الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمِلْكُ لَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَعُقُودُ الْبَيْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ صَحِيحَةٌ، وَقِيلَ لَا لِبُعْدِ أَنْ يَحْصُلَ بِالشَّيْءِ الْوَاحِدِ الْفَسْخُ وَالْعَقْدُ جَمِيعًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) الْوَطْءَ وَمَا بَعْدَهُ (مِنْ الْمُشْتَرِي) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لَهُ أَوْ لَهُمَا (إجَازَةٌ) لِلشِّرَاءِ لِإِشْعَارِهَا بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مَا يَكْتَفِي فِي الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ وَمَسْأَلَتَا الْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ ذَكَرَهُمَا الْوَجِيزُ وَخَلَا عَنْهُمَا الرَّوْضَةُ كَأَصْلِهَا وَهُمَا وَمَسْأَلَةُ الْبَيْعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ قَطْعًا، وَالْإِعْتَاقُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي نَافِذًا عَلَى جَمِيعِ أَقْوَالِ الْمِلْكِ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا غَيْرَ نَافِذٍ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ صِيَانَةً لِحَقِّ الْبَائِعِ عَنْ الْإِبْطَالِ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ نَفَذَ الْعِتْقُ وَإِلَّا فَلَا وَالْوَطْءُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا حَرَامٌ قَطْعًا فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ حَلَالًا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْعَرْضَ) لِلْمَبِيعِ (عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ (لَيْسَ فَسْخًا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا إجَازَةً مِنْ الْمُشْتَرِي) وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ فَسْخٌ وَإِجَازَةٌ مِنْهُمَا لِإِشْعَارِهِ مِنْ الْبَائِعِ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَى الْبَيْعِ وَمِنْ الْمُشْتَرِي بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ إشْعَارَهُ بِذَلِكَ، وَيَقُولُ يُحْتَمَلُ مَعَهُ التَّرَدُّدُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ.
فَصْلٌ: لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَحَرَامٌ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ مِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ وَصَحِيحَةٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ، وَأَذِنَ لَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ قَبْلَ وُجُودِهَا خِلَافًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(وَأَقْوَالِ الْمِلْكِ) الشَّامِلَةِ لِمَا لَوْ كَانَ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ نَافِذٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْبَائِعُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَمَّ الْبَيْعُ نَفَذَ) يُفِيدُ أَنَّ الْعِتْقَ مَوْقُوفٌ كَالْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (حَرَامٌ قَطْعًا) أَيْ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ وَكَانَتْ زَوْجَةً لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَحَلَّ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْخِيَارُ وَعَدَمُهُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا مُطْلَقًا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ حَلَالًا مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ الزَّوْجِيَّةُ. قَوْلُهُ:(وَإِلَّا فَحَرَامٌ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الْعَرْضُ لِلْمَبِيعِ عَلَى الْبَيْعِ) وَكَذَا الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ بِلَا قَبْضِ مَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
تَنْبِيهٌ: الْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْ الْوَطْءِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حُرٌّ نَسِيبٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِلشُّبْهَةِ وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا الْمَهْرُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ إنْ وَطِئَ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْآخَرِ وَحْدَهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ عَلَى مَا مَرَّ سَوَاءٌ تَمَّ الْبَيْعُ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَهُمَا عَلَى الْبَائِعِ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الْمُشْتَرِي إنْ فُسِخَ الْبَيْعُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ كَمَا مَرَّ، وَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ حَيْثُ لَا مَهْرَ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ.
فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ. وَيُقَالُ لَهُ خِيَارُ النَّقِيصَةِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِفَوَاتِ مَقْصُودٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنْ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ أَوْ تَغْرِيرٍ
ــ
[حاشية عميرة]
يَنْبَنِي عَلَى الْمِلْكِ اهـ.
وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ وَكَذَا الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (صَحِيحَةٌ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ:(وَهُمَا إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا عِبَارَةُ السُّبْكِيّ يَصِحُّ الْبَيْعُ إذَا بَاعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَإِذَا بَاعَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافُ هَذَا، ثُمَّ رَاجَعْت الرَّوْضَةَ وَأَصْلَهَا فَرَأَيْت الَّذِي فِيهِمَا كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِضَعْفِ مِلْكِهِ. قَوْلُهُ:(وَالْأَصَحُّ إلَخْ) الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ غَيْرِ الْمَقْبُوضَيْنِ
[فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ]
. فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إلَخْ) .
فِي رَدِّ الْمَبِيعِ (بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ فَيُصَدَّقُ بِالْحَادِثِ قَبْلَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا سَيَأْتِي (كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) بِالْمَدِّ وَجَبِّ ذِكْرِهِ لِنَقْصِهِ الْمُفَوِّتِ لِلْغَرَضِ مِنْ الْفَحْلِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَالْخِصَاءُ فِي الْبَهِيمَةِ عَيْبٌ أَيْضًا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي شَافِيهِ (وَزِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَاسْتَثْنَى الْهَرَوِيُّ فِي الْأَشْرَافِ الصَّغِيرَ (وَبَوْلِهِ بِالْفِرَاشِ) فِي غَيْرِ أَوَانِهِ مَعَ
ــ
[حاشية قليوبي]
فِعْلِيٍّ، وَتَقَدَّمَ الْأَوَّلُ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الثَّانِي وَسَيَأْتِي التَّالِفُ، وَكَالْعَيْبِ زَوَالُ وَصْفٍ كَانَ حَالَةَ الْعَقْدِ وَظَنُّ الْعَيْبِ لَا يَسْقُطُ الرَّدُّ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ رَاجِحًا.
فَائِدَةٌ: الْعُيُوبُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ فِي عَشَرَةِ أَبْوَابٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: عَيْبُ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَسَيَأْتِي ضَابِطُهُ وَبَعْضُ أَفْرَادِهِ، الْقِسْمُ الثَّانِي: عَيْبُ الْغُرَّةِ وَهُوَ كَالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ هُنَا، الْقِسْمُ الثَّالِثُ: عَيْبُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْعَقِيقَةِ، وَهُوَ مَا نَقَصَ اللَّحْمَ، الْقِسْمُ الرَّابِعُ: عَيْبُ الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَا أَثَّرَ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ، الْقِسْمُ الْخَامِسُ: عَيْبُ النِّكَاحِ وَهُوَ مَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ كَالتَّنْفِيرِ عَنْ الْوَطْءِ وَكَسْرِ الشَّهْوَةِ، وَالْقِسْمُ السَّادِسُ: عَيْبُ الصَّدَاقِ وَهُوَ قَبْلَ الطَّلَاقِ كَعَيْبِ الْمَبِيعِ هُنَا وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ مَا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ غَلَبَ فِي جِنْسِهِ عَدَمُهُ أَوْ لَا. الْقِسْمُ السَّابِعُ: عَيْبُ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ إضْرَارًا بَيِّنًا. الْقِسْمُ الثَّامِنُ: عَيْبُ الْمَرْهُونِ وَهُوَ مَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (إلَى الْقَبْضِ) أَيْ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمُقَارِنَ لَهُ، نَعَمْ إنْ زَالَ قَبْلَ الْفَسْخِ سَقَطَ الرَّدُّ غَالِبًا. قَوْلُهُ:(كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الرَّقِيقِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَأَعَمَّ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَهُوَ حَرَامٌ إلَّا فِي مَأْكُولٍ صَغِيرٍ لِطِيبِ لَحْمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْخِصَاءُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ إنْ رُسِمَ بِالْأَلِفِ وَبِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ إنْ رُسِمَ بِهَا، وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْخَصِيُّ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ لُغَةً حَيَوَانٌ قُطِعَ خُصْيَتَاهُ وَالْمُرَادُ هُنَا فَقْدُهُمَا خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ أَوْ سَلٍّ لَهُمَا أَوْ لِجِلْدَتِهِمَا أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ مَعَ الذَّكَرِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَمْسُوحِ. قَوْلُهُ:(فِي الْبَهِيمَةِ عَيْبٌ) وَإِنْ جَازَ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَغْلِبْ فِي جِنْسِهَا وُجُودُهُ وَإِلَّا كَالثِّيرَانِ فَلَا خِيَارَ بِهِ وَالْغَلَبَةِ، قَالَ شَيْخُنَا مُعْتَبَرَةٌ بِالْإِقْلِيمِ كُلِّهِ لَا بِبَلَدٍ مِنْهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِجَمِيعِ الْإِقْلِيمِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْغَلَبَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَرَارَةِ نَحْوِ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ، وَفِي نَحْوِ حُمُوضَةِ الرُّمَّانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِأَوَّلِ بَاكُورَتِهِ، وَيُعْتَبَرُ الْبَاكُورَةُ فِي كُلِّ بَطْنٍ لَا فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَهَكَذَا كُلُّ مَبِيعٍ.
قَوْلُهُ: (وَزِنَاهُ) وَأُلْحِقَ بِهِ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهَائِمِ وَتَمَكُّنٌ مِنْ مَنِيِّهِ نَفْسِهِ وَالْمُسَاحَقَةُ. قَوْلُهُ: (وَسَرِقَتُهُ) وَأُلْحِقَ بِهَا جِنَايَةُ الْعَمْدِ نَعَمْ لَا يَضُرُّ سَرِقَتُهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ وَلَا سَرِقَةُ مَالِ سَيِّدِهِ الْمَغْصُوبِ لِرَدِّهِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِبَاقُهُ) وَأُلْحِقَ بِهِ رِدَّتُهُ وَلَا يُرَدُّ الْآبِقُ حَتَّى يَعُودَ. قَوْلُهُ: (بِكُلٍّ مِنْهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فَهِيَ تِسْعَةُ عُيُوبٍ لَهُ الرَّدُّ بِكُلٍّ مِنْهَا، وَإِنْ تَابَ مِنْهُ أَوْ وَجَدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَا عَدَاهَا لَا رَدَّ بِمَا تَابَ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(وَاسْتَثْنَى الْهَرَوِيُّ إلَخْ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَبَوْلُهُ إلَخْ) إنْ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُجُودِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ الرَّدُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ كُبْرِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ مَا فِي الصِّغَرِ لَا رَدَّ بِهِ مُطْلَقًا وَمَا فِي الْكِبَرِ لَا يُرَدُّ بِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلُ، فَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ مَنْ يَقُولُ بِالرَّدِّ بِمَا فِي الصِّغَرِ
ــ
[حاشية عميرة]
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ جَمِيعُ الْعُيُوبِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُوتِ قَالَ الْإِمَامُ الضَّابِطُ فِيمَا يَحْرُمُ كِتْمَانُهُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَأَخْفَاهُ أَوْ سَعَى فِي تَدْلِيسٍ فِيهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّيْءُ مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ فَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ لَا يَكُونُ مِنْ التَّدْلِيسِ الْمُحَرَّمِ. اهـ ثُمَّ لَوْ بَاعَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ ثُمَّ أَعْلَمَهُ هَلْ يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ ظِلَامَةِ الْمُشْتَرِي هُوَ مُحْتَمَلٌ.
