِمَاءً، ثَانِيهَا مُرَتَّبٌ كَمَا مَرَّ مُعَدَّلٌ أَيْ مُقَوَّمٌ بِالْعُدُولِ وَهُوَ دَمَانِ، ثَالِثُهَا مُخَيَّرٌ يَجُوزُ الْعُدُولُ فِيهِ إلَى كُلِّ خَصْلَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهَا مُعَدَّلٌ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ دَمَانِ أَيْضًا. رَابِعُهَا مُخَيَّرٌ مُقَدَّرٌ كَمَا مَرَّ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ دِمَاءً وَقَدْ نَظَمَهَا ابْنُ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية عميرة]
كَالصَّيْدِ وَالْبَيْضُ تَبَعٌ فَكَانَ كَاللِّيفِ، وَقَدْ يَعْتَرِضُ بِالْوَرَقِ وَالثَّمَرِ الْيَابِسَيْنِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله فَأَشْبَهَ مَوَاضِعَ الْحُمَّى، وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَا التَّحْرِيمَ بِالنُّصُوصِ. قَوْلُهُ:(وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَزِيدُ عَلَى الْأُولَى بِالتَّقْيِيدِ بِالرَّطْبِ، وَإِضَافَتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ وَقَوْلِهِ وَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَالًا. قَوْلُهُ:(مِنْ ثِيَابٍ وَفَرَسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) اقْتَضَى هَذَا كَمَا تَرَى أَنَّ الثِّيَابَ
فِي الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ ذَبْحِ مِثْلِهِ وَالصَّدَقَةِ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا لَا حَيًّا (وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ وَيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا) مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ بِقَدْرِهَا مِنْ طَعَامِهِ (لَهُمْ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالدَّرَاهِمِ (أَوْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ (يَوْمًا) حَيْثُ كَانَ قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95](وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا) لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِالدَّرَاهِمِ. (أَوْ يَصُومَ) عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا كَالْمِثْلِيِّ فَإِنْ انْكَسَرَ مُدٌّ فِي الْقِسْمَيْنِ صَامَ يَوْمًا لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ وَيُقَاسُ بِالْمَسَاكِينِ الْفُقَرَاءُ وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ مُتْلَفٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
أَرْبَعَةٌ دِمَاءُ حَجٍّ تُحْصِرُ
…
أَوَّلُهَا الْمُرَتَّبُ الْمُقَدَّرُ
تَمَتُّعُ فَوْتٍ وَحَجٌّ قَرْنًا
…
وَتَرْكُ رَمْيٍ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى
وَتَرْكُهُ الْمِيقَاتَ وَالْمُزْدَلِفَهْ
…
أَوْ لَمْ يُوَدِّعْ أَوْ كَمَشْيٍ أَخْلَفَهُ
نَاذِرُهُ يَصُومُ إنْ دَمًا فَقَدَ
…
ثَلَاثَةً فِيهِ وَسَبْعًا فِي الْبَلَدْ
وَالِثَانِ تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ وَرَدْ
…
فِي مُحْصَرٍ وَوَطْءِ حَجٍّ إنْ فَسَدْ
إنْ لَمْ يَجِدْ قَوْمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى
…
بِهِ طَعَامًا طُعْمَةً لَلْفُقَرَا
ثُمَّ لِعَجْزٍ عَدْلُ ذَاكَ صَوْمًا
…
أَعْنِي بِهِ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا
وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ وَالتَّعْدِيلُ فِي
…
صَيْدٍ وَأَشْجَارٍ بِلَا تَكَلُّفٍ
إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَعَدْلٌ مِثْلُ مَا
…
عَدَلْت فِي قِيمَةِ مَا تَقَدَّمَا
وَخَيَّرْنَ وَقَدَّرْنَ فِي الرَّابِعِ
…
إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَجُدْ بِآصُعٍ
لِلشَّخْصِ نِصْفٌ أَوْ فَصُمْ ثَلَاثًا
…
تَجْتَثُّ مَا اجْتَثَثْته اجْتِثَاثًا
فِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ وَطِيبِ دُهْنٍ
…
لُبْسٍ وَتَقْبِيلٍ وَوَطْءٍ ثَنِيِّ
أَوْ بَيْنَ تَحْلِيلَيْ ذَوِي إحْرَامٍ
…
هَذِي دِمَاءُ الْحَجِّ بِالتَّمَامِ
