الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُدُولَ عَنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ لِشِدَّةِ الْغُلْمَةِ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي الصَّوْمِ فَيَبْطُلُ تَتَابُعُهُ، وَيُؤَدِّي إلَى حَرَجٍ شَدِيدٍ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ صَرْفُ كَفَّارَتِهِ إلَى عِيَالِهِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالثَّانِي يَجُوزُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك. وَجَوَابُهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إطْعَامَهُمْ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ تَقَدَّمَهُ الْإِذْنُ بِالصَّرْفِ فِيهَا لِمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا مِنْ ذِكْرِ احْتِيَاجِهِ، وَأَهْلِهِ إلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ إنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْكِفَايَةِ
بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ
(يُسَنُّ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا. وَقَالَ: «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ
ــ
[حاشية قليوبي]
حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةَ إذَا وَجَبَتْ بِشَيْءٍ كَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَقَتْلٍ بِغَيْرِ سَبَبِ الشَّخْصِ سَقَطَتْ عِنْدَ الْعَجْزِ قَطْعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَبِسَبَبِهِ كَإِتْلَافِ صَيْدٍ فِي مَحْرَمٍ اسْتَقَرَّتْ قَطْعًا أَوْ بِغَيْرِ إتْلَافٍ كَكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَظْهَرِ وَإِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ دَامَتْ مُرَتَّبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَهَا) أَيْ الْخَصْلَةَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ أَعْلَى مِنْهَا وَجَبَتْ إنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِلَّا نُدِبَتْ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْكُلِّ رَتَّبَ كَمَا عُلِمَ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ هُنَا أَصْلٌ.
قَوْلُهُ: (كَفَّارَتِهِ) أَيْ الَّتِي مِنْ مَالِهِ أَمَّا لَوْ كَفَّرَ غَيْرُهُ عَنْهُ فَلَهُ وَلِعِيَالِهِ الْأَخْذُ مِنْهَا سَوَاءٌ فَرَّقَهَا غَيْرُهُ أَوْ هُوَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَلَوْ كَفَّرَ أَبٌ مِنْ مَالِهِ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَلَهُ دَفْعُهَا لِلْوَلَدِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَيَأْكُلُ مِنْ كَفَّارَةِ نَفْسِهِ. وَلَوْ حُمِلَ حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْمَذْكُورِ الْمُسَمَّى مَسْلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْوِبَةِ وَلَعَلَّهُ وَأَهْلَهُ كَانُوا سِتِّينَ آدَمِيًّا وَعَلِمَ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ.
بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ قَوْلُهُ: (تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ) أَيْ أَعْمَالُ الْأُسْبُوعِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِمَعْنَى كِتَابَتِهِمْ لَهُ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى اللَّهِ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ كُلَّ سَنَةٍ فَلِجُمْلَةِ أَعْمَالِ السَّنَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ إذْ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ. قَوْلُهُ:(الِاثْنَيْنِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَانِي أَيَّامِ إيجَادِ الْمَخْلُوقَاتِ غَيْرِ الْأَرْضِ،
ــ
[حاشية عميرة]
فَائِدَةٌ: حُقُوقُ اللَّهِ سبحانه وتعالى الْمَالِيَّةُ إذَا وَجَبَتْ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْعَبْدِ سَقَطَتْ بِالْعَجْزِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الْإِتْلَافِ كَفِدْيَةِ الْمُحْرِمِ اسْتَقَرَّتْ قَطْعًا وَإِلَّا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي الصَّوْمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَارَةِ مَعَ حَرَارَةِ الشَّهْوَةِ، فَفِي الْحَدِيثِ لَمَّا أَمَرَ بِالصَّوْمِ قَالَ: وَهَلْ أُتِيتُ إلَّا مِنْ الصَّوْمِ كَذَا فِي الْوَافِي وَغَيْرِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ قَائِلَ هَذَا كَانَ فِي حَادِثَةِ ظِهَارٍ اهـ.
وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلْأَذْرَعِيِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْفَقِيرِ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُكَفِّرَ عَلَى عِيَالِ الْفَقِيرِ عَنْهُ بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (لِمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ يَقْدَحُ فِي هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ حَاجَتَهُ قَدْ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَقِيلَ: بَلْ تَصَدَّقَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ بِإِطْعَامِ أَهْلِهِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَمْرَيْنِ كَوْنِ الْأَهْلِ لَمْ يَكُونُوا سِتِّينَ، وَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلَك. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالسُّبْكِيُّ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِجَوَازِ أَكْلِهِ هُوَ اهـ.
[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]
ِ إلَخْ هُوَ يَتَكَرَّرُ فِي الْأَسَابِيعِ وَالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الِاثْنَيْنِ) قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ وَالْخَمِيسُ خَامِسُهُ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْرِيرِ عَلَى التَّنْبِيهِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ الْأَحَدُ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ أَنَّ أَوَّلَهُ السَّبْتُ. قَوْلُهُ:(وَقَالَ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ عَلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى، وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّهُ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ
فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي. وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَالثَّانِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَ) يَوْمِ (عَرَفَةَ) لِغَيْرِ الْحَاجِّ وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (وَعَاشُورَاءَ) وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ. (وَتَاسُوعَاءَ) وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» . وَقَالَ: «لَئِنْ بَقِيت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ فَمَاتَ قَبْلَهُ» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ أَمَّا الْحَاجُّ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِطْرُ يَوْمَ عَرَفَةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَسَوَاءٌ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْجُمْهُورِ أَضْعَفَهُ الصَّوْمُ عَنْ الدُّعَاءِ وَأَعْمَالِ الْحَجِّ أَمْ لَا فَصَوْمُهُ لَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهٌ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ» ، وَضُعِّفَ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ مَجْهُولًا. (وَأَيَّامِ) اللَّيَالِي. (الْبِيضِ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ قَالَ أَبُو ذَرٍّ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَصُومَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ: وَوُصِفَتْ اللَّيَالِي بِالْبِيضِ لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا. (وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى النَّسَائِيّ حَدِيثَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ. (وَتَتَابُعُهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَالْخَمِيسُ خَامِسُهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَمَا قِيلَ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحِ أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ وَإِنَّمَا أَوَّلُهُ السَّبْتُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي بَابِ النَّذْرِ وَالِاثْنَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْخَمِيسِ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْحَاجُّ) وَمِثْلُهُ الْمُسَافِرُ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ نَعَمْ يُنْدَبُ صَوْمُهُ لِلْحَاجِّ بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَيُنْدَبُ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ قَبْلَهُ لِلْحَاجِّ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ حَصَلَ فِيهِ شَكٌّ مَعَ لَيْلَةِ الْعِيدِ بِنَقْصِ الشَّهْرِ وَكَمَالِهِ كَانَ كَالشَّكِّ فِي يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَاشُورَاءَ إلَخْ) وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَاشِرُ أَيَّامِ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَتَاسُوعَاءُ تَاسِعُهُ. وَيُنْدَبُ مَعَهُمَا صَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّامِنِ احْتِيَاطًا وَيُنْدَبُ صَوْمُ بَقِيَّةِ الْعَشْرِ.
