المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ الْحَجْرِ (مِنْهُ حَجْرُ الْمُفْلِسِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ٢

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ

- ‌[شُرُوط وُجُوب زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاة التِّجَارَةُ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى الْفَوْرِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ: وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ

- ‌[طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ الصَّائِم]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ

- ‌فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ

- ‌[فَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) بِالصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌(وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ

- ‌[فَصْلُ إذَا نَذَرَ الْمُعْتَكِف مُدَّةً مُتَتَابِعَةً]

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[شَرْط صِحَّة الْحَجّ]

- ‌[شَرْطُ وُجُوب الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ

- ‌(وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[فَصْلُ الْمُحْرِمِ يَنْوِي الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ

- ‌فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَصَلَاتِهِ اسْتِحْبَابًا

- ‌[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ: وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌فَصْلُ إذَا عَادَ بَعْدَ الطَّوَافِ يَوْمَ النَّحْرِ (إلَى مِنًى

- ‌فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌(وَشَرْطُ الْعَاقِدِ)

- ‌ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ) وَكُتُبَ الْحَدِيثِ

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ

- ‌[بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌[بَيْع الْمُلَامَسَةُ]

- ‌[بَيْع الْمُنَابَذَةُ]

- ‌ مُقْتَضَى الْعَقْدِ

- ‌ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ الْعُقُودُ مَعَهَا

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌فَصْلٌ: بَاعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (خَلًّا وَخَمْرًا

- ‌[بَيْعُ الْعُرْبُونِ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ

- ‌[فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ عَلَى الْآخَرِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِ مَنْ شَرَطَهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُمَا]

- ‌فَصْلٌ التَّصْرِيَةُ حَرَامٌ

- ‌[بَاب الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِع فَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ]

- ‌بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ

- ‌ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ

- ‌ بَيْعُ (الْمُحَاطَةِ

- ‌بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ شَجَرَةً رَطْبَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ]

- ‌ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ

- ‌[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌بَابٌ: فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌ السَّلَمُ (حَالًا وَمُؤَجَّلًا)

- ‌فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ

- ‌[فَرْعٌ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ]

- ‌ السَّلَمُ (فِي) اللَّحْمِ

- ‌ السَّلَمُ (فِي مُخْتَلِفٍ كَبُرْمَةٍ

- ‌[التَّمْرِ فِي السَّلَمِ]

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ

- ‌[فَرْعٌ السَّلَمُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ]

- ‌فَصْلٌ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَبْدَلَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَيْرُ جِنْسِهِ كَالشَّعِيرِ عَنْ الْقَمْحِ

- ‌فَصْلٌ الْإِقْرَاضُ

- ‌ إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) مِنْ حَيَوَانٍ

- ‌فَرْعٌ: أَدَاءُ الْقَرْضِ فِي الصِّفَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌ رَهْنُ الْمَشَاعِ)

- ‌ رَهْنُ (الْأُمِّ) مِنْ الْإِمَاءِ

- ‌(وَرَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ

- ‌(وَرَهْنُ الْمُدَبَّرِ)

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ

- ‌[الرَّهْنُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ]

- ‌ الرَّهْنُ (بِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ)

- ‌ مَاتَ الْعَاقِدُ) الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ (قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ جُنَّ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ)

- ‌فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ أَيْ الْمَرْهُونِ (لِلْمُرْتَهِنِ

- ‌[وَمُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ]

- ‌ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ)

- ‌[فَصْلٌ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِالْقَتْلِ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ أَيْ أَصْلِهِ كَأَنْ قَالَ رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ أَوْ قَدْرِهِ]

- ‌فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌[فَصْلٌ يُبَادِرُ الْقَاضِي اسْتِحْبَابًا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ بِبَيْعِ مَالِهِ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ]

- ‌بَابُ الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ

- ‌[فَصْل الطَّرِيق النَّافِذُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرّ الْمَارَّة فِي مُرُورِهِمْ]

- ‌بَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌بَابُ الضَّمَانِ

- ‌(وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ)

- ‌[فَصْلٌ كَفَالَةِ الْبَدَنِ]

- ‌تَتِمَّةٌ فِي ضَمَانِ الْأَعْيَانِ

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ

- ‌كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌[بِمَا تَنْفَسِخ الشَّرِكَة]

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌(وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ

- ‌[التَّوْكِيلُ فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ]

- ‌[فَصْل الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ]

- ‌فَصْلٌ قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ (أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ)

- ‌فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ

الفصل: ‌ ‌بَابُ الْحَجْرِ (مِنْهُ حَجْرُ الْمُفْلِسِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي

‌بَابُ الْحَجْرِ

(مِنْهُ حَجْرُ الْمُفْلِسِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ (وَالرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ) فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ (وَالْمَرِيضِ لِلْوَرَثَةِ) فِي غَيْرِ الثُّلُثِ (وَالْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَالْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِحَقِّهِمْ (وَلَهَا أَبْوَابٌ) تَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَيَأْتِي بَاقِيهَا (وَمَقْصُودُ الْبَابِ حَجْرُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ) وَالْمُبَذِّرِ بِالْمُعْجَمَةِ. وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ (فَبِالْجُنُونِ تَنْسَلِبُ الْوِلَايَاتُ وَاعْتِبَارُ الْأَقْوَالِ) كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْإِيصَاءِ وَالْأَيْتَامِ، وَأَقْوَالِ الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا. أَمَّا الْأَفْعَالُ فَيُعْتَبَرُ الْإِتْلَافُ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ كَالْهَدِيَّةِ (وَيَرْتَفِعُ) أَيْ حَجْرُ الْمَجْنُونِ (بِالْإِفَاقَةِ) التَّامَّةِ مِنْ الْجُنُونِ

(وَحَجْرُ الصَّبِيِّ يَرْتَفِعُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا. وَالْبُلُوغُ) يَحْصُلُ (بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ

ــ

[حاشية قليوبي]