فَرْعٌ: قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ لَوْ كَانَ الْغَزْلُ كَتَّانًا وَمُشَاقًّا فَإِنْ بَاعَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَبَ إعْلَامُهُ، وَإِلَّا فَلَا قُلْت وَيَدُلُّ لِمَا سَلَفَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُمْ يَجِبُ الْإِعْلَامُ بِالْغَبْنِ فِي الْمُرَابَحَةِ مَعَ أَنَّ الْغَبْنَ لَا خِيَارَ بِهِ، وَأَيْضًا تَلْطِيخُ ثَوْبِ الْعَبْدِ بِالْمِدَادِ وَالْعَلَفِ، وَإِرْسَالُ الزُّنْبُورِ عَلَى الضَّرْعِ كُلِّهَا لَا خِيَارَ بِهَا، وَجَوَازُ إخْفَائِهَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ ضَرَرَ غَيْرِهَا يَرْتَفِعُ بِالْخِيَارِ بِخِلَافِ ضَرَرِهَا.
قَوْلُهُ: (كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فَاَلَّذِي يَأْتِي قَرِينَةٌ عَلَى كَشْفِ مُرَادِهِ هُنَا ثُمَّ دَلِيلُ هَذَا فِي الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ الْإِجْمَاعَ، وَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ «رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا أَقَامَ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَ بَائِعَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّهُ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْذُلْ الْمَالَ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) لَوْ قَالَ
اعْتِيَادِهِ ذَلِكَ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا فِي الصَّغِيرِ فَلَا وَقَدَّرَهُ فِي التَّهْذِيبِ بِمَا دُونَ سَبْعِ سِنِينَ وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الِاعْتِيَادُ (وَبَخَرِهِ) وَهُوَ النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ لِقَلَحِ الْأَسْنَانِ فَلَا لِزَوَالِهِ بِالتَّنْظِيفِ (وَصُنَانِهِ) عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَحْكِمًا لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا الصُّنَانُ لِعَارِضِ عَرَقٍ أَوْ حَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ أَوْ اجْتِمَاعِ وَسَخٍ فَلَا (وَجِمَاحِ الدَّابَّةِ) بِالْكَسْرِ أَيْ امْتِنَاعِهَا عَلَى رَاكِبِهَا (وَعَضِّهَا) وَرَمْحِهَا لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ (وَكُلِّ مَا) بِالْجَرِّ (يَنْقُصُ الْعَيْنَ) بِضَمِّ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ (أَوْ الْقِيمَةَ نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ
ــ
[حاشية قليوبي]
جَرَتْ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَاعْتِبَارُ وُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْعُيُوبِ حَتَّى فِي الزِّنَا وَنَحْوِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (مَعَ اعْتِيَادِهِ) وَهُوَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ عِنْدَ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا فِي الصَّغِيرِ فَلَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (سَبْعِ سِنِينَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ) سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ الْفَمِ أَوْ الْفَرْجِ وَهُوَ الْمُسْتَحْكَمُ وَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْهَا وَمِثْلُهُ وَسَخُ الْأَسْنَانِ الْمُتَرَاكِمِ إذَا تَعَذَّرَ زَوَالُهُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ إلَخْ) لَمْ يُسَمِّهِ بَخَرًا وَفِي الْقَامُوسِ خِلَافُهُ وَلَعَلَّهُ حَاوَلَ صِحَّةَ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ) أَيْ عُرْفًا.
تَنْبِيهٌ: مِنْ عُيُوبِ الرَّقِيقِ كَوْنُهُ ذَا صَمَمٍ أَوْ خَرَسٍ أَوْ سِمَنٍ زَائِدَةٍ أَوْ أُنْمُلَةٍ كَذَلِكَ أَوْ قَاذِفًا أَوْ نَمَّامًا أَوْ أَعْوَرَ أَوْ أَعْرَجَ أَوْ أَقْرَعَ أَوْ أَخَشْمَ أَوْ أَجْذَمَ أَوْ أَبْرَصَ، أَوْ أَبْلَهَ أَوْ أَعْشَى لَا يُبْصِرُ لَيْلًا أَوْ أَجْهَرَ لَا يُبْصِرُ نَهَارًا، أَوْ أَخْفَشَ لَا يُبْصِرُ فِي الضَّوْءِ، أَوْ صَغِيرَ الْعَيْنِ أَوْ أَعْشَمَ يَسِيلُ دَمْعُهُ دَائِمًا مَعَ ضَعْفِ بَصَرِهِ، أَوْ أَعْلَمَ بِشَقِّ شَفَتِهِ الْعُلْيَا، أَوْ أَفْقَمَ بِبُرُوزِ ثَنَايَاهُ السُّفْلَى، أَوْ أَرَتَّ لَا يُفْهَمُ كَلَامُهُ أَوْ مَقْلُوعَ بَعْضِ الْأَسْنَانِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ أَوْ أَبْيَضَ الشَّعْرِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، أَوْ عَمَلَهُ بِيَسَارِهِ أَكْثَرَ أَوْ بِهِ نَفْخَةُ طِحَالٍ أَوْ ذَا خِيلَانَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لَا شَامَاتٌ بِيضٌ فِي بَدَنِهِ، أَوْ مُقَامِرًا أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ فِي جِنْسٍ لَا يَغْلِبُ فِيهِ تَرْكُهَا أَوْ شَارِبًا لِلْمُسْكِرِ. كَذَلِكَ أَوْ بِهِ مَرَضٌ مِمَّا يُعْذَرُ بِهِ تَارِكُ الْجُمُعَةِ أَوْ كَوْنُ الْأَمَةِ كَبِيرَةَ الثَّدْيِ أَوْ حَامِلًا أَوْ لَا تَحِيضُ فِي أَوَانِهِ أَوْ تَطُولُ مُدَّةُ طُهْرِهَا فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ نَحْوَ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ مُحْرِمَةً بِنُسُكٍ أَوْ بِغَيْرِ خِتَانٍ، وَإِنْ غَلَبَ فِي جِنْسِهَا كَمَا يَأْتِي وَلَيْسَ مِنْ الْعُيُوبِ كَوْنُهُ غَلِيظَ الصَّوْتِ أَوْ رَقِيقَهُ أَوْ سَيِّئَ الْأَدَبِ أَوْ مُغَنِّيًا أَوْ أَكُولًا أَوْ قَلِيلَ الْأَكْلِ أَوْ وَلَدَ زِنًا أَوْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، أَوْ كَوْنُ الْأَمَةِ أُخْتَهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مَوْطُوءَةً لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: لَوْ ظَنَّ مَرَضًا عَارِضًا فَبَانَ أَصْلِيًّا أَوْ بَيَاضًا بِهَا فَبَانَ بَرَصًا فَلَهُ الْخِيَارُ. كَذَا قَالُوا فَرَاجِعْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ لَا خِيَارَ فِيمَا لَوْ ظَنَّ الزُّجَاجَةَ جَوْهَرَةً. قَوْلُهُ: (وَجِمَاحُ الدَّابَّةِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهُوَ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الطِّبَاعِ فَهُوَ كَالْإِبَاقِ فِي الرَّقِيقِ وَمُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِهِ وَإِنْ بَرِئَتْ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَرَمْحُهَا) أَيْ رَفْسُهَا أَوْ كَوْنُهَا تَرْهَبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَرَاهُ أَوْ قَلِيلَةَ الْأَكْلِ أَوْ تَشْرَبُ لَبَنَ نَفْسِهَا، أَوْ خَشِنَةَ الْمَشْيِ بِحَيْثُ يُخَافُ مِنْهَا السُّقُوطُ لَا حَامِلًا وَلَا أَكُولًا.
