المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الصِّيَامِ (يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (أَوْ - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ٢

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ

- ‌[شُرُوط وُجُوب زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاة التِّجَارَةُ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى الْفَوْرِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ: وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ

- ‌[طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ الصَّائِم]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ

- ‌فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ

- ‌[فَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) بِالصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌(وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ

- ‌[فَصْلُ إذَا نَذَرَ الْمُعْتَكِف مُدَّةً مُتَتَابِعَةً]

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[شَرْط صِحَّة الْحَجّ]

- ‌[شَرْطُ وُجُوب الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ

- ‌(وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[فَصْلُ الْمُحْرِمِ يَنْوِي الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ

- ‌فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَصَلَاتِهِ اسْتِحْبَابًا

- ‌[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ: وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌فَصْلُ إذَا عَادَ بَعْدَ الطَّوَافِ يَوْمَ النَّحْرِ (إلَى مِنًى

- ‌فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌(وَشَرْطُ الْعَاقِدِ)

- ‌ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ) وَكُتُبَ الْحَدِيثِ

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ

- ‌[بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌[بَيْع الْمُلَامَسَةُ]

- ‌[بَيْع الْمُنَابَذَةُ]

- ‌ مُقْتَضَى الْعَقْدِ

- ‌ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ الْعُقُودُ مَعَهَا

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌فَصْلٌ: بَاعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (خَلًّا وَخَمْرًا

- ‌[بَيْعُ الْعُرْبُونِ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ

- ‌[فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ عَلَى الْآخَرِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِ مَنْ شَرَطَهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُمَا]

- ‌فَصْلٌ التَّصْرِيَةُ حَرَامٌ

- ‌[بَاب الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِع فَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ]

- ‌بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ

- ‌ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ

- ‌ بَيْعُ (الْمُحَاطَةِ

- ‌بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ شَجَرَةً رَطْبَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ]

- ‌ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ

- ‌[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌بَابٌ: فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌ السَّلَمُ (حَالًا وَمُؤَجَّلًا)

- ‌فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ

- ‌[فَرْعٌ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ]

- ‌ السَّلَمُ (فِي) اللَّحْمِ

- ‌ السَّلَمُ (فِي مُخْتَلِفٍ كَبُرْمَةٍ

- ‌[التَّمْرِ فِي السَّلَمِ]

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ

- ‌[فَرْعٌ السَّلَمُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ]

- ‌فَصْلٌ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَبْدَلَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَيْرُ جِنْسِهِ كَالشَّعِيرِ عَنْ الْقَمْحِ

- ‌فَصْلٌ الْإِقْرَاضُ

- ‌ إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) مِنْ حَيَوَانٍ

- ‌فَرْعٌ: أَدَاءُ الْقَرْضِ فِي الصِّفَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌ رَهْنُ الْمَشَاعِ)

- ‌ رَهْنُ (الْأُمِّ) مِنْ الْإِمَاءِ

- ‌(وَرَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ

- ‌(وَرَهْنُ الْمُدَبَّرِ)

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ

- ‌[الرَّهْنُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ]

- ‌ الرَّهْنُ (بِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ)

- ‌ مَاتَ الْعَاقِدُ) الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ (قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ جُنَّ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ)

- ‌فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ أَيْ الْمَرْهُونِ (لِلْمُرْتَهِنِ

- ‌[وَمُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ]

- ‌ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ)

- ‌[فَصْلٌ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِالْقَتْلِ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ أَيْ أَصْلِهِ كَأَنْ قَالَ رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ أَوْ قَدْرِهِ]

- ‌فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌[فَصْلٌ يُبَادِرُ الْقَاضِي اسْتِحْبَابًا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ بِبَيْعِ مَالِهِ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ]

- ‌بَابُ الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ

- ‌[فَصْل الطَّرِيق النَّافِذُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرّ الْمَارَّة فِي مُرُورِهِمْ]

- ‌بَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌بَابُ الضَّمَانِ

- ‌(وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ)

- ‌[فَصْلٌ كَفَالَةِ الْبَدَنِ]

- ‌تَتِمَّةٌ فِي ضَمَانِ الْأَعْيَانِ

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ

- ‌كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌[بِمَا تَنْفَسِخ الشَّرِكَة]

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌(وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ

- ‌[التَّوْكِيلُ فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ]

- ‌[فَصْل الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ]

- ‌فَصْلٌ قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ (أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ)

- ‌فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الصِّيَامِ (يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (أَوْ

