الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَثِيقَةٌ فَيَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْهَا إذَا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ كَالرَّهْنِ، وَقَبْلَ الدَّفْنِ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى صُورَتِهِ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ إنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ بَطَلَتْ) . وَالثَّانِي يَصِحُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْمَالِ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ) وَإِلَّا لَفَاتَ مَقْصُودُهَا مِنْ إحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَ الْكَفِيلِ حِينَئِذٍ، وَالثَّانِي تَصِحُّ وَيَغْرَمُ الْكَفِيلُ الْمَالَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ إحْضَارِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ أَيْضًا. .
تَتِمَّةٌ فِي ضَمَانِ الْأَعْيَانِ
إذَا ضَمِنَ عَيْنًا لِمَالِكِهَا أَنْ يَرُدَّهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ كَالْمَغْصُوبَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ وَالْمُسْتَامَةِ فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ إذَا رَدَّهَا بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ تَلِفَتْ فَهَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؟ وَجْهَانِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ، وَعَلَى وُجُوبِهَا هَلْ يَجِبُ فِي الْمَغْصُوبَةِ أَكْثَرُ الْقِيَمِ أَوْ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَالُ فِي يَدِ الشَّرِيكِ وَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا التَّخْلِيَةُ دُونَ الرَّدِّ. .
فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ
كَضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
يَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالدَّفْنِ وَضْعُهُ فِي الْقَبْرِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِإِحْضَارِهِ) مَا لَمْ يَلْزَمْ تَغَيُّرٌ أَوْ نَقْلُ مُحَرَّمٍ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (لَوْ شَرَطَ إلَخْ) بِأَنْ يَقُولَ: تَكَفَّلْت عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ بِشَرْطِ الْغُرْمِ، فَإِنْ قَالَ: تَكَفَّلْت بِهِ وَإِذَا مَاتَ أَغْرَمُ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَغَا الِالْتِزَامُ.
فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ الشَّرْطِيَّةَ بَطَلَتْ إنْ وَافَقَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ تَقْدِيمًا لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَفَارَقَ بُطْلَانَهَا هُنَا بِالشَّرْطِ عَدَمُ بُطْلَانِ الْقَرْضِ، بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ وَصْفٌ تَابِعٌ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. وَأَيْضًا الْكَفَالَةُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: ضَعِيفَةٌ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهَا الْتِزَامُ أَبْدَانِ الْأَحْرَارِ فَتَأَثَّرَتْ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. قَوْلُهُ: (لَا تَصِحُّ إلَخْ) أَيْ بِاللَّفْظِ وَنَحْوِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ) وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ نَعَمْ إنْ طَلَبَهُ بِالِاسْتِعْدَاءِ، وَجَبَ حُضُورُهُ مَعَهُ لِلْقَاضِي مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا مِنْ حَيْثُ الْكَفَالَةُ. .
[تَتِمَّة فِي ضَمَانِ الْأَعْيَانِ]
قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ) تَقَدَّمَ وَجْهُ زِيَادَتِهَا وَتَأْخِيرِهَا. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ) أَيْ بِإِذْنِهِ أَوْ لِقُدْرَةٍ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ) يُفِيدُ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ لُزُومِ قِيمَتِهَا، بَلْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنْ يَغْرَمَ قِيمَتَهَا لَوْ تَلِفَتْ كَمَا مَرَّ فِي الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَبِذَلِكَ فَارَقَ لُزُومَ قِيمَتِهَا فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا) اُنْظُرْهُ مَعَ مَرَّ مِنْ صِحَّةِ كَفَالَةِ بَدَنِ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ عَلَى كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
[فَصْل يُشْتَرَط فِي الضَّمَانِ وَالْكَفَالَة لَفْظٌ يُشْعِر بِالِالْتِزَامِ]
فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ أَرْكَانِ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَهُوَ الصِّيغَةُ فَالشَّرْطِيَّةُ فِي كَلَامِهِ مُتَوَجِّهَةٌ إلَى إشْعَارِ اللَّفْظِ بِمَا ذَكَرَهُ لَا إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَفْظٌ) وَفِي مَعْنَاهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَهِيَ صَرِيحَةٌ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ وَاحِدٍ، فَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَلَغْوٌ وَالْكِتَابَةُ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ كِنَايَةٌ وَهَذَا الْحُكْمُ
ــ
[حاشية عميرة]
جَزْمًا. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْهَا) وَقِيلَ عَلَى هَذَا لِيَسْتَوْفِيَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ، وَدِيَةِ الْمَكْفُولِ وَلَوْ خَلَفَ الْمَكْفُولُ دَيْنًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ. لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ جَزْمًا. قَوْلُهُ:(وَقَبْلَ الدَّفْنِ إلَخْ) قِيلَ هَذَا الْقَيْدُ أَعْنِي قَوْلَ الْمَتْنِ، وَدُفِنَ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِخْرَاجِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، أَيْ لَوْ كَانَ الْكَلَامُ فِي بُطْلَانِ الْكَفَالَةِ وَكَلَامُهُ، إنَّمَا هُوَ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ، وَلَا فَرْقَ فِي انْتِفَائِهَا بَيْنَ قَبْلِ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ.