قَوْلُهُ: (أَحْتَسِبُ) هُوَ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِلَفْظِ الْمَاضِي وَضَمِيرُهُ يَعُودُ إلَى الصَّوْمِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَحِكْمَةُ كَوْنِ عَرَفَةَ تُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِخِلَافِ عَاشُورَاءَ لِمُشَارَكَةِ قَوْمِ مُوسَى عليه السلام. وَالسَّنَةُ الْمَاضِيَةُ آخِرُهَا شَهْرُ الْحَجَّةِ وَالْمُسْتَقْبِلَةُ أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ وَالتَّكْفِيرُ لِلذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَغَائِرَ فَيُرْجَى أَنْ تَحُتَّ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَعَمَّمَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْكَبَائِرِ أَيْضًا وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ. وَقَالَ التَّخْصِيصُ بِالصَّغَائِرِ تَحَكُّمٌ وَعَفْوُ اللَّهِ وَاسِعٌ. وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ذُنُوبٌ فَزِيَادَةٌ فِي الْحَسَنَاتِ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: التَّكْفِيرُ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْغُفْرَانِ وَبِمَعْنَى الْعَصَبَةِ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَالثَّانِي عَلَى الْمُسْتَقْبَلَةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ كَانَ مَغْفُورًا. وَقِيلَ الْمُرَادُ عَدَمُ وُقُوعِهِ وَهَذَا عَائِدٌ إلَى مَعْنَى الْعِصْمَةِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ مِنْ تَكْفِيرِ السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ فِيهَا لِأَنَّ التَّكْفِيرَ لَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خِلَافُ الْأَوْلَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا الْمُسَافِرُ. قَوْلُهُ: (الثَّالِثَ عَشَرَ) أَيْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُبَدَّلُ بِالسَّادِسِ عَشَرَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ إلَخْ) فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذَا النُّورِ الْعَظِيمِ وَيُنْدَبُ صَوْمُ أَيَّامِ اللَّيَالِيِ السُّودِ، وَهِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْوَدُّ بِالظُّلْمَةِ مِنْ عَدَمِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلَى آخِرِهِ فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا طَلَبُ كَشْفِ تِلْكَ الظُّلْمَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَتَزْوِيدُ الشَّهْرِ الَّذِي عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ بَعْدَ كَوْنِهِ كَانَ ضَيِّقًا. وَيُسَنُّ صَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مَعَهَا احْتِيَاطًا لِنَقْصِ الشَّهْرِ فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ وَنَقَصَ الشَّهْرُ أَبْدَلَهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بَعْدَهُ، وَعَلَى هَذَا هَلْ يُطْلَبُ لِهَذَا الشَّهْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أُخْرَى أَوْ أَنَّهُ يَكْفِي لِلشَّهْرَيْنِ رَاجِعْهُ، وَيُنْدَبُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَلَوْ غَيْرَ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا كَصِيَامِ الشَّهْرِ إذْ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. قَوْلُهُ:(مِنْ شَوَّالٍ) أَيْ وَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ صَامَهُ عَنْهُ دَخَلَتْ فِيهِ وَيَحْصُلُ ثَوَابُهَا الْمَخْصُوصُ.
وَكَذَا ثَوَابُ رَمَضَانَ الْمَخْصُوصُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فَإِنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهَا لَمْ تَدْخُلْ وَيَصُومُهَا مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ وَفِيهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَتْبَعَهُ) أَيْ حَقِيقَةً إنْ
ــ
[حاشية عميرة]
أُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَيَوْمُ عَرَفَةَ) وَلَوْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي هِلَالِ الْحِجَّةِ فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ كَمَا فِي صِيَامِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الشَّكِّ فِي أَوَّلِهِ، قَالَهُ مَوْهُوبُ الْجَزَرِيُّ. قَوْلُهُ:(أَنْ يُكَفِّرَ) قَالَ الْإِمَامُ: أَيْ الصَّغَائِرَ، قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: وَهُوَ مَرْدُودٌ وَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَالْفَضْلُ وَاسِعٌ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِلتَّكْفِيرِ تَأْوِيلَانِ قِيلَ الْغُفْرَانُ، وَقِيلَ الْعِصْمَةُ مِنْهَا.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هَذَا أَصْلٌ فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِطْرُ عَرَفَةَ لِلْمُسَافِرِ غَيْرِ الْحَاجِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ إلَخْ) يُسْتَثْنَى ذُو الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَقَدْ سَكَتُوا عَنْ سَنِّ