بَابُ الْحَجَرِ هُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، فَخَرَجَ الِاخْتِصَاصُ، فَالْمَنْعُ مَنْ نَقَلَهُ لِإِلْغَاءِ الْعِبَارَةِ فِيهِ، وَذَلِكَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْحَجْرِ. وَخَرَجَ نَحْوُ الطَّلَاقِ لِصِحَّتِهِ مِنْ السَّفِيهِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ:(مِنْهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ أَنْوَاعَ الْحَجْرِ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ أَنْهَاهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ سَبْعِينَ نَوْعًا وَهِيَ إمَّا لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ، أَوْ لِمَصْلَحَةِ الشَّخْصِ نَفْسِهِ، أَوْ لَهُمَا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْهَا الْحَجْرُ لِغَرِيبٍ وَالْحَجْرُ عَلَى السَّابِي فِي مَالِ حَرْبِيٍّ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ عَلَيْهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ أَوْ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ، حَتَّى يَدْفَعَ الْمَبِيعَ وَعَكْسَهُ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي نَفَقَةِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ، فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا بَدَلَهَا، وَعَلَى الْمُعْتَدَّةِ بِالْإِقْرَاءِ وَالْحَمْلِ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الثُّلُثِ) وَأَمَّا فِيهِ فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ. قَوْلُهُ:(وَالْعَبْدِ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا هُوَ فَالْحَجْرُ فِيهِ لِنَفْسِهِ، وَلِلَّهِ تَعَالَى كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَجْرَ فِيهِ لِنَفْسِهِ، وَلِسَيِّدِهِ إذْ يَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَصِحَّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(فَبِالْجُنُونِ) وَمِثْلُهُ الْخَرَسُ الْأَصْلِيُّ بِلَا إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ، وَأَمَّا الْخَرَسُ الطَّارِئُ وَالنَّوْمُ فَكَالْمَجْنُونِ لَكِنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. قَوْلُهُ:(وَالْإِيصَاءِ وَالْأَيْتَامِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِالْإِيصَاءِ الْوَصِيَّةُ، أَوْ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ، وَيُرَادُ بِالْإِيصَاءِ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ، وَبِالْأَيْتَامِ أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ أَوْ يُرَادُ بِالْإِيصَاءِ الْوَصِيَّةُ مَنْ أَوَّلِهِ، وَبِالْأَيْتَامِ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ أَوَّلُهُ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) كَالْإِسْلَامِ وَتَعْبِيرُهُ بِالثُّلُثِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِامْتِنَاعِ، إذْ قَدْ يَقَعُ الِامْتِنَاعُ مِنْ غَيْرِ ثُلُثٍ كَالْمُحَرَّمِ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُهُ:(فَيُعْتَبَرُ الْإِتْلَافُ مِنْهَا) أَيْ الْأَفْعَالِ مِنْهُ الِاسْتِيلَادُ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِصُورَةِ زِنَاهُ بِأَجْنَبِيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ:(دُونَ غَيْرِهِ) نَعَمْ يُعْتَبَرُ مِنْهُ الِاحْتِطَابُ وَالتَّحْرِيمُ فِي الْإِرْضَاعِ، وَتَقْرِيرُ الْمَهْرِ بِوَطْئِهِ وَعَمْدِهِ، عَمْدَانِ كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ. قَوْلُهُ:(أَيْ حَجْرُ الْمَجْنُونِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الانسلاب لَمْ يَرْتَفِعْ لِعَدَمِ عَوْدِ الْوِلَايَةِ لَهُ، إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْحَاضِنَةِ، وَالنَّاظِرِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَانْظُرْ هَلْ إمَامَةُ نَحْوِ مَسْجِدٍ بِأَذَانٍ وَخُطْبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَا تَنْسَلِبُ أَوْ تَعُودُ بَعْدَ السَّلْبِ، أَوْ لَا تَعُودُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ حَرِّرْهُ، وَيَظْهَرُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ، وَالْإِغْمَاءُ كَالْجُنُونِ فِي ذَلِكَ غَالِبًا. قَوْلُهُ:(بِالْإِفَاقَةِ) فَيَنْفَكُّ بِلَا فَكٍّ قَاضٍ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِغَيْرِ قَاضٍ.

قَوْلُهُ: (وَحَجَرُ الصَّبِيِّ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِالسِّيَاقِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ لُغَةً، أَوْ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ، وَالْحَجَرُ فِيهِ

ــ

[حاشية عميرة]

[بَابُ الْحَجْرِ]

قَوْلُهُ: (كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْإِيصَاءِ) الْأُولَى شَرْعِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ جَعْلِيَّةٌ وَمِنْهَا الْقَضَاءُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) أَيْ كَالْإِسْلَامِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَقْوَالُ لَهُ أَمْ عَلَيْهِ وَوَجْهُ سَلْبِ الْوِلَايَةِ احْتِيَاجُهُ إلَى مَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْهِ، وَوَجْهُ سَلْبِ الْأَقْوَالِ عَدَمُ صِحَّةِ قَصْدِهِ، ثُمَّ تَعْبِيرُهُ بِالسَّلْبِ أَحْسَنُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِامْتِنَاعِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِامْتِنَاعِ السَّلْبُ بِدَلِيلِ الْمُحَرَّمِ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُهُ:(أَيْ حَجْرُ الْمَجْنُونِ) دَفْعٌ لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْقَضَاءَ مَثَلًا يَعُودُ بِارْتِفَاعِ الْجُنُونِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحَجْرُ الصَّبِيِّ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِبُلُوغِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّشْدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الصِّبَا سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ بِالْحَجْرِ، وَكَذَا التَّبْذِيرُ وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَقْوَالِ السَّفِيهِ مُعْتَبَرٌ. وَحَاوَلَ السُّبْكِيُّ اتِّحَادَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الصِّبَا مُفْلَتَةُ التَّبْذِيرِ، قَالَ: وَلَا يُنَافِيهِ اخْتِصَاصُ الصَّبِيِّ بِإِلْغَاءِ أَقْوَالِهِ اهـ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَعِبَارَةُ

ص: 373

سَنَةً) قَمَرِيَّةً (أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَوَقْتُ إمْكَانِهِ اسْتِكْمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) لِلِاسْتِقْرَاءِ وَفِي الْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي وَرَآنِي بَلَغْت» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

وَفِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] وَالْحُلُمُ وَالِاحْتِلَامُ وَهُوَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ (وَنَبَاتُ الْعَانَةِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِبُلُوغِ وَلَدِ الْكَافِرِ) أَيْ أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَيْهِ (لَا الْمُسْلِمِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى الْكَافِرِ وَفِيهِ حَدِيثُ «عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كُنْت مِنْ سَبْيِ قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يَنْبُتْ لَمْ يُقْتَلْ فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ

ــ

[حاشية قليوبي]