فَصْلٌ يُشْتَرَطُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُشْتَرَطُ) ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ أَيْ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ اللَّفْظِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَفْظٌ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ. وَقَوْلُهُ يُشْعِرُ قِيلَ: أَحْسَنُ مَنْ يَدُلُّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ. فِيهَا إشْعَارٌ لَا دَلَالَةٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّعِيمَ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ وَالضَّمَانَ، وَالْحَمَالَةَ فِي السُّنَّةِ وَالْبَاقِي فِي
أَيْ فُلَانٍ (أَوْ تَحَمَّلْتُهُ أَوْ تَقَلَّدْتُهُ أَوْ تَكَفَّلْتُ بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الْمَعْهُودِ، (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ) الْمَعْهُودِ، (ضَامِنٌ أَوْ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ حَمِيلٌ) وَكُلُّهَا صَرَائِحُ:(وَلَوْ قَالَ أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ فَهُوَ وَعْدٌ) لَا الْتِزَامٌ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِشَرْطٍ) نَحْوُ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ ضَمِنْت أَوْ كَفَلْت، (وَلَا تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ) نَحْوُ: أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ إلَى شَهْرٍ، فَإِذَا مَضَى بَرِئْت، وَلَا يَجُوزُ تَوْقِيتُ الضَّمَانِ قَطْعًا نَحْوُ: أَنَا ضَامِنٌ بِالْمَالِ إلَى شَهْرٍ، فَإِذَا مَضَى وَلَمْ أَغْرَمْ فَأَنَا بَرِيءٌ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي التَّعْلِيقِ نَظَرٌ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، وَفِي تَوْقِيتِ الْكَفَالَةِ نَظَرٌ إلَى أَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِعَمَلٍ، وَبِهَذَا يُوَجَّهُ الثَّالِثُ الْمُجَوِّزُ لِتَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ دُونَ الضَّمَانِ، (وَلَوْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ تَأْخِيرَ الْإِحْضَارِ شَهْرًا جَازَ) لِلْحَاجَةِ نَحْوُ: أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ، وَلَوْ شَرَطَ التَّأْخِيرَ بِمَجْهُولٍ كَالْحَصَادِ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ فِي الْأَصَحِّ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا أَجَلًا مَعْلُومًا) لِلْحَاجَةِ، وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ، وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِلْمُخَالَفَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. قَالَ: وَفِي بَعْضِهَا تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّوَابُ، أَيْ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الشَّرْحِ، وَلَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ إلَى شَهْرٍ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ فَهُوَ كَضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ
ــ
[حاشية قليوبي]
يَجْرِي فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ:(يُشْعِرُ) أَوْلَى مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ يَدُلُّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْعِرَةٌ لَا دَالَّةٌ. قَوْلُهُ: (بِبَدَنِهِ أَوْ بِجُزْئِهِ الشَّائِعِ) أَوْ بِمَا لَا يَبْقَى بِدُونِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْمَعْهُودِ) لَيْسَ مِنْ لَفْظِ الضَّامِنِ بَلْ مُرَادُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ اللَّامَ عَهْدِيَّةٌ لِمَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ، أَوْ كَفَالَتُهُ لَا مُطْلَقُ الْمَالِ أَوْ الشَّخْصِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ، وَهَكَذَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا كُلَّهَا صَرَائِحُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(وَكُلُّهَا صَرَائِحُ) وَمِنْهَا الَّذِي عِنْدَ فُلَانٍ عَلَيَّ بِخِلَافِ عِنْدِي فَهُوَ كِنَايَةٌ، وَكَذَا ضَمِنْتُ فُلَانًا أَوْ ضَمَانُ فُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ دَيْنُ فُلَانٍ إلَيَّ أَوْ عِنْدِي، فَإِنْ نَوَى فِي ذَلِكَ الْمَالَ لَزِمَ، أَوْ الْبَدَنُ لَزِمَ وَإِلَّا لَغَا قَالَهُ، شَيْخُنَا وَفِي الثَّالِثَةِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ:(فَهُوَ وَعْدٌ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الِالْتِزَامَ فَالْمُرَادُ بِالْقَرِينَةِ عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِهَا النِّيَّةَ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمُسْتَحَقِّ، لَكِنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ (لَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُمَا وَلَا شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِمَا إلَّا لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهَلْ يَتَقَيَّدُ فِيهِ بِزَمَنٍ رَاجِعْهُ، وَلَا يَصِحُّ بِشَرْطِ إبْرَاءٍ إلَّا فِي نَحْوِ جِعَالَةٍ كَذَا رَدَدْت عَبْدِي فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي، فَإِذَا رَدَّهُ بَرِئَ وَنَحْوَ وَصِيَّةٍ كَأَبْرَأْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ مُفْسِدٍ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ صِحَّةِ التَّوْقِيتِ بِالْكَفَالَةِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْقِيتُ الضَّمَانِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (نُظِرَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، فَعَلَى مُقَابِلِهِ يُمْتَنَعُ التَّعْلِيقُ قَطْعًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَشَرَطَ تَأْخِيرَ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ فَهَذَا تَأْجِيلٌ لَا تَعْلِيقٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ شَهْرٍ) فَإِنْ أَحْضَرَهُ قَبْلَهُ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي السَّلَمِ وَالْمُرَادُ مِنْ الشَّهْرِ كَوْنُ الْأَجَلِ مَعْلُومًا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ الْبُطْلَانُ فِي الْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ:(وَأَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمَالِ فَيَشْمَلُ الْكَفَالَةَ. قَوْلُهُ: (وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ) أَيْ أَصَالَةً بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَشَارَ إلَى ثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ وَهَذَا الْخِلَافُ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّوَابُ) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الْبَعْضِ أَوْ إلَى التَّصْرِيحِ، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ:(فَهُوَ كَضَمَانِ إلَخْ) أَيْ فِي الْخِلَافِ وَالْحُكْمِ وَفِي الشَّهْرِ
ــ
[حاشية عميرة]
مَعْنَاهَا وَمِنْ أَلْفَاظِهِ أَيْضًا الْتَزَمْتُ وَعَلَيَّ مَا عَلَى فُلَانٍ، وَأَنَا قَبِيلٌ بِفُلَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ (كَضَمِنْتُ) لَوْ قَالَ الَّذِي لَكَ عِنْدَهُ عَلَيَّ فَهُوَ صَرِيحٌ، بِخِلَافِ عِنْدِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِبَدَنِهِ) مِثْلُهُ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَبْقَى بِدُونِهِ، وَكَذَا الْجُزْءُ الشَّائِعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِشَرْطٍ) كَالْبَيْعِ بِجَامِعِ أَنَّهَا عُقُودٌ. قَوْلُهُ: (نُظِرَ إلَى أَنَّهَا إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ وَالضَّمَانُ الْتِزَامٌ مَقْصُودٌ لِلْمَالِ، وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(جَازَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَجَازَ تَأْجِيلُهُ كَالْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْجِيلٌ وَلَا تَوْقِيتٌ وَلَا تَعْلِيقٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ التَّأْخِيرَ إلَخْ) هَذَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ شَهْرًا.