وَنَظَمَهَا الدَّمِيرِيِّ أَيْضًا وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ غَالِبَهَا كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (ذَبَحَ مِثْلَهُ) مَا لَمْ يَكُنْ حَامِلًا وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ ذَبْحُهَا وَالْوَاجِبُ قِيمَتُهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) وَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ وَإِنْ انْحَصَرُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَإِنْ دَفَعَهُ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ ضَمِنَ لِلثَّالِثِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ، وَإِضَافَتُهُمْ إلَى الْحَرَمِ مِنْ حَيْثُ وُجُودُهُمْ فِيهِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَوْ غَيْرَ قَاطِنِينَ فِيهِ لَكِنَّ الْقَاطِنَ أَفْضَلُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، فَلَوْ خَرَجَ بِهِمْ عَنْ الْحَرَمِ تَعَيَّنَ الْقَاطِنُونَ. كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدُوا حَفِظَ إلَى وُجُودِهِمْ. قَوْلُهُ:(بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَائِهِ كَجِلْدِهِ وَشَعْرِهِ وَإِنْ صَارَ قَدِيدًا. قَوْلُهُ: (أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا) وَلَوْ قَبْلَ سَلْخِهِ، وَسَيَأْتِي لَوْ تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ وَتَمْلِيكُهُ لَهُمْ مَذْبُوحًا لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(دَرَاهِمَ) إنْ كَانَتْ الْغَالِبَ وَإِلَّا فَالْغَالِبُ مِنْ غَيْرِهَا وَنَصْبُهَا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِيُقَوِّمَ. قَوْلُهُ: (وَيَشْتَرِي بِهَا) إنْ شَاءَ، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ طَعَامِ نَفْسِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ:(أَيْ لِأَجْلِهِمْ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّصَدُّقُ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْعِبْرَةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قِيمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ زَمَانًا وَمَكَانًا، وَفِي قِيمَةِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ بِمَكَّةَ يَوْمَ إرَادَةِ تَقْوِيمِهِ وَفِي سِعْرِ الطَّعَامِ كَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي قِيمَةِ بَدَنَةِ الْجِمَاعِ
ــ
[حاشية عميرة]
وَالْفَرَسَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ يُؤْخَذُ فِي الْعُشْبَةِ الْوَاحِدَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَنَّ مَا دُونَ سُبْعِ الْكَبِيرَةِ مِنْ الشَّجَرِ وَسَائِرِ الْخَلَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ حَرَمُ مَكَّةَ أَعْظَمَ حُرْمَةً.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّدَقَةُ بِهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ جِلْدًا.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: أُهْدِي عَنْ ثُلُثِهِ وَأُطْعِمُ عَنْ ثُلُثِهِ وَأَصُومُ عَنْ ثُلُثِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِأَجْلِهِمْ) يَعْنِي لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ إلَخْ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.
قَوْلُهُ: (بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ) لَوْلَا سُمِعَ عَلَيْهِ سَبْعُ شِيَاهٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ وَلَوْ ذَبَحَ بَدَنَةً مَثَلًا، وَنَوَى التَّصَدُّقَ بِسُبْعِهَا عَنْ الشَّاةِ، وَأَكَلَ الْبَاقِيَ أَجْزَأَهُ، وَهَذَا الْحُكْمُ مُطَّرِدٌ إلَّا فِي
مُتَقَوِّمٍ وَفِي قِيمَةِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ بِمَكَّةَ يَوْمَ إرَادَةِ تَقْوِيمِهِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ ذَبْحِهِ لَوْ أُرِيدَ وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَدُوِّ إلَى الطَّعَامِ سِعْرُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ أَوْ بِمَكَّةَ؟ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي.
