الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَوْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ إلَّا بَعْدَ الْمُكْثِ فَنَزَعَ حِينَ عَلِمَ.
فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ
(الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا. (وَالْعَقْلُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْمَجْنُونِ. (وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (جَمِيعَ النَّهَارِ) فَلَوْ ارْتَدَّ أَوْ جُنَّ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ أَثْنَاءَ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ. (وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ) لِلنَّهَارِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَضُرُّ كَالْإِغْمَاءِ. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يُخْرِجُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ بِخِلَافِ النَّوْمِ إذْ يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِهِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ) اتِّبَاعًا بِزَمَنِ الْإِغْمَاءِ زَمَنَ الْإِفَاقَةِ فَإِنْ لَمْ يُفِقْ ضَرَّ، وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: لَوْ شَرِبَ دَوَاءً لَيْلًا فَزَالَ عَقْلُهُ نَهَارًا فَفِي التَّهْذِيبِ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ فِي الْإِغْمَاءِ فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ، وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ صَحَا
ــ
[حاشية قليوبي]
صَوْمُهُ بِالنَّزْعِ وَإِنْ قَارَنَ الْفَجْرَ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ صَوْمُهُ) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَهُ صِحَّةُ صَوْمِهِ بِالنَّزْعِ وَلَمْ يَنْزِعْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا
وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ إنْ اسْتَمَرَّ لِظَنِّهِ بُطْلَانَ صَوْمِهِ أَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ وَإِنْ اسْتَمَرَّ مُجَامِعًا أَوْ عَلِمَ طُلُوعَهُ فَنَزَعَ حَالًا
فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّوْمِ وَالْمَذْكُورِ فِيهِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ وَسَيَأْتِي شُرُوطُ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَقْلُ) أَيْ الْغَرِيزِيُّ الَّذِي لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْجُنُونُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالنِّفَاسُ) وَكَذَا نَحْوُ الْوِلَادَةِ مِنْ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ إلَخْ) وَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي الْفَرْقِ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّائِمِ دُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إذَا أَفَاقَ إلَخْ) صَرِيحُ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّوْمِ فِي الْإِغْمَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ لِجَمِيعِ النَّهَارِ بِلَا خِلَافٍ وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى شُرْبُ الدَّوَاءِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُزِيلُ عَقْلَهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فَالْمُرَادُ بِزَوَالِ الْعَقْلِ فِيهِ وُجُودُهُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لِيَصِحَّ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ عَقِبَهُ. بِقَوْلِهِ إنْ قُلْنَا إلَخْ إذْ لَا قَائِلَ بِالصِّحَّةِ مَعَ الِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عُلِمَ. وَحِينَئِذٍ فَتَصْحِيحُ الْبُطْلَانِ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ ضَعِيفٌ لِمَا يَأْتِي، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِالصِّحَّةِ فِيهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ صِحَّةِ صَوْمِ السَّكْرَانِ إذَا صَحَا لَحْظَةً مِنْ النَّهَارِ مَعَ تَعَدِّيهِ الْمُنْصَرِفَ إلَيْهِ السَّكَرَانُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ:(فَزَالَ عَقْلُهُ) أَيْ بِغَيْرِ جُنُونٍ. وَكَذَا فِي السُّكْرِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ
قَوْلُهُ: (الثَّلَاثَةُ) وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهَا اثْنَانِ. قَوْلُهُ: (هُوَ
ــ
[حاشية عميرة]
الشَّارِحِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَ) بِمَعْنَى لَمْ يَنْعَقِدْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) إذَا عَلِمَ ثُمَّ مَكَثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعٌ فِي رَمَضَانَ عَنْهَا، وَاسْتَشْكَلَهُ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ سَبْقُ النِّيَّةِ هُنَا.
[فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ]
فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ إلَخْ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْفَصْلِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ، وَفِي الَّذِي بَعْدَهُ شُرُوطُ الْوُجُوبِ وَأَمَّا التَّعْبِيرُ بِالشَّرْطِ فِيمَا سَلَفَ فَهُوَ تَجَوُّزٌ وَالْمُرَادُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْعَقْلُ) أَيْ التَّمْيِيزُ فَيَصِحُّ صَوْمُ الْمُمَيِّزِ كَذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَصِحُّ صَوْمُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً كَمَا سَيَأْتِي وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّمْيِيزَ يَزُولُ بِهِ بَلْ النَّوْمُ يُزِيلُ التَّمْيِيزَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالنَّقَاءُ) بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَمِيعَ النَّهَارِ) يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ وَالنَّقَاءِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَضُرُّ إلَخْ) وَأَمَّا الْغَفْلَةُ فَلَا أَثَرَ لَهَا فِي الصَّوْمِ بِالِاتِّفَاقِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ النَّوْمِ) لَك أَنْ تَقُولَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا قَضَاءُ الصَّوْمِ كَمَا سَيَأْتِي فَفِيهِ أَهْلِيَّةُ الْخِطَابِ.
نَعَمْ النَّائِمُ أَكْمَلُ مِنْهُ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ رحمه الله أَرَادَ بِالْأَهْلِيَّةِ غَرِيزَةَ الْعَقْلِ، لَكِنْ فِي زَوَالِهَا عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ نَظَرٌ قَوْلُ الْمَتْنِ:(مِنْ نَهَارِهِ) أَيْ الْإِغْمَاءِ أَوْ الصِّيَامِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا) كَالْمَجْنُونِ. قَوْلُهُ: (أَوَّلَ النَّهَارِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَوَّلُ جُزْءٍ تُقَارِنُهُ النِّيَّةُ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا
فِي بَعْضِهِ، فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ؛ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ.
(وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ) أَيْ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى «نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَكَذَا التَّشْرِيقُ) أَيْ أَيَّامُهُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ اللَّهِ عز وجل» فِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لِلتَّمَتُّعِ الْعَادِمِ الْهَدْيِ صَوْمُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ يُرَخِّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَضْمَنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهَذَا الْقَدِيمُ هُوَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا أَيْ نُظِرَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُرَخِّصْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(وَلَا يَحِلُّ التَّطَوُّعُ) بِالصَّوْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ) قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
(فَلَوْ صَامَهُ) تَطَوُّعًا بِلَا سَبَبٍ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ فِي الْجُمْلَةِ (وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ) وَالْكَفَّارَةِ (وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ) كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَوَافَقَ أَحَدَهُمَا فَلَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا لِعَادَتِهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُقَدِّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَتَقَدَّمُوا أَصْلَهُ تَتَقَدَّمُوا بِتَاءَيْنِ حُذِفَتْ مِنْهُ إحْدَاهُمَا تَخْفِيفًا. (وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ. (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ بِأَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ لَيْلَتَهُ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ. (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ) وَظُنَّ صِدْقُهُمْ أَوْ عَدْلٌ وَلَمْ نَكْتَفِ بِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ، أَوْ قَالَ عَدَدٌ مِنْ النِّسْوَةِ أَوْ الْعَبِيدِ أَوْ الْفُسَّاقِ قَدْ رَأَيْنَاهُ، وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مِنْهُ. نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي
ــ
[حاشية قليوبي]
الرَّاجِحُ دَلِيلًا) فَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَإِنْ نَفَرَ الْأَوَّلُ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: نَظَرًا إلَخْ إلَى أَنَّ مَحَلَّ رُجْحَانِ الدَّلِيلِ إذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي هَذَا الِاحْتِمَالِ إبْطَالٌ لِلرُّجْحَانِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ عِنْدَ السَّبَبِ، وَمِنْهُ أَمْرُ الْإِمَامِ بِصَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ لِنَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ. قَوْلُهُ: (وَالنَّذْرِ) أَيْ الْمُطْلَقِ إذْ لَا يَصِحُّ نَذْرُ شَيْءٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ لِمَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ إنْ تَحَرَّى صَوْمَهُ لِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ:(لِعَادَتِهِ) وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا رَجُلٌ إلَخْ) وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ) أَيْ لَيْسَتْ مُطَبَّقَةً بِالْغَيْمِ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّ صِدْقَهُمْ) أَيْ وَحَالُهُمْ يُشْعِرُ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ نَكْتَفِ بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ فِيهِمْ وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ وَمِنْ الْفَسَقَةِ الْكُفَّارِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ) أَيْ لَا خُصُوصًا وَلَا عُمُومًا.