‌كِتَابُ الصِّيَامِ

(يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (أَوْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا بُدَّ فِي الْوُجُوبِ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ) تَحْصُلُ (بِعَدْلٍ) قَالَ «ابْنُ عُمَرَ: أَخْبَرْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَصَامَ وَأَمَرَ

ــ

[حاشية قليوبي]

كِتَابُ الصِّيَامِ

اخْتَارَهُ عَلَى الصَّوْمِ الْمُجَرَّدِ لِإِفَادَةِ الزِّيَادَةِ الْقَلِيلَةِ التَّغْيِيرِ لِلْيَاءِ وَهُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ وَلَوْ عَنْ نَحْوِ الْكَلَامِ وَمِنْهُ: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أَيْ سُكُوتًا. وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ جَمِيعَ النَّهَارِ. وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَشَهْرُهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِخِلَافِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ. وَقِيلَ: إنَّهُ الْمَفْرُوضُ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ إلَّا أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَضَلَّتْهُ فَالْخُصُوصِيَّةُ فِي تَعْيِينِهِ. قَوْلُهُ: (رَمَضَانَ) مِنْ الرَّمَضِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ لِوُجُودِهِ عِنْدَ وَضْعِ اسْمِهِ مِنْ الْعَرَبِ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ وَضَعُوا اللُّغَةَ، وَقَدْ سَمَّوْا كُلَّ شَهْرٍ بِصِفَةٍ مِمَّا فِي زَمَنِهِ حَالَ وَضْعِهِ كَمْ سَمَّوْا الرَّبِيعَيْنِ لِوُجُودِ زَمَنِ الرَّبِيعِ عِنْدَهُمَا. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ بِدُونِ لَفْظِ شَهْرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِمَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَثْبُتْ كَمَا أَنْكَرَهُ النَّوَوِيُّ. قَوْلُهُ:(بِإِكْمَالِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِكَمَالِ وَهِيَ الْأَنْسَبُ اخْتِصَارًا وَمَعْنًى إلَّا أَنْ يُفَسَّرَ الْإِكْمَالُ بِالْحِسَابِ. قَوْلُهُ: (شَعْبَانَ) جَمْعُهُ شَعْبَانَاتٌ يُقَالُ شَعَّبْت الشَّيْءَ جَمَعْته وَشَعَّبْته أَيْضًا فَرَّقْته فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ وَالْعَرَبُ كَانَتْ تَجْتَمِعُ فِيهِ لِلْقِتَالِ بَعْدَ رَجَبٍ وَتُفَرِّقُ فِيهِ النَّهْبَ وَالْأَمْوَالَ وَتَتَفَرَّقُ فِيهِ لِأَخْذِ الثَّأْرِ.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثِينَ) وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه يَجِبُ الصَّوْمُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ عِنْدَ الْغَيْمِ. قَوْلُهُ: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ يَحْتَمِلُهَا اللَّفْظُ بِحَسَبِ ذَاتِهِ أَحَدُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَ ضَمِيرُ صُومُوا وَرُؤْيَتِهِ عَلَى الْكُلِّيَّةِ فِيهِمَا كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ إذَا رَأَى دُونَ غَيْرِهِ أَوْ حُمِلَ عَلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ لِرُؤْيَةِ وَاحِدٍ أَوْ عَكْسُهُ. كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ وَاحِدٌ لِرُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ ثَانِيهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ عَلَى مَا هُوَ بِالْبَصَرِ كَانَ الْمَعْنَى مِنْ أَبْصَرَهُ يَصُومُ دُونَ غَيْرِهِ كَالْأَعْمَى. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ عَلَى الْعِلْمِ دَخَلَ التَّوَاتُرُ وَخَرَجَ خَبَرُ الْعَدْلِ رَابِعُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ دَخَلَ خَبَرُ الْمُنَجِّمِ، خَامِسُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى إمْكَانِهَا دَخَلَ طَلَبُ الصَّوْمِ إذَا غُمَّ وَكَانَ بِحَيْثُ يُرَى. سَادِسُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى وُجُودِهِ لَزِمَ طَلَبُ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِأَنْ أَخْبَرَ الْمُنَجِّمُ أَنَّ لَهُ قَوْسًا لَا يُرَى. سَابِعُهَا: أَنَّهُ إنْ جُعِلَ ضَمِيرُ صُومُوا لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ وَرُؤْيَتِهِ لِبَعْضِهِمْ لَزِمَ صَوْمُ كُلِّهِمْ لِرُؤْيَةِ بَعْضِهِمْ وَلَوْ وَاحِدًا عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ. ثَامِنُهَا: أَنَّ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ تَأْتِي فِي الْفِطْرِ بِقَوْلِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ.

تَاسِعُهَا: أَنَّ ضَمِيرَ رُؤْيَتِهِ عَائِدٌ لِهِلَالِ رَمَضَانَ فِيهِمَا وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الثَّانِي. عَاشِرُهَا: أَنَّ مَعْنَى غُمَّ اسْتَتَرَ بِالْغَمَامِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَيْرِهِ وَيَأْتِي فِي ضَمِيرِ عَلَيْكُمْ مَا فِي ضَمِيرِ صُومُوا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ فَرَاجِعْ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنْ تُحْمَلَ الرُّؤْيَةُ عَلَى إمْكَانِهَا فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ مِمَّا يُفْهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَلَا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ، تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَأَكْمِلُوا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ لَوْ تَبَيَّنَ الْحَالُ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي غُمَّ فِيهِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (عِنْدَ

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ الصِّيَامِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ إلَخْ) أَفْهَمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَيْنِ عَدَمَ الْوُجُوبِ بِغَيْرِهِمَا، كَإِخْبَارِ الْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ بَلْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمَا اعْتِمَادُهُمَا، وَيَجُوزُ لَهُمَا الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، وَلَا يُجْزِئُهُمَا عَنْ فَرْضِهِمَا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ تَأَتِّي الْحُكْمِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَوَسَّطُ بِمُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (تَحْصُلُ) أَيْ تَكْفِي

ص: 62

النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ

(وَفِي قَوْلٍ) يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ (عَدْلَانِ) كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ (وَشَرْطُ الْوَاحِدِ صِفَةُ الْعُدُولِ فِي الْأَصَحِّ لَا عَبْدٌ وَامْرَأَةٌ) فَلَيْسَا مِنْ الْعُدُولِ فِي الشَّهَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْعَدْلِ فَيُصَدَّقُ بِهَا وَبِالرِّوَايَةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهَا، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ أَوْ رِوَايَةٌ، فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَثْبُتُ بِهِ عَلَى الثَّانِي، وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ.

وَفِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ فِيهِ وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ فِيهَا إلَى أَقْوَالِ الْمُزَكِّينَ وَجْهَانِ، وَيُشْتَرَطُ عَلَى قَوْلِ الْعَدْلَيْنِ جَزْمًا، وَعَلَيْهِ لَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْعَبِيدِ جَزْمًا، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أَوْ مُغَيِّمَةً. وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا نُوقِعُ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ الْمُعَلَّقَيْنِ بِهِلَالِ رَمَضَانَ، وَلَا نَحْكُمُ بِحُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إلَيْهِ. وَعَلَى أَنَّهُ رِوَايَةٌ قَالَ الْإِمَامُ وَابْنُ الصَّبَّاغِ: إذَا أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ لَزِمَ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ قَالُوا: يَجِبُ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْقَاضِي) وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي أَوْ حَكَمْت بِهِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَيْسَ هَذَا حُكْمًا حَقِيقَةً لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا وَقَعَ بِوُجُودِ الْهِلَالِ، وَلُزُومُ الصَّوْمِ نَاشِئٌ عَنْهُ وَتَابِعٌ لَهُ وَلَا يَحْكُمُ قَاضِي الضَّرُورَةِ بِعِلْمِهِ، بَلْ يَشْهَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ) لِلصَّوْمِ وَكَذَا لِلْفِطْرِ وَالْحَجِّ وَالنَّذْرِ وَكُلِّ عِبَادَةٍ، وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ كَافِرٍ شَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ لِلْإِرْثِ مِنْهُ لَا نَحْوُ عِتْقٍ وَطَلَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(بِعَدْلٍ) لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: فَكُلُّ مَا أَفَادَ الظَّنَّ كَذَلِكَ فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ، وَمِنْهُ خَبَرُ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَلَوْ عَنْ الْعَدْلِ لِمَنْ وَثِقَ بِهِ أَوْ صَدَّقَهُ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ فَاسِقًا. وَمِنْهُ حِسَابُ الْمُنَجِّمِ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ صَدَّقَهُ، بَلْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: إنَّهُ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ الْقَطْعِيُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْعَدْلِ لِرُؤْيَتِهِ، وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ بِهَا انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَمُخَالَفَةُ ذَلِكَ مُعَانَدَةٌ وَمُكَابَرَةٌ، وَمِنْ الظَّنِّ الِاجْتِهَادُ فِي نَحْوِ أَسِيرٍ أَوْ مَحْبُوسٍ لَا فِي أَهْلِ بَلَدٍ قَرُبَ عَهْدُهُمْ بِالْإِسْلَامِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ فِيهِمْ مِنْ رُؤْيَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفِطْرُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَلَوْ فِي الصَّحْوِ مَا لَمْ يَقْطَعْ بِعَدَمِهِ. وَمِنْهُ سَمَاعُ الطُّبُولِ وَضَرْبِ الدُّفُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْتَادُ فِعْلُهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَآخِرَهُ، وَمِنْهُ رُؤْيَةُ الْقَنَادِيلِ الْمُعْتَادَةِ فَإِنْ طَفِئَتْ بَعْدَ النِّيَّةِ ثُمَّ أُعِيدَتْ كَمَا يَقَعُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ فِي ثُبُوتِهِ صَحَّ صَوْمُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِزَوَالِهَا أَوْ عَلِمَ بِهِ وَنَوَى بَعْدَ إعَادَتِهَا وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَلِمَ غَيْرُ الْقَاضِي فَسَقَ الشَّاهِدُ عِنْدَهُ أَيْ أَوْ كَذَّبَهُ فِي رُؤْيَتِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ: وَالْمُحَكِّمُ كَالْحَاكِمِ لِمَنْ رَضِيَ بِهِ، وَلَوْ رَجَعَ الْعَدْلُ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الصَّوْمِ وَلَا الْفِطْرِ آخِرًا، وَإِنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَكَانَ صَحْوًا وَقَبْلَهُمَا يُؤَثِّرُ فَلَا يَصِحُّ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ فِي أَثْنَاءِ رَمَضَانَ كَأَوَّلِهِ. قَوْلُهُ:(وَإِطْلَاقُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَشَرْطُ الْوَاحِدِ إلَخْ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ الْعَدْلِ غُنْيَةً عَنْهُ. قَوْلُهُ:(وَالْمَرْأَةُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهَّمَ شُمُولِ الْعُدُولِ لَهَا لِقَبُولِ شَهَادَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهَا) أَيْ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَضَمُّ الْيَمِينِ إلَيْهِ مُؤَكَّدٌ لَا شَاهِدَ آخَرُ. قَوْلُهُ: (الشَّهَادَةُ حِسْبَةٌ) أَيْ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْ ضَرُورَةً. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا تُشْتَرَطُ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْعَدْلِ: إنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الرُّؤْيَةُ.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا يَكْفِي مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَلَا اعْتِبَارَ) غَايَرَ بَيْنَهُمَا لِقَبُولِ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فِي الْجُمْلَةِ.

فَرْعٌ: تَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (الْمُعَلَّقَيْنِ) أَيْ بِغَيْرِ الثُّبُوتِ وَتَقَدَّمَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعَدْلٍ) لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ ثَبَتَ بِعَدْلٍ أَيْضًا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعَدْلَ أَيْضًا يُغْنِي عَنْ الْعُدُولِ آخِرًا. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقَالُ فِيهَا صِفَةُ الشُّهُودِ، فَإِنْ قُلْت وَكَذَا الرَّجُلُ لَا يُقْبَلُ وَحْدَهُ، قُلْت مُرَادُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ، وَأَمَّا الْيَمِينُ فَلَيْسَتْ شَهَادَةً فَصُدِّقَ أَنَّهُ قُبِلَ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَهَادَةٍ أُخْرَى وَلَا يَكْفِي مَعَهَا يَمِينٌ. قَوْلُهُ:(وَجْهَانِ) رَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَبُولَ الْمَسْتُورِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الصَّحِيحَ هُنَا أَنَّهَا شَهَادَةٌ اهـ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا صُمْنَا ثَلَاثِينَ وَلَمْ نَرَهُ فَلَا بُدَّ الْآنَ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ. قَالَ فَتَأَمَّلُوا تَرْشُدُوا اهـ قَوْلُهُ: (لَا مَدْخَلَ وَلَا اعْتِبَارَ) غَايَرَ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (لَا نُوقِعُ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ) لَوْ صَدَرَ التَّعْلِيقُ وَنَحْوُهُ