(وَيَتَخَيَّرُ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ بَيْنَ ذَبْحِ شَاةٍ) بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ (وَالتَّصَدُّقِ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ) بِالْمَدِّ (لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ) لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَجَمْعُهُ فِي الْأَصْلِ أَصْوُعٌ، أُبْدِلَ مِنْ وَاوِهِ هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ قَامَتْ عَلَى الصَّادِ وَنُقِلَتْ ضَمَّتُهَا إلَيْهَا وَقُلِبَتْ هِيَ أَلِفًا (وَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَالَ تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] أَيْ فَحَلَقَ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] . وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اُنْسُكْ شَاةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» ، وَالْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَقِيسَ الْقَلْمُ عَلَى الْحَلْقِ، وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ فِيهِمَا عَلَيْهِ وَالْفُقَرَاءُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَكَفِدْيَةِ الْحَلْقِ فِدْيَةُ الِاسْتِمْتَاعِ كَالتَّطَيُّبِ وَالْإِدْهَانِ وَاللُّبْسِ، وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ لِاشْتِرَاكِهَا فِي التَّرَفُّهِ هَذَا دَمُ تَخْيِيرٍ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ) وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَبِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ وَالرَّمْيِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ (دَمُ تَرْتِيبٍ) إلْحَاقًا لَهُ بِدَمِ التَّمَتُّعِ لِمَا فِي التَّمَتُّعِ مِنْ تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَقِيسَ بِهِ تَرْكُ بَاقِي الْمَأْمُورَاتِ (فَإِذَا عَجَزَ) عَنْ الدَّمِ (اشْتَرَى بِقِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ ذَلِكَ (صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) وَهَذَا يُسَمَّى تَعْدِيلًا وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ يَصُومُ كَالْمُتَمَتِّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً بَعْدَ رُجُوعِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُسَمَّى تَقْدِيرًا وَالْأَوَّلُ قَالَ التَّعْدِيلُ جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ وَالتَّقْدِيرُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ صَوْمُ الْحَلْقِ وَمُقَابِلُ التَّرْتِيبِ أَنَّهُ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ.
(وَدَمُ الْفَوَاتِ) أَيْ فَوَاتِ الْحَجِّ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي وُجُوبُهُ مَعَ الْقَضَاءِ (كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي صِفَتِهِ وَحُكْمِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْوُقُوفُ الْمَتْرُوكُ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ) وُجُوبًا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي، وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَبْحُهُ فِي سُنَّةِ الْفَوَاتِ كَدَمِ الْفَسَادِ يُرَاقُ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْهُمْ مِنْ حَكَاهُ وَجْهَيْنِ. ثُمَّ وَقْتُ الْوُجُوبِ عَلَى الثَّانِي سُنَّةُ الْفَوَاتِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ كَمَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ إذَا أَحْرَمَ
ــ
[حاشية قليوبي]
سِعْرُ مَكَّةَ وَقْتَ الْوُجُوبِ.
قَوْلُهُ: (ذَبْحِ شَاةٍ) وَيَكْفِي عَنْهَا سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ فَإِنْ ذَبَحَ الْبَدَنَةَ وَقَعَ الزَّائِدُ تَطَوُّعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ مِسْكَيْنِ نِصْفُ صَاعٍ) وَلَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي الْكَفَّارَاتِ مَحَلٌّ يُزَادُ فِيهِ الْمِسْكِينُ عَلَى مُدِّ هَذَا غَيْرُ هَذَا. كَذَا قَالُوا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ أَمْدَادِ أَيَّامٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ:(وَالْأَصَحُّ إلَخْ) هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ كَمَا فِي دَمِ الْحَلْقِ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَدَمُ الْفَوَاتِ) أَيْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعَهُ تَابِعَةٌ لَهُ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (كَدَمِ التَّمَتُّعِ فِي صِفَتِهِ وَحُكْمِهِ) فَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ. قَوْلُهُ: (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ وُجُوبًا) فَلَا يَكْفِي ذَبْحُهُ فِي حَجَّةِ الْفَوَاتِ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ ذَبْحًا وَصَوْمًا بِالْإِحْرَامِ بِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. وَلَهُ الذَّبْحُ أَيْضًا