فَرْعٌ: مِنْ الْعَيْبِ قُرْبُ الْمَكَانِ مِنْ نَحْوِ قَصَّارٍ يُزْعِجُ بِالدَّقِّ الْحِيطَانَ أَوْ غَيْرَهَا، وَظُهُورُ مَكْتُوبِ وَقْفٍ عَلَيْهِ خُطُوطُ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مَنْ يَشْهَدُ بِهِ وَلَيْسَ مِنْهُ إبْطَالُ السُّلْطَانِ الْمُعَامَلَةَ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا ظُهُورُ خَرَاجٍ مُعْتَادٍ لِلْأَرْضِ، وَلَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ:(بِالْجَرِّ) أَيْ عَطْفًا عَلَى ظُهُورٍ أَوْ عَطْفًا عَلَى خِصَاءٍ وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَيْسَ مِنْ الْعَيْبِ، وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ الْخِصَاءَ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ مِمَّا يُنْقِصُ الْعَيْنَ إلَخْ وَكُلٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ جَعَلَهُ الشَّارِحُ مُبْتَدَأً لِخَبَرٍ مَحْذُوفٍ مَعْلُومٍ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ عَكْسَهُ لَكَانَ أَوْلَى إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ، وَكُلُّ مَا يُنْقِصُ إلَخْ عَيْبٌ أَوْ وَهُوَ أَيْ الْمَعِيبُ كُلُّ مَا يَنْقُصُ إلَخْ، وَالْخِصَاءُ وَمَا بَعْدَهُ أَمْثِلَةٌ لَهُ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَلَيْسَ مُبْتَدَأً لِأَنَّهُ لَا خَبَرَ لَهُ وَلَا عَكْسُهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(بِضَمٍّ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ. وَلِقَوْلِهِ بَعْدَهُ اخْتِصَارٌ. وَأَسْنَدَهُ لِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْ بِالْقَلَمِ لِيَبْرَأَ مِنْهُ. وَيَجُوزُ
ــ
[حاشية عميرة]
كَالْخِصَاءِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَزِنَاهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَابَ مِنْ كُلٍّ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ. قَوْلُهُ: (أَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ أَمَّا النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْفَمِ إشَارَةً إلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَخَرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجِمَاحِ الدَّابَّةِ) هُوَ مَصْدَرُ جَمَحَتْ الدَّابَّةُ بِالْفَتْحِ جِمَاحًا وَجُمُوحًا فَهِيَ جُمُوحٌ. قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى خِصَاءٍ فَإِنْ قِيلَ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ غَيْرَ هَذَا فَكَيْفَ يَكُونُ مَدْخُولُ الْكَافِ قُلْت بِالنَّظَرِ إلَى مَا فِي ذِهْنِ السَّامِعِ مِنْ الْإِفْرَادِ الْمُتَوَهَّمَةِ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ فِي الْخَارِجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(يَفُوتُ بِهِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ يَنْقُصُ الْعَيْنَ، وَقَوْلُهُ: يُنْقِصُ الْعَيْنَ أَيْ وَأَنْ يُنْقِصَ الْقِيمَةَ كَالْخِصَاءِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَكَثِيرٌ كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَمَا أَشْبَهَ
صَحِيحٌ إذَا غَلَبَ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ) عَطَفَ هَذَا الضَّابِطَ لِلْعَيْبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا مَطْمَعَ فِي اسْتِيعَابِهَا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ عَمَّا لَوْ بَانَ قَطْعُ فَلَقَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ لَا تُورِثُ شَيْئًا، وَلَا تُفَوِّتُ فَرْضًا فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِذَلِكَ. وَبِقَوْلِهِ: إذَا غَلَبَ إلَى آخِرِهِ عَنْ الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ فَإِنَّهَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ وَلَا رَدَّ بِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ فِي الْإِمَاءِ عَدَمَهَا (سَوَاءٌ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (قَارَنَ) الْعَيْبُ (الْعَقْدَ) بِأَنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ (أَمْ حَدَثَ) بَعْدَهُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ
(وَلَوْ حَدَثَ) الْعَيْبُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ (فَلَا خِيَارَ) فِي الرَّدِّ بِهِ (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ) عَلَى الْقَبْضِ (كَقَطْعِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ (بِجِنَايَةٍ) أَوْ سَرِقَةٍ (سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي (فَيَثْبُتُ) لَهُ (الرَّدُّ) بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ. وَالثَّانِي: لَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَكِنْ يَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَطْعِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ جَزْمًا وَلَا أَرْشَ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (بِمَرَضٍ سَابِقٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ لَازِمُ الرَّدِّ الْمُتَعَذَّرِ مِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَقْطُوعِ بِهِ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِالسَّابِقِ. وَالثَّانِي: يَقُولُ السَّابِقُ أَفْضَى إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ سَبَقَ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْمَرَضِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا (وَلَوْ قُتِلَ) الْمَبِيعُ (بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي (ضَمِنَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَصَحِّ) بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
ضَمُّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِ الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ مَنْصُوبَيْنِ وَيَجُوزُ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ النُّونِ وَتَشْدِيدُ الْقَافِ الْمَكْسُورَةِ لَكِنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. قَوْلُهُ: (غَرَضٌ صَحِيحٌ) وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْغَرَضِ الْعُرْفُ الْعَامُّ أَوْ غَالِبُ النَّاسِ أَوْ الرَّاغِبُ فِي السِّلْعَةِ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَغَلَبَ) أَيْ عُرْفًا وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (عَطْفٌ إلَخْ) وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ قَاعِدَةٌ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ. قَوْلُهُ: (لَا يُورِثُ) أَيْ الْقَطْعَ الْمَذْكُورَ وَكَذَا لَا يَفُوتُ الْغَرَضُ وَيَجُوزُ فِيهِمَا التَّأْنِيثُ بِالتَّأْوِيلِ، وَهَذَا فِي نَقْصِ الْعَيْنِ، وَسَكَتَ عَنْ نَقْصِ الْقِيمَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفُوتُ الْغَرَضُ بِهَا مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَفُوتُ غَرَضًا. قَوْلُهُ: (الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ) وَعَدَمُ خِتَانِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ لَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ. أَمَّا عَدَمُ خِتَانِ الْأَمَةِ فَعَيْبٌ إنْ غَلَبَ وُجُودُهُ فِيهَا كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمُقَارِنَ لِكُلِّ الْعَقْدِ أَوْ لِبَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقَبْضِ) وَكَذَا بَعْدَهُ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (بِجِنَايَةٍ) وَمِثْلُهَا زَوَالُ بَكَارَةٍ بِزَوَاجٍ سَابِقٍ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي، وَاسْتِلْحَاقُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَإِنْ ثَبَتَ النَّسَبُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ:(الْمُتَعَذِّرُ) صِفَةٌ لِلرَّدِّ وَمِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ بَيَانٌ لِلَّازِمِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْمَوْتِ) قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ امْتِنَاعُ الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ نَحْوَ الْجُرْحِ السَّارِي وَالْبَرَصِ الْمُتَزَايِدِ وَالْحَمْلُ كَالْمَرَضِ. وَفِي الْحَمْلِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي. وَلِذَلِكَ فَرَّقَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَيْنَ الْمَرَضِ وَالْحَمْلِ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَرَضِ مَرَضٌ وَلَيْسَ زِيَادَةُ الْحَمْلِ حَمْلًا، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ نَحْوُ الْجُرْحِ إذْ لَا يُقَالُ: زِيَادَةُ الْجُرْحِ جُرْحٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا زَادَ فِي الْجُرْحِ لَوْ انْفَرَدَ كَانَ جُرْحًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمَرِيضًا) أَيْ وَقْتَ الْقَبْضِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَقُومُ عَلَى الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (بِرِدَّةٍ) مِثْلُهَا كُلُّ
ــ
[حاشية عميرة]
ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ، رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ لِلْقِيمَةِ، فَأَمَّا رُجُوعُ فَوَاتِ الْغَرَضِ إلَى الْعَيْنِ خَاصَّةً فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الَّذِي بَعْدَهُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى كُلٌّ مِنْهُمَا فَمِثَالُهُ فِي الْقِيمَةِ، مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ رحمه الله، وَفِي الْعَيْنِ قَلْعُ الْأَسْنَانِ فِي الْكَبِيرِ وَأَمَّا بَيَاضُ شَعْرِ الرَّأْسِ فِيهِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ يُقَالُ مَسْأَلَةُ الثُّيُوبَةِ مِنْ زَوَالِ الْعَيْنِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَلَا خِيَارَ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِهِ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْآنَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ) مِثْلُ ذَلِكَ اقْتِضَاضُ الْبِكْرِ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ، وَجَلْدُهُ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ لِمَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ.
قَوْلُهُ: (لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّمَنِ) لَعَلَّهُ حَالٌ. قَوْلُهُ: (الْمَقْطُوعُ بِهِ) يُرِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ حَاكِيَةٌ لِوَجْهَيْ الرِّدَّةِ الْآتِيَيْنِ وَقَاطِعَةٌ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَهِيَ الْأَشْهُرُ. قَوْلُهُ: (أُفْضِي إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْمَوْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ نَظِيرُ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مَسْأَلَةُ الْقَطْعِ بِالْجِنَايَةِ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ يُوجِبُ هُنَاكَ الرَّدَّ
كَالتَّقَدُّمِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ قُبَيْلَ الْقَتْلِ وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ وَلَكِنْ تَعَلُّقُ الْقَتْلِ بِهِ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقَّهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ وَالدَّفْنِ فَهِيَ فِي الْأَصَحِّ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى، وَعَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ عِبَارَةَ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ لَاسْتَغْنَى عَنْ التَّأْوِيلِ السَّابِقِ
(وَلَوْ بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ) فِي الْمَبِيعِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِالْحَيَوَانِ لَمْ يَعْلَمْهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ بِغَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْعَقَارِ وَالثِّيَابِ مُطْلَقًا وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ بِالْحَيَوَانِ عَلِمَهُ أَوْ لَا، وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِالْحَيَوَانِ عَلِمَهُ وَالثَّانِي يَبْرَأُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَالثَّالِثُ لَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ مَا لِلْجَهْلِ بِالْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ صُورَةٌ مِنْ الْحَيَوَانِ لِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ. وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ. فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدُ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ
وَفِي الْحَاوِي وَالشَّامِلِ أَنَّ الْمُشْتَرِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا خَيْرًا دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ فِيهَا اجْتِهَادُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَقَالَ: الْحَيَوَانُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحَوُّلِ طَبَائِعِهِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ أَيْ فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَتْلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ كَصِيَالٍ وَتَرْكِ صَلَاةٍ بَعْدَ الْأَمْرِ وَزِنَا مُحْصَنٍ كَأَنْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ زِنَاهُ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ بِيعَ وَحِرَابَةٍ.
فَرْعٌ: لَا يَضْمَنُ غَاصِبُ الْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ غَاصِبِ مَنْ ارْتَدَّ بَعْدَ غَصْبِهِ. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ) فِي الْأُولَى وَالدَّفْنُ فِي الثَّانِيَةِ.
وَمِثْلُ الدَّفْنِ الْحَمْلُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ وَالْأُولَى مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ وَالثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الرِّدَّةِ. قَوْلُهُ: (التَّأْوِيلُ السَّابِقُ) بِقَوْلِ لَازِمِ الرَّدِّ.
