الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَتَأَتَّى مِنْهُ كَالْحَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ سِلَاحًا، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ يَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى أَيْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ أَوْ شِرَائِهِ، فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُصْحَفَ وَشِرَاءَهُ مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْبَيْعُ دُونَ الشِّرَاءِ.
(وَلِلْمَبِيعِ شُرُوطٌ) خَمْسَةٌ أَحَدُهَا (طَهَارَةُ عَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ وَالْخَمْرِ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ» ، وَقَالَ:«إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيِّتَةِ وَالْخِنْزِيرِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ، وَالْمَعْنَى فِي الْمَذْكُورَاتِ نَجَاسَةُ عَيْنِهَا فَأَحَقُّ بِهَا بَاقِي نَجِسِ الْعَيْنِ. (وَالْمُتَنَجِّسُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَجِسِ الْعَيْنِ. (كَالْخَلِّ وَاللَّبَنِ وَكَذَا الدُّهْنُ) كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُمْكِنُ بِغَسْلِهِ بِأَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ فِي إنَاءٍ مَاءً يَغْلِبُهُ وَيُحَرِّكُ بِخَشَبَةٍ حَتَّى يَصِلَ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ مَعَ رَدِّهِ بِمَا فِي حَدِيثِ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ:«إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَرِيقُوهُ» فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ شَرْعًا لَمْ يُقَلْ فِيهِ ذَلِكَ وَعَلَى إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ قِيلَ يَصِحُّ بَيْعُهُ قِيَاسًا عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ. وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِلْحَدِيثِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْمَاءِ النَّجِسِ لِأَنَّ تَطْهِيرَهُ مُمْكِنٌ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ فِي صُورَةِ الدَّسِّ.
فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ دَارًا فِي الْحَرَمِ لِمَنْعٍ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا م ر. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ وَمَعَ الصِّحَّةِ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْ اشْتِرَاطِ الْبَصَرِ فِي الْعَاقِدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ شِرَائِهِ) أَيْ إلَّا لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُكْرَهُ الْبَيْعُ) أَيْ بَيْعُ الْمُصْحَفِ دُونَ شِرَائِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يُسَمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا لَا نَحْوُ تَفْسِيرٍ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ حُرِّمَ مَسُّهُ فَكَالْمُصْحَفِ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (وَلِلْمَبِيعِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ) لَوْ عَبَّرَ بِالْعِوَضِ لَشَمِلَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، وَذِكْرُ الْخَمْسَةِ إيضَاحٌ وَبَعْضُهُمْ اكْتَفَى بِالْمِلْكِ وَالْعِلْمِ، وَبَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مَعَ النَّفْعِ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ عَامَّةٌ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا فِي نَحْوِ الرِّبَوِيِّ وَفِي نَحْوِ الزُّرُوعِ مَا يَأْتِي فِيهِمَا. قَوْلُهُ:(طَهَارَةُ عَيْنِهِ) وَمِنْهُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَمَظْنُونُ الطَّهَارَةِ بِالِاجْتِهَادِ وَلَا يَضُرُّ اشْتِمَالُ الْعَقْدِ عَلَى نَجِسٍ تَابِعٍ كَطِينِ بِنَاءٍ مَخْلُوطٍ بِسِرْجِينٍ وَرِيشٍ فُصِلَ مِنْ نَحْوِ حَدَأَةٍ وَوَشْمِ عَبْدٍ وَدُودِ مَيِّتٍ فِي نَحْوِ خَلٍّ وَفَاكِهَةٍ فَهُوَ مَبِيعٌ تَبَعًا عِنْدَهُ مَشَايِخُنَا.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: الْوَجْهُ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الطَّاهِرُ وَحْدَهُ وَدُخُولَ غَيْرِهِ مِنْ بَابِ نَقْلِ الْيَدِ كَالِاخْتِصَاصِ. وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ بِنَاءٍ نَجِسٍ كُلِّهِ وَلَوْ عَلَى أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ) وَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ بِقَدْرِهَا كَحِرَاسَةِ مَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ وَصَيْدٍ، وَيَجِبُ زَوَالُ الْيَدِ عَنْهُ بِفَرَاغِهَا. وَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاءُ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ بَاقِي الْحَيَوَانَاتِ وَنَحْوِ السِّرْجِينِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُتَنَجِّسِ) مِنْهُ الْآجُرُّ وَالْخَزَفُ الْمَعْجُونُ بِالنَّجِسِ كَالسِّرْجِينِ وَالرَّمَادِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَيْخَنَا أَفْتَى بِصِحَّةِ بَيْعِهِ وَبِجَوَازِ نَحْوِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ تَنْجِيسِ مَا يُوضَعُ فِيهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. ثُمَّ رَأَيْته عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، وَخَرَجَ بِهِ مَا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا يَسِيلُ دَمُهَا لِأَنَّهُ طَاهِرٌ لَكِنَّ لِمُشْتَرِيهِ الْخِيَارَ إنْ جَهِلَهُ. قَوْلُهُ:(عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ) فَالْمُرَادُ كُلُّ مَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُصْحَفَ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ هَذَا صَوْنُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى السِّلَعِ الْمُبْتَذَلَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ
[شُرُوط الْمَبِيع]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (طَهَارَةُ عَيْنِهِ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ الْمِلْكُ، وَمَا عَدَا النَّفْعَ يَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ فَانْحَصَرَتْ الشُّرُوطُ فِي الْمِلْكِ وَالنَّفْعِ، نَعَمْ يَحْتَاجُ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِمَا إمْكَانَ الطُّهْرِ بِالْغُسْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ) وَإِنْ كَانَ يَصِيدُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَنِيَ الْكَلْبَ لِيَحْرُسَ لَهُ إذَا احْتَاجَ لِزَرْعٍ مَثَلًا لَمْ يَجُزْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخَمْرِ) وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً وَقِيلَ إنَّ الْمُحْتَرَمَةَ طَاهِرٌ يَجُوزُ بَيْعُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِي الْمَذْكُورَاتِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَهَا مَنَافِعُ فَالْخَمْرُ يَطَأُ بِهَا النَّارَ، وَيَعْجِنُ بِهَا الطِّينَ وَالْمَيْتَةُ تُطْعَمُ لِلْجَوَارِحِ وَيُطْلَى بِشَحْمِهَا السُّفُنُ وَيُسْرَجُ بِهِ، وَالْكَلْبُ يَصِيدُ فَعَلِمْنَا أَنَّ مَنْشَأَ النَّهْيِ نَجَاسَةُ الْعَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْمُتَنَجِّسِ إلَخْ) حَكَى فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْآجُرَّ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُعْجَنُ بِالزِّبْلِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ بَيْعِ الدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ بِهِ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يُمْكِنُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُمْكِنُ أَنْ يَطَّرِدَ هَذَا الْوَجْهُ فِي الدِّبْسِ وَالْخَلِّ وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ، لِأَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ إلَى أَجْزَائِهَا مُمْكِنٌ بِالتَّحْرِيكِ، وَالْغُسَالَةُ طَاهِرَةٌ فَلَا يَضُرُّ بَقَاؤُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا رَجَعَ الْخِلَافَ إلَى إمْكَانِ التَّطْهِيرِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّا حَيْثُ قُلْنَا: بِعَدَمِ إمْكَانِ التَّطْهِيرِ بَطَلَ الْبَيْعُ قَطْعًا. قَوْلُهُ (لِلْحَدِيثِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَمْرَ
بِالْمُكَاثَرَةِ. وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى الْحَرَمِ بِالْمَنْعِ، وَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِتَطْهِيرٍ بَلْ يَسْتَحِيلُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ مِنْ صِفَةِ النَّجَاسَةِ إلَى الطَّهَارَةِ كَالْخَمْرِ تَتَخَلَّلُ.
(الثَّانِي) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ) فَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ لَيْسَ بِمَالٍ، فَلَا يُقَابَلُ بِهِ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) بِفَتْحِ الشِّينِ كَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالْفِئْرَانِ وَالْخَنَافِسِ وَالنَّمْلِ وَنَحْوِهَا إذْ لَا نَفْعَ فِيهَا يُقَابَلُ بِالْمَالِ وَإِنْ ذُكِرَ لَهَا مَنَافِعُ فِي الْخَوَاصِّ (وَكُلِّ سَبْعٍ لَا يَنْفَعُ) كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ، وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ لَهَا مِنْ الْهَيْبَةِ وَالسِّيَاسَةِ لَيْسَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَالسَّبْعُ النَّافِعُ كَالضَّبُعِ لِلْأَكْلِ وَالْفَهْدِ لِلصَّيْدِ وَالْفِيلِ لِلْقِتَالِ (وَلَا) بَيْعُ (حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا وَإِنْ عُدَّ بِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ. (وَآلَةِ اللَّهْوِ) كَالطُّنْبُورِ وَالْمِزْمَارِ إذْ لَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا (وَقِيلَ: تَصِحُّ الْآلَةُ) أَيْ بَيْعُهَا.