يَسْلُبُ الْعِبَارَاتِ، وَالْوِلَايَاتِ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَلَا يَرُدُّ صِحَّةَ إسْلَامِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَبْلَ بُلُوغِهِ، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ وَقْتَ إسْلَامِهِ كَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ ثُمَّ نُسِخَ أَوْ هُوَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ، وَسَيَأْتِي نَعَمْ، يُعْتَبَرُ مِنْ أَفْعَالِ الصَّبِيِّ مَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونِ مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ، وَالْمُمَيِّزُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا تَصِحُّ مِنْهُ الْعِبَادَاتُ، وَكَذَا إيصَالُ الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ، إنْ كَانَ مَأْمُونًا، بِأَنْ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(يَرْتَفِعُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ فَكِّ قَاضٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِبُلُوغِهِ) وَلَوْ غَيْرَ رَشِيدٍ وَيَخْلُفُهُ فِي غَيْرِ الرَّشِيدِ حَجْرُ السَّفَهِ، وَتَسْتَمِرُّ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِوَلِيِّهِ فِي الصِّغَرِ، وَإِذَا رَشَدَ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ بِلَا قَاضٍ. فَقَوْلُهُ: رَشِيدًا مُعْتَبَرٌ لِانْفِكَاكِ الْحَجْرِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرُّشْدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ نَعَمْ. لَوْ لَمْ يُعْلَمْ ثُبُوتُ حَجْرٍ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَهُوَ كَالرَّشِيدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الرُّشْدُ.

تَنْبِيهٌ: الرُّشْدُ ضِدُّ الضَّلَالِ، وَالسَّفَهُ لُغَةً الْخِفَّةُ وَالْحَرَكَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ بِرُشْدِ الْوَلَدِ انْعَزَلَ عَنْ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ الرُّشْدُ بِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ رُشْدَ الْوَلَدِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ بَلَغَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَلِيُّ، إلَّا إنْ عَلِمَ بِرُشْدِهِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَلِيُّ فَبَانَ رُشْدُهُ فَالْقِيَاسُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الرُّشْدِ وَالسَّفَهِ، قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ:(بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) يُفِيدُ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (قَمَرِيَّةً) أَيْ مُعْتَبَرَةً بِالْأَهِلَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ) أَيْ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ. أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ وَالْمُرَادُ تَحَقُّقُ نُزُولِهِ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنْ الْحَشَفَةِ، وَفِي الْأُنْثَى إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الظَّاهِرِ وَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ بِلَا يَمِينٍ إلَّا فِي مُزَاحَمَةٍ كَطَلَبِ سَهْمِ غَازٍ، وَإِثْبَاتِ اسْمٍ فِي دِيوَانٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْخُنْثَى خُرُوجُهُ مِنْ فَرْجَيْهِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ:(وَوَقْتُ إمْكَانِهِ اسْتِكْمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) فَهِيَ تَحْدِيدِيَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا هُنَا، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي بَابِ الْحَيْضِ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ هُنَا. قَوْلُهُ:(لِلِاسْتِقْرَاءِ) يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمَنِيِّ فَقَطْ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلسِّنِّ أَيْضًا، وَذِكْرُ الْحَدِيثِ بَعْدَهُ تَأْكِيدٌ لِدَلِيلِهِ، كَمَا أَنَّ ذِكْرَ الْآيَةِ تَأْكِيدٌ لِلثَّانِي. قَوْلُهُ:(يَوْمَ أُحُدٍ) أَيْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقًا، وَمَعْنَى لَمْ يُجِزْنِي أَيْ لَمْ يَأْذَنْ لِي فِي الْخُرُوجِ لِلْقِتَالِ، وَقِيلَ لَمْ يُسْهِمْ لِي. قَوْلُهُ:(يَوْمَ الْخَنْدَقِ) وَهُوَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ قُبَيْلَ آخِرِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَمَعْنَى فَأَجَازَنِي أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، لِمَا ذَكَرَ وَقِيلَ: اسْهَمْ لِي، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ غَنِيمَةٌ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنْ يُقَالَ: وَإِنِّي مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ. قَوْلُهُ: (وَنَبَاتُ الْعَانَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَانَةَ اسْمٌ لِلْبَشْرَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا اسْمٌ لِلشَّعْرِ، وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ حَوْلَ الْفَرْجِ، وَفِي الْخُنْثَى حَوْلَ الْفَرْجَيْنِ مَعًا. قَوْلُهُ:(يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِبُلُوغِ وَلَدِ الْكَافِرِ) شَمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى، وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ، وَمِثْلُهُ مَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ وَمُسْلِمٌ تَعَذَّرَتْ أَقَارِبُهُ. قَوْلُهُ:(أَيْ أَنَّهُ أَمَارَةٌ) أَيْ عَلَامَةٌ فَلَيْسَ يَقِينًا فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ عُمْرَهُ دُونَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَلِمْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ:(عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبُلُوغِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالسِّنِّ.

قَوْلُهُ: (قُتِلَ) فِي تَرْتِيبِ الْقَتْلِ عَلَى الْإِنْبَاتِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْبُلُوغَ بِهِ قَطْعِيٌّ، فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَامَةً، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ تُوجَدُ مَعَ الْعَلَامَةِ قَرَائِنُ تَقْتَضِي الْيَقِينَ، وَهَذَا مِنْهَا فَتَأَمَّلْ أَوْ يُقَالُ: إنَّ مُطْلَقَ الْعَانَةِ عَلَامَةٌ، وَإِنَّهَا مَعَ الْخُشُونَةِ قَطْعِيَّةٌ، وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَخَرَجَ بِالْعَانَةِ شَعْرُ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ، وَثِقَلُ الصَّوْتِ وَنُهُودُ الثَّدْيِ وَانْفِرَاقُ الْأَرْنَبَةِ، وَنُتُوُّ الْحُلْقُومِ وَنَحْوُهَا، فَلَيْسَتْ عَلَامَاتٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ بِكَثِيرٍ وَبَعْضُهَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا، كَذَلِكَ بِخِلَافِ نَبْتِ الْعَانَةِ فَإِنَّ وَقْتَهُ وَقْتُ الِاحْتِلَامِ دَائِمًا. قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

الْمُصَنِّفِ إنْ قُرِئَتْ بِفَتْحِ الصَّادِ فَهُوَ أَوْلَى لِيَسْلَمَ مِنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا) لِآيَةِ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] . قَوْلُهُ: (وَفِي الْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْخَنْدَقَ فِي الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ أُحُدًا فِي الثَّالِثَةِ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:

ص: 374

وَقَالَ الْحَاكِمُ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَالتِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْمُعْتَبَرُ شَعْرٌ خَشِنٌ يَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهِ إلَى حَلْقٍ وَدَفَعَ قِيَاسَ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَعْجَلَ نَبَاتَ الْعَانَةِ بِالْمُعَالَجَةِ دَفْعًا لِلْحَجْرِ، وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَنْبَتِ عَانَةِ مَنْ احْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ بُلُوغِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ السِّنِّ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَنَبَاتِ الْعَانَةِ الشَّامِلِ لَهَا (حَيْضًا) بِالْإِجْمَاعِ (وَحَبَلًا) لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ لَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ الْوَلَدُ إلَّا بِالْوَضْعِ، فَإِذَا وَضَعَتْ حَكَمْنَا بِحُصُولِ الْبُلُوغِ قَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ (وَالرُّشْدُ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ) كَمَا فُسِّرَ بِذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6](فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ (وَلَا يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ) وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ. وَالْيَسِيرُ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ إنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْمَالِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ صَرْفَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَوُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ

ــ

[حاشية قليوبي]

شَعْرٌ خَشِنٌ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلسَّنْبَاطِيِّ. قَوْلُهُ: (وَتَشَوُّفًا) بِالْفَاءِ نَظَرًا وَبِالْقَافِ مَحَبَّةً. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْكَافِرِ) لَوْ ادَّعَى اسْتِعْجَالَهَا بِالْمُعَالَجَةِ صُدِّقَ لِدَفْعِ الْقَتْلِ لَا لِضَرْبِ الْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ غَالِبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) أَيْ الْأُنْثَى يَقِينًا.

تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ فِي الْخُنْثَى نَبَاتُ الْعَانَةِ عَلَى فَرْجَيْهِ جَمِيعًا كَمَا مَرَّ. وَلَا بُدَّ فِي الْمَنِيِّ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْهُمَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ. وَكَذَا لَوْ أَمْنَى وَحَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ أَوْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ، وَحَاضَ بِالْآخَرِ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ: بِالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ، وَإِنَّهُ إذَا ظَهَرَ خِلَافُهُ، كَأَنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ بَعْدَ الْإِمْنَاءِ مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ غَيَّرْنَا الْحُكْمَ، بِأَنْ نَحْكُمَ بِبُلُوغِهِ مِنْ الْآنَ، وَإِنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ بُلُوغًا فَيَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ قَضَاءِ صَلَاةٍ فَاتَتْ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ بِالْبُلُوغِ إنَّمَا هُوَ بِالْإِنْزَالِ لَا بِالْحَبَلِ. قَوْلُهُ: (سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ) أَيْ لَحْظَةَ هَذَا إنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ، وَإِلَّا حُكِمَ بِالْبُلُوغِ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ نَعَمْ. إنْ لَزِمَ أَنَّ أَوَّلَ الْمُدَّةِ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ، لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ، وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ بِوَلَدٍ، أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالرُّشْدُ) أَيْ ابْتِدَاءً لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ فِي الْأَثْنَاءِ يُعْتَبَرُ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (صَلَاحُ الدِّينِ) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ شَرْعُهُمْ، وَاعْتَبَرَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ صَلَاحَ الْمَالِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ:(مُحَرَّمًا) أَيْ عَلَى الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ صَبِيٌّ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُبْطِلْ الْعَدَالَةَ) بِخِلَافِ مَا يُبْطِلُ الْمُرُوءَةَ كَأَكْلٍ فِي سُوقٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ) بِخِلَافِ الِاخْتِصَاصِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُعَامَلَةِ) وَلَوْ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ مَعَ جَهْلِ الْقِيمَةِ فَالزِّيَادَةُ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا مُحَابَاةٌ وَصَدَقَةٌ خَفِيَّةٌ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: التَّبْذِيرُ الْجَهْلُ بِمَوْضِعِ الْحُقُوقِ، وَالْإِسْرَافُ الْجَهْلُ بِمَقَادِيرِهَا، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا، وَالسَّرَفُ مَا لَا يُكْسِبْ حَمْدًا فِي الْعَاجِلِ، وَلَا أَجْرًا فِي الْآجِلِ. قَوْلُهُ:(أَوْ إنْفَاقِهِ) لَوْ قَالَ إضَاعَتِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ لِمَا فِي الطَّاعَةِ. قَوْلُهُ: (جِنْسُ الْمَالِ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ نَحْوَ حَبَّةِ بُرٍّ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) فَلَا يَحْرُمُ إلَّا بِقَرْضٍ مِمَّنْ لَا يَرْجُو

ــ

[حاشية عميرة]

فِي الْأَصَحِّ) هُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّ إنْبَاتَ الْكَافِرِ أَمَارَةٌ، أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ بُلُوغٌ فَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ النَّظَرِ) وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَسَبِيلُهُ أَنْ يَجُسَّ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ مَا سَلَفَ مِنْ الْإِنْبَاتِ وَغَيْرِهِ عَامٌّ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ رحمه الله. قَوْلُهُ:(لَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ الْوَلَدُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: الْحَمْلُ يُعْلَمُ وَالْجَوَابُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا وَضَعَتْ حَكَمْنَا بِحُصُولِ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الْعِبَادَاتِ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا إلَخْ) . قَوْلُهُ: هَذَا تَفْسِيرُ الرُّشْدِ فِي الدِّينِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُبَذِّرُ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ الرُّشْدِ فِي الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ إلَخْ) وَمَنْ يَشُحُّ عَنْ نَفْسِهِ جِدًّا مَعَ الْيَسَارِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ عُقُودُهُ نَافِذَةٌ

ص: 375

لِيُنْتَفَعَ بِهِ وَيُلْتَذَّ، وَالثَّانِي فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ. قَالَ: إنَّهُ تَبْذِيرٌ عَادَةً. وَالثَّانِي فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ قَالَ: إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مُفَرِّطًا فِي الْإِنْفَاقِ فِيهَا فَهُوَ مُبَذِّرٌ وَإِنْ عُرِضَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مُقْتَصِدًا فَلَا.