قَوْلُهُ: (بَرَاءَتِهِ) أَيْ الْبَائِعِ عَلَى مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ، وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَبِيعِ، كَأَنْ يَقُولَ بِشَرْطِ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِيهِ، أَوْ أَنَّ الْبَيْعَ بَرِيءٌ أَيْ سَالِمٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ. وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ: بِهِ كُلُّ عَيْبٍ أَوْ كُلُّ شَعْرَةٍ تَحْتَهَا عَيْبٌ. أَوْ لَا يُرَدُّ عَلَيَّ بِعَيْبٍ، أَوْ هُوَ لَحْمٌ فِي قُفَّةٍ أَوْ بِعْتُكَهُ قَرْنًا وَحَبْلًا أَوْ بَيْعَةَ رُمَيْلَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(بَاطِنٌ) وَمِنْهُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالْكُفْرُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ وَمِنْهُ نَتِنُ لَحْمِ الْجَلَّالَةِ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ فِيهِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقِيلَ: الْبَاطِنُ مَا يُوجَدُ فِي مَحَلٍّ لَا تَجِبُ رُؤْيَتُهُ فِي الْمَبِيعِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي عَدَمِ رُؤْيَةِ عَيْبٍ ظَاهِرٍ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ وَافَقَ إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ مُجْتَهِدٌ كَالصَّحَابَةِ، وَالْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مِثْلُهُ، أَيْ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّوَافُقِ فِي الِاجْتِهَادِ لَا مِنْ التَّقْلِيدِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، لِقَوْلِهِ دَلَّ إلَخْ إذْ مَعَ الدَّلِيلِ لَا يُحْتَاجُ إلَى الِاجْتِهَادِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الدَّلِيلَ الْمُرَتَّبَ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ مَجْمَعًا عَلَيْهِ. وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ الْقَضِيَّةُ انْتَشَرَتْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ. قَوْلُهُ:(يَتَغَذَّى) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَأْكُلُ. قَوْلُهُ: (وَتَحَوُّلِ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ، وَضَمِّ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ مَجْرُورٌ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ، أَوْ بِضَمِّ
ــ
[حاشية عميرة]
بِالْعَيْبِ، وَهُنَا الْفَسْخَ وَالرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْأَرْشَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ ظَاهِرًا، أَوْ بَاطِنًا عِلْمُهُ أَوْ جَهْلُهُ قَوْلُهُ:(عَمَلًا بِالشَّرْطِ) بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَوَجَّهَهُ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ إنَّمَا ثَبَتَ لِاقْتِضَاءِ مُطْلَقِ الْعَقْدِ السَّلَامَةَ فَإِذَا صَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ فَقَدْ ارْتَفَعَ الْإِطْلَاقُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ مُعَارِضٌ لِلْقِيَاسِ السَّابِقِ تَمَسَّكَ بِهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، لِأَنَّهُ اعْتَضَدَ بِمُوَافَقَةِ اجْتِهَادِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ لِمَا ذَكَرَهُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرُدَّهُ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ قَالَ أُعْلِمُك أَنَّ بِهِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ فَهُوَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ أَيْضًا لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ مِنْهَا لَا يَكْفِي ذِكْرُهُ مُجْمَلًا، وَمَا يُمْكِنُ لَا تُغْنِي تَسْمِيَتُهُ. قَوْلُهُ:(يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ يَأْكُلُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَفِي حَالِ مَرَضِهِ، فَلَا يَهْتَدِي إلَى مَعْرِفَةِ مَرَضِهِ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ تَرْكُ الْأَكْلِ حَالَ الْمَرَضِ، لَكَانَ الْحَالُ
مِنْ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ لِتَلْبِيسِهِ فِيهِ، وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ لِنُدْرَةِ خَفَائِهِ عَلَيْهِ. وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى الْأَقْوَالِ. وَقِيلَ: عَلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ بَاطِلٌ وَرُدَّ بِاشْتِهَارِ الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (مَعَ هَذَا الشَّرْطِ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ (وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّيْ يَحْدُثُ) مِنْ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ (لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ (فِي الْأَصَحِّ) وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَوْجُودِ وَمَا يَحْدُثُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَيْبٍ عَيَّنَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَايَنُ كَالزِّنَى أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الْإِبَاقِ بَرِئَ مِنْهُ قَطْعًا لِأَنَّ ذِكْرَهَا إعْلَامٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعَايَنُ كَالْبَرَصِ فَإِنْ أَرَاهُ قَدْرَهُ وَمَوْضِعَهُ بَرِئَ مِنْهُ قَطْعًا، وَإِلَّا فَهُوَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ عَلَى الْأَظْهَرِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ (وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) كَأَنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَوْ وَقَفَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ (ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ) بِهِ (رَجَعَ بِالْأَرْشِ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا
وَلَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ وَأَعْتَقَ أَوْ اشْتَرَى مِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ فَفِي رُجُوعِهِ بِالْأَرْشِ وَجْهَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (جُزْءٌ
ــ
[حاشية قليوبي]
التَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مُضَارِعٌ مَجْهُولٌ، وَطِبَاعُهُ نَائِبُ فَاعِلِهِ، أَيْ تَتَغَيَّرُ أَحْوَالُهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَامٌّ. قَوْلُهُ:(عَلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ) أَيْ إلْغَائِهِ.
قَوْلُهُ: (مَوْجُودٌ عِنْدَ الْعَقْدِ) وَيَصْدُقُ الْبَائِعُ فِي وُجُودِهِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ) وَأَمَّا الْعَقْدُ فَصَحِيحٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا فِي الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ، وَلَوْ أَدْخَلَهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَجَازَ وَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهَا لِإِيجَادِ الْحُكْمِ وَالْخِلَافُ فِيهِمَا وَلَعَلَّ عُذْرَهُ وُجُودُ التَّعْلِيلِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى كَمَا سَيَأْتِي، قِيلَ: وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِيهَا الْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ فِي الْأُولَى، وَعِلَّتُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِالتَّبَعِيَّةِ لِلْمَوْجُودِ مَرْدُودَةٌ، بِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لَا تَجْعَلُ الْبَاطِلَ صَحِيحًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَلِذَلِكَ بَطَلَ الشَّرْطُ فِي الْمَوْجُودِ لِانْضِمَامِهِ لِلْحَادِثِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لِبَائِعٍ ثَمَنًا. وَقَالَ: إنَّ فِيهِ زُيُوفًا فَانْقُدْهُ، فَقَالَ: رَضِيت بِهِ. ثُمَّ نَقَدَهُ، فَوَجَدَ فِيهِ زُيُوفًا فَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْ زِيفَ كُلِّ دِرْهَمٍ فِيهَا. قَوْلُهُ:(لَوْ شَرَطَ إلَخْ) هَذِهِ مُحْتَرَزُ إطْلَاقِ الْعَيْبِ فِيمَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (أَرَاهُ) أَيْ بِالْمُشَاهَدَةِ فَلَا يَكْفِي إعْلَامُهُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَجُوزُ لِقَاضٍ الْحُكْمُ بِعَدَمِ الرَّدِّ بِهِ، كَمَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْمُؤَرِّخِينَ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ الْمَذْكُورِ، إذَا كَانَ بِإِخْبَارِ الْبَائِعِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فِي بِطِّيخَةٍ هِيَ قَرْعَةٌ مَثَلًا، ثُمَّ وَجَدَهَا كَذَلِكَ فَلَهُ رَدُّهَا، حَيْثُ كَانَ فِي زَمَنٍ لَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهَا.
وَقَالَ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ: لَا رَدَّ لَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَعْتَقَهُ) وَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْعَتِيقُ كَافِرَيْنِ أَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ، وَوُجِدَتْ وَلَا نَظَرَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْكَافِرِ: إنَّهُ قَدْ يَلْحَقُ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ يُرَدُّ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ رَدِّهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَقَفَهُ) أَوْ جَعَلَ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً. قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ) أَوْ زَوَّجَهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ، لَكِنْ فِي هَذِهِ إذَا زَالَ النِّكَاحُ، فَلَهُ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ وَفِي رَدِّ صَيْدٍ عَلَى مُحْرِمٍ نَظَرٌ وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (رَجَعَ) أَيْ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ حَدَثَ عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ الْقَهْرِيَّ. قَوْلُهُ: (بِالْأَرْشِ) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ إلَّا فِي رِبَوِيِّ بَيْعٍ بِجِنْسِهِ، فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الرِّبَا فِي مُقَابَلَةِ الْجِنْسِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَهَذَا مُحَصَّلُ مَا قَالَهُ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ ظَهَرَ الْعَيْبُ بِنَقْصِ كَيْلٍ فِي الْمَكِيلِ مَثَلًا، فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، أَوْ بِنَقْصِ قِيمَةٍ فَإِنْ ضُمَّتْ إلَيْهِ وَجُعِلَ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَيْهِمَا فَغَيْرُ الْجِنْسِ بَلْ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَهُوَ الَّذِي فِي كَلَامِهِمْ كَمَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ لِاسْتِوَاءِ الْكَيْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الثَّانِي، وَإِنَّمَا ضَرَّ بِتَوْزِيعِ الثَّمَنِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. وَالْفَاسِخُ فِي الرِّبَوِيِّ الْمَذْكُورِ هُوَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ، وَالْحَاكِمُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَغَيْرُهُ مَحَلُّ الرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْخِصَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. وَسُمِّيَ الْمَأْخُوذُ أَرْشًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْخُصُومَةِ الْمُسَمَّاةِ بِهِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ. يُقَالُ: أَرَّشْتُ بَيْنَهُمَا تَأْرِيشًا أَوْقَعْت الْخُصُومَةَ بَيْنَهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ فِيهِمَا مَعَ الْيَأْسِ مِنْ عَوْدِ مِلْكِهِ، وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ، أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ
ــ
[حاشية عميرة]
بَيِّنًا. قَوْلُهُ: (بِاشْتِهَارِ الْقَضِيَّةِ) أَيْ بِأَنَّهُ مُؤَكِّدٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ السَّلَامَةِ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الصَّحَابَةِ) قِيلَ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ خَالَفَ فِي ذَلِكَ فَلَا يَنْهَضُ الْإِجْمَاعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الرَّدُّ بِعَيْبٍ) أَيْ لَا يُمْنَعُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الرَّدُّ بِمَا حَدَثَ وَلَوْ بَاطِنًا وَلَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَإِنْ أَفْرَدَ الْحَادِثَ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ) أَيْ بِآفَةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ أَعْتَقَهُ) قِيلَ: هُوَ الْهَلَاكُ شَرْعِيٌّ فَلَوْ مَثَّلَ بِهِ لَاسْتَقَامَ.
فَرْعٌ: لَوْ أَحْرَمَ بَائِعُ الصَّيْدِ فَفِي الرَّدِّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ.