(إنْ عُدَّ رُضَاضُهَا) بِضَمِّ الرَّاءِ أَيْ مُكَسَّرُهَا (مَالًا) لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُتَوَقَّعًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ. (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ عَلَى الشَّطِّ) أَيْ جَانِبِ النَّهْرِ (وَالتُّرَابِ وَالصَّحْرَاءِ) مِمَّنْ حَازَهُمَا. (فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِمَا، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الثَّانِي مِنْ إمْكَانِ تَحْصِيلِ مِثْلِهِمَا بِلَا تَعَبٍ وَلَا مُؤْنَةٍ.
(الثَّالِثُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الْجَزْمِ بِالْمَنْعِ) نَظَرًا لِلنَّجَاسَةِ الْآنَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ كَانَ دُونَ قُلَّتَيْنِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ بَيْعُهُ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ الْكَثِيرَ بِالتَّغَيُّرِ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْكِنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي عَدَمِ إمْكَانِ التَّطْهِيرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِلَا خِلَافٍ الَّذِي هُوَ مُفَادُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: عَلَى الْأَصَحِّ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (النَّفْعُ) أَيْ الشَّرْعِيُّ وَلَوْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ وَمَا فِيهِ نَفْعٌ مُحَرَّمٍ كَمَا يَأْتِي. وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَفْعَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، فَنَفْعُ الْعَلَقِ بِامْتِصَاصِ الدَّمِ، وَنَفْعُ الطَّاوُسِ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِرُؤْيَةِ لَوْنِهِ، وَنَفْعُ الْعَنْدَلِيبِ بِاسْتِمَاعِ صَوْتِهِ، وَنَفْعُ الْعَبْدِ الزَّمِنِ بِعِتْقِهِ، وَنَفْعُ الْهِرَّةِ بِصَيْدِ الْفَأْرِ، وَالْقِرْدِ بِالتَّعْلِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ دَارٍ بِلَا مَمَرٍّ وَإِنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لَهَا مِنْ نَحْوِ شَارِعٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لِلْمُشْتَرِي لِعَدَمِ النَّفْعِ الشَّرْعِيِّ بِهَا حَالَ الْبَيْعِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِمِلْكِ الْبَائِعِ صَحَّ. وَلِلْمُشْتَرِي الْمُرُورُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ أَوْ مِنْ جِهَةٍ عَيَّنَهَا لَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ أَوْ ذَكَرَ لَهُ جِهَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ وَأَصْلُهَا صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (وَالنَّمْلِ) بِالْمِيمِ بِخِلَافِ النَّحْلِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ بِشَرْطِهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَالنَّمِرِ) أَيْ الْكَبِيرِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ. قَوْلُهُ: (وَالسِّيَاسَةِ) هِيَ حُسْنُ السَّيْرِ فِي الرَّعِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَالْفَهْدِ) أَيْ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَوْ كَبِيرًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ بِخِلَافِ النَّمِرِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَآلَةِ اللَّهْوِ) أَيْ الْمُحَرَّمَةِ لَا نَحْوِ الشِّطْرَنْجِ وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ الصُّوَرُ وَالصُّلْبَانُ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ أَوْ حَلْوَى. لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا م ر بِصِحَّةِ بَيْعِ صُورَةِ الْحَلَاوَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرَّوَاجُ. وَقِيلَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمَذْكُورَاتِ هُنَا مِنْ النَّقْدِ كَالْإِنَاءِ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي. وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْإِنَاءَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، وَقَدْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كُتُبِ الْعِلْمِ الْمُحَرَّمِ. قَوْلُهُ:(تَحْصِيلِ مِثْلِهِمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
بِعَدَمِ قُرْبَانِهِ أَوْ بِإِرَاقَتِهِ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ، كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَصَوَّبَ الْقِيَاسَ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ مَعَ إمْكَانِ طُهْرِهِ بِالدَّبْغِ.
قَوْلُهُ: (فَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ إلَخْ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهِ قَرِيبٌ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] ثُمَّ فَوَاتُ النَّفْعِ قَدْ يَكُونُ حِسًّا وَقَدْ يَكُونُ شَرْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) أَيْ الَّتِي لَا نَفْعَ بِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكُلِّ سَبْعٍ لَا يَنْفَعُ) السَّبْعُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُفْتَرِسُ، وَقَوْلُهُ: لَا يَنْفَعُ، أَيْ مِثْلُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ، وَلِإِيصَالٍ وَلَا يُقَاتَلُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَلَّمُ وَلَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ. قَوْلُهُ:(وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ، بَلْ يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهَا. قَوْلُهُ:(وَالْفَهْدِ لِلصَّيْدِ) مِثْلُهُ الْهِرَّةُ لِصَيْدِ الْفَأْرِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْحِنْطَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَآلَةِ اللَّهْوِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْوَجْهَانِ فِيهِمَا يَجْرِيَانِ فِي الْأَصْنَامِ وَالصُّوَرِ. اهـ. ثُمَّ الْحُكْمُ ثَابِتٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ جَوَاهِرَ نَفِيسَةٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الصُّوَرِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الْحَلْوَى بِمِصْرٍ عَلَى صُوَرِ الْحَيَوَانِ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِبَيْعِ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَكُتُبُ الْكُفْرِ وَالسِّحْرِ وَالْفَلْسَفَةِ يَحْرُمُ بَيْعُهَا وَيَجِبُ إتْلَافُهَا. قَوْلُهُ:(وَالْمِزْمَارِ) وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ
مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ) بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الضَّالِّ وَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهَا فِي الْحَالِّ (فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (لِقَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ) دُونَهُ (صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ) نَظَرًا إلَى وُصُولِ الْمُشْتَرِي إلَى الْمَبِيعِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى عَجْزِ الْبَائِعِ بِنَفْسِهِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهِ صَحَّ بَيْعُهُ قَطْعًا، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ الْغَاصِبِ صَحَّ قَطْعًا، وَلَوْ بَاعَ الْآبِقَ مِمَّنْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ رَدُّهُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الْمَغْصُوبِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الضَّالِّ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْحَيَوَانِ إنْسَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ) مَثَلًا (مُعَيَّنٍ مِنْ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ وَنَحْوِهِمَا) كَثَوْبٍ نَفِيسٍ تَنْقُصُ بِقَطْعِهِ قِيمَتُهُ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ شَرْعًا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِيهِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْكَسْرِ أَوْ الْقَطْعِ، وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ. (وَيَصِحُّ فِي الثَّوْبِ الَّذِي لَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ) كَغَلِيظِ الْكِرْيَاسِ. (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ قَطْعُهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَغْيِيرٍ لِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ يَصِحُّ فِي النَّفِيسِ لِرِضَا الْبَائِعِ بِالضَّرَرِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْقِيَاسُ طَرْدُهُ فِي السَّيْفِ وَالْإِنَاءِ. وَمِمَّا يَصْدُقُ بِهِ النِّصْفُ أَوْ مَحَوْهُ مِنْ الثَّوْبِ أَنْ يَكُونَ ذِرَاعًا، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَرَدَ الْمَاءُ أَوْ غُرْبِلَ التُّرَابُ مَثَلًا صَحَّ بَيْعُهُ قَطْعًا.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقْدِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ وُجُودُهَا بِالْفِعْلِ حِسًّا وَشَرْعًا لَا حَقِيقَتَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْآبِقِ) وَإِنْ عَرَفَ مَحَلَّهُ أَوْ أَرَادَ عِتْقَهُ نَظَرًا لِحَيْلُولَةِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَبِلَا مُؤْنَةٍ لَهَا وَقْعٌ، وَمِثْلُهَا الضَّالُّ وَالْمَغْصُوبُ. وَكَذَا بَيْعُ نَحْوَ سَمَكٍ فِي بِرْكَةٍ وَطَيْرٍ فِي بُرْجٍ بِشَرْطِهِمَا وَنَحْلٍ فِي كِوَارَتِهِ إنْ رَآهُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَإِنْ اعْتَادَ الْعَوْدَ، وَلَا نَحْلٍ خَارِجَ الْكِوَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ فِيهَا وَاعْتَادَ الرُّجُوعَ إلَيْهَا.
وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الصِّحَّةُ فِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلْجَوَارِحِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الطُّيُورِ وَذَكَرَ الْخَطِيبُ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ: (لِقَادِرٍ) وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ وَلَهُ الْخِيَارُ حِينَئِذٍ. وَكَذَا لَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ وَيَصْدُقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ قُدْرَتِهِ وَفِي طُرُوُّ عَجْزِهِ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يَسْهُلُ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ صَحَّ قَطْعًا وَلَمْ يَجْعَلْ الشَّارِحُ هَذَا دَاخِلًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا لِلنِّزَاعِ وَالْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ) أَيْ الضَّالُّ إلَّا عَلَى الْحَيَوَانِ. وَكَذَا لَا يَقَعُ الْآبِقُ إلَّا عَلَى الْآدَمِيِّ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ مِنْ خَوْفٍ أَوْ تَعَبٍ يُقَالُ لَهُ هَارِبٌ.