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا عَدَمُ صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى. قَوْلُهُ: (يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ. وَكَذَا مَنْ أَخْبَرَهُ أَيْضًا وَهَكَذَا، وَلَا يَخْرُجُ ذَلِكَ الْيَوْمُ عَنْ كَوْنِهِ يَوْمَ الشَّكِّ فِي ذَاتِهِ. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
يَصِحُّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُسْتَغْرِقِ، وَقَالَ: إنَّهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ السُّكْرِ، يَعْنِي لِأَنَّ السُّكْرَ حَرَامٌ، وَهَذَا دَوَاءٌ مَأْذُونٌ فِيهِ هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ، إلَّا أَنَّ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ أَيْضًا هُوَ الْإِغْمَاءُ غَيْرُ الْمُسْتَغْرِقِ، لِأَنَّ الْمُسْتَغْرِقَ لَمْ يَحْكِ الشَّارِحُ فِيهِ وَجْهًا بِصِحَّةِ الصَّوْمِ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ حَكَى فِي الْإِغْمَاءِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا، كَالنَّوْمِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ حَمْلُ مَسْأَلَةِ الدَّوَاءِ عَلَى أَنَّ الْحَاصِلَ بِالنَّهَارِ جُنُونٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجُنُونُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْ الشَّخْصِ يَتَرَتَّبُ حُكْمُهُ عَلَى الْإِغْمَاءِ بِالْأَوْلَى، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ) لَوْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ هَلْ لَهُ صَوْمُ الثَّالِثِ مِنْ السَّبْعَةِ إذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا سَبَبٍ) أَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى مَفْهُومِ هَذَا عَدَمَ صِحَّةِ صَوْمِهِ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ. قَالَ: وَالِاحْتِيَاطُ سَبَبٌ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَبَبِيَّةَ الِاحْتِيَاطِ هَاهُنَا مَمْنُوعَةٌ شَرْعًا فَكَيْفَ الْإِيرَادُ فَلِذَا نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْعَ سَبَبِيَّةِ الِاحْتِيَاطِ هُوَ مَوْضِعُ النِّزَاعِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ) أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ إلَخْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ:
طَائِفَةٍ أَوَّلَ الْبَابِ، وَتَقَدَّمَ فِي أَثْنَائِهِ صِحَّةُ نِيَّةِ الْمُعْتَقِدِ لِذَلِكَ، وَوُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ. (وَلَيْسَ إطْبَاقُ الْغَيْمِ) لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ (بِشَكٍّ) فَلَا يَكُونُ هُوَ يَوْمَ شَكٍّ، بَلْ يَكُونُ مِنْ شَعْبَانَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» وَلَا أَثَرَ لِظَنِّنَا رُؤْيَتَهُ لَوْلَا السَّحَابُ لِبُعْدِ الْهِلَالِ عَنْ الشَّمْسِ، وَلَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَتَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَلَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَلَيْسَ بِيَوْمِ شَكٍّ، وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ، وَلَوْ كَانَ فِي السَّمَاءِ قِطَعُ سَحَابٍ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى الْهِلَالُ مِنْ خِلَالِهَا وَأَنْ يَخْفَى تَحْتَهَا، وَلَمْ تَتَحَدَّثْ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ، فَقِيلَ: هُوَ يَوْمُ شَكٍّ، وَقِيلَ: لَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ لَيْسَ بِشَكٍّ
(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ (عَلَى التَّمْرِ وَإِلَّا فَمَاءٌ) قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: يُسَنُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُعَجِّلَ الْفِطْرَ وَأَنْ يُفْطِرَ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَعَلَى مَاءٍ.
(وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ) قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السَّحُورَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (مَا لَمْ يَقَعْ فِي شَكٍّ) فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَعِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَأَنْ يَتَسَحَّرَ وَيُؤَخِّرَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» ، وَفِيهِمَا عَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
إذَا تَبَيَّنَ) وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ مِنْهُ أَنْ لَا يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ لَيْسَ بِشَكٍّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ تَنْبِيهٌ: مِثْلُ يَوْمِ الشَّكِّ بَقِيَّةُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ فَيَحْرُمُ صَوْمُ شَيْءٍ مِنْهُ بِلَا سَبَبٍ إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَوْ بِيَوْمٍ، وَلَوْ وَصَلَهُ ثُمَّ أَفْطَرَ يَوْمًا امْتَنَعَ الصَّوْمُ بَعْدَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ بِمَا صَامَهُ مِنْهُ عَادَةً فَرَاجِعْهُ.