قَوْلُهُ: (وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ) أَيْ وَلَا ضُرَّ فِي ثُبُوتِهِ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ حَالًّا عَلَى الْأَصِيلِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ، وَكَانَ الدَّيْنُ الْمَضْمُونُ مُؤَجَّلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَإِنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ) وَجْهُ هَذَا أَنَّهُ زَادَ فِي التَّبَرُّعِ تَبَرُّعًا فَلَمْ يَقْدَحْ، كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْقَرْضِ رَدَّ الْمُكَسَّرِ عَنْ
حَالًّا) ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِلْمُخَالَفَةِ (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ) كَمَا لَوْ الْتَزَمَهُ الْأَصِيلُ، وَعَلَى هَذَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ مَقْصُودًا أَوْ تَبَعًا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ وَجْهَانِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَالَ: الضَّمَانُ تَبَرُّعٌ لَزِمَ فَتَلْزَمُ صِفَتُهُ، وَلَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ إلَى شَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَهُوَ كَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا (وَلَلْمُسْتَحِقّ) أَيْ الْمَضْمُونِ لَهُ (مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ) بِالدَّيْنِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) لِمُخَالَفَةِ الشَّرْطِ لِمُقْتَضَى الضَّمَانِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ الضَّمَانُ وَالشَّرْطُ
وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ الضَّمَانُ فَقَطْ، فَإِنْ صَحَّحْنَاهُمَا بَرِئَ الْأَصِيلُ وَرَجَعَ الضَّامِنُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ بَرَاءَتَهُ كَمَا لَوْ أَدَّى، (وَلَوْ أَبْرَأَ) الْمُسْتَحِقُّ (الْأَصِيلَ) مِنْ الدَّيْنِ (بَرِئَ الضَّامِنُ) مِنْهُ (وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَوْ أُبْرِئَ الضَّامِنُ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ، (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ (حَلَّ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ) ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَصِيلُ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَحِقَّ بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ إبْرَائِهِ هُوَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَهْلِكُ التَّرِكَةُ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الضَّامِنَ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ الْآذِنِ فِي الضَّمَانِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، (وَإِذَا طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِتَخْلِيصِهِ بِالْأَدَاءِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ) ، وَالثَّانِي (يُطَالِبُهُ) بِتَخْلِيصِهِ (وَلِلضَّامِنِ) الْغَارِمِ (الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ إنْ وُجِدَ إذْنُهُ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ وَإِنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
الثَّانِي مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ) أَيْ عَلَى الضَّامِنِ عَلَى قَوْلِ التَّبَعِيَّةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ (فَهُوَ كَضَمَانِ إلَخْ) وَهُوَ الشَّهْرُ الثَّانِي ثُبُوتُ الْأَجَلِ تَبَعٌ فَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَضْمُونُ لَهُ) وَكَذَا وَارِثُهُ وَالْمُحْتَالُ.
قَوْلُهُ: (مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ عَنْ الْأَصِيلِ أَوْ عَنْ ضَامِنٍ آخَرَ، وَهَكَذَا. قَوْلُهُ:(بِالدَّيْنِ) أَيْ بِجَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ. نَعَمْ إنْ قَالَ: ضَمِنَّا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ فَكُلٌّ ضَامِنٌ لِلنِّصْفِ فَقَطْ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ صَحَّ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الضَّامِنِ، بَلْ هُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَ مَحَلُّهُ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: لَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ إلَّا إنْ عَجَزَ الْأَصِيلُ، وَلَوْ طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ، فَقِيلَ لَهُ: اذْهَبْ إلَى الْأَصِيلِ فَطَالِبْهُ. فَقَالَ: لَا حَقَّ لِي عِنْدَهُ فَإِنْ جَهِلَ إسْقَاطَ حَقِّهِ بِذَلِكَ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ فَحَقُّهُ بَاقٍ، وَإِلَّا سَقَطَ مُطَالَبَةٌ لَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ:(لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) وَمِثْلُهُ الْكَفَالَةُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَبْرَأَ) أَيْ أَبْرَأَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْأَصِيلَ مِنْ الدَّيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَدَّى الْأَصِيلُ إلَيْهِ دَيْنَهُ، وَإِنْ أَحَالَ بِهِ أَوْ اعْتَاضَ عَنْهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، بَرِئَ الضَّمَانُ وَإِنْ تَعَدَّدَ عَنْ الْأَصِيلِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ فُرُوعُ الْأَصِيلِ، وَقَدْ حَصَلَتْ بَرَاءَتُهُ. قَوْلُهُ:(أَيْ لَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنَ) أَيْ لَوْ أَبْرَأَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الضَّامِنَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعَكْسِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الدَّيْنِ فِيمَا قَبْلَهُ وَلَا يُنَافِيهِ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الضَّامِنِ بِذَلِكَ إسْقَاطٌ لَهَا فَحَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الضَّمَانِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. نَعَمْ إنْ قَصَدَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَ إبْرَاءِ الضَّامِنِ إسْقَاطَ الدَّيْنِ عَنْ الْأَصِيلِ سَقَطَ وَمَتَى بَرِئَ ضَامِنٌ بِإِبْرَاءٍ بَرِئَتْ فُرُوعُهُ فَقَطْ، أَوْ بِأَدَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ وَنَحْوِهَا بَرِئَ الْأَصِيلُ، وَجَمِيعُ الضَّامِنِينَ، وَلَوْ أَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ: الضَّامِنَ بَرِيءَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ إنْ قَصَدَ إبْرَاءَهُ وَإِلَّا فَإِنْ قَبِلَ بَرِئَ، وَإِلَّا فَلَا وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَحِقُّ فِي عَدَمِ قَبُولِ الضَّامِنِ، قَوْلُهُ:(فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ) أَوْ وَلِيُّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا وَفَائِدَةُ الْمُطَالَبَةِ إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَتَفْسِيقُهُ لَوْ امْتَنَعَ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ.