(وَيُخْتَبَرُ رُشْدُ الصَّبِيِّ) فِي الْمَالِ (وَيَخْتَلِفُ بِالْمَرَاتِبِ فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ التَّاجِرِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِيهِمَا. (وَالْمُمَاكَسَةِ فِيهِمَا) أَيْ النَّقْصِ عَمَّا طَلَبَ الْبَائِعُ وَالزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي أَيْ طَلَبِهَا (وَوَلَدُ الزَّارِعِ بِالزِّرَاعَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْقُوَّامِ بِهَا وَالْمُحْتَرِفُ) بِالرَّفْعِ (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَتِهِ وَالْمَرْأَةُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَزْلِ وَالْقُطْنِ وَصَوْنِ الْأَطْعِمَةِ عَنْ الْهِرَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْفَأْرَةِ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرِ الِاخْتِبَارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) بِحَيْثُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِرُشْدِهِ (وَوَقْتُهُ) أَيْ وَقْتُ الِاخْتِبَارِ (قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقِيلَ: بَعْدَهُ) لِيَصِحَّ تَصَرُّفُهُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ (أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ بَلْ يُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ، فَإِذَا أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ عَقْدُهُ لِلْحَاجَةِ (فَلَوْ بَلَغَ غَيْرُ رَشِيدٍ) لِاخْتِلَالِ

ــ

[حاشية قليوبي]

جِهَةَ وَفَاءٍ ظَاهِرَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَيُخْتَبَرُ) أَنْ يَخْتَبِرَهُ الْوَلِيُّ وَلَوْ غَيْرَ أَصْلٍ. قَوْلُهُ: (الصَّبِيِّ) الذَّكَرِ يَقِينًا وَيُخْتَبَرُ الْخُنْثَى بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَسَيَأْتِي الْأُنْثَى. قَوْلُهُ: (فِي الْمَالِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ فِي الدِّينِ أَيْضًا، وَمِنْهُ مُعَاشَرَةُ أَهْلِ الْخَيْرِ وَمُلَازَمَةُ الطَّاعَةِ. قَوْلُهُ:(وَلَدُ التَّاجِرِ) وَمِنْهُ السُّوقِيُّ. قَوْلُهُ: (الزَّرَّاعِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ الْمَزَارِعُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَدْفَعُ أَرْضَهُ لِغَيْرِهِ لِيَزْرَعَهَا، كَذَا قَالُوهُ فَانْظُرْهُ مَعَ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ. قَوْلُهُ:(الْقُوَّامِ) كَالْحَافِظِ وَالْحَصَّادِ وَالْحَرَّاثِ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى وَلَدٍ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حِرْفَتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ أَبِيهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ حِرْفَةٌ أَصْلًا، وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ يُخْتَبَرُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ، وَيُخْتَبَرُ وَلَدُ الْفَقِيهِ بِنَحْوِ الْكُتُبِ وَنَفَقَةِ الْعِيَالِ، وَوَلَدُ الْأَمِيرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْجُنْدِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ:(بِالْغَزْلِ) أَيْ الْمَغْزُولِ مِنْ عَمَلٍ، وَحِفْظٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، وَهَذَا فِي غَيْرِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ، فَهُنَّ يُخْتَبَرْنَ بِمَا يُنَاسِبُهُنَّ. قَوْلُهُ:(عَنْ الْهِرَّةِ) هِيَ الْأُنْثَى وَجَمْعُهَا هِرَرٌ كَقِرْبَةٍ، وَقِرَبٍ وَالذَّكَرُ هِرٌّ، وَجَمْعُهُ هِرَرَةٌ، كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ، وَيُقَالُ لَهُ: السِّنَّوْرُ وَالْقِطُّ وَالْقِطَّةُ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يُفِيدُ إلَخْ) وَإِذَا ظَنَّ بِحَالَةٍ اسْتَمَرَّ حُكْمُهَا حَتَّى يُعْلَمَ مِنْهُ خِلَافُهَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْبُلُوغِ) لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الْمُعْتَبَرِ، وَلَوْ غَبَنَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَثُرَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ.

تَنْبِيهٌ: يُخْتَبَرُ السَّفِيهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِيُسَلَّمَ إلَيْهِ الْمَالُ، إذَا رَشَدَ وَلَوْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ يَسَارِهِ حُجِرَ عَلَيْهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ إلَّا إنْ خِيفَ إخْفَاؤُهُ. قَوْلُهُ:(بِالرَّفْعِ) هُوَ مُبْتَدَأٌ لَا وَصْفٌ لِمَا قَبْلَهُ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ صِحَّةِ عَقْدِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فِي الْمُمَاكَسَةِ) أَيْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَالْمُمَاكَسَةُ وَالنُّقْصَانُ يُقَالُ مَكَسَ يَمْكِسُ بِالْكَسْرِ مَكْسًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَمَاكَسَهُ مُمَاكَسَةً وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (عَقَدَ الْوَلِيُّ) ثُمَّ يَدْفَعُ الْوَلِيُّ الْمَالَ إنْ كَانَ مَعَهُ أَوْ يَأْخُذُهُ الصَّبِيُّ وَيَدْفَعُهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَيَصِحُّ دَفْعٌ لِصَبِيٍّ بِأَمْرٍ مِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي أَمْرِ الْإِنْفَاقِ. قَوْلُهُ: (وَوُجُوهُ الْخَيْرِ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ. قَوْلُهُ: (قَالَ إنْ بَلَغَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ فَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الطَّارِئِ، وَالْمُقَارَنُ لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ:(مُعْتَضَدًا) يَرْجِعُ لِلْبُلُوغِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَالِ) كَذَلِكَ يُخْتَبَرُ فِي الدِّينِ مِنْ حَيْثُ مُعَاشَرَةُ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَمُلَازَمَةُ الطَّاعَاتِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِلْمَالِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إعْطَائِهِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْوَلِيِّ لِيُخْتَبَرَ بِخِلَافِ أَمْرِ الدِّينِ. قَوْلُهُ:(عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي إلَخْ) إنَّمَا قَالَ: عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعِبَارَةِ صِحَّةُ بَيْعِهِ، وَشِرَائِهِ، وَفِي ذَلِكَ الْخِلَافِ يَأْتِي قَوْلُهُ:(بِالرَّفْعِ) لِأَجْلِ قَوْلِهِ: بِحِرْفَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَقْتُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَالْيَتِيمُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بَعْدَهُ إلَخْ. قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا أُرِيدَ الِاخْتِبَارُ بِالتِّجَارَةِ، ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالْوَجْهِ الثَّانِي قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ قَبْلَ ثُبُوتِ الرُّشْدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَامَ

ص: 376

صَلَاحِ الدِّينِ أَوْ الْمَالِ (دَامَ الْحَجْرُ) عَلَيْهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ

(وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا انْفَكَّ) الْحَجْرُ عَنْهُ (بِنَفْسِ الْبُلُوغِ وَأُعْطِيَ مَالُهُ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فَكُّ الْقَاضِي) لِأَنَّ الرُّشْدَ مُحْتَاجٌ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَيَنْفَكُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا بِفَكِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ. وَفِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَجْهَانِ (فَلَوْ بَذَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَجَرَ الْقَاضِي فَقَطْ. قِيلَ: وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَيْضًا.