قَوْلُهُ: (أَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا
مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (نِسْبَتُهُ إلَيْهِ) أَيْ نِسْبَةُ الْجُزْءِ إلَى الثَّمَنِ (نِسْبَةُ) أَيْ مِثْلُ نِسْبَةِ (مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ لَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (سَلِيمًا) إلَيْهَا وَتَرَكَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لِلْعِلْمِ بِهَا، فَإِذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ بِلَا عَيْبٍ مِائَةً وَبِالْعَيْبِ تِسْعِينَ فَنِسْبَةُ النَّقْصِ إلَيْهَا عُشْرُهَا فَالْأَرْشُ عُشْرُ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ مِائَتَيْنِ رَجَعَ بِعِشْرِينَ مِنْهُ أَوْ خَمْسِينَ فَبِخَمْسَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الرُّجُوعُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ رَدَّ جُزْأَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِطَلَبِهِ. وَقِيلَ بِلَا طَلَبٍ (وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ أَقَلِّ قِيمَةٍ) أَيْ الْمَبِيعِ (مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إلَى الْقَبْضِ) عِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ كَالشَّرْحِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ وَلَهُ مُقَابِلَانِ أَحَدُهُمَا اعْتِبَارُ قِيمَةِ يَوْمِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَوْمُ مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ بِالْمَبِيعِ وَالثَّانِي قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَوَجْهُ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ أَنَّ الْقِيمَةَ إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَقَلَّ فَمَا زَادَ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مَحْكِيَّةٌ فِي طَرِيقَةٍ وَالطَّرِيقَةُ الرَّاجِحَةُ الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ وَحُمِلَ قَوْلُ: يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ أَقَلَّ، وَكَذَا قَوْلُ: يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَقَلُّ قِيمَةٍ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: إنَّهُ أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرِّرِ لِاعْتِبَارِهِ الْوَسَطَ أَيْ بَيْنَ قِيمَتَيْ الْيَوْمَيْنِ وَعَبَّرَ بِالْأَصَحِّ دُونَ الْأَظْهَرِ لِيُوَافِقَ الطَّرِيقَةَ الرَّاجِحَةَ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ) الْمَقْبُوضُ أَوْ خَرَجَ عَنْ الْمِلْكِ (دُونَ الْمَبِيعِ) الْمَقْبُوضِ وَأُرِيدَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ (رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ الثَّمَنِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (أَوْ قِيمَتَهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَقَلُّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْعَيْبُ مَانِعًا مِنْ الْإِجْزَاءِ عَنْهَا وَلَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا قَبْلَهُ كَانَ قَدْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، رَجَعَ بِمَا يَنْقُصُ مِنْ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا لَا بِنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، خِلَافًا لِقَوْلِ الذَّخِيرَةِ بِالرُّجُوعِ بِالنَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ كَعَكْسِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي بَقَاءِ الْفَسْخِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ بُطْلَانُهُ لِتَبَيُّنِ سُقُوطِ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ فِيمَا يَأْتِي: أَنَّ لِلْبَائِعِ فَسْخَ الْفَسْخِ فِي هَذِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهَا) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا أَوْ مِنْ ذِكْرِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ فِي الثَّمَنِ أَوْ مِنْ ذِكْرِ النِّسْبَةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي مَنْسُوبًا إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِطَلَبِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالطَّلَبُ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَى بِالْمَبِيعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ لِلْقَائِلِ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا أَوْ وَجْهًا أَوْ طَرِيقَةً فَلَا يُخَالِفُهُ مَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (لِاعْتِبَارِهِ الْوَسَطَ) أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ اعْتِبَارُ أَقَلِّ قِيمَةٍ مَعِيبًا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ وَأَقَلُّ قِيمَةٍ سَلِيمًا فِيهَا فَالْعَيْبُ مُسْتَمِرٌّ إلَى وَقْتِ الْقَبْضِ، لَا أَنَّهُ زَالَ ثُمَّ عَادَ كَمَا تُوُهِّمَ، وَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ فَلَا أَرْشَ كَمَا مَرَّ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْمَعْلُومِ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ وَلَا شَرْطٍ. قَوْلُهُ:(وَعَبَّرَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْأَصَحِّ الرَّاجِحُ مِنْ الطُّرُقِ وَهُوَ طَرِيقُ الْقَطْعِ وَكَلَامُهُ غَيْرُ مُشْعِرٍ بِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ جَرْيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ رَجَعَ فِي عَيْنِهِ. وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ، وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ نَقْصِ عَيْنٍ، وَكَذَا صِفَةٌ مَضْمُونَةٌ كَجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ ضَامِنٍ وَشَمِلَ التَّلَفَ الْحِسِّيَّ كَالْمَوْتِ، وَالشَّرْعِيَّ كَالْعِتْقِ، وَمِثْلُهُ تَعَلُّقُ حَقٍّ لَازِمٍ بِهِ كَرَهْنٍ. فَقَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ عَنْ الْمِلْكِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِتَعَلُّقِ الْحَقِّ الْمَذْكُورِ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ كَالتَّلَفِ فِي الرُّجُوعِ بِالْبَدَلِ حَالًا، وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى عَوْدِهِ لِمِلْكِ الْبَائِعِ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ مَعَ تَلَفِ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ كَالرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ الْآتِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَأُخِذَ إلَخْ) وَالْمَأْخُوذُ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ، وَهُوَ فِي حِجْرِهِمَا كَمَا فِي الصَّدَاقِ فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ أَجْنَبِيٍّ رَجَعَ إلَيْهِ، وَلَوْ أَبْرَأهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ اللُّزُومِ بَطَلَ الْعَقْدُ، أَوْ بَعْدَهُ وَرَدَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَمَا فِي الصَّدَاقِ أَيْضًا، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَلَوْ كَانَ
ــ
[حاشية عميرة]
تَشْمَلُ هَذِهِ، ثُمَّ الَّذِي رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الرُّجُوعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(مِنْ الْقِيمَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ مَا نَقَصَ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهَا) أَيْ مِنْ ذِكْرِهَا فِي الثَّمَنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيمَةً) يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ أَصْوَبُ) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْضًا، لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ خِيَارٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ اهـ.
وَعِبَارَةُ السُّبْكِيُّ أَوْضَحُ مِنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ: عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ، وَكَانَ فِيهِمَا سَوَاءً يُعْتَبَرُ النَّقْصُ فِيهِ وَفِيهِ، نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْصَ الْحَادِثَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يُضْمَنْ لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ بِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (لِيُوَافِقَ الطَّرِيقَةَ الرَّاجِحَةَ) كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْقَاطِعَةَ لَا أَقُولُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِالْأَظْهَرِ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى الْأَظْهَرُ مِنْ الْأَقْوَالِ
حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَالنُّقْصَانُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي اعْتِبَارِ الْأَرْشِ. انْتَهَى. وَأُسْقِطَ هَذَا الْأَخِيرُ مِنْ الرَّوْضَةِ مَعَ التَّعْلِيلِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَقَلَّ الْقِيمَةِ هُنَا لَا يُنَافِي أَقَلَّ قِيمَةِ الْيَوْمَيْنِ هُنَاكَ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ هُنَاكَ مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ عَنْ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ سَاوَتْ قِيمَةَ إحْدَاهُمَا أَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْقِيمَتَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُصَنِّفِ
(وَلَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ) بِالْمَبِيعِ (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ) عَنْهُ (إلَى غَيْرِهِ) بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ إلَيْهِ فَيَرُدَّهُ كَمَا قَالَ (فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ) إلَيْهِ (فَلَهُ الرَّدُّ) سَوَاءٌ عَادَ إلَيْهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْإِقَالَةِ وَالْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ (وَقِيلَ) فِيمَا زَالَ مِلْكُهُ بِعِوَضٍ (إنْ عَادَ) إلَيْهِ (بِغَيْرِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ لِأَنَّهُ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ اسْتَدْرَكَ الظِّلَامَةَ وَغَبَنَ غَيْرَهُ كَمَا غُبِنَ هُوَ، وَلَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي أَنَّ الْأَرْشَ لَهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا إمْكَانُ عَوْدِ الْمَبِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ. وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَهُ بِالْأَرْشِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ فَلَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ مَعَ الْأَرْشِ وَاسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ وَجْهَانِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ تَعَذَّرَ الْعَوْدُ لِتَلَفٍ أَوْ إعْتَاقٍ رَجَعَ بِالْأَرْشِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُرْمِ لِلثَّانِي وَمَعَ إبْرَائِهِ مِنْهُ. وَقِيلَ: لَا فِيهِمَا بِتَاءٍ عَلَى التَّعْلِيلِ بِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ (وَالرَّدُّ) بِالْعَيْبِ (عَلَى الْفَوْرِ) فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (فَلْيُبَادِرْ) مُرِيدُهُ إلَيْهِ (عَلَى الْعَادَةِ فَلَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
اعْتَاضَ عَنْهُ شَيْئًا كَثَوْبٍ رَجَعَ بِهِ لَا بِالثَّوْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ إلَخْ) أَيْ فَعَدَمُ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي لُزُومِ أَقَلِّ الْقِيَمِ هُنَا الْمُوهِمُ لِلْقَطِّ فِيهِ لَيْسَ مُرَادًا، وَأَسْقَطَ هَذَا مِنْ الرَّوْضَةِ الْمُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَائِلٍ بِهِ، مَعَ ذِكْرِهِ التَّعْلِيلَ فِيهَا بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ إلَخْ الشَّامِلِ لِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ لِعُمُومِهِ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ، أَوْ بِالْإِضَافَةِ يَرْفَعُ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ، بَلْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِهِ، لِأَنَّ ذِكْرَ أَقَلِّ قِيمَةٍ هُنَا الشَّامِلَ لِذَلِكَ، لَا يُنَافِي فِي اعْتِبَارِ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ فِي الْأَرْشِ، لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ بَيْنَهُمَا الْمُؤَدِّي إلَى أَنَّهَا لَوْ نَقَصَتْ عَنْهُمَا اُعْتُبِرَتْ، فَهُوَ يَقُولُ: بِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ فِيهِ أَيْضًا، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ؛ وَحَرِّرْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْحَوَاشِي هُنَا مِمَّا فِيهِ تَدَافُعٌ لَا يُلَاقِي بَعْضُهُ بَعْضًا.