قَوْلُهُ: (لَا يُطَالِبُهُ) أَيْ إنَّ الضَّامِنَ لَا يُطَالِبُ الْأَصِيلَ بِتَخْلِيصِهِ، وَلَا يُطَالِبُ الْمَضْمُونَ لَهُ بِأَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ أَوْ يُبْرِئَهُ مِنْ الضَّمَانِ. نَعَمْ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي أَوْ تُبْرِئَنِي. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ رَهَنَ، الْأَصِيلُ عِنْدَ الضَّامِنِ شَيْئًا بِمَا
ــ
[حاشية عميرة]
الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ الْتَزَمَهُ إلَخْ) وَلِئَلَّا يَثْبُتَ لِلْفَرْعِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) أَيْ فَصَارَ ذَلِكَ. كَمَا لَوْ الْتَزَمَ عِتْقَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ أَوْ مُؤْمِنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمُسْتَحِقِّ) هُوَ شَامِلٌ لِلْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ إلَخْ) لِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَالَ لَهُ قَدْ وَفَّى اللَّهُ حَقَّ الْغَرِيمِ وَبَرِئَ الْمَيِّتُ» ، وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ صُدُورُ عِلْمٍ، فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ دِرْهَمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا عَكْسَ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ. قَالَ: فَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُكَ عَنْ الدَّيْنِ بَرِئَا لِاتِّحَادِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ (فَلَهُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى تَغْرِيمِهِ إذَا غَرِمَ. قَوْلُهُ:
انْتَفَى فِيهِمَا فَلَا) رُجُوعَ (وَإِنْ أَذِنَ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي الْأَدَاءِ (رَجَعَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ الْغُرْمِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: الْغُرْمُ حَصَلَ بِغَيْرِ إذْنٍ (وَلَا عَكْسَ) ، أَيْ لَا رُجُوعَ فِي الْعَكْسِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ فَقَطْ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ (وَلَوْ أَدَّى مُكَسَّرًا عَنْ صِحَاحٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةِ ثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ) وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ وَالْمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا بِمَا فَعَلَ وَالْمُسَامَحَةُ جَرَتْ مَعَهُ.
(وَمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ فَلَا رُجُوعَ) لَهُ عَلَيْهِ، (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِي الْأَدَاءِ (بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ) عَلَيْهِ، (وَكَذَا إنْ أَذِنَ مُطْلَقًا) عَنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ يَرْجِعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعُرْفِ، وَالثَّانِي قَالَ: لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْأَدَاءِ الرُّجُوعُ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُصَالَحَتَهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآذِنِ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ وَقَدْ فَعَلَ، وَالثَّانِي تُمْنَعُ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْمُصَالَحَةِ، وَعَلَى الرُّجُوعِ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ
ــ
[حاشية قليوبي]
ضَمِنَهُ، أَوْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْأَصِيلُ مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ مَا ضَمِنَهُ عَنْهُ مِنْهُ كَانَ وَكِيلًا، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ. قَوْلُهُ:(وَلِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ جِهَةِ الضَّمَانِ، وَلَمْ يُؤَدِّ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ عَبْدًا عَنْ سَيِّدِهِ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهُ أَوْ سَيِّدًا أَدَّى عَنْ عَبْدِهِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا قَبْلَ تَعْجِيزِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَا أَدَّاهُ خَمْرَ الذِّمِّيِّ عَنْ دَيْنٍ ضَمِنَهُ لَهُ عَنْ مُسْلِمٍ، وَقُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ مِنْ سُقُوطٍ لِدَيْنٍ فَلَا رُجُوعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُ لَوْ لَمْ يَغْرَمْ الْمَفْهُومُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْغَارِمِ، بِأَنْ أَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ نَذَرَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَمْ يَرْجِعْ أَيْضًا، كَذَا قَالُوا وَفِي صِحَّةِ النَّذْرِ نَظَرٌ وَكَذَا لَا رُجُوعَ لَوْ أَنْكَرَ الضَّمَانَ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ وَغَرِمَ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ. قَوْلُهُ:(رَجَعَ) أَيْ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ نَهَاهُ عَنْهُ، أَوْ عَنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ، وَقِيلَ فِي النَّهْيِ: لَا يَرْجِعُ قَطْعًا وَلَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إلَّا مَنْ وَلِيٍّ أَدَّى عَنْ مَحْجُورِهِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ بَعْدَ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ، رَجَعَ إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(أَوْ صَالَحَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ فَيَرْجِعُ بِالْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِمَا غَرِمَ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ يَرْجِعُ بِالْأَصْلِ، وَلَوْ أَدَّى مِثْلَ الْمَضْمُونِ رَجَعَ بِهِ، وَلَوْ مُتَقَوِّمًا كَالْقَرْضِ. قَوْلُهُ:(وَالْمُسَامَحَةُ جَرَتْ مَعَهُ) أَيْ عَنْهُ وَعَنْ الْأَصِيلِ. تَنْبِيهٌ حَوَالَةُ الضَّامِنِ لِلْمُسْتَحَقِّ وَحَوَالَةُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى الضَّامِنِ، وَارِثُ الضَّامِنِ لِلْمَضْمُونِ كَالْأَدَاءِ إلَّا فِيمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (فَلَا رُجُوعَ) وَإِنْ نَوَاهُ إلَّا فِي وَلِيٍّ عَنْ مَحْجُورِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَذِنَ مُطْلَقًا) فَيَرْجِعُ إنْ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُؤَدِّي ضَمَانٌ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْإِذْنِ السَّابِقِ كَمَا مَرَّ. وَمِثْلُ الْإِذْنِ الْمُطْلَقِ فِي الرُّجُوعِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ عَبْدِي أَوْ اعْلِفْ دَابَّتِي وَكَذَا أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ، عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِخِلَافِ أَطْعِمْنِي رَغِيفًا أَوْ اغْسِلْ ثِيَابِي لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَكَذَا بِعْ لِهَذَا بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ لَكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ. قَوْلُهُ:(يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ) إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِلَّا رَجَعَ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. بِقَوْلِهِ: كَالضَّامِنِ وَفِي الْحَوَالَةِ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّهَا كَالْأَدَاءِ نَعَمْ لَوْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الضَّامِنِ، وَأَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا يَرْجِعُ بِهِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ
ــ
[حاشية عميرة]