ص: 63

الصَّوْمُ وَلَمْ يُفَرِّعُوهُ عَلَى شَيْءٍ. (وَإِذَا صُمْنَا بِعَدْلٍ وَلَمْ نَرَ الْهِلَالَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ أَفْطَرْنَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الشَّهْرَ يَتِمُّ بِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ. وَالثَّانِي لَا نُفْطِرُ لِأَنَّهُ إفْطَارٌ بِوَاحِدٍ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِلَالِ شَوَّالٍ وَاحِدٌ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الشَّيْءَ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَقْصُودًا وَقَوْلُهُ:(إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي حَالَتَيْ الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ. وَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِالْإِفْطَارِ فِي حَالَةِ الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ

(وَإِذَا رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ دُونَ الْبَعِيدِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْزَمُ فِي الْبَعِيدِ أَيْضًا. (وَمَسَافَةُ الْبَعِيدِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَقِيلَ) الْبَعِيدُ (بِاخْتِلَافِ الْمُطَالِعِ، قُلْت: هَذَا أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ أَمْرَ الْهِلَالِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ: اعْتِبَارُ الْمُطَالِعِ يُحْوِجُ إلَى حِسَابِ وَتَحْكِيمِ الْمُنَجِّمِينَ، وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ تَأْبَى، ذَلِكَ بِخِلَافِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الَّتِي عَلَّقَ الشَّرْعُ بِهَا كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي اتِّفَاقِ الْمُطَالِعِ لَمْ يَجِبْ الصَّوْمُ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا

ــ

[حاشية قليوبي]

عَلَيْهَا وَكَانَ مِنْ غَيْرِ الرَّائِي وَإِلَّا وَقَعَا قَوْلُهُ: (صَدَّقَهُ) أَيْ الْمَوْثُوقُ بِهِ، وَكَذَا غَيْرُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(أَفْطَرْنَا) أَيْ وُجُوبًا وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ أَوْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى رُؤْيَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ مَنْ صَامَ بِخَبَرِ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ بِحِسَابِهِ أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ، أَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لِهَؤُلَاءِ إخْفَاءُ فِطْرِهِمْ. وَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُ مَا أَظْهَرَهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ. وَإِذَا ظَنَّ هَذَا وَجَبَ الْإِخْفَاءُ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ.

فَرْعٌ: تَرَدَّدَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ سُؤَالُ مَنْ ظَنَّ مِنْ الرُّؤْيَةِ أَوْ عَلِمَ بِحِسَابِهِ فَرَاجِعْهُ. وَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ بِإِخْبَارِ الْمَعْصُومِ فِي النَّوْمِ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ أَفْعَالَهُ

. قَوْلُهُ: (رُئِيَ) لَوْ قَالَ ثَبَتَ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَهُوَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِلَالِ شَوَّالٍ وَاحِدٌ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ عَدَمَ الْفِطْرِ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ. وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْبَعِيدُ) ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَغَارِبِ. وَالْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ طُلُوعُ الشَّمْسِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ الْكَوَاكِبِ أَوْ غُرُوبُ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ مُتَقَدِّمًا عَلَى مِثْلِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فَتَتَأَخَّرُ رُؤْيَتُهُ فِي بَلَدٍ عَنْ رُؤْيَتِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَوْ تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ مُسَبَّبٌ عَنْ اخْتِلَافِ عُرُوضِ الْبِلَادِ أَيْ بُعْدِهَا عَلَى خَطِّ الِاسْتِوَاءِ وَأَطْوَالِهَا أَيْ بُعْدِهَا عَنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ الْغَرْبِيِّ فَمَتَى تَسَاوَى طُولُ بَلَدَيْنِ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي أَحَدِهِمَا رُؤْيَتُهُ فِي الْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ عَرْضُهُمَا أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ شُهُورٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي أَقْصَى الْجَنُوبِ وَالْآخَرُ فِي أَقْصَى الشَّمَالِ. وَمَتَى اخْتَلَفَ طُولُهُمَا بِمَا سَيَأْتِي امْتَنَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ وَلَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الْبَلَدِ الشَّرْقِيِّ رُؤْيَتُهُ فِي الْبَلَدِ الْغَرْبِيِّ دُونَ الْعَكْسِ. كَمَا فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ فَيَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي مَكَّةَ رُؤْيَتُهُ فِي مِصْرَ لَا عَكْسُهُ، لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ مِنْ أَفْرَادِ الْغُرُوبِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ. وَمَا ذَكَرَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَعَنْ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ اخْتِلَافُ الْمُطَالِعِ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَنِصْفُهَا وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بَلْ بَاطِلٌ. وَكَذَا قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّهَا تَحْدِيدٌ كَمَا عَلِمْت.

