الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النِّتَاجِ بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا، فَوَلَدُ وَلَدِهَا نِتَاجُ النِّتَاجِ، وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ كَالْجَوْهَرِيِّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ، يُقَالُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ نِتَاجًا بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ وَلَدَتْ، وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ النَّهْيِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَعَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ. (وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ) وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ مِنْ الْأَجِنَّةِ (وَالْمَضَامِينِ وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ) مِنْ الْمَاءِ رَوَى النَّهْيَ عَنْ بَيْعِهِمَا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا وَالْبَزَّارُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ فِيهِمَا لِمَا عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ
(وَالْمُلَامَسَةُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: وَالْمُنَابَذَةُ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ:«نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ: الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ» . (بِأَنْ يَلْمِسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (ثَوْبًا مَطْوِيًّا) أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (ثُمَّ يَشْتَرِيهِ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ (أَوْ يَقُولُ إذَا لَمَسْتَهُ فَقَدْ بِعْتُكَهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ
ــ
[حاشية قليوبي]
مَنْدُوبَةٌ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمَنْعُهَا مَكْرُوهٌ، وَقَدْ تَجِبُ إذَا تَعَيَّنَتْ فِي مَحَلٍّ وَمَنْعُهَا حَرَامٌ حِينَئِذٍ وَتَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ) أَيْ فِي اللَّفْظَيْنِ وَغَلِطَ مَنْ سَكَّنَهَا فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا. وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَبَلَةَ مُفْرَدٌ فَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْنِيثِ. وَقِيلَ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ حَابِلٌ كَنَقَلَةٍ وَنَاقِلٍ. وَفِيمَا ذُكِرَ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَإِطْلَاقُ الْحَبَلِ عَلَى غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَجَازٌ. قَوْلُهُ:(بِأَنْ يَبِيعَ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِثَمَنٍ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ ابْنِ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنهما. قَوْلُهُ: (نِتَاجِ) هُوَ مَصْدَرُ نُتِجَ بِضَمِّ النُّونِ وَلَا يُقَالُ إلَّا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِالْقَلَمِ وَفِيهِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي اللُّغَةِ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ فَلَعَلَّ ذَلِكَ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ أَوْ أَنَّهُ لُغَةٌ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ) وَيُقَالُ لَهَا مُجْرٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَآخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَهِيَ جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ أَيْ مَلْقُوحٍ بِهَا مِنْ قَوْلِهِمْ لُقِّحَتْ النَّاقَةُ بِضَمِّ اللَّامِ أَيْ حَمَلَتْ فَهِيَ لَاقِحٌ، أَيْ حَامِلٌ، وَتَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ جَنِينُ النَّاقَةِ يُفِيدُ شُمُولَهُ لِلذَّكَرِ فَهَاؤُهُ فِيمَا مَرَّ لِلْوِحْدَةِ. قَوْلُهُ:(مَا فِي الْبُطُونِ) أَيْ بُطُونِ الْإِبِلِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ غَيْرُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُرَادُ شَرْعًا.
