الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ قَطْعًا) وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (وَلَا مَعْرِفَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيُعْرَفَ حَالُهُ وَأَنَّهُ هَلْ يَسْتَحِقُّ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ إلَيْهِ.
(وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ)
وَهُوَ الدَّيْنُ (كَوْنُهُ ثَابِتًا) فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لَهُ فَلَا يَسْبِقُهُ كَالشَّهَادَةِ وَهَذَا فِي الْجَدِيدِ، (وَصَحَّحَهُ فِي الْقَدِيمُ ضَمَانَ مَا سَيَجِبُ) كَأَنْ يَضْمَنَ الْمِائَةَ الَّتِي سَتَجِبُ بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا) وَرُدَّ (أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ) الَّتِي وُزِنَ بِهَا وَرُدَّ، وَهِيَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَوَجْهُ صِحَّتِهِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَفِي قَوْلٍ هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ كَمَا ذُكِرَ تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الثَّمَنِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ
ــ
[حاشية قليوبي]
شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَسَيَأْتِي اعْتِمَادُهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ (وَهُوَ الدَّيْنُ) لَوْ قَالَ هُوَ الْحَقُّ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمَنْفَعَةَ كَالْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ، وَالْعَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ رَاعَى الْوَصْفَ بِاللُّزُومِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهِ ظَاهِرًا إلَّا الدُّيُونُ، وَقَدْ يُؤَوَّلُ بِلُزُومِ الْإِعْطَاءِ لِمُسْتَحِقِّهِ فَيَعُمُّ، وَهُوَ هُنَا أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَشَمَلَ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا لِمُسْتَحِقٍّ انْحَصَرَ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ لِأَجْلِ النِّيَّةِ وَكَالزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ ضَمَانِ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَيِّتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَيَصِحُّ ضَمَانُ عَيْنِ الزَّكَاةِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ:(أَوْ قَرْضٍ) نَحْوُ أَقْرِضْ زَيْدًا أَلْفًا وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَشَمَلَ ثُبُوتَهُ مَا لَوْ كَانَ بِاعْتِرَافِ الضَّامِنِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَلِلْمَضْمُونِ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ. فَرْعٌ لَوْ قَالَ اثْنَانِ ضَمِنَا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِنِصْفِهِ، كَمَا لَوْ رَهَنَا عَبْدَهُمَا عَلَى أَلْفٍ لِغَيْرِهِمَا، قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَصِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُجُودِ الْغَرِيمِ فِيهِ، عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحَقِّ عَيْنَ مَالِهِ، وَيُقَالُ لَهُ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ وَالدَّرَكُ لُغَةً الْمُطَالَبَةُ وَالتَّبِعَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَتُطْلَقُ عَلَى مَا ضَعُفَ وَلَمْ يُحْكَمْ وَعَلَى الرَّجْعَةِ وَالْعُهْدَةِ اسْمٌ لُغَةً لِلْوَثِيقَةِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الشَّيْءُ، فَتَسْمِيَةُ الْمَكْتُوبِ فِيهَا بِذَلِكَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَالِّ بِاسْمِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَكَ خَلَاصَكَ مِنْهُ صَحَّ أَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك خَلَاصَ الْمَبِيعِ إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَصِحَّ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ) لَا قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ، كَمَا يَأْتِي وَالْمَبِيعُ كَالثَّمَنِ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْعِوَضِ لِشَمِلَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْأُجْرَةُ وَالْمُؤَجَّرُ كَالثَّمَنِ، وَالْمَبِيعُ بِخِلَافِ نَحْوِ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ (أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ) أَيْ جَمِيعَهُ إنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا جَمِيعَهُ أَوْ مَعِيبًا وَرُدَّ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ إنْ خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ رُدَّ بَعْضُهُ أَوْ لَمْ يَرُدَّ، وَلَكِنْ نَقَصَ كَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ بِحَسَبِ صِيغَةِ ضَمَانِهِ، فَإِنْ قَالَ: ضَمِنْتُهُ إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ خَرَجَ مَعِيبًا وَعَكْسُهُ أَوْ ضَمِنْت نَقْصَهُ لِصَنْجَةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ لِعَيْبٍ، وَهَكَذَا فَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ وَقْتَ ضَمَانِهِ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ، وَكَانَ بَاقِيًا ضَمِنَ عَيْنَهُ فَقَطْ، وَيُسَمَّى ضَمَانَ عَيْنٍ، فَإِنْ تَلِفَ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُ ضَمَانِهِ تَالِفًا لَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَعْدَ الْعَقْدِ، عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَوْ مِثْلِيًّا لِلْحَيْلُولَةِ، وَإِنْ تَلِفَ لَزِمَهُ بَدَلُهُ، وَيُسَمَّى فِي هَذَيْنِ ضَمَانُهُ ذِمَّةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ وَالْمُعَيَّنِ بَعْدَهُ، بُطْلَانُ الْبَيْعِ بِخُرُوجِ الْأَوَّلِ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (وَرُدَّ) لَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِلْأَخْذِ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ ضَمَانِ جَمِيعِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ) بِاللَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْكَافِ فَيَشْمَلُ النَّوْعَ وَالصِّفَةَ. قَوْلُهُ: (وَأُجِيبَ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْخُرُوجِ
ــ
[حاشية عميرة]
الْمَضْمُونِ لَهُ. وَيُعْتَبَرُ وُقُوعُ الرِّضَا قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ، وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ جَوَازُ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَهُوَ إجَازَةٌ إنْ جَوَّزْنَا وَقْفَ الْعُقُودِ عَلَى الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ (وَعَلَى اشْتِرَاطِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى الْقَبُولِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ:(لِيَعْرِفَ) أَيْ هَلْ مِمَّنْ يُبَادِرُ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ أَمْ لَا، وَهَلْ هُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ.
[وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ]
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الدَّيْنُ) خَالَفَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَادَّعَى أَنَّ الْعِبَارَةَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قَوْلُهُ ثَابِتًا أَيْ حَقًّا ثَابِتًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي كُتُبِهِمَا، وَحِينَئِذٍ فَتَدْخُلُ الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ، وَالدُّيُونُ مَالًا أَوْ عَمَلًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ. حَيْثُ قَالَ فِيهِ: دَيْنًا ثَابِتًا. نَعَمْ يَحْتَاجُ هُنَا إلَى قَيْدِ كَوْنِهِ قَابِلًا، لَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ لِيَخْرُجَ الْقِصَاصُ، وَحَدُّ الْقَذْفِ وَنَحْوُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ) لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَكَ خَلَاصَكَ مِنْهُ
تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِأَنْ لَا يُسَلِّمَ الثَّمَنَ إلَّا بَعْدَهُ، (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَضْمُونُ (لَازِمًا كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) إذْ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطُهَا بِالْفَسْخِ، فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا وَسَوَاءٌ فِي اللَّازِمِ الْمُسْتَقِرُّ وَغَيْرُهُ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَقَبْلَهُ، (وَيَصِحُّ ضَمَانُ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ الْآنَ. وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ، أَمَّا إذَا مَنَعَهُ فَهُوَ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ (وَضَمَانُ الْجُعْلِ) فِي الْجِعَالَةِ (كَالرَّهْنِ بِهِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَقِيلَ: يَجُوزُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِهِ فَيَجُوزُ قَطْعًا (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ (مَعْلُومًا فِي الْجَدِيدِ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ، وَصَحَّحَهُ الْقَدِيمُ بِشَرْطِ أَنْ تَأْتِيَ الْإِحَاطَةُ بِهِ كَضَمَانِ مَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ مُتَيَسِّرَةٌ بِخِلَافِ ضَمِنْت شَيْئًا مِمَّا لَكَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا.
(وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ فِي الْجَدِيدِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكُ الْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ، فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا بِهِ، وَفِي الْقَدِيمِ
ــ
[حاشية قليوبي]
مُسْتَحَقًّا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (لَا كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا، وَمِثْلُهَا دُيُونُ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ، وَتُقَدَّمُ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ لَا عَلَيْهَا، وَصِحَّتُهَا بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا شُغْلُ ذِمَّةٍ فَارِغَةٍ فَاحْتِيطَ لَهُ. قَوْلُهُ:(آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَبِذَلِكَ، فَارَقَ جُعْلَ الْجِعَالَةِ. قَوْلُهُ:(وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. وَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ صِحَّتِهِ مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ. قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا مَنَعَهُ) أَيْ الْمِلْكَ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (مَعْلُومًا) وَلَوْ لِلضَّامِنِ، فَقَطْ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً، وَمِنْهَا الْحُلُولُ وَالْأَجَلُ، وَقَدْرُهُ وَعَيْنُهُ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ، زَادَ الْغَزَالِيُّ كَوْنَهُ قَابِلًا لِلتَّبَرُّعِ بِهِ بِخِلَافِ قِصَاصٍ، وَحَدِّ قَذْفٍ وَشُفْعَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ لِمَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ، كَحَقِّ الْقَسَمِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ مَعَ صِحَّةِ التَّبَرُّعِ بِهِ، وَعَلَى عَكْسِهِ مِنْ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَرِيضٍ أَوْ مَيِّتٍ مُعْسِرَيْنِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ التَّبَرُّعِ بِهِ، نَعَمْ قَدْ يَدْفَعُ حَقَّ الْقَسَمِ بِأَنَّهُ لَا دَيْنَ فِيهِ. قَوْلُهُ:(فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا) أَيْ إنْ كَانَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَخُلْعٍ وَإِلَّا فَيَكْفِي عِلْمُ الْمُبْرِئِ فَقَطْ، وَيَصِحُّ فِيهِ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ وَيَكْفِي الْعِلْمُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ حَيْثُ أَمْكَنَ، وُجُودُهُ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ أَبْرَأَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، وَهُوَ يَعْلَمُ قَدْرَهَا أَوْ عَلِمَ بِهَا بَعْدُ، عِنْدَ قِسْمَتِهَا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مِنْ قَدْرٍ لَا يَعْلَمُ نَقْصَهُ عَنْ دَيْنِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ ظَانًّا حَيَاةَ مُوَرِّثِهِ، فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ مِنْ شَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ، فَبَانَ عَلَيْهِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَدَعْوَى الْجَهْلِ بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، لَا تُقْبَلُ إلَّا بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَبِكْرٍ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ أَوْ نَحْوِ نِسْيَانٍ. نَعَمْ لَوْ أَبْرَأ مَدِينَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ زُيُوفًا مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ، فَيَرْجِعُ بِهِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِمَّا عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّ مَعَ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي عَلَيْهِ، وَلَا يَعْلَمُ قَدْرَهَا بَرِئَ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
فَرْعٌ يَكْفِي فِي الْغِيبَةِ النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ، إنْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُغْتَابَ وَلَوْ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالَهُ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا
ــ
[حاشية عميرة]
صَحَّ. وَلَوْ قَالَ: ضَمِنَتْ لَكَ خَلَاصَ الْمَبِيعِ إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَصِحَّ، أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ:(تَبَيَّنَ إلَخْ) . فَرْعٌ لَوْ حَصَلَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ مَثَلًا، وَكَانَ الْمَضْمُونُ بَاقِيًا هَلْ يُطَالَبُ الضَّامِنَ أَوْ لَا؟ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا وَلَكِنْ تَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ، هَلْ يَغْرَمُ الضَّامِنُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ أَوْ لَا؟ كُلُّ ذَلِكَ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ لَيْسَ الْمَضْمُونُ هُنَا رَدَّ الْعَيْنِ، وَإِلَّا لَمَا وَجَبَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الضَّامِنِ عِنْدَ التَّلَفِ، قَالَ: وَإِنَّمَا الْمَضْمُونُ الْمَالِيَّةُ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ حَتَّى لَوْ بَانَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَالثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ بِقِيمَتِهِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا كَنُجُومٍ) هُوَ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِاللَّازِمِ مَا وَضْعُهُ اللُّزُومُ، وَلَوْ كَانَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُعَامَلَةً لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُهُ كَنُجُومٍ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ) أَيْ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِخِلَافِ الْجُعْلِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ، فَكَانَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ ثُمَّ الْمُرَادُ الْعِلْمُ بِهِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً حَتَّى الْحُلُولُ، وَالتَّأْجِيلُ وَمِقْدَارُ الْأَجَلِ. قَوْلُهُ:(بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا وَالرِّضَا الْمَجْهُولُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. قُلْت: لَا فَرْقَ فِي الْمَجْهُولِ بَيْنَ مَجْهُولِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، حَتَّى الْحُلُولُ، وَالتَّأْجِيلُ وَمِقْدَارُ الْأَجَلِ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ إبِلِ الدِّيَةِ، وَلَوْ وَكَّلَ اشْتَرَطَ عِلْمَ الْمُوَكِّلِ فَقَطْ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الرَّافِعِيِّ