تَنْبِيهٌ: اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ وَاخْتِلَافُ الْمُطَالِعِ مُعْتَبَرٌ بَيْنَ كُلِّ بَلَدٍ وَأُخْرَى بَعِيدَةٍ عَنْهَا بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ مَثَلًا فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَلْزَمُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُطَالِعِ دُخُولُ الْبَلَدِ الْقَرِيبِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ وَخُرُوجُ الْبَعِيدِ عَنْهُ خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ قَالَ إلَخْ) وَأَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ وَالْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي التَّوَابِعِ وَالْأُمُورِ الْخَاصَّةِ انْتَهَى. وَفِي الْجَوَابِ تَسْلِيمٌ لِمَا قَالَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا يَصِحُّ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَلَا يُمْكِنُ اخْتِلَافُ

ــ

[حاشية عميرة]

بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ عُوِّلَتَا عَلَيْهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُصْحِيَةً) يُقَالُ أَصْحَتْ السَّمَاءُ إذَا انْقَشَعَ الْغَيْمُ عَنْهَا

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ) احْتَرَزَ عَمَّا إذَا أَوْجَبْنَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَهْلَ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مُوَافَقَتُهُ إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ رُؤْيَتُهُ فِي الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ عَنْهَا، أَمَّا بِقَوْلِهِ أَوْ بِطَرِيقٍ آخَرَ وَيَقْضُونَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ لَزِمَهُ هُوَ الْفِطْرُ، كَمَا لَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي بَلَدِ الرُّؤْيَةِ وَقْتَ الْغُرُوبِ لَا أَوَّلَ الصَّوْمِ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ اهـ.

وَقَوْلُهُ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ مِثْلُهَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ كَانَ فِي مَكَان

ص: 64

لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ. (وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ عَلَى) أَهْلِ (الْبَلَدِ الْآخَرِ) وَهُوَ الْبَعِيدُ لِكَوْنِهِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ لِاخْتِلَافِ الْمُطَالِعِ (فَسَافَرَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ فِي الصَّوْمِ آخِرًا) لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ. وَالثَّانِي يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الْأَوَّلِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ. (وَمَنْ سَافَرَ مِنْ الْبَلَدِ الْآخَرِ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَقَضَى يَوْمًا) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ، وَهِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا عَيَّدُوا التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِ، وَذَلِكَ شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَإِذَا أَفْطَرَ قَضَى يَوْمًا إذَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَسُكُوتُهُ فِي الْمِنْهَاجِ عَنْ ذَلِكَ لِلْعَمَلِ بِهِ. (وَمَنْ أَصْبَحَ مُعَيِّدًا فَسَارَتْ سَفِينَتُهُ إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ أَهْلُهَا صِيَامٌ فَالْأَصَحُّ) مِنْ وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ أَيْضًا (أَنَّهُ يُمْسِكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ) . وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إمْسَاكُهَا وَتُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِ أَهْلِ الْبَلَدَيْنِ، لَكِنَّ الْمُنْتَقِلَ إلَيْهِمْ لَمْ يَرَوْهُ بِأَنْ يَكُونَ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ لِتَأَخُّرِ ابْتِدَائِهِ بِيَوْمٍ.

ــ

[حاشية قليوبي]

رُؤْيَةٍ عِنْدَهُمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ إلَخْ) فَإِنْ عَيَّدَ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِهِ لَمْ يَقْضِ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (يُوَافِقُهُمْ فِي الصَّوْمِ آخِرًا) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لَوْ أَفْسَدَهُ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَصْلِيٍّ سَوَاءٌ سَافَرَ قَبْلَ أَنْ عَيَّدَ أَوْ بَعْدَهُ، وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ وَلَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ فِيهِ لَوْ وَصَلَ إلَيْهِمْ لَيْلًا. وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ وَالْفِطْرُ آخِرًا كَالصَّوْمِ، فَلَوْ سَافَرَ صَائِمًا فَوَجَدَهُمْ مُفْطِرِينَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ وَالْأَوَّلُ كَالْآخِرِ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ اتَّفَقُوا فِي أَوَّلِ الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَبِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ اخْتَلَفَ الصَّوْمُ فِي الْأَوَّلِ إذْ هُوَ قَدْ عَيَّدَ قَبْلَ سَفَرِهِ وَضَمِيرُ صَوْمِهِمْ عَائِدٌ لِأَهْلِ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَاعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.