قَوْلُهُ: (وَالْمَضَامِينُ) جَمْعُ مِضْمَانٍ كَمِفْتَاحٍ أَوْ مَضْمُونٍ كَمَجْنُونٍ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْدَعَهَا ظُهُورَهَا فَكَأَنَّهَا ضَمِنَتْهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَاءِ) فَإِعَادَتُهَا مَعَ عِلْمِهَا مِنْ عَسْبِ الْفَحْلِ لِإِفَادَةِ أَنَّهَا تُسَمَّى بِذَلِكَ أَوْ أَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ بِاللَّفْظَيْنِ أَوْ لِلتَّقَابُلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا ذَاتًا، وَمَحَلًّا إذْ هِيَ لِمَاءٍ فِي ظُهُورِ الذُّكُورِ وَمَا قَبْلهَا لِمَاءٍ فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ هَذَا لِمَا يُبَاعُ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ رُؤْيَتِهِ) فَيَبْطُلُ هُنَا قَطْعًا، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَاللَّمْسِ لَا يَقُومُ مَقَامَ النَّظَرِ شَرْعًا وَلَا عَادَةً. قَوْلُهُ:(عَنْ الصِّيغَةِ) أَيْ عَنْ الْقَبُولِ فِيهَا أَوْ عَنْ الْإِيجَابِ وَحْدَهُ إنْ قَبِلَ أَوْ عَنْهُمَا مَعًا. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِلْأَخِيرَيْنِ. وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنْ يَجْعَلَا بِمَعْنَى يَقُولَا وَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَ قَبُولًا وَلَا إيجَابًا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى وَقْتِهِ أَوْ أَنَّهُ فَاسِدٌ لِتَعْلِيقِهِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَلْمِسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ الْفَتْحِ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ وَلَيْسَتْ حَرْفَ حَلْقٍ اهـ.
وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْإِحْدَاثِ الْكَسْرَ فِي الْمَاضِي، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ
ــ
[حاشية عميرة]
الْمَفْعُولِ وَإِطْلَاقُهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ، فَفِيهِ تَجَوُّزٌ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْحَبَلَةُ جَمْعُ حَابِلٍ كَفَاسِقٍ وَفَسَقَةٍ وَقِيلَ مُفْرَدٌ. قَوْلُهُ:(بِلَفْظِ نَهْيٍ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عِبَارَةُ الْكِتَابِ تُوهِمُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي النَّهْيِ التَّصْرِيحُ بِالْبَيْعِ فِي حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَالْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ، كَمَا لَمْ يَرِدْ التَّصْرِيحُ فِي الْعَسْبِ قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ وَرَدَ فِي الْكُلِّ النَّهْيُ وَسَيُشِيرُ الشَّارِحُ رحمه الله فِي الْجَمِيعِ اهـ.
وَفِي الْقُوتِ رِوَايَةٌ عَنْ مُسْلِمٍ نَهَى عَنْ بَدِيعِ ضِرَابِ الْفَحْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ) صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك وَلَدُ مَا تَلِدُهُ هَذِهِ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ ابْنِ عُمَرَ وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوَّلُ تَفْسِيرُ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِالْقَلَمِ قَالَ غَيْرُهُ بِفَتْحِ النُّونِ قَالَ وَلَعَلَّهُ بِالْكَسْرِ لُغَةٌ أُخْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ إلَخْ) هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِبِلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَضَامِينِ) فَسَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ ضِرَابِ الْفَحْلِ مِنْ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ مَثَلًا وَنَحْوُهُ فِي الْقُوتِ.
[بَيْع الْمُلَامَسَةُ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ يَقُولَ إلَخْ) عَلَّلَ الْإِمَامُ بُطْلَانَهُ بِالتَّعْلِيقِ وَالْعُدُولِ عَنْ الصِّيغَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَيَّنَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ إنْ جُعِلَ اللَّمْسُ شَرْطًا فَبُطْلَانُهُ لِلتَّعْلِيقِ وَإِنْ جُعِلَ ذَلِكَ بَيْعًا فَلِفَقْدِ الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونَانِ قَدْ جَعَلَا اللَّمْسَ بَيْعًا.
[بَيْع الْمُنَابَذَةُ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَجْعَلَا
أَوْ يَبِيعَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ.
