الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيُبَاعُ مَثَلًا رُطَبُ نَخَلَاتٍ عَلَيْهَا يَجِيءُ مِنْهُ جَافًّا أَرْبَعَةُ أَوْسُقٍ خَرْصًا بِأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ تَمْرًا. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» . شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ. وَتَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ أَنَّ الْخَمْسَةَ أَلْفٍ وَسِتُّمِائَةِ رَطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ (وَلَوْ زَادَ) عَلَى مَا دُونِهَا (فِي صَفْقَتَيْنِ) كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَهَا (جَازَ) وَكَذَا لَوْ بَاعَ فِي صَفْقَةٍ لِرَجُلَيْنِ يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا دُونَهَا، وَلَوْ بَاعَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ فَهُوَ كَبَيْعِ رَجُلٍ لِرَجُلَيْنِ، وَقِيلَ: كَبَيْعِهِ لِرَجُلٍ (وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ) فِي الْمَجْلِسِ (بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ كَيْلًا وَالتَّخْلِيَةِ فِي النَّخْلِ) وَسَكَتَ عَنْ شَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ أَكَلَ الرُّطَبَ فَذَاكَ وَإِنْ جَفَّفَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ
(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ بَيْعُ مِثْلِ الْعَرَايَا (فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْمِشْمِشِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُدَّخَرُ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا. وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ وَيَقِيسُهَا عَلَى الرُّطَبِ كَمَا قِيسَ عَلَيْهِ الْعِنَبُ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ أَيْ بَيْعُ الْعَرَايَا لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ) لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ. وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِمْ لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ قُوتِهِمْ مِنْ التَّمْرِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَتَبَايَعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ» . ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا حِكْمَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ.
(إذَا اتَّفَقَا عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّتِهِ كَقَدْرِ الثَّمَنِ) كَمِائَةٍ أَوْ تِسْعِينَ (أَوْ صِفَتِهِ) كَصِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ. قَوْلُهُ: (فِي صَفْقَتَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَكَذَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَبَيْعُ اثْنَيْنِ لِاثْنَيْنِ يَصِحُّ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ وَسْقًا.
وَفِي الرَّوْضَةِ عَشَرَةِ أَوْسُقٍ وَنُسِبَ إلَى سَبْقِ الْقَلَمِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّخْلِيَةُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ) وَلَوْ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَقَبْضُهُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَكَلَ إلَخْ) وَلَهُ تَرْكُهُ لِيَتَتَمَّرَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ ذَلِكَ) وَرَدَ بِأَنَّ مَنْعَ الْخَرْصِ لَا قَائِلَ بِهِ وَبَيْعَهُ بِلَا خَرْصٍ لَا قَائِلَ بِهِ فَرَاجِعْهُ، وَزَادَ الشَّارِحُ لَفْظَ مِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى عَرَايَا. قَوْلُهُ:(وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ) فَالْفَقِيرُ هُنَا مَنْ لَا نَقْدَ بِيَدِهِ. قَوْلُهُ: (حِكْمَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ) وَفِي نُسْخَةٍ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُخَصِّصُ الْحُكْمَ كَمَا فِي الرَّمْلِيِّ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُوهِمُ التَّخْصِيصَ يُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَوْ هُوَ ضَعِيفٌ.
بَابُ كَيْفِيَّةِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ قَوْله: (إذَا اتَّفَقَا) وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَثَبَتَتْ بِالْيَمِينِ كَمَا يَأْتِي، وَلَكِنْ فِيهِ خِلَافٌ وَكَالْبَيْعِ بَقِيَّةُ الْعُقُودِ وَلَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
وَالثَّانِيَةُ بِالْمُثَنَّاةِ وَقَوْلُهُ بِخَرْصِهَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالْفَتْحُ أَشْهُرُ، وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَخْرُوصُ، قَالَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. قَوْلُهُ:(فِي أَظْهَرْ قَوْلَيْهِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ فِي خَمْسَةٍ أَيْضًا وَأَمَّا أَكْثَرُ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا بَلْ هُوَ مُزَابَنَةٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ كَبَيْعِهِ لِرَجُلٍ) لِيَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي سَلَفَ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا وَبِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا عَكْسُ ذَاكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الرُّطَبَ هُنَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَمَحَلُّ الْخَرْصِ وَهُوَ تَخْمِينٌ، وَقَدْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِالْفُقَرَاءِ) الْمُرَادُ بِهِمْ لَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِغَيْرِهِ.