قَوْلُهُ: (زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. وَمِثْلُ زَوَالِ مِلْكِهِ تَعَلُّقُ حَقٍّ بِهِ، فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى كَرَهْنِهِ الْمَقْبُوضِ وَكِتَابَتِهِ الصَّحِيحَةِ وَغَصْبِهِ، وَإِبَاقِهِ وَإِجَارَتِهِ مَا لَمْ يَرْضَى بِهِ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لِرِضَاهُ مَعَ كَوْنِهِ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْهُ، فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي التَّحَالُفِ وَقَدْ يُرَادُ بِمِلْكِهِ سَلْطَنَتَهُ، فَيَعُمُّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ نَعَمْ. قَالَ شَيْخُنَا: إنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي الْآبِقِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ الْإِبَاقِ، فَلَهُ الْأَرْشُ لِتَعَذُّرِهِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ تَنْبِيهٌ: لَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ عَيْبًا بِالثَّمَنِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ فَحُكْمُهُ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الرَّدُّ) وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ اعْتَاضَ عَنْهُ غَيْرُهُ، كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ اعْتَاضَ عَنْهُ مِنْ جِنْسِهِ، كَصِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ رَجَعَ بِالصِّحَاحِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهَا وَالزِّيَادَةُ صِفَةٌ لَا تَتَمَيَّزُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَلَّكْ مِنْهُ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَأَبْقَى الْعَقْدَ فَإِنْ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ مِنْ بَائِعِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا لِإِمْكَانِ الْعَوْدِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ:(بِالِاعْتِيَاضِ) أَيْ بِأَخْذِهِ الْعِوَضَ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ إلَخْ) فَمُقَابِلُهُ نَصٌّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ، أَوْ لَا فَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ:(فَلَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْأَرْشَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخَرَّجِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَصَحِّ) الَّذِي هُوَ النَّصُّ الْمُتَقَدِّمُ لَا. قَوْلُهُ: (وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي مَبِيعٍ مُعَيَّنٍ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي مَجْلِسِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَّا فَعَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالرِّضَا
ــ
[حاشية عميرة]
وَذَلِكَ طَرِيقَةُ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْأَخِيرُ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَيُشْبِهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ إشَارَةٌ) أَيْ فِي التَّعْلِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى ذِكْرِ الطَّرِيقَيْنِ، وَالْمُعَلِّلُ شَامِلٌ لِلْوَسَطِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اقْتِصَارَهُ فِيمَا مَضَى عَلَى ذِكْرِ الطَّرِيقَيْنِ لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ الْوَسَطِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ) مِثْلُهُ لَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ حَصَلَ غَصْبٌ أَوْ إبَاقٌ وَأَمَّا تَلَفُهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا فَقَدْ سَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَالثَّالِثُ إنْ زَالَ بِعِوَضٍ لَمْ يَرْجِعْ، لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ أَوْ غَبْنِ غَيْرِهِ كَمَا غُبِنَ وَإِنْ زَالَ مَجَّانًا رَجَعَ ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ فَلَهُ الرَّدُّ، وَقِيلَ: إنْ عَادَ إلَخْ، فَقَالَ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْقَائِلُ بِالرَّدِّ مُطْلَقًا فَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الْأَرْشِ عِنْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ مُطْلَقًا. وَعَلَّلَ بِعَدَمِ الْيَأْسِ فَيَقُولُ: هُنَا قَدْ أَمْكَنَهُ، وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ
عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ) أَوْ يَقْضِي حَاجَتَهُ (فَلَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ) وَلَوْ عَلِمَهُ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَاشْتَغَلَ بِهَا فَلَا بَأْسَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا (أَوْ) عَلِمَهُ (لَيْلًا فَحَتَّى يُصْبِحَ) وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ ثَوْبِهِ وَإِغْلَاقِ بَابِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ فِي الْمَشْيِ وَالرَّكْضَ فِي الرُّكُوبِ لِيَرُدَّهُ
(فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بِالْبَلَدِ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ) بِالْبَلَدِ كَذَلِكَ لِقِيَامِ الْوَكِيلِ مَقَامَ مُوَكِّلِهِ فِي ذَلِكَ (وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ الْبَائِعُ أَوْ الْوَكِيلَ (وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ) لِيَسْتَحْضِرَهُ وَيَرُدَّهُ عَلَيْهِ (فَهُوَ آكَدُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
بِجَمِيعِ عُيُوبِهِ، فَلَوْ عَلِمَ عَيْبًا فَرَضِيَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا آخَرَ، فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مَلَّكَهُ لَهُ فِي الظَّاهِرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ حَيْثُ الْعَيْبُ، وَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ، أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالْفَسْخِ، فَلَا يَكْفِي إرَادَتُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الرَّدُّ فَوْرِيًّا لِأَنَّ وَضْعَ الْعُقُودِ اللُّزُومُ، فَبِالتَّرْكِ تَبْقَى عَلَى أَصْلِهَا كَمَا فِي نِيَّةِ الْقَاصِرِ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) فَلَا يَضُرُّ التَّأْخِيرُ لِلْعُذْرِ كَجَهْلِهِ بِالْخِيَارِ إنْ خَفِيَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخَالِطٍ لَنَا وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ بِفَوْرِيَّتِهِ مُطْلَقًا وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ. وَكَتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَبِيعِ حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانْتِظَارِ شَفِيعٍ حَاضِرٍ لَا غَائِبٍ هَلْ يَأْخُذُ أَوْ لَا، وَكَقَوْلِ الْبَائِعِ لَهُ أُزِيلُ عَنْك الْعَيْبَ، وَأَمْكَنَ فِي مُدَّةٍ لَا تَقَابُلَ بِأُجْرَةٍ، وَكَانْتِظَارِ خَلَاصِ مَغْصُوبٍ، أَوْ رَجَعَ آبِقٌ وَإِنْ أَجَازَ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَلَوْ قَبْلَ عَوْدِهِ وَكَإِجَارَتِهِ إنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ مُرِيدِهِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا قَبْلَهُ إذْ الْمُعْتَبَرُ كُلُّ شَخْصٍ بِحَالِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:(فَلَوْ عَلِمَهُ) أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا قَوِيًّا وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يُصَلِّي) أَيْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا مُوَقَّتًا أَوْ مُطْلَقًا، لَكِنْ لَا يَزِيدُ فِيهِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى عَدَدًا إنْ عَلِمَ قَبْلَ فَرَاغِهَا، وَإِلَّا أَتَمَّ الرَّكْعَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ زَادَ فِي الْفَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى مَا يَطْلُبُ الْإِمَامُ غَيْرَ الْمَحْصُورَيْنِ مِنْ نَحْوِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ مَثَلًا، أَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بَعْدَ عِلْمِهِ بَطَلَ رَدُّهُ، هَكَذَا قَالَ الْخَطِيبُ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَهُ الزِّيَادَةُ وَالشُّرُوعُ وَالتَّطْوِيلُ، مَا لَمْ يَعُدْ مُقَصِّرًا عُرْفًا. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ يُعْذَرُ هُنَا بِمَا يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَحَيْثُ عُذِرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ كَالْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ لَوْ أَشْهَدَ سَقَطَ لِأَنَّهَا إلَى الْبَائِعِ وَالْحَاكِمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ لِأُمُورٍ) خَرَجَ النَّقْلُ الْمُطْلَقُ وَلَيْسَتْ إرَادَتُهُ وَقْتًا، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَيَشْمَلُ الْأَكْلَ وَلَوْ تَفَكُّهًا مَا لَمْ يَعُدْ مُقَصِّرًا أَيْضًا. قَوْلُهُ:(فَاشْتَغَلَ) أَيْ شَرَعَ بِالْفِعْلِ وَلَا تَكْفِي الْإِرَادَةُ. قَوْلُهُ: (لَيْلًا) أَيْ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْمَشْيِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يُعْذَرُ. قَوْلُهُ: (بِلُبْسِ ثَوْبِهِ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ. قَوْلُهُ: (وَإِغْلَاقُ بَابِهِ) وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ وَكِيلِهِ) فَتَوْكِيلُهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ إشْهَادِ الْوَكِيلِ لَوْ كَانَ عَدْلًا. قَوْلُهُ: (عَلَى وَكِيلِهِ) أَيْ الْبَائِعِ وَمِثْلُ وَكِيلِهِ مُوَكِّلُهُ وَوَلِيُّهُ وَوَارِثُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُشْتَرِي. وَيَنْتَظِمُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ:(كَذَلِكَ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ لَوْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ نَحْوِ ابْتِدَاءٍ أَوْ بَعْدَ مُلَاقَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَمْ يَضُرَّ، إذْ حَاصِلُ مَا اعْتَمَدَهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بَعْدُ وَلَهُ عَنْ نَحْوِ الْبَائِعِ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ عَكْسِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْمُلَاقَاةِ فِيهِمَا إلَّا إنْ مَرَّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِ حَاكِمٍ، كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، نَعَمْ يَنْبَغِي عَدَمُ سُقُوطِ حَقِّهِ فِي مُرُورِهِ بِهِ، إذَا لَزِمَ عَلَى رَفْعِهِ لَهُ غَرَامَةٌ لَهَا وَقَعَ، فَتَأَمَّلْهُ. وَلَوْ عَدَلَ عَنْ وَكِيلِ الْبَائِعِ إلَيْهِ أَوْ عَكْسِهِ قَبْلَ الْمُلَاقَاةِ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ عُدُولُهُ عَنْ أَحَدِ وَرَثَتِهِ، أَوْ أَحَدِ وَلِيَّيْهِ أَوْ أَحَدِ وَكِيلَيْهِ إلَى الْآخَرِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(الْحَاكِمِ) أَيْ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (لِيَسْتَحْضِرَهُ) وَيَشْتَرِطَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَسْخِ
ــ
[حاشية عميرة]
عِنْدَ زَوَالِهِ بِعِوَضٍ وَعُلِّلَ بِحُصُولِ اسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ بِالْبَيْعِ، فَيَقُولُ هُنَا: ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ قَدْ زَالَ فِيمَا إذَا عَادَ بِالرَّدِّ وَلَمْ يَزُلْ إذَا عَادَ بِغَيْرِهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ أَيْضًا: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَخَّرَهُ إلَى هُنَا لِيُفِيدَك أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ: فَإِنْ عَادَ إلَخْ: تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ) أَيْ فَأَشْبَهَ الْمَوْتَ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَخَذَهُ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِأَنَّ وَضْعَ الْعَقْدِ عَلَى اللُّزُومِ فَإِذَا تَرَكَ الرَّدَّ مَعَ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ حُكْمُ الْعَقْدِ.