(وَالْمُنَابَذَةُ) بِالْمُعْجَمَةِ (بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ، فَيَأْخُذَهُ الْآخَرُ أَوْ يَقُولُ: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْكَ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ وَالْبُطْلَانُ فِيهِمَا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ عَدَمِ الصِّيغَةِ أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ. «وَبَيْعُ الْحَصَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ) لَهَا (بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: إذَا رَمَيْت هَذِهِ الْحَصَاةَ فَهَذَا الثَّوْبُ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ. (أَوْ) يَقُولُ (بِعْتُك وَلَك الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا) وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ) هَذَا (بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ) فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت، أَوْ شِئْت أَنَا (أَوْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِكَذَا) أَوْ تَشْتَرِيَ مِنِّي دَارِي بِكَذَا، وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الثَّانِي كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ (وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ:«لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطٌ وَبَيْعٌ» (كَبَيْعٍ بِشَرْطِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُضَارِعُ بِالْفَتْحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَبِيعَهُ) أَيْ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَالْفَسَادُ فِي هَذِهِ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى يَجْعَلَا إذْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْمُنَابَذَةِ. وَقَدْ صَوَّرَهَا ابْنُ حَجَرٍ فِيهَا بِقَوْلِهِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَهُ بِشَرْطِ قِيَامِ نَبْذِهِ مَقَامَ رُؤْيَتِك.
قَوْلُهُ: (لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ) اعْتَرَضَ فَسَادُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بَلْ قَطْعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ غَيْرُ مُضِرٍّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا يَقْطَعُهُ إلَّا التَّفَرُّقُ أَوْ اللَّفْظُ بِنَحْوِ اخْتَرْنَا لُزُومَهُ، وَهَذَا لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَفَسَدَ لِعَدَمِ إفَادَتِهِ، أَوْ لِقَطْعِهِ خِيَارَ الْعَيْبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَغَيْرُهُ وَهُوَ لَا يَنْقَطِعُ لِأَنَّ الرَّدَّ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ أَوْ لِقَطْعِهِ خِيَارَ الشَّرْطِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَك الْخِيَارُ إلَى كَذَا، أَوْ لِقَطْعِهِ مُطْلَقَ الْخِيَارِ الشَّامِلَ لِجَمِيعِهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. وَلَعَلَّ الْوَاوَ فِي غَيْرِهِ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ فِي الْبُطْلَانِ، إمَّا لِلتَّعْلِيقِ إنْ جُعِلَ اللَّمْسُ شَرْطًا وَإِلَّا فَلِلْعُدُولِ عَنْ الصِّيغَةِ الشَّرْطِيَّةِ. قَوْلُهُ:(فَيَقُولُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: يَجْعَلَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك إذْ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَا إلَخْ فَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ صَحِيحٌ إنْ وَقَعَ اللَّفْظُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ حَيْثُ اتِّفَاقِهِمَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَفْظًا وَلَا يُعْتَمَدُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِلتَّعْلِيقِ أَوْ عَدَمِ الْقَبُولِ. قَوْلُهُ: (فَهَذَا الثَّوْبُ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ الْفَاءِ أَنَّهُ جَوَابُ الشَّرْطِ فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ جَعَلَهُ ابْتِدَاءً صِيغَةً وَقَبِلَ الْآخَرُ فَلَا تَبْعُدُ الصِّحَّةُ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولُ بِعْتُك) أَشَارَ إلَى أَنَّ بِعْتُك عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك الْأَوَّلِ وَجُمْلَةُ يَجْعَلَا إلَخْ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا وَهُوَ فَصْلٌ جَائِزٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَمِلْت قَبْلَهُ فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ يَجْعَلَا عَطْفًا عَلَى يَقُولَ، وَأَنْ يَكُونَ بِعْتُك عَطْفًا عَلَى الرَّمْيِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ) أَيْ فِي الْأُولَى أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ فِي الثَّالِثَةِ، وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الثَّانِيَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ ذَلِكَ أَوْ لِأَجْلِ الِاخْتِصَارِ بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ الْجَهْلِ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ فَلَا تَجُوزُ. قَوْلُهُ: (بِأَلْفَيْنِ) وَالْفَاءُ وَثُمَّ مِثْلُ أَوْ بِخِلَافِ الْوَاوِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ مِنْهَا أَلْفَانِ مُؤَجَّلَةٌ. قَوْلُهُ:(وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْعَتَيْنِ فَلِمَ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي فَفِيهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(سَلَفٌ وَبَيْعٌ)
ــ
[حاشية عميرة]