وَفِي الْمَطْلَبِ وَالْوَصِيِّ (وَقِيلَ يَعُودُ الْحَجْرُ بِلَا إعَادَةٍ) مِنْ أَحَدٍ أَيْ يَعُودُ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ (وَلَوْ فَسَقَ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ وَالثَّانِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَذَّرَ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّبْذِيرَ يَتَحَقَّقُ بِهِ تَضْيِيعُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ، فَقَدْ يُصَانُ مَعَهُ الْمَالُ وَلَا يَجِيءُ عَلَى الثَّانِي الْوَجْهُ الذَّاهِبُ إلَى عَوْدِ الْحَجْرِ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ قَالَهُ الْإِمَامُ

(وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ) أَيْ سُوءِ تَصَرُّفٍ (طَرَأَ فَوَلِيُّهُ الْقَاضِي، وَقِيلَ: وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ) أَيْ الْأَبُ وَالْجَدُّ. وَالْخِلَافُ وَالتَّصْحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَلَى الْوَجْهِ الذَّاهِبِ إلَى عَوْدِ الْحَجْرِ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ وَفِيهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي الْجَزْمُ بِأَنَّهُ وَلِيُّهُ (وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ وَقِيلَ الْقَاضِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّصْحِيحَيْنِ أَنَّ السَّفَهَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَاحْتَاجَ إلَى نَظَرِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْجُنُونِ

(وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهِ بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَهِبَةٍ وَنِكَاحٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ (فَلَوْ اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ وَقَبَضَ وَتَلِفَ الْمَأْخُوذُ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ لَمُعَيَّنٌ. قَوْلُهُ: (دَامَ الْحَجْرُ) أَيْ جِنْسُ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا حَجْرُ سَفَهٍ كَمَا مَرَّ. وَيُقَالُ لَهُ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا.

قَوْلُهُ: (بِنَفْسِ الْبُلُوغِ) الْأَوْلَى بِالرُّشْدِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَجَرَ الْقَاضِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَقَبْلَ الْحَجْرِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَالرَّشِيدِ. وَيُقَالُ لَهُ السَّفِيهُ الْمُهْمِلُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (طَرَأَ) بِخِلَافِ الْمُسْتَمِرِّ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِحَجْرِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْوَصِيِّ مِنْ وَلِيِّهِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ الَّذِي يَقَعُ مِنْهُ الْحَجْرُ نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْقَاضِي فِيمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ أَمْرَهُ إلَى أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ ثُمَّ بَقِيَّةِ عَصَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَشْفَقُ عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهِ) وَلَوْ حِسًّا كَمِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ) الْمُرَادُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي نَعَمْ. يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ، وَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَنْفَعَتِهَا إذَا اسْتَغْنَى بِمَالِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَقَوْلُهُمْ: إنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْكَسْبَ وَيَجْبُرَهُ عَلَيْهِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا إعْتَاقٍ) وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَيُكَفَّرُ بِالصَّوْمِ نَعَمْ، لِوَلِيِّهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ فِي الْقَتْلِ بِالْإِعْتَاقِ. قَوْلُهُ:(وَهِبَةٍ) أَيْ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْمُقْسِمُ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ لَهُ وَيَقْبَلُهَا بِنَفْسِهِ، وَإِنْ مَنْعَهُ الْوَلِيُّ وَيَقْبِضُهَا أَيْضًا كَوُجُوبِ الْفَوْرِ فِيهَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُمَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(قَيَّدَ فِي الْجَمِيعِ)

ــ

[حاشية عميرة]

الْحَجْرُ) أَيْ لِمَفْهُومٍ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْحَجْرِ لَا خُصُوصُ حَجْرِ الصِّبَا الَّذِي كَانَ، فَإِنَّهُ انْقَطَعَ بِالْبُلُوغِ وَخَلَفَهُ حَجْرُ السَّفَهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا) مِثْلُهُ لَوْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ ثُمَّ رَشَدَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأُعْطِيَ مَالَهُ) أَشَارَ إلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رحمه الله حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَشَدَتْ، لَا يُدْفَعُ لَهَا الْمَالُ حَتَّى تُزَوَّجَ ثُمَّ تُمْنَعَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا مَا لَمْ تَصِرْ عَجُوزًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَلَوْ بَذَرَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَخْ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةُ لَنَا آيَة: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] أَيْ أَمْوَالَهُمْ بِدَلِيلِ بَاقِي الْآيَةِ.

فَرْعٌ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي السَّفَهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَحَدٍ) قِيَاسًا عَلَى الْجُنُونِ، وَرَدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يَصْدُرُ مِنْهُ تَصَرُّفَاتٌ يُعْسَرُ نَقْضُهَا. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا رَأَى الْحَاكِمُ ذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا شِرَاءٌ) وَلَا بِغِبْطَةٍ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ صَامَ كَالْمُعْسِرِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، فَإِنَّ وَلِيَّهُ يُعْتِقُ مِنْ مَالِ السَّفِيهَ، وَإِنَّمَا مَنَعُوا صِحَّةَ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ، لِيُطَالِبَ بِهِ بَعْدَ الرُّشْدِ بِخِلَافِ نَظِيرٍ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ هُنَا لِحَقِّ السَّفِيهِ وَهُنَاكَ لِحَقِّ السَّيِّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا إعْتَاقٌ) أَيْ وَلَوْ كِتَابَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِبَةٌ) أَيْ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (هُوَ قَيْدٌ

ص: 377

فَلَا ضَمَانَ) فِي الْحَالِّ (وَلَوْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ سَوَاءٌ عَلِمَ مِنْ عَامِلِهِ أَوْ جَهِلَ) لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ (وَيَصِحُّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ نِكَاحُهُ) عَلَى مَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ (لَا التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ إذَا قَدَّرَ الْوَلِيُّ الْعِوَضَ، فَمَا لَا عِوَضَ فِيهِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَةِ لَا يَصِحُّ جَزْمًا

(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ) عَنْ مُعَامَلَةٍ أَسْنَدَهُ إلَى مَا (قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَا بِإِتْلَافِ الْمَالِ) أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ الْإِتْلَافَ ضَمِنَ، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ يُقْبَلُ ثُمَّ مَا رُدَّ مِنْ إقْرَارِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ (وَيَصِحُّ) إقْرَارُهُ (بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ) فَيُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ وَفِي الْمَالِ قَوْلَانِ كَالْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِهَا وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْإِتْلَافِ، فَإِنْ قَبِلَ فَهُنَا أَوْلَى. وَالرَّاجِحُ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ ثَبَتَ الْمَالُ عَلَى الصَّحِيحِ.