تَنْبِيهٌ: عِتْقُ الْمَذْكُورِينَ صَحِيحٌ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ بِبَيْعٍ ضِمْنِيٍّ أَوْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ كَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ التَّسَلُّمُ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِنَاءِ) نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ النَّقْدِ صَحَّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِزَوَالِ هَيْئَتِهِ مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَثَوْبٍ نَفِيسٍ) وَفَصٍّ مِنْ خَاتَمٍ وَجِذْعٍ فِي بِنَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ نَقْصٌ) أَيْ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ فَرْدَةِ خُفٍّ. قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ) لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَالْقَطْعُ غَيْرُ مُلْجِئٍ إلَيْهِ وَإِنْ جَازَ لِلطَّالِبِ الْإِعْرَاضُ عَنْ الشِّرَاءِ بَعْدَ الْقَطْعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوْلَى شِرَاؤُهُ شَائِعًا ثُمَّ قَطْعُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَرِيكًا وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَطْعِ عِنْدَ طَلَبِهِ لِعَدَمِ التَّعَنُّتِ. قَوْلُهُ: (لِعَيْنِ الْمَبِيعِ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا
ــ
[حاشية عميرة]
إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَخْصِيصَ الْخِلَافِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ لِلْبَيْعِ بِوَصْفٍ زَائِدٍ كَبُرُودَةِ الْمَاءِ وَنُعُومَةِ التُّرَابِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ.
قُلْت وَبِالنَّظَرِ فِي تَوْجِيهِ الثَّانِي يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ إمْكَانِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ بَذْلُ الْمَالِ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ سَفَهًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْآبِقِ) لَا يُشْكِلُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّمِنِ لِأَنَّ هُنَا مَنْفَعَةٌ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ الزَّمِنِ.
فَائِدَةٌ: يُقَالُ: أَبَقَ يَأْبِقُ، عَلَى وَزْنِ ضَرَبَ يَضْرِبُ وَعَلِمَ يَعْلَمُ. قَوْلُهُ:(فِي الْحَالِ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الْمُضِرَّ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ عَرَفَ مَكَانَ الْآبِقِ وَالضَّالِّ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا بِحَيْثُ لَوْ شُرِعَ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى عَجْزِ الْبَائِعِ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَحْوِهِمَا) مَعًا أُلْحِقَ بِذَلِكَ بَيْعُ الْفَصِّ فِي الْخَاتَمِ وَالْجِذْعِ فِي الْبِنَاءِ، نَعَمْ اسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةَ بَيْعِ بَعْضِ الْجِدَارِ وَالْأُسْطُوَانَةِ إذَا كَانَا مِنْ آجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ، وَجَعَلَ مَحَلَّ الْقَطْعِ نِهَايَةَ صَفٍّ لَا بَعْضَ سُمْكِ اللَّبِنِ أَوْ الْآجُرِّ. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ: يَصِحُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ دَلِيلًا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ نَوْعُ اسْتِرْبَاحٍ
أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ، ثُمَّ يَقْطَعَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ. أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ الْإِنَاءِ وَنَحْوِهِ فَيَصِحُّ، وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا وَبَيْعُ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَرْضِ يَصِحُّ أَيْضًا لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ فِيهَا بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ بِالْعَلَامَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ تَتَضَيَّقُ مَرَافِقُ الْبُقْعَةِ بِالْعَلَامَةِ وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ، فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ فِي الْأَرْضِ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الثَّوْبِ، وَسَيَأْتِي بَيْعُ ذِرَاعٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (الْمَرْهُونِ بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا (وَلَا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ كَمَا فِي الْمَرْهُونِ وَالثَّانِي يَصِحُّ فِي الْمُوسِرِ، قِيلَ: وَالْمُعْسِرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ السَّيِّدُ الْمُوسِرُ بِبَيْعِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَقِيلَ: لَا بَلْ هُوَ عَلَى خِيرَتِهِ إنْ فَدَى أَمْضَى الْبَيْعَ وَإِلَّا فَسَخَ، وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ صَحَّ جَزْمًا، وَالْفِدَاءُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ، وَصُوَرُ تَعَلُّقِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ أَنْ يَكُونَ جَنَى خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا. (وَلَا يَضُرُّ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ) بِأَنْ اشْتَرَى فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَرُدُّ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَلَا تَعَلُّقَ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِهَا. (وَكَذَا تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ) بِرَقَبَتِهِ لَا يَضُرُّ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ تَرَجَّى سَلَامَتَهُ بِالْعَفْوِ، وَالثَّانِي يَضُرُّ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ قَدْ يَعْفُو عَلَى مَالٍ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَتَعَلُّقُهُ بِهَا ضَارٌّ كَمَا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونُ آخِرَهُ أَوْ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءُ آخِرَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَابُهُ بِإِمْكَانِ تَدَارُكِ النَّفْعِيِّ فِي الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَرْهُونِ) وَلَوْ شَرْعًا كَأُجْرَةِ نَحْوِ قَصَّارٍ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِصَارَتِهِ، وَلَوْ قَبْلَ فَرَاغِهَا وَمَاءِ طَهَارَةٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ:(بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ) فَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ وَأَنْ يَشْتَرِيَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُوسِرِ) فَالْمُعْسِرُ عَلَى خِيرَتِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَسَخَ) إنْ لَمْ يُسْقِطْ الْفَسْخُ حَقَّهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ كَوَارِثِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ، وَالْفَاسِخُ الْحَاكِمُ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ مَالِ الْمُوسِرِ بِقَدْرِ الْأَرْشِ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُوسِرُ كَمَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (صَحَّ جَزْمًا) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْفِدَاءُ وَلَوْ بِإِفْلَاسٍ أَوْ صَبْرٍ عَلَى حَبْسٍ أَوْ غَيْبَةِ فَسَخَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِذِمَّتِهِ) أَيْ أَوْ كَسْبِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ فِي تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِعُضْوِهِ) وَإِنْ تَحَتَّمَ كَقَطْعِ طَرِيقٍ. قَوْلُهُ: (بِالْعَفْوِ) أَيْ مَجَّانًا عَنْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِلَّا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَالرَّافِعِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْوَجْهُ الْفَسْخُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ ابْتِدَاءً. نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ ثُمَّ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ وَلَا يُفْسَخُ وَيَنْتَظِرُ يَسَارَ السَّيِّدِ بِالْفِدَاءِ.
قَوْلُهُ: (الرَّابِعُ الْمِلْكُ) أَيْ مِلْكُ التَّصَرُّفِ التَّامِّ فَدَخَلَ الْوَكِيلُ وَخَرَجَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (الْوَاقِعُ) أَيْ الْمَوْجُودُ أَيْ أَنْ يَصْدُرَ الْعَقْدُ الْمَوْجُودُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ إيجَادِهِ فَخَرَجَ الْفُضُولِيُّ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِ الْوَاقِعِ بِالنَّاجِزِ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ
ــ
[حاشية عميرة]
وَفِيهِ أَغْرَاضٌ صَحِيحَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْقِيَاسُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْسَجُ لِيُقْطَعَ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ. قَوْلُهُ: (وَمِمَّا يَصْدُقُ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا إيضَاحَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ الْآتِي حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ الْقَطْعِ لِهَذَا الْغَرَضِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي امْتِنَاعِ الْبَيْعِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ، وَالْإِشْكَالُ قَوِيٌّ جِدًّا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا بَيْعُ الْمَرْهُونِ إلَخْ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ مِثْلُهُ الْأَشْجَارُ الْمُسَاقِي عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ. اهـ. قُلْت وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْمُسَاقَاةِ إذَا أَذِنَ الْعَامِلُ وَبِيعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَلَّ الْمَالُ وَزَادَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ وَالْمُعْسِرُ) أَيْ وَيَتَخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لَكِنْ لَوْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْفِدَاءِ أَوْ تَأَخَّرَ لِإِفْلَاسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ ثُمَّ بَاعَهُ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ تُرْجَى سَلَامَتُهُ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَالْمَرَضِ لَكِنْ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ حَصَلَ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِيمَا لَوْ رَهَنَهُ، ثُمَّ حَصَلَ الْعَفْوُ وَجْهَيْنِ وَفِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ يُرَجِّحَانِ الْبُطْلَانَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلْيَجْرِ ذَلِكَ هُنَا.
تَتِمَّةٌ: مِمَّا يَنْدَرِجُ فِي هَذَا الشَّرْطِ بَيْعُ الثَّوْبِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي السِّتْرِ وَالْمَاءِ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَى الطَّهَارَةِ بِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ) فَرَّ مِنْ الْعَاقِدِ لِيُدْخِلَ نَحْوَ الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ وَالْقَاضِي فَوَرَدَ عَلَيْهِ الْفُضُولِيُّ، وَغَرَضُهُ إخْرَاجُهُ بِدَلِيلِ تَرْتِيبِ حُكْمِهِ بِالْفَاءِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا وَفَاءَ بِنَذْرٍ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ. قَوْلُهُ:(الْوَاقِعُ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ أَفْهَمَ مَعْنَاهَا، وَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ: لِمَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ لَكَانَ وَاضِحًا. قَوْلُهُ: (أَوْ
تَقَدَّمَ، وَلَا يَضُرُّ تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ بِعُضْوِهِ جَزْمًا كَمَا ذَكَرَ فِي بَابِ الْخِيَارِ، فَيَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ كَمَا سَيَأْتِي فِيهِ.
(الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ) فِيهِ (لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ) الْوَاقِعُ وَهُوَ الْعَاقِدُ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ مُوَلِّيهِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ. (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا وَكِيلٍ وَلَا وَلِيٍّ. (وَفِي الْقَدِيمِ) هُوَ (مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَ مَالِكُهُ) أَوْ وَلِيُّهُ (نَفَذَ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَإِلَّا فَلَا) يَنْفُذُ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ، وَفِيمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ أَوْ بِنْتَه، أَوْ طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، أَوْ آجَرَ دَابَّتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حِيلَتَهُ وَكَانَ مَيْتًا) بِسُكُونِ الْيَاءِ.
(صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَنْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ.
(الْخَامِسُ) مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ (الْعِلْمُ بِهِ) عَيْنًا وَقَدْرًا وَصِفَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ حَذَرًا مِنْ الْغَرَرِ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» . (فَبَيْعُ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ: (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ) وَكَذَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ وَلَوْ حِلًّا كَعِتْقٍ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَالِكُهُ) أَيْ الْأَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا نَحْوُ صَبِيٍّ وَإِنْ بَلَغَ وَقْتَ الْإِجَازَةِ.
فَرْعٌ: يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْحَرْبِيُّ أَخَاهُ وَمُسْتَوْلَدَتَهُ وَوَلَدَ غَيْرِهِ لِمِلْكِهِ لَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ لَا وَلَدَ نَفْسِهِ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ بِمِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (بِالْمُعْجَمَةِ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَبِالْمُهْمَلَةِ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَمَعْنَاهُ فَرَغَ. قَوْلُهُ: (بِنْتَه) أَيْ الْغَيْرِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِنْتَ نَفْسِهِ بِأَنْ أَذِنَتْ لَهُ وَهِيَ خَلِيَّةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ، وَزَوْجَةَ نَفْسِهِ بِأَنْ زَوَّجَهَا لَهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ. قَوْلُهُ:(مُوَرِّثِهِ) أَيْ مَثَلًا فَمَالُ غَيْرِهِ كَذَلِكَ وَيَصِحُّ عَكْسُهُ قَطْعًا كَأَنْ ظَنَّ فِي مَالِهِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (ظَانًّا حَيَاتَهُ) أَيْ مُتَرَدِّدًا فِيهَا فَإِنْ ظَنَّ مَوْتَهُ صَحَّ قَطْعًا وَلَا يَصِيرُ التَّعْلِيقُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ كَمَا مَرَّ. كَأَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ مُوَرِّثِي مَاتَ أَوْ إنْ كَانَ مِلْكِي. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الْيَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ قَالُوا: وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ بِخُنْثَى فَبَانَ أُنْثَى أَوْ بِمَنْ شَكَّ فِي حِلِّهَا فَبَانَتْ حَلَالًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْوِلَايَةِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَهُوَ صَغِيرَةٌ لَا يَفْسُقُ بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِصِحَّتِهِ هُنَا.
قَوْلُهُ: (الْخَامِسُ الْعِلْمُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلظَّنِّ. قَوْلُهُ: (عَيْنًا) أَيْ فِي الْمُشَاهَدِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ، وَقَدْرًا وَصِفَةً فِي غَيْرِهِ، نَعَمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُخْتَلِطِ كَالْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ، وَسَيَأْتِي فِي
ــ
[حاشية عميرة]
مُوَلِّيهِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الظَّافِرُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَالْمُلْتَقِطُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ إلَخْ) كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْوَقْفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه خِلَافُ مَذْهَبِنَا، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ يَعْنِي الْمِلْكَ وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَنَاجِزَةٌ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) احْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَى شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ التَّابِعِيُّ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ حَدِيثَ تَوَكُّلِهِ فِي شِرَاءِ شَاةٍ، «فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ، ثُمَّ بَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَحْضَرَ الْأُخْرَى مَعَ الدِّينَارِ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ شَبِيبٌ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَيُّ عَنْ عُرْوَةَ فَذَكَرَهُ. قِيلَ لِجَهَالَةِ الْحَيِّ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا وَلَكِنَّهُ احْتَجَّ بِهِ فِي أَنَّ مَنْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ شَاتَيْنِ لِأَنَّ الْمُرْسَلَ يُحْتَجُّ بِهِ إذَا وَافَقَ الْقِيَاسَ وَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ مُخَالِفٌ الْقِيَاسَ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ قَوِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَقَدْ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الْمَالِكُ بَعْدَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَجَازَ لَا يَنْفُذُ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَلِيُّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ مَالِكُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَفَذَ) مِنْهُ تَنْفِيذُ الْقَاضِي وَمُضَارِعُهُ مَضْمُومٌ بِخِلَافِ نَفِدَ الْمُهْمَلُ وَمُضَارِعُهُ مَفْتُوحٌ وَمَعْنَاهُ الْفَرَاغُ. قَوْلُهُ: (بِعَيْنِ مَالِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ) الضَّمِيرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَعْتَقَ عَبْدَهُ) ضَبَطَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) لِصُدُورِهِ مِنْ الْمَالِكِ كَذَا عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي يَتَبَيَّنُ عَلَى ثُبُوتِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَقْدُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ) هُوَ جَارٍ أَيْضًا فِيمَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ الْإِبَاقِ وَالْكِتَابَةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الرُّجُوعَ وَالْفَسْخَ. وَلَوْ ظَنَّ شَيْئًا لِغَيْرِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ
أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ) أَوْ الْبُعْدَيْنِ مَثَلًا (بَاطِلٌ) وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ تُعْلَمُ صِيعَانُهَا) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ، فَإِذَا عَلِمَا أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ فَالْمَبِيعُ عُشْرُهَا، فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ الْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا، أَيَّ صَاعٍ كَانَ، فَيَبْقَى الْمَبِيعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ. (وَكَذَا إنْ جُهِلَتْ) صِيعَانُهَا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصُ وَالْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا، أَيَّ صَاعٍ كَانَ وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا لِأَنَّ رُؤْيَةَ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ فَرَّقَ صِيعَانَهَا، وَقَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا، وَلَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذُرْعَانَ ذَلِكَ كَعَشَرَةٍ صَحَّ وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ الْعَشَرَ، وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا الذُّرْعَانَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ لِأَنَّ أَجْزَاءَهَا لَا تَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذَكَرَ. (وَلَوْ بَاعَ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً أَوْ بِزِنَةِ هَذِهِ الْحَصَاةِ ذَهَبًا أَوْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) أَيْ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَحَدُهُمَا لَا يَعْلَمُهُ (أَوْ بِأَلْفِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ
ــ
[حاشية قليوبي]
الرِّبَا أَنَّ اللَّحْمَ مَعَ عَظْمِهِ وَالطَّحِينَةَ وَالْقِشْدَةَ وَالزُّبْدَ وَالْعَجْوَةَ الْمَعْجُونَةَ بِنَوَاهَا وَالْعَسَلَ بِشَمْعِهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ) أَيْ وَإِنْ نَوَيَا وَاحِدًا مِنْهُمَا وَاتَّفَقَتْ نِيَّتُهُمَا لِوُجُوبِ ذِكْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُنَا. وَبِذَلِكَ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّةِ الْمَنْكُوحَةِ، نَعَمْ قَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ فِي صُوَرٍ لِضَرُورَةٍ أَوْ سَمَاحَةٍ كَبَيْعِ حِصَّتِهِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ رِزْقِهِ مِنْ الْجَيْشِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَبَيْعِ دَارٍ لَهُ فِيهَا حِصَّةٌ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهَا فَيَصِحُّ فِي حِصَّتِهِ مِنْهَا. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهَا فِي الْوَاقِعِ فَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْغَرَرِ) هُوَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ أَوْ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ صُبْرَةٍ) أَيْ مُشَاهَدَةٍ مِمَّا تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهُ وَيَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا سَيَأْتِي فِي الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمَبِيعِ، وَذِكْرُهَا هُنَا لِإِفَادَةِ أَنَّ الْإِشَاعَةَ لَا تُنَافِي الْعِلْمَ. أُفِيدَ مِنْ ذِكْرِهَا بَعْدَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ صُبْرَةُ نَحْوِ اللَّيْمُونِ وَالرُّمَّانِ وَالْبِطِّيخِ كَرُمَّانَةٍ مِنْهَا بِكَذَا فَلَا يَصِحُّ، وَخَرَجَ غَيْرُ الصُّبْرَةِ كَشَاةٍ بِكَذَا مِنْ الْأَغْنَامِ وَالْأَذْرُعِ بِكَذَا مِنْ الثَّوْبِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ) فَإِنْ قَصَدَا مُعَيَّنًا مُبْهَمًا فَسَدَ الْعَقْدُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْ أَسْفَلِهَا أَوْ بِعْتُكهَا إلَّا صَاعًا مِنْهَا أَوْ بِعْتُك نِصْفَهَا إلَّا صَاعًا مِنْهُ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ: بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ، أَوْ: بِعْتُك نِصْفَهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمَيْنِ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ:(تَلِفَ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ التَّالِفِ وَهُوَ عُشْرُ الصَّاعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصُ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى التَّعْبِيرِ فَالْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: (أَيَّ صَاعٍ كَانَ) فَالْإِشَاعَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا مَعَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِهَا) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَجْهُولَةِ وَمِثْلُهَا الْمَعْلُومَةُ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا وَإِنْ خُصَّتْ الْمَجْهُولَةُ بِقَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُ صَاعٍ تَعَيَّنَ. وَكَذَا لَوْ صُبَّ عَلَيْهَا غَيْرُهَا وَلَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الصَّاعَ مِنْ الْمَصْبُوبَةِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ فَرَّقَ إلَخْ) وَرَدَ بِأَنَّهُ بَعْدَ التَّفْرِيقِ صَارَ مِنْ بَيْعِ الْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذَكَرَ) فَإِنَّ شَأْنَهَا التَّفَاوُتُ مَعَ عَدَمِ الْإِشَاعَةِ فِيهَا أَيْضًا.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ لَفْظِ " مِنْ " أَنَّ الصُّبْرَةَ أَكْثَرُ مِنْ الصَّاعِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إلَّا إنْ قَصَدَ بِمِنْ الِابْتِدَاءَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حِنْطَةً) أَيْ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهَا إلَّا كَهَذِهِ الْحِنْطَةِ فَيَصِحُّ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ حَالًا، وَمِثْلُهُ مِنْ ذَا الذَّهَبِ. قَوْلُهُ:(بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ يَنْزِلُ عَلَى الْمِثْلِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ، نَعَمْ إنْ انْتَقَلَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي تَعَيَّنَ عَيْنُهُ فَإِنْ صَرَّحَا
ــ
[حاشية عميرة]
لَهُ صَحَّ جَزْمًا وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا سَلَف قَوِيُّ الْمَانِعِ بِالنَّظَرِ لِلْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْعَبْدَيْنِ) زَادَ الشَّارِحُ هَذَا وَفَاءً بِمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبِيدِ قَوْلًا قَدِيمًا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَادَ فِيهَا عَلَى أَنْ تَخْتَارَ مَا شِئْت فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا صَحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا) وَإِنْ جَعَلَ الْخِيَرَةَ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ) لَا يُقَالُ أَيُّ غَرَرٍ فِي هَذَا عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا بُدَّ لِلْعَقْدِ مِنْ مَوْرِدٍ يَتَأَثَّرُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ الْغَرَرِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَبِيعُ صَاعٌ إلَخْ) إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَسَدَ الْبَيْعُ. قَوْلُهُ.