النَّبْذَ) هُوَ الطَّرْحُ وَالْإِلْقَاءُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: اخْتِلَافُ الْمُعَاطَاةِ يَجْرِي هُنَا وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْفِعْلَ هُنَا خَالٍ عَنْ قَرِينَةِ الْبَيْعِ، وَلَمْ تُعْلَمْ قَرِينَةُ الْبَيْعِ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي بِخِلَافِ الْفِعْلِ فِي الْمُعَاطَاةِ فَإِنَّهُ كَالْمَوْضُوعِ عُرْفًا لِذَلِكَ. قَوْلُهُ:(لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ لَا نَقُولُ بِهِ هُنَا فِي الْمُلَامَسَةِ لِأَنَّهُمَا شَرَطَا أَنْ يَقُومَ اللَّمْسُ مَقَامَ النَّظَرِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَخَرَّجُ الْبُطْلَانُ عَلَى خِلَافِ الصِّحَّةِ عِنْدَ نَفْيِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ فِيهِ الْبُطْلَانُ لِوُرُودِ النَّهْيِ هُنَا أَقُولُ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ الشَّارِحُ فِيمَا مَضَى بِقَوْلِهِ اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ:(إذَا رَمَيْت إلَخْ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَبِفَتْحِهَا، وَكَذَا كُلُّ صُوَرِهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ رَمْيِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ:(أَوْ يَقُولَ) قِيلَ كَانَ الصَّوَابُ التَّصْرِيحُ بِيَقُولَ إرْشَادًا إلَى عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ يُقَدِّمُهُ عَلَى الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ) بِهِ تَعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي صُورَتِهَا السَّابِقَةِ فَهَذَا الثَّوْبُ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ الْغَرَضُ مِنْهُ الْإِخْبَارُ لَا الْإِنْشَاءُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِعْتُك إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ وَمَا قَبْلُهُ ذَكَرَهُمَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه. قَوْلُهُ:
بَيْعٍ) كَمَا تَقَدَّمَ. (أَوْ قَرْضٍ) كَأَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِائَةً. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِي ثَمَنًا. وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يَفْرِضَ التَّوْزِيعَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْعَقْدُ.
(وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطَهُ) الْبَائِعُ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) أَيْ الشِّرَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ. وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الشَّرْطُ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ يُوَزِّعُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. وَالثَّالِثُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِمَا يُقَابِلُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُسَمَّى، وَهَذَا حَاصِلُ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَصَحُّهَا بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ وَالثَّانِيَةُ فِيهِمَا الْقَوْلَانِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَالثَّالِثَةُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَفِي الْبَيْعِ قَوْلُ تَفْرِيقِ الصِّفَةِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (صُوَرٌ) تَصِحُّ لِمَا سَيَأْتِي (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَحَالِّهِ (وَالْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ الْمُعَيَّنَاتِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ) أَمَّا الْأَجَلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] . أَيْ مُعَيَّنٍ. {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]
ــ
[حاشية قليوبي]
أَيْ قَرْضٌ وَبَيْعٌ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْقَرْضِ عَقْدَهُ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ عَقْدَيْنِ جَائِزٍ وَلَازِمٍ وَهُوَ بَاطِلٌ، أَوْ الْمُرَادُ شَرْطُ الْقَرْضِ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ بَيْعٍ وَشَرْطُ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(قَرْضٌ) وَمِثْلُهُ الْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ) فَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِهِ: قَبِلْت الْبَيْعَ وَأَقْرَضْتُك الْمِائَةَ فَبَاطِلٌ أَيْضًا. وَلَوْ وَقَعَ عَقْدُ قَرْضٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَا بُطْلَانَ الشَّرْطِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي الصِّحَّةُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِلْوَاقِعِ مَعَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُ تَرَتُّبِهِ عَلَى الشَّرْطِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْفَسَادِ غَيْرُ مُضِرٍّ كَمَا فِي بَيْعِ مَالِ مُوَرِّثِهِ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) أَوْ وَيَحْصُدَهُ أَوْ يَحْصُدَهُ بِغَيْرِ وَاوٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ. وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي وَيَخِيطَهُ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ صِيغَةُ الْأَمْرِ كَاحْصُدْهُ وَخِطْهُ فَلَا يَضُرُّ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ إلَّا إنْ أَرَادَ الشَّرْطِيَّةَ. وَمِثْلُ ذَلِكَ شِرَاءُ نَحْوِ حَطَبٍ بِشَرْطِ حَمْلِهِ لِمَنْزِلِهِ وَإِنْ عُرِفَ أَوْ بِطِّيخَةٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْبَائِعُ) وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنَّ شَرَطَ الْحَصَادَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِطُ الْبَائِعَ خِلَافًا لِظَاهِرِ مَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ:(فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ) أَيْ الْآنَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ لَهُ الْمِلْكُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَالضَّمِيرُ فِي يَمْلِكُهُ عَائِدٌ لِلْمُشْتَرِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ عَمَلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْبَائِعُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي عَمَلًا فِيمَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ غَيْرُ الْمَبِيعِ بَطَلَ الْعَقْدُ قَطْعًا إذْ لَا تَبَعِيَّةَ. قَوْلُهُ: (بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مُدَّةٍ وَلَا عَمَلٌ مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (الطُّرُقُ الثَّلَاثَةُ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إلَى تَرْجِيحِ طَرِيقِ الْخِلَافِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ اصْطِلَاحِهِ وَبِأَنَّ الرَّاجِحَ طَرِيقُ الْقَطْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْيِ) لَعَلَّ الْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْأَجَلُ) أَيْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ كَمَا مَرَّ فَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ بَعْدَ بَقَاءِ الْعَاقِدِينَ إلَيْهِ لِأَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، نَعَمْ إنَّ بَعْدَ بَقَاءِ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ لَمْ يَصِحَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْكَفِيلُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِالْبَائِعِ لِمَبِيعٍ فِي ذِمَّتِهِ بِأَنْ شَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكْفُلَهُ فِي الثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ شَخْصٌ آخَرُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ نَحْوُ هَذَا الشَّخْصِ أَوْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ. وَكَذَا الْمُشْتَرِي وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ شَرْطُ كَفَالَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِكُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اشْتَرَيْت هَذَا الْحَطَبَ بِشَرْطِ أَنْ تَحْمِلَهُ إلَى الْبَيْتِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْتُ مَعْرُوفًا أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَ الْبِطِّيخَةِ الْمُشْتَرَاةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمَسْأَلَةُ الْبِطِّيخَةِ تَقَعُ كَثِيرًا فَلْيُحْتَرَزْ عَنْهَا. قَوْلُهُ:(أَوْ بِشَرْطِ) أَوْ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهَا إلَخْ) مِنْ ثَمَّ اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ طُرُقٍ الثَّانِي أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْأَصَحِّ يَقْتَضِي قُوَّةَ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الرَّاجِحَ طَرِيقُ الْقَطْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسْتَثْنَى) هَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالرُّخَصِ فِي الْعِبَادَاتِ فَيَتْبَعُ فِيهَا تَوْقِيفَ الشَّارِعِ وَلَا تَتَعَدَّى لِكُلِّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَفِيلِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سُئِلَ النَّوَوِيُّ رحمه الله عَنْ مُوَافَقَتِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَتَصْوِيبِهِ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ مِقْدَارٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَعَيَّنَ مَكَانَهُ مِنْ الْمُصْحَفِ بِالْمُشَاهَدَةِ مُعَلِّلًا بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ) لَوْ بَاعَ مِنْ
وَأَمَّا الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ فَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهِمَا. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الرَّهْنِ غَيْرَ الْمَبِيعِ فَإِنْ شَرَطَ رَهْنَهُ بِالثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ وَالتَّعْيِينُ فِي الرَّهْنِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، وَفِي الْكَفِيلِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا هُوَ النَّقْلُ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: الِاكْتِفَاءُ بِالْوَصْفِ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ لَمْ يَكُنْ مُبْعِدًا، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَتَقْيِيدُ الثَّمَنِ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُعَيَّنِ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَهَا لِي فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا أَوْ يَضْمَنَكَ بِهَا فُلَانٌ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأَجَلِ لِأَنَّهُ رِفْقٌ أُثْبِتَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ فِي الْمُدَّةِ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّكَلُّمِ عَنْ أَلْفَاظِ الْوَجِيزِ الرَّهْنَ وَالْكَفِيلَ، وَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إنَّهُ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعِينُ حَاصِلٌ. فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَا شُرِعَ لَهُ.