(وَ) يَصِحُّ (طَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ) وَيَجِبُ دَفْعُ الْعِوَضِ إلَى وَلِيِّهِ (وَظِهَارُهُ) وَإِيلَاؤُهُ (وَنَفْيُهُ النَّسَبَ) لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ، وَمَفْهُومُهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا اعْتِرَاضَ. قَوْلُهُ:(فَلَا ضَمَانَ) أَيْ ظَاهِرًا عِنْدَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَيَضْمَنُ بَاطِنًا وَيُؤَدِّي بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ أَوْ لَا ظَاهِرًا أَوْ لَا بَاطِنًا، وَلَوْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ وَمِنْهُ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ بِغَيْرِ أَمَانَةٍ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَكَذَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ، أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ طَلَبِهِ، وَتَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ، وَإِنَّهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ قَبْلَ الرُّشْدِ، أَوْ قَبْلَ الطَّلَبِ صُدِّقَ هُوَ لَا الْمَالِكُ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ إلَّا الْأُنْثَى لِمَنْ صَدَّقَهَا، وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ. لَا التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ فَلَا يَصِحُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَعَدَمِ الْإِذْنِ السَّابِقِ نَعَمْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَطَاعِمِ، وَنَحْوِهَا عِنْدَ تَعَسُّرِ الْوَلِيِّ بِحَسَبِهَا وَلَهُ التَّدْبِيرُ، وَالْوَصِيَّةُ وَفِدَاءُ نَفْسِهِ مِنْ الْأَسْرِ بِمَالٍ، وَرَدُّهُ آبِقًا بِجُعْلٍ وَنَذْرُهُ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ، وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ لَا أَكْثَرَ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَقَبْضُ دَيْنٍ لَهُ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي قَبْضِهِ، وَيُصْلِحُهُ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ، وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ مَجَّانًا كَمَا يَأْتِي، أَوْ عَنْ قِصَاصٍ لَزِمَهُ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ، وَيَنْفُذُ إيلَادُهُ لِأَمَتِهِ وَسَيَأْتِي صِحَّةُ طَلَاقِهِ، وَخُلْعِهِ وَلِعَانِهِ وَظِهَارِهِ وَرَجْعَتِهِ، وَإِحْرَامِهِ بِالنُّسُكِ وَتَقَدَّمَ جَوَازُ تَبَرُّعِهِ بِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، وَإِيجَارِهَا بِشَرْطِهِ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ وَكِيلًا فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لِغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الصَّبِيَّ لَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. قَوْلُهُ (لَا يُؤَاخَذُ بِهِ إلَخْ) أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فِيمَا لَزِمَهُ بِمُعَامَلَةٍ حَالَ الْحَجْرِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ بَاطِنًا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُمَا آنِفًا. قَوْلُهُ:(فَيُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ) وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمَالِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ تَوَقُّفَ الْقَطْعِ عَلَى الطَّلَبِ الْآتِي فِي بَابِهَا نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ بَعْدَ السَّرِقَةِ فَالْوَجْهُ لُزُومُهُ.

قَوْلُهُ: (وَالرَّاجِحُ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ) فَلَا يَثْبُتُ عَلَى السَّفِيهِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ: وَمُقَابِلُهُ لُزُومُ الْمَالِ لِذِمَّتِهِ عَلَى الظَّاهِرِ انْتَهَى، وَيُتَّجَهُ عَلَيْهِ لُزُومِ غَرَامَتِهِ لَهُ الْآنَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا بِالْفِعْلِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ طَلَاقُهُ) وَمِثْلُهُ مُرَاجَعَتُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَخُلْعُهُ) أَيْ إنْ كَانَ ذَكَرًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْأُنْثَى. قَوْلُهُ: (زَوْجَتُهُ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلِعَانٍ فَنَفْيُهُ وَلَدَ

ــ

[حاشية عميرة]

فِي الْجَمِيعِ) يَعْنِي لَيْسَ رَاجِعًا لِلنِّكَاحِ فَقَطْ. قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ جَزَمَ، أَوْ لَا بِمَنْعِ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ، ثُمَّ حُكِيَ فِيهِ الْخِلَافُ، وَأَنْ يَكُونَ ذَكَرَ التَّصَرُّفَ الْمَالِيَّ مَرَّةً بِالْمَنْطُوقِ، وَمَرَّةً بِالْمَفْهُومِ. أَقُولُ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ. قَوْلُهُ: إنَّهُ يَلْزَمُ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ، جَوَابُهُ أَنَّ الْمَرَّةَ الْأُولَى خَالِيَةٌ عَنْ الْإِذْنِ، وَالثَّانِيَةَ مَعَ الْإِذْنِ. قُلْت: إذَا كَانَ قَيْدُ عَدَمِ الْإِذْنِ خَاصًّا بِالنِّكَاحِ اقْتَضَى أَنَّ مُقَابِلَهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ ظَاهِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ إلَخْ) كَمَا فِي الْإِذْنِ لِلصَّبِيِّ، وَالثَّانِي قَاسَ عَلَى النِّكَاحِ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلِلْوَلِيِّ إجْبَارُ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ عَلَى الْكَسْبِ. قَوْلُهُ:(فَمَا لَا عِوَضَ فِيهِ إلَخْ) هُوَ وَارِدُهُ عَلَى إطْلَاقِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْأَصَحِّ لَيْسَ عَامًّا بَلْ مِنْهُ مَا فِيهِ وَجْهٌ، وَمِنْهُ مَا لَيْسَ فِيهِ وَجْهٌ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ: الْخِلَافُ فِي الْمَالِيَّةِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ ثَابِتٌ، إذَا كَانَ السَّفِيهُ وَكِيلًا فِيهَا، وَهَذَا كَافٍ فِي صِحَّةِ دُخُولِهَا فِي كَلَامِ الْمَتْنِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَخْ) كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا بِإِتْلَافِ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) اُنْظُرْ مَا يُقَابِلُهُ، هَلْ هُوَ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ

ص: 378

(بِلِعَانٍ) وَاسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ، وَيُنْفِقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَحُكْمُهُ فِي الْعِبَادَةِ كَالرَّشِيدِ) فَيَفْعَلُهَا (لَكِنْ لَا يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ بِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ

(وَإِذَا أَحْرَمَ بِحَجِّ فَرْضٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ مَنْذُورٍ قَبْلَ الْحَجْرِ (أُعْطِيَ الْوَلِيُّ كِفَايَتَهُ لِثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ) أَوْ يَخْرُجُ الْوَلِيُّ مَعَهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ لِلْإِحْرَامِ وَأَنَّ الْعُمْرَةَ كَالْحَجِّ فِيمَا ذَكَرَ

(وَإِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) لِإِتْمَامِ النُّسُكِ (عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِتْمَامِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمُحْصِرٍ فَيَتَحَلَّلُ) وَثَانِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي أَنَّهُ كَالْفَاقِدِ لِلزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِلِقَاءِ الْبَيْتِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ إنْ قُلْنَا لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلٌ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ كَسْبُ قَدْرِ زِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .

وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحٌ أَنَّ لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلًا وَنِيَابَةُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الطَّعَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ أَيْضًا.

ــ

[حاشية قليوبي]

الْأَمَةِ بِالْحَلِفِ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الْوَلِيُّ الْمَدْفُوعَ وَالْمَدْفُوعَ إلَيْهِ، وَدَفَعَ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ صَحَّ، وَمِثْلُ الْوَلِيِّ نَائِبُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ عَلِمَ وُصُولَهُ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ صَحَّ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِيهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْكَفَّارَةُ كَالزَّكَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّهُ إنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (بِحَجِّ فَرْضٍ) وَلَوْ قَضَاءً عَنْ تَطَوُّعٍ أَفْسَدَهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ تَبِعَ فِيهِ الرَّوْضَةَ، وَلَيْسَ قَيْدًا بَلْ بَعْدَهُ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بَعْدَ وُجُودِ الْحَجْرِ. قَوْلُهُ:(وَظَاهِرٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ لَفْظَ أَحْرَمَ، وَبِحَجٍّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَا قَيْدًا. قَوْلُهُ:(أَوْ يَخْرُجُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ تَضَرَّرَ مِنْهُ، وَرَأَى الْوَلِيُّ دَفْعَهُ إلَيْهِ جَازَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ) وَكَذَا لَوْ سَافَرَ لِلْإِحْرَامِ بِهِ، فَعُلِمَ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَإِنْ جَازَ لَهُ مَنْعُهُ مِثْلُ سَفَرِهِ لَهُ، وَمِنْ إتْمَامِهِ نَعَمْ لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَهُوَ كَالْوَاجِبِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَزَادَتْ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ تَزِدْ لَمْ يَمْنَعْهُ، وَإِنْ تَعَطَّلَ كَسْبُهُ فِي الْحَضَرِ.

قَوْلُهُ: (فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ. قَوْلُهُ: (وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ) أَيْ مَعَ الْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ، وَمِثْلُ التَّحَلُّلِ كُلُّ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِي الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ مُرَتَّبَةً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ وَالْكَفَّارَةُ كَالزَّكَاةِ فِي الدَّفْعِ، بَيَانٌ لِحُكْمِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الطَّيِّبُ وَغَيْرُهُ، تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ. وَإِذَا لَمْ يَصُمْ حَتَّى انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الصَّوْمُ إنْ كَانَ مُوسِرًا. قَوْلُهُ:(فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ الْمُحْصَرِ الَّذِي مِنْهُ الْمَذْكُورُ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَبَيَانُهُ) بِمُوَحَّدَةِ أَوَّلِهِ وَهَاءِ آخِرِهِ قَبْلَهَا نُونٌ عَطْفٌ عَلَى تَرْجِيحٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِنُونِ أَوَّلِهِ وَمُثَنَّاةِ آخِرِهِ فَوْقِيَّةٌ قَبْلَهَا، مُوَحَّدَةٌ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى بَدَلًا أَوْ مَخْفُوضٌ عَطْفًا عَلَى أَنَّ وَمَا بَعْدَهَا، وَفِيهِمَا نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

أَمْ لُزُومُ الذِّمَّةِ. الظَّاهِرُ الثَّانِي؟ .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلِعَانٍ) قَيْدٌ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْهُ كَالسَّيِّدِ يَنْفِي وَلَدَ أَمَتِهِ بِالْحَلِفِ وَلَا لِعَانَ فِي حَقِّهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فِي الْعِبَادَةِ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمَالِيَّةِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْمَالِيَّةِ مِنْ قَيْدِ الْوَاجِبَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا أَحْرَمَ) مَهْمَا لَزِمَهُ فِيهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ، إنْ كَانَ مُخَيَّرًا فَبِالصَّوْمِ، وَإِنْ كَانَ مُرَتَّبًا جَازَ الْمَالُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ فُعِلَ. قَوْلُهُ:(قَبْلَ الْحَجْرِ) أَمَّا بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ إنْ سَلَكْنَا بِالْمَنْذُورِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَإِلَّا فَكَالتَّطَوُّعِ وَنَبَّهَ السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَحَّ فِي الذِّمَّةِ نَذْرُهُ لِلْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ، فَلَا يُتَّجَهُ إخْرَاجُهُ إلَّا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ، وَقَوْلُنَا الْمَالِيَّةُ تُخْرِجُ الْحَجَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(لِثِقَةٍ) اللَّامُ مُسْتَدْرِكَةٌ لِأَنَّ أَعْطَى يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ) أَيْ فِي حَالِ الْحَجْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَضَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمَ أَنَّ إحْرَامَهُ ابْتِدَاءً لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) قَضِيَّتُهُ الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ بِنَفْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ) لَوْ كَانَ الْإِحْصَارُ فِي حَجِّ فَرْضٍ تَحَلَّلَ بِالْمَالِ. قَوْلُهُ: (يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي ذِمَّةِ الْمُحْصِرِ.

ص: 379