ــ
[حاشية عميرة]
جَزَاءِ الصَّيْدِ بَلْ لَا تُجْزِئُ فِيهِ الْبَدَنَةُ عَنْ الشَّاةِ قَوْلُهُ: (أَبْدَلَ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى ابْنِ مَكِّيٍّ فِي قَوْلِهِ: إنَّ آصُعَ خَطَأٌ مِنْ كَلَامِ الْعَوَامّ، وَإِنَّ الصَّوَابَ أَصْوُعٌ. قَوْلُهُ:(رَوَى الشَّيْخَانِ) اشْتَمَلَ هَدًّا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ عَلَى تَفْسِيرِ أَقْسَامِ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ كَفَّارَةٍ ثَبَتَ فِيهَا التَّخْيِيرُ وَإِذَا كَانَ سَبَبُهَا مُبَاحًا ثَبَتَ فِيهَا التَّخْيِيرُ إذَا كَانَ سَبَبُهَا مُحَرَّمًا كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: (يَصُومُ كَالْمُتَمَتِّعِ) أَيْ لِمَا أُلْحِقَ بِالْمُتَمَتِّعِ فِي التَّرْتِيبِ بِجَامِعِ تَرْكِ الْمَأْمُورِ، وَأُلْحِقَ بِهِ فِي جَوَابِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ التَّرْتِيبِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمَتْنِ لَهُ مُقَابِلَانِ مُقَابِلٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَجْزِ عَنْ الدَّمِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ السَّابِقُ وَالْوَجْهُ الْمَحْكِيُّ عَقِبَهُ، وَمُقَابِلُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْتِيبِ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الدَّمَ هُنَا دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ، لَكِنَّ الْإِسْنَوِيَّ نَقَلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّ مُقَابِلَ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ ضَعِيفٌ شَاذٌّ، فَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ التَّعْبِيرَ بِالْأَصَحِّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْتِيبِ فَقَالَ: فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْأَصَحِّ بَعْدَ بَتِّ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ مُرَتَّبًا.
قَوْلُهُ: (كَمَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه) أَيْ بِقَوْلِهِ الْآتِي فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَاهْدُوا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى
بِالْحَجِّ أَمَّا إذَا كَفَرَ بِالصَّوْمِ وَقُلْنَا وَقْتُ الْوُجُوبِ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ لَمْ يُقَدِّمْ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ بِالْفَوَاتِ فَفِي جَوَازِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ فِي حَجَّةِ الْفَوَاتِ وَجْهَانِ، وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ فِي إحْرَامٍ نَاقِصٍ وَالْمَعْهُودُ إيقَاعُهَا فِي نُسُكٍ كَامِلٍ.
(وَالدَّمُ الْوَاجِبُ) فِي الْإِحْرَامِ (بِفِعْلِ حَرَامٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ) بَلْ يَجُوزُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الضَّحَايَا (وَيَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فَلَوْ ذَبَحَ خَارِجَ الْحَرَمِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَالثَّانِي يُعْتَدُّ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُنْقَلَ وَيُفَرَّقَ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ تَغَيُّرِ اللَّحْمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ اللَّحْمُ وَقَدْ حَصَلَ بِهِ الْغَرَضُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ إلَى مَسَاكِينِهِ) أَيْ الْحَرَمِ جَزْمًا الْقَاطِنِينَ وَالطَّارِئِينَ وَالصَّرْفُ إلَى الْقَاطِنِينَ أَفْضَلُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَلَوْ كَانَ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ بَدَلًا عَنْ الذَّبْحِ وَجَبَ تَخْصِيصُهُ بِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الصَّرْفُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ فِي الْإِطْعَامِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ كَالْكَفَّارَةِ وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيُّ وَقِيسَ الْفُقَرَاءُ عَلَى الْمَسَاكِينِ.
(وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ الْمَرْوَةُ وَلِلْحَاجِّ مِنًى) لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا. (وَكَذَا حُكْمُ مَا سَاقَا مِنْ هَدْيٍ) تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورٍ (مَكَانًا) فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ (وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ كَدَمِ الْجُبْرَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَخَّرَ ذَبْحَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا ذَبَحَهُ قَضَاءً وَإِلَّا فَقَدْ فَاتَ فَإِنْ ذَبَحَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه كَانَتْ شَاةَ لَحْمٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاجِبَ يَجِبُ
ــ
[حاشية قليوبي]
عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ.