فَرْعٌ: لَا بُدَّ لِلنَّاطِقِ مِنْ اللَّفْظِ كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ اُتُّجِهَ الْفَوْرُ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ يُصَلِّي) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَلَا يَلْزَمُهُ التَّخْفِيفُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ دَخَلَ وَقْتٌ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ وَلَا يَضُرُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالِاسْمِ فَإِنْ أَخَذَ فِي مُحَادَثَتِهِ بَطَلَ. قَوْلُهُ: (وَإِغْلَاقُ بَابِهِ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ الْعُذْرُ بِالْوَحْلِ وَالْمَطَرِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنَّهُ لَوْ سَهُلَ التَّوَجُّهُ لَيْلًا لَمْ يُعْذَرْ. قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ:
فِي الرَّدِّ (وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ بِالْبَلَدِ (رَفَعَ) الْأَمْرَ (إلَى الْحَاكِمِ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: فَيَدَّعِي شِرَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَيْبُ وَأَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي وَجْهٍ مُسَخَّرٍ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ وَيُحَلِّفُهُ أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ جَرَى كَذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَيَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ سِوَى الْمَبِيعِ بَاعَهُ فِيهِ انْتَهَى وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَاهُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْقَاضِي لَيْسَ كَالْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَسُكُوتُهُمَا عَلَى نَصْبِ مُسَخَّرٍ لِلْعِلْمِ بِمَا صَحَّحَاهُ فِي مَحِلِّهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ نَصْبُهُ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ إنْ أَمْكَنَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ) وَالثَّانِي لَا لَكِنْ يَفْسَخُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَصَحِّ) فَيُؤَخِّرُهُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ وَالثَّانِي: تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْفَسْخِ مَا أَمْكَنَ
(وَيُشْتَرَطُ) فِي الرَّدِّ
ــ
[حاشية قليوبي]
عِنْدَهُ، قَبْلَ طَلَبِ حُضُورِ الْبَائِعِ مِنْهُ. قَوْلُهُ:(غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ) سَوَاءٌ طَالَتْ الْمَسَافَةُ أَوْ قَصُرَتْ، لَكِنْ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إلَّا إنْ كَانَ فِي مَسَافَةٍ يَقْضِي فِيهَا عَلَى الْغَائِبِ، أَوْ كَانَ مُتَعَذِّرًا أَوْ مُتَوَارِيًا، وَعَلَى هَذِهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ:(وَأَنَّهُ فَسَخَ) هُوَ إنْشَاءٌ لِلْفَسْخِ لَا إخْبَارٌ عَنْهُ. فَتَقْدِيمُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ هُنَا لَا يَضُرُّ، فَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ فَسْخٌ قَبْلَ ذَلِكَ عِنْدَ شُهُودٍ مَثَلًا أَوْ قَبْلَ طَلَبِ حُضُورِ خَصْمِهِ كَمَا مَرَّ فَهُوَ إخْبَارٌ بِهِ.
قَوْلُهُ: (يُنَصِّبُهُ) أَيْ نَدْبًا. قَوْلُهُ: (وَيْحُكُمْ بِالرَّدِّ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي مَسَافَةٍ يَصِحُّ فِيهَا الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ غَيْرَ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الْبَيْعِ فَيُحَافِظُ عَلَى إبْقَائِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لِلْغَائِبِ حُجَّةً يُظْهِرُهَا إذَا حَضَرَ. قَوْلُهُ: (إنْ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَهُ الْحَبْسُ، تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ، وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ فَيُفِيدُ عَدَمَ الْحَبْسِ فِي الْفُسُوخِ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِهِ هُنَا مَا يُفِيدُ عَدَمَ الْحَبْسِ هُنَا، وَإِذَا حَبَسَهُ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ يَدٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ: وَإِنْ دَلَّسَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. وَالْمُرَادُ يَحِلُّ الْقَبْضُ فِي عِبَارَتِهِ مَحَلَّ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ الْمُشْتَرِي إلَى مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِي طَرِيقِهِ إذَا لَقِيَ مَنْ يُشْهِدُهُ، وَلَوْ عَدْلًا مَسْتُورًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَحَرِّي طَلَبِ الشُّهُودِ فَإِنْ عَجَزَ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ فِي طَرِيقِهِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِهِ، وَغَايَةُ وُجُوبِ الْإِنْهَاءِ وُصُولُهُ إلَى الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ وَمَتَى أَشْهَدَ سَقَطَ عَنْهُ الْإِنْهَارُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَهُ الرُّجُوعُ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ ظَهَرَ مَنْ أَشْهَدَهُ غَيْرَ عَدْلٍ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْمُوَكِّلِ الَّذِي بَعَثَ وَكِيلَهُ إلَى الرَّدِّ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ بِحُضُورِ الشُّهُودِ عِنْدَهُ وَإِنَّهُ إذَا أَشْهَدَ سَقَطَ الْإِشْهَادُ وَالْإِنْهَاءُ عَنْهُ وَعَنْ وَكِيلِهِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ. وَأَمَّا حَالُ عُذْرِهِ بِعَجْزِهِ عَنْ الْمُضِيِّ إلَى الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ نَحْوِ عَدُوٍّ أَوْ غَيْبَةِ مَنْ يَرِدُ عَلَيْهِ وَعَدَمِ الْحَاكِمِ فَذَكَرَهَا فِي الْمَنْهَجِ وَقَالَ هِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ إنْ حَضَرَ الشُّهُودُ وَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُمْ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، بِأَنْ حَضَرَهُ الْوَكِيلُ، وَبَعْدَ التَّوْكِيلِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمَا طَلَبُ الْإِشْهَادِ فَمَتَى حَضَرَهُ الشُّهُودُ أَوْ لَقِيَهُمْ الْوَكِيلُ فِي طَرِيقِهِ وَجَبَ عَلَى الْقَادِرِ مِنْهُمَا الْإِشْهَادُ وَمَتَى أَشْهَدَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْإِشْهَادُ عَنْ الْآخَرِ، وَسَقَطَ الْإِنْهَاءُ عَنْهُمَا. وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ مِنْ تَحَرِّي الْإِشْهَادِ تَارَةً وَعَدَمِهِ أُخْرَى، فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ وَلَا يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ صَحَّ لَكِنْ لَوْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ مَثَلًا احْتَاجَ فِي إثْبَاتِهِ إلَى بَيِّنَةٍ بِهِ. كَذَا قَالَهُ
ــ
[حاشية عميرة]
بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ الْبَلَدِ) طَالَتْ الْمَسَافَةُ أَمْ قَصُرَتْ كَذَا قِيلَ، وَلَك أَنْ تَقُولَ قَوْلُهُمْ الْآتِي هَذَا قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ، يُعَرِّفُك تَقْيِيدَ الْغَيْبَةِ بِمَا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ فَمَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ. قَوْلُهُ:(لَيْسَ كَالْبَائِعِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهُ وَيُرَاعِي مَصْلَحَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَالْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ طَالِبًا لِأَحَدِهِمَا لَا يَعْدَمُهُ مُقَصِّرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ لِفَقْدِ الشَّاهِدُ أَوْ لِمَرَضٍ وَنَحْوُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ إعْلَامُ الْغَيْرِ يَبْعُدُ إيجَابُهُ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا تَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ فَيَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ طَلَبُ الْعَمَلِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ وَهُوَ
(تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) كَقَوْلِهِ اسْقِنِي أَوْ نَاوِلْنِي الثَّوْبَ أَوْ أَغْلِقْ الْبَابَ (أَوْ تَرَكَ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا أَوْ إكَافَهَا) أَيْ الْبَرْذعَةَ (بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْ الرَّدِّ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالرِّضَا بِالْعَيْبِ وَإِضَافَةُ السَّرْجِ أَوْ الْإِكَافِ إلَى الدَّابَّةِ لِمُلَابَسَتِهِ لَهَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ إكَافٌ فَتَرَكَهُ عَلَيْهَا بَطَلَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ (وَيُعْذَرُ فِي رُكُوبِ جَمُوحٍ يَعْسُرُ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا) أَيْ يُعْذَرُ فِي رُكُوبِهَا حِينَ تَوَجُّهُهُ لِيَرُدَّهَا وَلَوْ رَكِبَ غَيْرَ الْجَمُوحِ لِرَدِّهَا بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهُ وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِلرَّدِّ (وَإِذَا سَقَطَ رَدُّهُ بِتَقْصِيرٍ) مِنْهُ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ كَمَا لَا رَدَّ (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) بِآفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ (سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا) أَيْ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ لِإِضْرَارِهِ بِالْبَائِعِ (ثُمَّ إنْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ (الْبَائِعُ) مَعِيبًا (رَدَّهُ الْمُشْتَرِي) بِلَا أَرْشٍ عَنْ الْحَادِثِ (أَوْ قَنَعَ بِهِ) بِلَا أَرْشٍ عَنْ الْقَدِيمِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِهِ مَعِيبًا (فَلْيَضُمَّ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى الْمَبِيعِ وَيَرُدَّ أَوْ يَغْرَمَ إلَى الْبَائِعِ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَا يَرُدُّ) الْمُشْتَرِي رِعَايَةً لِلْجَانِيَيْنِ (فَإِنْ اتَّفَقَا
ــ
[حاشية قليوبي]
شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ مِنْ جُمْلَةِ الشُّهُودِ فِيمَا مَرَّ فَهُوَ مِنْ الْإِشْهَادِ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَهُوَ شَامِلٌ لِتَرْكِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمُوَكِّلِهِ وَوَكِيلِهِ وَوَلِيِّهِ وَمُوَلِّيهِ وَوَارِثِهِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَهَلْ يَتَقَيَّدُ التَّرْكُ بِالْعَالِمِ دُونَ غَيْرِهِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ) وَالْإِشَارَةُ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ، كَالْقَوْلِ وَسَوَاءٌ أَجَابَهُ لِلْخِدْمَةِ أَمْ لَا وَلَوْ خَدَمَهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ فَلَوْ جَاءَهُ الْعَبْدُ بِنَحْوِ كُوزٍ مَثَلًا لِلشُّرْبِ، فَإِنْ تَنَاوَلَهُ مِنْهُ بِيَدِهِ بَطَلَ حَقُّهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ شَرِبَ مِنْهُ أَمْ لَا وَإِنْ وَضَعَهُ الْعَبْدُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى يَدِهِ مَبْسُوطَةً فَأَخَذَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ فِيهِمَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مُطْلَقًا. فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ بَطَلَ حَقُّهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(أَوْ تَرَكَ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا) وَلَوْ حَالَ الرَّدِّ إلَّا لِخَوْفٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ كَوْنِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ حَمْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ وَلَهُ الرُّكُوبُ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ الْمَشْيُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَرْكَبُهُ. قَوْلُهُ:(لِمُلَابَسَتِهِ لَهَا) أَيْ فَيَشْمَلُ مَا لَيْسَ لَهُ وَمَا اشْتَرَاهُ مِنْهَا، وَغَيْرَ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ صَادِقَةٌ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ اللِّجَامُ وَالْعِذَارُ وَالْمِقْوَدُ وَنَحْوُ الْقَيْدِ سَوَاءٌ تَرَكَ ذَلِكَ فِيهَا أَوْ أَلْبَسَهُ لَهَا فَلَا يَضُرُّ، لِأَنَّهُ لِحِفْظِهَا وَلَوْ حَلَبَهَا أَوْ جَزَّ صُوفَهَا أَوْ عَلَفَهَا أَوْ سَقَاهَا أَوْ رَعَاهَا فِي الطَّرِيقِ وَاقِفَةً مَعَ إمْكَانِ ذَلِكَ. وَهِيَ سَائِرَةٌ بَطَلَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِعْلُهَا كَذَلِكَ بِخِلَافِ، خَلْعِ نَعْلِهَا إنْ لَمْ يَعِبْهَا خَلْعُهُ وَيُكَلَّفُ خَلْعَ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِمِثْلِهِ خَلْعُهُ أَوْ عَلَيْهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. قَوْلُهُ:(إكَافَهَا) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا اسْمٌ لِمَا تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ وَقِيلَ لِمَا فَوْقَهَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلْبَرْذَعَةِ وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الشَّارِحِ لِهَذَا لِانْضِمَامِهِ إلَى السَّرْجِ. قَوْلُهُ: (يَعْسُرُ إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِجَمُوحٍ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَرْشَ) نَعَمْ إنْ صَحَّ بِغَيْرِ خِيَارِ الْعَيْبِ فَلَهُ الْأَرْشُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) وَهُوَ كُلُّ مَا يُثْبِتُ الرَّدَّ ابْتِدَاءً نَعَمْ الثُّيُوبَةُ فِي أَوَانِهَا لَا تُثْبِتُ الرَّدَّ وَحُدُوثُهَا يَمْنَعُهُ وَكَذَا عَدَمُ مَعْرِفَةِ الْعَبْدِ صَنْعَةً لَا يُثْبِتُ الرَّدَّ وَنِسْيَانُهَا يَمْنَعُهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحَادِثِ ثُمَّ عَلِمَهُ الْبَائِعُ، فَلَهُ فَسْخُ الْفَسْخِ فَعُلِمَ أَنَّ الْحَادِثَ يُسْقِطُ الرَّدَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِالْقَدِيمِ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ إنْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ لَا نَحْوُ وَكِيلٍ وَوَلِيٍّ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَنَعَ بِهِ) عَطْفٌ عَلَى رَدِّهِ.