فَائِدَةٌ: يَحْرُمُ الْوِصَالُ بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَذَا الْإِمْسَاكُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَعَاطَى مُفْطِرًا بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ وَلَوْ بِنَحْوِ جِمَاعٍ.
قَوْلُهُ: (تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) بِغَيْرِ الْجِمَاعِ وَلَوْ عَلَى الْمَاءِ وَإِنْ رُجِيَ غَيْرُهُ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَضِيلَةً كَمَا فِي الْأُمِّ قَوْلُهُ:(عَلَى تَمْرٍ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ وَتْرًا وَكَوْنُهُ بِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ الرُّطَبَ وَالْبُسْرَ وَالْعَجْوَةَ وَبَعْدَهُ مَاءُ زَمْزَمَ، ثُمَّ غَيْرُهُ، ثُمَّ الْحَلْوَاءُ بِالْمَدِّ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ. وَيُقَدِّمُ اللَّبَنَ عَلَى الْعَسَلِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَيُكْرَهُ مَجُّ الْمَاءِ وَأَنْ يَتَقَايَاهُ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا.
قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هِيَ أَوْلَى عَنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ تَعْجِيلَ الْفِطْرِ سُنَّةٌ بِرَأْسِهَا وَأَنَّهُ عَلَى التَّمْرِ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ عَلَى الْمَاءِ عِنْدَ فَقْدِ التَّمْرِ.
قَوْلُهُ: (وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) عَطْفٌ عَلَى تَعْجِيلٍ، وَيُسَنُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرِ مِنْ تَمْرٍ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لَمْ يُسَنُّ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمَأْكُولُ، وَبِضَمِّهَا الْأَكْلُ، وَتَأْخِيرُهُ مُوَافِقٌ لِحِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّوْمِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ) قَصَرَهُ الشَّارِحُ مَعَ إمْكَانِ رُجُوعِهِ إلَى الْغُرُوبِ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ لَمَّا فُرِضَ الْأَوَّلُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغُرُوبِ لَمْ
ــ
[حاشية عميرة]
وَمَا جَزَمَا بِهِ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّوْمِ فِيهِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَكَأَنَّ اعْتِرَاضَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَوْمَ شَكٍّ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ.
فَرْعٌ إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِغَيْرِ سَبَبٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصِلَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَبْلَهُ أَمْ لَا اهـ. ثُمَّ قَضِيَّةُ التَّحْرِيمِ الْفَسَادُ كَمَا فِي يَوْمِ الشَّكِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ عَنْ مُسْتَحَبٍّ وَلَوْ كَانَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ تَعَيَّنَ فِعْلُهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (أَيْ بَانَ الْهِلَالُ) أَيْ أَمَّا إذَا قَالَ أَحَدٌ رَأَيْته فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّ صِدْقَهُمْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَإِنْ ظَنَّ صِدْقَهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ عَدَدٌ) يُرِيدُ بِهَذَا عَدَمَ اشْتِرَاطِ لَفْظِ شَهَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ إلَخْ) إنْ كَانَ مُرَادُهُ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَجُوزُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَ الْمُخْبِرِ، وَيَكُونُ ظَنُّ الصِّدْقِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ الصِّحَّةِ فَقَطْ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ ظَنَّ الصِّدْقَ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنَهُ مِنْ رَمَضَانَ وَبِهَذَا يَحْصُلُ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ. قَوْلُهُ:(فَلَا تَنَافِي بَيْنَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا هُنَا وَجْهُهُ عَدَمُ الثُّبُوتِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ الْبَغَوِيّ مُفِيدٌ لِوُجُودِ الصَّوْمِ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ، وَاَلَّذِي فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ نِيَّةَ الْمُعْتَقِدِ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَيَكُونُ هَذَا الثَّالِثُ مُقَيِّدًا لِكَلَامِ الْبَغَوِيّ، فَيَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَلَكِنْ لَا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذَكَرَ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي مَعْنَى كَلَامِهِ وَيَجُوزُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مُجَرَّدِ الظَّنِّ، وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ فِي الِاعْتِقَادِ وَهُوَ أَعْلَى.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا تَحَدَّثَ بِرُؤْيَتِهِ يَكُونُ يَوْمَ الشَّكِّ. كَمَا لَوْ تَمَحَّضَ الصَّحْوُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا سَلَفَ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَقَيَّدَ بِهِ لِأَخْذِهِ مِنْ أَطْبَاقِ الْغَيْمِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ) أَيْ فَهِيَ أَحْسَنُ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ التَّعْجِيلَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.
قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَقَعْ إلَخْ) أَيْ لِحَدِيثِ دَعْ مَا يَرِيبُك. قَوْلُهُ: (فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ) إنْ قُلْت: هَلَّا، قَالَ:
«زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ» ، وَكَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسِينَ آيَةً وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ» ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقْتُ السَّحُورِ بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِكَثِيرِ الْمَأْكُولِ، وَقَلِيلِهِ وَبِالْمَاءِ.
(وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَنَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ) قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: اشْتَرَكَ النَّوْعَانِ فِي الْأَمْرِ بِهِمَا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْرُ إيجَابٍ، وَالثَّانِيَ اسْتِحْبَابٌ اهـ وَقَوْلُ الْمُحَرَّرِ، وَأَنْ يَصُونَ اللِّسَانَ، يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ السُّنَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ كَغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلصَّائِمِ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ صَوْنُ لِسَانِهِ عَنْ الْكَذِبِ، وَالْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَيْنِ فَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ بِارْتِكَابِهِمَا، بِخِلَافِ ارْتِكَابِ مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ كَالِاسْتِقَاءَةِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى عُدُولِ الْمِنْهَاجِ عَمَّا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَفُّ عَنْ الشَّهَوَاتِ، الَّتِي لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ كَشَمِّ الرَّيَاحِينِ، وَالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلَمْسِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّرَفُّهِ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ حِكْمَةَ الصَّوْمِ، وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ عَنْ الْجَنَابَةِ) وَنَحْوِهَا (قَبْلَ الْفَجْرِ) لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ مِنْ أَوَّلِ الصَّوْمِ (وَأَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْحِجَامَةِ) وَالْفَصْدِ لِأَنَّهُمَا يُضْعِفَانِهِ (وَالْقُبْلَةِ) بِنَاءً فِيمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ عَلَى إطْلَاقِ الْمُحَرَّرِ كَرَاهَتَهَا الْمُنْصَرِفِ إلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَعَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كَرَاهَتَهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى لِمَنْ لَمْ تُحَرِّكْ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ تَرَكَهَا. (وَذَوْقِ الطَّعَامِ) خَوْفَ الْوُصُولِ إلَى حَلْقِهِ. (وَالْعَلْكِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ، فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ
ــ
[حاشية قليوبي]
يَصِحَّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِنَظِيرِ مَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (النَّوْعَانِ) أَيْ الْحَاصِلَانِ مِنْ اللِّسَانِ وَالنَّفْسِ وَالْقَلْبِ كَاللِّسَانِ فِي الْغِيبَةِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ) أَيْ فَالْإِيجَابُ لَا مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ. قَوْلُهُ: (فَلَا حَاجَةَ إلَى عُدُولِ الْمِنْهَاجِ) عَنْ ذِكْرِ السُّنَّةِ إلَى صِيغَةِ الْأَمْرِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَشَمِّ الرَّيَاحِينِ وَالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلَمْسِهَا) وَهِيَ مَا لَهَا رِيحٌ طَيِّبٌ كَالْمِسْكِ وَالطِّيبِ وَالْوَرْدِ وَالنِّرْجِسِ وَالرَّيْحَانِ، وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَسَوَاءٌ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ أَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا وَأَصْبَحَ مُسْتَدِيمًا لَهُ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا فِي الْمُحْرِمِ.
وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مَا يُخَالِفُهُ وَيُوَافِقُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّرَفُّهِ) وَمِنْهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ لِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ: (قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فِي الصَّوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ. قَالَ الْحَلِيمِيُّ: يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَصُومَ بِجَمِيعِ جَوَارِحِهِ فَلَا يَمْشِي بِرِجْلِهِ إلَى بَاطِلٍ وَلَا يَبْطِشُ بِيَدِهِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ وَلَا يُدَاهِنُ وَلَا يَقْطَعُ الزَّمَنَ بِالْأَشْعَارِ وَالْحِكَايَاتِ الَّتِي لَا طَائِلَ تَحْتَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ انْتَهَى
خُصُوصًا مَا يَحْرُمُ مُطَالَعَتُهُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الِاعْتِكَافِ فَرْعٌ: لَوْ تَابَ مَنْ ارْتَكَبَ فِي الصَّوْمِ مَا لَا يَلِيقُ ارْتَفَعَ عَنْ صَوْمِهِ النَّقْصُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ بِالْجِيمِ أَيْ تَجْبُرُ بِمَعْنَى تُزِيلُ مَا وَقَعَ قَبْلَهَا. وَلَوْ فَطَّرَ صَائِمًا قَدْ فَعَلَ مَا لَا يَلِيقُ، وَلَوْ مِمَّا يُحْبِطُ أَجْرَهُ لَمْ يَفُتْ الْأَجْرُ عَلَى مَنْ فَطَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ فَرَاجِعْهُ
. قَوْلُهُ: (أَنْ يَغْتَسِلَ) وَلَوْ مِنْ الِاحْتِلَامِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ غَسَلَ مَا لَا يَخَافُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ كَالْأُذُنِ وَالدُّبُرِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْحِجَامَةِ) مِنْ حَاجِمٍ وَمَحْجُومٍ. قَوْلُهُ: (إنَّ الْأَوْلَى) أَيْ فَتُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَذَوْقِ الطَّعَامِ) نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِحَاجَةٍ كَمَضْغٍ لِطِفْلٍ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْعَيْنِ) اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَبِكَسْرِهَا اسْمٌ لِلْمَعْلُوكِ الَّذِي كُلَّمَا مُضِغَ قَوِيَ وَصَلُبَ وَاجْتَمَعَ وَمِنْهُ الْمُومْيَا. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
أَوْ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ. قُلْت: لِأَنَّهُ فَرَضَ الْأَوْلَى بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغُرُوبِ كَمَا سَلَفَ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ هَذَا لَهَا.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْرُ إيجَابٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ أَمْرَ نَدْبٍ كَمَا فِي أَحْوَالِ جَوَازِ الْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ، ثُمَّ أَوْرَدَ أَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ وَاجِبَيْنِ كَمَا فِي التَّخَلُّصِ مِنْ ظَالِمٍ، وَكَمَا فِي مَسَاوِئِ الْخَاطِبِ، وَنَحْوِهِ وَرَدَّ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهِ، وَاعْتَرَضَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغِيبَةَ تَكُونُ بِالْقَلْبِ، فَقَيْدُ اللِّسَانِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَرَدَّ بِأَنَّهُ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى، لِأَنَّ اللِّسَانَ آلَةُ الْقَلْبِ ثُمَّ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ) أَيْ ثَوَابُهُ.
فَرْعٌ: لَوْ تَابَ هَلْ يَسْلَمُ الصَّوْمُ مِنْ النَّقْصِ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَأَنْ يَكُونَ غَايَتُهَا دَفْعَ الْإِثْمِ خَادِمٌ. قَوْلُهُ:(وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ إلَخْ) وَفِي الْحَدِيثِ «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إلَّا السَّهَرُ» ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَمَّا كَانَا يُحْبِطَانِ الثَّوَابَ حَسُنَ عَدُّ الِاحْتِرَازِ عَنْهُمَا مِنْ آدَابِ الصَّوْمِ.
قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْعَيْنِ) وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْمُومْيَا
وَإِنْ أَلْقَاهُ عَطَشُهُ.
(وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ فِطْرِهِ «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» ) رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ مُعَاذِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَفْطَرَ قَالَ ذَلِكَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ. (وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ وَأَنْ يَعْتَكِفَ) فِيهِ (لَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَرَوَيَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» ، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ، فَالِاعْتِكَافُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ وَكَذَا إكْثَارُ الصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ فِيهِ، وَلِأَفْضَلِيَّةِ ذَلِكَ فِيهِ عُدَّ مِنْ السُّنَنِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَسْنُونًا عَلَى الْإِطْلَاقِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعْلُوكِ أَفْطَرَ قَطْعًا وَحَرُمَ الْعَلْكُ حِينَئِذٍ، وَلَا يَضُرُّ وُصُولُ رِيحِهِ وَطَعْمِهِ إلَى جَوْفِهِ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ فِطْرِهِ) أَيْ عَقِبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ كَجِمَاعٍ وَإِدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بَلْ نُقِلَ أَنَّهُ يَكْفِي دُخُولُ وَقْتِ الْإِفْطَارِ لَكِنْ رُبَّمَا يُنَافِيهِ لَفْظُ. وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عليه الصلاة والسلام يَقُولُ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ» وَلَكِنَّ هَذَا رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي خُصُوصِ مَنْ أَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الصَّدَقَةَ) وَمِنْهَا التَّوْسِعَةُ عَلَى عِيَالِهِ وَالْإِحْسَانُ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِفْطَارُ الصَّائِمِينَ بِعَشَاءٍ أَوْ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ) وَلَوْ فِي حَمَّامٍ أَوْ طَرِيقٍ لَا نَحْوِ حَوْشٍ وَهِيَ فِي الْمُصْحَفِ، وَإِلَى الْقِبْلَةِ وَجَهْرًا أَفْضَلُ إلَّا لِخَوْفِ رِيَاءٍ أَوْ تَشْوِيشٍ عَلَى قَارِئٍ آخَرَ أَوْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ. قَوْلُهُ:(فِي رَمَضَانَ) صَرَّحَ بِهِ هُنَا لِطَلَبِ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْلًا وَنَهَارًا فِيهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (سِيَّمَا) كَلِمَةٌ تُفِيدُ أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا لَا أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ وَهِيَ تُشَدَّدُ وَتُخَفَّفُ وَمَعْنَاهَا الْمِثْلُ، وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا خَبَرًا لِمَحْذُوفٍ وَنَصْبُهُ بِمَحْذُوفٍ أَوْ جَرُّهُ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ أَرْجَحُ. قَوْلُهُ:(وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ) بِرَفْعِ أَجْوَدَ اسْمُ كَانَ، وَلَا يَجُوزُ نَصْبُهُ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ أَجْوَدُ أَكْوَانِهِ أَيْ أَوْقَاتِهِ أَوْ أَحْوَالِهِ. قَوْلُهُ:(وَأَنَّ جِبْرِيلَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَفِي عَرْضِهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ نَظَرٌ، فَإِنَّ حِفْظَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مِنْ خَوَاصِّ الْبَشَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُلْقِي عَلَى جِبْرِيلَ حِفْظَ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَيْهِ أَوْ يَكْشِفُ لَهُ عَنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَيُقَابِلُ مَا يَقْرَؤُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَرَاجِعْ وَانْظُرْ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ عَائِشَةَ إلَخْ) ذَكَرَهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِإِفَادَتِهِ اسْتِغْرَاقَ الْعَشْرِ وَالْمُدَاوَمَةَ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ رَمَضَانَ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي رَمَضَانَ كُلُّ سَنَةٍ فَيُفِيدُ مُدَاوَمَةَ الِاعْتِكَافِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَشْرٍ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ تَارَةً وَالْعَشْرَ الْأَوْسَطَ تَارَةً أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ فِي جَمِيعِ أَيَّامِ رَمَضَانَ فِي بَعْضِ السِّنِينَ. قَوْلُهُ:(وَلِأَفْضَلِيَّةِ ذَلِكَ) أَيْ الِاعْتِكَافِ وَالصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ الْإِكْثَارِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية عميرة]
الَّتِي كُلَّمَا مَضَغْته قَوِيَ وَصَلُبَ وَاجْتَمَعَ.
قَوْلُهُ: (رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ وَقْتَ الِاسْتِحْبَابِ بَعْدَ الْفِطْرِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت. وَلِقَوْلِ الرَّاوِي: كَانَ إذَا أَفْطَرَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ) فِي الْحَدِيثِ «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» ، اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الصَّائِمُ قَدْ فَعَلَ مَا يُحْبِطُ الثَّوَابَ ثُمَّ فَطَّرَهُ مَا حُكْمُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ:(فِي رَمَضَانَ) صَرَّحَ بِهِ هُنَا دُونَ مَا سَلَفَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَكُونُ لَيْلًا وَنَهَارًا فِي رَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ رَمَضَانَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ فِي جَمِيعِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذَا الشَّهْرِ.