الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْإِحْرَامِ
أَيْ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ (يَنْعَقِدُ مُعَيَّنًا بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ كِلَيْهِمَا وَمُطْلَقًا بِأَنْ لَا يَزِيدَ) فِي النِّيَّةِ (عَلَى نَفْسِ الْإِحْرَامِ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» . وَرَوَى الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» (وَالتَّعْيِينُ أَفْضَلُ) لِيَعْرِفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ الْإِطْلَاقُ) أَفْضَلُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ صَرْفِهِ إلَى مَا لَا يَخَافُ فَوْتَهُ (فَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْأَعْمَالِ) وَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ قَبْلَ النِّيَّةِ (وَإِنْ أَطْلَقَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ) وَالثَّانِي يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى عُمْرَةٍ وَبَعْدَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ إلَى حَجٍّ أَوْ قِرَانٍ فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْحَجِّ قَبْلَ الْأَشْهُرِ كَانَ كَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَابُ الْإِحْرَامِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لِدُخُولِ الْحَرَمِ أَوْ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ مَا كَانَ حَلَالًا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ) أَيْ لَا بِمَعْنَى النِّيَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَسَتَأْتِي وَلَا بُدَّ مِنْهَا لِهَذَا الدُّخُولِ فَلَا يُوجَدُ بِدُونِهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا) وَكَذَا نِصْفُ حَجٍّ أَوْ حَجَّتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عُمْرَةً) وَكَذَا نِصْفُ عُمْرَةٍ أَوْ عُمْرَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كِلَيْهِمَا) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِتَقْدِيمِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ نِيَّةَ الْحَجِّ امْتَنَعَتْ الْعُمْرَةُ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ. وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ صِيغَةٌ وَاحِدَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَعْضِهَا فَلَا يَتِمُّ الْمُرَادُ إلَّا بِتَمَامِهَا خُصُوصًا وَهُوَ قَاصِدٌ لَهُمَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَزِيدَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ فَلَوْ زَادَ كَوْنُهُ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ قَيَّدَهُ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَغَا وَانْصَرَفَ لِمَا عَلَيْهِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ فَرْضٍ أَيْضًا وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِانْصِرَافِهِ هُنَا قَهْرًا لَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ غَيْرَهُ وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَأَيَّهُمَا عَيَّنَهُ كَانَ فَاسِدًا.
قَوْلُهُ: (وَرَوَى الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هَذَا دَلِيلُ الْإِطْلَاقِ فَمَعْنَى مُهِلِّينَ مُحْرِمِينَ، وَأَنْ يُجْعَلَ بِمَعْنَى يَصْرِفُ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْأَكْمَلُ لِمَا سَيَأْتِي. وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ لِأَنَّهُ فِيهِ قَدْ خَيَّرَهُمْ قَبْلَ إحْرَامِهِمْ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ إذَا أَحْرَمُوا لَكِنَّهُمْ عِنْدَ إحْرَامِهِمْ أَطْلَقُوا فَتَأَمَّلْ. وَالْوَاقِعُ مِمَّنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إبْهَامٌ وَيُعْلَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ:(إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ) أَيْ لِلْعُمْرَةِ مُطْلَقًا وَلِلْحَجِّ إنْ لَمْ يَفُتْ وَإِلَّا تَعَيَّنَ صَرْفُهُ لِلْعُمْرَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ) كَالطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ فَلَهُ صَرْفُهُ بَعْدَهُ لِلْعُمْرَةِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ بِهِ الْحَجُّ نَعَمْ نَقَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَالْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهُ لِلْحَجِّ بَعْدَ الطَّوَافِ انْصَرَفَ الطَّوَافُ لِلْقُدُومِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهُ لَهُ بَعْدَ السَّعْيِ أَوْ الْوُقُوفِ انْصَرَفَ لَهُمَا وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ وَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّوَافِ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ النِّيَّةِ) أَيْ قَبْلَ الصَّرْفِ إذْ النِّيَّةُ تَقَدَّمَتْ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً) عَبَّرَ هُنَا بِالْأَصَحِّ لِأَنَّ الِانْعِقَادَ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَعَبَّرَ فِيمَا مَرَّ
ــ
[حاشية عميرة]
[بَابُ الْإِحْرَامِ]
ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ) كَذَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ رحمه الله عَنْ الْأَزْهَرِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي ذَلِكَ، وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ:(وَرَوَى الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ دَلِيلُ الْإِطْلَاقِ السَّابِقِ فِي الْمَتْنِ، وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ «أَبِي مُوسَى، وَعَلِيٍّ لَبَّيْت بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» قَالَ بَعْضُهُمْ: كَذَا اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ وَخَالَفَهُ الْعُلَمَاءُ، لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِهِمَا إبْهَامٌ لَا إطْلَاقٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا جَاءَ الْإِبْهَامُ جَازَ الْإِطْلَاقُ. قَوْلُهُ: (فَأَمَرَ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ يُنْتَظَرُ هَلْ يُؤْمَرُونَ بِالدَّوَامِ عَلَى مَا عَيَّنُوا أَوْ فَسْخِهِ أَوْ ضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ) قِيلَ يُشْكِلُ عَلَى تَعْلِيقِ الْعَبْدِ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ ثُمَّ يَعْتِقُ.