(وَالْإِشْهَادُ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْآيَةِ قَالَ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282](وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِأَيِّ
ــ
[حاشية قليوبي]
أَحَدِهِمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَبَاطِلٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَسِيطِ لَوْ بَاعَ عَيْنًا مِنْ اثْنَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَضَامَنَا بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ ضَمَانِ الْعَاقِدِ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآخَرِ. قَالَ فِي الرَّوْضِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَيَصِحُّ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ شَيْخِنَا بِأَنْ يَبِيعَ اثْنَانِ عَيْنًا لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَيَشْتَرِطُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يَضْمَنُهُ لَهُ لِأَنَّ عَكْسَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ ضَمَانُ غَيْرِهِ لَهُ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْخَادِمِ وَتَصْوِيرُ بَعْضِهِمْ بِأَنْ يَبِيعَ اثْنَانِ عَيْنًا لِشَخْصٍ، وَيَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَضْمَنَ صَاحِبَهُ أَوْ أَنْ يَضْمَنَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ فَاسِدٌ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ زَيْدٌ إلَى شَهْرٍ صَحَّ وَإِذَا ضَمِنَهُ زَيْدٌ مُؤَجَّلًا ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ الْمُشْتَرِي اهـ. فَانْظُرْهُ وَتَأَمَّلْ مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ) أَيْ الْآنَ، فَلَوْ رَهَنَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَبَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا.
قَوْلُهُ: (فِي الرَّهْنِ بِالْمُشَاهَدَةِ) أَيْ فِي الْمُعَيَّنِ أَوْ الْوَصْفِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ وَاكْتُفِيَ فِي الْكَفِيلِ بِالْمُشَاهَدَةِ لِأَدَائِهَا غَالِبًا إلَى مَعْرِفَةِ حَالِ الشَّخْصِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً، وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّدَاقِ الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ. وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْقُرْآنَ هُنَاكَ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَهُوَ يُحْتَاطُ لَهُ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الشَّارِطَ هُنَا مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْبَحْثِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَحْرَارَ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَمِ وَلَا يُعْتَرَضُ بِالرَّقِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ لِقَوْلِهِ مُوسِرٌ ثِقَةٌ أَوْ يُقَالُ الضَّامِنُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانِ وَإِنْ دَخَلَ مِنْ حَيْثُ الرِّقِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَضْمَنُك إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِمَ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَصْبٍ وَنَحْوِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ ضَمَانَ الدَّرْكِ فَهُوَ هُنَا صَحِيحٌ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَمَمْنُوعٌ وَضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هُوَ الرَّدُّ لِأَهْلِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ) وَمِثْلُهُ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ رِفْقٌ) أَيْ لِأَنَّ الْأَجَلَ الْمَشْرُوطَ رِفْقٌ إلَخْ. وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لِتَأْخِيرِ الْحَقِّ لَا لِتَحْصِيلِهِ فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ إنْ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا خِيَارَ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ أَمْكَنَ.