[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]
ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ التَّرْجَمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ بَلْ سَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ،
(أَوْ الْأَجَلِ) بِأَنْ أَثْبَتَهُ الْمُشْتَرِي وَنَفَاهُ الْبَائِعُ (أَوْ قَدْرِهِ) كَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ (أَوْ قَدْرِ الْمَبِيعِ) كَهَذَا الْعَبْدِ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي وَالثَّوْبِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا (تَحَالَفَا فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبِهِ وَإِثْبَاتِ قَوْلِهِ وَيُبْدَأُ بِالْبَائِعِ وَفِي قَوْلٍ بِالْمُشْتَرِي، وَفِي قَوْلٍ يَتَسَاوَيَانِ) وَعَلَى هَذَا (فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ) فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ مِنْهُمَا (وَقِيلَ: يُقْرِعُ) بَيْنَهُمَا فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ. وَالْخِلَافُ جَمِيعُهُ فِي الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الِاشْتِرَاطِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِي كُلَّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (يَمِينٌ تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَيُقَدِّمُ النَّفْيَ فَيَقُولُ) الْبَائِعُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، مَثَلًا: وَاَللَّهِ (مَا بِعْت بِكَذَا وَلَقَدْ بِعْت بِكَذَا) وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: وَاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْت بِكَذَا وَلَقَدْ اشْتَرَيْت بِكَذَا. هَذِهِ عِبَارَةُ التَّنْبِيهِ وَعَدَلَ إلَيْهَا عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ وَإِنَّمَا بِعْت بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْحَصْرِ بَعْدَ النَّفْيِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ لِلنَّفْيِ وَيَمِينٍ لِلْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى النَّفْيِ ثُمَّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
جَائِزَةً أَيْ غَيْرَ مَحْضَةٍ. قَوْلُهُ: (كَقَدْرِ الثَّمَنِ) أَوْ الْمَبِيعِ بِنَفْسِهِ أَوْ فِيمَا دَخَلَ تَبَعًا. نَعَمْ إنْ لَمْ يُفْرَدْ التَّابِعُ بِعَقْدٍ كَوِلَادَةٍ أَوْ تَأْبِيرٍ، اخْتَلَفَا فِي زَمَنِ وُجُودِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ صَدَقَ الْبَائِعُ. قَوْلُهُ:(أَوْ تِسْعِينَ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَذَكَرَهَا دُونَ الْوَاوِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الثَّمَنَ الْمَجْمُوعُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ صِفَتِهِ) مِمَّا يَصِحُّ شَرْطُهُ كَرَهْنٍ وَلَوْ بِنَحْوِ مَزْجٍ وَكَفِيلٍ وَكِتَابَةٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُكَسَّرَةٍ) بِأَنْ قُطِعَتْ بِالْمِقْرَاضِ أَجْزَاءٌ مَعْلُومَةٌ لِأَجْلِ شِرَاءِ الْحَاجَاتِ وَالْأَشْيَاءِ الصَّغِيرَةِ، أَمَّا نَحْوُ أَرْبَاعِ الْقُرُوشِ فَهِيَ نُقُودٌ صَحِيحَةٌ، وَأَمَّا نَحْوُ الْمَقَاصِيصِ وَالذَّهَبِ الْمَشْعُورِ أَوْ الْمُكَسَّرِ فَالْعَقْدُ بِهَا بَاطِلٌ لِلْجَهْلِ بِقِيمَتِهَا. قَوْلُهُ:(أَوْ الْأَجَلِ) فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرَ الْمَبِيعِ) هِيَ مَانِعَةُ جَمْعٍ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ مَعًا فَلَا تَحَالُفَ فِيهِ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ:(وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ يُعْمَلُ بِهَا فَيَخْرُجُ مَا لَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا، وَيُسَلَّمُ مُدَّعِي الْمُشْتَرِي لَهُ بِبَيِّنَتِهِ وَيُتْرَكُ مُدَّعِي الْمَبِيعِ فِي يَدِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنْكِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ وَإِلَّا فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لَا بِوَطْءٍ
لِلضَّرُورَةِ.
قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ أَوْ بَعْدَ فَسْخٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ لَا بَعْدَ الْقَبْضِ خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِالْإِقَالَةِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ لِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مَعًا فَسَقَطَ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لِلْآخَرِ وَإِنْ نَكَلَ تُرِكَا. قَوْلُهُ:(عَلَى نَفْيٍ إلَخْ) وَلَا يَكْفِيهِ الْحَصْرُ نَحْوُ مَا بِعْت إلَّا بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِاللَّوَازِمِ فِي الْأَيْمَانِ. قَوْلُهُ: (وَيَبْدَأُ بِالْبَائِعِ) كَمَا قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ، وَفِي عَكْسِهِ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي لِقُوَّةِ جَانِبِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِبَقَاءِ عِوَضِهِ لَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ، فَإِنْ كَانَا مُعَيَّنَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ تَسَاوَيَا فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ. قَوْلُهُ:(وَفِي قَوْلٍ بِالْمُشْتَرِي) هُوَ مُخْرَجٌ مِنْ النَّصِّ بِالْبُدَاءَةِ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي السَّلَمِ وَبِالزَّوْجِ فِي الْمَهْرِ وَبِالسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَتَسَاوَيَانِ) هُوَ مُخْرَجٌ مِنْ النَّصِّ بِالتَّخْيِيرِ فِي الدَّعَاوَى وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالنَّصِّ أَوْ بِالْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) فَيُنْدَبُ يَمِينَانِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ وَيَجُوزُ تَوَالِيهِمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ) عَطْفٌ عَلَى يَكْفِي فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. قَوْلُهُ: (فَلَا حَاجَةَ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ اللُّزُومُ وَإِلَّا فَهُوَ تَأْكِيدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلِ الصَّحِيحِ) فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْيَمِينِ وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ فِي التَّقْدِيمِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ لَهُ هُنَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَلِفَ هُنَا عَلَى الْبَتِّ فِي
ــ
[حاشية عميرة]
كَذَلِكَ ثُمَّ عِبَارَتُهُ يَرِدُ عَلَيْهَا مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعًا فَإِنَّهُ لَا تَحَالُفَ وَالْعِبَارَةُ صَادِقَةٌ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَيْفِيَّتِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ نَفْسِهِ كَأَنْ قَالَ: بِعْت. فَقَالَ: بَلْ وَهَبْت كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ صِفَتِهِ) أَيْ أَوْ جِنْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ قَدْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ بِالْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الصَّدَاقِ عَلَى الْبُدَاءَةِ بِالزَّوْجِ، وَهُوَ كَالْمُشْتَرِي وَلِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَفِي قَوْلٍ يَتَسَاوَيَانِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تَرْجِيحَ.
قَوْلُهُ: (فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ) أَيْ كَمَا لَوْ تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِهِمَا فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُقْرِعُ) أَيْ كَمَا لَوْ جَاءَا مَعًا إلَى مَجْلِسِهِ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُقْرِعُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيَتَخَيَّرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَنْفِيَّ أَحَدِهِمَا فِي ضِمْنِ مُثْبَتِهِ فَجَازَ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ لِلنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فَصْلِ الْخُصُومَةِ ثُمَّ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ جَوَازُ الْعُدُولِ إلَى الْيَمِينَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُقَدَّمُ النَّفْيُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ
ثُمَّ الْبَائِعُ عَلَى الْإِثْبَاتِ ثُمَّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَالْوَسِيطِ. (وَإِذَا تَحَالَفَا فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بَلْ إنْ تَرَاضَيَا) بِمَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ بَقَاءُ الْعَقْدِ بِذَلِكَ (وَإِلَّا فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الْفَسْخُ (وَقِيلَ: إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ) وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَسْخِ أَوْ الِانْفِسَاخِ (عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ (فَإِنْ كَانَ وَقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ مَاتَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَهِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ غَيْرِهِ (فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ) وَالثَّانِي قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ. وَالثَّالِثُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَيَوْمَ الْقَبْضِ لِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَلِمَا تَقَدَّمَ فِي الثَّانِي وَالرَّابِعِ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ.
وَقَوْلُهُ: الْأَقْوَالُ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْقِيمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ أَوْجُهٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَقْوَالٌ (وَإِنْ تَعَيَّبَ رَدَّهُ مَعَ أَرْشِهِ) وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ كَمَا يَضْمَنُ كُلَّهُ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْحَاوِي وُجُوبُ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَفِي الْمَطْلَبِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْمِثْلِ (وَاخْتِلَافُ وَارِثِهِمَا كَهُمَا) أَيْ كَاخْتِلَافِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ
ــ
[حاشية قليوبي]
النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ إلَّا فِي نَحْوِ الْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالتَّوَالِي هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (إنْ تَرَاضَيَا) أَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِدَفْعِ مَا ادَّعَاهُ الْآخَرُ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَيْسَ لَهُمَا بَعْدَ التَّرَاضِي الْعَوْدُ لِلْفَسْخِ. قَوْلُهُ:(أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الْفَسْخُ) وَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْبَقِيَّةُ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلِكُلٍّ قَبْلَ الْفَسْخِ، لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ بِالْوَطْءِ وَالْفَسْخُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ أَوْ هُمَا أَوْ الصَّادِقُ مِنْهُمَا، وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ وَلِلْآخَرِ إنْشَاءُ فَسْخٍ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ بَعْدَ الْفَسْخِ) أَوْ الِانْفِسَاخِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُشْتَرِي الرَّدُّ) وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ.