أَشْهُرِهِ فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: بِمَ أَهْلَلْت فَقُلْت لَبَّيْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَقَدْ أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا) وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ إلَى زَيْدٍ (وَقِيلَ: إنْ عُلِمَ عَدَمُ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) إحْرَامُهُ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا. وَفُرِّقَ فِي الْأَصَحِّ بِأَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ (وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ) إنْ كَانَ حَجًّا فَحَجٌّ وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً فَعُمْرَةٌ، وَإِنْ كَانَ قِرَانًا فَقِرَانٌ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَمُطْلَقٌ وَيَتَخَيَّرُ كَمَا يَتَخَيَّرُ زَيْدٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّرْفُ إلَى مَا يَصْرِفُ إلَيْهِ زَيْدٌ، وَإِنْ عَيَّنَ زَيْدٌ قَبْلَ إحْرَامِهِ انْعَقَدَ وَإِنْ كَانَ إحْرَامُ زَيْدٍ فَاسِدًا انْعَقَدَ لِهَذَا مُطْلَقًا. وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ لَهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ بِمَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (جَعَلَ) هَذَا (نَفْسَهُ قَارِنًا) بِأَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ (وَعَمِلَ أَعْمَالَ النُّسُكَيْنِ) لِيَتَحَقَّقَ الْخُرُوجُ عَمَّا شَرَعَ فِيهِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
بِالصَّحِيحِ لِأَنَّهُ فِي الِانْعِقَادِ وَعَدَمِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) فَلَوْ قَالَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَهُوَ مِثْلُهُمَا إنْ اتَّفَقَا، وَقَارَنَ إنْ اخْتَلَفَا وَصَحَّ إحْرَامُهُمَا وَتَابِعٌ لِلصَّحِيحِ مِنْهُمَا وَمُطْلَقٌ إنْ فَسَدَ إحْرَامُهُمَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا) أَيْ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ أَحْرَمْت لَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا. كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَحْرَمْت وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي انْعِقَادُهُ إذَا عَلِمَ بِإِحْرَامِ زَيْدٍ وَيَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذَا، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِانْعِقَادِ إحْرَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ. قَوْلُهُ:(كَإِحْرَامِهِ) وَيَجِبُ سُؤَالُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَيُعْمَلُ بِإِخْبَارِهِ وَلَوْ فَاسِقًا. وَيُعْمَلُ بِالثَّانِي مِنْ خَبَرَيْهِ إنْ تَعَدَّدَ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَعَنُّتٌ فَلَوْ أَخْبَرَ بِحَجٍّ بَعْدَ إخْبَارِهِ بِعُمْرَةٍ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَأَرَاقَ دَمًا وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى زَيْدٍ لِأَنَّ حَجَّهُ لَهُ، وَلَا نَظَرَ لِتَغْرِيرِهِ وَلَا يَأْتِي هُنَا الِاجْتِهَادُ لِأَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِالْعِبَادَةِ كَالشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ إلَّا مِنْ جِهَةِ النِّيَّةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(وَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ التَّشْبِيهَ بِهِ الْآنَ أَوْ فِيمَا يَأْتِي أَوْ هُمَا. قَوْلُهُ: (أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّشْبِيهَ بِهِ الْآنَ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا فِيهِ زَيْدٌ) .