وَالثَّانِي) أَيْ كَمَا أَنَّ الْمُعِيرَ لِلرَّهْنِ يُطَالَبُ بِتَخْلِيصِهِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَلَا) يَدُلُّ عَلَيْهِ «صَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَيِّتِ لِمَا ضَمِنَهُ أَبُو قَتَادَةَ» ، إذْ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَالدَّيْنُ بَاقٍ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالضَّامِنُ قَدْ يُؤَدِّي وَقَدْ لَا يُؤَدِّي، فَلَمْ يَقَعْ الْإِذْنُ فِي شَيْءٍ يُوجِبُ الْغُرْمَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَوْ أَدَّى إلَخْ) لَوْ قَالَ: بِعْتُك الثَّوْبَ بِمَا ضَمِنْتُهُ لَك. رَجَعَ بِالدَّيْنِ لَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا رُجُوعَ) أَيْ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى دَوَابِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَجَعَ) لِحَدِيثِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ اغْسِلْ ثَوْبِي إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ الْمُسَامَحَةُ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُصَالَحَتَهُ) لَمْ يَجُرَّ هَذَا
كَالضَّامِنِ. (ثُمَّ إنَّمَا يَرْجِعُ الضَّامِنُ وَالْمُؤَدِّي إذَا أَشْهَدَ بِالْأَدَاءِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَكَذَا رَجُلٌ) أَشْهَدَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (لِيَخْلُفَ مَعَهُ) فَيَكْفِي (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ وَالثَّانِي يَقُولُ: قَدْ يَتَرَافَعَانِ إلَى حَنَفِيٍّ لَا يَقْضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، (فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ) أَيْ الضَّامِنُ بِالْأَدَاءِ أَوْ أَنْكَرَهُ رَبُّ الدَّيْنِ (فَلَا رُجُوعَ) لَهُ (وَإِنْ أَدَّى فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ وَكَذَّبَهُ، وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِأَدَائِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى تَصْدِيقِهِ (فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ لَهُ) مَعَ تَكْذِيبِ الْأَصِيلِ (أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ) مَعَ تَكْذِيبِ الْمَضْمُونِ لَهُ (رَجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ الرَّاجِحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ فِي الْأُولَى وَعِلْمِ الْأَصِيلِ بِالْأَدَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّانِي فِي الْأُولَى يَقُولُ: تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى الْأَصِيلِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَقُولُ: لَمْ يَنْتَفِعْ الْأَصِيلُ بِالْأَدَاءِ لِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ فِي الضَّامِنِ الْمُؤَدِّي فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ. .
ــ
[حاشية قليوبي]
إلَيْهِ. وَخَرَجَ بِصَالِحٍ مَا لَوْ بَاعَهُ بِهِ فَيَرْجِعُ بِالْأَصْلِ كَمَا مَرَّ. مِنْ قَوْلِهِ: (فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ) أَوْ كَذَّبَهُ الشُّهُودُ أَوْ قَالُوا: لَا نَدْرِي وَكَذَا لَوْ ادَّعَى غَيْبَةَ الشُّهُودِ أَوْ فِسْقَهُمْ أَوْ مَوْتَهُمْ، وَكَذَّبَهُ الْأَصِيلُ وَحَلَفَ فَإِنْ صَدَّقَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَدَّى مَرَّةً بِلَا إشْهَادٍ وَمَرَّةً بِإِشْهَادٍ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ:(وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَصَحِّ) نَعَمْ إنْ أَمَرَهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ رَجَعَ قَطْعًا أَوْ بِإِشْهَادٍ لَمْ يَرْجِعْ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ إلَخْ) هِيَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعُذْرُهُ فِي إخْرَاجِهَا نَظَرُهُ لِلظَّاهِرِ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَصِيلِ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: إنَّهَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ. فَرْعٌ بَاعَ مِنْ اثْنَيْنِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمَا، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ أَوْ يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ سَالِمًا أَوْ دَلَالَةً وَثَمَنًا وَإِنْ كَانَتْ الدَّلَالَةُ مَعْلُومَةً قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ سم عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْمَعْلُومَةِ، وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْكُلَّ ثَمَنًا فَرَاجِعْهُ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ.
ــ
[حاشية عميرة]
الْخِلَافُ فِي مُصَالَحَةِ الضَّامِنِ؛ لِأَنَّهُ صَالَحَ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا مَاتَ الشَّاهِدُ أَوْ غَابَ أَوْ رُفِعَتْ الْخُصُومَةُ لِحَنَفِيٍّ، أَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَشَهِدَ وَحَلَفَ مَعَهُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِلَا خِلَافٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ) إنَّمَا جَعَلَ الشَّارِحُ فَاعِلَهُ خَاصًّا بِالضَّامِنِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَدِّيَ بِغَيْرِ ضَمَانٍ حُكْمُهُ كَذَلِكَ كَمَا سَيَجِيءُ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي: الْمَضْمُونُ لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ صَدَّقَهُ) لَوْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ لَمْ يَرْجِعْ جَزْمًا، وَهُوَ ظَاهِرُ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ السُّكُوتِ.