قَوْلُهُ: (فَلْيَضُمَّ) أَيْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَرْشَ الْحَادِثِ) وَهِيَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ وَمُعْيِيًا بِهِ فَقَطْ لَا بِمُقَابِلِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ أَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ آجَرَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ تَقَايَلَا فَلِلْبَائِعِ طَلَبُ الْأَرْشِ وَلِلْمُشْتَرِي فِي الْإِجَارَةِ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ) نَعَمْ يَتَعَيَّنُ الْأَحَطُّ مِنْهُمَا فِي
ــ
[حاشية عميرة]
سَاكِتٌ لَمْ يَضُرُّ، وَأَنَّهُ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ ضُرٌّ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَوْ إكَافَهَا) وَيُقَالُ: أَيْضًا وِكَافٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَ حَقُّهُ) وَلَوْ حَلَبَهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ ضَرَّ، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ رحمه الله: وَلَوْ سَقَى الدَّوَابَّ وَعَلَفَهَا وَحَلَبَهَا إذَا لَمْ يُوقِفْهَا لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (سَرْجٌ أَوْ إكَافٌ) أَيْ فَهُوَ شَامِلٌ لِلْمَمْلُوكِ لَهُ وَلَوْ بِالشِّرَاءِ مَعَهَا، فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا يَشْمَلُ مَا كَانَ فِي يَدِهِ بِعَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَلَا أَرْشَ) أَيْ لِأَنَّ الرَّدَّ هُوَ حَقُّهُ الْأَصْلِيُّ وَالْأَرْشُ إنَّمَا عَدَلَ إلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْمُقَصِّرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) لَوْ صَبَغَهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَطَلَبَ الرَّدَّ مِنْ غَيْرِهِ مُطَالَبَةً بِعِوَضِ الزَّائِدِ لَزِمَ الْبَائِعَ الْقَبُولُ.
عَلَى أَحَدِهِمَا فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ (فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّالِبُ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعَ لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ، وَالثَّانِي: يُجَابُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَدْلِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: يُجَابُ الْبَائِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إمَّا غَارِمٌ أَوْ آخِذٌ مَا لَمْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (وَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى الْفَوْرِ بِالْحَادِثِ) مَعَ الْقَدِيمِ (لِيَخْتَارَ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ أَوْ تَرْكِهِ وَإِعْطَاءِ الْأَرْشِ (فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ) بِذَلِكَ عَنْ فَوْرِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَدِيمِ (بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ بِهِ (وَلَا أَرْشَ) عَنْهُ لِإِشْعَارِ التَّأْخِيرِ بِالرِّضَا بِهِ.
وَلَوْ كَانَ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ غَالِبًا كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى فَيُعْذَرُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي انْتِظَارِ زَوَالِهِ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ سَالِمًا عَنْ الْحَادِثِ، وَلَوْ زَالَ الْحَادِثُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْقَدِيمِ أَوْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَرَدُّ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ تَرَاضَيَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَدِيمَ بَعْدَ زَوَالِ الْحَادِثِ رُدَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ زَالَ الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ بَعْدَ أَخْذٍ رَدَّهُ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ
(وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ كَكَسْرِ بِيضٍ) وَجَوْزٍ (وَرَانِجٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ ظَهَرَ عَيْبُهَا (وَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (مُدَوِّدٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ فِي بَعْضِ أَطْرَافِهِ (رُدَّ) مَا ذُكِرَ بِالْقَدِيمِ قَهْرًا (وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ) لِلْحَادِثِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ. وَالثَّانِي: يُرَدُّ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا مَعِيبًا وَمَكْسُورًا مَعِيبًا، وَلَا نَظَرَ إلَى الثَّمَنِ. وَالثَّالِثُ: لَا يُرَدُّ أَصْلًا كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. أَمَّا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالْبَيْضِ الْمَذِرِ وَالْبِطِّيخِ الْمَمْدُودِ كُلِّهِ أَوْ الْمُعَفَّنِ فَيَتَبَيَّنُ فِيهِ فَسَادُ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهُ (فَإِنْ أَمْكَنَ
ــ
[حاشية قليوبي]
نَحْوِ وَلِيٍّ مَحْجُورٍ. قَوْلُهُ: (إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) نَعَمْ لَوْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي بِصَبْغٍ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ، وَطَلَبَ الْبَائِعُ رَدَّهُ وَغَرِمَ قِيمَةَ الصَّبْغِ أُجِيبَ لِأَنَّ مَا يَغْرَمُهُ فِي مُقَابَلَةِ الصَّبْغِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا بِخِلَافِ غَيْرِ هَذَا وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ، ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ تَرَكَهُ وَغَرِمَ أَرْشَ الْقَدِيمِ أَوْ أَخَذَهُ وَغَرِمَ أُجْرَةَ النَّسْجِ. قَوْلُهُ:(عَلَى الْفَوْرِ) وَيُعْذَرُ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَا أَرْشَ) وَإِنْ تَرَاضَيَا بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ أَصْلًا فَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (قَرِيبَ الزَّوَالِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَغَايَةُ الْقُرْبِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَزَلْ فِيهَا رَدَّهُ بَعْدَهَا فَوْرًا وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ زَوَالِهِ فِي أَنَّهُ الْقَدِيمُ أَوْ الْحَادِثُ حَلَفَ كُلٌّ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا سَقَطَ الرَّدُّ وَوَجَبَ أَرْشُ الْقَدِيمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَرْشِ صُدِّقَ مُدَّعِي الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَرَدُّ الْأَرْشِ) هُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى الْفَسْخِ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْأَرْشِ أَيْ عَوْدُهُ لِلْبَائِعِ فِي الْأَوْلَى وَعَدَمِ أَخْذِهِ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عُلِمَ الْقَدِيمُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَادِثِ فَلَهُ الرَّدُّ) وَهَلْ مِثْلُهُ قَبْلَ زَوَالِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ رَاجِعْهُ وَشَمِلَ زَوَالُ الْحَادِثِ مَا لَوْ كَانَ بِمُعَالَجَةٍ. قَوْلُهُ: (رَدَّهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَوْلُهُ: (كَكَسْرِ بَيْضٍ) أَيْ ثَقْبِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يُعْرَفُ فِي الْعُرْفِ لَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْبَاءِ) عَلَى الْأَفْصَحِ وَفِيهِ لُغَاتٌ وَمِثْلُهُ نَشْرُ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِنَشْرِهِ وَكَانَ رَآهُ قَبْلَ طَيِّهِ. قَوْلُهُ: (تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَزِمَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ بِطِّيخٍ كَثِيرٍ، فَوَجَدَ فِي وَاحِدَةٍ وَلَوْ غَيْرَ الْأَوْلَى مَثَلًا عَيْبًا لَمْ يَتَجَاوَزْهَا لِثُبُوتِ مُقْتَضَى الرَّدِّ بِهَا فَإِنْ تَجَاوَزَهَا سَقَطَ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ، وَلَوْ عَلِمَ عَيْبَ دَابَّةٍ بَعْدَ نَعْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَعِبْهَا نَزْعُهُ فَلَهُ نَزْعُهُ وَلَهُ رَدُّهَا بِهِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُهُ بِخِلَافِ الصُّوفِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السَّمْنَ وَإِنْ عَيَّبَهَا نَزْعُهُ رَدَّهَا بِهِ وَلَزِمَ الْبَائِعَ قَبُولُهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ طَلَبَهُ إلَّا أَنْ سَقَطَ فَإِنْ نَزَعَهُ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ فِي نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً فِي بِطِّيخَةٍ فَصَادَفَتْ حَلَاوَةً فَكَسَرَهَا، فَوَجَدَ بِهَا
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) وَهُوَ الَّذِي طَلَبَ بَذْلَ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ: (لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ) وَأَيْضًا فَالرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ، وَأَرْشُ الْحَادِثِ إدْخَالُ شَيْءٍ جَدِيدٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَانِجُ) يَجُوزُ فَتْحُ نُونِهِ أَيْضًا وَالْبِطِّيخُ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الطَّبِيخُ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْوَاوِ) مِثْلُهُ الْمُسَوِّسُ كَذَا ضَبَطَهُمَا الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ: (رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ) وَأَيْضًا لِلْقِيَاسِ عَلَى الْمُصَرَّاةِ. قَوْلُهُ: (تَنْظِيفُ الْمَكَانِ) وَتَكُونُ الْقُشُورُ لَهُ، وَقِيلَ إنَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ فِيهِ بِالثَّمَنِ