(وَالثَّانِي إلَخْ) هَذَا اخْتَارَهُ الْقَفَّالُ وَكَانَ يُفْتِي بِالْأَوَّلِ وَيَقُولُ إنَّمَا يَسْتَفْتِي عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا عَمَّا عِنْدِي. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ فَرَّقَ إلَخْ) اعْتَذَرَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ الصِّيعَانَ الْمُفَرَّقَةَ رُبَّمَا تَتَفَاوَتُ بِالْكَيْلِ فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا بَاطِلٌ كَمَا سَلَفَ وَعُلِّلَ بِأَمْرَيْنِ: وُجُودُ الْغَرَرِ وَكَوْنُ الْعَقْدِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ يَتَأَثَّرُ بِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله: فَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ
لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِلْءَ مَنْصُوبًا وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا. (وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ) دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسٍ (وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ) مِنْ ذَلِكَ وَنَقْدٌ غَيْرُ غَالِبٍ مِنْهُ (تَعَيَّنَ) الْغَالِبُ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَرَادَاهُ. (أَوْ نَقْدَانِ) مِنْ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ (لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) لِأَحَدِهِمَا فِي الْعَقْدِ لِيُعْلَمَ، وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَتْ صَحَّ الْبَيْعُ بِدُونِ التَّعْيِينِ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهُمَا.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ. (كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ) بِنَصْبِ كُلَّ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَا
ــ
[حاشية قليوبي]
بِالْمِثْلِيَّةِ بَعْدَ عِلْمِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِنَقْلِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ صَحِيحٌ) لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَلَهُ حُكْمُ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (بِنَقْدٍ) أَيْ بِمَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَغْشُوشًا أَوْ عُرُوضًا مِثْلِيَّةً. فَقَوْلُهُ أَوْ فُلُوسٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا مِنْ النَّقْدِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَلَا اعْتِرَاضَ بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ الْغَالِبُ) وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ أَوْ كَانَ نَاقِصًا أَوْ أَرَادَ خِلَافَهُ فَإِنْ فُقِدَ تَعَيَّنَ مِثْلُهُ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ نَعَمْ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ إرَادَةِ خِلَافِهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(أَوْ نَقْدَانِ مِنْ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ) أَفَادَ أَنَّهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَقَطْ أَوْ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَقَطْ. وَهَكَذَا فِيمَا مَرَّ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ التَّكْرَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي نَقْدَيْنِ أَيْضًا لَكِنْ مِنْ دَرَاهِمَ وَفُلُوسٍ مَعًا مَثَلًا وَأَحَدُهُمَا غَالِبٌ. فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ غَالِبٍ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى انْفَرَدَ نَقْدٌ فَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَمَتَى تَعَدَّدَ مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ تَعَيَّنَ الْأَغْلَبُ إنْ كَانَ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) أَيْ لَفْظًا لِتَعَيُّنِ ذِكْرِ الْعِوَضِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْمُعَارَضَةِ مَحْضَةً بِذَلِكَ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِالنِّيَّةِ فِي الْمَنْكُوحَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَتْ) أَيْ قِيمَتُهُمَا صَحَّ الْعَقْدُ بِلَا تَعْيِينٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ ذَلِكَ الصِّحَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِالِاسْتِوَاءِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْغَلَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا قُدِّمَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ.
فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ الَّتِي قِيمَةُ كُلِّ عَشْرَةٍ مِنْهَا دِينَارٌ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ قَالَ: مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الَّتِي قِيمَةُ إلَخْ صَحَّ. وَلَوْ بَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ عَلِمَ قَدْرَهَا بِعَهْدٍ أَوْ قَرِينَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ) أَيْ بَيْعُ جَمِيعِهَا بِذِكْرِ جُمْلَتِهَا وَتَفْصِيلِهَا: كَبِعْتُكَهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَإِلَّا: كَبِعْتُكَ كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ أَوْ بِعْتُك مِنْهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، لَمْ يَصِحَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِمِنْ الْبَيَانُ صَحَّ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا مَثَلًا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ بَطَلَ فِي الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (بِنَصْبِ كُلَّ) أَيْ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ دَفَعَ بِهِ رَفْعَهُ بِالِابْتِدَاءِ
ــ
[حاشية عميرة]
الْمَجْهُولَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوْلَى اغْتَفَرْنَا الْإِبْهَامَ هُنَا لِتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ أَوْ بِالثَّانِي لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْ بَاطِنِ الصُّبْرَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ إلَخْ) إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فِيهَا جَهْلُ أَصْلِ الْمِقْدَارِ وَالرَّابِعَةَ فِيهَا الْجَهْلُ بِمِقْدَارِ الذَّهَبِ وَمِقْدَارِ الْفِضَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ الْجَهْلُ بِالْمِقْدَارِ مُضِرًّا لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ أَشَارَ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ حِنْطَةً وَذَهَبًا إلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ يَقِينًا أَعْنِي كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ ذَرْعًا. فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَأَنْ قَالَ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِ الْبَيْتِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي جَانِبِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ مِثْلُهُ بِالْأَوْلَى بِدَلِيلِ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ فِي الثَّمَنِ دُونَ الْمُثَمَّنِ. وَلَوْ كَانَا يَعْلَمَانِ مِقْدَارَ مَا يَحْوِيهِ الْبَيْتُ صَحَّ وَمِثْلُهُ الْبَاقِي. قَوْلُهُ:(وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِلْءَ مَنْصُوبًا إلَخْ) قِيلَ لَوْ عَبَّرَ بِهِ هُنَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي أَحْكَامِ أَقْسَامِ عِلْمِ الْمَبِيعِ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ كَذَلِكَ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ غَرَضَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ بَيْعَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْعَيْنِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ بَطَلَ فِيهَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ فَإِذًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي أَقْسَامِ عِلْمِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ:(دَرَاهِمَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ تَعْيِينَ الْجِنْسِ لَا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (أَوْ فُلُوسٍ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ بِصَاعِ حِنْطَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى الْغَالِبِ وَلِذَا قِيلَ لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْعَقْدِ بِالثَّمَنِ كَانَ أَشْمَلَ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَقْدِ) أَيْ بِاللَّفْظِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْخَلْعِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخَلْعِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي وَنَوَيَا وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ هَذَا شَيْءٌ يُحْوِجُ إلَى الْفَرْقِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَتْ صَحَّ إلَخْ) وَلَوْ فِي صِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا عَرَفَ مِقْدَارَ الْجُمْلَةِ تَخْمِينًا وَقَابَلَ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهَا بِشَيْءٍ مَعْنًى انْتَفَى الْغَرَرُ وَالْغَبْنُ وَخَرَجَ عَنْ عِبَارَةِ