نَعَمْ إنْ قَالَا أَقْرَرْنَا الْعَقْدَ فَلَا رَدَّ. قَوْلُهُ: (بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ) أَيْ بِلَا مَانِعٍ وَإِلَّا فَلَهُ الصَّبْرُ لِزَوَالِهِ وَلَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ فِي الْآبِقِ أَخْذُ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ وَفِي الْمَرْهُونِ وَالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَخْذُ الْقِيمَةِ لِلْفَيْصُولَةِ، وَفِي الْمُؤَجَّرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْفَسْخِ وَلَا يَنْزِعُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يُطَالِبُ بِالْمُسَمَّى. قَوْلُهُ (لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) إنْ تَلِفَ كُلُّهُ، وَكَانَ مُتَقَوِّمًا وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَفِي تَلِفَ بَعْضِهِ يُرَدُّ بَدَلُ مَا تَلِفَ مَعَ الثَّانِي بِالرِّضَا. قَوْلُهُ:(أَوْجُهُ) هُوَ الرَّاجِحُ. قَوْلُهُ: (رَدَّهُ مَعَ أَرْشِهِ) وَمَعَ زِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ مُطْلَقًا وَالْمُنْفَصِلَةِ إنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْفَسْخِ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهِ كَمَا مَرَّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاغْتُفِرَ الْحُكْمُ هُنَا لِلظَّالِمِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِقْدَارٌ وَإِلَّا فَبِمُقَدَّرِهِ كَيَدِ الْعَبْدِ كَمَا فِي الْجَانِي وَالْمُعْتَبَرُ فِي النَّقْصِ عَنْ قِيمَةِ يَوْمِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ، فِي الْبَيْعِ مِنْ اعْتِبَارِ أَقَلِّ الْقِيَمِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْقِيمَةِ هُنَاكَ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ النَّقْصِ وَلِسَبَبِ مَغْرُومِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَا هُنَا كَالْبَيْعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(الْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْمِثْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَاخْتِلَافُ وَارِثُهُمَا كَهُمَا) وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ مُوَكِّلَيْهِمَا وَوَكِيلَيْهِمَا وَوَلِيِّهِمَا مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَيِّمٍ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ سَيِّدِ الرَّقِيقِ، وَكَذَا اخْتِلَافُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورِينَ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَنْتَظِمُ مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ تَزِيدُ عَلَى
ــ
[حاشية عميرة]
وَمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْبَائِعُ عَلَيْهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا عَلَى النَّفْيِ بَلْ يَكْتَفِي بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ يَحْلِفُ أَحَدُهُمَا عَلَى النَّفْيِ ثُمَّ تُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى النَّفْيِ اكْتَفَيْنَا بِذَلِكَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْأَوَّلُ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ وَقَضَى لَهُ وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ عَنْ النَّفْيِ حَلَفَ الْآخَرُ عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا تَوَقَّفْنَا اهـ بِمَعْنَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَالصَّحِيحُ إلَخْ) لِأَنَّ غَايَةَ الْيَمِينَيْنِ أَنْ يَكُونَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَالْعُنَّةِ وَلِأَنَّا لَا نَعْلَمُ الظَّالِمَ مِنْهُمَا وَتَفْوِيضُ الْفَسْخِ إلَى الظَّالِمِ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَعْدَ اللِّعَانِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ) وَالْمُؤْنَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ كَانَ وَقَفَهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ الْفَسْخِ بَعْدَ التَّلَفِ وَإِلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّلَفِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَقَبْلَ التَّلَفِ لَمْ يَتَعَلَّقْ لِلْبَائِعِ حَقٌّ. قَوْلُهُ. (لِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ إلَخْ) كَأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذَا مَا قَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَهُوَ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوَّلِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: (وَالرَّابِعُ) وَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ يَدَهُ ضَامِنَةٌ كَالْمُسْتَامِ وَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَهُمَا) لِأَنَّهَا يَمِينٌ فِي الْمَالِ فَكَانَتْ كَالْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْمَالِ ثُمَّ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَسْبِقْ لِلْمُوَرَّثِينَ اخْتِلَافٌ. قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ) فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَتِّ
لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ (وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا فَقَالَ بَلْ وَهَبْتنِيهِ فَلَا تَحَالُفَ) إذْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ (بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ فَإِذَا حَلَفَا رَدَّهُ مُدَّعِي الْهِبَةِ بِزَوَائِدِهِ) أَيْ لَزِمَهُ ذَلِكَ