تَنْبِيهٌ: الْأَجَلُ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ لِأَنَّهُمَا مُسْتَقِلَّانِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْإِشْهَادَ كَذَلِكَ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَالْإِشْهَادُ) أَيْ عَلَى جَرَيَانِ الْعَقْدِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لِلْأَمْرِ بِهِ) وَصَرْفِهِ عَنْ وُجُوبِ الْإِجْمَاعِ وَهُوَ أَمْرٌ إرْشَادِيٌّ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِهِ الِامْتِثَالَ. كَذَا قِيلَ فَلْيُرَاجَعْ قَوْلُهُ: (هَلْ يَتَعَيَّنُونَ) وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَعَيُّنِهِمْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضِ وَلَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِ
ــ
[حاشية عميرة]
رَجُلَيْنِ سِلْعَةً بِأَلْفٍ وَشَرَطَ أَنْ يَتَضَامَنَا فِي الثَّمَنُ فَفِي كِتَابِ الضَّمَانِ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَالْوَسِيطِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لِغَيْرِهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ جَلِيلَةٌ تَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ كَثِيرًا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهَا. قَوْلُهُ:(أَوْ الْوَصْفُ إلَخْ) قِيلَ هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُمْ إنَّ رَهْنَ الْغَائِبِ كَبَيْعِهِ فَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ قُلْت قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ صُورَتَهُ هُنَا مَعَ الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَضْمَنُك بِهَا فُلَانٌ) اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ ضَمَانَ الْأَعْيَانِ الْمُعَيَّنَةِ الْمَضْمُونَةِ صَحِيحٌ وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ بِمَثَابَةِ الْمَبِيعِ فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ. قَوْلُهُ: (شُرِعَ لَهُ)
عُدُولٍ كَانُوا وَقَطَعَ الْإِمَامُ بِالْأَوَّلِ وَرُدَّ الْخِلَافُ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَهُمْ هَلْ يَتَعَيَّنُونَ. (فَإِنْ لَمْ يَرْهَنْ) الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْمُعَيَّنُ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) لِفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ، وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدَيْنِ فَامْتَنَعَا مِنْ التَّحَمُّلِ ثَبَتَ الْخِيَارُ إنْ اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ وَإِلَّا فَلَا
(وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ، وَالثَّالِثُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ كَمَا فِي النِّكَاحِ. (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ) وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ لَهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْتَاقِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ لِلْبَائِعِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْأَغْرَاضِ بِنَحْوِ وَجَاهَةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَرْهَنْ) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ. وَكَذَا لَوْ أَرَادَ إبْدَالَهُ بِغَيْرِهِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِي الْأَعْيَانِ أَوْ تَغَيُّرِ حَالِهِ إلَى نَقْصٍ أَوْ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَأَعْتَقَهُ، كَذَلِكَ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ أَوْ زَوَّجَهُ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ إقْبَاضِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ:(أَوْ لَمْ يَشْهَدْ) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْهُ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَشْرُوطُ إشْهَادَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْمُعَيَّنُ) وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ. قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (إنْ اشْتَرَطَ التَّعْيِينَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا) أَيْ رَقِيقًا وَلَوْ أُنْثَى وَلَيْسَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ كَأَصْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ مَعَ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعِتْقِ عَنْ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي وَمِنْ كَوْنِ الشَّرْطِ مِنْ الْمُبْتَدِي سَوَاءٌ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ وَمُوَافَقَةُ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسُّكُوتِ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ أَوْ وَهُوَ الْبَائِعُ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَإِلَّا لَغَا وَصَحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) أَيْ الْعَبْدِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ الْمُعَيَّنِ، وَلَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ بَعْضِ مَا اشْتَرَاهُ مُعَيَّنًا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَاقِيهِ حُرًّا عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ مُبْهَمًا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ شَرَطَ عِتْقَ كُلِّهِ كَذَلِكَ وَلَهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَشْرِطْ عِتْقَهُ مِنْ قَبْلِ عِتْقِ مَا شَرَطَهُ. قَوْلُهُ:(كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ) وَفُرِّقَ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُ بِشَرْطِ عِتْقِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ لَهُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي النِّكَاحِ) فِيمَا لَوْ قَالَ: تَزَوَّجْت أَمَتَك بِشَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَتَأَثَّرُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ وَالْحَاكِمُ لَا غَيْرُهُمْ مِنْ الْآحَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَبِالطَّلَبِ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فَوْرًا وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَهُ، وَلَهُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَبِ اسْتِخْدَامَهُ وَلَوْ بِالْوَطْءِ وَإِعَارَتَهُ لَا رَهْنَهُ وَلَا بَيْعَهُ وَلَا وَقَفَهُ وَلَا إجَارَتَهُ، وَيَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ لَوْ جَنَى كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَوْ قُتِلَ فَلَهُ قِيمَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ غَيْرِهِ بِهَا، وَلَا يُجْزِئُهُ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَيُعْتَقُ لَا عَنْهَا.
قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَإِنْ امْتَنَعَ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ فِيهِ كَالْمَوْلَى وَيَتْبَعُهَا حَمْلُهَا إنْ عَتَقَتْ حَامِلًا لَا وَلَدَهَا وَإِنْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا بِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ. كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَمْلَ مِنْ سَيِّدِهَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةٌ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ مُطْلَقًا، وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ مُصَوَّرٌ بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِنَحْوِ تَزْوِيجٍ إنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ:(وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْوَلَاءُ لَهُ) وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَأَعْتَقَهُ وَارِثُهُ، نَعَمْ إنْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ كَأَنْ اسْتَوْلَدَهَا أَجْزَأَ عَنْ الْإِعْتَاقِ، وَسَقَطَتْ مُطَالَبَةُ الْوَارِثِ بِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُشْتَرِي اسْتِيلَادُهُ عَنْ الْإِعْتَاقِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِهِ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ قُلْنَا) قِيلَ: الْأَوَّلُ حَذْفُ الْوَاوِ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّ مُفَادَ الْغَايَةِ كَوْنُ مَا وَرَاءَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا وَرَاءَهَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلِأَنَّ مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ مَعَ كَوْنِ الْحَقِّ لِلَّهِ بَعِيدَةٌ وَتَخْصِيصُ الثَّانِي بِكَوْنِ الْحَقِّ لِلَّهِ لَا يَضُرُّ فِي
ــ
[حاشية عميرة]
نَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى كُلٍّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَرْهَنْ) مِثْلُهُ لَوْ رَهَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ.
قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) أَيْ وَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ مَنْدُوحَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَتَكَفَّلْ إلَخْ) أَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ أَوْ أَعْسَرَ عَلَى مَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَنَّهُ الْقِيَاسِ.
قَوْلُهُ: (لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَخْ) أَيْضًا فَلِقِصَّةِ بَرِيرَةَ وَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهَا أَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى شَرْطِ الْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ لَهُمْ، وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَّا شَرْطَ الْوَلَاءِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْقِصَّةِ فَسَيَأْتِي هَذَا وَقَدْ اعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ مُكَاتَبَةً، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ صِحَّةُ بَيْعِهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَحَدِيثُهَا قَرِيبٌ مِنْ الْعَامِّ الْوَارِدِ عَلَى سَبَبٍ وَصُورَةُ السَّبَبِ لَا تَخْرُجُ كَمَا فِي الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَمَةٍ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ إلَخْ) الْأَحْسَنُ تَرْكُ الْوَاوِ بِدَلِيلِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (كَالنَّذْرِ) تَنْظِيرٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