يَضُرُّ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الدَّارَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ هَذِهِ الْأَغْنَامَ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ عَلِمَا عَدَدَ الصِّيعَانِ وَالذُّرْعَانِ وَالْأَغْنَامِ صَحَّ الْبَيْعُ جَزْمًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَذَكَرَ مِنْهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَسْأَلَةَ الدَّارِ. (وَلَوْ بَاعَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ إنْ خَرَجَتْ مِائَةً وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِائَةً بِأَنْ خَرَجَتْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي النَّاقِصَةِ، فَإِنْ أَجَازَ فَبِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِمُقَابَلَةِ الصُّبْرَةِ بِهِ أَوْ بِالْقِسْطِ لِمُقَابَلَةِ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَجْهَانِ، وَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ: هِيَ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَكَذَا الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَقَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ تَبِعَ فِي الْمُحَرَّرِ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِجُمْلَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ فَيُوهِمُ أَنَّ الْعَاقِدَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ وَنَصْبُهُ إمَّا عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الصُّبْرَةِ أَوْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ مَحَلِّهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. وَقُدِّمَ النَّصْبُ عَلَى الْجَرِّ مَعَ صِحَّتِهِ بَدَلًا مِنْ لَفْظِهَا لِأَوْلَوِيَّتِهِ لِكَوْنِ الْبَدَلِ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي صِيغَةِ الْبَائِعِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الدَّارِ الْمَجْهُولَةِ الذُّرْعَانِ. وَكَذَا الْأَغْنَامُ مَثَلًا الْمَجْهُولَةُ الْعَدَدِ كُلَّ ذِرَاعٍ أَوْ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَجْهُولَةِ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فَمَعَ الْعِلْمِ يَصِحُّ جَزْمًا كَمَا ذَكَرَهُ. وَفِي ذِكْرِ هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ الْحُكْمَ بِالصُّبْرَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَتْ الصُّبْرَةُ يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهَا وَكُلِّهَا نَاسَبَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا. وَفِي ذِكْرِ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ الشَّامِلِ لِلصُّبْرَةِ اعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ. بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَجْزُومِ بِهِ مَسْأَلَةُ الدَّارِ وَغَيْرُهَا مِثْلُهَا فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ إنْ خَرَجَتْ مِائَةٌ) وَلَا عِبْرَةَ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَطِّ قَدْرٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ بَلْ لَوْ شُرِطَ ذَلِكَ لَفَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ) وَفَارَقَ لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ مُكَايَلَةً أَوْ صُبْرَةَ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ مُوَازَنَةً حَيْثُ يَصِحُّ. وَعَلَى هَذَا لَوْ عَيَّنَ كَمِّيَّةَ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ فَكَمَا هُنَا فَيَصِحُّ إنْ خَرَجَا سَوَاءً وَإِلَّا فَلَا وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فَلَا فَرْقَ بِتَعَيُّنِ كَمِّيَّةِ الثَّمَنِ هُنَا فَتَأَمَّلْ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ، ثُمَّ إنْ زَادَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ إنْ سَمَحَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ بِهَا أَوْ رَضِيَ صَاحِبُ النَّاقِصَةِ بِقَدْرِهَا دَامَ الْعَقْدُ وَإِلَّا فُسِخَ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكهَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ صَحَّ الْعَقْدُ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ وَالْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ نَقَصَتْ فَعَلَيَّ وَإِنْ زَادَتْ فَلَكَ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ، كَمَا لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ:(وَجْهَانِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْكَلَامُ إلَخْ) أَيْ لَوْ جَمَعَ فِي الْأَرْضِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الْأَغْنَامِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ: كَبِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذِهِ الْأَغْنَامَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ ذِرَاعٍ أَوْ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ الْعَقْدُ إنْ خَرَجَتْ الْمِائَةُ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي ذِكْرِ ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّ.
فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ عَلَى أَنْ يَحْفِرَهُ وَيَأْخُذَ تُرَابَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا السَّمْنَ وَظَرْفَهُ أَوْ الْمِسْكَ وَفَأْرَتَهُ كُلَّ رِطْلٍ أَوْ كُلَّ قِيرَاطٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ إنْ عَلِمَ وَزْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
ــ
[حاشية عميرة]
الْمُصَنِّفِ صُورَتَانِ: الْأُولَى قَالَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ. نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ عَدَمَ الصِّحَّةِ ثُمَّ خَالَفَهُمْ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبِعْ جَمِيعَ الصُّبْرَةِ وَلَا بَيَّنَ الْمَبِيعَ مِنْهَا وَلَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْهُمْ بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ أَيْ فِي صَاعٍ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ عَلَى أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ فَإِنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا ذَكَرَ الْبُطْلَانَ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ السَّابِقَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ أَحْوَالَ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَفْلَةِ وَعَدَمِهَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِيُنَبِّهَ فِيهَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرُ الثَّمَنِ فِيهَا قَرِيبًا مِنْ الْمَجْهُولِ، وَكَذَا صَنَعَ نَظِيرَ هَذَا فِي صَدْرِ الشَّرْطِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مَبْلَغَ الثَّمَنِ حَالَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلِمَا إلَخْ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الْوَجْهَ الضَّعِيفَ السَّالِفَ جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَيْضًا وَأَيْضًا هَذَا فُهِمَ مِنْ الْمَتْنِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ إلَخْ) أَيْ لِحُصُولِ الْغَرَضَيْنِ أَيْ وَهُمَا بَيْعُ الْجُمْلَةِ بِالْمَسَافَةِ وَمُقَابَلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ إلَخْ) هِيَ عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ رحمه الله لِأَنَّهُ بَاعَ جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ بِالْمِائَةِ بِشَرْطِ مُقَابَلَةِ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَالْجَمْعُ
وَجْهَيْنِ، وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَوْلَيْنِ. (وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا) أَيْ مُشَاهَدًا (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِقَدْرِهِ، وَكَذَا الْمُعَوَّضُ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَلَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهَا صَحَّ الْبَيْعُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ، وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ شِرَاءَ مَجْهُولِ الذَّرْعِ لَا يُكْرَهُ.
(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ) وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا.
(وَالثَّانِي يَصِحُّ) اعْتِمَادًا عَلَى الْوَصْفِ بِذِكْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك عَبْدِي التُّرْكِيَّ وَفَرَسِي الْعَرَبِيَّ، وَلَا يَفْتَقِرُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى ذِكْرِ صِفَاتٍ أُخَرَ نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ مِنْ نَوْعٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ يَقَعُ بِهَا التَّمْيِيزُ كَالتَّعَرُّضِ لِلسِّنِّ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) لِلْمُشْتَرِي (عِنْدَ الرُّؤْيَةِ) وَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا وُصِفَ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ، وَفِيهِ حَدِيثُ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ إنَّهُ ضَعِيفٌ، وَيَنْفُذُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ الْفَسْخُ دُونَ الْإِجَازَةِ، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَكُنْ رَأَى الْمَبِيعَ، وَحَيْثُ ثَبَتَ فَقِيلَ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْأَصَحُّ يَمْتَدُّ امْتِدَادَ مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي رَهْنِ الْغَائِبِ وَهِبَتِهِ وَعَلَى صِحَّتِهِمَا لَا خِيَارَ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (وَ) عَلَى الْأَظْهَرِ فِي اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ فِيهِمَا وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُوزَنَ مَعَهُ الظَّرْفُ ثُمَّ يُسْقَطَ وَزْنُهُ صَحَّ أَوْ عَلَى أَنْ يُسْقَطَ لِلظَّرْفِ أَرْطَالٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ غَيْرِ وَزْنِهِ لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ يُوزَنَ بِظَرْفِهِ ثُمَّ يُسْقَطَ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ نِسْبَةِ وَزْنِ الظَّرْفِ صَحَّ إنْ عَلِمَ مِقْدَارَ وَزْنِ الظَّرْفِ وَالْمَحْطُوطِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) نَعَمْ لَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ وَلَا مَاءٍ صَافٍ إلَّا فِي رُؤْيَةِ سَمَكٍ فِيهِ أَوْ أَرْضٍ تَحْتَهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ) وَكَذَا عَنْ الْعِلْمِ بِجِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ الْمُعَايَنَةِ إلَى نَحْوِ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ وَلَا إلَى مَعْرِفَةِ اسْتِوَاءِ مَحَلِّ الصُّبْرَةِ أَوْ عَدَمِهِ فَإِنْ ظَهَرَ ارْتِفَاعٌ أَوْ انْخِفَاضٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِمَنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ، فَإِنْ رَأَيَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ صَحَّ وَلَا خِيَارَ، نَعَمْ إنْ كَانَ الِانْخِفَاضُ حُفْرَةً أَعْلَاهَا مَسًّا وَلِوَجْهِ الْأَرْضِ فَالْمَبِيعُ مَا فَوْقَ وَجْهِهَا الْمُسَاوِي لِوَجْهِ الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا، وَلَا خِيَارَ أَوْ كَانَ الِارْتِفَاعُ دِكَّةً فَوْقَ وَجْهِ الْأَرْضِ فَالْوَجْهُ أَنَّهَا كَالِارْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ فَرَاجِعْهُ. وَفِي كَلَامِ الْخَطِيبِ مَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ فَتَأَمَّلْهُ.