قَوْلُهُ: (فَاسِدًا) بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَأَفْسَدَهَا بِالْجِمَاعِ ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُدْخِلُ فَاسِدًا، وَلَا يُتَصَوَّرُ فَسَادُهُ حَالَ النِّيَّةِ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ حَالَةَ الْجِمَاعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ حَالَةَ النَّزْعِ. قَوْلُهُ:(جَعَلَ هَذَا نَفْسَهُ) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: كَمَا لَوْ شَكَّ فِي إحْرَامِ نَفْسِهِ أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ عَلَى الْجَدِيدِ لِمَا مَرَّ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الصَّلَاةَ وَالْأَوَانِيَ وَالْقِبْلَةَ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الِاجْتِهَادِ هُنَا لَا يُؤَدِّي إلَى فِعْلِ مَحْظُورٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَدَائِهِ إلَى الصَّلَاةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ بِنَجَسٍ. وَلَوْ شَكَّ فِي إحْرَامِ نَفْسِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَعْمَالِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ) أَيْ أَوْ الْحَجَّ وَحْدَهُ وَلَا يَأْتِي الِاجْتِهَادُ هُنَا قَطْعًا لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ عَلَى نِيَّةِ الْغَيْرِ، وَلَا يُجْزِئُهُ الْعَمَلُ قَبْلَ هَذِهِ النِّيَّةِ فَلَا يَبْرَأُ لَا مِنْ الْحَجِّ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ وَيَحْصُلُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ. نَعَمْ لَوْ نَوَى الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ وَأَعَادَ الْعَمَلَ بَرِئَ مِنْ الْحَجِّ كَمَا يَأْتِي وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِأَنَّهُ إمَّا مُتَمَتِّعٌ أَوْ حَالِقٌ قَبْلَ وَقْتِهِ وَلَا يُعَيِّنُهُ عَنْ جِهَةٍ بَلْ يُوقِعُهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ وَنَوَى الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ، وَأَتَى بِالْأَعْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْحَجِّ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ. وَقَدْ يَكُونُ مُعْتَمِرًا كَذَا قِيلَ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بَلْ يَأْتِي فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(أَعْمَالُ النُّسُكَيْنِ) وَهِيَ أَعْمَالُ الْحَجَّ وَحْدَهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِيَتَحَقَّقَ إلَخْ) وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْحَجِّ عَلَيْهَا أَيْ وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ كَمَا قَالَهُ فِي الْعُبَابِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْقِرَانِ وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ.
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ كَانَ الْإِحْرَامُ حَاصِلًا وَقْتَ الصَّرْفِ لِلْحَجِّ لَا فِي وَقْتِهِ. قَوْلُهُ: (طُفْ بِالْبَيْتِ) قَدْ سَلَفَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَخَرَجَ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ» ، فَقَوْلُ أَبِي مُوسَى: إنَّهُ أَهَلَّ كَإِهْلَالِهِ صلى الله عليه وسلم يَقْتَضِي الِانْعِقَادَ مُبْهَمًا، وَلَوْ صَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إحْرَامَهُ إلَى الْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَمْرَهُ، لِأَبِي مُوسَى بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ، أَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ كَمَا هُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَنَا، فَيَكُونُ أَمْرُهُ لِأَبِي مُوسَى مِنْ بَابِ الْفَسْخِ إلَى الْعُمْرَةِ خُصُوصِيَّةً لَهُ، وَلَا مِثَالَهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَحْسُنُ هُنَا الِاجْتِهَادُ لِأَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِالْعِبَادَةِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، ثُمَّ لَوْ قُلْنَا يَتَحَرَّى فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا. قَوْلُهُ:(لِيَتَحَقَّقَ الْخُرُوجُ) يُرِيدُ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالْأَعْمَالِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