(وَلَوْ ادَّعَى صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسَادَهُ) كَأَنْ ادَّعَى اشْتِمَالَهُ عَلَى شَرْطٍ مُفْسِدٍ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. وَالثَّانِي تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ
(وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) وَقَبَضَهُ (فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعٌ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ مُضِيُّ الْعَقْدِ عَلَى السَّلَامَةِ (وَفِي) مِثْلِهِ فِي (السَّلَمِ) وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْلِمُ الْمُؤَدَّى عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِمَعِيبٍ فَيَقُولُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ (يُصَدَّقُ) الْمُسْلِمُ (فِي الْأَصَحِّ) بِيَمِينِهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْبُوضُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِيَمِينِهِ كَالْبَائِعِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ جَاءَ بِمَعِيبٍ هَلْ يُصَدَّقُ هُوَ أَوْ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمِائَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَقْدٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِزَوَائِدِهِ) مُنْفَصِلَةً أَوْ مِنْ غَيْرِ عَيْنِ الْمَبِيعِ نَحْوَ كَسْبِ الْعَبْدِ فَإِنْ تَلِفَتْ لَزِمَهُ بَدَلُهَا كَالْمَبِيعِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهَا لَوْ اسْتَعْمَلَهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا وَجَبَ رَدُّهَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا أَنَّهَا لِمُدَّعِي الْهِبَةِ بِدَعْوَاهُمَا لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَتْ دَعْوَاهُمَا رُجِعَ إلَى أَصْلِ اسْتِصْحَابِ الْمِلْكِ.
فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: كَابْنِ حَجّ لَوْ اشْتَرَى شَجَرًا وَاسْتَغَلَّهُ سِنِينَ، ثُمَّ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ حَلَّفَهُ عَلَيْهِ. ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ وَلَا يُغَرِّمُهُ الْبَائِعُ مَا اسْتَغَلَّهُ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يَدَّعِي الثَّمَنَ وَقَدْ تَعَذَّرَ بِحَلِفِهِ، وَلِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَسْخُ الْبَيْعِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ وَفَارَقَ مَا فِي الْمَتْنِ بِأَنَّهُ هُنَا انْتَقَلَ مِلْكُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجَدَ رَافِعٌ بِزَعْمِهِ اهـ. فَانْظُرْهُ وَحَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (فَسَادُهُ) كَعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ، وَأَمْكَنَ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَمِنْهُ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّ الْعَقْدَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ مَعَ إنْكَارِهَا ذَلِكَ، وَكَذَا دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ، وَإِنْكَارِ الرَّاهِنِ ذَلِكَ، وَكَذَا دَعْوَى الْمُكَاتَبِ تَعَدُّدَ النُّجُومِ فِي الْعَقْدِ وَإِنْكَارُ السَّيِّدِ ذَلِكَ، فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ) وَرُجِّحَ الْأَوَّلَ بِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ فِي مَسَائِلَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ أَقْوَى لِمُوَافَقَتِهِ لِأَصْلِ الْعَدَمِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ فَادَّعَى الْبَائِعُ تَعَيُّنَهُ لِيُبْطِلَ الْبَيْعَ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِإِرَادَتِهِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ صِبَاهُ أَوْ جُنُونَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ وَأَمْكَنَ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ فَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ.
قَوْلُهُ: (عَبْدًا) أَيْ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ كَالتَّوَابِعِ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْبَائِعُ) وَكَذَا كُلُّ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الثَّمَنِ) كَمَا فِي الذِّمَّةِ وَكَالثَّمَنِ كُلُّ مَا فِي الذِّمَّةِ.
فَرْعٌ: اشْتَرَى مِقْدَارًا وَادَّعَى نَقْصَهُ كَيْلًا أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مَثَلًا صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَلَفِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ مُطْلَقًا وَلَوْ صَبَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً مَيِّتَةً، وَادَّعَى الْبَائِعٌ أَنَّهَا كَانَتْ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي، وَخَالَفَهُ الْمُشْتَرِي فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ فَالْمُصَدَّقُ الْآخِذُ فِي دَفْعِ الدَّيْنِ وَلَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَفِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (بِزَوَائِدِهِ) أَيْ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (صِحَّةُ الْبَيْعِ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَيَقُولَ بَلْ بِزِقِّ خَمْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ الْقَاضِي: إذَا صَدَّقْنَا الْبَائِعَ لَا يُمَكِّنُنَا قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الثَّمَنِ، بَلْ يُحْبَسُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُبَيِّنَ مَا يَكُونُ ثَمَنًا فَإِنْ وَافَقَ الْبَائِعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَإِلَّا تَحَالَفَا.