فَرْعٌ: لَوْ شَكَّ فِي جِنْسِهِ مَثَلًا أَشَعِيرٌ أَمْ أُرْزٌ صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَا خِيَارَ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجَوْهَرَةِ. قَوْلُهُ:(بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ) فَإِنْ خَرَجَتْ نُحَاسًا بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ صَرَّحَ بِلَفْظِ الدَّرَاهِمِ، وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الْجَوْهَرَةِ. وَإِلَّا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ.
وَقَالَ شَيْخُنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّتِمَّةِ) إنَّ شِرَاءَ مَجْهُولِ الذَّرْعِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْبَيْعُ كَالشِّرَاءِ وَالْعَدُّ كَالزَّرْعِ
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرُ الْبَيْعِ مِثْلُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ إلَّا فِي نَحْوِ الْوَقْفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْتَقِرُ إلَخْ) بَلْ يَتَعَيَّنُ عَدَمُ ذِكْرِ الصِّفَاتِ لِأَنَّهُ مَعَ ذِكْرِهَا فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَا وُصِفَ) أَوْ أَكْثَرَ قَوْلُهُ: (ضَعِيفٌ) بَلْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ إنَّهُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا
ــ
[حاشية عميرة]
بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مُحَالٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَالثَّانِي يَصِحُّ أَيْ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ إلَى الصُّبْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْقِسْطِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) أَيْ اعْتِمَادًا عَلَى التَّخْمِينِ وَفِي الثَّمَنِ وَجْهٌ وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُهُ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ أَوْ السَّمْنُ وَنَحْوُهُ فِي ظَرْفٍ مُخْتَلِفِ الْأَجْزَاءِ رِقَّةً وَغِلَظًا فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ بِذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ لِمَنْعِهِ التَّخْمِينَ فَيَلْتَحِقُ بِغَيْرِ الْمَرْئِيِّ وَإِنْ ظَنَّ الِاسْتِوَاءَ صَحَّ وَثَبَتَ الْخِيَارُ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَ الصُّبْرَةَ إلَّا صَاعًا فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا وَهَذِهِ قَدْ تُشْكِلُ بِمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً جُزَافًا وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّخْمِينَ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَوْثُقُ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ إلَخْ) وَلَوْ حَاضِرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) لِلْحَدِيثِ الْآتِي قَوْلُهُ: (وَنَوْعِهِ) فَلَا يَكْفِي مَا فِي كَفِّي مَثَلًا، وَقِيلَ يَكْفِي ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ وَعَلَى الْبُطْلَانِ فِي سِتَّةٍ أَيْضًا لَكِنَّ نُصُوصَ الْبُطْلَانِ مُتَأَخِّرَةٌ. قَوْلُهُ: (ذِكْرِ صِفَاتٍ أُخَرَ) كَأَنْ يَذْكُرَ الْمُعَظَّمَ كَالدَّعْوَى أَوْ يَصِفَهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَهُمَا وَجْهَانِ مَحْكِيَّانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) هَذَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ شِرَاءَ الْأَعْمَى لَا يَصِحُّ وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ لَتَعَذَّرَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ، وَقِيلَ يَصِحُّ وَيُقَامُ وَصْفُ غَيْرِهِ لَهُ مَقَامَ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ:(وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) وَلَوْ وَجَدَهُ زَائِدًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ) رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَسَبَهُ لِلرَّافِعِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى شِرَاءِ الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (فِي رَهْنِ الْغَائِبِ) كَذَا يَجْرِيَانِ فِي
(تَكْفِي الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ) كَالْأَرَاضِيِ وَالْأَوَانِي وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ (دُونَ مَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا) كَالْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُسْرِعُ فَسَادُهَا نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا وَفِيمَا يُحْتَمَلُ مِنْهَا التَّغَيُّرُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ كَالْحَيَوَانِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا صِحَّةُ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ فِيهَا بِحَالِهِ، فَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ نَازَعَهُ الْبَائِعُ فِي تَغَيُّرِهِ فَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ، وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ أَنْ يَكُونَ حَالَ الْبَيْعِ مُتَذَكِّرٌ الْأَوْصَافَ، فَإِنْ نَسِيَهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ بَيْعُ غَائِبٍ، قَالَ: وَهَذَا غَرِيبٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ.
(وَتَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ كَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ) مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَغَيْرِهَا مِمَّا الْغَالِبُ أَنْ لَا تَخْتَلِفَ أَجْزَاؤُهُ، وَلَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَأَى الْبَاطِنَ إلَّا إذَا خَالَفَ الظَّاهِرَ بِخِلَافِ صُبْرَةِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا، وَتُبَاعُ عَدَدًا، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ وَاحِدٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
يَتَغَيَّرُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ وَالْمُرَادُ بِالتَّغَيُّرِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا) فَغَالِبًا فِي الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ، وَفِي الثَّانِي لِلتَّغَيُّرِ. وَظَاهِرَةُ الصِّحَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ تَغَيَّرَ فِي الْوَاقِعِ وَعَدَمِهَا فِي الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي الْوَاقِعِ فَيَرْجِعُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ.
قَوْلُهُ: (كَالْحَيَوَانِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْحَيَوَانِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا صِحَّةً الْبَيْعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا) أَيْ بِحَالَةِ لَوْ عَلِمَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَشْتَرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصْفًا يُقْصَدُ وَضَمِيرُ وَجَدَهُ رَاجِعٌ لِمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا وَالْمُسْتَوَى وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ الشَّارِحُ بِالذِّكْرِ مَعَ إمْكَانِ شُمُولِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ لِمَكَانِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ:(وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مُتَذَكِّرًا حَالَةَ الْعَقْدِ الْأَوْصَافَ الَّتِي رَآهَا وَقْتَ الرُّؤْيَةِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ تَذَكُّرِ الْأَوْصَافِ غَرِيبٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ. كَمَا قَالَ شَيْخُنَا م ر. وَيَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْ حَيْثُ الْمُدْرَكُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا مَثَلًا كَالْمَائِعَاتِ فِي ظُرُوفِهَا كَالسَّمْنِ وَلَوْ جَامِدًا وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ الْأَسْوَدِ أَوْ مِنْ النَّحْلِ. وَخَلَا عَنْ الشَّمْعِ وَنَحْوِهِ وَكَالْقُطْنِ فِي عِدْلِهِ أَوْ فِي جَوْزِهِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ، وَجَعَلَ شَيْخُنَا م ر هَذَا مِنْ رُؤْيَةِ الصُّوَانِ بِمَعْنَى عَدَمِ وُجُوبِ نَزْعِهِ مِنْهُ لِرُؤْيَةِ بَاقِيهِ فَتَأَمَّلْ. وَكَالْأَدِقَّةِ وَالْعِنَبِ أَوْ الزَّبِيبِ فِي سَلَّتِهِ وَالرُّطَبِ أَوْ التَّمْرِ فِي قَوْصَرَّتِهِ وَالْكَبِيسِ وَالْعَجْوَةِ غَيْرِ الْمَعْجُونَةِ مَعَ نَوَاهَا، وَالسُّكَّرِ فِي قِدْرِهِ. كَذَا عَنْ شَيْخِنَا م ر. وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا فِي الْأَدِقَّةِ وَالْعِنَبِ وَالسُّكَّرِ وَالْعَجْوَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ.