فَرْعٌ: قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ الْهِلَالَ نَهَارًا أَيْ فَلَا يَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَيُفْطِرُ وَلَا لِلْمُسْتَقْبَلِ فَيَثْبُتُ رَمَضَانُ مَثَلًا، وَمَنْ اعْتَبَرَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَقْبِلَةِ صَحِيحٌ فِي رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ لَكِنْ لَا أَثَرَ لِكَمَالِ الْعَدَدِ بِخِلَافِهِ يَوْمُ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فَلَا يُغْنِي عَنْ رُؤْيَتِهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ لِلْمُسْتَقْبِلَةِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ.

فَائِدَةٌ: رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ: هِلَالُ رَشَدٍ وَخَيْرٍ مَرَّتَيْنِ، آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا» انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[حاشية عميرة]

لَهُ حُكْمُهَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ فِي الصَّوْمِ) كَذَلِكَ يُوَافِقُهُمْ فِي الْفِطْرِ، بِأَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي بَلَدِ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ سَارَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ فَوَجَدَهُمْ مُعَيِّدِينَ وَسَيَأْتِي عَكْسُهَا فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ:(عَلَى الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ.

قَوْلُهُ: (فِيمَا إذَا عَيَّدُوا التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ عِنْدَهُمْ نَاقِصًا، وَالْغَرَضُ أَنَّهُ سَابِقٌ بَلَدَ الْمُنْتَقِلِ بِيَوْمٍ فَلَمْ يَحْصُلْ لِلْمُنْتَقِلِ سِوَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ، أَمَّا إذَا عَيَّدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِهِ فَإِنَّهُ يُوَافِقُهُمْ، وَلَا قَضَاءَ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَقَدْ صَامَهَا. قَوْلُهُ:(وَذَلِكَ شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ) أَيْ لَا لِلُزُومِ التَّعْيِيدِ مَعَهُمْ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهِ) إنْ كَانَ غَرَضُهُ وَقَضَى وَمَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَمَمْنُوعٌ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ. قَوْلُهُ:(وَمَنْ أَصْبَحَ مُعَيِّدًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الرُّؤْيَةِ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْبَعِيدِ، وَأَنَّ لِلْمُنْتَقِلِ حُكْمَ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ قَوْلُهُ:(عَلَى الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ أَيْضًا لِقَوْلِ الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ تَجْزِئَةَ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِإِيجَابِ إمْسَاكِ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ بَعِيدَةٌ كَذَا قَالُوا. وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ فِيمَا لَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ ثُمَّ سَافَرَ فَوَصَلَ الْبَلَدَ لَيْلًا فَإِنَّهُ يُصْبِحُ صَائِمًا مَعَهُمْ.

تَنْبِيهٌ: يَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْخِلَافِ فِي عَكْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُفْطِرُ مَعَهُمْ وَالثَّانِي لَا. قَوْلُهُ: (وَتُتَصَوَّرُ إلَخْ) وَافَقَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْأُولَى وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَصُورَةٌ بَدَلُهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعَيِّدُ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ، وَأَكْمَلَ الْعِدَّةَ ثُمَّ قَدِمَ يَوْمُ الْعِيدِ عَلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ، وَأَهْلُهَا صِيَامٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ لَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَلَا فِي آخِرِهِ، فَأَكْمَلَ الْعِدَّةَ. قَوْلُهُ:(لَمْ يَرَوْهُ) أَيْ هِلَالَ شَوَّالٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ صَوْمِهِمْ) ظَاهِرُهُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدَيْنِ جَمِيعًا وَحِينَئِذٍ فَصُورَتُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَنْ يَصُومَ كُلٌّ مِنْ الْبَلَدَيْنِ السَّبْتَ مَثَلًا، وَالْحَالُ أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ لَهُمَا الْجُمُعَةُ ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْبَلَدَيْنِ يَرَوْنَ هِلَالَ شَوَّالٍ لَيْلَةَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ، وَهِيَ

ص: 65