قَوْلُهُ: وَالدَّمُ الْوَاجِبُ قُيِّدَ بِهِ لِمُتَعَلِّقِهِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَطْلُوبُ، وَلَوْ نَدْبًا كَدَمِ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ:(بِفِعْلِ حَرَامٍ) أَيْ أَصَالَةً وَإِنْ جَازَ لِعُذْرٍ وَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ إذَا عَصَى بِسَبَبِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ ذَبَحَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) فَيَلْزَمُهُ إبْدَالُهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَغَيُّرِ لَحْمِهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَائِهِ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ صَرْفِهِ بِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَلَوْ مِنْ فُقَرَاءِ الْحَرَمِ لَمْ يُجْزِئْهُ لَكِنَّ لَهُ شِرَاءَ اللَّحْمِ بَدَلَهُ وَيُفَرِّقُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ إلَخْ) أَيْ يَجِبُ فِي تَفْرِقَةٍ أَيْ طَعَامِ مَا يَجِبُ فِي صَرْفِ اللَّحْمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ) أَيْ الْإِطْعَامِ، وَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ عَزْلِهِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالنِّيَّةِ فِي الذَّبْحِ عِنْدَهُ، وَلَوْ نَوَى عِنْدَ الصَّرْفِ فَهُوَ أَكْمَلُ.
قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) بِتَاءِ التَّأْنِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ الْحَرَمِ وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِ الْأَوَّلِ لِغَيْرِ
ــ
[حاشية عميرة]
الْأَوَّلِ إذَا أَحْرَمَ إلَخْ) وَقِيلَ هُوَ كَالْقَضَاءِ يَجِبُ فِي سُنَّةِ الْفَوَاتِ، وَإِنْ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ صَرَّحَ بِحِكَايَةِ هَذَا الْوَجْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
تَنْبِيهٌ: لَك أَنْ تَقُولَ حَيْثُ كَانَ هَذَا الدَّمُ يَجِبُ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ، فَهَلَّا جَازَ تَقْدِيمُهُ فِي سُنَّةِ الْفَوَاتِ كَمَا جَازَ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ؟ قُلْت فِي مَسْأَلَةِ التَّمَتُّعِ: إذَا قُدِّمَ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَانَ وَاقِعًا فِي سُنَّةِ الْحَجِّ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ. نَعَمْ قِيَاسُ هَذَا أَنْ يَجُوزَ فِعْلُهُ فِي سُنَّةِ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِيهَا بِالْقَضَاءِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِفِعْلِ حَرَامٍ) أَيْ مَا أَصْلُهُ ذَلِكَ لِيَشْمَلَ دِمَاءَ الْمَعْذُورِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ إلَخْ) لَوْ ذَبَحَهُ بِالْحَرَمِ فَسُرِقَ مِنْهُ سَقَطَ الذَّبْحُ، وَبَقِيَ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ إمَّا بِذَبْحٍ أَوْ بِلَحْمٍ يَشْتَرِيهِ وَيُفَرِّقُهُ.
فَرْعٌ: قَوْلُهُ وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَذَا سَائِرُ أَجْزَائِهِ الْمَأْكُولَةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. قَوْلُهُ: (الصَّرْفُ إلَى ثَلَاثَةٍ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمَ التَّعْمِيمِ عِنْدَ الِانْحِصَارِ كَالزَّكَاةِ بِجَامِعِ عَدَمِ جَوَازِ النَّقْلِ فِيهِمَا، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حُرْمَةُ الْبَلَدِ، وَالْمَقْصُودَ فِي الزَّكَاةِ سَدُّ الْحَاجَاتِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِدْيَةَ الْحَلْقِ وَنَحْوِهِ، يَجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ السُّنَّةِ. قَوْلُهُ:(عِنْدَ التَّفْرِقَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي النِّيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى التَّفْرِقَةِ مَا قِيلَ فِي الزَّكَاةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ جَمْعًا مُضَافًا لِضَمِيرِ الْحَرَمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ) أَيْ غَيْرِ الْقَارِنِ أَوْ الْمُتَمَتِّعِ، أَمَّا الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي عَلَيْهِ دَمٌ فَالْأَفْضَلُ ذَبْحُ دَمِ تَمَتُّعِهِ بِمِنًى قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