فَرْعٌ: لَا بُدَّ فِي الْمِسْكِ مِنْ نَزْعِهِ مِنْ فَأْرَتِهِ وَرُؤْيَتِهِمَا مَعًا قَبْلَ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ) خَرَجَ بِهِ بَعْضُ لَبَنٍ وَبَاقِيهِ
ــ
[حاشية عميرة]
إجَارَتِهِ وَعَفْوِهِ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ وَالصُّلْحُ وَغَيْرُ ذَلِكَ بَلْ وَفِي الْوَقْتِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَكْفِي الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ إلَخْ) لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَعْقُودِ حَاصِلٌ. وَقَوْلُهُ فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ التَّلَفَ كَالْفَوَاكِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا يَحْتَمِلُ إلَخْ) كَأَنَّ الشَّارِحَ رحمه الله لَمْ يُدْخِلْ هَذِهِ فِي الْمَتْنِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (كَالْحَيَوَانِ) فِي نُسْخَةٍ وَالْحَيَوَانِ وَعَلَيْهَا فَضَمِيرُ مِنْهَا السَّابِقُ لِلْأَطْعِمَةِ وَعَلَى الْكَافِ يَكُونُ فِيمَا بِمَعْنَى الْأَشْيَاءِ. قَوْلُهُ: (مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْخِيَارُ) لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ الْمَرْئِيَّةِ، قَالَ الْإِمَامُ رحمه الله: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَتَغَيَّرَ بِالْعَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ هُوَ كُلُّ مُتَغَيِّرٍ لَوْ فُرِضَ مُخَالِفًا فِي صِفَةٍ مَشْرُوطَةٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْخِيَارُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْخِيَارَ فَوْرِيٌّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذَا التَّغَيُّرُ الَّذِي تَخْرُجُ بِهِ الرُّؤْيَةُ عَنْ كَوْنِهَا تَقْبَلُ الْمَعْرِفَةَ وَالْإِحَاطَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) أَيْ لِمَا سَيَأْتِي وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ هَذِهِ الصِّفَةِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، كَمَا صَدَّقُوا الْبَائِعَ نَظَرًا إلَى هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ اخْتِلَافِهِ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ، فَمَا فَرَّقَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَ الزَّمَانِ الَّذِي عَدَمُ وُجُودِهِ فِيهِ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ، قَالَ: نَعَمْ، قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ قَوْلُهُمْ فِي الْغَاصِبِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ عَيْبًا خُلُقِيًّا كَأَنْ قَالَ خُلِقَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ مَجِيءُ ذَلِكَ هُنَا، وَلَوْ تَجَدَّدَ فِي الْمَبِيعِ صِفَةُ حُسْنٍ زَعَمَهَا الْبَائِعُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي عِلْمَهَا فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ:(وَغَيْرِهَا مِمَّا الْغَالِبُ إلَخْ) كَالْمَائِعَاتِ فِي أَوْعِيَتِهَا وَكَذَا الْقُطْنُ فِي عِدْلِهِ وَكَذَا صُبْرَةُ التَّمْرِ انْفَرَدَتْ حَبَّاتُهُ أَوْ الْتَصَقَتْ كَقَوْصَرَّةِ الْعَجْوَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ صُبْرَةِ الْبِطِّيخِ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ صُبْرَةُ الْخَوْخِ وَالْعِنَبِ
وَاحِدٍ (وَ) مِثْلُ (أُنْمُوذَجِ الْمُتَمَاثِلِ) أَيْ الْمُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ كَالْحُبُوبِ، فَإِنَّ رُؤْيَتَهُ تَكْفِي عَنْ رُؤْيَةِ بَاقِي الْمَبِيعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (أَوْ كَانَ صِوَانًا) بِكَسْرِ الصَّادِ (لِلْبَاقِي خِلْقَةً كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْقِشْرَةِ السُّفْلَى لِلْجَوْزِ وَاللَّوْزِ) أَيْ تَكْفِي رُؤْيَةُ الْقِشْرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي إبْقَائِهِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ هُوَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ إلَى آخِرِهِ قَسِيمُ قَوْلِهِ: إنْ دَلَّ إلَى آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ كَالْمُحَرَّرِ خِلْقَةً مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ صِفَةٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ جِلْدِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ وَاحْتَرَزُوا بِوَصْفِ الْقِشْرَةِ بِالسُّفْلَى لِمَا ذُكِرَ وَهِيَ الَّتِي تُكْسَرُ حَالَةَ الْأَكْلِ عَنْ الْعُلْيَا فَلَا تَكْفِي رُؤْيَتُهَا، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَالْخُشْكَنَانُ تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَعَ أَمْثِلَةِ الصِّوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَالْفُقَّاعِ، قَالَ الْعَبَّادِيُّ: يَفْتَحُ رَأْسَ الْكُوزِ فَيَنْظُرُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمُسَامَحَةَ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: الْأَصَحُّ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي الْكُوزِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ.
(وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ) غَيْرَ مَا ذَكَرَ (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) فَيُعْتَبَرُ فِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدَرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ الْأَشْجَارِ وَالْجُدَرَانِ وَمَسَايِلِ الْمَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ رُؤْيَةُ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ، وَكَذَا بَاقِي الْبَدَنِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ، وَقِيلَ:
ــ
[حاشية قليوبي]
فِي الضَّرْعِ، وَنَسْجُ بَعْضِ ثَوْبٍ دُونَ بَاقِيهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ:(وَمِثْلُ) هُوَ فِي مَوْضِعِ الْكَافِ فَأُنْمُوذَجُ عَطْفٌ عَلَى ظَاهِرِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي صِيغَتِهِ كَبِعْتُكَ كَذَا وَهَذَا مِنْهُ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ خَلْطِهِ بِهِ وَلَا تَلَفُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ) أَيْ وَضْعُ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْقَامُوسِ بِجَعْلِ هَذَا مِنْ اللَّحْنِ، وَأَنَّ الصَّوَابَ كَوْنُهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَوْ بِلَا هَمْزَةٍ. قَوْلُهُ:(بِكَسْرِ الصَّادِ) وَيَجُوزُ ضَمُّهَا. قَوْلُهُ: (كَقِشْرِ الرُّمَّانِ) وَكَذَا كُوزُ الطَّلْعِ وَقِشْرُ الْقَصَبِ الْأَعْلَى الَّذِي لَا يُمَصُّ مَعَهُ، وَجَوْزُ الْقُطْنِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ قِشْرِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (قَسِيمُ إلَخْ) فَهُوَ بَعْضُ الْمَبِيعِ أَيْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي جَعْلِهِ عَطْفًا عَلَى بَعْضِ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخُشْكَنَانُ) فَهُوَ مِنْ الصُّوَانِ غَيْرُ الْخِلْقِيِّ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كُلُّ مَا تَوَقَّفَ بَقَاءُ مَا فِيهِ عَلَيْهِ كَالْجَوْزِ وَالْخُشْكَنَانِ الْمَحْشُوِّ أَوْ لَمْ يُقْصَدْ مَا فِيهِ كَالْمَحْشُوِّ مِنْ الْجُبَّةِ وَالطَّاقِيَّةِ وَالْمُجَوَّزَةِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ بَعْضِهِ كَقُطْنِ الْفُرُشِ وَالْأَلْحِفَةِ.
فُرُوعٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ لُبِّ نَحْوَ الْجَوْزِ فِي قِشْرِهِ وَلَا بَيْعُ الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ وَنَحْوِهَا قَبْلَ إبَانَتِهَا، وَلَا مَذْبُوحٍ أَوْ جِلْدِهِ أَوْ لَحْمِهِ قَبْلَ سَلْخِهِ وَلَا مَسْلُوخٍ قَبْلَ تَنْقِيَةِ جَوْفِهِ إلَّا نَحْوَ سَمَكٍ لِقِلَّةِ مَا فِيهِ، وَلَا بَيْعُ صُوفٍ قَبْلَ جَزِّهِ أَوْ تَزْكِيَةِ حَيَوَانِهِ لِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ نَعَمْ إنْ قُبِضَ عُفِيَ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ وَبَاعَهُ صَحَّ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ قَرَارِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الْقَرَارِ وَيَتْبَعُهَا لِمِثْلِهَا مِنْ الْمَاءِ فِيهَا. قَوْلُهُ:(وَالْفُقَاعِ) أَيْ يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ كُوزِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْمَذْكُورِ الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) وَهُوَ مَا يُخِلُّ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ بِمُعْظَمِ الْمَالِيَّةِ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْعَوْرَةِ) وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَنَحْوِهِمَا، فَشِرَاءُ سَلَّةِ الْعِنَبِ اكْتِفَاءً بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ:(فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ وَاحِدٍ إلَخْ) لَوْ رَأَى أَحَدَ جَانِبَيْ الْبِطِّيخَةِ لَمْ يَكْفِ بَلْ هِيَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلِ) يُرِيدُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاطَ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَعْضِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ) يَعْنِي لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمِثْلِيَّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْأُنْمُوذَجَ وَقَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَالًا لِيَكُونَ بَيْعًا وَلَمْ يُرَاعِ شُرُوطَ السَّلَمِ وَلَا يَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْوَصْفِ فِي السَّلَمِ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِاللَّفْظِ يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ النِّزَاعِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك الْحِنْطَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَهَذَا أُنْمُوذَجُهَا فَإِنْ أَدْخَلَهُ فِي الْبَيْعِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَشَرْطُ الْإِدْخَالِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الصُّبْرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَوْ أَدْخَلَهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ كَانَ كَبَيْعِ عَيْنَيْنِ رَأَى إحْدَاهُمَا وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْبَغَوِيِّ، وَاكْتَفَى الزَّرْكَشِيُّ بِالْإِدْخَالِ فِي الْبَيْعِ وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(صُوَانًا) هُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يُصَانُ فِيهِ الشَّيْءُ، وَيُقَالُ الصِّيَانُ أَيْضًا بِالْيَاءِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الدَّقَائِقِ. قَوْلُهُ:(مَعَ أَمْثِلَةِ الصُّوَانِ إلَخْ) جَعْلُهُ مِنْ مَسَائِلِ الصُّوَانِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى بَاطِنِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُعْتَبَرُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَرَى كُلَّ ضَبَّةٍ وَسِلْسِلَةٍ عَلَى بَابٍ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ وَصْفًا. قَوْلُهُ: (وَالْجُدْرَانِ) أَيْ دَاخِلًا وَخَارِجًا. قَوْلُهُ: (كَالْعَبْدِ)